لِيَهنِكِ أَنِّي في حَبالِكِ عاني
لِيَهنِكِ أَنِّي في حَبالِكِ عاني / وَأَنَّكِ مِنّي في أَعَزِّ مَكانِ
وَأَنّي ضَعيفٌ في هَواكِ تَجَلُّدي / عَلى أَنَّني جَلدٌ عَلى الحَدَثانِ
حَمولٌ لِأَعباءِ المُلِمّاتِ كاهِلي / وَمالي بِما حَمَّلتَنيهِ يَدانِ
مَلَكتِ أَبِيّاً مِن قِيادي وَلَم يَكُن / لِيُصحِبَ إِلّا في يَدَيكِ عِناني
نَأَيتِ فَحَرَّمتَ الجُفونَ عَنِ الكَرى / وَأَغرَيتِ دَمعَ العَينِ بِالهَمَلانِ
وَأَعهَدُ قَبلَ البَينِ قَلبي يُطيعُني / وَلَكِنَّهُ يَومَ الوَداعِ عَصاني
وَمازالَ مَطبوعاً عَلى الصَبرِ قُلَّباً / سَواءً بِعادٌ عِندَهُ وَتَداني
فَما بالُهُ يَومَ النَوى سارَ مُنجِداً / مَعَ الرَكبِ في أَسرِ الصَبابَةِ عاني
فَلَيتَ طَبيباً أَمرَضَتني جُفونُهُ / وَفي يَدِهِ مِنها الشِفاءُ شَفاني
وَلَيتَ غَريمي في الهَوى وَهوَ واحِدٌ / تَحَرَّجَ مِن لِيّانِهِ فَقَضاني
وَلَولا الهَوى يا آلَ خَنساءَ لَم تَكُن / لِتَملِكَني فيكُم خَضيبُ بِنانِ
وَلا بِتُّ في أَبياتِكُم سائِلاً قِرىً / بِغَيرِ القَنا أَو طالِباً لِأَمانِ
أُرَجّي جَوادَ الكَفِّ عَطفَ بَخيلَةٍ / وَأَخشى حَديدَ القَلبِ فَتكَ جَبانِ
وَقَبلَكِ ما أَنهَضتُ عَزمي لِحاجَةٍ / وَأَدرَكتُها إِلّا بِحَدِّ سِنانِ
وَأَولى بِمِثلي أَن يَكونَ مِهادَهُ / سَراةُ حِصانٍ لا سَريرُ حَصانِ
وَبي أَنَفٌ أَن أَقتَضي بِسَرى الظُبى / دُيوني لَو غَيرُ الحَبيبِ لَواني
وَمَن كانَ مَجدُ الدينِ عَوناً وَناصِراً / لَهُ لَم يُطامِن مَنكِباً لِهَوانِ
وَلَم يَخشَ مِن رَيبِ الزَمانِ وَلَم يَجِد / إِلَيهِ سَبيلاً طارِقُ الحَدَثانِ
فَتىً أَصبَحَ المَعروفُ وَالعَفوُ عِندَهُ / عَتاداً لِعافٍ يَجتَديهِ وَجاني
وَأَدنَت لَهُ الآمالَ وَهيَ نَوازِحٌ / سَحائِبُ جودٍ مِن يَدَيهِ دَواني
نَدىً صَدَقَت لِلشائِمينَ بُروقُهُ / وَما كُلُّ بَرقٍ صادِقُ اللَمَعانِ
وَهَذَّبَ أَخلاقَ اللَيالي فَرَدَّها / عَواطِفَ مِن بَعدِ الجَفاءِ حَواني
وَجَدَّدَ آثارَ المَكارِمِ بَعدَ ما / عَفَت أَربُعٌ مِن أَهلِها وَمَغاني
وَكُنّا سَمِعنا الجودَ يُروى حَديثُهُ / فَنَحنُ نَراهُ اليَومَ رَأيَ عِيانِ
بَعيدُ المَدى داني النَدى مِن عُفاتِهِ / فَلِلَّهِ مِنهُ النازِحَ المُتَداني
رَحيبُ المَغاني ضَيَّقَ البَأسُ وَالنَدى / مَعاذيرَهُ يومي قِرىً وَطِعانِ
