المجموع : 3
هَنيئاً لهذا الدَّهرِ رَوْحٌ وريْحانُ
هَنيئاً لهذا الدَّهرِ رَوْحٌ وريْحانُ / وللدِّينِ والدنيا أمانٌ وإِيمانُ
بِأَنَّ قعِيدَ الشِّرْكِ قَدْ ثُلَّ عَرْشُهُ / وأَنَّ أَميرَ المؤمنينَ سُلَيْمَانُ
سَمِيُّ الَّذِي انقادَ الأَنامُ لأَمْرِهِ / فلم يَعْصِهِ فِي الأَرضِ إِنسٌ ولا جانُ
وباني العُلا للمجدِ غَادٍ ورائحٌ / وحِلْفُ التُّقَى فِي اللهِ راضٍ وغَضْبانُ
بِهِ رُدَّ فِي جَوِّ الخلافةِ نُورُها / وَقَدْ أَظْلَمَتْ منها قصورٌ وأوطانُ
وَأَنْقَذَ دينَ اللهِ من قبضةِ العِدى / وَقَدْ قاده للشِّركِ ذلٌّ وإِذعَانُ
وقامَ فقامتْ للمَعَالي معالِمٌ / وللخيرِ أسواقٌ وللعدلِ ميزَانُ
وجدَّدَ للإسلامِ ثوبَ خلافةٍ / عليها من الرحمنِ نورٌ وبُرْهَانُ
وأَكَّدَها عهدٌ لأكرمِ من وفى / بعهدٍ زَكَتِ فِيهِ عهودٌ وأَيمانُ
بِهِ شُدَّ أَزْرُ الملكِ وابْتَهَجَ الهُدى / وفاضَ عَلَى الإسلامِ حسنٌ وإِحسانُ
فَتىً نَكَصَتْ عنهُ العيونُ مَهابَةً / فليسَ لَهُ إِلّا الرَّغَائبَ أَقْرانُ
يَهونُ عَلَيْهِ يومَ يُرْوي سيوفَهُ / دماً أَن يوَافيهِ الدُّجى وَهْوَ ظمْآنُ
سَمِيَّ النَّبيِّ المصطفى وابنُ عَمِّهِ / ووَارِثُ مَا شَادَتْ قُرَيْشٌ وعَدْنانُ
وَمَا ساقَتِ الشُّورى وأَوْجَبَتْ التُّقى / وأَوْرَثَ ذُو النُّورَيْنِ عَمُّكَ عُثْمانُ
وما حاكَمَتْ فِيهِ السيوفُ وحازهُ / إليكَ أَبو الأَملاكِ جدُّكَ مرْوانُ
مَوارِيثُ أَملاكٍ وتوكيدُ بَيْعَةٍ / جديرٌ بِهَا فتحٌ قريبٌ ورِضْوانُ
ودوحةُ مجْدٍ فِي السَّماءِ كَأَنَّمَا / كَوَاكِبُهَا منها فروعٌ وأَغصانُ
لَئِنْ عَظُمَتْ شأْناً لقد عزَّ نصرُها / بكَرَّاتِ فُرسانٍ لأَقدارِهَا شانُ
قبائلُ من أَبناءِ عادٍ وجُرْهمٍ / لَهُمْ صَفْوُ مَا تَنْمِيهِ عادٌ وَقَحْطَانُ
بَنو دُوَلِ المُلكِ الَّذِي سَلَفَتْ بِهِ / لآبائهم فِيهَا قُرونٌ وأَزْمَانُ
هُمُ عَرفُوا مثواكَ فِي هَبْوَةِ الرَّدى / وَقَدْ رَابَ معهودٌ وأَنكَرَ عِرفانُ
وللمَوْتِ فِي نَفْسِ الشُّجاع تخيُّلٌ / ولِلذُّعْرِ فِي عَيْنِ المُخاطِرِ أَلوانُ
فأَعْطَوكَ واسْتَعْصَوكَ فِي السَّلْمِ والوغى / مَوَاثِيقَ لَوْ خَانَتْكَ نفسُكَ مَا خانوا
كَأَنَّ السَّمَاءَ بدْرَها ونجومها / سُرَاكَ وَقَدْ حَفُّوكَ شِيبٌ وشُبَّانُ
