رَبَأتُ بنفسي أن تظل كما هيا
رَبَأتُ بنفسي أن تظل كما هيا / تُرَجِّي سراباً او تخافُ دواهيا
واكبرتُ أني لا ازالُ دريئة / يجرب فيها المُغرضون المراميا
نظائرُ مما احكم الغدرُ نسجَها / تذكِّرُني ما كنتُ بالأمس ناسيا
تجاريبُ لم أنعُم بعُقبى احتمالِها / على أن عندي غيرَها ما كفانيا
فلم ألف من خيرٍ ونُصح مُعوِّضاً / لأحمدَ عن شَرٍّ وغدرٍ جوازيا
كَفَى مُخبراً بي ان تكونَ مطامحي / مباهجَ أقوام تجيءُ ورائيا
ولم أرَ الا انني غيرَ منطوٍ / على خِسّة لما ابتغيتُ الدواعيا
إذا ما أدَرت الفكر فيما ارومُه / وما أبتغيه ان يكون مثاليا
وفي حالةٍ أُرغِمتُ ان أصطلي بها / مُحَلِّقَ نفسٍ عاثرَ الجد كابيا
رثَيتُ نفوسَ الشاعرين طموحةً / أريدُ لها ان تستَذلَّ جواثيا
عجِبْتُ لشعبٍ يُنجبُ الفَرد نَابغاً / حريقاً حصيفاً واثب النفس واعيا
يريد له نهجاً من المجد لاحِباً / وعصراً به يشأى العصورَ الزواهيا
يُزيل الشباب الرِخوَ عن مُستقرِّهِ / ويدفعه دفعَ الأتيِّ الجواريا
ويرهق بالتفكير نفساً عزيزةً / ليُعتِقَ رِقّاً او ليُرشدَ غاويا
ويستنهض الارواحَ غُفلاً مؤثِّلاً / قوادِمَه من شعره والخوافيا
له كلَّ يوم قطعةٌ من فؤادِه / يُساقطها للناشئين قوافيا
ولا سائلٌ عن ليلة كيف باته / ولا كيف لاقى الصبحَ اسودَ داجيا
تشكَّى الطموحَ من مُحيطٍ أجاعه / فاطعمتُه غُرَّ القوافي دواميا
وما هي بالشكوى ولكن أثارة / وقد يُحسَب الليثُ المزمجرُ شاكيا
لعَنْتُ الضميرَ الحرّ لعنةَ غاضبٍ / رأي الغُنْم محموداً فذمَّ التفاديا
لقد كنتُ عما اصطلي في كِفاية / لو انيَ كنتَ المستغِلَّ المُحابيا
وقد كنت في بحبوحة لو عَدِمتُه / شعوراً حباني العُدمَ فيما حبانيا
لعمريَ أني سَوف اختطُّ خُطّة / تُضاعف دائي أو تكونُ دوائيا
وسوفَ أُري الايامَ نقمةَ حاقدٍ / اذا ما تقاضاها أساءَ التقاضيا
وما أبتغي رَدَّ العوادي منيخةً / على يدِ من يُزجِي إليَّ العواديا
ولكن بكفٍّ علَّمَ الزندُ كفَّها / مُقارعَةً او يسقطُ الزندُ واهيا
ألا هل أراني مُرسِلاً في شكيمتي / تُصرَّف كفّي كيف شاءت عنانيا
اذنْ لاستشَفَّ الناسُ نفساً تجلببتْ / غباراً يغطي اقتمَ الريشِ بازيا
وجدتُ دواءً في الصراحة ناجعاً / إذا افتَقَدتْ نفسي طبيباً مُداويا
وقد كان سِلمٌ في التغابي وراحةٌ / بقلبي لو أنّي أطَقتُ التغابيا
حباني العراق السمحُ أحسنَ ما حبا / به شاعراً للحق والعدل داعيا
وجاء كما استمطرتُ في الصيف مزنةً / وعيشاً كما اسأرتُ في الكأسِ باقيا
وعيشاً إذا استعرضته قلت عنده : / " كفى بك داء ان تَرىَ الموت شافيا"
وأوعدني بعد المماتِ احتفاءةً / يجوِّدُ فيها المُنشدون المراثيا
وحَفْلاً ترى فيه اكُفّاً تعجَّلَت / ظِمائيَ تستسقي عليّ الغواديا
وتلك " يد " أعيا لساني وفاؤها / فاوصيتُ اولادي بها وعياليا!
وان " فراتاً " للكفيءُ بشكرها / اذا مِتُ فليردُدْ عليها العواديا
مَضَت زَهرةُ العمر التي يحسبونَها / هي العمرُ لا عُوداً مع الشيب ذاويا
وراجعت في هذا السجل فصولَه / اقلِّبُ اياماً به ولياليا
أحاسِب نفسي كيف ألفَتْ يبيسة / ضروعاً سقت وغداً وغِرّاً وجافيا
وعما أفادت من بلادٍ تكالَبَتْ / على الغُنم وارتدَّت سِباعاً ضواريا
الم تجِدي والدهرُ نشوانُ طالِعٌ / على الناس بالأفراح إلاّ المآسيا
يقصُّون احوالََ الحياة تمتُّعاً / وأنتِ تقصيِّن الحياة أمانيا
ولمّا أبَتْ عُذراً يقوم بحالها / مَضَت تدَّعي إن لم تُجَلبَبْ مخازيا
محاذيرُ يسترضي المغرِّرُ نفسَه / بها ويُخلِّيها جَسورٌ تحاشيا
ولا خيرَ في بَغيٍ تحاول نيلَها / إذا لم يُنهِكْ بيِّنَ البطش عاتيا
ولم يَعدُ في قصدي ولا سدَّ مذهبي / ولم يُنهِكْ الصبرَ المملِّ اعتزاميا
لئن كرهتْ مني الحضارةُ ناقماً / فقد حَمِدتْ مني البداوةُ باديا
صَبوراً على بأسائِها لا يخالُها / اشدَّ أذى من أن يُداري اعاديا
ولكنَّني آسَي لأخلاق عصبة / تعُدُّ المزايا الطيباتِ مساويا
ترى كل مَرهوبِ الشَذاة عدوَّها / وكلِّ رخيِّ العودِ خِلاٍّ مُصافيا
وهذا بلاء يُمطر الشرَّ منذراً / وهذا وباءٌ يَجرف الشَعب غاشِيا