المجموع : 15
أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ
أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ / تَرَفَّقنَ لا تُضعِفنَ بِالشَجوِ أَشجاني
تَرَفَّقنَ لا تُظهِرنَ بِالنوحِ وَالبُكا / خَفِيَّ صَباباتي وَمَكنونَ أَحزاني
أُطارِحُها عِندَ الأَصيلِ وَبِالضُحى / بِحَنَّةِ مُشتاقٍ وَأَنَّةِ هَيمانِ
تَناوَحَتِ الأَرواحُ في غَيضَةِ الغَضا / فَمالَت بِأَفنانٍ عَلَيَّ فَأَفناني
وَجاءَت مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ وَالجَوى / وَمِن طُرَفِ البَلوى إِلَيَّ بِأَفنانِ
فَمَن لي بِجَمعٍ وَالمُحَصَّبِ مِن مِنىً / وَمَن لي بِذاتِ الأُثلِ مَن لي بِنَعمانِ
تَطوفُ بِقَلبي ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ / لِوَجدٍ وَتَبريحٍ وَتَلثُمُ أَركاني
كَما طافَ خَيرُ الرُسلِ بِالكَعبَةِ الَّتي / يَقولُ دَليلُ العَقلِ فها بِنُقصانِ
وَقَبَّلَ أَحجاراً بِها وَهُوَ ناطِقٌ / وَأَينَ مَقامُ البَيتِ مِن قَدرِ إِنسانِ
فَكَم عَهِدَت أَن لا تَحولَ وَأَقسَمَت / وَلَيسَ لِمَخضوبٍ وَفاءٌ بِأَيمانِ
وَمَن عَجَبِ الأَشياءِ ظَبيٌ مُبَرقَعٌ / يُشيرُ بِعُنّابٍ وَيَومي بِأَجفانِ
وَمَرعاهُ ما بَينَ التَرائِبِ وَالحَشا / وَيا عَجَباً مِن رَوضَةٍ وَسطَ نيرانِ
لَقَد صارَ قَلبي قابِلاً كُلَّ صورَةٍ / فَمَرعىً لِغِزلانٍ وَدَيرٌ لِرُهبانِ
وَبَيتٌ لِأَوثانٍ وَكَعبَةُ طائِفٍ / وَأَلواحُ تَوراةٍ وَمُصحَفُ قُرآنِ
أَدينُ بِدَينِ الحُبِّ أَنّي تَوَجَّهَت / رَكائِبُهُ فَالحُبُّ دَيني وَإيماني
لَنا أُسوَةٌ في بِشرِ هِندٍ وَأُختِها / وَقَيسٍ وَلَيلى ثُمَّ مَيٍّ وَغَيلانِ
أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ لي بَعدَ طَيبَةٍ
أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ لي بَعدَ طَيبَةٍ / وَمَكَّةَ وَالأَقصى مَدينَةُ بَغدانِ
وَما لِيَ لا أَهوى السَلامَ وَلي بِها / إِمامُ هُدىً ديني وَعَقدي وَإيماني
وَقَد سَكَنَتها مِن بُنَيّاتِ فارِسٍ / لَطيفَةُ إيماءٍ مَريضَةُ أَجفانِ
تُحَيّي فَتُحيي مَن أَماتَت بِلَحظِها / فَجاءَت بِحُسنى بعدَ حُسنٍ وَإِحسانِ
ألا إنَّ وحي الله في كلِّ كائن
ألا إنَّ وحي الله في كلِّ كائن / من الصخر والأشجارِ والحيوانِ
وفي عالم الأركان في كلِّ حالة / وفي أنفسِ الأفلاكِ والمَلوانِ
وقد نزلتْ أملاكه من مقامِها / ليلقاه منها بالتقى الثقلان
عجبتُ لإنسانٍ يراحم رحماناً
عجبتُ لإنسانٍ يراحم رحماناً / فأوسعُ أهل الأرضِ رُوحاً وريحانا
فقام له الإيمان بالغيبِ ناصحاً / فأرسلَ دَمعَ العينِ للغيب طوفانا
فعارضه علمُ الحقائقِِ مُفصحاً / بصورةِ من سوَّاه أصبحَ رحمانا
وأنزله في الأرض وَجهاً خليفةً / على الملأ الأعلى وسمَّاه إنسانا
