المجموع : 8
يظنّ رجالٌ بي ظنوناً شنيئةً
يظنّ رجالٌ بي ظنوناً شنيئةً / وكم أخفقتْ ممّن يظنّ ظنونُ
وَيلقَونَني بالبِشْرِ مِنهُم وَدونه / حُقودٌ وغِلٌّ في الصُّدور دفينُ
فإِنّ غرتُ في تفتيشِ مَن أستعينُهُ / فَما هو إلّا مَن عليَّ يُعينُ
وإنّ اِمرأً يُمسِي ويُصبح آمناً / من النّاسِ مَعْ تجريبهمْ لَغَبِينُ
رماكَ فأَصْماك اِمرؤٌ لم تكن له
رماكَ فأَصْماك اِمرؤٌ لم تكن له / رَمِيّاً ولم يخطرْ ببالك شأنُهُ
وَلَو أَنّني حاذرتُهُ لكُفِيتُهُ / وكم آمنٍ جانٍ عليه أمانُهُ
فَإِنْ ساءَني منه الغداةَ مَغيبُهُ / لقد سرّني منه طويلاً غِيابُهُ
وإنْ كنتُ مكلوماً بعقدِ ضميرهِ / فإنّ شفاءً ما يقول لسانُهُ
وَللموتُ خيرٌ للفتى من مذلَّةٍ / تنمُّ عليه أوْ هَوانٌ يُهانُهُ
وإنْ كنتُ يوماً تائباً عن مودّة الر / رِجالِ فهذا وَقْتُهُ وأوانُهُ
أقول لزيدٍ كفْكفِ الخيلَ عَنْوَةً
أقول لزيدٍ كفْكفِ الخيلَ عَنْوَةً / وإلّا فَلا حَمْداً كسبتَ ولا مَنّا
سُقيتَ الرّدى إنْ هبتَ بادرة الرّدى / وَما أَنت منّي إنْ جَنَحْتَ إلى الأدنى
أَلَم تَرَني وَالمَوتُ مُلْقٍ جِرانَه / أقدّم نفساً ما أساءتْ به ظنّا
وإنّا لنُعطي السِّرَّ ما شاء من حِمىً / وتأْبى لنا الحَوْباءُ أن نسترَ الضِّغْنا
حريّون أن نُعطَى المَقادَةَ في الورى / وقد قصّرتْ في الرَّوْع كلُّ يَدٍ عنّا
طِوالُ القنا ما بين أجفاننا قذىً / وظِلُّ المنايا الكالحاتِ لنا مَغْنى
تخوّفنا أبناءُ قيسٍ وعيدَهمْ / وَلو أنّنا نخشى الوعيد لما سُدْنا
ولو فهموا عنّا مَقالَ سيوفنا / لعلّمَهمْ فحواه أنْ يقرعوا سِنّا
أَحقّاً بني الإِحجامِ ما طار عنكمُ / أطرتمْ وربّي في ضلوعكمُ اللَّدْنا
وقد كنتمُ أطْفَأتمُ نارَ حِقْدِكمْ / فإنْ عدتمُ في شبّ جمرتها عُدنا
لَحَا اللَّهُ مَن يحنو على الضّيم جَنبَهُ / ولو أنّ عنقَ الرُّمحِ في جنبه يُحنى
يقولون إنّ الأمنَ في هجرك الوغى / ألا قبّح اللَّهُ اِمرأً يَبتغي الأمْنا
رعَى اللَّهُ فِتياناً خِفافاً إلى العُلا / إذا عزموا أمْضَوْا ولم يرقبوا إذْنا
إذا ركبوا جُنْحاً أشابوا عِذارَه / وَإنْ يمتطوا صُبْحاً أعادوا الضُّحى وهْنا
أذالوا على الأيّامِ صَوْنَ غرامهمْ / فلن يُبصروا من غير طلعتها حُسنا
ونالتْ بأسرار القلوب ظنونُهمْ / كأنّ لهمْ في كلِّ جارحةٍ إذْنا
قطعتَ بها يا دهرُ حبلَ وَتِيني
قطعتَ بها يا دهرُ حبلَ وَتِيني / فشأنُك أنّي اليومَ طوعُ شُؤوني
ولا تَلْحَني إنْ ضَلّ عنّي تصبُّري / فقد ضلّ عنّي صاحبي وقريني
ويا مَنْ عهدناه ضَنيناً بدمعِهِ / كنِ اليومَ في ذا الرُّزءِ غيرَ ضَنينِ
وإِنْ كنتَ مرتاداً حنيناً ولوعةً / فخذ سَرَفاً من لوعتي وحنيني
فَلَم تُشْفَ إلّا بالبكاءِ حرارتي / وَلَم تقضَ إِلّا بالدّموعِ ديوني
فأيُّ نفيسٍ قلّص الموتُ شخصَه / على بَغْتَةٍ عنّا وأيُّ ثمينِ
مُعَرَّسُ أسراري إذا ما تَقَلْقَلَتْ / ومَلْقى همومي خالياً وشُجوني
وَمَن كان عَوْني يومَ أبغي معونةً / بحيث شمالي لا تُعين يميني
وعارٍ من الفحشاء زلّ به الرّدى / كما زلّ نَصْلٌ في أكفِّ قُيونِ
أمينٌ على سرِّ الأخلّاءِ حيثما / يكون أمينُ القومِ غيرَ أمينِ
