المجموع : 36
ألا من لمسلوب الفؤاد رهينه
ألا من لمسلوب الفؤاد رهينه / معنى بمحجوب الوداد ضنينه
أخو شجنٍ يرعى النجوم كأنما / تعلق أعلى هدبه بجبينه
تجلده شكّ إذ لام لائمٌ / ولكن فرط الوجد عقد يقينه
وفي قلبه داءٌ دفين من الأسى / فلا غروَ أن يبكي لأجل دفينه
وظبي له في أسرة الترك نسبة / وفي الهند معنى من مضاء جفونه
من الطالبي كتم الغرام صبابة / وأحسن بمكتوم الغرام مصونه
كتمت الهوى في عشقه متفلسفاً / فأصبح عشقي قائلاً بكمونه
وعاينت في خدَّيه خطّ عذاره / فأقسمت في صحف الجمال بنونه
يحن لي قلبي فلله من رأى / حمًى يتبع الغادين رجع حنينه
هو الحبُّ يحلو فيه للمرء دمعه / ويطربه في الليل صوت أنينه
برغميَ طرف غاب عنه عزيزه / فعوضه ماء البكا بمهينه
روى عن معين الدمع طرفيَ فاسمعوا / حديث جوى قلبي عن ابن معينه
وإني جلدٌ في ممارسة الهوى / مدلٌّ بمهديِّ الولاء أمينه
يقوم بنصري في الصبابة عون من / أقام ابن أيوبٍ عماداً لدينه
مليكٌ تولَّى الفضل بعد ضياعه / وهذَّب هذا الدهر بعد خبونه
ومدَّ يميناً يعذر البحر والحيا / إذا حلفا يوم الندى بيمينه
أخو صدقاتٍ تقدر المدح قدره / فما يشتري في المدح غير ثمينه
إذا جلب الناس الثناء لبابه / فما جلبوا إلاَّ لباب زبونه
وما ذاك شحًّا بالثناء وإنَّما / سجية فياض الغمام هتونه
شجٍ بالعلى والعلم والبأس والندى / فلله ما أحلى حديث شجونه
له منزل تهوي المقاصد نحوه / هويَّ حمام الأيك نحو وكونه
تدفق طوفان الندى بجنابه / فأمست مطايا الوفد مثل سفينه
إذا طلب الملك المؤيد معسرٌ / رأى بشره في وجهه كضمينه
عجبت لبشر ضامن الوجه إذا غدا / يطالبه عافي الندى بديونه
وأروع يهتزّ الزمان لأمره / وما الطود أرسى جانباً من سكونه
إذا حاول الفعل الجليل وجدته / بلا قده في المعضلات وسينه
عزيمة من لا يصعب الجد في العلى / عليه كأنَّ الجد بعض مجونه
كثير السرى ما بين مشتجر القنا / فيالك ليثاً سائراً في عرينه
يلاقي العدى يوم الوغى متبسِّماً / كأنَّك قد لاقيته بخدينه
وتلهيه في الهيجاء رنَّة قوسهِ / إذا وترٌ ألهى امرأً برنينه
ولو شاء أغناه عن الجيش ذكره / ورُبَّ حسامٍ هازم بطنينه
أيا مالكاً أغنى عن الغيث جوده / وأغنته حومات الوغى عن حصونه
بك ارتدَّ مشكوّ الزمان عن الأذى / وأطلق أبناء المنى من سجونه
وقد كان ذا همزٍ يحاذر فانتهى / إلى مدِّه بعد الإباء ولينه
وكم لك عندي من ندًى يفضل الثنا / ويحلف أن الشعر غير قرينه
إذا قلت قد قابلته بقصيدةٍ / بدا غيره مستظهراً بكمينه
فدونك مدحاً من قريحة مادحٍ / يقابل أبكار الصِّلاة بعونه
رأى أنَّك البحر الذي طاب ورده / فجاءك من نظم القريض بنونه
إذا ظفرت يوماً بقربكُم المنا
إذا ظفرت يوماً بقربكُم المنا / فلست أبالي من تباعد أو دنا
