المجموع : 5
مَقاديرُ مِن جَفنَيكِ حَوَلنَ حالِيا
مَقاديرُ مِن جَفنَيكِ حَوَلنَ حالِيا / فَذُقتُ الهَوى بَعدَما كُنتُ خالِيا
نَفَذنَ عَلَيَّ اللُبَّ بِالسَهمِ مُرسَلاً / وَبِالسِحرِ مَقضِيّاً وَبِالسَيفِ قاضِيا
وَأَلبَسنَني ثَوبَ الضَنى فَلَبِستُهُ / فَأَحبِب بِهِ ثَوباً وَإِن ضَمَّ بالِيا
وَما الحُبُّ إِلّا طاعَةٌ وَتَجاوُزٌ / وَإِن أَكثَروا أَوصافَهُ وَالمَعانِيا
وَما هُوَ إِلّا العَينُ بِالعَينِ تَلتَقي / وَإِن نَوَّعوا أَسبابَهُ وَالدَواعِيا
وَعِندي الهَوى مَوصوفُهُ لا صِفاتُهُ / إِذا سَأَلوني ما الهَوى قُلتُ ما بِيا
وَبي رَشَأٌ قَد كانَ دُنيايَ حاضِراً / فَغادَرَني أَشتاقُ دُنيايَ نائِيا
سَمَحتُ بِروحي في هَواهُ رَخيصَةً / وَمَن يَهوَ لا يوثِرُ عَلى الحُبِّ غالِيا
وَلَم تَجرِ أَلفاظُ الوُشاةِ بِريبَةٍ / كَهَذي الَّتي يَجري بِها الدَمعُ واشِيا
أَقولُ لِمَن وَدَّعتُ وَالرَكبُ سائِرٌ / بِرُغمِ فُؤادي سائِرٌ بِفُؤاديا
أَماناً لِقَلبي مِن جُفونِكِ في الهَوى / كَفى بِالهَوى كَأساً وَراحاً وَساقِيا
وَلا تَجعَليهِ بَينَ خَدَيكِ وَالنَوى / مِنَ الظُلمِ أَن يَغدو لِنارَينِ صالِيا
وَلَم يَندَمِل مِن طَعنَةِ القَدِّ جُرحُهُ / فَرِفقاً بِهِ مِن طَعنَةِ البَينِ دامِيا
أُداري العُيونَ الفاتِراتِ السَواجِيا
أُداري العُيونَ الفاتِراتِ السَواجِيا / وَأَشكو إِلَيها كَيدَ إِنسانِها لِيا
قَتَلنَ وَمَنَّينَ القَتيلَ بِأَلسُنٍ / مِنَ السِحرِ يُبدِلنَ المَنايا أَمانِيا
وَكَلَّمنَ بِالأَلحاظِ مَرضى كَليلَةٍ / فَكانَت صِحاحاً في القُلوبِ مَواضِيا
حَبَبتُكِ ذاتَ الخالِ وَالحُبُّ حالَةٌ / إِذا عَرَضَت لِلمَرءِ لَم يَدرِ ماهِيا
وَإِنَّكِ دُنيا القَلبِ مَهما غَدَرتِهِ / أَتى لَكِ مَملوءً مِنَ الوَجدِ وافِيا
صُدودُكِ فيهِ لَيسَ يَألوهُ جارِحاً / وَلَفظُكِ لا يَنفَكُّ لِلجُرحِ آسِيا
وَبَينَ الهَوى وَالعَذلِ لِلقَلبِ مَوقِفٌ / كَخالِكِ بَينَ السَيفِ وَالنارِ ثاوِيا
وَبَينَ المُنى وَاليَأسِ لِلصَبرِ هِزَّةٌ / كَخَصرِكِ بَينَ النَهدِ وَالرِدفِ واهِيا
وَعَرَّضَ بي قَومي يَقولونَ قَد غَوى / عَدِمتُ عَذولي فيكِ إِن كُنتُ غاوِيا
يَرومونَ سُلواناً لِقَلبي يُريحُهُ / وَمَن لي بِالسُلوانِ أَشريهِ غالِيا
وَما العِشقُ إِلّا لَذَّةٌ ثُمَّ شِقوَةٌ / كَما شَقِيَ المَخمورُ بِالسُكرِ صاحِيا
