ولمّا رأَيْتُ اللَّيْلَ عَسْكَرَ قرّهُ
ولمّا رأَيْتُ اللَّيْلَ عَسْكَرَ قرّهُ / وهَبَّتْ له رِيحانِ تَلْتَطِمَانِ
وعَمَّمَ صُلْعَ الهُضْبِ مِن قَطْرِ ثَلْجِهِ / يَدانِ مِن الصِّنَّبْرِ تَبتَدِرانِ
رَفَعْتُ لِسَارِي اللَّيْلِ ناريْنِ فارْتأَى / شُعَاعَيْنِ تَحْتَ النَّجْمِ يَلْتَقِيَانِ
فأَقْبَلَ مَقْرُورَ الْحَشَا لم تَكُنْ له / بدَفْعِ صُرُوفِ النَّائِباتِ يدانِ
فقُلْتُ إِلى ذاتِ الدُّخانِ فقالَ لِي / وهل عُرفَتْ نارٌ بَغْيرِ دُخَانِ
فمِلْتُ به أَجْتَرُّهُ نَحْوَ جَمْرَةٍ / لها بارِقٌ للضَّيْفِ غَيْرُ يَمانِ
إِذا ما حَسَا أَلْقَمْتُهُ كُلَّ فِلْذَةٍ / لفَرْخةِ طَيْرٍ أَوْ لسَخْلةِ ضانِ
فَما زالَ في أَكلٍ وشُرْبٍ مُدارَكٍ / إِلى أَنْ تَشَهَّى التَّرْكَ شَهْوَةَ وانِي
فأَلْحَفْتُهُ فامتَدَّ فَوْقَ مِهَادِهِ / وخَدّاهُ بالصَّهْبَاءِ تَتَّقِدانِ
وَما انْفَكَّ مَعْشُوقَ الثَّواءِ نَمُدُّهُ / ببشْر وتَرْحِيب وبَسْطِ لسانِ
تُغَنِّيهِ أَطْيَارُ القِيانِ إِذا انْتَشَى / بصنْجٍ وكَيْثَارٍ وعُودِ كِرانِ
وَيَسْمُو دُخَانُ المَنْدَلِ الرَّطْبِ فَوْقَهُ / كَما احْتَمَلَتْ رِيحٌ مُتُون عُثَانِ
إِلى أَنْ تَشهى البَيْنَ مِن ذاتِ نَفْسِهِ / وحَنَّ إِلى الأَهْلِينَ حَنَّةَ حانِي
فأَتْبَعْتُهُ ما سَدَّ خَلَّةَ حالِهِ / وأَتْبَعَنِي ذِكْراً بكُلِّ مَكَانِ