المجموع : 3
نَوىً فَرَّقَت شَملَ الهَوى فَمياههُ
نَوىً فَرَّقَت شَملَ الهَوى فَمياههُ / تُزالُ وَأَمّا عَهدُهُ فَيُصانُ
نَعيمي وَعِزّي كُنتُم ثُمَّ بِنتُمُ / فَعَيشي عَذابٌ بَعدَكُم وَهَوانُ
نَصيبي مِنَ الدُنيا الحَبيبُ وَوَصلُهُ / بِهِ العَيشُ عَيشٌ وَالزَمانُ زَمانُ
نَهَتني النُهى عَن حُبِّكُم فَعَصيتُها / وَهَيهات يُثنى لِلمُحِبِّ عَنانُ
نَسيمُ الصّبا مِن أَجلِكُم أَستَطيبُهُ / وَإِن زادَ في قَلبي بِهِ الخَفَقانُ
نَدِمتُ عَلَيكُم مِثلَما يَندَمُ الفتى / فَيقرعُ سِنٌّ أَو يعضُّ بَنانُ
نَفَت عَن جُفوني النَومَ ورقُ حَمائِمٍ / شَكَونَ وَلَم يُفصِح لَهُنَّ لِسانُ
نعينَ إِلى البَينِ لا كانَ يَومُهُ / فَما بالُهُ لَم يَخلُ مِنهُ مِكانُ
نَدَبنَ وَلَم يَذرِفنَ دَمعاً وَإِنَّما / تَناثَرَ مِن دَمعي لَهُنَّ جُمانُ
نَكَأنَ قُروحي لَو أَعَنَّ على الأَسى / بِدَمعٍ أَلا إِنَّ الحَزينَ يُعانُ
أَهَزُّ حُسام يُنتَضى وَسِنان
أَهَزُّ حُسام يُنتَضى وَسِنان / وَمَوتُ شُجاعٍ مِثل مَوتِ جَبانِ
عَلَينا المَنايا قُدِّرَت وَعَلى العِدى / فَيا لِضرابٍ بَينَنا وَطِعانِ
رُزِئتُ فَعَزَّوني وَقَد عَزَّني الأَسى / وَكَيفَ التَأَسّي وَاِبني الثَقلانِ
وَقالوا تَفَرَّس هَل مِنَ القَومِ فارِس / بِحصنٍ يُوَقّى المَوتَ أَو بِحصانِ
فَقُلتُ الرَدى لا ردَّ فيهِ وَإِنَّما / عَزاءُ هِجان في مُصابِ هِجانِ
لِكَثرَةُ رُزء أَو لِقِلَّةِ فُرصَةٍ / تعرُّ بِعارٍ أَو تَهونُ بِهانِ
بِنَفسي نَجم أَظلَم الأُفق إِذ هَوى / وَكادَ يُعَزّيني بِهِ القَمَرانِ
سَلوا الدَهرَ هَل أخبى غداةَ وَفاته / سَنا المُشتَري أَم هَدَّ رُكن أَبانِ
كَأَنَّ ذِراعي جُذَّ مِن عَضدي بِهِ / كَأَنَّ حُسامي فُلُّ وَهوَ لِساني
فَمن لِبَني الدُنيا مَقولي إِذا نَبا / بِحكمَةِ أَشعاري وَسحر بَياني
بِعَبد الغنيّ اِستَغنتِ العَينُ أَن تَرى / مَحاسِنَ طُرزٍ في الرِياضِ حسانِ
فَما الدُرُّ إِلّا ما يُنَثَّرُ مِن فَم / وَما الزَهرُ إِلّا ما نَشى بِبَنانِ
رَبيعُ رُبوعي كانَ صَوبَ صَوابِهِ / يُنَوِّرُ مِنهُ الطَرفَ كُلَّ أَوانِ
زَكا فَأَتاني يَغلِبُ الجَمعَ وَحدَهُ / وَعَن رَأيِهِ يصّالحُ الفتيانِ