سَقى اللَهُ بِالكَفرِ الأَباظِيِّ مَضجَعاً
سَقى اللَهُ بِالكَفرِ الأَباظِيِّ مَضجَعاً / تَضَوَّعَ كافوراً مِنَ الخُلدِ سارِيا
يَطيبُ ثَرى بُردَينِ مِن نَفحِ طيبِهِ / كَأَنَّ ثَرى بُردَينِ مَسَّ الغَوالِيا
فَيا لَك غِمداً مِن صَفيحٍ وَجَندَلٍ / حَوى السَيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانِيا
وَكُنّا اِستَلَلنا في النَوائِبِ غَربَهُ / فَلَم يُلفَ هَيّاباً وَلَم نُلفَ نابِيا
إِذا اِهتَزَّ دونَ الحَقِّ يَحمي حِياضَهُ / تَأَخَّرَ عَنها باطِلُ القَومِ ظامِيا
طَوَتهُ يَدٌ لِلمَوتِ لا الجاهُ عاصِماً / إِذا بَطَشَت يَوماً وَلا المالُ فادِيا
تَنالُ صِبا الأَعمارِ عِندَ رَفيفِهِ / وَعِندَ جُفوفِ العودِ في السِنِّ ذاوِيا
وَبَعضُ المَنايا تُنزِلُ الشَهدَ في الثَرى / وَيَحطُطنَ في التُربِ الجِبالَ الرَواسِيا
يَقولونَ يَرثي الراحِلينَ فَوَيحَهُم / أَأَمَّلتُ عِندَ الراحِلينَ الجَوازِيا
أَبَوا حَسَداً أَن أَجعَلَ الحَيَّ أُسوَةً / لَهُم وَمِثالاً قَد يُصادِفُ حاذِيا
فَلَمّا رَثَيتُ المَيتَ أَقضي حُقوقَهُ / وَجَدتُ حَسوداً لِلرُفاتِ وَشانِيا
إِذا أَنَت لَم تَرعَ العُهودَ لِهالِكٍ / فَلَستَ لِحَيٍّ حافِظَ العَهدِ راعِيا
فَلا يَطوينَ المَوتُ عَهدَكَ مِن أَخٍ / وَهَبهُ بِوادٍ غَيرِ واديكَ نائِيا
أَقامَ بِأَرضٍ أَنتَ لاقيهِ عِندَها / وَإِن بِتُّما تَستَبعِدانِ التَلاقيِا
رَثَيتُ حَياةً بِالثَناءِ خَليقَةً / وَحَلَّيتُ عَهداً بِالمَفاخِرِ حالِيا
وَعَزَّيتُ بَيتاً قَد تَبارَت سَماؤُهُ / مَشايِخَ أَقماراً وَمُرداً دَرارِيا
إِلى اللَهِ إِسماعيلُ وَاِنزِل بِساحَةٍ / أَظَلَّ النَدى أَقطارَها وَالنَواجِيا
تَرى الرَحمَةَ الكُبرى وَراءَ سَمائِها / تَلُفُّ التُقى في سَيبِها وَالمَعاصِيا
لَدى مَلِكٍ لا يَمنَعُ الظِلَّ لائِذاً / وَلا الصَفحَ تَوّاباً وَلا العَفوَ راجِيا
وَأُقسِمُ كُنتَ المَرءَ لَم يَنسَ دينَهُ / وَلَم تُلهِهِ دُنياؤُهُ وَهيَ ماهِيا
وَكُنتَ إِذا الحاجاتُ عَزَّ قَضائُها / لِحاجِ اليَتامى وَالأَرامِلِ قاضِيا
وَكُنتَ تُصَلّي بِالمُلوكِ جَماعَةً / وَكُنتَ تَقومُ اللَيلَ بِالنَفسِ خالِيا
وَمَن يُعطَ مِن جاهِ المُلوكِ وَسيلَةً / فَلا يَصنَعُ الخَيراتِ لَم يُعطَ غالِيا
وَكُنتَ الجَريءَ النَدبَ في كُلِّ مَوقِفٍ / تَلَفتَ فيهِ الحَقُّ لَم يَلقَ حامِيا
