المجموع : 13
سَلوا بَعدَ تَسآلِ الوَرى عَنكُمُ عَنّي
سَلوا بَعدَ تَسآلِ الوَرى عَنكُمُ عَنّي / فَقَد شاهَدوا ما لَم يَرَوا مِنكُمُ مِنّي
رَأوني أُراعي مِنكُمُ العَهدَ لي بِكُم / وَأَحسَنَ ظَنّاً مِنكُمُ بي بِكُم ظَنّي
وَقَد كُنتُ جَمَّ الخَوفِ مِن جَورِ بُعدِكُم / فَقَد نِلتُ لَمّا نالَني جَورُكُم أَمني
خَطَبتُ بِغالي النَفسِ وَالمالِ وُدَّكُم / فَقَد عَزَّ حَتّى باتَ في القَلبِ وَالذِهنِ
وَلَمّا رَأَيتُ العِزَّ قَد عَزَّ عِندَكُم / وَلا صَبرَ لي بَينَ المَنِيَّةِ وَالمَنِّ
ثَنَيتُ عِناني مَع ثَنائي عَلَيكُمُ / فَأَصبَحتُ وَالثاني العِنانَ هُوَ المُثني
وَلَيسَ أَنيسي في الدُجى غَيرُ صارِمٍ / رَقيقِ شِفارِ الحَدِّ مُعتَدِلِ المَتنِ
كَأَنَّ دَبيبَ النَملِ في جونِ مَتنِهِ / وَلَم يَرَ قَومٌ نَجلَ مازِنَ في المُزنِ
وَطَرفٍ كَأَنَّ المَوجَ لاعَبَ صَدرَهُ / فَيُسرِعُ طَوراً في المِراحِ وَيَستَأني
أَميلُ بِهِ بِالسَهلِ مُرتَفِقاً بِهِ / فَيُحزِنُهُ إِلّا التَوَقُّلَ في الحَزنِ
وَما زالَ عِلمي يَقتَفيني إِلى العُلى / فَيَسبُقُ حَتّى جاهَدَ الأَكلَ بِالأُذنِ
وَزُرتُ مُلوكاً كُنتُ أَسمَعُ وَصفَهُم / فَيُنهِضُني شَوقي وَيُقعِدُني أَمني
فَلَمّا تَلاقَينا وَقَد بَرِحَ الجَفا / رَأَت مُقلَتي أَضعافَ ما سَمِعَت أُذني
خَطَبتُ بِوُدّي عِندَهُم لاهِباتِهِم / فَأَصبَحتُ بِالعِزِّ المُمَنَّعِ في حِصنِ
إِذا ما رَأَوني هَكَذا قيلَ هاكَ ذا / وَلَو شاهَدوني راغِباً رَغِبوا عَنّي
إِذا ما أَقَمتُ الوَزنَ في نَظمِ وَصفِهِم / تَجودُ يَداهُم بِالنُضارِ بِلا وَزنِ
تُعَيِّرُني الأَعداءُ بِالبَينِ عَنهُمُ / وَما كانَ حُكمُ الدَهرِ بِالبَينِ عَن إِذني
وَتَزعُمُ أَنَّ الشِعرَ أَحنى فَضائِلي / وَتُنكِرُ أَفعالي وَقَد عَلِمَت أَنّي
وَقَد شاهَدَت نَثري وَنَظمِيَ في الوَغى / لِهامِ العِدى وَالنَحرِ بِالضَربِ وَالطَعنِ
وَإِن كانَ لَفظي يَخرُقُ الحُجبَ وَقعُهُ / وَيَدخُلُ أُذنَ السامِعينَ بِلا إِذنِ
وَرُبَّ جَسيمٍ مِنهُمُ فَإِذا أَتى / بِنُطقٍ حَمَدتُ الصَمتَ مِن مَنطِقِ اللُكنِ