فلم يك هذا منه دعوى أتى بها / ولكنه بالحال كوَّن محانا
وشرفه بالشحِّ إذْ كانَ مانعاً / فكان النقصانُ فضلاً ما وإحسانا
فلو لم يكن في الكونِ نقصٌ محققٌ / لكانَ أخيّ النقصِ يخسر ميزانا
ولم يك مخلوقاً على الصورة التي / أقام بها عند التنازع برهانا
فمن كان بالنقصانِ أصلُ كماله / فلا بد أن يعطيك رِبحاً وخُسرانا
إذا كان بالنقصانِ عينُ كماله / فأصبحَ كالميزان بالحمدِ ملآنا
فإن عموم الحمدِ ليس كبيرة / من أذكاره في كلِّ شيءٍ وإن هانا
فما هان في الأذكار إلا لعزَّة / يميل بها عنهم مكاناً وإمكانا
وآخرُ دعوانا أنِ الحمد فاستمع / وما ثَمَّ قولٌ بعدَ آخرِ دَعوانا
إذا جاءتِ الأذكارُ للعدلِ تبتغي / مفاضلةً يأتين رَجلاً ورُكبانا
فيظهر فضلُ الحمد إذ كنَّ سوقة / وكان وجودُ الحمد فيهنَّ سُلطانا
تأمل فإني أعلمُ الخلقِِ بالذي / أتيت به علماً صحيحاً وإيمانا
رأيتُ الذي لا بدَّ لي منه جَهرة
رأيتُ الذي لا بدَّ لي منه جَهرة / ولم يك إلاّ ما رأيتُ من الكونِ
ولكنه منه على ما رأيته / كإنسانِ عينِ الشخصِ فيه من العينِ
ويأتي على ما يأتي للفصلِ والقضا / وقد كان قبلَ الخلقِِ في ذلك العينِ
وما جاءني في كلِّ معنى وصورةٍ / لأمر سوى ما يتقيه منَ العينِ
إذا المرءُ لم يعرف بسمعٍ ولا بدا / لعينٍ أتاه إلا مَن بالحفظ والصَّون
فرضنا له عينَ الكمالِ لأنه / إذا كان في الأحجارِ فيها من العين
إذا شاء أن يروي من الماء مرتوٍ / فلا يشربُ إلا ما يكون من العين
فذاك له مثلُ الرَّضاعِ لأنه / تولَّد منها عن فصالٍ وعن بين
وما كان قولي إنه عينُ ما يرى / من الكونِ إلا قوله لي بلا مين
ولما سألتُ الله عوناً على الذي / يكلفني من فرضِه كان في عَوني
ويا عجباً إن المعين هو الذي / يكون مُعاناً ردُّه شاهد البَينِ
ولو لم يكن في الغيب عينٌ لصورةٍ / لما كان للعينِ التصوُّر في العين
وما زينةُ الأعيانِ إلاَّ بربِّها / وقد ظهرتْ للعينِ في أحسن الزين
تباعد عنها الشَّينُ والشينُ كونها / فأنت ترى عَيناً وما ثَمَّ من شَيْن
إذا قال لي ما أنت إلا هويتي / فأين الذي قال المنازعُ من بوني
لقد حِرتُ في أمري وإني لصادقٌ / تقابلُ ألفاظٍ تُترجمُ عن عيني
وما عجبي عن واحدٍ عنه واحدٌ / كما قيل لكنْ مِن وحيدٍ عن اثنين
فلولاه لم أوجد ولولاي لم يكن / ولا بدَّ لي في كون ذاتي من اثنين
حقيقةُ ذاتي من حقيقةِ ذاته / ولا بدَّ من ذاتي فلا بدَّ من تَين
وإني من الأضدادِ في كلِّ حالة / كما هو مثل الغرِّ في اللوّنِ والجونِ
إذا كان عيني عينه فمن الذي / تحكم فيه بالنوى حاكم البَينِ
ومَن ذا الذي قد قيلَ فيه مُداين / وهل كان هذا الحكمُ إلاّ من الدّينِ
لقد حُجبتْ منا قلوبٌ صقيلةٌ / عن الكشفِ والتحقيقِِ من حُجُبِ الرِّينِ