بَصُرتُ بِأَخلاقِ الرِجالِ فَلَم أَجِد / وَإِن جَلَتِ الأَخلاقُ لِلعَزمِ ثانِيا
مِنَ العَزمِ ما يُحيِ فُحولاً كَثيرَةً / وَقَدَّمَ كافورَ الخَصِيِّ الطَواشِيا
وَما حَطَّ مِن رَبِّ القَصائِدِ مادِحاً / وَأَنزَلَهُ عَن رُتبَةِ الشِعرِ هاجِيا
فَلَيسَ البَيانُ الهَجوَ إِن كُنتَ ساخِطاً / وَلا هُوَ زورُ المَدحِ إِن كُنتَ راضِيا
وَلَكِن هُدى اللَهِ الكَريمِ وَوَحيُهُ / حَمَلتَ بِهِ المِصباحَ في الناسِ هادِيا
تُفيضُ عَلى الأَحياءِ نوراً وَتارَةً / تُضيءُ عَلى المَوتى الرَجامَ الدَواجِيا
هَياكِلُ تَفنى وَالبَيانُ مُخَلَّدٌ / أَلا إِنَّ عِتقَ الخَمرِ يُنسي الأَوانِيا
ذَهَبتَ أَبا عَبدِ الحَميدِ مُبَرَّءاً / مِنَ الذامِ مَحمودَ الجَوانِبِ زاكِيا
قَليلَ المَساوي في زَمانٍ يَرى العُلا / ذُنوباً وَناسٍ يَخلُقونَ المَساوِيا
طَوَيناكَ كَالماضي تَلَقّاهُ غِمدُهُ / فَلَم تَستَرِح حَتّى نَشَرناكَ ماضِيا
فَكُنتَ عَلى الأَفواهِ سيرَةَ مُجمِلِ / وَكُنتَ حَديثاً في المَسامِعِ عالِيا
وَفَيتَ لِمَن أَدناكَ في المُلكِ حِقبَةً / فَكانَ عَجيباً أَن يَرى الناسُ وافِيا
أَثاروا عَلى آثارِ مَوتِكَ ضَجَّةً / وَهاجوا لَنا الذِكرى وَرَدّوا اللَيالِيا
وَمَن سابَقَ التاريخَ لَم يَأمَنِ الهَوى / مُلِجّاً وَلَم يَسلَم مِنَ الحِقدِ نازِيا
إِذا وَضَعَ الأَحياءُ تاريخَ جيلِهِم / عَرَفتَ المُلاحي مِنهُمو وَالمُحابِيا
إِذا سَلِمَ الدُستورُ هانَ الَّذي مَضى / وَهانَ مِنَ الأَحداثِ ما كانَ آتِيا
أَلا كُلُّ ذَنبٍ لِلَّيالي لِأَجلِهِ / سَدَلنا عَلَيهِ صَفحَنا وَالتَناسِيا
بَني القِبطِ إِخوانُ الدُهورِ رُوَيدَكُم
بَني القِبطِ إِخوانُ الدُهورِ رُوَيدَكُم / هَبوهُ يَسوعاً في البَرِيَّةِ ثانِيا
حَمَلتُم لِحِكمِ اللَهِ صَلبَ اِبنِ مَريَمٍ / وَهَذا قَضاءُ اللَهِ قَد غالَ غالِيا
سَديدُ المَرامي قَد رَماهُ مُسَدِّدٌ / وَداهِيَةُ السُوّاسِ لاقى الدَواهِيا
وَوَاللَهِ أَو لَم يُطلِقِ النارَ مُطلِقٌ / عَلَيهِ لَأَودى فَجأَةً أَو تَداوِيا
قَضاءٌ وَمِقدارٌ وَآجالُ أَنفُسٍ / إِذا هِيَ حانَت لَم تُؤَخَّر ثَوانِيا
نَبيدُ كَما بادَت قَبائِلُ قَبلَنا / وَيَبقى الأَنامُ اِثنَينِ مَيتاً وَناعِيا
تَعالَوا عَسى نَطوي الجَفاءَ وَعَهدَهُ / وَنَنبِذُ أَسبابَ الشِقاقِ نَواحِيا
أَلَم تَكُ مِصرٌ مَهدَنا ثُمَّ لَحدَنا / وَبَينَهُما كانَت لِكُلٍّ مَغانِيا