وَمُستَقبَحٍ حَتّى خَبَرتُ خِلالَهُ / فَأَيقَنَ قَلبي أَنَّهُ يوسُفُ الحُسنِ
فَإِن حَسَدوا فَضلي وَعابوا مَحاسِني / وَذَلِكَ لِلتَقصيرِ عَنها وَلِلضِغنِ
وَتِلكَ لَعَمري كَالنُجومِ زَواهِرٌ / تُقِرُّ بِها الحُسّادُ رَغماً عَلى غَبنِ
مَحاسِنُ لي مِن إِرثِ آلِ مَحاسِنٍ / وَهَل ثَمَرٌ إِلّا عَلى قَدَرِ الغُصنِ
أَظَلُ وَأُمسي راقِدَ الجارِ ساهِراً / سَوامِيَ في خَوفٍ وَجارِيَ في أَمنِ
كَأَنَّ كَرى عَينَيَّ سَيفُ اِبنِ حَمزَةٍ / إِذا اِستُلَّ يَوماً لا يَعودُ إِلى الجَفنِ
فَتىً لَم تَزَل أَقلامُهُ وَبَنانُهُ / إِذا نابَ جَدبٌ نائِباتٍ عَنِ المُزنِ
وَلَو خَطَّ صَرفُ الدَهرِ طِرساً لِقَصدِهِ / لَخَطَّ عَلى العُنوانِ مِن عَبدِهِ القِنِّ
فَتىً جَلَّ يَوماً أَن يُعِدَّ بِظالِمٍ / لِغَيرِ العِدى وَالمالِ وَالخَيلِ وَالبُدنِ
وَلا عُدَّ يَوماً في الأَنامِ بِغاصِبٍ / سِوى بَأسِ عَمروٍ وَالسَماحَةِ مِن مَعنِ
وَلا قيلَ يَوماً أَنَّهُ غَيرُ عالِمٍ / بِغَيرِ عُيوبِ الجارِ وَاللَومِ وَالجُبنِ
أَعادَ الأَعادي في الحُروبِ تَجارِباً / جِبالاً غَدَت مِن عاصِفِ المَوتِ كَالعِهنِ
فَإِن فَلَّتِ الأَيّامُ في الحَربِ حَدَّهُ / فَما زالَتِ الأَيّامُ في أَهلِها تَجني
وَإِن أَكسَبَتني بِالخُطوبِ تَجارِباً / فَقَد وَهَبَت أَضعافَ ما أَخَذَت مِنّي
أَيا رَبُّ قَد عَوَّدتَني مِنكَ نِعمَةً
أَيا رَبُّ قَد عَوَّدتَني مِنكَ نِعمَةً / أَجودُ بِها لِلوافِدينَ بِلا مَنِّ
فَأُقسِمُ ما دامَت عَطاياكَ جَمَّةً / وَنُعماكَ لا خَيَّبتُ ذا الظَنِّ بِالمَنِّ
إِذا بَخِلَت كَفّي بِنِعمَةِ مُنعِمٍ / فَقَد ساءَ في تِكرارِ أَنعُمِهِ ظَنّي
قَدَمتَ وَقَد لاحَ الهِلالُ مُبَشَّراً
قَدَمتَ وَقَد لاحَ الهِلالُ مُبَشَّراً / بِعَودِكَ إِنَّ السَعدَ فيهِ قَرينُه
وَيُخبِرُ أَنَّ النَصرَ فيهِ مُقَدَّرٌ / أَلَم تَرَهُ قَد لاحَ في الغَربِ نونُهُ
سَلامٌ عَلَيكُم مِن مُحِبٍّ مُتَيَّمٍ
سَلامٌ عَلَيكُم مِن مُحِبٍّ مُتَيَّمٍ / مَشوقٍ إِذا جَنَّ الظَلامُ لَهُ حُنّا
سَلامٌ عَلَيكُم مِن شَجٍ كُلَّما هَدَت / مِنَ اللَيلِ آناءُ الظَلامِ لَهُ أَنّا
سَلامٌ عَلَيكُم مِن غَرِيٍّ بِذِكرِكُم / إِذا هَبَّ خَفّاقُ النَسيمِ لَهُ حَنّا
