ابن لي نجوى لو تطيق بيانا
ابن لي نجوى لو تطيق بيانا / الست لعدنان فماً ولسانا
وابلغ خطاباً فالبلاغة سلمت / لكفيك منها مقوداً وعنانا
وجل يا جواد السبق في حلباتها / فهاشم سامت للسباق رهانا
أغيث الأيادي قد تقشع غيثها / وحين المعادي كيف حينك حانا
صرعت وما خلت الردى يصرع الردى / لعمري وما يفني الزمان زمانا
فيا صارماً لاقى من الموت صارما / بلى وسناناً ذاق منه سنانا
رماك الردى فينا بماضي سهامه / فأصمى لأحشاء الكمال جنانا
لقد حسرت فيه مقاتل غالب / وكم أفرغته نثرة لتصانا
أجوهرة الدنيا التي قد تزينت / به واكتسبت من بشره اللمعانا
حملت على الجيد الذي زتنه ثناً / لتجمع فيه جوهراً وجمانا
حجى حملت منك الرقاب وسؤددا / يعدان في الشم الرعان رعانا
بنعشك رضوى أم بنعشك يذيل / وما شأن ذين عز شأنك شانا
كأن رواسي الهضب أجنحة القطا / عليك لما ألزمتها الخفقانا
كأن مجاري الدمع أودية الحيا / تديم عليك الوكف والهملانا
تولي زمان الوصل لم نشعرن به / أجدك جدد للوصال زمانا
وما خلت أن الفضل آخر عهده / صبيحة عاتبنا بك الحدثانا
أرى لمثار الحزن زفة لاعج / لو اعترضت أقسى الأخاشب لانا
فإن مسحت كفي دموعي عذلتا / وقلت لمحزون خضبت بنانا
فيا صعدة قد أقصدت فتقصدت / بمن بعدك العليا تؤم طعانا
لقد أكبروا فيك النعي فكبروا / كما سمع الركب الهجود آذانا
أمستنهض الحي الحلال لغارة / ثويت ولم ترض الثواء زمانا
فكم لك إذ تدعو ابن أحمد ندبة / تزلزل رضوى أو تزيل إبانا
أطلت ولم تملل بكاك عليهم / فطال ولم نملل عليك بكانا
تمنيت أنت تبقى فتدرك ثارهم / منانا ولسنا بالغين منانا
لقد سرت عنا والغيوب فخلطت / خواطر وهمٍ أنفس تنفاني
فكم خلت أمراً كائناً ثم لم يكن / وكم خلت أمراً لا يكون فكانا
يذكرني النسران كفيك طائراً / علا في السما أو واقعاً يتدانى
وكم قولة أتبعتها صدق فعلة / وكم قائل قال الصواب فمانا
لقد كنت في الدنيا مقارن سعدها / عقيدين لكن قد وفيت وخانا
أمنت عليك الحتف أنك حتفه / وهل تركت كف المنون أمانا
بلى نحن في طيف الكرى وتخالنا / من السكر يقظى لا بطيف كرانا
بمعشوقة لم ترع ذمة عاشق / وشنآنة لم نولها الشنآنا
نرى وصلها وهو المحال فرضة / كما أوجبت هجراننا وجفانا
أجدك علمني لوصلك حيلة / فانت الذي علمتني الهيمانا
وهب أن سمعي قانع بحديثكم / أللعين معنى أو تراك عيانا
وما آسفاً ما إن مضي الدهر كله / هباء إذا أبصرت وجهك آنا
إلى النزوات العيس تلوي أعنة / وهيهات ليست تملك النزوانا
وليست تشيم البرق من أبرق الحمى / بلى قد تشم الشيح والعلجانا
وليست تنال الري عباً وعلها / إذا ظمئت أن تبلغ الرشفانا
فيا أخوي المدلجين كليهما / إذا جزتما الجرعاء فانتظرانا
ويا صاحبي لا تلو عنها معرقا / هلم لننعى من نحب كلانا
ولا تدع للنهج الذي أنت ناهج / سوى من يرى نار الحبيب عيانا
وقم نجتل النار التي قال خابط / من الناس حسبي أن رأيت دخانا
وإن لمعت فاقصد لمشرق ضوئها / وأم شروق الضوء لا اللمعانا
ولا يختلسك الوهم دون مكانها / فثم وإلا لا تحل مكانا
فمن للقوافي الغر بعدك حيدر / يساجل فيها دائناً ومدانا
فكم من كريم ألبست تاج مفرق / وكم من لئيم ألبسته عرانا
وكم درر أهديتها لمحمد / فكنت كمن حلى الجمان جمانا
فتى ساكت إلا عليه فم الثنا / ولا مسلس إلا إليه عنانا
هو ابن أبي شيخ الأباطح طالب / فقر مكيناً في العلى ومكانا
يعد صواباً كل مدح يزوره / وإن جازه أعددته الهذيانا
نحت بيته العليا فقر قرارها / ولولاه فرت تألف الجولانا
أناخت بمغناه مناخ إقامة / حميداً وألقت كلكلاً وجرانا
وهل غارب الوجناء يمسك كورها / إذا أنت لم تشدد عليه بطانا
ولن يملك العلياء إلا موفق / أعين على علاتها وأعانا
قد أطرح الناس العلى وطلابها / سواه فأضحى دائناً ومدانا
تناخ عجافاً عنده عيس وفده / فيقريهم أضعافهن سمانا
بما تسع البيد القفار موائداً / من الجزر استصغرتهن جفانا
لئن كان عن ريح الصبا خف طبعه / لما أدركت رضوى حجاه وزانا
رأى الغيب حقاً رأي غير مشاهد / فاعر عن مكنونه وأبانا
رأى بذله أن جاءه مستحقه / وأبصر من عنه يصان فصانا
وحسب حسين أنه من محمد / كما هو منه خبرة وعيانا
رضيعي لبان ثدي أم تحفالفا / إلا طاب ذياك اللبان لبانا
توركتما يا سيدي كلاكما / شوارف مجد لم يزلن هجانا
توركتماها واجديها نواعماً / إذا ما رآها الناكصون خشانا
وأحببتما حب المديح فسدتما / ولم تهجراه غفلة وهوانا
فلو دان ملك للثناء لدنتما / بلى لكما زان الثناء ودانا
وبالأنجبين الطيبين تعزيا / أجل بهما عظم الرزية هانا
عنيت حسيناً والأغر ابن عمه / جوادي رهان حائزين رهانا
فما جف ذاك السيل بل عاد ماؤه / غديرين من سلساله سقيانا
كقرطين حلي عاطل المجد فيهما / فزينا بدري النظام وزانا
هلالين في برج العلى قد تطلعا / فوافها برج الكمال قرانا
سقى مستهل العفو تربة حيدر / وإن حل منها روضة وجنانا
ودونكماها وردة في أوانها / فإن لأثمار القريض أوانا
وحسناء قد وافت أمام كواكب / تطلعن في وشي الجمال حسانا
مهذبة ألفاظها عربية / مذهبة أبياتها تتدانى
عراقية بكر المعاني تخالها / لهلهةٍ في لفظهن عوانا
شرود القوافي لم تطع كف لامس / فما برحت خلف الحجاب حصانا
تضيف إلى علم المعاني معانيا / وتنسق من علم البيان بيانا
ألا واملكوا رق الزمان بقيتم / بقية ما أبقى المليك زمانا