المجموع : 4
فقَدتُكَ دَهراً كنتُ أفزَعُ فقدَهُ
فقَدتُكَ دَهراً كنتُ أفزَعُ فقدَهُ / يُكلّفُني من كلِّ صَعبٍ أشَدَّهُ
أطعتُكَ في جِسْمٍ يُعرِّضُ جَنبَهُ / لكلِّ مَهزٍ يَسلُبُ السيفَ حَدَّهُ
وإنْ كانَ عبداً ليس يُغضبُ ربَّهُ / فإنّكَ مولى ليسَ يَرحَمُ عَبْدَهُ
ألا يا نَديمي من تميمِ بنِ خِندِفٍ / من الناسِ من لا يكتُم الدمعُ وجدَهُ
يَعزُّ على من لمتُهُ لو علمتُهُ / تَبدُّدُ دُرٍّ طالما صانَ عِقدَهُ
أدِرْ لي كؤوساً من دُموعي وغَنني / على حَرِّ صدرٍ كنتُ أحقِرُ بَردَهُ
وبدرُ تمامٍ بِتُّ ألثُمُ رِجلَهُ / وأُكْبِرُهُ عن أنْ أُقَبِّلَ خَدَّهُ
تَعَشَّقْتُ فيه كلَّ شيءٍ يَودهُ / من الجورِ حتى بتُّ أعشَقُ صدَّهُ
تَخطى إليَّ الليلُ يدفَعُ صَدرهُ / مِراراً وأحياناً يمزِقُ بُرْدَهُ
عَجِبْتُ لهُ يُخفي سُراه ووَجْهُهُ / به تُشرِقُ الدُنيا وبالشّمسِ بَعْدَهُ
ولابدّ لي من جَهلَةٍ في وِصالِهِ / فَمن لي بخلٍّ أُودِعُ الحِلْمَ عِنْدَهُ
وما النّاسُ إلاّ باخِلٌ بتُراثِهِ / وأبخَلُ منه منْ تطلّبتَ عَهْدَهُ
منحتكَ ودّي يا عليُّ بنَ تغلِبٍ / وإنْ أنتَ لم تَحْفَظْ لإلفِكَ وُدَّهُ
فكمْ من خليلٍ ما تمنيتُ قُربَهُ / فجربتُهُ حتى تمنيتُ بُعْدَهُ
تُطالبُني نفسي بكلِّ عظيمة / أرُدُّ بها صدرَ الزّمانِ وزَنْدَهُ
وما للفتى في حادثِ الدّهْرِ حيلة / إذا نَحسُهُ في الشيءِ قابلَ سَعْدَهُ
أرى هِمَمَ المرءِ اكتئاباً وحسرةً / عليه إذا لم يُسْعِدِ اللهُ جدَّهُ
ويَصدُقُني في كلِّ ظنٍ أظُنُّهُ / فُؤادٌ إذا أمطيتُهُ الهمَّ كَدَّهُ
وغَضبانَ من عزمٍ وسيفٍ كلاهُما / أخو ثقةٍ لو مَسّ ثَهلانَ هَدَّهُ
ألا مَن عَذيري من زمانٍ مُغَفَّلٍ / ثعالبُهُ بالجَدِّ تَقهَرَ أُسْدَهُ
أأشرَبُ فيه الصّابَ صرفاً وأهلُهُ / دِماؤهُم عندي تُعادِلُ شُهْدَهُ
وقد زعموا أنّي حنِقْتُ عليهِمُ / وما حَنَقي إلاّ على الدّهْرِ وحْدَهُ
فدتْ صاعداً يومَ الوَغى كل صَعْدَةٍ / وكلُّ سِنانٍ يجعَلُ القَلبَ وكدَهُ
فلستُ أخافُ الدّهرَ بعد تشَبُّثي / بأثوابِهِ فليبلغ الدّهْرُ جَهْدَهُ
رميتُ به في نحرِهِ وكأنّهُ / حُسامٌ غداةَ الرّوعِ فارق غِمْدَهُ
وحكّمني حتى لو أني سألته / شَبابي وقد ولّى به الشيبُ رَدَّهُ
فمَنْ حاتِمٌ في الجودِ لو أنّ حاتِماً / رآه غَدا في النّاسِ يَطلُبُ رِفدَهُ
