القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 15
أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ
أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ / تَرَفَّقنَ لا تُضعِفنَ بِالشَجوِ أَشجاني
تَرَفَّقنَ لا تُظهِرنَ بِالنوحِ وَالبُكا / خَفِيَّ صَباباتي وَمَكنونَ أَحزاني
أُطارِحُها عِندَ الأَصيلِ وَبِالضُحى / بِحَنَّةِ مُشتاقٍ وَأَنَّةِ هَيمانِ
تَناوَحَتِ الأَرواحُ في غَيضَةِ الغَضا / فَمالَت بِأَفنانٍ عَلَيَّ فَأَفناني
وَجاءَت مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ وَالجَوى / وَمِن طُرَفِ البَلوى إِلَيَّ بِأَفنانِ
فَمَن لي بِجَمعٍ وَالمُحَصَّبِ مِن مِنىً / وَمَن لي بِذاتِ الأُثلِ مَن لي بِنَعمانِ
تَطوفُ بِقَلبي ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ / لِوَجدٍ وَتَبريحٍ وَتَلثُمُ أَركاني
كَما طافَ خَيرُ الرُسلِ بِالكَعبَةِ الَّتي / يَقولُ دَليلُ العَقلِ فها بِنُقصانِ
وَقَبَّلَ أَحجاراً بِها وَهُوَ ناطِقٌ / وَأَينَ مَقامُ البَيتِ مِن قَدرِ إِنسانِ
فَكَم عَهِدَت أَن لا تَحولَ وَأَقسَمَت / وَلَيسَ لِمَخضوبٍ وَفاءٌ بِأَيمانِ
وَمَن عَجَبِ الأَشياءِ ظَبيٌ مُبَرقَعٌ / يُشيرُ بِعُنّابٍ وَيَومي بِأَجفانِ
وَمَرعاهُ ما بَينَ التَرائِبِ وَالحَشا / وَيا عَجَباً مِن رَوضَةٍ وَسطَ نيرانِ
لَقَد صارَ قَلبي قابِلاً كُلَّ صورَةٍ / فَمَرعىً لِغِزلانٍ وَدَيرٌ لِرُهبانِ
وَبَيتٌ لِأَوثانٍ وَكَعبَةُ طائِفٍ / وَأَلواحُ تَوراةٍ وَمُصحَفُ قُرآنِ
أَدينُ بِدَينِ الحُبِّ أَنّي تَوَجَّهَت / رَكائِبُهُ فَالحُبُّ دَيني وَإيماني
لَنا أُسوَةٌ في بِشرِ هِندٍ وَأُختِها / وَقَيسٍ وَلَيلى ثُمَّ مَيٍّ وَغَيلانِ
أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ لي بَعدَ طَيبَةٍ
أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ لي بَعدَ طَيبَةٍ / وَمَكَّةَ وَالأَقصى مَدينَةُ بَغدانِ
وَما لِيَ لا أَهوى السَلامَ وَلي بِها / إِمامُ هُدىً ديني وَعَقدي وَإيماني
وَقَد سَكَنَتها مِن بُنَيّاتِ فارِسٍ / لَطيفَةُ إيماءٍ مَريضَةُ أَجفانِ
تُحَيّي فَتُحيي مَن أَماتَت بِلَحظِها / فَجاءَت بِحُسنى بعدَ حُسنٍ وَإِحسانِ
ألا إنَّ وحي الله في كلِّ كائن
ألا إنَّ وحي الله في كلِّ كائن / من الصخر والأشجارِ والحيوانِ
وفي عالم الأركان في كلِّ حالة / وفي أنفسِ الأفلاكِ والمَلوانِ
وقد نزلتْ أملاكه من مقامِها / ليلقاه منها بالتقى الثقلان
عجبتُ لإنسانٍ يراحم رحماناً
عجبتُ لإنسانٍ يراحم رحماناً / فأوسعُ أهل الأرضِ رُوحاً وريحانا
فقام له الإيمان بالغيبِ ناصحاً / فأرسلَ دَمعَ العينِ للغيب طوفانا
فعارضه علمُ الحقائقِِ مُفصحاً / بصورةِ من سوَّاه أصبحَ رحمانا
