المجموع : 9
لِيَبكِ مُسِنٌّ ثُمَّ أَجَلَّهُ
لِيَبكِ مُسِنٌّ ثُمَّ أَجَلَّهُ / مَعاشِرُ لَمّا قيلَ أَشيَبُ أَجلَهُ
إِذا سَأَلوا عَن مَذهَبي فَهُوَ بَيِّنٌ / وَهَل أَنا إِلّا مِثلُ غَيري أَبلَهُ
خُلِقتُ مِنَ الدُنيا وَعِشتُ كَأَهلِها / أَجِدُّ كَما جَدّوا وَأَلهو كَما لَهوا
وَأَشهَدُ أَنّي بِالقَضاءِ حَلَلتُها / وَأَرحَلُ عَنها خائِفاً أَتَأَلَّهُ
وَما النَفسُ بِالفِعلِ الجَميلِ مُدِلَّةٌ / وَلَكِنَّ عَقلي مِن حِذارٍ مُدَلَّهُ
لَعَمري الخَيرُ الذُخرِ في كُلِّ شِدَّةٍ
لَعَمري الخَيرُ الذُخرِ في كُلِّ شِدَّةٍ / إِلَهُكَ تَرجو فَضلَهُ وَأَلاهُ
فَلا تُشبِهِ الوَحشيَّ خَلَّفَ طِفلَهُ / لِخَنساءَ تَرعى بِالمَغيبِ طَلاهُ
وَإِن نِلتَ في دُنياكَ لِلجِسمِ نِعمَةً / مِنَ العَيشِ فَاِذكُر دَفنَهُ وَبِلاهُ
إِذا اِختَصَمَت في سَيِّءِ الفِعلِ وَاِبنَها / فَلا هِيَ مِن أَهلِ الحُقوقِ وَلا هو
مَتى يَصرِمِ الخِلُّ المُسيءُ فَلا تُرَع / فَأَفضَلُ مِن وَصلِ اللَئيمِ قِلاهُ
وَكَم غَيَّبَ الإِلفُ الشَقيقُ أَليفَهُ / فَريعَ لَهُ الأَيّامَ ثُمَّ سَلاهُ
وَما كانَ حادي العيسِ في غُربَةِ النَوى / عَلَيَّ كَحادي النَجمِ حينَ قَلاهُ
وَمَن يَحلِفِ الأَيمانَ بِاللَهِ لا وَنى / عَنِ الوُدِّ يَحنَث أَو يَضِرَه أَلاهُ
وَمَن تُرِكَ العِلجُ المُعَرِّدُ راتِعاً / بِأَفيَحَ يَقرو في الخَلاءِ خَلاهُ
وَقَد كَلَأَ المِسكينَ في الوِردِ بائِسٌ / وَمِن كَبِدِ القَوسِ الكَتومِ كَلاهُ
فَطَلَّقَ عِرساً كارِهاً وَفَلا الرَدى / لَها تَولَباً لَم يَمتَنِع بِفَلاهُ
فَلا تُقرِ هَمَّ النَفسِ عَجزاً عَنِ القِرى / وَأَدلِج إِذا ما الرَكبُ مالَ طُلاهُ
طَوى عَنكَ سِرّاً صاحِبٌ قَبلَ شَيبِهِ / فَلَمّا اِنجَلى عَنهُ الشَبابُ جَلاهُ
وَلا مُلكَ إِلّا لِلَّذي عَزَّ وَجهُهُ / وَدامَت عَلى مَرِّ الزَمانِ عُلاهُ
وَقَد يُدرِكُ المَجدَ الفَتى وَهوَ مُقتِرٌ / كَثيرُ الرَزايا مُخلِقٌ سَمِلاهُ
غَدا جَمَلاهُ يُرقِلانِ بِكورُهُ / وَهَل غَيرُ عَصرَي دَهرِهِ جَمَلاهُ
وَما فَتَلاهُ عَن سَجاياهُ بَعدَما / أَجادَ كِتاباً مُحكَماً فَتَلاهُ