ولعت بعشقي فيكُم فتأكدت / معانيه فاستولى فأصبح ديدنا
ولما جنى طرفي رياض جمالكم / جعلتم سهادي في عقوبة من جنى
أجيراننا إن عفتم السفح منزلا / وأخليتموا من جانب الجزع موطنا
فقد حزتم دمعي عقيقاً ومهجتي / غضاً وسكنتم من ضلوعيَ منحنى
وأرسلتُم طيف الخيال لمقلةٍ / إذا ما أتاها استصحب السهد ضيفنا
وكم فيكُم يوم الوداع لشقوتي / هلالٌ سما غصنٌ زها رشأٌ رنا
إذا شمت تحت الحاجبين جفونه / أرى السحر منها قاب قوسين أو دنا
أما والذي لو شاء قصَّر بينكم / فلم يتعب الطيف المردَّد بيننا
لقد خلقت للعشق فيكم جوانحي / كما خلق الملك المؤيد للثنا
مليكٌ له في العلم والجود همةٌ / ترى المال في الإقتار والعيش في العنا
بنى رتباً قد أعرب المدح ذكرها / فيا عجباً من معرَبٍ كيف يبتنى
وأولى الندى حتى اقتنى الحمد مخلصاً / فأكرم بما أولى وأعظم بما اقتنى
وجلى ثغور الأرض من قلح العدى / ولم لا وقد جرَّ الأراك من القنا
يكاد يعد النبل في حومة الوغى / أقاحاً وأطراف الأسنة سوسنا
أخو فعلاتٍ تصرف الروع بائناً / إلى كلماتٍ تنفث السحر بيننا
لئن أجريت ذكرى المعادن إنني / أرى أرضه للعلم والجود معدنا
خليليَّ هذا من حماةٍ محله / فعوجا على الأرض التي تنبت الهنا
فلا جلّقٌ بالسهم تمنع قاصداً / ولا حلب الشهباء تلبس جوشنا
غنيت بجدواه فأطربني السرى / ولا عجبٌ أن يطرب المرء بالغنا
ولا عيب فيه غير أني قصدته / فأنستنيَ الأيام أهلاً وموطنا
تعلمت أنواع الكلام برفده / فأصبحت أعلا الناس شعراً وأحسنا
إذا قيل من ربّ المكارم في الورى / أقلْ هو أو ربّ القريض أقلْ أنا
بكيت وما يجدي البكاء على العاني
بكيت وما يجدي البكاء على العاني / وتثبت كفِّي للأحبَّة أشجاني
كأنَّ زماني خاف لحناً فلم يكن / ليجمع بين الساكنين لأوطاني
وقالوا عفت حسبان ممن تحبه / كأن لم تكن شمس الكمال بحسبان
فقلت لجفنيَّ البعيد كراهما / قفا نبكٍ من ذكرى ديارٍ وجيران
أأحبابنا أعدَا تغير عهدكم / دموعي فأمست مثلكم ذات ألوان
وقد كان يكفي أولٌ من صدودكم / فما للنوى ينشي صدودكمُ الثاني
وممَّا شجاني أن جفنيَ ساهرٌ / على كلّ فتَّان اللواحظ وسنان
تعشقته لا قول فيه لعاذلٍ / لديَّ ولا في حسنه الفرد قولان
إذا جالَ فكرِي في لماه وخده / تنزهت ما بين العذيب ونعمان
ولو نظرت عيني لغير جماله / لكان إذاً إنسانها غير إنسان
شغلت بذكراه ومدح محمدٍ / فيا لك من حسن لديَّ وإحسان
لعمري لقد حلَّ الكمال بغايةٍ / من الفضل ترمي الفاضلين بنقصان
إمام أقامته الفضائل واحداً / فلم يختلف في فضله الباهر اثنان
تأخَّر عن عصرِ الكرام وفاقهم / فكانَ وكانوا مثل بسمٍ وعنوان
وجهَّز جيش العسر من طالبي الندى / فلابن عليٍّ في الورى وصفُ عثمان
إلى جبلٍ من حلمه يقرع الثنا / إذا غاص من جدواه في فيض طوفان