سَلامٌ عَلَيكُم لا فُجِعنا بِقُربِكُم / وَلا قَدَّرَ الرَحمَنُ بُعدَكُمُ عَنّا
سَلامٌ عَلَيكُم ما حَيينا وَإِن نَمُت / عَلَيكُم سَلامُ اللَهِ مِن بَعدِنا مِنّا
بَكَيتُ دَماً لَو كانَ سَكبُ الدِما يُغني
بَكَيتُ دَماً لَو كانَ سَكبُ الدِما يُغني / وَضاعَفتُ حُزني لَو شَفى كَمَداً حُزني
وَأَعرَضتُ عَن طيبِ الهَناءِ لِأَنَّني / نَقِمتُ الرِضى حَتّى عَلى ضاحِكِ المُزنِ
أَرى العَيشَ في الدُنيا كَأَحلامِ نائِمٍ / فَلَذّاتُها تَفنى وَأَحداثُها تُفني
فَمِن حادِثٍ جَمٍّ صَفَقتُ لَهُ يَدي / وَمِن فادِحٍ صَعبٍ قَرَعتُ لَهُ سِنّي
أَفي السِتِّ وَالعِشرِينَ أَفقُدُ سِتَّةً / جِبالاً غَدَت مِن عاصِفِ المَوتِ كَالعِهنِ
فَقَدتُ اِبنَ عَمّي وَاِبنِ عَمّي وَصاحِبي / وَأَكبَرَ غِلماني بِها وَأَخي وَاِبني
مَتى تُخلِفُ الأَيّامُ كَاِبنِ مُحَمَّدٍ / وَنَجلِ سَرايا بَعدَهُ وَفَتى الرُكنِ
رِجالاً لَوَ اَنَّ الشامِخاتِ تَساقَطَت / عَلَيهِم لَكانَ القَلبُ مِن ذاكَ في أَمنِ
فُجِعتُ بِنَدبٍ كانَ يَملَأُ ناظِري / فَأَصبَحَ ناعي نَدبِهِ مالِئاً أُذني
عَفيفُ نَواحي الصَدرِ مِن طَيِّ ريبَةٍ / سَليمُ ضَميرِ القَلبِ مِن دَنَسِ الضَغنِ
قَريبٌ إِلى المَعروفِ وَالخَيرِ وَالتُقى / بَعيدٌ عَنِ الفَحشاءِ وَالإِفكِ وَالأَفنِ
جَبانٌ عَنِ الفَحشا شَحيحٌ بِعِرضِهِ / إِذا عَيبَ بَعضُ الناسِ بِالشُحِّ وَالجُبنِ
وَمَن أَتعَبَ اللُوّامَ في بَذلِ بِرِّهِ / فَلائِمُهُ يَثني وَآمِلُهُ يُثني
مَضى طاهِرَ الأَثوابِ وَالنَفسِ وَالخُطى / عَفيفَ مَناطِ الذَيلِ وَالجَيبِ وَالرَدنِ
وَلَم يَبقَ مِن تَذكارِهِ غَيرُ زَفرَةٍ / تُفَرِّقُ بَينَ النَومِ في اللَيلِ وَالجَفنِ
وَلَو سَلَبَتهُ الحَربُ مِنّي لَشاهَدَت / كَما شاهَدَت في ثارِ أَخوالِهِ مِنّي
وَأَبكَيتُ أَجفانَ الصَوارِمِ وَالقَنا / نَجيعاً غَداةَ الكَرِّ في الضَربِ وَالطَعنِ
فَيا اِبنَ أَبي وَالأُمِّ قَد كُنتَ لي أَباً / حُنوّاً وَلَكِن في الإِطاعَةِ لي كَاِبني
لِيَهنِكَ إِنَّ الدَمعَ بَعدَكَ مُطلَقٌ / لَفَرطِ الأَسى وَالقَلبَ بِالهَمِّ في سِجنِ