لقد خالفوا في اللونِ وهو مشاهدٌ / وأينَ شهيدُ الكونِ من شاهد اللونِ
لقد لنتُ للأقوامِ حتى كأنني / عجزتُ عن التقييد من شِدَّة اللين
وقد جاء حكمُ الفالِ فيما علمتم / وحاشاه مما تعرفون من الغَين
كما قيلَ حَدّادٌ لحاجبِ بابهم / وقد قيلَ هذا اللفظ في العرفِ للقَين
ولوكان في الداعي إلى الله غلطة / لفرُّوا ولكنْ جاء باللين والهينِ
وجودي عن الأمرِ الإلهي لم يكن
وجودي عن الأمرِ الإلهي لم يكن / عن الذاتِ والتكوين لي فأعقل الشانا
وهذا الذي قد قلته لم يقل به / سوانا فحقِّق من يكون إذا كانا
توحدتُ سرّاً وهو أمر يخصُّني / وإني كثيرٌ بالتأمّل إعلانا
فمن يرني مني يرى العين واحداً / ومن يرني منه يرى العين أعياناً
وذلك من صَدعٍ يكون بعينه / يقيم به وزني فيخسر ميزانا
وإن لنا في كلِّ حالٍ ومشهدٍ / دليلاً على علمي بنفسي وبرهانا
وعلمي بنفسي عين علمي بربِّها / يحققه كشفاً جلياً وإيمانا
ألستَ تراني في مجالسِ علمنا / أفتِّقُ أسماعاً أبصِّر عميانا
وأهدي إلى النهجِ القويمِ بوحيه / قليبَ عبيدٍ لم يزل فيه حيرانا
إذا نحن نادينا نفوساً به أتت / من الملأ العلويّ رجلاً وفُرسانا
يلبي منادي الحقِّ من كلِّ جانبٍ / فيكتبن أنصاراً ويثبتن أعوانا
لقد علل الصدِّيقُ إخفاءَ صَوتِه / بما كان يتلوه من الليلِ قرآنا
بأسماعِ من ناجاه منفرداً به / ليظهر ما سماه جبريلُ إحسانا
وعلله الفاروقُ إذ كان معلنا / ليطردَ شيطاناً ويوقظَ وَسنانا
وكلُّ رأي خيراً ولم يك خارجاً / عن الحكمِ بالميزانِ نقصاً ورُجحانا
فجاء إمامُ الخيرِ بالحكمِ فيهما / وقد صاغه الرحمنُ رُوحاً ورَيحانا
فقالَ له ارفع ثم للآخر اتضع / يظهر حكمُ العدلِ عَيناً وسُلطانا
فكم بين من فيه ومنه ومن أتى / بهذا وذا إذ كان بالكلِّ رَحمانا
ألم ترني أدعى على كل حالة / أكون عليها بالتقلبِ إنسانا
وسوّاه شخصاً قابلاً كلَّ صورةٍ / فعدَّلَ أجزاءَ ورتَّبَ أركانا
وأظهره جسماً سوياً معدَّلاً / بتربيع أخلاطِ وسماه جثمانا
وأودع فيه النفخ روحاً مقدَّساً / ليعصم أرواحاً ويقصمَ شيطانا
شؤونك يا مولاي قد حيرت سِرّي
شؤونك يا مولاي قد حيرت سِرّي / وقولك بالتفريعِ أذهلني عني
لأني لا أدري بماذا تجيبني / مع العلم أن الأصل فيما أتى مني
ووالله ما تجني عليَّ وإنما / نفوسُ الورى منها على نفسِها تجني
فلم أو فسلم فالأمور كما ترى / وما هو عن حَدسِ وما هو عن ظنِّ
ولكنه علمٌ صحيحٌ محققٌ / أتين به الأرواح في ظلمةِ الدَّجْن
نهاني ودادي أن أبث سرائري
نهاني ودادي أن أبث سرائري / إلى أحدٍ غيري فمت بكتماني
نبا بي زمان عز عندي وجودُه / وقد كان مشهودي لمشهد إحساني
نزلتُ إلى الأمرِ الدني وكان لي / علوُّ الذي أعلى الإله به شاني
نروم أموراً من زمانٍ محكم / بتضعيف آرائي وتحليلِ أركاني
نرى فيه ربي عين دهري وموجدي / بتوحيدِ إسلامٍ عميمٍ وأيمانِ
