أهذا هو الفنانُ نسمعه فنَّا
أهذا هو الفنانُ نسمعه فنَّا / وليس الذي قد عاش في الأرضِ وافتنا
وهل يحتوى هذا الأثيرُ على المدى / أغاريدَ لن تَلقَى كمبدعها الَّدفنا
تطوفُ على الآذان وهي شواردٌ / وحيناً تلاقى الذهنَ يُنصتُ والأذنا
كما تُنصتُ الأشجارُ وهي سواهمٌ / ومنها الذي ناجى ومنها الذي غنَّى
وليس تراثُ العبقرية نغمةً / ولكن صداها الخالقُ الغيبَ والكونا
كأنَّ بنى الانسان ليسوا بعيشهم / بنى الأرضِ أو أنَّ الحياةَ بلا مَعنىَ
وأنَّ وُجودَ الناسِ بعد مماتهم / فبعضهمو يحيا وُجُّلهمو يَفنىَ
وما هذه الأشباح إلاَّ تجاربٌ / وما الكائنُ الباقي سوى الَمثلِ الأَسنى
مرقرقَ أنفاسِ الطبيعةِ فتنةً / وواهبها للنَاس ألحانه الحسنىَ
سواء سمعناها جهاراً وهمسةً / وصمتاً وإضماراً فقد كنتها فَنَّا
وما كان هذا السحرُ ايقاع ساعة / ولكنه خُلدٌ تمثلتهُ عينا
ترَدَّدَ في الأجواءِ والكونُ خاشعٌ / ولا ينتهى الترداد حِساً ولا ظَنَّا
وقد حَّركَ الُمزنض الشتيت فعابرٌ / على عَبرةٍ أو حاضرٌ حِسُّه مِنا
كأنَّ الرذاذَ الُحلوَ أشواقُ رفقةٍ / تعالوا وَحيُّونا وقد سكبوا المزنة
أصخنا جميعاً لا نضيعُ لحظةً / كأنا شككنا بعدها أن نَرى أمنا
كأنا رفضنا العيشَ دقاتِ قَلبنا / وأنا اندمجنا في الخلود وما جَّنا
وما نسمعُ الأنغامَ عزفاً مسلسلاً / ولكنها الأحلامُ صادرةً عنا
توحدت الأضداد حتى كأنها / عيالُ حباهَا الفُّن من شأنِه شأنا
كأنَّ الأخاءَ السمحَ في ظل أسرهِ / فلما انقضى صرنا نرى بعده الغبنا
وكنا انطلقنا من سجونِ عتيةٍ / بأجسامنا حيناً فلما انتهى عُدنا
فيا ليتني أصبحتُ لحناً مشرداً / ووَّفيت للكونِ الِّربا الجَّم والدَّينا
ويا ليتني بادلتُ عمري بمقبلٍ / فهذى حروبُ الظلم تطحننا طحنا