فَلَو كانَ في صفّين إِذ هُوَ يافِع / تَراضى بِهِ الخَصمانِ وَالحَكَمانِ
وَلَو كانَت النيرانُ مِثل ذكائِهِ / تَلَظَّت لِموريها بِغَيرِ دُخانِ
وَلَو أَطلَعَ اللَهُ الهِلالَ طُلوعَهُ / لَقالوا لِسَبعٍ تَمَّ أَو لثمانِ
وَلَو أَنبَتَ اللَهُ الغُصونَ نَباتَهُ / دَنا مِن جَناها ما تَخَيَّرَ جانِ
وَلَو طابَتِ الأَيّامُ بَعدَ مَذاقهُ / لَما شَرِبَت لِلحرِّ بَعد ليانِ
أَحينَ شَأى مِن فَضلِهِ كُلّ سابِق / وَغَنّى شَآمٌ بِاِسمِهِ وَيَمانِ
وَجَرَّ قَناةَ النَصرِ لِلظَّعنِ في العِدى / وَراشَ جَناح العِزِّ لِلطَيَرانِ
رَمَتهُ فَأَصَمتهُ السِهامُ وَإِنَّهُ / لَفي زردٍ مِن دَعوَتي وَكنانِ
كَأَنَّ الرَدى يَومَ العُروبَةِ إِذ مَضى / أَراني جِبال الأَرضِ فَوقَ أَرانِ
كَأَنَّ السَماءَ اِنشَقَّتِ اليَومَ لِلَّذي / دَعاني فَكانَت وَردَةً كَدِهانِ
أَلا إِنّ قُضباً مِسنَ في دَوحَةِ العُلا / لِدانٍ نأى أَصبَحنَ غَير لِدانِ
سألتُ حَبيبَ النَفسِ أَينَ مَكانهُ / إِذا نُشِرَ المَوتى وَأَينَ مَكاني
فَقالَ مَكاني حَيثُ جِئتَ بِجَنَّةٍ / مُذلَّلَةٍ مِنها القُطوفُ دَواني
وَلا عِلمَ لي إِلّا بِنَقسي وَجَدتُها / فَيا أَبَتِ اِعمَل صالِحاً لِتَراني
وَيا أَبَتِ اِحذَر فِتنَةَ القَبرِ إِنَّها / مَخافَةُ مَن لَم يَجتَهِد لِأَمانِ
وَيا أَبَتِ اِعمَل لَستَ عَنّي جازِياً / وَلا عَنكَ أَجزي غَيرُ شَأنكَ شاني
وَيا أَبَتِ اِتلُ الذِكرَ حَسبُكَ واعِظاً / تَدَبُّرُ آىٍ فُصِّلت وَمَثانِ
وَيا أَبَتِ اِستَيقِظ فَإِنَّكَ نائِمٌ / وَيا أَبَتِ اِستَعجِل فَإِنَّكَ وانِ
وَيا أَبَتِ اِستَشفِع نَبِيَّكَ واثِقاً / بِوَعدٍ يُوَفّيهِ غَداً وَضَمانِ
نَجا اِبنُكَ فَاِنظُر في نَجاتِك وَاِعتَمِد / عَلى عَمَلٍ يَبقى فَإِنَّكَ فانِ
عَلى البِرِّ وَالتَقوى وَحُبِّ مُحَمَّدٍ / وَمُستَوزريهِ حَبَّذا العُمَرانِ
وَسائِرِ أَصحابٍ كَفَوهُ كَأَنَّهُم / بَنانٌ وَدينُ اللَهِ وَهوَ يدانِ
عَلَيهِم صَلاةُ اللَهِ ثُمَّ عَلى الَّذي / تَوَفّاهُ بَرّاً في أَعَقِّ زَمانِ
كَشَفتَ إِلَيَّ الغَيبَ يا اِبني وَلَم تَخب / وَلكِنَّ عَقلي دَلَّني فَهَداني
