أَبِقْتُ لِصَحْوِي مِن عَلاقَتِها نَشْوَى
أَبِقْتُ لِصَحْوِي مِن عَلاقَتِها نَشْوَى / رَمَتنِي بِسَهْمِ اللَّحْظِ عَمْداً فَما أَشْوَى
وَهمْتُ بِوادٍ يُنْبِتُ السِّدْرَ وَالغَضَى / سُلُوّا لِرَوْض يُنْبِتُ الرَّنْدَا والسَّروَا
إِذَا لاعَبَتْ فيهِ المِيَاهُ ظِلالَهُ / تَبَدَّتْ لآلِي الدَّوِّ فيهِنَّ وَالرّوَا
لَجاجَةُ مَنْ خاضَ الصَّبَابَة لُجَّةً / فَخَلَّتْهُ إِلا منْ تَباريحه خِلْوَا
وَلا غَرْو أنْ أَصْبَحْتُ مُغْرَى فَإنَّهُ / بِأُخْتِ بَلِيٍّ فِي الهَوَى عَمَّت البَلْوَى
بَدَوْتُ ولَكِنْ مَا جَفَوْتُ وَرُبَّما / تَجَافَى عَن الآدابِ مَنْ سَكَن البَدْوَا
وَعلّقتُ أَعْرابِيَّة دارُها الفَلا / تَصيفُ علَى نَجْدٍ وَتَشْتُو علَى حُزْوَى
مُعَوَّدَةً سَبْيَ النفُوسِ وَقَتْلَها / وَمَا عَرَضَتْ جَيْشاً وَلا عَرَفَتْ غَزْوَا
خَلا أَنَّها مِنْ أُسْرَةٍ مُضَرِيَّةٍ / تَهاب الدَّياجِي صُبْحَ غَارَتِها الشَّعْوَى
إِذا طَلَعَتْ مِنْ خِدْرِها أَو تَلَفَّتَت / فَمَا القَمَرُ الأَبْهَى وَما الرَّشَأُ الأَحْوَى
تُطِيعُ شِغافاتُ القُلوبِ جُفُونَها / كَأنَّ لَها مُلكاً عَلَى مِلكِها يَقوَى
ضَلالاً لِحادِيها ظَعائِنُ أَسْلَمَتْ / بإِرْشادِهِ الخَلْصاءَ واسْتَقبَلتْ قَوَا
مَرَرْتُ بِأَطْلالِ الأَحِبَّة باكِياً / فَدَهْدَهَ مَطْلُولُ الدُّمُوعِ بِها المَرْوَا
وَقَدْ كانَ أَخْوَى النَّجْمُ واحتَبَسَ الحَيا / فَشَكْواً لِسَيْلٍ مِنهُ يُرعِبُ مَنْ أَخْوَى
وَلَو أَنَّ لِلسُحْبِ السِّفاحِ مَدامِعِي / لَما أَبْصَرُوا مِنْها جَهَاماً وَلا نَجْوَا
كأَنَّ دِلاءً مِنْ جُفونِيَ أُفْرِغَتْ / فَلا نُكْرَ إِنْ لَمْ يَعْرِفُوا الفَرْغَ وَالدَّلوَا
سَقَى الغَيْثُ أَكْنَافَ العُذَيْبِ وَبارِقٍ / وَرَوَّى بِهَامِي صَوْبه حَيْثُما أَرْوَى
مَعَاهِدُ أَهْوَى أَنْ تَكُرَّ عُهُودُها / وأَنَّى وَقَدْ شَطَّ المَزَارُ بِمَنْ أَهوَى
قَدَرْتُ الصِّبَا فيها مَعَ الشَّيْبِ قَدْرَهُ / ويَا رُبَّ عَمْدٍ في السُّجودِ تَلا السَّهْوَا
وَمِمَّا شَجَانِي ساجِعٌ فَوقَ سَرْحَة / أَطَلَّتْ إلَى أَلْحَانِهِ في الدُّجَى صَغْوَا
يُرَاجِعُنِي تَحتَ الظَّلامِ مُرَاجِعاً / فَيُسْمِعُنِي شَدْواً وأُسْمِعُهُ شَجْوَا
وَإنِّي لَمِقْدَامٌ إِذَا الحَرْبُ سَعَّرَتْ / لَظَاهَا وَمِجْزَاعٌ مِنَ البَيْنِ إِذْ يُنْوَى
وَيُعْجِبُنِي عَذْلُ العَواذِلِ فِي التِي / أَخِفُّ لَهَا شَوْقاً بِمَا ثَقُلَتْ خَطْوَا
فَأَسْتَعْذِبُ الهِجْرَانَ أدْهَى مِنَ الرَّدى / وَأَسْتَفْظِعُ السُّلوَانَ أَشْهَى مِنَ السَّلْوَى
حَبِيبٌ إِليَّ اللَّوْمُ فِيمَنْ أُحِبُهُ / لِيَمْتَازَ صِدْقُ العِشْقِ فِيهِ مِنَ الدَّعْوَى