فتى العلم والنعماء يرجى ويفتدى / وفي بابه للجود والعلم بحران
فوائدهُ للوفدِ مثل سحابةٍ / وأنعمه كالتابعين بإحسان
وفي كفِّه الغصن الذي كلما جرى / على صفحاتِ الطرس جاء ببستان
يراعٌ له في كلِّ معضلةٍ سطاً / تعلمها في الغاب من أسد خفَّان
وأروع أخبى للأئمة منصباً / يرقّ ويزهى حين يبكي الجديدان
فللشافعيِّ السائر الذكر بهجة / فتى حنبلٍ فيها ومالكُ سيان
وقد أشرقت خدَّا ابن ثابت فرحة / فهنَّ بلا شكٍّ شقائق نعمان
سحبت ذيول الفضل واللفظ للورى / فكنت على الحالين أشرف سحبان
وأتعبت نفساً للمعالي كريمةً / وليس العلى والمجد إلاَّ لتعبان
إليكَ رعاكَ الله مدحة واصلٍ / يحاشيكَ أن تلقى المديح بهجران
منظمةً من كلِّ بيتٍ كأنَّه / لإفراط ما ضمَّ الولا بيت سلمان
حلا بك في شعبان مرّ حديثها / وقالَ الورى هذي حلاوة شعبان
سرى والدجى كالصدر بالهمِّ ملآن
سرى والدجى كالصدر بالهمِّ ملآن / خيالٌ بقلبي منه كالشهب أشجان
فنفَّر عن طرفي الكرَى وأعادَ لي / رسيس غرام وانْقضى وهو غضبان
على حين لم ينضب من النجم قطرة / ولا فاض للظلماءِ للفجرِ طوفان
ولا شفق الأصباح ماء وقهوة / ولا الطير في دوح على العود مرنان
يخيل لي طرفُ المليحة حسنها / لو أن الكرى فيه على الحسنِ إحسان
بروحي من شطَّت فحجبت النوى / شقائق خدَّيها وأقفر نعمان
كأن لم يكن نعمان للغيد منبتاً / فيا حبَّذا قضبٌ لديهِ وكثبان
ويا حبَّذا قضبٌ من البانِ حملها / لذي الثغر تفَّاح وذي الضمّ رمَّان
وكم قيل في البستان غصنٌ وهذه / معاطفها تجلى وفي الغصنِ بستان
وغيداء أمَّا ردفها فهوَ مشبع / رويّ وأما خصرها فهو عريان
وما كنتُ أدري قبل فتك جفونِها / بأن السيوف المشرفية أجفان
ومن عجب محض الأعاريب جاده / تجوع على غِلاَّتهِ وهو شبعان
وأعجب من ذا أنَّ في فمِها الطلا / وإنِّي إلى تلكَ المليحة نشوان
ليَ الله قلباً لا يزال تهيجه / إلى الحبِّ أوطارٌ قدُمنَ وأوطان
أجيراننا بالشعبِ سُقياً لعهدكم / وإن كانَ عهداً حظّنا منه أشجان
ولا زالَ عقد المزْن درًّا بداركم / يفصله من قادح الشوق مرجان
تذكِّرني الأشواق فيكم غزالةً / تفرّ حياً منها إلى البيدِ غزلان
فتاة رأى اللاَّحي عليها مدامعِي / فقال رياضٌ قلت إنَّ وغدران
فبعتُ لها روحِي أتمّ تبايعٍ / فيا حبَّذا لم ذا تفرّق أبدان
ولم أنس مسرى شمسها وهي طلعة / يحفُّ بها شهب الوغى وهو خرصان
إذا هبَّ تلقاء الهوادِج سحرةً / هواءٌ حثا في وجهه الترب غبران
يذبّ كما ذبّ ابن يحيى عن العلى / فلا الأنس دان من حماها ولا الجان
أعمّ الورى جوداً وأبرع منطقاً / فقل في سحاب الجود تزجيه سحبان
ففي صدره الدهناء حلماً إذا اجْتنى / وكفاهُ سيحانٌ علينا وجيجان
يجود وقد أرسَى الوقار بعطفهِ / كما دفع السيل العرمرم ثهلان
ويقضِي على أموالِه فيمينه / على منبع السلسال أوْطف هتَّان