تُتَرجمُ عَن أَهلِ القُبورِ قُبورهُم / فَيفهَمُ مِن دونِ الكَلامِ مَعانِ
وَمَن خَذَلتَهُ عبرَةٌ عِندَ عبرَةٍ / فَذاكَ جَمادٌ عُدَّ في الحَيَوانِ
إذا اِعتَبَرَ المُستَبصِرونَ كَفاهُمُ / حَديثُ الصّبا وَالشَيبِ وَالحَدَثانِ
أَكافورُ شَيبٍ بَعدَ مِسكِ شَبيبَةٍ / وَسُمُّ مَنونٍ بَعدَ شَهدِ أَمانِ
وَقُبحُ شَتاتٍ بَعدَ حُسنِ تَأَلُّفٍ / وَوَحشَةُ قَبرٍ بَعدَ أُنسِ مَغانِ
فَيَأتي الهَوى حَتّى يَسُدَّ مَسامِعي / بُكاءُ حَمامٍ عَن غِناءِ قيانِ
نَسيتُ ذُنوبي أَو تَناسَيتُ بِالهَوى / وَأَحصى عَلَيَّ اللَهُ وَالمَلَكانِ
فَإِن حُرِمَ العاصي أَبوكَ شَفاعَةً / تَكونُ لَهُ عِزّاً هَوى لِهَوانِ
عَسى اللَهُ يُنجيهِ فَلَيسَ وَإِن عَصى / بِمُستَيئِسٍ مِن رَحمَةٍ وَجنانِ
لِيَهنكَ يا اِبني أَنَّ شُربَكَ بارِدٌ / وَشُربي إن لَم يَعفُ رَبّي آنِ
كَأَنّ حَماماتِ الأَراكِ تَرَنَّمَت / عَلى نَشَواتي وَالشُؤونُ دِناني
أَزورُكَ غِبّاً وَالمَسافَةُ بَينَنا / قَريبٌ وَلكِن لا سَبيلَ لِعانِ
بِوَجهي أَقيكَ التُربَ حَيثُ تُطيبُهُ / بِعرفِ ثَناءٍ وَهوَ مِنّي دانِ
حَلَلتَ غَريباً فيهِ وَالثكلُ حَولَهُ / يُرَوّي الحَصا مِن دَمعِ كُلِّ حصانِ
وَلا بَصَرٌ يَرعاكَ إِلّا بَصيرَتي / وَلا جُنَنٌ تَحويكَ غَير جِناني
بَلى كُلُّ قلبٍ أَنتَ فيهِ مُمثّل / وَإِن كُنتَ لا تَشفي الوَرى بِعَيانِ
فَمَعناكَ مَعنى لَيلَةِ القَدرِ إِنَّها / عَلى الناسِ تَخفى وَهيَ في رَمَضانِ
طَوى مِن شَبابي الدَهرُ ما أَنا ناشِرٌ / وَهَدَّمَ فيكَ المَوتُ ما أَنا بانِ
وَلَمّا دَهاني الدَهرُ وَاِبني وَأُمّه / بِحَربَينِ بِكرٍ مرَّةٍ وَعَوانِ
صَدَدتُ عَنِ البيضِ الرَعابيبِ سَلوَةٍ / وَأقسَمتُ جهداً لا مَلَكنَ عَناني
فَمِن أَينَ لي نَجلٌ أَقولُ إِذا زَكا / تَشابَهَ في مَعناهُما الأَخَوانِ
وَأَنتَ الَّذي تَزهى عَلى الشُهبِ قائِلاً / ذُكاء وَبَدرُ التمِّ لي أَبَوانِ
وَلَو متَّ قَبلَ البَينِ يا واحِد العُلا / رَجَوتُ لِفهرٍ أَن تَرى لَكَ ثاني
وَلكِنَّ من وَفَّيتُ خانَت وَقَلَّما / رَأَيتُ الهَوى وَالغَدرَ يَتَّفِقانِ
وَعِندَ الغَواني حَلَّ حلُّ عُقودُها / وَجازى جَزاءَ الوُدِّ بِالشَنآنِ