نموت ونحيى حكم دهري بنشأتي / ولم آت فيما قلت فيه ببهتانِ
نسميه بالدهرِ العظيمِ لأنه / به قد تسمى لي بأوضح تبيان
نمتُّ إليه بالودادِ فعله / يجود على أهلِ الوجودِ بطوفان
نعيشُ به لما تألم باطني / بما أشعلَ التبريح من نار بركاني
نحت نحوه سبحانه من وجودِنا / خواطر إيماء بتقويضِ بنيانِ
تعالى وجود الذات عن نيل ناظرٍ
تعالى وجود الذات عن نيل ناظرٍ / فإنَّ وجودَ الذاتِ لله عينها
وذاك اختصاصٌ بالإله ولا تقل / بأنّ ذوات الخلقِ كالحقِ كونها
تغيرتِ الأحكام لما تغايرت / بألفاظه الأنساب فالبينُ بينها
فمن شاء فليقطع ومن شاء فليصلْ / فذلك ستر فيه للذاتِ صونها
وإخوانِ صدقٍ جمل الله ذكرهم
وإخوانِ صدقٍ جمل الله ذكرهم / معلمهم كلبٌ وهو يزجرونَهْ
يعرفهم بالحالِ والفعلِ قدرهم / فيعرفهم عيناً وهم يجهلونه
يلازمُ بابَ القومِ يحمي ذمارهم / ويحفظهم طبعاً ولا يحفظونه
يقول لهم بالحالِ إني منكمُ / وعلمي بكم علمٍ بما تعلمونه
فلم يفهموا ما قاله وتواطئوا / على مسكه حفظاً بما ينظرونه
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف / عليه بما تدري ولا تتخذ خدنا
فإني لكل الاعتقادات قابل / وإني منكم مثل ما انتم منا
منيتُ عليكم بالذي جئتكم به / على ألسن الأرسال حبالكم منا
بعثتُ إليكم واحداً واصطفيته / لنا ولكم منكم فبنتم وما بنا
وحلتم عن العهد الذي كان بيننا / بمشهدٍ قبض الذرّ فيه وما حلنا
أجاريك لي بالصوم إذ كان لي بكم / فيا ليت شعري هل تدين كما دنا
وزلتم بلا أمر ولا عين مبصر / عن العين بي دونَ الأنام وما زلنا
وكنا على أمر بد قد عرفتمُ / ونحن عليه ما نزال وما زلنا
ونعلم أنا إذ تجولون في بنا / بميدانِ أشهاد جحا جحة جلنا
فإن قمتَ لي فيما أمرتك طائعاً / بأمرك يا عبدي إذا قمت لي قمنا
معارفُ أثباتٌ اخال وجودها / وفي النفي عرفاني فنحن كما كنا
فما تبتغي نفسي سراحاً لذاتها / فقد ألفت من ذاتها القيد والسجنا
وهذا مَجال فكها وسراحها / ولم ندر هذا الأمر إلا إذا صمنا
ولكن بإذنِ الشرعِ لا بعقولنا / ولو قال عقلي ما أعرت له أذنا
خلاف الذي قال الحكيم بفكره / من الحكم بالتسريحِ كهلاً بما فهنا
فنحن على ما قد علمتم كذاته / إذا فارقتُ معنى يقيدها معنى
فإطلاقه إن أنتَ أنصفتَ قيدَه / فلا تنتظر فيه خطابا ولا إذنا
فلم نخلُ عن مجلى يكون له بنا / ولم يخلُ سرٌّ يرتقى نحوه منا
رقيُّ معانٍ ولا رقيَّ مسافةٍ / على صورٍ شتّى تكون بنا عنا
إذا كان هذا الأمر بيني وبينه / فقد نال أيضاً مثلَ ما نحن قد نلنا
قد انبهم الأمر الذي كان واضحاً / لعقلي بشرعي فالأمور كما قلنا
فقال لي المطلوبُ لست بغيركم / إذا فزدتم فزنا وإنْ عدتمُ عدنا
كما جاء في الشرع المطهر أنه / يمل إذا مل العبيد فما فزنا