وأنزله في الأرض وَجهاً خليفةً / على الملأ الأعلى وسمَّاه إنسانا
فلم يك هذا منه دعوى أتى بها / ولكنه بالحال كوَّن محانا
وشرفه بالشحِّ إذْ كانَ مانعاً / فكان النقصانُ فضلاً ما وإحسانا
فلو لم يكن في الكونِ نقصٌ محققٌ / لكانَ أخيّ النقصِ يخسر ميزانا
ولم يك مخلوقاً على الصورة التي / أقام بها عند التنازع برهانا
فمن كان بالنقصانِ أصلُ كماله / فلا بد أن يعطيك رِبحاً وخُسرانا
إذا كان بالنقصانِ عينُ كماله / فأصبحَ كالميزان بالحمدِ ملآنا
فإن عموم الحمدِ ليس كبيرة / من أذكاره في كلِّ شيءٍ وإن هانا
فما هان في الأذكار إلا لعزَّة / يميل بها عنهم مكاناً وإمكانا
وآخرُ دعوانا أنِ الحمد فاستمع / وما ثَمَّ قولٌ بعدَ آخرِ دَعوانا
إذا جاءتِ الأذكارُ للعدلِ تبتغي / مفاضلةً يأتين رَجلاً ورُكبانا
فيظهر فضلُ الحمد إذ كنَّ سوقة / وكان وجودُ الحمد فيهنَّ سُلطانا
تأمل فإني أعلمُ الخلقِِ بالذي / أتيت به علماً صحيحاً وإيمانا
رأيتُ الذي لا بدَّ لي منه جَهرة
رأيتُ الذي لا بدَّ لي منه جَهرة / ولم يك إلاّ ما رأيتُ من الكونِ
ولكنه منه على ما رأيته / كإنسانِ عينِ الشخصِ فيه من العينِ
ويأتي على ما يأتي للفصلِ والقضا / وقد كان قبلَ الخلقِِ في ذلك العينِ
وما جاءني في كلِّ معنى وصورةٍ / لأمر سوى ما يتقيه منَ العينِ
إذا المرءُ لم يعرف بسمعٍ ولا بدا / لعينٍ أتاه إلا مَن بالحفظ والصَّون
فرضنا له عينَ الكمالِ لأنه / إذا كان في الأحجارِ فيها من العين
إذا شاء أن يروي من الماء مرتوٍ / فلا يشربُ إلا ما يكون من العين
فذاك له مثلُ الرَّضاعِ لأنه / تولَّد منها عن فصالٍ وعن بين
وما كان قولي إنه عينُ ما يرى / من الكونِ إلا قوله لي بلا مين
ولما سألتُ الله عوناً على الذي / يكلفني من فرضِه كان في عَوني
ويا عجباً إن المعين هو الذي / يكون مُعاناً ردُّه شاهد البَينِ
ولو لم يكن في الغيب عينٌ لصورةٍ / لما كان للعينِ التصوُّر في العين
وما زينةُ الأعيانِ إلاَّ بربِّها / وقد ظهرتْ للعينِ في أحسن الزين
تباعد عنها الشَّينُ والشينُ كونها / فأنت ترى عَيناً وما ثَمَّ من شَيْن
إذا قال لي ما أنت إلا هويتي / فأين الذي قال المنازعُ من بوني
لقد حِرتُ في أمري وإني لصادقٌ / تقابلُ ألفاظٍ تُترجمُ عن عيني
وما عجبي عن واحدٍ عنه واحدٌ / كما قيل لكنْ مِن وحيدٍ عن اثنين
فلولاه لم أوجد ولولاي لم يكن / ولا بدَّ لي في كون ذاتي من اثنين
حقيقةُ ذاتي من حقيقةِ ذاته / ولا بدَّ من ذاتي فلا بدَّ من تَين
وإني من الأضدادِ في كلِّ حالة / كما هو مثل الغرِّ في اللوّنِ والجونِ
إذا كان عيني عينه فمن الذي / تحكم فيه بالنوى حاكم البَينِ
ومَن ذا الذي قد قيلَ فيه مُداين / وهل كان هذا الحكمُ إلاّ من الدّينِ
لقد حُجبتْ منا قلوبٌ صقيلةٌ / عن الكشفِ والتحقيقِِ من حُجُبِ الرِّينِ
