لَك الخير إِن جزتَ اللِوى وَالمطاليا
لَك الخير إِن جزتَ اللِوى وَالمطاليا / فَحيِّ ربوعاً منذُ دهرٍ خواليا
وقف سائِلاً عن أَهلها أَين يَمَّموا / وإِن لَم تجد فيها مجيباً وداعيا
وَعج أَوّلاً نحو المعاهد ثانياً / زمامَ المَطايا واِسأل العهدَ ثانيا
فإن تَلفَها من ساكنيها عواطِلا / فَعَهدي بها مَرَّ اللَيالي حَواليا
تحلُّ بها غيدٌ غوانٍ كأَنَّما / نظمنَ على جيد الزَمان لآليا
يرنِّحنَ من هيف القدود ذوابلاً / وَيُنضين من دُعج اللِحاظ مواضيا
وَيُبدينَ من غرِّ الوجوه أَهلَّةً / وَينشُرنَ من سود الفروع لَياليا
تحكَّمن قسراً في القلوب فلَن تَرى / فؤادَ محبٍّ من هواهنَّ خاليا
قضت بهواهنَّ اللَيالي وما قَضَت / ديونَ الهوى حتّى سَئمنا التَقاضيا
أَطَعتُ الصِبا في حبِّهنَّ مَدى الصِبا / فَلَمّا اِنقَضى اِستبدلتُ عنه التَصابيا
نعم قد حلا ذاكَ الزَمانُ وَقَد خَلا / على مثله فليبكِ من كانَ باكيا
وَثَمَّ صباباتٌ من الشوق لم تزل / تأجِّجُ وجداً بين جنبيَّ واريا
وَلكنَّني أبدي التجلُّدَ في الهَوى / وأظهرُ سلواناً وما كُنتُ ساليا
قُصارى النوى وَالهجر أَن يتصرَّما / فَيُمسي قصيُّ الدار والودِّ دانيا
صَبرتُ على حكم الزَمان وذو الحجا / ينالُ بعون الصَبر ما كانَ راجيا
وَقُلتُ لعلَّ الدهرَ يَثني عنانه / فأثنيَ عن لوم الزَمان عنانيا
وَلَو أَجدَت الشَكوى شكوتُ وإنَّما / رأَيتُ صروفَ الدهر لم تشك شاكيا
فَلَيتَ رجالاً كُنتُ أَمَّلتُ نفعَهم / تولّوا كفافاً لا عليَّ ولا ليا
وَلَو أَنَّني يومَ الصفاء اِتَّقيتُهم / تُقاة الأَعادي ما خشيتُ الأَعاديا
ولكنَّهم أَبدوا وِفاقاً وأَضمَروا / نفاقاً وجرّوا للبلاء الدواهيا
فأَغضَيتُ عنهم لا أُريد عتابَهم / لِيَقضيَ أَمرُ اللَه ما كانَ قاضيا
وَلي شيمَةٌ في وَجنة الدهر شامةٌ / تُنيرُ على رغم الصَباح الدياجيا
تؤازرُها من هاشمٍ ومحمَّدٍ / مفاخرُ لا تُبقي من الفخر باقيا
سبقتُ إلى غاياتِ مَجدٍ تقطَّعت / رِقابُ أناسٍ دونَها من وَرائيا
وزدتُ على دهري وسنّيَ لم تكن / تَزيدُ عَلى العشرينَ إلّا ثمانيا
وَما وَثِقَت نَفسي بخلٍّ من الوَرى / أَكانَ صَديقاً أَم عدوّاً مُداجيا
ولا خانَني صبري ولا خفَّ حادِثٌ / بِعَزمي إِذا ما الخَطبُ أَلقى المراسيا
وَلَيسَ الفَتى ذو الحزم من باتَ مولعاً / بِشَكوى اللَيالي وَاللَيالي كما هِيا
ولكن فَتى الفتيان من راحَ مُعرضاً / عَن الدهر لا يَخشى قَريباً وَنائيا
وإنّي لأخفي الوجدَ صبراً على الأَسى / وَيُبدي ضَعيفُ الرأي ما كانَ خافيا
وأَطوي الحشى طيَّ السجلِّ على الجوى / فَما علمت قَومٌ من الوجدِ ما بيا
أَصول بِقَلبٍ لوذعيٍّ ومِقوَلٍ / يفلُّ شَباه المشرفيَّ اليمانيا
وأَنظمُ من حُرِّ الكلام قوافياً / تَكون لآثار المَعالي قوافيا
ونزَّهت شعري عن هجاءٍ ومدحةٍ / وَلَولا الهوى ما كنت أطري الغوانيا
ولست أَعدُّ الشعر فخراً وإِنَّني / لأَنظمُ منه ما يَفوقُ الدراريا
وَلكنّني أَحمي حمايَ وأَتَّقي / عدايَ وأَرمي قاصداً من رمانيا
وإِن رمت لي فخراً عددتُ من العُلى / مزايا عظاماً لا عظاماً بواليا
على أَنَّني من هاشِمٍ في صميمها / وحسبُك بيتاً في ذُرى المجد ساميا