جَعَلتُ جِبالَ الصَبرِ بِالحُزنِ صَفصَفاً / وَصَيَّرتُ أَطوادَ التَجَلُّدِ كَالعِهنِ
وَحاوَلتُ نَظمَ الشِعرِ فيكَ مَراثِياً / فَأُرتِجَ هَتّى كِدتُ أُخطىءُ في الوَزنِ
بَنَيتُ عَلى أَن أَتَّقِ بِكَ شِدَّتي / وَلَم أَدرِ أَنَّ الدَهرَ يَنقَضُ ما أَبني
وَبُلَّغتُ ما أَمَّلتُ فيكَ سِوى البَقا / وَما رُمتُهُ إِلّا الوُقوفَ عَلى الدَفنِ
سَبَقتَ إِلى الزُلفى وَما مِن مَزيَّةٍ / مِنَ المَجدِ حَتّى كِدتَ عَنهِ لَنا تُغني
خَلَفتَ أَباكَ النَدبَ في كُلِّ خِلَّةٍ / مِنَ المَجدِ حَتّى كِدتَ عَنهُ لَنا تُغني
سَرايا خِصالٍ مِن سَرايا وَرِثتَها / عَلى أَنَّ هَذا الوَردَ مِن ذَلِكَ الغُصنِ
جَزاكَ الَّذي يَمَّمتَ سَعياً لِبَيتِهِ / وَلَبَّيتَ فيهِ مُحرِماً جَنَّتَي عَدنِ
وَوَفّاكَ مَن لَم تَنسَ في الدَهرِ ذِكرَه / شَفاعَتَهُ وَالناسُ في الحَشرِ كَاللُكنِ
فَقَد كُنتَ تُحيي اللَيلَ بِالذِكرِ ضارِعاً / إِلى اللَهِ حَتّى صِرتَ بِالنُسكِ كَالشَنِّ
فَيُؤنِسُني تَرتيبُ نَفلِكَ في الضُحى / وَيُطرِبُني تَرتيلُ وِردِكَ في الوَهنِ
أَمِنتُ صُروفَ الدَهرِ بَعدَكَ وَالأَذى / فَمَن ذا رَأى مِن صارَ بِالخوفِ في أَمنٍ
سَأَبكيكَ بِالعِزِّ الَّذي كُنتَ مُلبِسي / لَديكَ وَثِقلٍ كُنتَ تَحمِلُهُ عَنّي
وَأَعلَمُ أَنَّ الحُزنَ وَالمَوتَ واحِدٌ / عَلَيَّ فَذا يُضني القُلوبَ وَذا يُفني
فَإِن كانَ عُمرُ البَينِ قَد طالَ بَينَنا / كَما طالَ في آناءِ مُدَّتِهِ حُزني
فَحُبُّكَ في قَلبي وَذِكرُكَ في فَمي / وَشَخصُكَ في عَيني وَلَفظُكَ في أُذني
فَضَحتِ بِدَورَ التَمِّ إِذ فُقتِها حُسنا
فَضَحتِ بِدَورَ التَمِّ إِذ فُقتِها حُسنا / وَأَخجَلتِها إِذ كُنتِ مِن نورِها أَسنى
وَلَمّا رَجَونا مِن مَحاسِنِكِ الحُسنى / بَعَثتِ لَنا مِن سِحرِ مُقلَتِكِ الوَسنى
سُهاداً يَذودُ النَومَ أَن يَألَفَ الجَفنا /
وَخِلتُ بِأَنّي عَن مَغانيكِ راحِلٌ / وَرَبعَ ضَميري مِن وِدادِكِ ماحِلٌ
فَأَسهَرَ طَرفي ناظِرٌ مِنكِ كاحِلٌ / وَأَبصَرَ جِسمي أَنَّ خَصرَكِ ناحِلٌ
فَحاكاهُ لَكِن زادَني دِقَّةَ المَعنى /
حَوَيتِ جَمالاً قَد خُلِقتِ بِرَسمِهِ / فَخِلناكِ بَدرَ التَمِّ إِذ كُنتِ كَاِسمِهِ
