المجموع : 5
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً / له ما أَحبَّ المرءُ لَيلى وَلا لُبنى
وَلكن جَهِلنا فاستراحَت نُفُوسُنا / وما تلكَ إِلا راحةٌ تَعقبُ الحُزنا
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا / فَبُحتُ بِسرٍّ طالَ كَتمي لَهُ صَونا
وَما نَظَرت عَيني إِلى غير واحدٍ / تَصرَّف في كُلٍّ فَلونٌ يرى لَونا
وَما أَدرَكَ الأَشياءَ غَير منطّقٍ / أخي لُطُفٍ يَمشي عَلى أَرضِهِ هَونا
فَكَم بَينَ ذي علمٍ وَآخرَ جاهِلٍ / وَكَم بَينَ ذي نورٍ وَعادِمِهِ بَونا
هِيَ النَفسُ يَجلُوها فَتَبدو حَقائِقٌ / بِها وَصَداها الجون يُظهرهُ جَونا
بروحي حَبيبٌ نَعَّمَ اللَهُ بالَه
بروحي حَبيبٌ نَعَّمَ اللَهُ بالَه / وَلا زالَ في أَمنٍ مَدى الدَهرِ جَذلانا
تملَّكني مِنهُ بِسحرِ جُفُونِهِ / فَصِرتُ أخيذاً لا أَرى عَنهُ سُلوانا
غزالٌ لَهُ مَرعىً خَصيبٌ بِمُهجتي / وَسَلسالُ دَمعي يَغتَدي مِنهُ رَيّانا
وَلما رَآني ذُبتُ مِنهُ صَبابَةً / وَذُقتُ مَراراتِ المَحبةِ أَلوانا
تَعجَّبَ من صَبري عَلى مُرِّ هَجرِهِ / فَأَهدى ليَ الحلواءَ لُطفاً وَإِحسانا
توهَّمَ أَن أَشفى بِها فَإِذا بِها / يَزيدُ ضنىً جسمي وَقَلبي نِيرانا
وَأَيُّ شفاءٍ لا يُرى شفَّهُ الهَوى / سِنينَ لَهُ تِسعاً يُكابِر أَشجانا
أَيا مَهديَ الحَلواءِ في فيكَ شبهُها / بَل احلى بِهِ لَو شِئتَ أَرويتَ ظَمآنا
وَيا مالِكاً رِقّي أَما لَكَ رِقَّة / عَلى عاشقٍ يَهواك سِراً وَإِعلانا
وَكُنتُ أَرى أَنَّ التَهاجُرَ يَنقَضي / إِذا الحسنُ يَكسو وَردَ خَدَّيكَ رَيحانا
وَقَد زِدتَ في تِيهٍ وَعُجبٍ وَنَخوَةٍ / أَخاً لَكَ ما الفردوس خاتلت رِضوانا
فَجئتَ إِلى الدُنيا فَريداً فَلا تَرى / بِها عاشِقاً إِلا بِحُبِّكَ مَلآنا
أَرى شِيَمَ الناسِ الأَذى وَأَشدُّهُم
أَرى شِيَمَ الناسِ الأَذى وَأَشدُّهُم / أَذىً جاهِلٌ أَوليتَه مِنكَ إِحسانا
يجيئُكَ عيرٌ مِنهُم فَتسوسُهُ / إِلى أَن غَدا في الناسِ يُحسَبُ إِنسانا
فَيَبأى وَيُزهى زاهِداً فيكَ نابِزاً / لِحقِّك يُبدي عَنكَ في العلمِ غُنيانا
وَلَو أنَّه قَد فاقَ في الفَضلِ صحبَهُ / لَما كانَ إِلا العير طَرطرَ آذانا
وَمَن كانَ تلميذاً وَيَزعمُ أَنَّهُ / كَشيخٍ لَهُ فَالجهلُ أَولاه حِرمانا
لَدى الشَيخِ مِن علمٍ زَوايا غَريبةٌ / قَد اكسبَها مُذ عاشَ في العلم أَزمانا
عَجِبتُ لمثلي عِشتُ سَبعين حِجَّةً / أعاني لِسانَ العُربِ جَمعاً وَتِبيانا
فَما صحَّ عِندي غَيرُ أَني مُقصِّرٌ / وَقَد فاتَنا مِنه كثيرٌ وأَعيانا
فَكيفَ بمَن أَضحى سُكُردان صُحفِهِ / يقلِّبُ في ذا ثمَّ ذَلِكَ أَحيانا
يَرى أَنَّهُ قَد صارَ شَيئاً وَلم يَكُن / كَشَيءٍ وَلَكن جَرَّ للجَهلِ أَرسانا
وَأُمٌ وَلودٌ هَذه الأَرضُ لا يُرى / بِها مُدَّعٍ إِلا وَيُفضَحُ خُذلانا
أَمدعياً علماً وَلَستَ بقارئٍ
أَمدعياً علماً وَلَستَ بقارئٍ / كِتاباً عَلى شَيخٍ بِهِ يَسهُلُ الحَزنُ
أَتَزعُم أَنَّ الذهن يُوضِحُ مشكلاً / بِلا موضح كَلا لَقَد كَذَبَ الذِهنُ
وَإِنَّ الَّذي تَبغيه دونَ مُعَلِّمٍ / كَموقِدِ مصباحٍ وَلَيسَ لَهُ دُهنُ