فأىُّ شَجاةٍ بعده لجوانحي / وأيُّ قذاةٍ بعده لجوفني
وعاذلةٍ هبّتْ عليَّ تلومني / فقلتُ دعيني والمصابَ دعيني
لقد فاتَنِي منه الّذي كنتُ أَرْتجي / وَأخلَفتِني فيه الّذي تَعِدِيني
عِدِيني ومَنّيني سِواه فقد مَحا / طُروقُ الرّدى فيه طريقَ ظُنوني
وإنْ كنتِ تبغيني ففي جانبِ الأسى / فإنّكِ في السُّلوانِ لا تَجديني
فلا تتّقيني في البكاءِ وكلّما / سئمتُ فأعييتُ البكاءَ فقِيني
ولا تسأليني لِمْ جَزِعْتَ وإنّما / عن الحزنِ لم أبلُغْه فيه سَلِيني
قرعتَ به يا موتُ قلبي فلِمْ تَلُمْ / على فقده أنّي قرعتُ جبيني
ولا غَرْوَ أنْ أبكي لمنْ خفّ بالرّدى / إذا كنتُ أبكي يومَ خفَّ قطيني
أفي كلِّ يومٍ أيّها الدّهرُ فُرقةٌ / فراقُ حميمٍ أَوْ فراق خَدينِ
ففي أيِّ فجٍّ لا أراك تنوبني / وأيُّ عجيبٍ لا أراك تُريني
وكم أنا مغرورٌ بك العمرَ كلَّه / تخادعني عن خِبرتي ويقيني
تقلّبني فيما أُرجِّي وأَتّقي / وترعى سهولي تارةً وحُزوني
وإنّ حَرُوني يومَ ينقاد مِقْوَدي / سريعٌ إلى الغايات غيرُ حَرونِ
أَلا يا اِبن حَمْدٍ رُزءُنا فيه واحدٌ / وما كنتَ يوماً بالمُرَزَّءِ دوني
فلا تحملنَّ العِبْءَ وحدَك كلَّهُ / فإنّي على الأعباءِ خيرُ معينِ
ألم تَرَني في كلِّ يومٍ وليلةِ
ألم تَرَني في كلِّ يومٍ وليلةِ / أحنُّ إلى من لا يحنُّ حنيني
وأندُبُ مرموساً بملساءَ قَفرةٍ / فيا ليتني ناديتُ غيرَ دفينِ
كأنّي وقد قُطِّعتَ عنّيَ هالكاً / تقطّع منّي أكْحَلى ووَتِيني
فَرَتْ نائباتُ الدّهرِ أغصانَ دَوْحَتِي / ولاقَ أُصولي ما أصاب غُصوني
فإنْ بقيتْ بعد القرينِ حُشاشتي / قليلاً فإنِّي لاحقٌ بقريني
سأَبلغُ حاجاتي وإنْ كنّ نُزَّحاً
سأَبلغُ حاجاتي وإنْ كنّ نُزَّحاً / بكلّ رقيقِ الشَّفْرتينِ يَمانِ
وكلِّ طويلٍ كالرِّشاءِ مَدَدْتهُ / يناجيك منه رأسُهُ بسِنانِ
وإنّي حَرونٌ عن ديارٍ مَرِيعةٍ / وكم ساق لِي عِزّاً طويلُ حِراني
وقلبي مطيعٌ لِي وإنْ كنتُ كالّذي / نلاقيه من هذا الزّمانِ عصاني
وَأَعلمُ أنّ الدّهرَ يعبث صَرْفُهُ / بمالِ فُلانٍ تارةً وفلانِ
إذا أنتُمُ لَم تَشفَعوا في قباحةٍ
إذا أنتُمُ لَم تَشفَعوا في قباحةٍ / ولم تشفعوا في خائفٍ بأمانِ
فَما أَنتُمُ إلّا سَرابٌ بقِيعَةٍ / يضلّلُ رَأْيي أوْ يغرّ عِياني
وجدْتُكمُ لَم تَصلحوا لِرَخائِنا / ولا لزمانِ البُؤْسِ والحَدَثانِ
وما أنتُمُ أهلٌ لودِّ قلوبنا / ولكنّ للبغضاءِ والشَّنَآنِ
أقمْ واحداً فرداً ودعْ عنك مرّةً / نفاقَ فلانٍ أوْ خِداعَ فلانِ
فكْم عشتُ مقروناً بقومٍ صحبتُهمْ / ولكنّني لم أنتفعْ بقِرانِ
أذمُّ زماني فيهمُ ومِن أجلِهم / وما الذّنبُ لو أنصفتُ ذنب زماني
فإنْ أنتَ أنكرتَ المعاريضَ وَاِنتَهَتْ / إليك مَغازٍ بينها ومعانِ
فَهذا وَقولي في يد الحزمِ مُوثَقٌ / فكيف إذا أطلَقْتُ فيه عِناني
ولمّا تعانقنا ولم يكُ بيننا
ولمّا تعانقنا ولم يكُ بيننا / سوى صارمٍ في جَفْنِهِ لا من الجُبْنِ
كرهتُ عناقَ السّيف من أجلِ جَفْنِهِ / فها عانِقِي منّي حُساماً بلا جَفْنِ
فَما كنتِ إلّا منه في قبضةِ الحِمى / ولا ذقتِ إلّا عنده لذَّةَ الأمْنِ
وَيَجني على مَنْ شئتِ منكِ غِرارُهُ / وأمّا عليكِ ساعةً فهو لا يَجني