لياليَّ قَلّت إن عَدَدت اللياليا
لياليَّ قَلّت إن عَدَدت اللياليا / فرُبَّ ليالٍ لم يكن طيبُها ليا
سأشرَبُها في كأسِ وهمي مدامةً / وأنظُمُها في سلكِ شِعري لآليا
فخُذ وَصفَها منَّي كما شاءهُ الهوى / وما زلتُ بالغالي النّفِيسِ مُغاليا
تولَّت فأولاني جميلاً جَمالُها / ولكِنَّهُ قد بزَّ منِّي جلاليا
فَيا لكِ بيضاً من لياليَّ بَعدَها / غَدوتُ لزهدي لا أعدُّ اللياليا
بَذَلتُ لها نومي ومالي وصحتي / وكانَ حَرامي في غَرامي حَلاليا
وجرَّرتُ أذيالاً يُبلِّلها النَّدى / لألقى خَيالاتٍ تُناجي خياليا
فمن غيرِ ما سهدٍ أرى النَّومَ مُتعباً / ومن غيرِ ما حبٍّ أرى العيشَ خاليا
رَعى الله في شَطِّ الجزيرةِ ليلةً / نسيتُ بها مَجدي وعلمي وماليا
صفا الفَلكُ الأبهى يبينُ هلالهُ / وأطلعَ فلكي من يَديَّ هلاليا
فأحبَبتُها حباً لمن عطرت فمي / وثوبي فأفشى الطيبُ سرَّ وصاليا
هنالكَ فوقَ الموجِ بتنا لحبِّنا / نرى الحبَّ للآفاقِ والأرض ماليا
فقلتُ لها إني مليكٌ وفارسٌ / فلستُ بما حَولي لديكِ مباليا
وليلةَ بتنا بينَ أغصانِ دَوحةٍ / كإلفينِ في عشٍّ تراوحَ عاليا
نميلُ مع الأغصانِ كيفَ تميّلت / ويُمنايَ حولَ الخصرِ تَلقى شماليا
تمنَّيتُ أن أكسو الجمالَ أشِعَّةً / وأجعَلَ ذاكَ الجيدَ بالنَّجمِ حاليا
فآخذُ مِنهُ عقدَها وكِساءَها / ويَهوي إليها ما بدا مُتَعاليا
نَعِمتُ بها مثلَ النّعامى حَديثُها / وقد كملت حُسناً لحُسنِ كماليا
فما أبصَرت عَيني ولا لمسَت يَدي / ولا سمِعَت أذني ولا خالَ باليا
كتِلكَ التي حَلّت لديَّ وِشاحَها / وقالت لقد أرخصتَ ما كان غاليا
تمتّع من الدُّنيا التي أنا طيبُها / فما نيلُها إِلا بنيلِ جماليا
على قدرِ ذاكَ الحبّ قد كان مَطمعي / فما كنتُ يوماَ راضياً بنواليا
بكيتُ عَليها في الحياةِ فليتَها / إذا متُّ تَبكيني دَفيناً وباليا