القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 12
هوَ الطّيفُ تُهديهِ إِلى الصَّبِّ أشجانُ
هوَ الطّيفُ تُهديهِ إِلى الصَّبِّ أشجانُ / ولَيسَ لسِرٍّ فيكَ يا لَيلُ كِتْمانُ
يُحدِّثُ عنْ مَسراهُ فجرٌ وبارِقٌ / أفَجْرُكَ غَدّارٌ وبَرقُكَ خَوّانُ
إذا ادَّرَعَ الظَّلْماءَ نمَّ سَناهُما / عَليهِ فلَمْ يُؤْمَنْ رَقيبٌ وغَيْرانُ
ولَيلةِ نَعمانٍ وَشى البَرقُ بالهَوى / ألا بِأبي بَرْقٌ يَمانٍ ونَعْمانُ
سَرى والدُّجى مُرْخىً عَلينا رِواقُها / يُلَوِّي المَطا وَهْناً كَما مارَ ثُعْبانُ
ونَحنُ بحَيثُ المُزْنُ حَلَّ نِطاقَهُ / ورَفَّ بحِضْنَيْهِ عَرارٌ وحَوْذانُ
ولِلرَّعْدِ إعْوالٌ ولِلرّيحِ ضَجّةٌ / وللدَّوْحِ تَصْفيقٌ وللوُرْقِ إرْنانُ
فللّهِ حُزْوى حينَ أيقَظَ رَوْضَها / رَشاشُ الحَيا والنَّجْمُ في الأفْقِ وَسْنانُ
إذا ما النّسيمُ الطَّلْقُ غازَلَ بانَهَا / أمالَ إليهِ عِطْفَهُ وهْوَ نَشوانُ
ولَو لمْ يكُنْ صَوْبُ الغَمامِ مُدامَةً / تُعَلُّ بِها حُزْوى لَما سَكِر البانُ
وكَمْ في مَحاني ذلك الجِزْعِ مِنْ مَهاً / تُجاذِبُها ظِلَّ الأراكَةِ غِزْلانُ
يَلُذْنَ إذا رُمْنَ القِيامَ بطاعَةٍ / مِن الخَصْرِ يَتلوها منَ الرِّدْفِ عِصْيانُ
ويُخْجِلنَ بالأغصانِ أغصانَ بانَةٍ / وتَهزَأُ بالكُثبانِ منهُنَّ كُثبانُ
سَقى الله عَصْراً قصَّرَ اللّهْوُ طُولَهُ / بِها وعلَينا للشَّبيبةِ رَيعانُ
يَهَشُّ لذِكراهُ الفُؤادُ ولِلهَوى / تَباريحُ لا يُصْغي إليهِنَّ سُلْوانُ
وتَصْبو إِلى ذاكَ الزّمانِ فقَد مَضى / حَميداً وذُمَّتْ بعْدَ رامَةَ أزمانُ
إذِ العَيش غَضٌّ ذُلِّلتْ لي قُطوفُهُ / وفوقَ نِجادي للذَّوائِبِ قِنْوانُ
أروحُ على وَصْلٍ وأغدو بمِثْلِهِ / وَوِرْدُ التّصابي لمْ يُكَدِّرْهُ هِجرانُ
وأصْحَبُ فِتياناً تَراهُمْ منَ الحِجى / كُهولاً وهُمْ في المأْزقِ الضَّنْكِ شُبَّانُ
يَخُبُّ بِنا في كُلِّ حَقٍّ وباطِلٍ / أغَرُّ وَجيهيٌّ ووَجناءُ مِذْعانُ
كأني بِهمْ فوْقَ المَجَرّةِ جالِسٌ / ليَ النّجْمُ خِدْنٌ وابنُ مُزنَةَ ندْمانُ
وكأسٍ كأنّ الشّمسَ ألقَتْ رِداءَها / علَيها بحَيثُ الشُّهْبُ مَثْنى ووحدانُ
إذا اسْتَرْقَصَ السّاقي بمَزْجٍ حَبابَها / تَرَدّى بمِثْلِ اللُّؤلُوِ الرَّطْبِ عِقْيانُ
فيا طِيبَها والشَّرْبُ صاحٍ ومُنْتَشٍ / تَخِفُّ بها أيْدٍ وتَثْقُلُ أجْفانُ
دَعاني إليها مِنْ خُزَيمَةَ ماجِدٌ / يَزُرُّ على ابنِ الغابِ بُرْدَيْهِ عَدنانُ