إذا جاءَ بالوجناء كالبيت حاتم / فمن جود مولانا قلاعٌ وبلدان
ومن جودِ مولانا علاً ومناصبٌ / وعلمٌ لنظَّام الثناء وتبيان
ولا عيبَ في نعمائهِ غير أنَّها / لأعناق أحرار البريّة أثمان
ولا عيبَ أيضاً في بديعِ كلامهِ / سوى أنَّه بالحسِ للناسِ فتَّان
خطاب كذوْب الشهد في فمِ ذائقٍ / ولكنه في مهجة الضدّ خطبانُ
رقيق فما الصهبا لديه ذكية / وجزل فما الرمح المدرَّب ملسان
مضى وبدا عبد الرَّحيم وأحمد / فلله آثارٌ كرُمنَ وأعيان
ولله من لفظِ ابن يحيى وفضله / علينا مدَى الأيَّام روحٌ وريحان
وزيرٌ له الحسنى صفاتٌ وكاتبٌ / عليهِ لأوضاع السيادة عنوان
محيط الندَى بالعالمين كأنَّما / لهُ الأرض دارٌ والبرية ضيفان
وكافل أمر الملك حتَّى كأنما / هو الروح والملك المحرّك جثمان
وبالغها في مرتقى المجد رتبةً / تلظّى ولم يظفر بها قبل كيوان
له قلمٌ يجدي ويردي به العِدى / فلله طعَّام اليراعة طعَّانُ
تعلّم سطو الأسد في كرمِ الحيا / زمان سقته السحب والدار حفان
إذا قالَ صاغ الدّر لفظاً وأنعما / كما شهدت أجياد قوم وأذهان
فأسطره نحو الدَّراري سلالمٌ / وإلاَّ فنحو الدّر في البحر أشطان
ويا رُبّ جيش نقعه ونضالهُ / دخان تراعيه الوحوش ونيران
تظلّ به العقبان آلفة القنا / كأنهما وُرْقُ الحمائم والبان
كأنَّ الثرى خدّ من الدمّ مشرق / إذا ما التقى الصفان والخيل خيلان
تلقفت ذاك النضو جمع سلاحه / كما في اليدِ البيضاء للقف ثعبان
يصرّفه البحر الذي البحر كفه / وأنمله أنهار رزقٍ وخلجان
من القوم حلوا كل آفاق دولة / فهم في سماء العزّ والرأي شهبان
ألم ترهم كالشهب لما علوا حموا / ولما حموا أضاؤوا ولما أضوا رانوا
لعدلهمُ صلح الضراغم والظبا / وبين الندى والوفر عبسٌ وذبيان
يرجّح ما بين الكواكب فضلهم / ومن أجل هذا للكواكب ميزان
جمعتم بين الفاروق ما افترق العلى / ونظمتمو أحوالها وهي شدّان
لعمري لقد طبتم وطابت محاتدٌ / وطابت لكم يا زبدة الفضل ألبان
وحسبك يا فرع السيادة والعلى / فنونٌ أضاءت في الفخار وأفنان
تجمَّع في أوصافك اللطف والسطا / كأنَّك في أثنا ثنا حرّ نيسان
وسرّ فقد أحيت محياك آخذاً / كتاب العلى بل سرّ جدك عدنان
رأتك نظير العين في الناس دولة / على رأسِها من صوغ لفظك تيجان
لقد شاءَ ربُّ الناس تفضيل قدرهم / كأنَّك فيهم يا أخا العين إنسان
وإنَّك يا عين الملوك شهابهم / إذا زاغَ في أفقِ المهالك شيطان
وإنَّك للبحرِ الذي كله وفاً / وكلّ حصى شطَّيه في النَّقد عقيان
بدأت بخير طالَ دون تمامه / لحظّي وللأيَّام عدوٌ وعدوان
ودافعني الديوان عن متوفرٍ / ولي فيكَ يا أوفى الخليقة ديوان
فقمْ في ذرى العليا قيام عنايةً / سيمضي بها أزمان ذكرٍ وأزمان
ودونكَ مني كل مشرقة الثنا / لها الأفق مغنى والأهلة جيران
