المجموع : 6
نعم لي بسكان اللوى في الهَوى شَجوُ
نعم لي بسكان اللوى في الهَوى شَجوُ / وَمالي عَنهُم لَو سَلوا صحبتي سَلوُ
فَإِن وَاصلوا وَاصلت نَضرةَ عيشَتي / وَإِن هاجَروا فليهجر العَيش وَالصَفو
فَكُل مناءٍ رُبَّ يَومٍ مواصلٌ / وَكُل مَرير كانَ يَشفى الضَنا حُلو
وَأَي فُؤاد لا يروّعه الوَفا / فَذاكَ فُؤاد عَن هُموم العَنا خلو
وَكُل عُيون لا تَبيتُ سَهيدةً / وَكُل لِسان لا يُحركه الشَدو
فربهما لم يَدر ما حال شيق / بِهِ مِن فُنون العشق أَعجَب ما يَرْووا
وَهَيهات أَن يَدري الهَوى غَير ذي الهَوى / وَلَيسَ لَهُ قَلب أَليم وَلا عُضو
أَخلَّايَ لا قاسيتمُ حرقة النَوى / وَلا غالَكُم مِن دهركم لِلنَوى سَطو
وَلا راعَكُم تَوديع خل مفاصل / وَلَيسَ لَهُ حذو يؤم وَلا نَحو
وَلا بتِّمُ مثلي بقلبٍ مصدَّعٍ / وَجسم سَقيم لا يراح لَهُ شلو
فَكَم أَملٍ فَوق التَناول نَيله / أُحاول لكن لا يرام له شأو
وَاذكر يَوماً في الدِيار وَلَيلةً / قَضيت بها حَق الشَباب وَلا غرو
أَدير الحميّا صافياتٍ كُؤوسها / أَموت بِها سكراً وَيبعثني الحسو
مشعشعة حَمراء في جوّ جامِها / تَدور عَلَينا قَد تقدّمها اللَهو
عَلى رَوضةٍ غَناءَ عيناءَ ظلُّها / يَمدُّ القبابَ الخُضرَ أعمدها السرو
نَسيمٌ يُحييه وَمتن غَديره / يشعشعه صفو وينقشه ضفو
بُيوتٌ مِن اللذات لَم يَعفُ رَسمُها / عَلَينا عُروش اللَهو إِذ ذاكَ لَم يَخووا
تَميل وَلَكن لا نَميل عَن الهَوى / فَلما اِعتَدَلنا مال عَنا فلا صَفو
فَيا بنت خَير القَوم كَيف تبدّلت / بِنا الحال وَانحلت من العُهدة العرو
وَلليوم يشجيني الحجاز وذكره / وَتزجي سَماء العَين ما غالها صَحو
وَعِندي سِواكُم لَيسَ مما يشوقني / وَغَير حَديث الحي بَين الملا لغو
وَما كُنت أَنساه وَفيهِ محمد / نبيّ الهُدى مَن لا يَزال بِهِ الهَفو
نَبيّ أَتى وَاللَه يُعبَدُ غَيرُه / فَأَثبت دينَ اللَه مِن سَيفه المَحو
أَتى الخَلق من نسل لَه تنتمي العُلا / فَذل لَهُ حضْر وَدان لَهُ البَدو
وَكانَت بلاد اللَه في ظلمة فَمذ / تَبدّى أَنار الكَون وَاتضح النَحو
وَأَيده المَولى بِنَصر مُؤيّد / فَجلّ بِهِ جوٌّ وَصين بِهِ الدوّ
وَكَم مَن كَمالات يَكاد حصيرها / يعدّدها لو يَدنو من مقعد جوّ
بحلم وَعلم واحتكام وَحكمة / تَجلّى فَلا بَطش يَشين وَلا عَفو
وَلَو لَم يَكُن مِن فَضله غَير خَلقه / كَفى حزبَه فَخراً هوَ الفَضل وَالزَهو
سَرى فَوق عَرش اللَه جَل جَلاله / وَشاهد مَولاه فَما يبلغ الصنو
وَظلله غيم فَروّى بكفه / عَطاشاً وَشَقّ البَدر فَابتلج الخطو
فَبُشرى لِمَن قَد كانَ شيعةَ أَحمَد / عَلى سنة المُختار تَسعى بِهِ الخطو
لَنا الجاه يَوم الحَشر إن سعرت لَظى / شَفاعته العُظمى هِيَ الكنز وَالكفو