كَثيرٌ إليهِ النّاظِرونَ إذا بَدا / قَليلٌ لهُ في حَوْمَةِ الحَربِ أقرانُ
رَزينُ حَصاةِ الحِلْمِ لا يَسْتَزِلُّهُ / مُدامٌ ولا تُفْشي لهُ السِّرَّ ألحانُ
إذا رنَّحَتْهُ هِزَّةُ المَدْحِ أخْضَلَتْ / سِجالُ أيادِيهِ وللحَمْدِ أثْمانُ
تُرَوِّي غَليلَ المُرْهَفاتِ يَمينُهُ / إذا التَثَمَتْ في الرَّوْعِ بالنَّقْعِ فُرسانُ
ومُلتَهِباتٍ بالوَميضِ يُزيرُها / مَوارِدَ يهديها إلَيهنَّ خِرْصانُ
تَحومُ على اللَّبّاتِ حتى كأنّها / إذا أُشْرِعَتْ للطَّعْنِ فيهنَّ أشْطانُ
بيوْمٍ تَرى الرّاياتِ فيهِ كأنَّها / إذا ساوَرَتْها خَطْرةُ الرّيح عِقبانُ
إذا ما اعْتَزى طارَتْ إِلى الجُرْدِ غِلْمَةٌ / نَماهُمْ إِلى العَلياءِ جِلْدٌ ورَيَّانُ
سأَلتُهُمُ مَنْ خَيرُ سَعدِ بنِ مالِكٍ / إذا افْتَخَرَتْ في نَدْوةِ الحَيِّ دُودانُ
فَقالوا بسَيفِ الدَّولةِ ابنِ بَهائِها / تُناضِحُ عَدنانٌ إذا جاشَ قَحطانُ
قَريعَا نِزارٍ في الخُطوبِ إذا دَجَتْ / أضاءَتْ وُجوهٌ كالأهِلَّةِ غُرَّانُ
يَلوذُ بَنو الآمالِ في كَنَفَيْهِما / على حِينِ لا تَفْدي العَراقِيبَ ألْبانُ
بلَيْثَيْ وَغىً غَيثَيْ ندىً فكِلاهُما / لَدى المَحْلِ مِطْعامٌ وفي الحَرْبِ مِطْعانُ
هُما نَزَلا منْ قَلبِ كُلِّ مُكاشِحٍ / بحَيثُ تُناجي سَوْرَةَ الهَمِّ أضْعانُ
منَ المَزْيَدِيّينَ الإِلى في جَنابِهمْ / لمُلتَمِسي المَعْروفِ أهلٌ وأوطانُ
نَماهُمْ أبو المِظْفارِ وهْوَ الذي احتَمى / بهِ حاتِمٌ إذْ شُلَّ للحَيِّ أظْعانُ
لَهُمْ سَطَواتٌ يَلمَعُ المَوْتُ خَلفَها / وظِلٌّ حَبا مِنْ دُونِهِ الأمْنُ فَينانُ
وأفْنِيَةٌ مُخضَرَّةٌ عَرَصاتُها / تَزاحَمَ سُؤَّالٌ عَلَيها وضِيفانُ
ذَوُو القَسَماتِ البِيضِ والأُفْقُ حالِكٌ / منَ النّقْعِ كاسٍ والمُهَنَّدُ عُريانُ
وأهلُ القِبابِ الحُمْرِ والنَّعَمِ التي / لَها العِزُّ مَرْعىً والأسِنَّةُ رُعْيانُ
وخَيلٍ علَيها فِتْيَةٌ ناشِرِيَّةٌ / طَلائِعُهُمْ مِنْها عُيونٌ وآذانُ
هُمُ مَلَؤوا صَحْنَ العِراقِ فَوارِساً / كأنّهُمُ الآسادُ والنَّبْلُ خَفَّانُ
يَخوضُ غِمارَ الموْتِ منْهُمْ غَطارِفٌ / رِزانٌ لَدى البيضِ المَباتيرِ شُجْعانُ
بكُلِّ فَتىً مُرْخَى الذُّؤابَةِ باسِلٍ / عَلى صَفْحَتَيْهِ للنَّجابَة عُنوانُ
يُجَرِّرُ أذْيالَ الدُّروعِ كأنّهُ / غَداةَ الوَغى صِلٌّ تُواريهِ غُدْرانُ
ويُكْرِمُ نَفْساً إنْ أُهينَتْ أراقَها / بمُعتَرَكٍ يُروي القَنا وهْو ظَمآنُ