وذاكَ جوادٌ يَسبِقُ الوعدُ فعلَهُ / وهذا جوادٌ يسبِقُ الفِعْلُ وعدَهُ
ولولا قصورُ الشعرِ عن كنهِ وصفِه / لكنتُ أظنُّ الشعرَ يَعشَقُ مَجْدَهُ
أطاعَتُه في مدحهِ مستعيدَة / وغضباتُهُ في غيرهِ مُسْتَعدَّهُ
فَيا مَنْ إذا أفردْتُهُ من جُنودِهِ / رأيتُ المَعالي والمَحامِدَ جُنْدَهُ
لهجت بهذا الغيثِ حتى فَضحتَهُ / وبنيتَ في فعلِ المكارمِ زُهْدَهُ
فإنْ كنتَ قد أنضجتَ بالغيظِ صَدرَهُ / فكم سيداً أتعبتَ بالهزلِ جَدَّهُ
ومسترضعٍ في الحربِ شُدَّ قِماطُهُ / فحُلَّ ولما يَنقضِ الرُّعبُ شَدَّهُ
يَظنُّ الذي يَجري من الدّمِ دَرَّهُ / ويحسَبُ أكنافَ السّوابقِ مَهْدَهُ
ضربتَ بنصلِ السيفِ قِمةَ رأسِه / وصيرتَ في شتّى من الطيرِ لَحْدَهُ
وأشجعُ منه قد تَفرّجَ قلبُهُ / لخوفكَ حتى رمتَ بالرمحِ سَدَّهُ
أَنل هِمَمي يا ابن المهلَّبِ غايةً / أبذّ بها قبَّ الرّهانِ وجُرْدَهُ
ودعْ عنكَ ما طنّ الذّبابُ بمثلِه / من الشِّعرِ واقصِدْ مالكَ الشّعرِ قَصْدَهُ
متى يمتَدِحْ حُسناً وحاشاهُ مَدحُهُ / فما الحُسْنُ مذموماً وقد جازَ حَمْدَهُ
أَنفت من الضيمِ الذي لو رئمتُه
أَنفت من الضيمِ الذي لو رئمتُه / لكنتُ ذُرى سَهْلان غَرَّتْ مناكِبُهْ
فأصبحتُ بعد العزِّ أَرضى بمنزلٍ / يُجانبني فيه الذي لا أجانبُهْ
أعاتبكم لا أَبتغي خجلاتكم / ومن ذا سِواكم في الأَنام أُعاتُبْه
يَزور مديحي عِرضَه وتزورني / قوارصُه مسمومةٌ ومعاتِبُهْ
رَأَى وَجهَ من أَهوى عَذُولي فقالَ لي
رَأَى وَجهَ من أَهوى عَذُولي فقالَ لي / أَرى وجهَ من تَهواه صار كَرِيهَا
فَقلتُ له وجهُ الحبيبِ مراية / وأَنتَ تَرى تِمثالَ وجهكَ فيهَا
خَليليَّ انْ قالتْ بثنيةُ مالهُ
خَليليَّ انْ قالتْ بثنيةُ مالهُ / تَخَّلفَ عن وَعْدِي فقولا لهالَهَا
سَهَا وهو مشغولٌ لعظمِ الذي به / ومن باتَ طولَ الليلِ يَرعَى السُّهَاسَها
بثينة تزرى بالغَزالةِ في الضُّحى / اذا برزتْ لم تلقَ يوماً بها بها
بثينةُ اِنْ ماستْ يَلينُ قِوامُها / فانَّ قَضيبَ البانِ في زهوِهَا زَها
وأَبصرتُ طرفاً بالصَّابةِ آسراً / وطرفاً عن السُّلوانِ أَهل النُّهى نَهى
وقالتْ وقد أسرعتُ في السَّيرِ نَحوها / وجبت قِفَالي دونها وسِهَامهَا
مدامةُ ريقٍ عُتِّقَتْ ثم رُوِّقَتْ / فمن لم يهم بالسُّكرِ في صَفوهَافَها