وقد لَمَعَتْ حوْلَيْكَ منهمْ أَسِنَّةٌ / تُخَيِّلُ أَنَّ الحَزْنَ والسَّهْلَ نِيرانُ
أُسودُ هِياجٍ مَا تزالُ تَرَاهُمُ / تطيرُ بِهِمْ نحوَ الكريهَةِ عِقبانُ
وأقمارُ حَربٍ طالِعَاتٌ كَأَنَّمَا / عَمَائِمُهُمْ فِي موقفِ الرَّوْعِ تِيجانُ
دَلَفْتَ بِهِمْ للفتحِ تَحْتَ عَجاجَةٍ / كَأَنَّ مُثِيرَيْهَا عَلِيٌّ وهَمْدانُ
ويَومَ اقتِحامِ الحَفْرِ أَيقَنْتَ أَنَّهُمْ / يريدونَ فِيهِ أَن تعِزَّ ولو هانوا
بكُلِّ زِناتِيٍّ كَأَنَّ حُسامَهُ / وهامَةَ من لاقاهُ نارٌ وقرْبانُ
وأَبيضَ صِنْهَاجٍ كَأَنَّ سِنَانَهُ / شِهابٌ إذَا أَهوى لِقِرْنٍ وشَيطانُ
وقد عَلِمُوا يَا مُستعِينُ بأَنَّهُمْ / لرَبِّهِمُ لما أَعانوكَ أَعوانُ
ولَوْلاكَ والبيضُ الَّتِي نَهَدوا بِهَا / لما قامَ للإسلام فِي الأرض سُلطانُ
ولاستَبْدَلَتْ قَرْع النواقيسِ بالضُّحى / مَنارٌ وقامت فِي المحاريب صُلبانُ
وهم سَمِعوا داعيك لمَّا دَعَوْتَهُم / وهم أَبصَرُوا والناسُ صُمٌّ وعُمْيانُ
تصاويرَ ناسٍ مُهْطِعينَ لِصورَةٍ / يُكَلِّمُهُمْ منها سَفيهٌ ومَيَّانُ
فللهِ عَزْمٌ رَدَّ فِي الحقِّ رُوحَهُ / وأَوْدى بِهِ فِي الأرض زُورٌ وبُهتانُ
وقُلتَ لعاً للعاثِرِينَ كَأَنَّهُ / نُشورٌ لقومٍ حانَ منهم وَقَدْ حانُوا
وأصبحَ أهلُ الحَقِّ فِي دارِ حقِّهمْ / ونحنُ لهم فِي الله أهلٌ وإِخوانُ
فحَمْداً لمن رَدَّ النُّفوسَ فأَصبحَتْ / لهم كالذي كُنَّا وَهُمْ كالذي كانوا
وأُنِّسَ شَمْلٌ بالتفرُّقِ مُوحِشٌ / وحَنَّ خليطٌ بالصبابة حَنَّانُ
ورَدَّ جِماحَ الغَيِّ من غَرْبِ شَأْوِهِ / وبُرِّدَ قلبٌ بالحفيظةِ حَرَّانُ
وقد أَمِنَ التثريبَ إِخوةُ يوسُفٍ / وأدركَهُم للهِ عفوٌ وغُفْرانُ
وأَعقَبَ طَولُ الحربِ أبناءَ قَيلَةٍ / زكاةً وَرُحماً فِيهِ أَمْنٌ وإِيمانُ
وَحَنَّتْ لِدَاعِي الصُّلحِ بكْرٌ وتغلبٌ / وشَفَّعَتِ الأَرْحامَ عبسٌ وذُبيانُ
وفازَتْ قِداحُ المُشتَري بسُعُودِها / وسالم بَهرَامٌ وأَعتبَ كِيوانُ
وعُرِّفَ معروفٌ وأُنكِرَ مُنْكَرٌ / وطارَ مع العَنْقَاءِ ظُلْمٌ وعُدوانُ
وأُغْمِدَ سيفُ البَغْيِ عنَّا وعُطِّلَتْ / قُيودٌ وأَغلالٌ وسِجنٌ وسُجَّانُ