لَهُ عِمَّةٌ لَوْثاءُ تَفْتَرُّ عنْ نُهىً / عَلِمْنا بِها أنَّ العَمائِمَ تيجانُ
إذا ما رمَى تاجُ المُلوكِ بهِ العِدا / تَوَلَّوْا كَما يَنْصاعُ بالقاعِ ظِلْمانُ
أغَرُّ إذا لاحَتْ أسِرَّةُ وجْههِ / تبَلَّجْنَ عنْ صُبْحٍ ولِلَّيْلِ إجْنانُ
مَنيعُ الحِمَى لا يَخْتِلُ الذِئبُ سَرْحَهُ / ومنْ شِيَمِ السِّرْحانِ خَتْلٌ وعُدْوانُ
لهُ هَيبَةٌ شِيبتْ بِبشْرٍ كَما التَقَتْ / مِياهٌ بمَتْنِ المَشْرَفيِّ ونيرانُ
وبَيْتٌ يَميسُ المَجْدُ حولَ فِنائِهِ / وجيرانُهُ للأنْجُمِ الزُّهْرِ جيرانُ
فأطْنابُهُ أسيافُهُ وعِمادُهُ / رُدَيْنِيَّةٌ مُلْسُ الأنابيبِ مُرّانُ
ولَو كانَ في عهْدِ الأحاليفِ أعْصَمَتْ / بهِ أسَدٌ يومَ النِّسارِ وذُبْيانُ
أيا خَيرَ مَنْ يَتلوهُ في غَزَواتِهِ / على ثِقَةٍ بالشَّبْعِ نَسْرٌ وسِرْحانُ
دَعَوْتُكَ للجُلَّى فكَفْكَفَ غَرْبَها / هُمامٌ أيادِيهِ على الدَّهْرِ أعْوانُ
رَفَعْتَ صَحْبي ضَوءَ نارٍ عَتيقةٍ / بِها يَهتَدي السّارونَ والنَّجْمُ حَيرانُ
وَفاءَ عَلَيْهِمْ ظِلُّ دَوْحَتِكَ الَّتي / تُناصي السُّها مِنها فُروعٌ وأفْنانُ
فلَمْ يَذْكُروا الأوطانَ وهْي حَبيبَةٌ / إلَيْهمْ ولا ضاقَتْ على العِيسِ أعطانُ
وما المَجْدُ إلا نَبْعَةٌ خِنْدِفِيَّةٌ / لهَا العُرْبُ جِيرانٌ ودودانُ أغْصانُ
سَرى طَيفُها والمُلتَقى مُتَدانِ
سَرى طَيفُها والمُلتَقى مُتَدانِ / وجِنْحُ الدُّجى والصُّبْحُ يَعْتلِجانِ
ولا نَيْلَ إلا الطّيف في القُربِ والنّوى / وأما الذي تَهذي بهِ فأماني
خَليلَيَّ مِنْ عُلْيا قُرَيْشٍ هُديتُما / أشَأنُكُما في حُبِّ عَلْوَةَ شاني
فَما لَكُما يَومَ العُذَيْبِ نَقِمْتُما / عَليَّ البُكا والأمرُ ما تَرَيانِ
فُؤادٌ بِذِكْرِ العامِريّةِ مُولَعٌ / وعَينٌ لَجوجُ الدّمعِ في الهَملانِ
أما فيكُما مِنْ هِزّةٍ أُمَويّةٍ / لأرْوَعَ في أسْرِ الصّبابَةِ عانِ
ولمْ يَحْزُنِ الحَيَّ الكِنانِيَّ أنْ أُرَى / أسيراً لِهذا الحَيِّ من غَطَفانِ
ألا بِأبي ذاكَ الغُزَيِّلُ إذ رَنا / إليّ وذَيّاكَ البُرَيقُ شَجاني
نَظَرْتُ غَداةَ البَيْنِ والعَينُ ثَرّةٌ / ورُدْنايَ مِمّا أسْبَلَتْ خَضِلانِ
فَحَمْحَمَ مُهْري وامْتَرى الدّمْعَ صاحِبي / وقدْ كادَ يَبكي مُنْصُلي وسِناني
ولولا حَنينُ الأرْحَبيّةِ لم يَهجْ / فَتًى مُضَريٌّ مِنْ بُكاءِ يَمانِ
أفِقْ منْ جَوًى يا أيّها المُهْرُ إنني / وإياكَ في أهْلِ الغَضى غُرُبانِ
يَشوقُكَ ماءٌ بالأباطِحِ سَلْسَلٌ / وقد نَشَحَتْ بالأبْرَقَيْنِ شِناني
