المجموع : 3
سَكِرتُ وَلَكن مِنكَ بِالمقلةِ النَشوى
سَكِرتُ وَلَكن مِنكَ بِالمقلةِ النَشوى / فَقَلبي لا يَختارُ عَن سُكرِهِ صَحوا
وَلذَّ ليَ الوَجدُ المُبَرِّحُ في الَّتي / أَمرَّ بِها عَيشي وَقَد كانَ لي حُلوا
وَقَد مَلأَت كُلّي بِبَعضِ جَمالِها / فَما لِسواها فيَّ مِن مَوضِعٍ خُلوا
وَعُلِّقتُها سَمراءَ أَمّا قَوامُها / فَللسُمرِ وَالأَلحاظِ للشادِنِ الأَحوى
تَفوقُ سَنىً شَمسَ الضُحى وَهِلالها / وَلِم لا وَلم تَخشَ كُسوفاً وَلا محوا
تُغازِلُني مِنها جُفونٌ نَواعِسٌ / يُؤثّرنَ في أَجفانِيَ السُهد وَالشَجوا
عَجِبتُ لَها إِذ نَلتَقي لا تَكَلُّمٌ / يَكونُ وَتَدري ما يرادُ مِن الفَحوى
وَتُعرِبُ عَما قَد أَكَنَّت نُفوسُنا / بِلَحنٍ وَلَم تَقرَأ كِتاباً وَلا نَحوا
تَرى مُقلةَ المَحبوبِ تَقرَأُ أَطرُفاً / مِن الحُبِّ قَد لاحَت بِصَفحَةِ مَن يَهوى
يُناجي ضَميري بِالمُرادِ ضَميرَها / فَيا لُطفَ مَعنىً انتجت تِلكُم النَجوى
وَأَشكو لَها وَجداً قَديماً حَديثُهُ / فَتُصغِي وَلَكن لا تُزيلُ لَنا الشَكوى
مِن التُركِ لَم تَرتَع بِأَكنافِ حاجِرٍ / وَرَضوى وَلم تَرتَع بِنَجدٍ وَلا حُزوى
وَلَكن إِلى خاقانَ يُعزى نِجادُها / وَفي مِصرَ مَرباها وَفيها لَها مَثوى
أَلَخصاءَ طَرفٍ هَل لِقَلبي مخلَصٌ / إِلى وَجنَةٍ أَضحَت لَنا جَنَّةَ المَأوى
لَئِن مُنِعَت مِنّا زَماناً فَطالَما / لَنا مُنِحَت نَجني بِها كُلَّ ما نَهوى
وَنَرشِفُ مِن تلكَ الثَنايا مُدامَة / وَنلثِمُ من غَضِّ الجَنى لَعَساً حُوّا
سَرى الجَوهرُ العُلويُّ للعالمِ العُلوِي
سَرى الجَوهرُ العُلويُّ للعالمِ العُلوِي / وَأُسكِنَ بَطنَ الأَرض مَستودَعَ السّلوِ
وَعُطِّلَ بَيتُ العِلمِ وَالدينِ وَالحِجا / مِن الذكرِ وَالقُرآنِ وَالفقهِ وَالنَحوِ
وَقَد كانَ مَعموراً بِسُنَّةِ أَحمَدٍ / فَها هُوَ ذا مِن بَعدِ أُنسٍ بِها مُقوي
وَكانَت نُضارٌ فيهِ شَمساً منيرةً / فَعوجِلَ ذاكَ النُورُ بِالكَسفِ وَالمَحوِ
فَتاةٌ كَأنَّ الحسنَ خُيِّرَ أينَ مَن / يَحِلُّ بِها فاختارَها طالبُ البَأوِ
جَرى الناس شَأواً للمعالي وَقَصَّروا / وَجاءَت نُضارٌ فيهِ سابِقَة الشَأوِ
وَما لنضارٍ في البَناتِ نَظيرةٌ / لَفاقَت بَناتَ الناسِ في الحَضرِ وَالبَدوِ
سَلامٌ عَلى ذاكَ الشَبابِ الَّذي لَها / تَرَدّى رِداءَ العلمِ وَالدينِ وَالسّروِ
سَلامٌ عَلى فَخرِ البَناتِ الَّتي غَدَت / لداتٌ لَها تزهى بِها أَيَّما زَهوِ
يُعَظِّمنَها إِمّا حَلَلنَ بِمُنتَدىً / فَيجلِسنَ سُفلاً وَهيَ تَجلِس في البَهوِ
يُقَبِّلنَ مِنها الردنَ عِظماً لِشأنِها / فَتُلقي لَهُنَّ الدُرَّ مِن مَنطِقٍ حُلوِ
أَبَعدَ نُضارٍ أَبتَغي صَفوَ عِيشَةٍ / وَقَد كُدِّرَت يا بُعدَ عَيشي مِن الصَفوِ
لَقَد أَشرَبَت قَلبي وَطَرفي وَمَسمَعي / وَما ليَ مِن فكرٍ وَما ليَ مِن عُضوِ
وَإِنّي مَعمورُ الزَمانِ بِشَخصِها / يمثل لي في الأَمسِ وَاليَومِ وَالغدوِ
وَعاهدتُ أَنّي لا أَزالُ إِزاءَها / مُقيماً كَئيباً دائمَ الشَوقِ وَالشَجوِ
إِلى أَن تُوافيني شَعوبُ فَنَرتَقي / مِن الوَهدَةِ السُفلى إِلى العالمِ العُلوي
لَئِن كانَ غَيري قَد سَها عَن حَبيبِهِ / فَما أَنا يَوماً عَن نُضارَ بذي سَهوِ
وَإِن كانَ سَكرانٌ مِن الحُبِّ قَد صَحا / فَإِنّي سَكرانٌ وَما لي مِن صَحوِ
سَقى رَوضَةً حَلَّت نُضارُ قَرارَها / مُغِبّ مِن الغُرِّ الغَوادِي بِلا صَحوِ
وَلا زالَ رَيحانٌ يُظِلُّ ضَريحَها / فَما رَوضَةٌ تَحوي كمثلِ الَّذي تَحوِي
أَيا مانِحي الحَلواءَ جُوداً وَمانِعي
أَيا مانِحي الحَلواءَ جُوداً وَمانِعي / عَلى بُخلٍ أَحلى وَأَشهى مِن الحَلوى
رُضابٌ حَكَتهُ الراحُ طَعماً وَنكهَةً / وَإِن لَم تَذُقهُ الروحُ راحَت بِهِ نَشوى
وَإِنّي وَلَو ذاقَتهُ دامَ اِنتِشاؤُها / إِلى الأَجَلِ المَحتومِ لا تَبتَغي صَحوا
وَقَد كُنتُ أَسلو لَو يَمُنُّ بِرَشفَةٍ / فَلا هُوَ ذُو مَنٍّ وَلا أَنا ذُو سَلوى