فَمُذ صارَ مِنكِ الحُسنُ قِسماً كَقِسمِهِ / حَكَيتِ أَخاكِ البَدرَ في حالِ تِمِّهِ
سَناً وَسَناءً إِذ تَشابَهتُما سِنّا /
سَجَنتِ فُؤادي حينَ حَرَّمتِ زَورَتي / وَأَطلَقتِ دَمعي لَو طَفا حَرَّ زَفرَتي
فَقُلتُ وَقَد أَبدى الغَرامُ سَريرَتي / أَهَيفاءُ إِن أَطلَقتِ بِالبُعدِ عَبرَتي
فَإِنَّ لِقَلبي مِن تَباريحِهِ سِجنا /
حُرِمتُ الرِضى إِن لَم أَزُركِ عَلى النَوى / وَأَحمِلَ أَثقالَ الصَبابَةِ وَالجَوى
فَلَيسَ لِداءِ القَلبِ غَيرُكِ مِن دَوا / فَإِن تُحجَبي بِالبيضِ وَالسُمرِ فَالهَوى
يُهَوَّنُ عِندَ العاشِقِ الضَربِ وَالطَعنا /
سَأَثني حُدودَ المَشرَفيَّةِ وَالقَنا / وَأَسعى إِلى مَغناكِ إِن شَطَّ أَو دَنا
وَأَلقى المَنايا كَي أَنالَ بِها المُنى / وَما الشَوقُ إِلّا أَن أَزورَكِ مُعلِنا
وَلَو مَنَعَت أُسدُ الشَرى ذَلِكَ المَغنى /
عَدِمتَ اِصطِباري بَعدَ بُعدِ أَحِبَّتي / فَماذا عَليهِم لَو رَعوا حَقَّ صُحبَتي
فَبِتُّ وَما أَفنى الغَرامُ مَحَبَّتي / أَأَحبابَنا قَضَيتُ فيكُم شَبيبَتي
وَلَم تُسعِفوا يَوماً بِإِحسانِكُم حُسنى /
أَعيدوا لَنا طيبَ الوِصالِ الَّذي مَضى / فَقَد ضاقَ بي مِن بَعدِ بُعدِكُمُ الفَضا
وَلا تَهجُروا فَالعُمرُ قَد فاتَ وَاِنقَضى / وَما نِلتُ مِن مَأمولِ وَصلِكُمُ رِضى
وَلا ذُقتُ مِن رَوعاتِ هَجرِكُمُ أَمنا /
حَفِظتُ لَكُم عَهدي عَلى القُربِ وَالنَوى / وَما ضَلَّ قَلبي في هَواكُم وَما غَوى
فَكَيفَ نَقَضتُم عَهدَ مَن شَفَّهُ الجَوى / وَكُنّا عَقَدنا لا نَحولُ عَنِ الهَوى
فَقَد وَحَياةِ الحُبِّ حُلتُم وَما حُلنا /
فَلَستُ بِسالٍ جُرتُمُ أَو عَدَلتُمُ / وَلا حُلتُ إِن قاطَعتُمُ أَو وَصَلتُمُ
وَلَكِنَّني راضٍ بِما قَد فَعَلتُمُ / فَشُكراً لِما أَولَيتُمُ إِذ جَعَلتُمُ
بِدايَتَكُم بِالبُعدِ مِنكُم وَلا مِنّا /
تَصَدَّق فَإِنّا ذا النَهارَ بِخَلوَةٍ
تَصَدَّق فَإِنّا ذا النَهارَ بِخَلوَةٍ / إِذا زُرتَها تَمَّت لَدَيَّ المَحاسِنُ
أَوانٍ وَساقٍ غَيرُ وانٍ وَمُطرِبٌ / وَراحٌ لَها طيبُ السُرورِ مُقارِنُ
فَإِن زُرتَ مَغنانا تَكُن أَنتَ أَوَّلاً / وَعَبدُكَ ثانيها وَشادٍ وَشادِنُ
