المجموع : 6
أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي
أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي / وما زال قِدماً بالعضيهة راضيا
ولو نِكتُ أيضاً أمَّه لم يبالني / كما أنه لم يلتبِس بهجائيا
وما ضرَّه ألا يُبالي بعدها / ركوبي إياها بحيث يرانيا
لساني وأيري لو تبيَّن أمرَه / سواءٌ إذا ما قنَّعاهُ المخازيا
هما الطرفان العارمانِ كلاهما / سواءٌ على من كان غيران حاميا
ألم تر أن اللَّهَ حَدَّ عليهما / بحدٍّ وكان اللَّهُ بالعدل قاضيا
أيا بنَ حريثٍ نكتُ أمَّكَ في استها / تصبَّرُ مهجُوّاً وأجزعُ هاجيا
فدونك فاصبِرْ للهجاء فإنني / زعيمٌ به ما أصبح النيلُ جاريا
إذا لم يبالِ المرءُ عَبطَ أديمِهِ / فعابطُهُ أحرى بأنْ لا يُباليا
هجائيكَ يَشفيني وإن لم تُبالِه / وحَسبُك داءً أن أنال شِفائيا
حلفتُ لئن أصبحت تضحكُ هازئاً / بشعري لقد أمسى ضَميرُك باكيا
وإنك في تنبيح شِعْري وقد بدَتْ / نواقدُه من صفْحتَيك دواميا
لَكالكلبِ في تَعضيضه قرنَ قِرنه / وقد أنفَدَتْه طعنةٌ هي ماهيا
وأصبحَ يُخفي ما به مُتَجَلِّداً / وإن كان لا يُخفي بذلك خافيا
تكلَّف حِلماً ليس منه سَجيةً / وأَغضى على أقذائه مُتغاضيا
ليُبلِغَني عنه رباطةَ جأشِه / فيكسرُ في ذَرْعي ويكْسِفُ باليا
وما احتالَ إلا بعدما عيلَ صبرُه / وأَوْلى بداهٍ أن يُخادعَ داهيا
كأني أراهُ حين قَدَّر أمرَهُ / فأمَّر نفسيه هنالك خاليا
فقالت له إحداهما إنَّ ذِلةً / من المرءِ أن يُحمَى وألا يُحاميا
ولستَ من القومِ الذين إذا حَمَوا / فلا تتعرضْ للذي لستَ كافيا
وقالتْ له الأخرى وما نصحتْ له / بلى وارْكب الغوْصاءَ واغشَ المغاشيا
فزوالها عن كيدِها ونكيرِها / فلم يرَ إلا التُّرَّهاتِ اللواهيا
فأصغى إلى أمرِ التي نصحتْ له / وإمّا أتى رشداً فما ذاك غاويا
عسى ابن حُريثٍ تستريحُ ظنونُه / إلى أنني عانيتُ فيه القوافيا
فيَشفي جواهُ أو يُنفِّس كَربه / تظنِّيهِ أنْ قد شقَّني وعنانيا
فلا يتخيلْ فيَّ ذاك بجهله / فلستُ لما أهدي إليه مُعانيا
وأنَّى أعاني فيه شعراً أقوله / وهاجيهِ لا يبغي إليه المرَاقيا
وذاك لأن الشتْم في كلِّ ساقط / يجيء مَجيءَ السيل يطلبُ واديا
سيولٌ دعاها مستقَرٌّ وقادها / مَسيلٌ فجاءت مُفْعَمات طواميا
بَلى إنما المَرقَى الكؤود على امرئٍ / تطلَّع أشرافَ الجبالِ العواليا
كأهل الندى والبأس والعِلم والحجى / سقى اللَّه هاتيك الذُّرى والروابيا
ألا أيهذا السائلي عَنْ مَعاشر
ألا أيهذا السائلي عَنْ مَعاشر / يَزيدُهُمُ لؤمُ الفَعَالِ تعاليا
لعمرُك ما فيهم صرفتُ عنايتي / إلى القول بل في الدهر حُكت القوافيا
تنبّه للأرذالِ يرفع أمرهم / فأصبح عن أهلِ المروءةِ ساهيا
كحيرانَ لا يدري الهدى كيف وجهُه / ضلالاً وما يَلقى إلى الرشدِ هاديا
ترى كل ذي لبٍّ بأسفلِ تَلعةٍ / وكلَّ جهولِ الرأي يعلو الروابيا
كذي جيفِ الغرقي إذا هي أنْتَنت / وأجوت بطون الماءِ تعلو طوافيا
تَعللتُ ريقاً يطردُ النومَ بردُهُ
تَعللتُ ريقاً يطردُ النومَ بردُهُ / ويشفي القلوبَ الحائمات الصواديا
وهل ثَغَبٌ حصباؤه مثلُ ثغرِها / يصادَفُ إلا طَيِّبَ الطعمِ صافيا
كفى بسراجِ الشيب في الرأس هادياً
كفى بسراجِ الشيب في الرأس هادياً / إلى من أضلَّتهُ المنايا لياليا
أمِنْ بعد إبداءِ المشيبِ مقَاتلي / لرامي المنايا تحسبينيَ ناجيا
غدا الدهرُ يرميني فتدنو سهامُه / لشخصي وأَخلِقْ أن يصيب سَواديا
وكان كرامي الليلِ يَرْمي ولا يرى / فلما أضاء الشيبُ شَخْصِي رآنيا
قد ساءني أن بُزَّ تِرْبي قناعَهُ
قد ساءني أن بُزَّ تِرْبي قناعَهُ / وأضْحى قناعي حالكَ اللّون داجيا
وقد كنتُ أهوى أن أفضَّل دونه / بكل لباسٍ يستميلُ الغَوانيا
فلما علاهُ الشيب أيقنتُ أنه / عَناني ولكن باسم غيري دعانيا
أقول ومرّت ظبيتان فصدّتا
أقول ومرّت ظبيتان فصدّتا / وراعتهما مني مفارق شيب
أأطيش ما كانت سهامي عنكما / تصدان عني إنّ ذا لعجيب