لقد خالفوا في اللونِ وهو مشاهدٌ / وأينَ شهيدُ الكونِ من شاهد اللونِ
لقد لنتُ للأقوامِ حتى كأنني / عجزتُ عن التقييد من شِدَّة اللين
وقد جاء حكمُ الفالِ فيما علمتم / وحاشاه مما تعرفون من الغَين
كما قيلَ حَدّادٌ لحاجبِ بابهم / وقد قيلَ هذا اللفظ في العرفِ للقَين
ولوكان في الداعي إلى الله غلطة / لفرُّوا ولكنْ جاء باللين والهينِ
وجودي عن الأمرِ الإلهي لم يكن
وجودي عن الأمرِ الإلهي لم يكن / عن الذاتِ والتكوين لي فأعقل الشانا
وهذا الذي قد قلته لم يقل به / سوانا فحقِّق من يكون إذا كانا
توحدتُ سرّاً وهو أمر يخصُّني / وإني كثيرٌ بالتأمّل إعلانا
فمن يرني مني يرى العين واحداً / ومن يرني منه يرى العين أعياناً
وذلك من صَدعٍ يكون بعينه / يقيم به وزني فيخسر ميزانا
وإن لنا في كلِّ حالٍ ومشهدٍ / دليلاً على علمي بنفسي وبرهانا
وعلمي بنفسي عين علمي بربِّها / يحققه كشفاً جلياً وإيمانا
ألستَ تراني في مجالسِ علمنا / أفتِّقُ أسماعاً أبصِّر عميانا
وأهدي إلى النهجِ القويمِ بوحيه / قليبَ عبيدٍ لم يزل فيه حيرانا
إذا نحن نادينا نفوساً به أتت / من الملأ العلويّ رجلاً وفُرسانا
يلبي منادي الحقِّ من كلِّ جانبٍ / فيكتبن أنصاراً ويثبتن أعوانا
لقد علل الصدِّيقُ إخفاءَ صَوتِه / بما كان يتلوه من الليلِ قرآنا
بأسماعِ من ناجاه منفرداً به / ليظهر ما سماه جبريلُ إحسانا
وعلله الفاروقُ إذ كان معلنا / ليطردَ شيطاناً ويوقظَ وَسنانا
وكلُّ رأي خيراً ولم يك خارجاً / عن الحكمِ بالميزانِ نقصاً ورُجحانا
فجاء إمامُ الخيرِ بالحكمِ فيهما / وقد صاغه الرحمنُ رُوحاً ورَيحانا
فقالَ له ارفع ثم للآخر اتضع / يظهر حكمُ العدلِ عَيناً وسُلطانا
فكم بين من فيه ومنه ومن أتى / بهذا وذا إذ كان بالكلِّ رَحمانا
ألم ترني أدعى على كل حالة / أكون عليها بالتقلبِ إنسانا
وسوّاه شخصاً قابلاً كلَّ صورةٍ / فعدَّلَ أجزاءَ ورتَّبَ أركانا
وأظهره جسماً سوياً معدَّلاً / بتربيع أخلاطِ وسماه جثمانا
وأودع فيه النفخ روحاً مقدَّساً / ليعصم أرواحاً ويقصمَ شيطانا
شؤونك يا مولاي قد حيرت سِرّي
شؤونك يا مولاي قد حيرت سِرّي / وقولك بالتفريعِ أذهلني عني
لأني لا أدري بماذا تجيبني / مع العلم أن الأصل فيما أتى مني
ووالله ما تجني عليَّ وإنما / نفوسُ الورى منها على نفسِها تجني
فلم أو فسلم فالأمور كما ترى / وما هو عن حَدسِ وما هو عن ظنِّ
ولكنه علمٌ صحيحٌ محققٌ / أتين به الأرواح في ظلمةِ الدَّجْن
نهاني ودادي أن أبث سرائري
نهاني ودادي أن أبث سرائري / إلى أحدٍ غيري فمت بكتماني
نبا بي زمان عز عندي وجودُه / وقد كان مشهودي لمشهد إحساني
نزلتُ إلى الأمرِ الدني وكان لي / علوُّ الذي أعلى الإله به شاني
نروم أموراً من زمانٍ محكم / بتضعيف آرائي وتحليلِ أركاني
نرى فيه ربي عين دهري وموجدي / بتوحيدِ إسلامٍ عميمٍ وأيمانِ