وَحَتْمٌ عَلَيَّ الحَمْدُ لِلْجُودِ وَالنَّدَى / فَمَازَالَ يَغْذُونِي الرِّضَى بِهِمَا غَذْوَا
أَيَادٍ كَفَتْ مَا أَتَّقِي وَاكِفَاتُه / فَلا أَرْتَضِي حَدَّ الثَنَاءِ لَهَا كُفْوَا
سَمَا بِي خِبَاباً وَهي تَطْفَحُ أَبْحُراً / فَأَغْرَقَنِي تَيَّارُهُنَّ وَلا غُرْوَى
كَذَلِكَ مَنْ رَامَ السَّمَاءَ سَفَاهَةً / عَدَاهُ عَنِ المَرْقَى إِلَى نَيْلِهَا المَهْوَى
لَقَدْ صَلدَ الزَّنْدُ الذِي أنَا قَادِحٌ / مِنَ الفِكْرِ فِي تَقْرِيظِ جَدْوَى عَلَى جَدْوَى
أَتَى وَفْدُهَا عَفْواً فَصَانَ عُفَاتَها / وَأَحْلى الأَيَادِي مَوْقِعاً ما أَتَى عَفْوَا
وَسَوَّغَ صَفْوَ العَيْشِ غِبَّ تَكَدُّرٍ / وَقَدْ تُحْدِثُ الأَيَّامُ فِي الكَدَرِ الصَّفْوَا
فَمِنْ صاهِلٍ ضَافِي السَّبِيبِ مُطَهَّم / وَسَابِحَةٍ تَرْدِي عَلَى إثْرِه سَفْوَا
تُدِلُّ بِهَذِي فِي النَّجابَةِ دُلْدُلٌ / وَتَعْلُو بِهَذَا فِي عَتَاقَتِهِ عَلوَى
لَهَا شِيَةٌ مَا شِئت حُسْناً وَمِشْيَةً / تَبُذُّ الجِيادَ السَّابِقَاتِ بِهَا عَدْوَا
سَرَى نَوْعُها فِي سَرْوِ حِمْيَرَ بُرْهَةً / وَذاكَ خُصُوصٌ طالَمَا عَمَّهَا سَرْوَا
أَبَتْ خُيلاءُ الخَيْلِ بَأْواً بِذَاتِها / عَنِ الكِبْرِ لَمْ يَتْرُكْ لِرَاكِبِها بَأْوَا
وَجَلَّتْ عَنِ الأَغيَارِ فَهْيَ وَسِيطَةٌ / مُنَاسِبَةٌ تَسْمُو وَأَكْرِمْ بِهَا عِلْوَا
وَفِي صِلَةِ الإقْطَاعِ مَا آدَ كاهِلِي / حَبَاءً فَهذَا الشكْرُ يَسْعَى لَهُ حَبْوَا
وَكَمْ بَدْرَةٍ بادَرَتْ بِالغِنَى يَدِي / إِلَى إِمَّةٍ قَدْ يَمَّمَتْ كَنَفِي مَثْوَى
رَغَائِبُ يُسْدِيهَا السَّماحُ غَوَائِبٌ / أَكَلَّتْ جِيادَ الشِّعْرِ إِذْ رَحُبَتْ شَأْوَا
وَقَتْنِيَ مِنْ شَكْوَى الزَّمَانِ وَذَمِّهِ / فَمَا لي غَيْر العَجْزِ عَنْ شُكْرِهَا شَكْوَى
إلَى الغَايَةِ القُصْوَى سَمَتْ بِيَ أَسْعدِي / وَحَضْرَةُ يَحْيَى المُرْتَضَى الغَايَةُ القُصْوَى
رَكِبْتُ إِلَيْها البَحْرَ يَزْخَرُ مَوْجُهُ / طُمُوحاً وَلَكِنْ عادَ فِي قَصْدِها رَهْوَا
فَسُوِّغْتُ فِيها السَّلْسَبِيلَ عَوَارِفاً / وَبُوِّئْتُ مِنْها مَنْزِلاً جَنّةَ المَأْوَى
بِهَا اخْضَرَّ عَيْشِي وَاسْتَهَلَّ نَبَاتُهُ / فَلَمْ يُبْلِهِ إِعْصَارُ عَصْرٍ وَلا أَذْوَى
وأَنْجَزَتِ الأَيَّامُ دَيْناً لَوَتْ بِهِ / وَدَيْنُ المُنَى فِي مَقطَعِ الحَقِّ لا يُلْوَى
إمَامٌ تَلا سَبْقاً أباهُ وَجَدَّهُ / فكُلُّ إِمَامٍ لا يَزَالُ لَهُ تِلْوَا
تَوَاضَعَ إِخْبَاتاً وَعَزَّ جَلالةً / فَإِنْ يَكُ مَلْكٌ فِي حُلَى مَلَكٍ فَهْوَا