كَريمٌ إِذا اِستَكفيتُهُ أَمرَ حادِثٍ / كَفاني وَإِن رُمتُ الحِباءَ حَباني
سَعى بَينَ حالي وَالغِنى جودُ كَفِّهِ / فَأَصلَحَ ما بَيني وَبَينَ زَماني
وَصُلتُ عَلى الأَيّامِ مِن حَدِ عَزمِهِ / بِأَبيَضَ ماضي الشَفرَتَينِ يَماني
أَغَرُّ هِجانٌ يَنتَمي مِن فِعالِهِ / إِلى شِيَمٍ مِثلِ الصَباحِ هِجانِ
يُريكَ وَقاراً في النَدى فَكَأَنَّهُ / شَماريخُ رَضوى أَو هِضابُ أَبانِ
وَرَأياً يَفُلُّ المُشرَفِيَّ وَهِمَّةً / تُناطُ بِعَزمٍ صادِقٍ وَجَنانِ
وَبَأساً يُشابُ السُخطُ مِنهُ بِرَأفَةٍ / فَشِدَّتُهُ مَمزوجَةٌ بِلَيانِ
وَكَم فَرَقَ الأَبطالَ يَومَ كَريهَةٍ / وَأَحرَزَ خَصلَ السَبقِ يَومَ رِهانِ
مَآثِرُ لَو كُنتُ اِبنَ حُجرٍ فَصاحَةً / لَقَصَّرَ عَن إِحصائِهِنَّ بَياني
فِداءٌ لِمَجدِ الدينِ كُلُّ مُقَصِرٍ / بِهِ السَعيُ عَن طُرقِ المَكارِمِ واني
يُداجيهِ إِجلالاً وَتَحتَ اِبتِسامِهِ / كَمينٌ مِنَ البَغضاءِ وَالشَنَآنِ
تَوَقَّدُ نارُ الغَيظِ بَينَ ضُلوعِهِ / وَلَكِنَّها نارٌ بِغَيرِ دُخانِ
يَرومُ مَساعيهِ بِغَيرِ كِفايَةٍ / وَقَد حيلَ بَينَ العَيرِ وَالنَزَوانِ
تَهَنَّ أَبا الفَضلِ الجَوادَ بِرُتبَةٍ / سَما عَن مُجارٍ قَدرُها وَمُداني
لَها مُرتَقى دَحضٌ إِذا رامَ حاسِدٌ / رُقِيّاً لَها زَلَّت بِهِ القَدَمانِ
مَلَأتَ أَكُفَّ الراغِبينَ مَواهِباً / فَشُكرُكَ مَملوءٌ بِهِ المَلَوانِ
وَسِرتَ مِنَ الإِحسانِ وَالعَدلِ سيرَةً / بِها سارَ قِدَماً في الوَرى العُمرانِ
وَقُمتَ بِأَعباءِ الخِلافَةِ ناهِضاً / وَقَد نامَ عَنها العاجِزُ المُتَواني
فَلا عَدِمَت مِنكَ المَمالِكُ هِمَّةً / تَبيتُ وَفي تَدبيرِها الثَقَلانِ
وَلا زالَ مَأهولاً جَنابُكَ يَلتَقي / مَواسِمُ أَفراحٍ بِهِ وَتَهاني
وَسَمعاً لِما حَبَّرتُهُ مِن مَدائِحٍ / فِصاحٍ إِذا اِستَجلَيتَهُنَّ حِسانِ
ضَمِنتُ لَكَ الإِحسانَ عَنها فَقَد وَفى / لِمَجدِكَ فيها خاطِري بِضَماني
وَسَيَّرتُها تَطوي البِلادَ شَوارِداً / بِها العيسُ بَينَ النَصِّ وَالوَخَدانِ
كَرائِمَ ما عَرَّضتُهُنَّ لِخاطِبٍ / سِواكَ فَلَم أَسمَح بِهِنَّ لِباني
فَإِنَّ عَقيلاتِ الكِرامِ إِذا بَنى / بِهِنَّ سِوى الكَفُؤِ الكَريمِ زَواني
تَلينُ قِياداً لِلكَريمِ وَإِنَّها / لِكُلِ لَئيمِ الصِهرِ ذاتُ حُرانِ
فَهُنَّ بِما أَولَيتَني مِن صَنائِعٍ / عَنِ الناسِ إِلّا عَن نَداكَ غَواني