فَإِن ماتَ أَو غاداهُ قَتلٌ فَما هُما / أَماتاهُ في حُكمي وَلا قَتَلاهُ
يَدٌ حَمَلَت هَذا الأَنامَ عَلَيهِما / وَلَولا يَمينُ اللَهِ ما اِحتَمَلاهُ
وِعاءانِ لِلأَشياءِ ما شَذَّ عَنهُما / قَليلٌ وَلا ضاقا بِما شَمِلاهُ
وَجاءَ بِمَينٍ مُدَّعٍ جاءَ زاعِماً / بِأَنَّهُما عَن حاجَةٍ خَتَلاهُ
عَجِبتُ لِرامي النَبلِ يَقصُدُ آبِلاً / بِجَهلٍ وَقَد راحَت لَهُ إِبلاهُ
بَدا عارِضاً خَيرٍ وَشَرٍّ لِشائِمٍ / وَما اِستَوَيا في الخَطبِ إِذ وَبَلاهُ
زَجَرتُهُما زَجرَ اِبنِ سَبعٍ سِباعَهُ / وَلَو فَهِما زَجري لَما قَبِلاهُ
تَهاوى جِبالٌ مِن كِنانَةِ غالِبٍ / وَأَبطَحُها لَم يَنتَقِل جَبَلاهُ
إِذا النَسلُ أَسواهُ الأَبُ اِهتاجَ أَنَّهُ / يَموتُ وَيَبقى مالُهُ وَحِلاهُ
فَكَم وَلَدٍ لِلوالِدَينِ مُضَيِّعٍ / يُجازيهِما بُخلاً بِما نَجَلاهُ
طَوى عَنهُما القوتَ الزَهيدَ نَفاسَةً / وَجَرّاهُ سارا الحَزنَ وَاِرتَحَلاهُ
يَرى فَرقَدَي وَحشِيَّةٍ بَدَليهِما / وَما فَرقَدا مَسراهُما بَدَلاهُ
وَلا مَهُما عَن فَرطِ حُبِّهِما لَهُ / وَفي بُغضِهِ إِيّاهُما عَذَلاهُ
أَساءَ فَلَم يَعدِلها بِشِراكِهِ / وَكانا بِأَنوارِ الدُجى عَدَلاهُ
يُعيرُهُما طَرفاً مِنَ الغَيظِ شافِناً / كَأَنَّهُما فيما مَضى تَبِلاهُ
يَنامُ إِذا ما أَدنَفا وَإِذا سَرى / لَهُ الشَكوَ باتا الغِمضُ ما اِكتَحَلاهُ
إِنِ اِدَّعَيا في وُدِّهِ الجَهدُ صُدِّقا / وَما اِتُّّهِما فيهِ فَيَنتَحِلاهُ
يَغُشُهُما في الأَمرِ هانَ وَطالَما / أَفاءَ عَلَيهِ النُصحَ وَاِنتَخَلاهُ
يَسُرُّهُما أَن يَهجِرَ الريمَ دَهرَهُ / وَأَنَّهُما مِن قَبلِهِ نَزَلاهُ
وَلَو بِمُشارِ العَينِ يوحى إِلَيهِما / لِوَشكِ اِعتِزالِ العَيشِ لَاِعتَزَلاهُ
يَوُدّانِ إِكراماً لَوِ اِنتَعَلَ السُهى / وَإِنّ حَذِيا السَلّاءَ وَاِنتَعَلاهُ
يَذُمُّ لِفَرطِ الغِيِّ ما فَعَلا بِهِ / وَأَحسِن وَأَجمِل بِالَّذي فَعَلاهُ
يُعِدّانِهِ كَالصارِمِ العَضبِ في العِدى / بِظَنِّهِما وَالذابِلِ اِعتَقَلاهُ
وَيُؤثِرُ بِالسِرِّ الكَنينِ سِواهُما / فَيَنقُلهُ عَنهُ وَما نَقَلاهُ