هَوايَ لَعَمْري ما هَوِيْتَ وإنما / يُجاذِبُني رَيْبُ الزّمانِ عِناني
وما مُغْزِلٌ تَعْطو الأراكَ يَهُزُّهُ / نَسيمٌ تُناجيه الخَمائِلُ وانِ
وتُزْجي برَوْقَيْها أغَنَّ كأنّهُ / مِنَ الضّعْفِ يَطْوي الأرضَ بالرَّسَفانِ
فَمالَ إِلى الظّلِّ الأراكِيّ دونَها / وكانا بهِ مِنْ قَبْلُ يَرْتَديانِ
وصُبَّتْ علَيهِ الطُّلْسُ وهْيَ سَواغِبٌ / تَجوبُ إليهِ البيدَ بالنّسَلانِ
فَعادَتْ إليهِ أمُّهُ وفؤادُها / هَفا كجَناحِ الصّقْرِ في الخَفَقانِ
وظلّتْ على الجَرْعاءِ ولْهَى كَئيبَةً / وقد سالَ واديها بأحمَرَ قانِ
تَسوفُ الثّرى طَوراً ويَعْبَثُ تارةً / بِها أوْلَقٌ من شِدّةِ الوَلَهانِ
بأوْجَدَ منّي يَومَ سِرْنا إِلى الحِمى / وقد نَزَلَتْ سَمْراءُ سَفْحَ أبانِ
أفي كُلِّ يَومٍ حَنّةٌ تُعْقِبُ الأسى / وهَبْتُ لَها الأحشاءَ مُنذُ زَمانِ
فحَتّامَ أُغْضي ناظِريَّ على القَذى / وأُلْقي بِمُسْتَنِّ الخُطوبِ جِراني
ألَمْ تَعْلَمِ الأيّامُ أنّي بمَنزِلٍ / بهِ يُحْتَمى مِنْ طارِقِ الحَدَثانِ
بأشْرَفِ بَيْتٍ في لُؤَيِّ بْنِ غالِبٍ / جَنوحٍ إِلى أبوابِهِ الثَّقَلانِ
ومَربوطَةٍ جُرْدٍ سَوابِقَ حَوْلَهُ / بمَرْكوزَةٍ مُلْسِ المُتونِ لِدانِ
تَخِرُّ على الأذْقانِ في عَرَصاتِهِ / ملوكٌ يَرَوْنَ العِزَّ تَحتَ هَوانِ
وتَجمَحُ فيهمْ هَيْبةٌ قُرَشيّةٌ / لأبيَضَ منْ آلِ النّبيِّ هجانِ
مِنَ النَّفَرِ البيضِ الإِلى تَعْتَري العُلا / إلَيْهِمْ بيَومَيْ نائِلٍ وطِعانِ
بهِمْ رَفَعَتْ عُلْيا مَعَدٍّ عِمادَها / ودانَتْ لَها الأيّامُ بَعْدَ حِرانِ
وجَرّوا أنابيبَ الرِّماحِ بهَضْبَةٍ / منَ المَجْدِ تَكْبو دونَها القَدَمانِ
فأفْياؤُهُمْ للمُسْتَجيرِ مَعاقِلٌ / وأبياتُهُمْ للمَكْرُماتِ مَغاني
أقولُ لِحادينا وقد لَغَبَ السُّرى / بأشباحِ قُودٍ كالقِسِيِّ حَوانِ
نَواصِلَ من أعْقابِ لَيلٍ كأنّما / سَقاها الكرى عانيَّةً وسَقاني
يُلَوّينَ أعناقاً خَواضِعَ في الدُّجى / وتَرْمي بألْحاظٍ إليَّ رَوانِ
أنِخْها طَليحاتِ المآقي لَواغِباً / بِما اعْتَسَفَتْ من صَحْصَحٍ ومِتانِ
فإنّ أميرَ المُؤمنينَ وجارَهُ / بِعَلياءَ لا يَسْمو لَها القَمَرانِ
إليكَ امتطَيْتُ الخَيلَ واللّيلَ والفَلا / وقد طاحَ في الإدلاجِ كُلُّ هِدانِ
بِذي مَرَحٍ لا يَمْلأُ الهَوْلُ قَلْبَهُ / ولا يَتلَقّى لِمَّةً بِلَبانِ
وأُهْدي إليكَ الشِّعْرَ غَضّاً وما لَهُ / بِنَشْرِ أياديكَ الجِسامِ يَدانِ
تَطولُ يَدي منها على ما أُريدُهُ / ويَقْصُرُ عنها خاطِري ولساني