بشيء لنا نمتاز عنه به ولم / يحز دوننا أمراً لديه ولا حزنا
لقد جزتُ فيما قلته حدَّ نشأتي / فيا ليت شعري هي يجوز كما جزنا
وهذا غريبٌ إن يقع فهو مطلبي / عليه رجالُ الله إنْ ساألوا حلنا
وما أحدٌ منا إذا جاز حدَّه / إلى ضدِّه يلتذ فيه فإن امنا
فذلك أقصى ما يكون من المدى / وقائله دون الأنام قد استغنى
ومنه يقول الحقُّ عني بالغنى / وفي عبده في نجم قرآنه أغنى
وبالكسبِ نال العبد هذا الذي أتى / إلى قوله أغنى قنى ما به أقنى
تقرَّبْ بما نادى الذبيحُ إلهه / طواعيةً منكم ولا تقربِ البدنا
وجلَّ بمفازاتِ المعارفِ تائهاً / تزاد بلا زادٍ ولا تدخلِ المدنا
فإنَّ عوامَ الناسِ قد ينكرونه / إذا جاءكم فليتخذ بعدهم جنا
فإن اتخاذ الستر فرضٌ معيَّنٌ / كذا جاءنا فيما به الله قد دنا
ولو لم يكن هذا لكانت دماؤنا / تباحُ فيا أهل الوجودِ قد أعلمنا
نصحناكمُ عن إذن ربي وما بقى / سوى أن تعوا ما قلته حين أفهمنا
أتينا بها بيضاء مثلي نقية / عن الغرض النفسي حقا وبينا
وما أبتغي في ذاك أجراً ولا أرى / عليه جزاء إن تزيدوا إذا أبنا
فمن كان ذا علمٍ وكشفٍ مُحقَّقٍ / إذا كان يدعو فليتب مثلَ ما تبنا
عليه مدار الأمر في كلِّ مُرسَلٍ / فقلت لهم فابنوا على مثل ذا يبنى
لقد صدقتْ نفسي لكم في مقالها / ووالله خاضت ونحن فما خضنا
عليك بصدقِ القولِ في كل حالة / ولا تتأوّل واتخذه لكم حصنا
ولا تعجز الحق الذي هو قادر / وكن كالذي قال الإله لهم عنا
فقد بان في شخصٍ جليل مقامُه / وأثر فيه بالذي كان أعلمنا
حياء وتعظيما له وترفقا / وعاد علينا قوله قتضرّرنا
عليه صلاة الله ما ذرَّ شارقٌ / وما ناح للشربِ الحمام وما غنى
عفا رسمُ من أهوى وليس سوانا
عفا رسمُ من أهوى وليس سوانا / وكنا له عند النزولِ مكانا
لقد ضاق عنه أرضه وسماؤه / وبالسَّعة المثلى لديه حبانا
وما وسعَ الرحمنَ إلا وجودنا / كأنا على العرشِ العظيم بنانا
ولما وسعنا الحقّ جل جلالُه / نعمنا به علما به وعِيانا
ولم نتخذ غير المهيمن ساكنا / ولم يتخذ بيتا يكون سوانا
لقد جاد لي ربي بكل فضيلةٍ / وآتانِ منه بسطةً وبيانا
إذا نحن جئناه على كلِّ حالة / بضعف الذي جئنا إليه أتانا
إذا نحن أثنينا عليه بذاتنا / وكان لنا منك الشهود أمانا
على كلِّ ما قلناه فيك وعصمةٌ / فما ثم عينٌ في الوجود ترانا
عليك بحفظ النفسِ فالأمر بيِّنٌ
عليك بحفظ النفسِ فالأمر بيِّنٌ / فإنَّ وجودَ القشرِ للبِّ صائنُ
يصونُ بحكم الحالِ لا علمَ عنده / فما يدري ما تحوي عليه المصاون
وإنَّ وجودي صائنٌ من علمته / وبيني وبين الحقِّ فيه تباين
فيحفظني وقتاً ووقتاً أصونه / ويدري الذي قد قلته من يعاين
فما ثَمَّ إلا الكشفُ ما ثَم غيرُه / وما بعد علم العينِ علمٌ يوازن
إذا كان مخدومي الذي قد تركته / ببسطام خلفي قل لمن أنا سادن
