المجموع : 3
تَدَفَّق دُموعاً أَو دَماً أَو قَوافيا
تَدَفَّق دُموعاً أَو دَماً أَو قَوافيا / مَآتِمُ أولى الناسِ بِالحُزنِ هاهِيا
أَيَجمُلُ أن تُنعى الفَضائلُ لِلوَرى / وَلم تكُ في الباكينَ وَيحكَ باكِيا
اغَرَّكَ من بَعضِ اللَيالي سُكونُها / فَبِتَّ قَريراً ناعِمَ البالِ هانيا
لقد سَكَنَت لكن لِتُرهِفَ لِلوَغى / دقائِقَ من ساعاتها وَثوانيا
إلا إِنَّ بينَ الكاسِ والفَم فُرجةً / لِرَكضِ عظيماتٍ تُشيبُ النَواصِيا
فنَبِّه رَقيقاً من حِذاركَ كلَّما / رَأَيت بِأطرافِ الفُؤادِ أمانيا
محمدُ دورُ العِلمِ كانَت أَواهِلاً / بِفضلِكَ ما بينَ الأَنام زَواهِيا
فَصَبَّحَها إِلّا من الحُزنِ وَالأَسى / عَليكَ القَضاءُ المُستَبِدُّ خواليا
فَما لِلرَدى لا باركَ اللَهُ في الرَدى / أَحالَ بَشيرَ الأَمسِ في الكَونِ ناعِيا
بِرَغمِ الحجا وَالمجدِ أَن مسَّك البِلى / بِسوءٍ فَأَضحى عودكَ الصُلبُ ذاوِيا
وَأَن أُقفِلَ البابُ الذي كنتَ عندَه / تُقابِلُ مَلهوفا وَتَرصُدُ شاكيا
محمَّدُ من لِلدّين يحرُسُ حَوضَه / وَيَدرَأُ بَينَ الناس عنه العَواديا
تعرَّضَ قَومٌ لِلكتابِ وَأَثخَنوا / صراحَتَه شَرحاً عن القَصدِ نائِيا
فَأَرسَلتَ فيهِ نَظرَةً نَفَذَت إلى / صَميمِ مُرادِ اللَهِ إِذ قُمتَ هاديا
وَوَفَّقتَ بين الشَرعِ وَالعَقلِ بَعدَما / قد اعتَقَد الإِلفانِ أَلّا تَلاقيا
وَرُبَّ أُناسٍ حارَبوا دينَ أحمدٍ / فَثرتَ عليهم ثَورَةَ اللَيثِ عادِيا
وَقَفتَ وَأَقلامُ الغوايَةِ شُرَّعٌ / وَأقلامُ أهلِ الحقِّ تَرنو سواهيا
وَأَفحَمتَ بِالبُرهانِ كلَّ مُناضِلٍ / لو انَّك لم تَغضَب لَزادَ تَمادِيا
فَفاءُوا إلى الحُسنى ولو لَم تَحُجُّهُم / لَعادَت زَئيراً صَيحَةُ القَومِ داوِيا
هنيئاً لهُم فَليَحملوا حَمَلاتِهم / فقد أَصبحَ المَيدان بعدَكَ خالِيا
محمدُ وَفَّيتَ المُروآتِ حقَّها / وَقمتَ إِليها في حياتِكَ داعِيا
وَعلَّمتَ أهلَ العُرفِ في العُرفِ أوجُهاً / لها غُرَرٌ مَشهورَةٌ ومعانِيا
وَعالَجتَ أمراضَ القُلوب بحكمَةٍ / تَرى ظاهراً مِن خَلفِها البُرءَ صافِيا
وَأَودَعتَ في الطلّابِ أجزاءَ مُهجَةٍ / تَرى العِلمَ إِن لم يَعلُ بالمرءِ هاذِيا
مَناقِبُ إن عُدَّت تَضَوَّعُ بَينَنا / كَأنّا اتَّخَذنا ساحةَ الرَوضِ نادِيا
ألا نَم معَ الأَبرارِ في الخُلدِ ناعِماً / فكم بِتَّ فينا ساهِرَ العَزمِ عانِيا