منظمة من كلِّ بيت بودّكم / ففي كلِّ بيت للموالاة سلمان
ولا عيبَ فيها غير راحة نظمها / وحاسدها ذاك المنكل تعبان
يحاول نظماً مع مثاقيل نظمه / كأنَّ يراعاً في الأناملِ قبَّان
أخا اللوم لا تتعب لساناً ولا ذهنا
أخا اللوم لا تتعب لساناً ولا ذهنا / ملامك لا لفظٌ لديه ولا معنى
بروحيَ وضَّاح المحاسن أغيد / رشيق أغار البدر والظبي والغصنا
من الترك في خدَّيه للحسن روضة / ولكنَّها تجني علينا ولا تجنى
وللحظ منه سنّةٌ عربيَّة / ألم تره في الحربِ قد كسَّر الجفنا
إذا قام يروي حاجباه وطرفه / ترى السحر منه قاب قوسين أو أدنى
تحجبه عنا الأسنَّة والظبا / وأفتك منها لحظ من حجبت عنَّا
وتمنع رمحاً بينها من قوامه / ولكنَّه لا جرحَ فيها ولا طعنا
فتى الحسن هلاّ أنت للصبّ عاطف / فتجمع ما بين المحاسن والحُسنى
غلا الجوهر الأعلى بثغرك فلتَفُضْ / مدامع لا تكون على العرض الأدنى
حكى الخلق من قاضي القضاة بخلقِه / فهذا حوى حسناً وهذا حوى حسنى
كريمٌ لنا في فعله ومقاله / سحاب الغِنى المنهل والروضة الغنَّا
يقاسمنا في كلِّ يومٍ جميله / فنثر العطا منه ونثر الثنا منَّا
أخو صدقاتٍ يحبس المنّ جودا / على أنَّها في الجودِ لا تحسن المنَّا
رأى الفكر إعراب الثنا فيهِ كلَّما / بناه إلى أن صارَ في معربٍ يبنى
وأقسم أن لا شيء كالغيث في الندى / فلمَّا رأى جدوى أنامله اسْتثنى
وما فيه من عيب سوى أنَّ عنده / أيادٍ تعيد الحرّ في يده قنَّا
دعاني على بعد المنازل جوده / وجدَّد لي نعمى وأنجح لي ظنَّا
ومجد يردّ السائدين به سدًى / وعلم يردّ المفصحين به لكنَا
لياليَ وَدَّعت المؤيد والثنا / وفارقت أوقات الغِنى منه والمغنا
وزايل نظم الجوهر الفضل منطقي / وأعوزني من قوتي العرضَ الأدنى
أيا جائداً بالتبرِ في حالِ عسرةٍ / لنا لم نكد من طرفها نجد التّبنا
فعلت فلو وفى تطوّلك الثنا / لقلَّت أفانين الثناء وطوّلنا
وأفحمتنا في البرّ حتَّى كأنَّنا / لدى البرّ ما رمنا المقال فأفصحنا
إذا نحن قابلنا صلاتك بالثنا / تكدَّس من هنّا علينا ومن هنّا
وحقك ما ندري أإجراء ذكرنا / بفكرك أم هذا العطاء لنا أهنا
هو الرفد يتلو الودّ طابَ كلاهما / كما حملت للمحل روحِ الصبا المزنا
كذا أبداً تزهى العلى بجلالها / فلله ما أسرى فخاراً وما أسنا
فيا ليت شعري كيف ألقى بواحدٍ / من الشكر مثنى من أيادِي الندى مثنى
على ذكرك العالي بنا كلّ معربٍ / ثناه فيا لله من معربٍ يبنى
هجرت بديع القول هجر المباين
هجرت بديع القول هجر المباين / فلا بالمعالي لا ولا بالمعاين
وكيف أعاني سجعة أو قرينة / وقد فقدت مني أجلُّ القرائن
ثوت في مهاوي التراب كالتبر خالصاً / فحققت أن الترب بعض المعادن
فوالله ما أدري لحسن خلائقٍ / تسحّ جفوني أم لخلقِ محاسن
دفنتكَ يا شخص الحبيب وقد بدا / لعينك حالي قلت إنك دافني