وَخامِسُها الراووقُ وَالكَأسُ سادِسٌ / وَسابِعُها الإِبريقُ وَالعودُ ثامِنُ
عَهَدتُكَ بي دَهراً ضَنيناً عَلى العِدى
عَهَدتُكَ بي دَهراً ضَنيناً عَلى العِدى / إِذا رَمَتِ الأَعداءُ عِرضِيَ بِالظَنِّ
وَكانَ يَراني حُسنُ رَأيِكَ بِالَّتي / يُفَتِّتُ أَكبادَ العُداةِ مِنَ الغُبنِ
فَإِن حالَ ذاكَ الرَأيُ فِيَّ فَطالَماٍ / أَحَلتَ صُروفَ الدَهرِ مُجتَهِداً عَنّي
وَإِن قَسَتِ الأَخلاقُ مِنكَ فَطالَما / أَلَنتَ لِيَ الأَيّامَ حَتّى اِختَشَت مِنّي
وَأَطيَبُ أَوقاتي مِنَ الدَهرِ خَلوَةٌ
وَأَطيَبُ أَوقاتي مِنَ الدَهرِ خَلوَةٌ / يَقَرَّ بِها قَلبي وَيَصفوا بِها ذِهني
وَتَأخُذُني مِن سَورَةِ الفِكرِ نَشوَةٌ / فَأَخرُجُ مِن فَنٍّ وَأَدخُلُ في فَنِّ
وَيَفهَمُ ما قَد قالَ عَقلي تَصَوُّري / فَنَقلي إِذا عَنّي وَسَمعي بِها مِنّي
وَأَسمَعُ مِن نَجوى الدَفاتِرِ طُرفَةٌ / أُزيلُ بِها هَمّي وَأَجلو بِها حُزني
يُنادِمُني قَومٌ لَدَيَّ حَديثُهُم / فَما غابَ مِنهُمُ غَيرُ شَخصِهِم عَنّي
بِقَدرِ لُغاتِ المَرءِ يَكثُرُ نَفعُهُ
بِقَدرِ لُغاتِ المَرءِ يَكثُرُ نَفعُهُ / فَتِلكَ لَهُ عِندَ المُلِمّاتِ أَعوانُ
تَهافَت عَلى حِفظِ اللُغاتِ مُجاهِداً / فَكُلُّ لِسانٍ في الحَقيقَةِ إِنسانُ
نَعَم لِقُلوبِ العاشِقينَ عُيونُ
نَعَم لِقُلوبِ العاشِقينَ عُيونُ / يَبينُ لَها ما لا يَكادُ يَبينُ
نَظَرنا بِها ما كانَ قَبلُ مِنَ الهَوى / فَدَلَّ عَلى ما بَعدَها سَيَكونُ
نَهانا النُهى عَنها فَلَجَّت قُلوبُنا / فَقُلنا اِقدُمي إِنَّ الجُنونَ فُنونُ
نَغُضُّ وَنَعفو لِلغَرامِ إِذا جَنى / وَيَقسو عَلَينا حُكمُهُ فَنَلينُ
نَرُدُّ حُدودَ المُرهَفاتِ كَلَيلَةً / وَتَفتُكُ فينا أَعيُنٌ وَجُفونُ
نُهَوِّنُ في سُبلِ الغَرامِ نُفوسَنا / وَما عادَةً قَبلَ الغَرامِ تَهونُ
نُطيعُ رِماحاً فَوقَهُنَّ أَهِلَّةً / وَكُثبانَ رَملٍ فَوقَهُنَّ غُصونُ
نَواعِمُ شَنَّت في المُحِبّينَ غارَةً / بِها اللُدنُ قَدٌّ وَالسِهامُ عُيونُ
نِبالٌ وَلَكِنَّ القِسِيَّ حَواجِبٌ / نِصالٌ وَلَكِنَّ الجُفونَ جُفونُ
