المجموع : 6
أيا بانتَيْ وادي الأراكِ وُقيتُما
أيا بانتَيْ وادي الأراكِ وُقيتُما / بنفسي وأهلي طارقَ الحدَثَانِ
أُحِبُّكما حُبَّ الجبانِ ذِماءَهُا / وإِنْ لم أكنْ يومَ الوغَى بجبانِ
ويُعجبُني أن تُسقيَا باكرَ الحَيَا / بأبطحَ وسمِيٍّ تراه هجانِ
فهل فيكما أنْ تُسعدانِي ساعةً / لأنشُدَ قلباً ضَلَّ منذُ زمان
تعرَّضَ لي في السِّربِ من ساحتيكما / غزالٌ رآني خُلسةً فرماني
وإِن عادَ ذاك السربُ يوماً بعينهِ / أخذتُ بحقي من أصابَ جناني
ألا مَنْ لصَبٍّ بالعراق يشوقه / تخلُّجُ برقٍ بالعُذَيبِ يماني
يغارُ عليه أن يشيم وميضَه / غرائرُ من أُدْم به وغَوانِي
ملكنَ على قلبي طريقَ سُلوِّهِ / ومَلَّكْنَ برحَ الوجدِ ثنيَ عناني
قضيتُ لُباناتِ الهَوى غيرَ لذةٍ / يُرابُ لها ذو غيرةٍ بحَصانِ
تعفُّ يدي ما بينَها وسريرتي / ويفسُقُ طرفي دونَها ولساني
وأخلو وقد رابَ الغيورُ بأمرِنَا / بريئين بُردَا يُمنةٍ عَطِرَانِ
ضمنتُ لصحبي أن أُفيقَ وقد أبتْ / ضمانةُ قلبي أن أفي بضماني
فمن لامني فليَطعَمِ الحبَّ قلبُهُ / ليعلمَ هل لي بالسُلوِّ يدانِ
أحِنُّ إِلى أرض الحجاز وفيهمُ / غريمٌ مُلِطٌّ لو يشاء قضاني
وآسى على تشييعهم حيثُ يممَّوا / تأَسُّفَ مقصوصٍ على الطيرانِ
همُ نزعوا عن طاعةِ الصبرِ بعدَهُم / يديَّ وأغروا ناجذي ببناني
وكيف أُرجِّي أن أُفَكَّ وهيِّنٌ / على طُلَقاء الحيّ أنّيَ عاني
ذخرتُكما يا صاحبيَّ لشدةٍ / فإِن لم تُعينا فاذهَبا ودعاني
نصحتُكما والنصحُ ما دام هاجماً / على ظنَّةٍ ضربٌ من الهَذَيانِ
وقلت أجيزا ساحةَ الحيّ واحذرا / هنالك طعنَيْ مقلةٍ وسنانِ
وهل تأمنانِ الفتكَ من فتياتِهم / وإن سمَحت فتيانُهم بأمانِ
وكم سالمٍ من طعنهمْ وهو عُرضَةٌ / لرشقَةِ عينٍ أو لطعنِ بَنَان
لَأَمنَعُ من نفسي عشيّةَ تنتهي / إِلى الحيّ بالبطحاء قعبُ لِبانِ
ستغدو وفي الأحشاءِ منا نوافذٌ / بغيرِ رماءٍ بيننا وطِعَانِ
أجيرتنا بالجِزع كيف خلصتُمُ
أجيرتنا بالجِزع كيف خلصتُمُ / نَجيَّاً وأخفيتمْ حديثَكُمُ عنِّي
وقد سَمِعتْ أذنايَ نجوى فِراقِكمْ / فلا أبصرتْ عيني ولا سَمِعتْ أُذنِي
أُحَذِّرُكمْ طُوفانَ دمعي فبدِّلُوا / إِذا أزِفَ البينُ الركائبَ بالسُّفْنِ
وفي الحيّ مرهومُ الإِزارينِ بالبُكا / وآخرُ مرقومُ العِذارين بالحُسنِ
إِذا ما التقى خداهما وتقاربَا / بدتْ لك شمسُ الصحوِ في ليلة الدّجنِ
وزائرةٍ والليلُ قد زُرَّ جيبُه / على الصُبحِ والظلماءُ مسبلةُ الرُّدْنِ
أتتْ وهي أحلى في فؤادي من المُنَى / وأطيبُ من تهويمةِ الفجرِ في جَفْني
إِذا انفتلتْ أبصرتُ غصناً على نقَا / وإِن سَفَرتْ أبصرتُ بدراً على غُصْنِ
فرشتُ لها خدِّي وقبَّلْتُ كفَّها / خضوعاً ولا تقبيلَ مستلمِ الرُّكْنِ
ولما تطارحنَا الأحاديثَ بيننَا / وبُحْنَا بأسرارِ القلوب ولم نكْنَ
حلفتُ لها بالبُدْنِ تدمَى نحورُها / أليَّةَ بَرٍّ صادقٍ ليس يستثنى
لأنتِ صميمُ القلبِ والنفسِ والذي / إِذا رُمتُ حُبَّاً غيرَهُ فهو ما أعني
وما اقتسمَ العُشَّاقُ مُذْ صِرْتُ فيهِمُ / سوى سُؤْرِ وجدي والبقيَّةِ من حزني
هَنَاكَ الكرى يا راقدَ الليلِ إِنَّني
هَنَاكَ الكرى يا راقدَ الليلِ إِنَّني / ألِفْتُ سُهاداً طابَ لي وهَنانِي
طردتُ سَوامَ النومِ عنّي تشوقاً / لخفقةِ برقٍ بالعُذَيْبِ يمانِ