كلانا على الأيام باكٍ وإنما / أشدّ البلا بين الحشا كلّ كامن
إلى الله أشكو يوم فقدك إنه / عليَّ ليوم الحشر يومُ التغابن
وكنت أخاف البين قبلك والنوى / فأصبحت لا آسي على أثر بائن
كأنك بادرت الرحيل تخوُّفاً / عليَّ من الحسنِ الذي هو فاتني
فديتك من لي من سناك بلمحةٍ / وينزل بي من بعدها كلّ كائن
أأنسى قواماً أتقفَ الحسنُ رمحهُ / فما فيه من عيب يعدّ لطاعن
ووجهاً حكى عن حسنهِ كلّ مقمر / ولحظاً روى عن طرفهِ كلّ شادن
فوا أسفاً حتى أوسّد في الثرى / ويدني الرَّدى منَّا مقيماً لظاعن
ويا ليت شعري في القيامة هل أرى / محاسنها ما بين تلك المواطن
رشاقة فذاك القدّ فوقَ صراطه / ودينار ذاكَ الخدّ بين الموازن
سقتك غوادِي المزْن إنيَ ظامئٌ / إلى الترب طوعاً للزمان المحارن
شكوت زماناً خانَ بعد أحبَّتي / وبالغ في العدوى وبثّ الضغائن
فلو طابَ ليَ طابت حياتِي بعدهم / وكنت ألاقيهم بطلعة خائن
لنجم هلال الدَّولة الحسن عسكر
لنجم هلال الدَّولة الحسن عسكر / حوى كلّ قاصٍ في الجمال وداني
فيا جفنه الماضي وأحمر خدّه / رفيقك قيسي وأنت يماني
ويا حسنه الغازي نصرت على العدى / ولو كانَ من أعدائك القمران
ويا خصره من دون ردفيهِ إنما / على البعد ترمي دونه الثقلان
ألا ليتَ شعري إذا حكى الخصر ضمه / وكانا على العلاَّتِ يصطلحان
وكافور جسم فيه للحسن ثروةٌ / فليس الغواني عندهُ بغواني
قضى الله يا كافور إنك أوَّل / وليس يقاضٍ أن يرى لك ثاني
وكم عاشقٍ يا ظبي خلفت قلبه / مُعار جناح محسن الطيران
دليل الحشا لما نظرتَ قتلته / بأضعف قرن في أذلِّ مكان
فيا لك من قلبي وطرفي تنتحي / على غير منصورٍ وغير معان
وما لك تعني بالصوارم والقنا / وقدّك طعَّانٌ بغير سنان
فتور على أجفانها وفتون
فتور على أجفانها وفتون / تريك معاني الحسن كيف تكون
محجبة ما خلت قبل جفونها / على كبدِي إنَّ السيوف جفون
أخاف فأبكي بعدها قبل وقته / فيا لعيون دمعهنَّ عيون
ويا عاذلاً يقسو عليَّ وما رأى / ثرى لمحة من وجهها وتلين
لقد كنت ذا قلب كقلبك عاقل / فجنَّ لليلى والجنون فنون
وطال حديث الناس عن شجني بها / فقد صحَّ لي إن الحديث شجون
ألا من لصبٍّ من جفاه وشجوه / شكى السقم حتَّى ما يكادُ يبين
بنوا وسكنَّا ثم نبني ويسكنوا
بنوا وسكنَّا ثم نبني ويسكنوا / وحرَّكنا هذا الزمان ويسكن
وما البيت إلاَّ قبر حيّ فحقّه / يحسّن في أوضاعه ويزيّن
يذكره الجنات طيب مقامه / فيدأب في تحصيلها كيف يمكن
فيا لك من دنيا لآخرةٍ دعتْ / ويا لكَ بيتاً يمنُه متبين
معجّل نعمى حيث شكو مؤمل / وأنى يوفي دينه المتدين
إلهي كم حسَّنت للحيّ منزلاً / فمنزلة الثاني بعفوك أحسن
وما أنا من عفو الكريم بآيسٍ / وحسبي إني واثق الظَّنّ مؤمن
لها من جبين البدر أو قامة الغصن
