أَبى الحُزنَ أَن أَسلى بَنِيَّ وَسَورَةٌ
أَبى الحُزنَ أَن أَسلى بَنِيَّ وَسَورَةٌ / أَراها إِذا الأَيدي تَلاقَت غِضابُها
وَما اِبنايَ إِلّا مِثلُ مَن قَد أَصابَهُ / حِبالُ المَنايا مَرُّها وَاِشتِعابُها
ثَوى اِبنايَ في بَيتي مُقامٌ كِلاهُما / أَخِلَّتُهُ عَنّي بَطيءٌ ذَهابُها
وَمَحفورَةٍ لا ماءَ فيها مَهيبَةٍ / يُغَطّى بِأَعوادِ المَنِيَّةِ نابُها
أَناخَ إِلَيها اِبنايَ ضَيفَي مَقامَةٍ / إِلى عُصبَةٍ ما تُستَعارُ ثِيابُها
فَلَم أَرَ حَيّاً قَد أَتى دونَ نَفسِهِ / مِنَ الأَرضِ جولاً هُوَّةٍ وَتُرابُها
مِنَ الناسِ إِلّا أَنَّ نَفسي تَعَلَّقَت / إِلى أَجَلٍ حَتّى يَجيءَ مُصابُها
وَكانوا هُمُ المالَ الَّذي لا أَبيعُهُ / وَدِرعي إِذا ما الحَربُ هَرَّت كِلابُها
وَكَم قاتِلٍ لِلجوعِ قَد كانَ مِنهُمُ / وَمِن حَيَّةٍ قَد كانَ سُمّاً لُعابُها
إِذا ذُكِرَت أَسمائُهُم أَو دُعوا بِها / تَكادُ حَيازيمي تَفَرّى صِلابُها
وَكُنتُ بِهِم كَاللَيثِ في خيسِ غابَةٍ / أَبى ضارِعاتٍ كانَ يُرجى نُشابُها
وَكُنتُ وَإِشرافي عَلَيهِم وَما أَرى / لِنَفسِيَ إِذ هُم في فُؤادي لُبابُها
كَراكِزِ أَرماحٍ تُجَزِّعنَ بَعدَما / أُقيمَت حَوانيها وَسُنَّت حِرابُها
إِذا ذَكَرَت عَيني الَّذينَ هُمُ لَها / قَذىً هيجَ مِنها لِلبُكاءِ اِنسِكابُها
بَني الأَرضِ قَد كانوا بَنِيَّ فَعَزَّني / عَلَيهِم لِئاجالِ المَنايا كِتابُها
وَلَولا الَّذي لِلأَرضِ ما ذَهَبَت بِهِم / وَلَمّا تَفَلَّل بِالسُيوفِ حِرابُها
وَكائِن أَصابَت مُؤمِناً مِن مُصيبَةٍ / عَلى اللَهِ عُقباها وَمِنهُ ثَوابُها
هَجَرنا بُيوتاً أَن تُزارَ وَأَهلُها / عَزيزٌ عَلَينا يا نَوارُ اِجتِنابُها
وَداعٍ عَلَيَّ اللَهُ لَو مِتُّ قَد رَأى / بِدَعوَتِهِ ما يَتَّقي لَو يُجابُها
وَمِن مُتَمَنٍّ أَن أَموتَ وَقَد بَنَت / حَياتي لَهُ شُمّاً عِظاماً قِبابُها
سَيُبلِغُ عَنّي الأَخطَلَينِ اِبنَ غالِبٍ / وَأَخطَلَ بَكرٍ حينَ عَبَّ عُبابُها
أَخي وَخَليلي التَغلِبِيَّ وَدونَهُ / سَخاويُّ تَنضى في الفَيافي رِكابُها
وَخُنسٌ تَسوقُ السَخلَ كُلَّ عَشِيَّةٍ / بِداوِيَّةٍ غَبراءَ دُرمٍ حِدابُها
فَلا تَحسِبا أَنّي تَضَعضَعَ جانِبي / وَلاءَنَّ نارَ الحَربِ يَخبو شِهابُها
بَقيتُ وَأَبقَت مِن قَناتي مَصابَتي / عَشَوزَنَةً زَوراءَ صُمّاً كِعابُها
عَلى حَدَثٍ لَو أَنَّ سَلمى أَصابَها / بِمِثلِ بَنِيَّ اِرفَضَّ مِنها هِضابُها
وَما زِلتُ أَرمي الحَربَ حَتّى تَرَكتُها / كَسيرَ الجَناحِ ما تَدِفَّ عُقابُها
إِذا ما اِمتَراها الحالِبونَ عَصَبتُها / عَلى الجَمرِ حَتّى ما يَدِرُّ عِصابُها
وَأَقعَت عَلى الأَذنابِ كُلُّ قَبيلَةٍ / عَلى مَضَضٍ مِنّي وَذَلَّت رِقابُها
أَخٌ لَكُما إِن عَضَّ بِالحَربِ أَصبَحَت / ذَلولاً وَإِن عَضَّت بِهِ فُلَّ نابُها