نموت ونحيى حكم دهري بنشأتي / ولم آت فيما قلت فيه ببهتانِ
نسميه بالدهرِ العظيمِ لأنه / به قد تسمى لي بأوضح تبيان
نمتُّ إليه بالودادِ فعله / يجود على أهلِ الوجودِ بطوفان
نعيشُ به لما تألم باطني / بما أشعلَ التبريح من نار بركاني
نحت نحوه سبحانه من وجودِنا / خواطر إيماء بتقويضِ بنيانِ
تعالى وجود الذات عن نيل ناظرٍ
تعالى وجود الذات عن نيل ناظرٍ / فإنَّ وجودَ الذاتِ لله عينها
وذاك اختصاصٌ بالإله ولا تقل / بأنّ ذوات الخلقِ كالحقِ كونها
تغيرتِ الأحكام لما تغايرت / بألفاظه الأنساب فالبينُ بينها
فمن شاء فليقطع ومن شاء فليصلْ / فذلك ستر فيه للذاتِ صونها
وإخوانِ صدقٍ جمل الله ذكرهم
وإخوانِ صدقٍ جمل الله ذكرهم / معلمهم كلبٌ وهو يزجرونَهْ
يعرفهم بالحالِ والفعلِ قدرهم / فيعرفهم عيناً وهم يجهلونه
يلازمُ بابَ القومِ يحمي ذمارهم / ويحفظهم طبعاً ولا يحفظونه
يقول لهم بالحالِ إني منكمُ / وعلمي بكم علمٍ بما تعلمونه
فلم يفهموا ما قاله وتواطئوا / على مسكه حفظاً بما ينظرونه
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف / عليه بما تدري ولا تتخذ خدنا
فإني لكل الاعتقادات قابل / وإني منكم مثل ما انتم منا
منيتُ عليكم بالذي جئتكم به / على ألسن الأرسال حبالكم منا
بعثتُ إليكم واحداً واصطفيته / لنا ولكم منكم فبنتم وما بنا
وحلتم عن العهد الذي كان بيننا / بمشهدٍ قبض الذرّ فيه وما حلنا
أجاريك لي بالصوم إذ كان لي بكم / فيا ليت شعري هل تدين كما دنا
وزلتم بلا أمر ولا عين مبصر / عن العين بي دونَ الأنام وما زلنا
وكنا على أمر بد قد عرفتمُ / ونحن عليه ما نزال وما زلنا
ونعلم أنا إذ تجولون في بنا / بميدانِ أشهاد جحا جحة جلنا
فإن قمتَ لي فيما أمرتك طائعاً / بأمرك يا عبدي إذا قمت لي قمنا
معارفُ أثباتٌ اخال وجودها / وفي النفي عرفاني فنحن كما كنا
فما تبتغي نفسي سراحاً لذاتها / فقد ألفت من ذاتها القيد والسجنا
وهذا مَجال فكها وسراحها / ولم ندر هذا الأمر إلا إذا صمنا
ولكن بإذنِ الشرعِ لا بعقولنا / ولو قال عقلي ما أعرت له أذنا
خلاف الذي قال الحكيم بفكره / من الحكم بالتسريحِ كهلاً بما فهنا
فنحن على ما قد علمتم كذاته / إذا فارقتُ معنى يقيدها معنى
فإطلاقه إن أنتَ أنصفتَ قيدَه / فلا تنتظر فيه خطابا ولا إذنا
فلم نخلُ عن مجلى يكون له بنا / ولم يخلُ سرٌّ يرتقى نحوه منا
رقيُّ معانٍ ولا رقيَّ مسافةٍ / على صورٍ شتّى تكون بنا عنا
إذا كان هذا الأمر بيني وبينه / فقد نال أيضاً مثلَ ما نحن قد نلنا
قد انبهم الأمر الذي كان واضحاً / لعقلي بشرعي فالأمور كما قلنا
فقال لي المطلوبُ لست بغيركم / إذا فزدتم فزنا وإنْ عدتمُ عدنا
كما جاء في الشرع المطهر أنه / يمل إذا مل العبيد فما فزنا
بشيء لنا نمتاز عنه به ولم / يحز دوننا أمراً لديه ولا حزنا