وما كَانَ منَّا الحَيُّ فِي ثوبِ ذُلِّهِ / بأَنهضَ مِمَّنْ ضَمَّ قبرٌ وأَكْفَانُ
ومُنَّ عَلَى المُسْتَضعَفِينَ وأُنْجِزَتْ / مواعيدُ تمكينٍ وآذَنَ إِمكانُ
بيُمْنِ الإِمامِ الظَّافِرِ الغافر الَّذِي / صفا منهُ للإسلامِ سِرٌّ وإِعلانُ
مجَرِّدُ سيفِ الانتقام لِمَن عتَا / فمالَ بِهِ فِي الدِّينِ زَيغ وإِدهانُ
فَمن سَرَّهُ المَحْيا فسمع وطاعةٌ / ومن يَحْسُدِ المَوتى فكُفْرٌ وعِصيانُ
لَكَ الخَيْرُ قَدْ أَوْفى بعَهْدِكَ خَيْرانُ
لَكَ الخَيْرُ قَدْ أَوْفى بعَهْدِكَ خَيْرانُ / وبُشراكَ قَدْ آواكَ عِزٌّ وسُلطانُ
هو النُّجْحُ لا يُدْعى إِلَى الصُّبح شاهِدٌ / هو النور لا يُبغى عَلَى الشَّمْسِ بُرْهَانُ
إِليكَ شَحَنَّا الفُلكَ تَهْوي كَأَنَّها / وَقَدْ ذُعِرَتْ عن مَغْرِبِ الشَّمْسِ غِرْبانُ
عَلى لُجَجٍ خُضْرٍ إذَا هَبَّتِ الصَّبا / ترامى بنا فِيهَا ثَبيرٌ وثَهْلانُ
مَوائِلَ تَرْعى فِي ذُراها مَوَائِلاً / كما عُبدَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَوْثَانُ
وفِي طَيِّ أَسْمَالِ الغَرِيبِ غَرَائِبٌ / سَكَنَّ شَغافَ القلبِ شيبٌ وَوِلْدانُ
يُرَدِّدْنَ فِي الأَحشاءِ حَزَّ مصائِبٍ / تزيدُ ظَلاماً لَيْلَها وَهْيَ نِيرانُ
إِذا غِيضَ ماءُ البَحرِ منها مَدَدْنَهُ / بِدَمْعِ عيونٍ يَمْتَرِيهنَّ أَشْجَانُ
وإِنْ سَكَنَتْ عنَّا الرياحُ جرى بنا / زَفيرٌ إِلَى ذِكْرِ الأَحِبَّةِ حنَّانُ
يقُلْنَ ومَوْج البحْرِ والهَمِّ والدُّجى / تموجُ بنا فِيهَا عُيونٌ وآذانُ
ألا هَلْ إِلَى الدُّنيا مَعادٌ وهلْ لَنا / سِوى البحْرِ قَبْرٌ أَوْ سِوى الماءِ أَكْفانُ
وهَبنا رأينا مَعْلَمَ الأَرْضِ هلْ لنا / مِن الأَرْضِ مأْوىً أَوْ من الإِنسِ عِرْفانُ
وصَرْفُ الرَّدى من دونِ أَدْنَى منازِلٍ / تَباهى إِلينا بالسُّرورِ وتَزدانُ
تَقَسَّمَهُنَّ السيفُ والحَيفُ والبِلى / وشَطَّتْ بنا عنها عصورٌ وأَزْمانُ
كما اقْتَسَمَتْ أَخْدانَهُنَّ يدُ النَّوى / فَهُمْ للرَّدى والبَرِّ والبحرِ أَخْدانُ
ظعائِنُ عُمْرانُ المعاهِدِ مُقفِرٌ / بهنَّ وقَفْرُ الأَرْضِ منهُنَّ عُمْرانُ
هَوَتْ أُمُّهُمْ مَاذَا هَوَتْ بِرِحالِهمْ / إِلَى نازِحِ الآفاقِ سُفْنٌ وأَظْعَانُ
كوَاكِبُ إِلّا أنَّ أفلاكَ سَيْرها / زمامٌ ورَحْلٌ أَوْ شِرَاعٌ وسُكَّانُ