إِن كُنتَ قَد أوتيتَ لُبّاً وَُحِكمَةً
إِن كُنتَ قَد أوتيتَ لُبّاً وَُحِكمَةً / فَشَمِّر عَنِ الدُنِّيا فَأَنتَ مُنافيها
وَكَونَن لَها في كُلِّ أَمرٍ مُخالِفاً / فَما لَكَ خَيرٌ في بَنيها وَلا فيها
وَهَيهاتَ ما تَنفَكُّ وَلهانَ مُغرَماً / بِوَرهاءَ لا تُعطي الصَفاءَ مُصافيها
فَإِن تَكُ هَذي الدارُ مَنزِلَ ظاعِنٍ / فَدارُ مُقامي عَن قَليلٍ أُوافيها
أُرَجّي أُموراً لَم يُقَدَّر بَلَوغَنُها / وَأَخشى خُطوباً وَالمُهَيمِنُ كافيها
وَإِنَّ صَريعَ الخَيلِ غَيرُ مُرَوَّعٍ / إِذا الطَيرُ هَمَّت بِالقَتيلِ عَوافيها
بِغَبراءَ لَم تَحفِل بِطَلٍّ وَوابِلٍ / وَنَكباءَ تَسفي بِالعَشِيِّ سَوافيها
أَرى مَرَضاً بِالنَفسِ لَيسَ بِزائِلٍ / فَهَل رَبُّها مِمّا تُكابِدُ شافيها
وَفي كُلِّ قَلبٍ غَدرَةٌ مُستَكِنَّةٌ / فَلا تُخدَعَن مِن خُلَّةٍ بِتَوافيها
تُنازِعُ في الدُنِّيا سِواكَ وَما لَهُ
تُنازِعُ في الدُنِّيا سِواكَ وَما لَهُ / وَلا لَكَ شَيءٌ بِالحَقيقَةِ فيها
وَلَكِنَّها مِلكٌ لِرَبٍّ مُقَدِّرٍ / يُعيرُ جَنوبَ الأَرضِ مُرتَدِ فيها
وَلَم تُحظَ في ذاكَ النِزاعِ بِطائِلٍ / مِنَ الأَمرِ إِلّا أَن تُعَدَّ سَفيها
أَيا نَفسِ لا تَعظُم عَلَيكِ خُطوبُها / فَمُتَفِقوها مِثلُ مُختَلِفيها
وُصِفتِ لِقَومٍ رَحمَةً أَزَلِيَّةً / وَلم تُدرِكي بِالقَولِ أَن تَصفيها
تَداعَوا إِلى النَزرِ القَليلِ فَجالَدوا / عَلَيهِ وَخَلّوها لِمُغتَرِفيها
وَما أُمُّ صِلٍ أَو حَليلَةُ ضَيغَمٍ / بِأَظلَمَ مِن دُنياكِ فَاِعتَرِفيها
تُلاقي الوُفودَ القادِميها بِفَرحَةٍ / وَتَبكي عَلى آثارِ مُنصَرِفيها
وَلَم يَتَوازَن في القِياسِ نَعيمُها / وَسَيِّئَةٌ أَودَت بِمُقتَرِفيها
وَأَرزاقُها تَغشى أَناساً بِفَترَةٍ / وَتَقصُرُ حيناً دونَ مُكتَرِفيها
وَما هِيَ إِلّا شاكَةٌ لَيسَ عِندَها / وَجَدِّك إِرطابٌ لِمُختَرِفيها
فَنالَت عَلى الخَضراءِ شُربَ كُميتَها / وَغالَت عَلى الغَبراءِ مُعتَسِفيها
كَما نُبِذَت لِلوَحشِ وَالطَيرِ رازِمٌ / فَأَلفَت شُروراً بَينَ مُختَطِفيها