بَقيتَ ولا أبْقى لكَ اللهُ كاشِحاً / على غَرَرٍ يُرْمَى بهِ الرَّجَوانِ
ومَدَّ عِنانَ الدّهْرِ إنْ شاءَ أو أَبى / إِلى نَيْلِ ما أمّلْتَهُ المَلَوانِ
رَأَتْ أُمُّ عَمْروٍ ما أُعاني فعَرَّضَتْ
رَأَتْ أُمُّ عَمْروٍ ما أُعاني فعَرَّضَتْ / بِشَكْوَى وفي فَيْضِ الدُّموعِ بَيانُها
وَقَدْ كُنْتُ أَهْوَى مَبْسِماً وَجُمانَهُ / فَقَدْ شَغَفَتْني مُقْلَةٌ وَجُمانُها
وَمَنْ يَبْغِ ما أَبْغِي مِنَ المَجْدِ لَمْ يُبَلْ / نَوائِبَ تَتْلُو البِكْرَ مِنْها عَوانُها
رَعى اللهُ نَفْساً بَيْنَ بُرْدَيَّ مُرَّةً / على أَيِّ خَطْبٍ لَيْسَ يُلْقَى جِرانُها
يُفِيءُ إِلَيْها الدَّهْرُ كُلَّ عَظيمَةٍ / وَلا يَزْدَهيها فَهْيَ ثَبْتٌ جَنانُها
وَيَعْلَمُ أَنّي أَستَنيمُ إِلى الرَّدى / بِها حِينَ يَسْتَشْري عَلَيْها هَوانُها
وَأَبْرَحُ ما أَلْقَى رِئاسَةُ عُصْبَةٍ / أَخَسُّ زَمانٍ نالَ مِنِّي زَمانُها
يَحومُ عَلَيْها صَارِمِي وَغِرارُهُ / وَتَصْبو إِلَيْها صَعْدَتي وَسِنانُها
وَكُلُّ امْرِئٍ مِنْها يَمُدُّ إِلى العُلا / يَداً نَشَأَتْ في الفَقْرِ شُلَّ بَنانُها
وَيَأْمَلُ مِنّي أَنْ أُسِفَّ بِهِمَّتِي / إِليهِ وَما شَأْنُ اللِئامِ وَشَانُها
وَلَوْ أَمْكَنَتْنِي وَثْبَةٌ أُمَوِيَّةٌ / لأَلْجَمْتُهُ سَيْفِي فَهذا أَوانُها
بَني مَطَرٍ إِنَّ الخُطوبَ تَهُونُ
بَني مَطَرٍ إِنَّ الخُطوبَ تَهُونُ / وَإِنَّ حَديثي عَنْكُمُ لَشُجون
فَأَيَّ لِئامٍ كُنْتُمُ في رِعايَتي / وَأَيَّ كَريمٍ في الجَزاءِ أَكونُ
صَحبْتُكُمُ وَالْعَيْشُ أَغْبَرُ وَالغِنى / تَحَسَّرَ عَنْكُم وَالرِّياحُ سُكونُ
فَلمّا اسْتفَدْتُمْ ثَرْوَةً طِرْتُمُ بِها / نَعَمْ وَبَطِرْتُمْ والجُنونُ فُنونُ
وَغَرَّتْكُمُ نُعْمَى لَبِسْتُمْ ظِلالَها / عَلى ثِقَةٍ بِالدَّهْرِ وَهْوَ خَؤونُ
فَلا تُشْرِبُوا حُبَّ الثَّراءِ قُلوبَكُمْ / فَكُلٌّ عَلَيْهِ لِلْزَّمانِ عُيونُ
رَكَنْتُمْ إِلَيهِ وَالحَوادِثُ عُوِّدَتْ / إِذالَةَ مَالِ المَرْءِ وَهْوَ مَصونُ
فَما اليُسْرُ إِلَّا تَوْأَمُ العُسْرِ وَالمُنَى / تُسَوِّلُها لِلْعاجِزينَ ظُنونُ
تَنَكَّرَ لي دَهْري وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي
تَنَكَّرَ لي دَهْري وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي / أَعِزُّ وَأَحْداثُ الزَّمانِ تَهُونُ
فَظَلَّ يُريني الخَطْبَ كَيْفَ اعْتداؤهُ / وَبِتُّ أُرِيهِ الصَّبْرَ كَيْفَ يَكونُ
