دَعاني رِفاقي وَالقَوافي مَريضَةٌ
دَعاني رِفاقي وَالقَوافي مَريضَةٌ / وَقَد عَقَدَت هوجُ الخُطوبِ لِساني
فَجِئتُ وَبي ما يَعلَمُ اللَهُ مِن أَسىً / وَمِن كَمَدٍ قَد شَفَّني وَبَراني
مَلِلتُ وُقوفي بَينَكُم مُتَلَهِّفاً / عَلى راحِلٍ فارَقتُهُ فَشَجاني
أَفي كُلَّ يَومٍ يَبضَعُ الحُزنُ بَضعَةً / مِنَ القَلبِ إِنّي قَد فَقَدتُ جَناني
كَفانِيَ ما لُقّيتُ مِن لَوعَةِ الأَسى / وَما نابَني يَومَ الإِمامِ كَفاني
تَفَرَّقَ أَحبابي وَأَهلي وَأَخَّرَت / يَدُ اللَهِ يَومي فَاِنتَظَرتُ أَواني
وَما لي صَديقٌ إِن عَثَرتُ أَقالَني / وَما لي قَريبٌ إِن قَضَيتُ بَكاني
أَرانِيَ قَد قَصَّرتُ في حَقِّ صُحبَتي / وَتَقصيرُ أَمثالي جِنايَةُ جاني
فَلا تَعذِروني يَومَ فَتحي فَإِنَّني / لَأَعلَمُ ما لا يَجهَلُ الثَقَلانِ
فَقَد غابَ عَنّا يَومَ غابَ وَلَم يَكُن / لَهُ بَينَ هالاتِ النَوابِغِ ثاني
وَفي ذِمَّتي لِليازِجِيِّ وَديعَةٌ / وَأُخرى لِزَيدانٍ وَقَد سَبَقاني
فَيا لَيتَ شِعري ما يَقولانِ في الثَرى / إِذا اِلتَقَيا يَوماً وَقَد ذَكَراني
وَقَد رَمَيا بِالطَرفِ بَينَ جُموعِكُم / وَلَم يَشهَدا في المَشهَدَينِ مَكاني
أَيَجمُلُ بي هَذا العُقوقُ وَإِنَّما / عَلى غَيرِ هَذا العَهدِ قَد عَرَفاني
دَعاني وَفائي يَومَ ذاكَ فَلَم أَكُن / ضَنيناً وَلَكِنَّ القَريضَ عَصاني
وَقَد تُخرِسُ الأَحزانُ كُلَّ مُفَوَّهٍ / يُصَرِّفُ في الإِنشادِ كُلَّ عِنانِ
أَأَنساهُما وَالعِلمُ فَوقَ ثَراهُما / تَنَكَّسَ مِن أَعلامِهِ عَلَمانِ
وَكَم فُزتُ مِن رَبِّ الهِلالِ بِحِكمَةٍ / وَكَم زِنتُ مِن رَبِّ الضِياءِ بَياني
أَزَيدانُ لا تَبعُد وَتِلكَ عُلالَةٌ / يُنادي بِها الناعونَ كُلَّ حُسانِ
لَكَ الأَثَرُ الباقي وَإِن كُنتَ نائِياً / فَأَنتَ عَلى رَغمِ المَنِيَّةِ داني
وَيا قَبرَ زَيدانٍ طَوَيتَ مُؤَرِّخاً / تَجَلّى لَهُ ما أَضمَرَ الفَتَيانِ
وَعَقلاً وَلوعاً بِالكُنوزِ فَإِنَّهُ / عَلى الدُرِّ غَوّاصٌ بِبَحرِ عُمانِ
وَعَزماً شَآمِيّاً لَهُ أَينَما مَضى / شَبا هِندُوانِيٍّ وَحَدُّ يَماني
وَكَفّاً إِذا جالَت عَلى الطِرسِ جَولَةً / تَمايَلَ إِعجاباً بِها البَلَدانِ
أَشادَت بِذِكرِ الراشِدينَ كَأَنَّما / فَتى القُدسِ مِمّا يُنبِتُ الحَرَمانِ
سَأَلتُ حُماةَ النَثرِ عَدَّ خِلالِهِ / فَما لي بِما أَعيا القَريضَ يَدانِ