أتغني و ما أجدى الحسام و لا أغنى
أتغني و ما أجدى الحسام و لا أغنى / قواف من الأشعار تبقى و لا تفنى
أدرت على الأسماع منها سلافة / وأرضيت فيها الله و العرب و الفنّا
تحذّرني قرض القريض مهذّبا / عصابة شرّ لا تقيم له وزنا
و هدّدني بالسجن قوم سفاهة / فتى العرب الأنجاد لا يرهب السجنا
سأبعث من شعري جيادا مغيرة / عليها كماة تحسن الضرب والطعنا
و أذري على الأطلال أطلال يعرب / مدامع حرّ تستحيل قنا لدنا
هل الشعر إلا بسمة تمنح الفتى / هناء المنى أو دمعة تبعث الحزنا
يظنّون أنّ الشعر وزن وطالما / قرأت من الأشعار ما خالف الوزنا
من الشعر أحلى الشعر ثغر مقبّل / رشفت به السّلوى و لم أحرم المنّا
و في عين سلمى قد تلوت قصيدة / من الشعر لم تترك لضرّاتها حسنا
و للشعر آي في النهود قرأتها / و في الشفة اللمياء و المقلة الوسنى
نأيت عن الفيحاء لا عن ملالة / وحيدا و دمعي يوم فرقتها مثنى
فللّه مغنى الغوطتين و لا سقت / على البعد إلاّ أدمعي ذلك المغنى
يقولون : عنّ الغوطتين و هل رأوا / محبّا على مثوى حبيبته غنّى
فيا جنّة الفردوس لو لم يعث بها / شياطين إنس روّعوا الإنس و الجنّا
و يا جنّة الفردوس لكن قطوفها / بغير أكفّ الصيد من أهلها تجنى
حننت إلى ريّاك و السيف مصلت / و قد يعذر النائي الغريب إذا حنّا
و ذكّرني ريّاك روح شممته / كأنّ شذاه من خمائلك الغنّا
فيا واردي ماء الشام رويتم / فللّه ما أصفى و لله ما أهنى
و يا ناظري غيد الشام نعمتم / فللّه ما ابهى و للّه ما أسنى
و يا عصبة في الغوطتين فتاهم / إذا جاد لم يتبع عطيّته منّا
أرى أنّ هذا الأمر قد جدّ جدّه / فكونوا لنا حصنا نكن لكم حصنا
و لا تثن من هذي الأعنّة قوّة / فإنّ عنان اليعربين لا يثنى
و لا تقنطوا من بارق الفوز إنّني / أرى الفوز منكم قاب قوسين أو أدنى
لقد زعم الواشون أنّي نسيتكم / شروط الهوى : أن لا تعيروهم أذنا
يريدون هذا البعد بيني و بينكم / فلا نعموا بالا و لا صحبوا يمنا
هم حجبوا عنّا نسيم حماكم / و هم نقلوا زور الحديث لكم عنّا
أسئوا بهم ظنّا و إن لان مسّهم / فوا الله ودّوا أن تسيؤا بنا ظنّا
و إنّا على جور الخطوب و عنفها / و حقّ هواكم ما غدرنا و لا خنّا
لسرّ من الأسرار لا تجهلونه / تخلّت عن اليسرى شقيقتها اليمنى
لئن خان عهد الغوطتين عصابة / رأوا بيعهم ربحا و ألفيته غبنا
ففي الجبل النائي لعصبة جلّق / من القوم خدن لم يحن في الهوى خدنا
أمين على عهد الشام كأنّه / يرى و هي قيس الحبّ جلّق لبنى
إذا همّ أمضى همّه غير جازع / و راح و لم يقرع لفعلته سنّا
نمته إلى أبناء جفنه فتية / ميامين لم تألف سيوفهم جفنا
إذا طرقوا باب الملوك فإنّهم / بغير العوالي السمر لم يسألوا إذنا
خذوا حذركم يا ناقمين مع العدى / على النفر الأدنين من أهلكم جبنا
خذةا حذركم يا دافني رأي قومهم / فللشمس نور لن تطيقوا له دفنا
دعونا و هذا الأمر ننهض بعبئه / فما نحن منكم لا و لا أنتم منّا
رقدتم و ما نمنا غرارا على الأذى / و دنتم لأعداء الشام و ما دنّا
إذا أغمضوا جفنا عن الشرّ رحتم / تودّون أنّ القوم لم يغمضوا جفنا
فلا تكبروا هذي البرود نواعما / و إن فوّقت ذيلا و إن وسّعت ردنا
فليست تزين المرء حلّة سيّد / إذا كان عبدا في شمائله قنّا
لأهنأ من ربّ القصور مقيّدا / طليق من الأطيار أبقوا له وكنا
أديري عليّ الكأس صرفا و علّلي / فتاك فقد أفنى الهوى منه ما أفنى
و غنّى على لحن الشباب فإنني / لأعشق هذا الثغر و الناي و اللّحنا
لئن أطفئت يا ميّ نيران يعرب / هوانا فإنّا سوف نضرمها إنّا
و لا بدّ من يوم أغرّ محجّل / تطير الجبال الراسيات به عهنا
يصافح فيه قائم السيف خالد / فيضرب حتّى يكسر السيف أو يحنى
و كم في بطون اليعربيّات خالد / سيرجع ظهر الأرض من خنق بطنا