جُزيتَ عن الإِسلام ما أنتَ أهلُه / فقد كُنتَ سَيفاً في يَدِ الحَقِّ ماضِيا
أجَل أنا مَن أَرضاكَ خلّاً مُوافِياً
أجَل أنا مَن أَرضاكَ خلّاً مُوافِياً / وَيُرضيكَ في الباكين لو كنتَ واعِيا
وَقلبِيَ ذاك المَورِدُ العَذبُ لم يَزَل / كَما ذُقتَ منه الحبُّ وَالوُدَّ صافِيا
سِوى أَنَّه يَعتادُه الحُزنُ كلَّما / رَآكَ عن الحَوضِ المُهَدَّدِ نائِيا
وَيَعثُرُ في بعض الخُطوب إذا مشى / إلى بعض ما يَهوى فَيرجِعَ دامِيا
وَإِن رامَهُ سِربُ المَسَرّاتِ لم يَجِد / مَحَلّاً بهِ من لاعجِ الهَمِّ خاليا
أَلا عَلِّلاني بِالتَعازي وَأَقنِعا / فُؤاديَ أَن يَرضى بهِنَّ تَعازِيا
وَإِلّا أَعيناني على النَوحِ وَالبُكا / فَشَأنُكما شَأني وما بِكُما بِيا
وَما نافِعي أن تَبكيا غيرَ أنّي / أُحبُّ دموعَ البِرِّ والمرءَ وافِيا
أَيا مصطفى تَاللَهِ نَومُكَ رابَنا / أَمِثلُكَ يَرضى أن ينامَ اللَياليا
تكلَّم فَإنَّ القوم حولَكَ أطرَقوا / وَقُل يا خطيبَ الحيِّ رَأيَكَ عالِيا
لقد أوشَكَت من طولِ صَمتٍ وَهجرَةٍ / تخالُكَ أعوادُ المَنابِرِ فانيا
وَتَبكيكَ لولا أنَّ فيها بَقِيَّةً / تُعَلِّلها من ذلك الصَوتِ داوِيا
فهَل أَلَّفَت ما بَينَ جَفنِكَ والكَرى / مُحالَفَةٌ أم قد أَمِنتَ الأَعاديا
فَقَدناكَ فُقدانَ الكَمِىِّ سِلاحَه / وَسارى الدِياجي كَوكَبَ القُطبِ هادِيا
وَبِتنا وَدَمعُ العَينِ أندى خَمائِلاً / وَأكثرُ إسعافا منَ الغَيثِ هاميا
وَلَولا تُراثٌ مِن أمانيكَ عندنا / كريمٌ بَكَينا إذ بَكَينا الأَمانيا
طَواكَ الرَدى طَيَّ الكتابِ تَضَمَّنَت / صحائِفهُ من كلِّ فخرٍ معانِيا
مَضاءٌ إذا البيضُ انتَمَت لِأُصولِها / غَضِبنا إذا سَمّاكَ قومٌ يَمانِيا
وَرَأيٌ يُجَلّى اليَأسَ واليَأسُ ضارِبُ / عَلى الأُفقِ ليلا فاحمَ اللَونِ داجِيا
إِذا ما تَقاضَينا وَلم تَكُ بيننا / ذَكَرناهما حتّى نُجيدَ التَقاضِيا
فَلَيتكَ إذ أَعيَيتَ كلَّ مُساجِلٍ / قَنِعتَ فَلم تُعيِ الطَبيبَ المُداوِيا
وَلَيتَكَ إذ ناضَلتَ عن مصرَ لم تُفِض / مع الحِبرِ قلباً يعلمُ اللَهُ غالِيا
لَقد ضاع إخلاصُ الطبيبِ وَحِذقُه / سُدىً فَبَكى الفخرَ الذي كان راجِيا
ولم تَنتَهِز تلك العَقاقيرُ فُرصَةٌ / تُرى الناسَ فيها فضلَ بُقراطَ بادِيا
يَحيّيك سَيفاً باتَ في التُربِ مُغمَداً / تَقَلَّدَه فيما مَضى الحقُّ ماضِيا
أداعي الأسى في مصر ويحك داعيا
أداعي الأسى في مصر ويحك داعيا / هددت القوى إذ قمت بالأمس ناعيا