إذا كان مطلوبي ومن هو غايتي / وبدئي فما في العالمين تغابن
أرى فتية عمياءَ جاءت لنصرتي / تقول لنا بالحال أنت المفاتن
فحصَّلتُ منها كلَّ خيرٍ وإنني / أسايف أوقاتاً ووقتاً أطاعنُ
وما أنت فيها ذو نواءٍ نويته / ولا أنا عنها بالجماعة ظاعنُ
فمن شاء فليرحل ومن شاء فليقم / فما الأمر إلا كائنٌ وهو بائن
إذا كنتَ إنسانا فكن خير إنسان
إذا كنتَ إنسانا فكن خير إنسان / فإنَّ بخيلَ القومِ ليس بِمحسانِ
ولا تظهرن إن كنتَ تملك سترةً / إلى كلِّ ذي عين بصورة عُريانِ
وحقِّق إذا ما قلتَ قولاً ولا تكن / تخلطُ صدقَ القولِ منك ببهتانِ
ولا تسرعن إن جاءَ يسألُ سائلٌ / ولا تبذرِ السمراء في أرض عُميان
وكن ذا لسانٍ واحد وهو عينه / ولا تك من قومٍ بفهيم لسانان
لسانٌ بخلقٍ وهو عضو معين / وليس يرى ذا العضو إلا لتبيان
ونطق بحقٍ فهو بالصدقِ ناطقٌ / تقسم قرآناً بتقسيم فُرقان
فيبدو لذاك القسم من كلِّ وجهةٍ / من العالم الأدنى إليك طريقان
طريقُ شكورٍ أو كفورٍ وما هما / فريقان بل هم بالتقاسيم فرقان
فإن كنت عند القسم بالأمر عالما / فما ثم فرقان بوجه ولا ثان
فما أنت بالتوحيدِ متحد به / فربحك خسرانٌ ونقصُك رجحاني
ولا تدخلنْ إنْ كنتَ طالبَ حكمةٍ / حقيقةُ ما تبغيه كَفَّةُ مِيزان
فما وضع الميزان إلا بأرضه / هنا وبأرض الحشر والشانُ كالشان
وما هو مطلوبي فذلك خارجٌ / عن الحدِّ والتقسيم فيه ببرهان
فليس وجودُ الخلقِِ إلا بجودِه / وجودُ الإله الحقّ ليس بميزان
يفيض الإله الحقّ عين عطائه / وتقبله الأعيان من غير نقصان
فما ثم إلا كاملٌ في طريقه / من أصحابِ أفلاكٍ وأصحابِ أركان
بهذا قد أعطى كلُّ من كان خلقُه / كما قاله الرحمن في نصِّ قرآن
إذا الأمر لم يمكن فكنه فإنه
إذا الأمر لم يمكن فكنه فإنه / قصارى حديثي أن أكونَ كأنهُ
بذا جاء نصُّ الشرع في غير موضعٍ / فمن لم يصدقني فيعلم أنهُ
عن الحقِّ مصروفٌ إلى غير وجهه / وعن مشهد التحقيق ربي أكنه
وأعلمُ ما المعنى الذي قام واستوى / على عرشه العلويِّ حين اجنَّه
وما هو إلا قربه ليس غيره / ولو كان ذا بعد لأسمعَ أذنه
خطاباً بليغاً يخرق السمعَ صوتُه / ويودعُ فيه من تكلم أذنه
وديعةَ حقٍّ لا وديعةَ حيلةٍ / فيضحى لما قد فات يقرعُ منه
كما صنع الرامي الذي جاز سهمه / فريسته فاستلزم القلبَ حزنه
فوسع مكانَ الضيقِِ منك تخلقا / فمن وسعَ الرحمن سهل حزنه
ولا شطر الأشياء الا بعينها / فقد يقلبُ الفرار وقتاً مجنه
إذا كنت ذا خبر لما أنت صانعٌ / له فعلمنا أنْ ستدرك حسنه
تأمل إذا ما قرَّبَ الشخصُ بيضة / هي الكل من شخص يقرّب بدنه
ويفضل عنها مثلها وزيادة / وهذا دليلٌ إن تحققت عينه
فخذ بالوجودِ الحقِّ ما دمت ههنا / ولا تبق شيئاً خلفكم لتجنه
فمن سنّ خيراً حاز من كل معتد / به خيره بالفعلِ إذ كان سنه