فَإِنْ غَرَّبَتْ أرض المغاربِ مَوئِلي / وأَنْكَرَنِي فِيهَا خَليطٌ وخِلّانُ
فكَمْ رَحَّبَتْ أَرْضُ العِراقِ بمقدمي / وأَجْزَلَتِ البُشْرى عَليَّ خُراسانُ
وإِنَّ بلاداً أَخرجَتنِي لَعُطَّلٌ / وإِنَّ زَماناً خان عَهدي لَخَوَّانُ
سَلامٌ عَلَى الإِخوانِ تَسليمَ آيسٍ / وسُقياً لِدَهْرٍ كَانَ لِي فِيهِ إِخْوانُ
ولا عَرَّفَتْ بي خَلَّةً دارُ خُلَّةٍ / عَفا رَسمَها منها جفاءٌ ونِسيانُ
وَغَرَّتْ ببَرْقِ المُزْنِ من ذكْرِ صَفقِهِ / ومن ذكْر رَبٍّ كُلَّ يَومٍ لَهُ شانُ
ويا رُبَّ يومٍ بانَ صدْعُ سلامِهِ / بصَدْعِ النَّوى أَفْلاذُ قَلْبيَ إِذْ بانوا
نُوَدِّعُهُمْ شَجْواً بشَجوٍ كَمِثلِما / أَجابت حفيفَ السَّهْمِ عوْجاءُ مِرْنانُ
ويَصْدَعُ مَا ضَمَّ الوَدَاعُ تفرُّقٌ / كما انشَعَبَتْ تَحْتَ العواصِفِ أَغصانُ
إِذا شَرَّقَ الحادي بِهِمْ غَرَّبَتْ بنا / نوىً يوْمُها يومانِ والحِينُ أَحيانُ
فلا مُؤْنِسٌ إِلّا شهيقٌ وزَفْرةٌ / ولا مُسعِدٌ إِلّا دُموعٌ وأَجفانُ
وما كَانَ ذَاكَ البَيْنُ بَيْنَ أَحِبَّةٍ / ولكنْ قلوبٌ فارَقَتْهُنَّ أَبدَانُ
فيا عَجَباً للصَّبرِ مِنَّا كَأَنَّنَا / لهمْ غَيرُ مَن كنَّا وهم غَيرُ من كانوا
قَضى عَيشُهُمْ بَعْدِي وعيشيَ بَعْدَهُمْ / بأَنِّيَ قَدْ خُنتُ الوَفاءَ وَقَدْ خانُوا
وأَفجِع بمنْ آوى صَفيحٌ وَجَلْمَدٌ / وَوَارَتْ رِمالٌ بالفَلاةِ وكُثْبانُ
وُجوهٌ تَنَاءَتْ فِي البِلادِ قُبورُها / وإِنَّهُمُ فِي القلْبِ مِنِّي لَسُكَّانُ
وَمَا بَلِيَتْ فِي التُّرْبِ إِلّا تَجدَّدَتْ / عَلَيْها مِنَ القَلْبِ المُفَجَّع أَحْزانُ
هُمُ اسْتَخْلَفُوا الأَحبابَ أَمْوَاجَ لُجَّةٍ / هِيَ المَوْتُ أَوْ فِي المَوْتِ عَنْهُنَّ سُلْوَانُ
بَقايا نُفُوسٍ منْ بَقِيَّةِ أَنْفُسٍ / يُمِيتونَ أَحْزانِي فدينوا بما دَانُوا
أَقُولُ لَهُمْ صَبْراً لَكُمْ أَوْ عَلَيْكُمُ / عَسى العيشُ مَحمودٌ أَوِ المَوْتُ عَجلانُ
وَلا قَنَطٌ واليُسرُ لِلعُسرِ غالِبٌ / وَفِي العرْشِ رَبٌّ بالخَلائِقِ رَحْمانُ
ولا يَأْسَ مِنْ رَوْحٍ وَفِي اللهِ مَطمَعٌ / وَلا بُعدَ مِن خَيْر وَفِي الأَرْض خَيْرانُ
سَتَنْسَوْنَ أَهوالَ العذَابِ ومالِكاً / إذَا ضَمَّكُمْ فِي جَنَّةِ الفَوْزِ رِضْوَانُ