نَهَبنَ قُلوبَ العاشِقينَ وَغادَرَت / بِجِسمي ضَنىً لِلقَلبِ مِنهُ شُجونُ
نُحولٌ وَصَبرٌ قاطِنٌ وَمُقَوَّضٌ / وَدَمعٌ وَقَلبٌ مُطلَقٌ وَرَهينُ
نُسَهِّلُ أَحوالَ الغَرامِ تَجَلُّداً / وَإِنَّ سُهولَ العاشِقينَ حُزونُ
نُتابِعُهُ طَوراً وَلا عُروَةُ الهَوى / بِوُثقى وَلا حَبلُ الزَمانِ مَتينُ
نَظُنُّ جَميلاً في الزَمانِ وَإِنَّهُ / زَمانٌ لِتَصديعِ القُلوبِ ضَمينُ
نَرومُ وُعودَ الجودِ مِنهُ وَقَد غَدَت / لَدى المَلِكِ المَنصورِ وَهيَ دُيونُ
نَبِيٌّ سَماحٍ قَد تُحُقَّقَ بَعثُهُ / لَهُ الرَأيُ وَحيٌ وَالسَماحَةُ دينُ
نَجَت فِئَةٌ لا ذَت بِهِ فَتَيَقَّنَت / بِأَنَّ طَريقَ الحَقِّ فيهِ مُبينُ
نَخِيٌّ لَهُ العَزمُ الشَديدُ مُصاحِبٌ / سَخِيٌّ لَهُ الرَأيُ السَديدُ قَرينُ
نَجيبٌ لَوَ اَنَّ البَحرَ أَشبَهَ جودَهُ / لَما سَلِمَت مِن جانِبَيهِ سَفينُ
نَفَت عَنهُ ما ظَنَّ العُداةُ عَزائِمٌ / هِيَ الجَيشُ وَالجَيشُ الخَميسُ كَمينُ
نَمَتهُ إِلى القَومِ الَّذينَ رِماحُهُم / قَضَت في الوَغى أَن لا يَضيقَ طَعينُ
نُجومٌ لَها فَوقَ السُروجِ مَطالِعٌ / لُيوثٌ لَها تَحتَ الرِماحِ عَرينُ
نُفوسُهُمُ يَومَ الجِدالِ جَداوِلٌ / وَآراؤُهُم يَومَ الجِدالِ حُصونُ
نَجَعنا إِلَيهِ مِن بِلادٍ بَعيدَةٍ / وَكُلٌّ لَهُ حُسنُ الرَجاءِ ضَمينُ
نَهَضنا لِنَستَسقي السَحابَ فَجادَنا / سَحابُ نَدى كَفَّيهِ وَهيَ هَتونُ
نُوافيكَ يا مَن قَد غَدَت حَرَكاتُهُ / عَلى المُلكِ مِنها هَيبَةٌ وَسُكونُ
نُجازى بِما نَأتي إِلَيكَ هَديَّةً / فَنَحمِلُ دُرَّ المَدحِ وَهوَ ثَمينُ
نَعِمتَ وَلا زالَت رُبوعُكَ جَنَّةً / فَمَغناكَ حِصنٌ لِلعُفاةِ حَصينُ
نَهَبتَ الثَنا وَالجودَ وَالمَجدَ وَالعُلى / وَنِلتَ الأَماني وَالزَمانُ سُكونُ
ومذ حلفتموني أنني لا أذوقها
ومذ حلفتموني أنني لا أذوقها / ولم يك مثلي في اليمين يمين
حلفت فأرسلت الدموع فخضبت / شمال بقاني أدمعي ويمين
وقلت خذوا مني يمينا غليظة / فليس لمخضوب البنان يمين
رعى الله قوما أوحشونا بقربهم
رعى الله قوما أوحشونا بقربهم / فقربهم منا كبعدهم عنا
أقاموا على الإعراض مع قرب دارهم / فكان أشد البين قربهم منا