لها من جبين البدر أو قامة الغصن / محاسن قد تجني علينا ولا نجني
فإن يكُ غصناً ثانيَ العطف مثنياً / فتلك كما نثني وفوق الذي نثني
وإن يجر شعر الأقدمين بمدحةٍ / لغيرك سلطاناً فأنت الذي تغني
وإن نحسن الأمداح نظماً فإنها / على حسن السلطان مقبلة الحسن
له دولة فاقت على كلِّ دولةٍ / وخدَّام ملكٍ من بشيرٍ ومن يمن
فبشرى لهم والعالمين عواقباً / لأهل الهنا تبقي وأهل الشقا تفني
وحسب الهنا منَّا طبيب ومادح / ومن مثل هذين الحليمين في الفنّ
وفارقني من طارَ بي قبل فرخه
وفارقني من طارَ بي قبل فرخه / وكنتُ لديه في أعزّ مكان
تغطيت عن دهرِي بظلِّ جناحه / فعيني ترى دهري وليس يراني
تغيّب مملوكي الذي قد هويته
تغيّب مملوكي الذي قد هويته / وخلَّف إيري للهموم يعاني
وما نافعي تحت الدّجى نصب فيئتي / وقد حيل بين العير والنَزَوان
وآنسة قد فرَّق الدهر بيننا
وآنسة قد فرَّق الدهر بيننا / فلله قلبي ما أحنّ وما أحنى
إلى حاجبيها صارَ قلبي صبابة / وقلبيَ منها قاب قوسين أو أدنى
وأكَّد طول النأي والعسر حيرتي / بتسع شهورٍ قد خلت كلّها حزنا
فهل لي إلى الباب العلائي قصة / تملك لفظِي أو يدَي أملي وزنا
من النظم لولا وجود معنٍ رأيته / هنالك ما لاقيتُ لفظاً ولا معنى
وآنست ما قد قالَ غيريَ شاكياً / ومثليَ من غنى ومثلك من أغنى
وذو صنعةٍ فاسْتخدموني لصنعتي / برزقي وإلا فارزقوني مع الزمنى
على اليُمن والنُّعمى قدومك إنه
على اليُمن والنُّعمى قدومك إنه / قدوم الحيا الساري إلى كلّ ظمآن
وعودك للأوطان من مصر فائزاً / بملكٍ ومن أرض الحجاز بغفران
حلفت بدهرٍ أنت غوث عفاته / لقد نفذت فيه العفاة بسلطان
وحقّك لولا دلقي الصوف مكرما
وحقّك لولا دلقي الصوف مكرما / وشاشي لما اخْترت التحرُّك من هنا
ولكنني قاسيت بينهما أذًى / تنوَّع في مكروهه وتفنَّنا
وقد كنت عصفوراً بشاشي مالحا / فأصبحت عصفوراً بدلقي مطجنا
لعمري لقد جردت في القدس عزمة
لعمري لقد جردت في القدس عزمة / معربة الأوصاف عالية المبْنى
يشيّد بعد المسجد الطهر سوقه / فقد شَمِل الأقصى نوالك والأدنى
لعمري لقد أفحمت بالفضل منطقي
لعمري لقد أفحمت بالفضل منطقي / وقد كنت ذا نطقٍ وفضل بيان
وحركت ميزاني فأثنى لسانه / فما زلت مشكوراً بكلّ لسان
وقالوا أحاطت ذقنه بخدوده
وقالوا أحاطت ذقنه بخدوده / ووجدك لا ينفكُّ يذكر حسنه
فقلت نعم ضيفٌ بقلبيَ نازل / أعظِّم مثواه وأكرم ذقنه
وأغيد جارت في القلوب فعاله
وأغيد جارت في القلوب فعاله / وأسهرت الأجفان أجفانهُ الوسنى
أجلْ نظراً إلى حاجبيه ولحظه / ترى السحر منه قاب قوسين أو أدنى
يقولون لي رفقاً بجفنِك في البكا
يقولون لي رفقاً بجفنِك في البكا / فقلتُ لهم هيهات يتركني حزني
سأبذل جفني بعد سيفٍ فقدته / إذا السيف أودى فالعفاء على الجفن