خَليلِيَّ بِئْسَ الرَّأْيُ ما تَرَيانِ
خَليلِيَّ بِئْسَ الرَّأْيُ ما تَرَيانِ / أَما لَكما بِالنَّائِباتِ يَدانِ
تُريدانِ مِنّي أَنْ أُزيرَ مَدائِحي / هَجيناً فَما قَوْمِي إِذاً بِهِجانِ
وَمَنْ يَكْتَسِبْ مَالاً بِعِرْضٍ يُذِيلُهُ / فَلا ذاقَ طَعْمَ العَيْشِ غَيْرَ مُهانِ
وَإِنْ شِئْتُما أَنْ تَعْلَما مَا أُجِنُّهُ / فَلَيسَ بمَأَمونٍ عَلَيْهِ لِساني
وَعَنْ كَثَبٍ يُفْضِي بِسِّري إِليْكُما / غِرارُ حُسامٍ أَوْ شَبَاةُ سِنانِ
وَإِخْوانِ صِدْقٍ كُنْتُ أَرْعَي مَغِيبَهُمْ / وَأَدْفَعُ عَنْهُمْ وَالرِّماحُ دَوانِ
فَلَمّا اسْتَفادُوا ثَرْوَةً بَطِروا بِها / وَضاعَ خِماصُ الحي بَيْنَ بِطانِ
أَرَى أَيْدِياً نَالَتْ غِنىً بَعْدَ خَلَّةٍ / لِأَلأَمِ قَوْمٍ في أَخَسِّ زَمانِ
فَضَنّتْ بِما تَحْويهِ شُلَّ بَنانُها / وَإِنْ رُمْتَ جَدْواها فَشُلَّ بَنانِي
وَمِنْ حَدَثَانِ الدَّهْر أَنْ أَسْتَميحَهُمْ / وَتَحْتَ نِجادِي مِدْرَهُ الحَدَثانِ
وَلَكِنَّني في مَعْشَرٍ لا تَسُوؤُهُمْ / أَحادِيثُ تَقْلَوْلي لَها الأُذُنانِ
إِذَا عَاهَدُوا أَوْ عَاقَدوا فَعُهودُهُمْ / عُهودُ قُيونِ في وَفاءِ قِيانِ
وَجَارَتُهُمْ في الأَمْنِ غَيْرُ مَصونَةٍ / وَجَارُهُمُ في الرَّوْعِ غَيْرُ مُعانِ
بَكَتْ أُمُّ عَمْروٍ إِذْ أُنِيخَتْ رَكائِبي / بِحَيْثُ الهِضابُ الحُمْرُ مِنْ هَمَذانِ
فَأَذْرَتْ دُموعَاً كَالجُمانِ تُفِيضُها / على خَدِّ مِقْلاقِ الوِشَاحِ رَزانِ
وَمَا عَلِمَتْ أَنَّ السُّيوفَ تَشَبَّثَتْ / بِأَذْيالِ شَمْطاءِ القُرونِ عَوانِ
فَأَبْكَتْ رِجَالاً كَالأُسوَدِ وَلَمْ تُبَل / بُكاءَ نِساءٍ كَالظِّباءِ غَوانِ
وَقُمْتُ فَقَرَّطتُ الأَغَرَّ عِنانَهُ / وَفي اليَدِ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمانِ
وَلَسْتُ إِذَا ما الدَّهْرُ أحْدَثَ نَكْبَةً / خفِيّاً بِمُسْتَنِّ الخُطوبِ مَكاني
لِئِنْ بَسَطَتْ باعِي مِنَ اللهِ نِعْمَةٌ / وَلَمْ أُحْيَ يَوْمَي نَائِلٍ وَطِعانِ
فَما أَسْنَدَتْني كَفُّ أَرْوَعَ مَاجِدٍ / إِلى نَحرِ رَوْعاءِ الفُؤَادِ حَصانِ
أَيَا عَقِدات الرَّمْلِ مِنْ أَرْضِ كُوفَنٍ
أَيَا عَقِدات الرَّمْلِ مِنْ أَرْضِ كُوفَنٍ / سَقَاكُنَّ رَجَّافُ العَشِّي هَتونُ
أُذيلُ لذكْراكُنَّ دَمْعِي وفي الحَشَى / هَوىً لِسَيالاتٍ بِكُنَّ مَصونُ
إِذَا حَدَّثَ الرُّكْبانُ عَنْكُنَّ هَيَّجُوا / تَباريحَ وَجْدٍ والحَديثُ شُجونُ