مَتى تَلحَظُوا قَصْرَ المَرِيَّةِ تظفرُوا / بِبَحْرٍ حَصى يُمناهُ دُرٌّ ومَرْجَانُ
وتَسْتَبْدِلُوا مِن مَوْجِ بَحْرٍ شَجاكُمُ / ببحْرٍ لَكمْ مِنهُ لُجَيْنٌ وعِقْيانُ
فَتىً سَيفُهُ لِلدِّينِ أَمْنٌ وإِيمانُ / ويُمناهُ لِلآمالِ رَوْحٌ ورَيْحَانُ
تَقلَّدَ سَيفَ اللهِ فينا بحَقِّهِ / فَبَرَّتْ عُهودٌ بالوفاءِ وَأَيْمَانُ
وحَلَّى بتاجِ العِزِّ مَفرِقَ مُخبتٍ / يُقَلِّبُهُ داعٍ إِلَى اللهِ دَيَّانُ
وبالخيْرِ فَتَّاحٌ وبالخَيْرِ عائدٌ / وبالخَيْلِ ظَعَّانٌ ولِلخَيلِ طَعَّانُ
فقُضَّتْ سُيوفٌ حارَبَتْهُ وأَيْمنٌ / وشاهَتْ وُجُوهٌ فاخَرَتْهُ وتيجانُ
لَهُ الكَرَّةُ الغَرَّاءُ عنْ كُلِّ شَارِدٍ / أَضَاءَتْ لَهُمْ منها دِيارٌ وأَوْطَانُ
وَرَدَّ بِهَا يَوْمَ اللِّقاء زِنانَةً / كما انْقَلَبَتْ يَومَ الهَباءةِ ذُبيانُ
بِكُلِّ كَمِيٍّ عامِرِيٍّ يسوقُهُ / لحرِّ الوَغى قَلبٌ عَلَى الدِّينِ حَرَّانُ
حُلُيُّهُمُ بيضُ الصَّوارِمِ والْقنا / لَهَا وحُلاها سابغاتٌ وأَبْدَانُ
تَراءاكَ حزْبُ البغْي منهُم فأَقبَلوا / وَفِي كُلِّ أَنْف للغِوَايَةِ شَيطانُ
فأَيُّ صُقورٍ قَلَّبَتْ أَيَّ أَعْيُنٍ / إِلَى أَيِّ لَيثٍ ردَّهَا وَهْيَ خِلْدَانُ
عُيوناً بِهَا كادُوا الهُدى فَفَقَأْتَها / فَهمْ فِي شِعابِ الغيِّ والرُّشْدِ عُمْيانُ
وَمَا لَهُمُ فِي ظُلمَةٍ بَعدُ كَوكَبٌ / وَمَا لَهُمْ فِي مُقْلَةٍ بَعدُ إِنسانُ
يَضيقُ بِهِمْ رَحْبُ القُصورُ وَوُدُّهُمُ / لَوِ احتازَهُم عَنها كُهوفٌ وغِيرانُ
وأَنْسَيْتَهمْ حَمْلَ القنا فَسِلاحُهمُ / عَلَيْكَ إذَا لاقَوْكَ ذُلٌّ وإِذْعانُ
وأَنَّى لِفَلّ القِبطِ فِي مِصْرَ مَوْئلٌ / وَقَدْ غِيلَ فِرْعَونٌ وأُهْلِكَ هامانُ
فَيا ذُلَّ أَعلامِ الهُدى يَوْمَ عِزِّهِمْ / ويا عِزَّ أَعْلامِ الهُدى بِكَ إِذْ هانُوا
حَفَرْتَ لَهُمْ فِي يَوْمِ قَبْرَةَ بالقَنا / قُبوراً هَواءُ الجَوِّ مِنهنَّ ملآنُ
يَطيرُ بِهَا هامٌ ونسْرٌ وناعِبٌ / ويعدُو بِهَا ذيبٌ وذيخٌ وسِرْحانُ
فلَوْ شَهدَ الأَملاكُ يَومَكَ فِيهِمُ / لألقى إِليكَ التَّاجَ كِسْرى وخَاقانُ
ولَوْ رُدَّ فِي المنصور روحُ حياتِهِ / غداةَ لقيتَ الموتَ والموتُ عُرْيانُ
