عذرتك إذ ينهلُّ دمعك جاريا
عذرتك إذ ينهلُّ دمعك جاريا / لمثل حسين فابك إن كنت باكيا
سأبكي حسيناً ثاويا في ثرى الحمى / بكائي حسيناً في ثرى الطف ثاويا
وأبكي حسيناً في قميصه مدرجاً / بكائي حسيناً من قميصيه عاريا
ألا أرخص الدمع المصون لمن له / غدا مرجل الأحزان في القلب غاليا
وما هو إلا الجفن ينهلُّ دامعاً / إذا ما أحسَّ القلب بالوجد داميا
أبا محسن حال القضاءُ فلم تكن / تعي داعياً أو تستجيب مناديا
رجوتك للجلَّى فخيبني الردى / وما كنت لولاه تخيِّبُ راجيا
مصاب بأهل البيت برَّح شجوه / إذ البيت أمسى ركنه متداعيا
عجبت لمن لم يمس للعيش ساخطاً / بيوم به أصبحت للموت راضيا
بيومٍ حتى ظهري وكان مقوَّماً / وقوَّم أضلاعي وكنَّ حوانيا
بيوم به قد أخرس الخطب منطقي / وإلا لأدَّى ما عليه لسانيا
لكنت إذن أبكي عقيقاً بأدمعي / وأبكي يراعي في الطروس لآليا
رثيتك لكن لو رأيت لواعجيٍ / لكنت لحالي بعد فقدك راثيا
برغمي غدا ظهر منك موحشاً / ينوح وأمسى بطنها بك زاهيا
وبينا يُرى في الناس شخصُكَ سائراً / إذا قد علا الأكتاف نعشك ساريا
يُثَقِّلُ أعناقاً خواضعَ تحته / بأيديك كم ثقلتهنَّ أياديا
أطفنا به واليوم أقتم غائم / ولست ترى فينا من الوجدن صاحيا
كأن السما تبكي حسيناً بساجم / حكى عبرتي لو كان أحمر قانيا
فليت المنايا آذنتني بقربها / وحسب المنايا أن يكنَّ أمانيا
ويا قلب هل يشفيك شيء سوى الردى / كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا
سليت على جمر اللواعج إن تكن / لرزء حسين آخر الدهر ساليا
فيا من أمات الشرك والجهل علمه / وما زال في المحراب يحيى اللياليا
بنا شمت الأعداء جهلاً ولا أرى / من الخطب فينا ما يسرُّ الأعاديا
لأني رأيت اليوم حالك ميتاً / لحالك حيّاً مشبهاً ومدانيا
ولولا يتامى أو أيامى عليك قد / غدا يسعد الباكون منها البواكيا
نعم وبيوتٌ للتقى ومدارس / خلت فغدت تنعى السنين الخواليا
لكنت أعدُّ اليوم عيداً لأنه / به عدت من سجن المكاره ناجيا
ويا مربع الإحسان عاصفة الردى / دهتك الى أن عدت يا ربع عافيا
بليت فأنعم بالدموع جوارياً / لو أنَّ انسجام الدمع ينعم باليا
لئن بلغت فيك الحوادث قصدها / فقد بلغت نفسي عليك التراقيا
هلمَّ فأسعدني بنوحك إنما / عراك من الأحزان ما قد عرانيا
فذلك رزءٌ عاد فيه محمد / على صبره عند النوائب باكيا
ضللت طريق الصبر مقتدياً به / على أنه للناس أرسل هاديا
به قد غدت أفلاكها التسع عشرة / واصبحت السبع المثاني ثمانيا
إمام غدا للمال والجاه باذلاً / كما قد غدا للعرض والدين حاميا
أجلت بياني في بديع صفاته / فلم تسع الألفاظ منه المعانيا
أبا القاسم أعذرني فلست ببالغ / علاك ولو أفنيت فيك القوافيا
وما الشعر من طبعي ولكن نفثة / تنظِّمُ أفلاذ الفؤاد مراثيا
ويا قلمي أمسك فقد أُبرم القضا / وأرخ عظيم بالحسين مصابيا