فَجُنَّ بِكُنَّ اللُّبُّ مِنّي عَلى النَّوى / وَمَا بِيَ لولا حُبُّكنَّ جُنُونُ
لَحاني هُذَيمٌ صاحبي لَيلَةَ النَّقا
لَحاني هُذَيمٌ صاحبي لَيلَةَ النَّقا / عَلى شَيْمِ بَرقٍ شاقَني وَشَجاني
وَما ضَرَّهُ أَنِّي تَبَصَّرتُ هَل أَرى / وَميضاً يُريني وَجهَ أُمِّ أَبانِ
وَيَشفي نَجيَّ الهَمِّ عَينانِ مِنهُما / نِجادي وَرُدني في دَمٍ خَضِلانِ
يَمانِيَةٌ مِن أَجلِها لا يُغبُّني / تَذَكُّرُ حَيٍّ بالعُذَيْبِ هِجانِ
وَأَهوى لِسَيفي أَن يَكونَ يَمانِياً / وَأَصبو إِلى بَرقٍ يَلوحُ يَمانِ
أَأُمَّ أَبانٍ إِنَّ حُبَّكِ تارِكي / وَحيداً فَما لي بِالمَلامِ يَدانِ
وَقَد غَرِضَ الخُلّانُ مِنّي فَلامَني / صِحابيَ حَتَّى الحِمَيريّ لَحاني
أَما عَلِموا أَنَّ الهَوى يَجلِبُ الأَسى / فَيَمرَحُ دَمعُ العَينِ لِلهَمَلانِ
سَقى الأوطَفُ الهطَّالُ دارَكِ بِاللِّوى / وَروَّاكما يا أَيُّها العَلمانِ
فَعِندَكُما مَغنىً وَإِن كانَ نائياً / أَراهُ بِقَلبي فَهوَ مِنِّيَ دانِ
نَظَرتُ وَللأُدْمِ النَّوافِخِ في البُرى
نَظَرتُ وَللأُدْمِ النَّوافِخِ في البُرى / بِشَرقِيِّ نَجدٍ يا هُذَيمُ حَنينُ
إِلى خَفِراتٍ مِن نُمَيرٍ كَأَنَّها / ظِباءٌ كَحيلاتُ المَدامِعِ عِينُ
إِذا ما تَنازَعنَ الحَديثَ اِشتَفى بِهِ / مِنَ الوَجدِ مَتبولُ الفؤادِ حَزينُ
كَأَنَّ الَّذي استُودِعتُهُ مِنهُ لؤلؤٌ / يَلوحُ عَلى اَيدي التِّجارِ ثَمينُ
وَقَد سَمِعَتْ بي فاِعتَرَتها بَشاشَةٌ / وَمِثلي بِها عندَ الكِرامِ قَمينُ
وَسَدَّ خِصاصَ الخِدرِ طَرفٌ وَمَسمَعٌ / وَنَحرٌ وَخَدٌّ واضِحٌ وَجَبينُ
وَقالَت سُليمَى مَرحَباً بِكَ مالَنا / نَرى أَثَرَ البَلوى عَلَيكَ يَبينُ
فَقالَ هُذَيمٌ وَهوَ خِلِّي وَناصِحٌ / لَها وَعَلى أَسرارِهِنَّ أَمينُ
أَلَم تَعلَمِي أَنَّ الصَّبابَةَ أَجحَفَتْ / بِهِ وَأَخوكِ العامِريُّ سَمينُ
فَقالَتْ لَهُ مَن أَنتَ تَبغي اِنتِسابَهُ / فَقالَ هِجانٌ لَم يَلِدهُ هَجينُ
أَبوه عُلَيمِيُّ النِّجارِ وَأُمُّهُ / أَبوها زُهَيريٌّ نَماهُ عَرينُ
فَقالَت يمانٍ أَبعَدَ اللَهُ دارَهُ / لَهُ مِن نِزارٍ صاحِبٌ وَخَدِينُ
تَنَحَّ فَما لِلحَيِّ كَلب بِأَرضِنا / قَرارٌ يَقيها النائِباتِ مَكينُ
فَرحنا وَبالكَلبِيِّ غَيظٌ يُجِنُّهُ / وَلِي مِن هَواها زَنَّةٌ وَأَنينُ
كَأَنّي وَإِيّاهُ بِسائِقَةِ النَّقا / أَخو سَقَمٍ يَشكو الجِراحَ طَعينُ
وَسائِلَةٍ عَن سِرِّ سَلمى رَدَدتُها