وَنادَيْتَ لِلهَيجَاءِ أَبناءَ مُلْكِهِ / فَلَبَّاكَ آسادٌ عَبيدٌ وفتيانُ
جبالٌ إذَا أَرْسَيْتَها حَوْمَةَ الوَغى / وإِنْ تَدْعُهُمْ يوماً إِليكَ فعقبانُ
يقودُهُمُ داعٍ إِلَى الحقِّ مُجْلبٌ / عَلَى البغي يُرضي ربَّه وهو غضبانُ
كَتائبُ بلْ كتبٌ بنَصْرِكَ سُطِّرَتْ / وَوَجْهُكَ باسمِ اللهِ والسَّيفُ عُنوانُ
هو السَّيفُ لا يَرْتَابُ أَنَّكَ سَيفُهُ / إذَا نازَلَ الأَقرَانَ فِي الحَرْبِ أَقرَانُ
كَأَنَّ العِدى لَمَّا اصْطَلَوا حرَّ نارِهِ / أَصابَ هواديهمْ مِنَ الجَوِّ حُسبانُ
وأَسمَرُ يسرِي فِي بحارٍ من النَّدى / بيُمناكَ لكنْ يَغْتدي وهوَ ظَمْآنُ
تَلألأَ نوراً من سناكَ سِنانُهُ / وَقَدْ دَعَتِ الفُرْسَانَ لِلحَرْبِ فُرْسانُ
لَحَيَّاكَ من أَحْيَيْتَ منهُ شمائلاً / يموتُ بِهَا فِي الأَرْضِ ظُلْمٌ وعُدوَانُ
وناجاكَ إِسرَاراً وناداكَ مُعلناً / وَحسبُ العُلى مِنه سِرَارٌ وإِعلانُ
أَلا هكذا فَلْيَحْفَظِ العَهْدَ حافِظٌ / أَلا هكذا فَلْيَخْلُفِ المُلكَ سُلْطَانُ
فَلِلَّهِ مَاذَا أَنْجَبَتْ منكَ عامِرٌ / وللهِ مَاذَا ناسَبتْ مِنكَ قَحطانُ
وللهِ مِنَّا أَهلَ بَيتٍ رَمَتْهُمُ / إِلَى يَدِكَ العُليا بُحورٌ وبُلدانُ
وكلَّهُمْ يُزْهى عَلَى الشَّمْسِ فِي الضُّحى / وبَدرِ الدَّياجِي أَنَّهم لَكَ جيرانُ
وَقَدْ زَادَ أَبناءُ السَّبيلِ وَسِيلَةً / وحَلُّوا فَزَادُوا أَنَّهم لَكَ ضِيفانُ
فما قَصَّرَتْ بي عن عُلاكَ شفاعَةٌ / ولا بِكَ عن مِثلي جَزَاءٌ وإَِحسانُ
ليَهْنِ لَكَ العيدُ الَّذِي بِكَ يَهْنِينا
ليَهْنِ لَكَ العيدُ الَّذِي بِكَ يَهْنِينا / سلاماً وإِسلاماً وأَمناً وتأْمِينا
ولا أُعْدِمَتْ أَسماؤُكُمُ وسماؤكُمْ / نجومَ السُّعودِ والطُّيُورَ الميامِينا
بِمَنْ يَمُنَتْ أَيامُنا وتلأْلأَتْ / بنُور المُنى والمكْرُمَاتِ ليالينا
دعانا وسقَّانا سِجالَ يمينِهِ / فسَقْياً لساقِينا ورعْياً لراعينا
ومُلْكاً وتمْلِيكاً وفَلْجاً وغبطَةً / وعزّاً وإِعزازاً ونصراً وتمكينا
دعاءٌ لمن عَزَّتْ بِهِ دعوةُ الهُدى / يقُولُ لَهُ الإِسلامُ آمِينَ آمينا
فتىً مَلَكَ الدنيا فَمَلَّكَنا بِهَا / وجاهدَ عنَّا ينصُرُ المُلْكَ والدينا