وَهَبها جَفَت مَن أحصنت بِلبانَة / قَضاها أَتَجفو مَن غَذَت بِلبانِ
أَرى المَرءَ أَدنى ما يَكونُ مِنَ التُقى / إِذا عَفَّ خلواً مِن غنى وَغَواني
عَرَفتُ فَرابَتني صَواحِبُ يوسُف / قَديماً وَلكِن زَلَّتِ القَدَمانِ
أَلا في جِوارِ اللَهِ مَن أَذكُرُ اِسمَهُ / فَتَصدع قَلبي شِدَّةُ الخَفَقانِ
رَقيتُ وَداوَيتُ السقامَ الَّذي شَكا / فَأَعيَت مَعاني البرء كُلَّ مَعانِ
وَكَفكَفتُ جهدي عبرَتي وَرعافَهُ / فَلَم أَستَطِع أَن يَرقَأ الدَمَيانِ
نَذَرتُ دَمَ الأَعداءِ لَمّا نَظَرتهُ / كَأَنَّ عَدُوّاً شَجَّهُ فَشَجاني
فَلَمّا بَدا لي أَنَّهُ قَدر الرَدى / تَداوَيتُ بِالذِكرى مِنَ الهَذَيانِ
وَلَم أَدرِ كَيفَ الصَبرُ حينَ تَقَلَّصَت / لَهُ شَفَتانِ طالَما شَفَتاني
تُرى علَّتيهِ غارَتا فَأَغارَتا / عَلى واحِدٍ لَو عاشَ لي لَكَفاني
حَبيبٌ كَأَنّي كُنتُ أضربُ بِالظُبى / إِذا بثَّ ما يَشكو مِنَ الضَرَبانِ
أَبَينَ اِحمِرارٍ وَاِصفِرارٍ وَزُرقَةٍ / تَقَسَّمَ خَدٌّ كانَ أحمَر قانِ
ثَلاثُ يَواقيتٍ عَلى صَحنِ فِضَّةٍ / نُظِمنَ وَفي خَدَّيَّ نَثرُ جُمانِ
وَكَيفَ حَواني مَنزِلي بَعدَ فَرقَد / عَلَيهِ الشُموس النَيِّرات حَواني
سَأَسفحُ ما أَسأَرتُ مِن بَحرِ أَدمُعي / وَحَسبي بُكاءُ العَينِ بِالهَمَلانِ
وَأَصفح عَن دَهري عَلى أَنَّ صَرفَهُ / رَزاني بِفَقدِ اِبنٍ وَغَدرِ رَزانِ
وَأَرجو مِن اِبني عَونَهُ بِشَفاعَةٍ / فَرُبَّ مُعانٍ لِلنَّجاةِ مُعانِ
أَتاني رَدى عَبد الغَنِيِّ فَهَدَّني / عَلى اِبنِ لَباةٍ خانَهُ اِبنُ أَتانِ
سَماني بِزُهدٍ وَالقَناعَة أنَّني / أَكولُ عِجافٍ لا أَكولُ سمانِ
جَفاني اِمرِؤٌ طافَت عَلَيهِ وَلائِدي / بِزهرِ أَباريقي وَغُرِّ جِفانِ
زَواني عَمى عَينَيَّ عَن آفَةِ الهَوى / لَعَلَّ عُيونَ الناظِرينَ زَواني
وَلَو تَنطِقُ الآدابُ قُلتُ حَقيقَةً / رَواني بِأَفكارٍ إِلَيَّ رَواني
وَلَو عِشتَ يا عَبدَ الغنيّ خَلفتَني / وَلكِن عَناني ما بَكَتهُ عَناني
لَحا اللَهُ دَهراً لا يَزالُ يَمينُ
لَحا اللَهُ دَهراً لا يَزالُ يَمينُ / وَيَنقُضُ عَهداً أَكَّدَتهُ يَمينُ
أَيَسلُبُ نَفس الحرّ وهي كَريمَة / وَيَقطَعُ كَفَّ المَجدِ وَهيَ يَمينُ