أَلَم نَكُ مِن قَبلِ المَسيحِ اِبنِ مَريَمٍ / وَموسى وَطَهَ نَعبُدُ النيلَ جارِيا
فَهَلّا تَساقَينا عَلى حُبِّهِ الهَوى / وَهَلّا فَدَيناهُ ضِفافاً وَوادِيا
وَما زالَ مِنكُم أَهلُ وُدٍّ وَرَحمَةٍ / وَفي المُسلِمينَ الخَيرُ ما زالَ باقِيا
فَلا يَثنِكُم عَن ذِمَّةٍ قَتلُ بُطرُسٍ / فَقِدماً عَرَفنا القَتلَ في الناسِ فاشِيا
مقادير من جفنيك حوّلن حاليا
مقادير من جفنيك حوّلن حاليا / فذقت الهوى من بعد ما كنت خاليا
نفذن علىّ اللب بالسهم مرسلا / وبالسحر مقضيا وبالسيف قاضيا
وألبستني ثوب الضنى فلبسته / فأحبِب به ثوبا وإن ضم باليا
وما الحب إلا طاعة وتجاوز / وإن اكثروا اوصافه والمعانيا
وما هو إلا العين بالعين تلتقى / وإن نوّعوا اسبابه والدواعيا
وعند الهوى موصفه لا صفاته / إذا سالوني ما الهوى قلت مابيا
وبي رشا قد كان دنياى حاضرا / فغادرني اشتاق دنياى نائيا
سمحت بروحي في هواه رخيصة / ومن يهو لا يؤثر على الحب غاليا
ولم تجر الفاظ الواشة برية / كهذى التي يجرى بها الدمع واشيا
اقول لمن ودعت والركب سائر / برغم فؤادي سائر بفؤاديا
امانا لقلبي من جفونك في الهوى / كفى بالهوى كاسا وراحا وساقيا
ولا تجعليه بين خديك والنوى / من الظلم ان يغدو لنارَيك صاليا
ولي ملك ملء الفؤاد محبب / جمعت الهوى في مدحه والقوافيا
وما الشعر إلا خطرة او سريرة / تصوغهما لفظا إلى النفس ساريا
فتى الشرق فت العالمين مكارما / ومن قبل فت النيران معاليا
سموت فلم تستبق للمجد غاية / تسوم السها هذى الخطى والمساعيا
واطيبُ من قرب الحبيب على رضى / مقامك في دار السعادة راضيا
وما زلت في ملك الخليفة اولا / وإن كنت في نادى الخليفة ثانيا
ولو سئل الإسلام ماذا يريده / لما اختار إلا ان تديما التلاقيا
فبينكما في الدين ودّ ورحمة / وفي الملك عهد الله ان لا تجافيا
وللودّ دل لا يكدِّر صفوه / ولكن كثيرا ما يغر الأعاديا
تقبل عزيز المالكين تحية / تقدّمها مصر وتهدى التهانيا
طلعت عليها والضحى في ربوعها / فيا حسنه يوما بشمسيه زاهيا
عروس سماء الشرق انت جمالها / إذا زُيّنت كنت الحلى والمجاليا
تغيّب حينا حسنها وشبابها / وقد ملات منها الغداة النواحيا
نشرت جلال الملك فيها وعزه / واعلامه موسومة والعواليا
واقبلتَ كالدنيا إذا هي اقبلت / وكالدهر حال الصفو لو دام صافيا
تشير بوجه ذى جلال وراحة / يفيضان في الناس الهدى والأياديا
فهذا هو البدر استقرّ به السرى / وهذا سحاب الجود القى المراسيا