فقلَّدَ أَعناقَ الأُسودِ أَساوِداً / وحلَّى أَكُفَّ الدَّارِعينَ ثعابينا
وخلَّى القصورَ البيضَ والبِيضَ كالدُّمى / لِبِيضٍ يُكَشِّفْنَ العَمى ويُجَلِّينا
إِذَا مَا كساها من دماءِ عُدَاتِهِ / سَلَبْنَ هواهُ الغيدَ والخُرَّدَ العِينا
وعطَّلَ أَشجارَ البساتينِ واكْتفى / بمُشْتَجِرِ الأَرماحِ منها بساتينا
ليَسْتَفْتِحَ الوردَ الجنيَّ من الطُّلى / ويَشْتَمَّ أرواحَ العُداةِ رياحينا
ويَسْمَعَ من وَقْعِ القَنا فِي نحورِها / حمائِمَ فِي أَغْصانِها وشَفانِينا
يسيرٌ عَلَيْهِ أَنْ يَسيرَ إِذَا الدُّجى / كسا بالجِلالِ البيضِ أَفْراسَهُ الجُونا
سرى ليلَ كانونَينِ لَمْ يَدَّخِرْ لَهُ / سوى الجَوِّ كِنَّاً والنجومِ كوانينا
قريبٌ وَمَا أَدناهُ من صارِخِ الوغى / بعيدٌ وَمَا أَدْنى لَهُ صوتَ داعِينا
وإِن شئتَ لَمْ تعدمْكَ غُرَّةُ وجهِهِ / أَناسِيَّ من أَحداقِنا ومآقِينا
ومثواهُ فِي الأَرواحِ وسطَ صدورِنا / ومجراهُ فِي الأَنفاسِ بَيْنَ تراقِينا
ونعم كفيلُ الشَّمْسِ حاجِبُها الَّذِي / يشيِّعُنا فِيهَا ويَخْلُفُها فينا
يطالعنا فِي نورِها فيعُمُّنا / ويسمو لَنَا فِي شِبْهِهَا فَيُسَلِّيِنا
وصدَّقَ فينا ظَنَّها حينَ صدَّقَتْ / سحابُ نداهُ مَا النفوسُ تُمَنِّينا
وَقَدْ أَثمرَتْ فينا يداهُ بأَنْعُمٍ / تساقَطُ فِي أَفواهِنا قبلَ أَيدينا
وذكَّرَ منه الصومُ والفطرُ هَدْيَهُ / وجمعُ المصلَّى وابتهالُ المصلِّينا
ومقعدُهُ فِي تاجِهِ وسريرِهِ / ليومِ السَّلامِ وازدحامِ المُحَيِّينا
فَمُلِّيتُمُوها آلَ يَحْيى تَحِيَّةً / تُحَيَّوْنَ بالملكِ التَّليدِ وتُحيُونَا
وتُرْجَوْنَ للجُلَّى فنِعْمَ المُجَلُّونَا / وتُدْعَوْنَ للنُّعمى فنعمَ المُجِيبونا
تُشَرِّدُ آفاقُ البلادِ فتُؤْوونا / وتَجْرَحُ أَيدِي النائِباتِ فتَأْسُونا
تُدَاوونَ من ريبِ الزمانِ فتَشْفَوْنا / وتسقُونَ من كَأْسِ الحياةِ فتُرْوونا
حُفاةُ المحزِّ فِي عظامِ عُدَاتِكُمْ / ولكِنْ عَلَى الإِسلامِ هَيْنُونَ لَيْنُونا
فلَوْ لَمْ تَلُونا مالِكينَ لكنتُمُ / بأَخْلاقِكُم ساداتنا وموالينا
ولم لَمْ نكُنْ فِي حمدِكم كَيْفَ شئتُمُ / لكنتُمْ لَنَا فِي الصَّفْحِ عنَّا كَمَا شِينا
وحُبُّكُمُ فِي اللهِ أَزكى فعالنا / وطاعتكم فِي اللهِ أَعلى مساعينا