وَأَصحابه الغرّ الكِرام ذوو الهُدى / رِجال عَن الخلاق لَم يسههم سَهو
فَلم يَرتَضوا غَير الجِنان مَنازلاً / وَغَير رضا الرَحمَن أَجراً وَلم يَهووا
أَقاموا عِماد الدين بِالسَيف قائِماً / وَبِالرمح مياداً فشادوا فلم يَهووا
عَلَيهِ صَلاة اللَه ما قُلت منشئاً / نعم لي بسكان اللوى في الهَوى شَجو
عَن القَلب لا تَسأل فَقَد ذابَ وَاِكتَوى
عَن القَلب لا تَسأل فَقَد ذابَ وَاِكتَوى / وَلَم يَبقَ فيهِ غَيرُ منزلةِ الهَوى
هَوَيتُكمُ وَالصدُّ مِنكُم محققٌ / لعلمي ببعد الظَبي عَن كُل مَن هَوى
وَلَستُ عَلى ما قَد بَدا لي أَلومكم / فَهَذا جَزا مَن أَجّج النار بِالهَوى
ترحَّلَ من أَهوى وَزادَت بي البَلوى
ترحَّلَ من أَهوى وَزادَت بي البَلوى / لِمَن أَشتكي وَجدي وَما تَنفعُ الشَكوى
فَيا راحلاً عَني رَحلتُ بمهجتي / وَقاك إلهي عالمُ السرّ وَالنَجوى
رحلتَ وَقَلبي قَد تركتَ معذباً / وَعَينيكَ لَم يَدرِ المَسرّةَ وَالسَلوى
ففي القَلب نيرانٌ وفي العَين مزنةٌ / وَلا تلك قَد تُطفَى وَلا ذاكَ قَد يُروَى
رَعاكُم إلهي كَم ليالٍ قضيتُها / بقربكمُ أُنساً بأُنسكم صَفوا
وَلم أَنسَ أَياماً لَكُم ما أَلذَّها / وَأَوقات لم نَدري بِما تفصم الأَهوا
زَمانٌ إِذا فكرتُ بعض سُروره / جسستُ فؤادي لا يَطيرُ لَهُ شَجوا
سَكنتم بِهِ فاخترتموه كَمَنزلٍ / يَعزُّ عَليكُم أَن يراع وَأَن يقوى
قَضاء عَلى مثلي أَعيش مروّعاً / أَرى أَعيني عَبرى وَلي مُهجة تُكوى
فَيا هَل تَرى عَيني لبعدك غاية / وَهَل تبدء الأَيام يَوماً بِما نَهوى
يَقولون لي بح بِالأَحبة وَاسترح / فَقُلت نَعم لَولا العَزائم وَالتَقوى
سَقى اللَه صَوبَ القطر منعرجَ اللَوى
سَقى اللَه صَوبَ القطر منعرجَ اللَوى / وَحيى بِهِ دارَ الشَبيبة وَالهَوى
وَلا زالَ أَهلوه بخير وَنعمة / وَإِن أَكُ أَشقاني بهم لاعجُ الجَوى
وَلا زالَ ذاكَ الجَمعُ بَعديَ آهلاً / وَإِن فاتني ما رمت من حسن ما حَوى
وَنضَّر هاتيك الغُصون من الصفا / بروح التهاني كلما راعني النَوى
عليهم بهم أَفنيتُ عمري صَبابةً / وَأَمّلتُ آمالاً وَما كُل من هَوى
تَرى عَودة من بَعد بُعدٍ مبرّحٍ / ليشفَى بِها قَلبٌ بنار النَوى اِكتَوى
وَقَد بتنَ ظمأى من لقاهم عيونُه / وَإِن كانَ عَنها واكفُ الغَيث قَد رَوى
وَأَصبح وَلهاناً وَغايةُ قَوله / سَقى اللَه صَوبَ القطر منعرج اللَوى
نعم ربما يسلو محبٌّ لجفوةٍ
نعم ربما يسلو محبٌّ لجفوةٍ / ترامت به من بعدها غربةُ النَوى
ولكن مَتى ما أذكرته الَّذي مَضى / شُؤونٌ له يهتاجُه الشَوقُ والهَوى
وأذكر عَهداً مرّ بَيني وَبينه
وأذكر عَهداً مرّ بَيني وَبينه / وَعصراً تَولّى قَد تَرامَت بِهِ النَوى
فيهتاجني ما كانَ يهتاجني به / وَيعتاد ما يعتاد قلبي من الهَوى