لَهُ الدِّينُ والدُّنْيا لَهُ المَجْدُ والعُلَى / لَهُ الصُّحُ وَالبُقيا لَهُ البر والتَقْوَى
يُسَرُّ سُرُوراً بِالجُنَاةِ وَمَا جَنَوا / لِيُسْرِف عَفْواً كُلَّما أَسْرَفُوا هَفْوَا
وَإِنْ تُنْتَهَكْ للدِّينِ فِي الأَرْضِ حُرْمَةٌ / يَطُلْ سَيْفُهُ المَاضِي بِمَنْ ضَامَهُ سَطْوَا
بِهِ كَرُم الدِّينُ الذِي سَادَ وَاعْتَلَى / فَما تبْصِرُ الدّهمَاءَ فيهِ وَلا الحَشْوَا
مُبارَكُ مَا يُخْفِي وَيُعْلِنُ قَائِمٌ / بِأَعباء أَمْرِ اللَّهِ فِي الجَّهرِ وَالنَّجْوَى
بَدِيهَتُهُ فيما يُدارُ مُلِمَّةٌ / بِإِبطَالِ مَا أَمْلَى سِواهُ وَمَا رَوَّى
وَقَدْ ضَمِنَ المِقْدَارُ نَصْرَ لِوَائِهِ / فَلَوْ شَاءَ لَمْ يَسْتَتْبِع الفَيْلقَ الجَأْوَى
وَلا حَمَلَتْ عَلْيَاؤُهُ وَتَقَلَّدَتْ / لَها الأَسمَر الخَطَّار وَالأَبْيَضَ المَهْوَا
كَفِيلٌ بِقَهْرِ العُرْبِ وَالعُجْمِ بَأْسُهُ / وَلا عَجَبٌ أَن يَقْنِصَ الأَجْدَلُ الصَّعْوَا
تَجَلَّى بِأُفْقِ المُلْكِ بَدْراً بَهَاؤُهُ / وأُبَّهَةُ السُّلْطَانِ قَدْ نَوَّرَ البَهْوَا
مُطِلاً عَلَى الأَمْلاكِ يَرْقُبُ كَسْرَها / كَمَا أَشْرَفَتْ مِنْ مَرْقَبٍ كَاسِرٌ شَغْوَا
أَقَامَ صَغَا التَّوحيدِ صِدْقَ عَزِيمَةٍ / وَبَاشَرَ مُرَّ المَوْتِ فِي نَصْرِهِ حُلْوَا
عَلَى حِينِ باتَ النَّجْمُ يُرعَدُ خِيفَةً / وَهَمَّتْ بأَنْ تَنْهَدَّ مِنْ خَشْيَة رَضْوَى
إِذا خَطَّتِ الهَيْجَاءُ أَسْطُرَ جَيشِها / خَطا نَحْوَها حَتَّى يُقَوِّضَها مَحْوَا
ويُلوِي إلَى اللاوَاءِ أَجْيَادَ جُودِهِ / فَتَنْكُص مِنْ ذُعرٍ عَلَى العَقِبِ اللأْوَا
كَأَنَّ عَطَايَاهُ أُسَاةٌ تَكَفَّلَت / بِمَنْ تَكْلُمُ البَأْسَاءُ تُوسِعُهُ أَسْوَا
يُصَرِّفُ صَرْفَ الدَّهْرِ فِي النَّاسِ حُكْمُهُ / فَإِنْ عَصَمَ الأَهْدَى لَقَدْ قَصَمَ الأَغْوَى
وَيُزْوَى لَهُ شَرْقُ البِلادِ وَغَرْبُها / لِيَبْلُغَ مِنْهَا مُلْكُهُ كُلَّ ما يُزوَى
فَتِلْكَ تِلِمْسَانٌ وَمَلْيَانَةٌ إلَى / طَرَابُلْسٍ رُوعاً مجَدَّدَةً رَعْوَى
بِلادٌ سَقَتْ فِيهَا الطُغَاةَ سُعُودُهُ / كُؤُوسَ مَنَايَاهَا جَزَاءً عَلَى الطَّغْوَى
لَقَدْ سَعِدَتْ فِي لَفْظِهَا أَشْقِياؤُها / وَقَرَّتْ عَلَى التَّمْهِيدِ أَرْجَاؤُها دَحْوَا
هَنِيئاً إِمَامَ العَدْلِ إِقْبَالُ دَوْلَةٍ / تَهُزُّ لَها الأَيَّامُ أَعْطَافَها زَهْوَا
وَعامٌ جَدِيدٌ بِالمَيَامِنِ طَالِعٌ / تُنَشَّرُ صُحفُ الفَتْحِ فَيهِ وَلا تُطْوَى
ودَامَ وَلِيُّ العَهْدِ يُرْضِيكَ نائِباً / كَمَا نَابَ عَنْ شَمْسِ الضُّحَى القَمَرُ الأَهْوَى
فَلَولاكُما لَمْ يُعْصَمِ الرشْدُ وَالهُدَى / وَلَولاكُما لَمْ يَعْلَمِ النَّصُّ وَالفَحْوَى