وكم عند برقٍ لاح من أيمن الحِمَى / عَنِيٍّ مَطولٍ لو يَشَاءُ قَضانِي
وآخرُ مرهومُ الإزارِ بواكفٍ / من الدمعِ جودٍ لجَّ في الهملانِ
ومجدولةٍ جدلَ العنانِ بكفّها / عنانُ فؤادي في الهَوى وعِناني
إِذا سمتُ قلبي الغيَّ فيها أطاعني / وإنْ سمتهُ فيها الرشادَ عَصاني
ضمِنتُ لصحبي الصبر عنها وقد أبتْ / ضمانةُ قلبي أن أفي بضماني
فيا صاحبَيْ سرّي وجهريَ أسعدا / فلمْ يبقَ منِّي غيرَ ما تَرياني
خذا خبري عن نار قلبيَ واسْألا / تحلُّبَ شاني عن تَقلُّبِ شاني
فإن قُلتما والحقُّ ما تَريانهِ / تداوَ بصبرٍ فاذهبا ودَعاني
هو النصحُ إلّا أنّه غيرُ نافعٍ / إِذا لم يكُنْ لي بالسُّلُوِّ يدانِ
فديتُكِ أقوالُ الوشاةِ كثيرةٌ
فديتُكِ أقوالُ الوشاةِ كثيرةٌ / وهنَّ ظهورٌ مالهنَّ بُطونُ
فلا تقبلي ما قيلَ عني لديكمُ / فان تخاليطَ الوُشاةِ فُنونُ
وما كلُّ قولِ قيلَ عنِّيَ صادقٌ / ولا كلُّ ذي نُصْحٍ أتاكِ أمينُ
همُ أرجفوا بالوصلِ بيني وبينكمْ / وظُنَّ بنا فيما حكوهُ ظنونُ
فليتَ أراجيفَ الوُشاةِ حقيقةٌ / وليت ظنونَ الكاشحينَ يقين
لنا شيمةٌ لا ترتضي الغدرَ صاحباً
لنا شيمةٌ لا ترتضي الغدرَ صاحباً / وآيٌ على الأيامِ لا تقبل الوهْنَا
إِذا ما تخذنا صاحباً لم نُجازِهِ / بسوءٍ وأحسنَّا بأفعالِه الظَنَّا
فمن تُنقصُ الأيامُ مِرَّةَ عهدِهِ / فإنَّا على العهدِ القديم كما كُنَّا
وما رَبِحتْ في الودِّ صفقةُ كَارهٍ / مجاملةَ الإخوانِ يعتدُّها غبنا
إلامَ التجنِّي والإساءةُ منكمُ / عتبتمْ وأعتَبْنَا وخُنْتُم وما خُنَّا
فإن تُنصِفُونَا في القضيّةِ تشهدوا / بأن الذي جِئناهُ أشبَهُ بالحُسْنَى
فإنْ عُدْتُمُ عُدْنَا وإن تُظهروا الغِنى / عن الودِّ كنَّا عن وِدادكمُ أغنَى
فقد يُكرَمُ العِلْقُ الرخيصُ وإن غَلا / وزاد غَلاءً يُسْلَ عنه ويُستغنى
هلموا إذا ما خفتهم الفقر فاصعدوا
هلموا إذا ما خفتهم الفقر فاصعدوا / إلى جبل من فوقكم ينبت الغنى
خذوه فردّوه إلى أصله الذي / تفرّع منه نبته وتكوّنا
هباءًا لطيفاً لا رسوب لثقله / وماء حياة عالي القدر مثمنا
وصونوهما من كل شيء وأحكموا / له من زجاج ناصع اللون معدنا
منيع النواحي محكم الرأس حابس / لما فيه من ريح الهواء تحصّنا
ولا تضجروا بالسحق فهو ملاكه / به يظهر السر الذي كان مبطنا
فإن لانت الأرض الكريمة أخرجت / لكم زهراً يرضي القلوب تلوّنا
هي الأرض حبلى بالأجنّة برهة / وبالنار تغدو الطفل والماء أزمنا
ولا تدعوا البذور الذي قد طرحتمُ / يجفّ فتخطوا من ثماركم الجنى
ولا تهملوا نار الحضان فإنها / تقلّب ما شئتم ظهورا وابطنا
وربّوه دهراَ لا تملّوا رضاعه / لتستحكم الأوصال منه وتمتنا
فذلك عقد الإنفصال لشده / تداخل في أجزائه وتمكنا
فإن أنتم كررتم عقد حلّه / مراراً تباعاً كان اغلى واثمنا
فإن رمتم الحُملان منه فقطّروا / على القشر محمراً من الدم مثخنا
فضحت لكم سري وأظهرت حكمتي / وبحت بسر الله في الخلق معلنا
فغن تجهلوه فاستعينوا بفكرة / تغادر ما استعصى من الأمر هينا
فبالفكر نلنا علم ما غاب بعدما / جعلناه دأباً لا يملّ وديدنا
ولا تدعوا كتمانه إن علمتمُ / وكونوا لسر الله في الأرض مخزنا
حباني بهذا العلم ربي معلماً / وأوضح لي ما ألبسوه مبيّنا
ولا تبطروا إن نلتمُ ما ذكرته / وروموا به العتى وحوزوا به المنى