لقد جزتُ فيما قلته حدَّ نشأتي / فيا ليت شعري هي يجوز كما جزنا
وهذا غريبٌ إن يقع فهو مطلبي / عليه رجالُ الله إنْ ساألوا حلنا
وما أحدٌ منا إذا جاز حدَّه / إلى ضدِّه يلتذ فيه فإن امنا
فذلك أقصى ما يكون من المدى / وقائله دون الأنام قد استغنى
ومنه يقول الحقُّ عني بالغنى / وفي عبده في نجم قرآنه أغنى
وبالكسبِ نال العبد هذا الذي أتى / إلى قوله أغنى قنى ما به أقنى
تقرَّبْ بما نادى الذبيحُ إلهه / طواعيةً منكم ولا تقربِ البدنا
وجلَّ بمفازاتِ المعارفِ تائهاً / تزاد بلا زادٍ ولا تدخلِ المدنا
فإنَّ عوامَ الناسِ قد ينكرونه / إذا جاءكم فليتخذ بعدهم جنا
فإن اتخاذ الستر فرضٌ معيَّنٌ / كذا جاءنا فيما به الله قد دنا
ولو لم يكن هذا لكانت دماؤنا / تباحُ فيا أهل الوجودِ قد أعلمنا
نصحناكمُ عن إذن ربي وما بقى / سوى أن تعوا ما قلته حين أفهمنا
أتينا بها بيضاء مثلي نقية / عن الغرض النفسي حقا وبينا
وما أبتغي في ذاك أجراً ولا أرى / عليه جزاء إن تزيدوا إذا أبنا
فمن كان ذا علمٍ وكشفٍ مُحقَّقٍ / إذا كان يدعو فليتب مثلَ ما تبنا
عليه مدار الأمر في كلِّ مُرسَلٍ / فقلت لهم فابنوا على مثل ذا يبنى
لقد صدقتْ نفسي لكم في مقالها / ووالله خاضت ونحن فما خضنا
عليك بصدقِ القولِ في كل حالة / ولا تتأوّل واتخذه لكم حصنا
ولا تعجز الحق الذي هو قادر / وكن كالذي قال الإله لهم عنا
فقد بان في شخصٍ جليل مقامُه / وأثر فيه بالذي كان أعلمنا
حياء وتعظيما له وترفقا / وعاد علينا قوله قتضرّرنا
عليه صلاة الله ما ذرَّ شارقٌ / وما ناح للشربِ الحمام وما غنى
عفا رسمُ من أهوى وليس سوانا
عفا رسمُ من أهوى وليس سوانا / وكنا له عند النزولِ مكانا
لقد ضاق عنه أرضه وسماؤه / وبالسَّعة المثلى لديه حبانا
وما وسعَ الرحمنَ إلا وجودنا / كأنا على العرشِ العظيم بنانا
ولما وسعنا الحقّ جل جلالُه / نعمنا به علما به وعِيانا
ولم نتخذ غير المهيمن ساكنا / ولم يتخذ بيتا يكون سوانا
لقد جاد لي ربي بكل فضيلةٍ / وآتانِ منه بسطةً وبيانا
إذا نحن جئناه على كلِّ حالة / بضعف الذي جئنا إليه أتانا
إذا نحن أثنينا عليه بذاتنا / وكان لنا منك الشهود أمانا
على كلِّ ما قلناه فيك وعصمةٌ / فما ثم عينٌ في الوجود ترانا
عليك بحفظ النفسِ فالأمر بيِّنٌ
عليك بحفظ النفسِ فالأمر بيِّنٌ / فإنَّ وجودَ القشرِ للبِّ صائنُ
يصونُ بحكم الحالِ لا علمَ عنده / فما يدري ما تحوي عليه المصاون
وإنَّ وجودي صائنٌ من علمته / وبيني وبين الحقِّ فيه تباين
فيحفظني وقتاً ووقتاً أصونه / ويدري الذي قد قلته من يعاين
فما ثَمَّ إلا الكشفُ ما ثَم غيرُه / وما بعد علم العينِ علمٌ يوازن
إذا كان مخدومي الذي قد تركته / ببسطام خلفي قل لمن أنا سادن
إذا كان مطلوبي ومن هو غايتي / وبدئي فما في العالمين تغابن
