لقاؤكما قد كان حُلمَ زماني
لقاؤكما قد كان حُلمَ زماني / وعهدُكما للشرق فجرُ أماني
ولا عهدَ إلَّا للعروبة والعُلى / لقلبَينِ في كفَّين يعتنقانِ
تُحدِّثني عيني وقد سِرتُما معاً / حبيبانِ سارا أم هما أخوانِ
ويسألني قلبي وقد لاح موكبٌ / من الأحمر اللجيِّ أشرقَ داني
على ملكيٍّ من شراعٍ ولُجَّةٍ / تطامنُ في صفوٍ له وأمانِ
تناسمه بين العشيَّات والضُّحَى / سرائرُ منْ أرضِ الحجازِ حواني
وأفئدةٌ من أرضِ مصرَ مشُوقةٌ / شواخصُ في الثغر المشوق رواني
إلى أُفُقٍ فيه من الروحِ هزَّةٌ / وفيه مِنَ الوحي القديمِ مَعاني
أتسألُ يا قلبي وأنت بجانبي / وكيْفَ ألم تعلم من الخفقانِ
وأنت الذي تُصغي وأنت الذي ترى / وتُنطِقُ مني خاطري ولساني
ومنك الذي أوحى إليَّ فهزَّني / وفجَّر شعري مِن سماءِ بياني
أنالَ جلالُ اليوم منك فخِلتَهُ / رُؤى يقظةٍ بل ذاك رأيُ عيانِ
هو الملكُ الفاروقُ في موقف الهدى / تسير إليه الفلكُ دون عنانِ
يؤمُّ بها ربُّ الجزيرة مصره / وما هيَ إلَّا فرحةٌ وأغاني
هما عاهلا الشرق العريق وركنُهُ / هما حِصنُهُ الواقي من الحدثانِ
هما الحبُّ والإِيمانُ والمجدُ والنّدى / تمثّلَ في آياتها ملكانِ
سلاماً طويلَ العمر مصرُ تبُثُّهُ / بأعذبِ ما رفَّتْ به شَفَتَانِ
وللنِّيل أمواجٌ يثبنَ صبابةً / بأفراح دورٍ فوقهُ ومغاني
تجلّى طرازاً في لقائكَ مُفرداً / رفارفَ خُضراً في ظلالِ جنانِ
يُحيّي بكَ الشعبَ الحجازيَّ شعبُهُ / وفيكَ يُحيِّي القِبلةَ الهَرَمانِ
تساءَل فيها الصاحبان وقد بَدَتْ / مخاضرها من لُؤلؤٍ وجمانِ
وآفاقُها مكيّة النور والشّذى / يُضئْنَ بأقمارٍ بهنَّ حِسانِ
جلاها المساءُ القاهريُّ صباحةً / تغايرَ في لألائها القمرانِ
سعوديةَ الإِشراق تُزهَى بنورها / مطالع فاروقيةُ اللّمعانِ
أَفي مصرَ أَم بطحاء مكة يومُنا / هُنَا وطنٌ أَم هَهُنَا وطنانِ
وتلكَ قطوفُ النِّيل دانيةَ الجَنَى / أَم أن قطوفاً للرياضِ دواني
هوىً لكَ يا عبد العزيز أصارها / وما اختلفتْ في صورةٍ ومكانِ
وأنت أخو الفاروق دارك دارُه / على الرَّحبِ والدّاران تلتقيانِ
فإِن تذكر الأوطانَ والأهلَ عندها / فما مصرُ إلَّا موطنٌ لكَ ثاني
وما هي إلَّا أمَّةٌ عربيَّةٌ / مُوحَّدَةٌ في فكرةٍ ولسانِ
أَيُنْصِتُ لي الضيفُ العظيمُ هنيهةً / ويسمع لي الفاروقُ صوتَ جناني
يقولون نارُ الحرب في الغرب أُخمِدتْ / فما لي أرى في الشرق سُحْبَ دخانِ
مَشَتْ بالشتاءِ الجهم فوق تخومه / برعْدِ حسامٍ والتماعِ سنانِ
بإِيرانَ صيحاتٌ وفي الشام ضجة / وفي القدس جمرٌ مُوشكُ الثَّورانِ
وفي الساحل الغربيِّ من آل طارقٍ / جريحا إِباءٍ في دمٍ غرِقانِ
طماعيةٌ فيه أزالتْ قناعها / وما سترتْ وجهاً لها ببنانِ
رمتْ عن يدٍ قفَّازَها وتحفَّزَتْ / مخالبَ ضارٍ أو براثنَ جاني
فإِن قيل هذا مجلسُ الأمنِ فاسألوا / علام تضجُّ الأرض بالشّنآنِ
وفيمَ دعاة السَّلْمِ طال حديثهمْ / على غير معنىً من رِضىً وأمانِ
وأُبْهِمَ حتى بانَ كالظلِّ طامساً / ودَاوَر حتى راغَ في الدَّوَرَانِ
أرى اليوم مثل الأمس صورةَ غاصبٍ / وإِن حُوِّرَتْ في صبغةٍ ودهانِ
إليكم ملوكَ الشرق كم عن مقالةٍ / ثناني حيائي والوفاءُ دَعاني
أشَدتُ بما شِدتم فرادى وكلكم / يُفاخر جيلٌ بالذي هُو باني
أناشدكُمْ والشرقُ بينَ مطامعٍ / تُهددهُ في حوزةٍ وكيانِ
فهلَّا جمعتم أمره واستعنتمو / بكلِّ فتىً بالطّيبات مُعانِ
أرى حُلفاء الأمْس لم يَحْفِلوا به / وما زال من خُلْفِ الوعودِ يعاني
وما قرَّ في ظلِّ السلام بحقِّهِ / ولا فازَ من حريَّةٍ بِضمانِ
وتلْكَ أمانيهِ على عَتباتهم / مطرَّحةٌ في ذِلَّةٍ وهوانِ
أنقنع من حقٍّ وجامعةٍ له / بجمعٍ يديرُ الرأيَ حولَ خوانِ
وليس لها من قُوَّةٍ غير ألْسنٍ / وأقلام كُتّابٍ وسحرِ بَيانِ
وماذا يفيد الرأيُ لا سيفَ عنده / وماذا يُصيب القولُ يوم طعانِ
على البأس فابنوا رُكْنَها وتأهَّبوا / بمستقتلٍ مِنْ حولها مُتفاني
تلاقى به راياتُ كلِّ شُعوبهِ / وأسيافُهم من صُلْبةٍ وِلدان
كأمواج بحرٍ زاخرٍ متلاطمٍ / ينابيعُهُ شتَّى ذُرىً ورِعانِ
ضَمِنْتُ بكمْ مَجْدَ العروبةِ خالداً / على كرِّ دهرٍ واختلافِ زَمانِ