وَسائِلَةٍ عَن سِرِّ سَلمى رَدَدتُها / عَلى غَضبَةٍ في وَجهِها أَستَبينُها
وَلَو كانَ يَبدو ما تُجِنُّ جَوانِحي / لَبِئسَ إِذَنْ مِن آلِ فِهرٍ أَمينُها
أَلَيلَتَنا بِالحَزْنِ عودي فَإِنَّني
أَلَيلَتَنا بِالحَزْنِ عودي فَإِنَّني / أُطامِنُ أَحشائي عَلى لَوعَةِ الحُزْنِ
وَأُذري بِهِ دَمعاً يُرَوّي غليلَهُ / فَلَم يَتَحَمَّل بَعدَهُ مِنَّةَ المُزْنِ
وَأُقسِمُ بالبَيتِ الرَّحيبِ فِناؤُهُ / وَبالحَجَرِ المَلثومِ وَالحَجَرِ الرُكْنِ
لأَنتِ إِلى نَفسي أَحَبُّ مِنَ الغِنَى / وَذِكرُكِ أَحلى في فُؤادي مِنَ الأَمْنِ
فَكَم غادَةٍ جَلَّى ظَلامَكِ وَجهُها / وَبَدرُ الدُّجَى مِن حاسديها عَلى الحُسْنِ
خَلَوتُ بِها وَحدي وَثالِثُنا التُّقَى / وَرابِعُنا ماضي الغِرارَين في الجَفنِ
يَذودُ الكَرى عَنّا حَديثٌ كَعِقدِها / فَلَمّا اِفتَرَقنا صارَ كالقُرطِ للإُذْنِ
وآخِرُ عَهدي بِالمَليحَةِ أَنَّني / رَمَقتُ بِذاتِ الرِّمثِ نارَ بَني حِصنِ
فَحَيَّيْتُ أَهلَ الضَّوءِ وَهيَ تَشُبُّها / عَلى قِصَدِ الخَطِّيِّ بالمَندَلِ اللَّدنِ
فَقالوا مَنِ السَّاري وَقَد بَلَّهُ النَّدَى / فَقُلتُ ابنُ أَرضٍ ضَلَّ في لَيلَةِ الدَّجنِ
لَهُ حاجَةٌ بالغَورِ وَالدَّارُ بِالحِمى / وَنَجدٌ هَواهُ وَهيَ تَعرِفُ ما أَعني
أَلا مَن لِجسمٍ بِالثَّويَّةِ قاطِنِ
أَلا مَن لِجسمٍ بِالثَّويَّةِ قاطِنِ / وَقَلبٍ مَعَ الرَّكبِ الحِجازيِّ ظاعِنِ
أَحِنُّ إِلى سُعدى وَدونَ مَزارِها / ضَروبٌ بِسَيفٍ يَقتَفي رُمحَ طاعِنِ
وَما أَنسَ لا أَنسَ الوَداعَ وَقَد رَنَتْ / إِلَينا بِطَرْفٍ فاتِرِ اللَّحظِ فاتِنِ
لَها نَظرَةٌ عَجلى عَلى دَهَشِ النَّوى / كَما نَظَرَتْ مَذعورَةً أُمُّ شادِنِ
وَموقِفُنا ما بَينَ باكٍ وَضاحِكٍ / وَسالٍ وَمَحزونٍ ووافٍ وَخائِنِ
فَلَم يَخْفَ عَن لاحٍ وواشٍ وَكاشِحٍ / رَسيسُ جَوىً في ساحَةِ الصَّدرِ كامِنِ
وَقَد نَمَّ دَمعٌ بَينَ جَفنَيَّ ظاهِرٌ / إِلَيهِم بِوَجدٍ بَينَ جَنَبيَّ باطِنِ
وَإِنّي وَإِن كانَ الهَوى يَستَفِزُّني / لَذو مِرَّةٍ قَطّاعَةٍ لِلقَرائِنِ
أَرومُ العُلا وَالسَّيفُ يخضبه دَمٌ / بِأَبيَضَ بَتّارٍ وَأَسمَرَ مارِنِ
وَإنْ خاشَنَتْنِي النَّائباتُ تُشَبَّثَتْ / بِأَروعَ عَبلِ السَّاعِدَينِ مُخاشِنِ
إِذا سُمنَهُ خَسفاً تَلَظّى جِماحُهُ / فأَجلَينَ عَن قِرنٍ أَلَدَّ مُشاحِنِ
لَئِن سَلَبَتْني نَخوَةً أُمَويَّةً / خُطوبٌ أُعانيها فَلَستُ لِحاصِنِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025