تَناءَت عَنِ الإِنصافِ مَن ضيمَ لَم يَجِد / سَبيلاً إِلى غاياتِ مُنتَصِفيها
فَأَطبِق فَماً عَنها وَكَفّاً وَمُقلَةً / وَقُل لِغَوِيِّ القَومِ فاكَ لَفيها
كَأَنَّ الَّتي في الكَأسِ يَطفو حَبابُها / سِمامُ حُبابٍ بَينَ مُرتَشِفيها
تُتابِعُ أَجزاءَ الزَمانِ لَطائِفاً / وَتُلحِقُ تَفريقاً بِمُؤتَلِفيها
تَفَقَّهَت في الدُنِّيا فَلَم تُلفِ طائِلاً
تَفَقَّهَت في الدُنِّيا فَلَم تُلفِ طائِلاً / وَلا خَيرَ في كَسبٍ أَتاكَ مِنَ الفِقهِ
وَإِن تَشرَبَ الصَهباءَ تُعقِبكَ شَهوَةً / وَلَكِن مِنَ المَوتِ الشَرابُ الَّذي يَقهي
وَجَدتُ سَجايا الفَضلِ في الناسِ غُربَةً
وَجَدتُ سَجايا الفَضلِ في الناسِ غُربَةً / وَأَعدَمَ هَذا الدَهرُ مُغتَرِبيهِ
وَإِنَّ الفَتى فيما أَرى بِزَمانِهِ / لَأَشبَهُ مِنهُ شَيمَةً بِأَبيهِ
وَوالِدُنا هَذا التُرابُ وَلَم يَزَل / أَبَرَّ يَداً مِن كُلِّ مُنتَسَبيهِ
يُؤَدّي إِلى مَن فَوقَهُ رِزقَ رَبِّهِ / أَميناً وَيُعطي الصَونَ مُحتَجِبيهِ
وَلا شَيءَ مِثلُ الخَيرِ يُزمَعُ تَركُهُ / وَيُصبِحُ مَبذولاً لِمُكتَسِبيهِ
وَيُقسَمُ حَظُّ النَفسِ شَرقاً وَمَغرِباً / عَلى قَدَرٍ مِن خامِلٍ وَنَبيهِ
تَشابَهَتِ الأَشياءُ طَبعاً وَصورَةً / وَرَبُّكَ لَم يُسمَع لَهُ بِشَبيهِ
مَتّى ما تُخالِط عالَمَ الإِنسِ لا يَزَل
مَتّى ما تُخالِط عالَمَ الإِنسِ لا يَزَل / بِسَمعِكَ وَقرٌ مِن مَقالِ سَفيهِ
إِذا ما الفَتى لَم يَرمِ شَخصَكَ عامِداً / بِكَفَّيهِ عَن ضَغنٍ رَماكَ بِفيهِ
وَقَد عَلِمَ اللَهُ اِعتِقادي وَإِنَّني / أَعوذُ بِهِ مِن شَرِّ ما أَنا فيهِ
فَتاةٌ بَغَت أَمراً مِنَ الدَهرِ مُعجَزاً
فَتاةٌ بَغَت أَمراً مِنَ الدَهرِ مُعجَزاً / وَما رَأيُها لَو مُكِّنَت بِسَفيهِ
لِتَفدِيَ عُمراً جَمَّةً شُرَكائُهُ / بِخَمسينَ عَمراً لا تُشارَكُ فيهِ
على أَمَمٍ إنّي رأيْتُكَ لابِساً
على أَمَمٍ إنّي رأيْتُكَ لابِساً / قَميصاً يُحاكي الماءَ إنْ لم يُساوِهِ
وذاكَ لِباسٌ ليس يَجْتابُه الفتى / فتَخْتَلِفُ الأهْواءُ في بُعْدِ شاوِه
وقد دَنِسَتْ أعْطافُهُ من تَقادُمٍ / فخُذْ آسَ نارٍ لا يُسافُ فَداوه