أرى فتية عمياءَ جاءت لنصرتي / تقول لنا بالحال أنت المفاتن
فحصَّلتُ منها كلَّ خيرٍ وإنني / أسايف أوقاتاً ووقتاً أطاعنُ
وما أنت فيها ذو نواءٍ نويته / ولا أنا عنها بالجماعة ظاعنُ
فمن شاء فليرحل ومن شاء فليقم / فما الأمر إلا كائنٌ وهو بائن
إذا كنتَ إنسانا فكن خير إنسان
إذا كنتَ إنسانا فكن خير إنسان / فإنَّ بخيلَ القومِ ليس بِمحسانِ
ولا تظهرن إن كنتَ تملك سترةً / إلى كلِّ ذي عين بصورة عُريانِ
وحقِّق إذا ما قلتَ قولاً ولا تكن / تخلطُ صدقَ القولِ منك ببهتانِ
ولا تسرعن إن جاءَ يسألُ سائلٌ / ولا تبذرِ السمراء في أرض عُميان
وكن ذا لسانٍ واحد وهو عينه / ولا تك من قومٍ بفهيم لسانان
لسانٌ بخلقٍ وهو عضو معين / وليس يرى ذا العضو إلا لتبيان
ونطق بحقٍ فهو بالصدقِ ناطقٌ / تقسم قرآناً بتقسيم فُرقان
فيبدو لذاك القسم من كلِّ وجهةٍ / من العالم الأدنى إليك طريقان
طريقُ شكورٍ أو كفورٍ وما هما / فريقان بل هم بالتقاسيم فرقان
فإن كنت عند القسم بالأمر عالما / فما ثم فرقان بوجه ولا ثان
فما أنت بالتوحيدِ متحد به / فربحك خسرانٌ ونقصُك رجحاني
ولا تدخلنْ إنْ كنتَ طالبَ حكمةٍ / حقيقةُ ما تبغيه كَفَّةُ مِيزان
فما وضع الميزان إلا بأرضه / هنا وبأرض الحشر والشانُ كالشان
وما هو مطلوبي فذلك خارجٌ / عن الحدِّ والتقسيم فيه ببرهان
فليس وجودُ الخلقِِ إلا بجودِه / وجودُ الإله الحقّ ليس بميزان
يفيض الإله الحقّ عين عطائه / وتقبله الأعيان من غير نقصان
فما ثم إلا كاملٌ في طريقه / من أصحابِ أفلاكٍ وأصحابِ أركان
بهذا قد أعطى كلُّ من كان خلقُه / كما قاله الرحمن في نصِّ قرآن
إذا الأمر لم يمكن فكنه فإنه
إذا الأمر لم يمكن فكنه فإنه / قصارى حديثي أن أكونَ كأنهُ
بذا جاء نصُّ الشرع في غير موضعٍ / فمن لم يصدقني فيعلم أنهُ
عن الحقِّ مصروفٌ إلى غير وجهه / وعن مشهد التحقيق ربي أكنه
وأعلمُ ما المعنى الذي قام واستوى / على عرشه العلويِّ حين اجنَّه
وما هو إلا قربه ليس غيره / ولو كان ذا بعد لأسمعَ أذنه
خطاباً بليغاً يخرق السمعَ صوتُه / ويودعُ فيه من تكلم أذنه
وديعةَ حقٍّ لا وديعةَ حيلةٍ / فيضحى لما قد فات يقرعُ منه
كما صنع الرامي الذي جاز سهمه / فريسته فاستلزم القلبَ حزنه
فوسع مكانَ الضيقِِ منك تخلقا / فمن وسعَ الرحمن سهل حزنه
ولا شطر الأشياء الا بعينها / فقد يقلبُ الفرار وقتاً مجنه
إذا كنت ذا خبر لما أنت صانعٌ / له فعلمنا أنْ ستدرك حسنه
تأمل إذا ما قرَّبَ الشخصُ بيضة / هي الكل من شخص يقرّب بدنه
ويفضل عنها مثلها وزيادة / وهذا دليلٌ إن تحققت عينه
فخذ بالوجودِ الحقِّ ما دمت ههنا / ولا تبق شيئاً خلفكم لتجنه
فمن سنّ خيراً حاز من كل معتد / به خيره بالفعلِ إذ كان سنه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025