المجموع : 19
أَقول لِقَومي أَين أَحفاد يعرب
أَقول لِقَومي أَين أَحفاد يعرب / وَأَينَ بَنو فهر وأبناء عدنانِ
وأين الألى يوم الدفاع عهدتهم / عَلى صهوات الخَيل أشباه عقبان
خذوا ثار من قَد طاحَ من شهدائكم / فإن صعيد الأرض من دمهم قاني
لَقَد طلعت شمس النهار مضيئة / عَلى أَوجه تَحكي صحائف أَحزان
قرأت بها ما سطر اليأس والأسى / قراءة من يَتلو الحروف بإمعان
فقلت لقرن الشمس بوركت إنني / رأَيتك للمكروب أحسن سلوان
فدى لك يا جيش المحاماة مهجَتي / فَقَد جئت تَرعى اليوم ديني وأوطاني
إنِ الخصمُ لم يذعن الى ما تقيمه / من القسط كانَ السيف أَصدق برهان
تَراها بكت لما رأَتني باكياً / أكفكف عَن عيني الدموع بأرداني
لعمرك ليس الشعر شيئاً هو الوَزنُ
لعمرك ليس الشعر شيئاً هو الوَزنُ / وَلا هو لفظ ضاق عن فهمه الذهنُ
بل الشعر معنى رائق يوقظ الهوى / ولفظ رقيق مثلما يطلب الفنّ
إذا كانَ معنى الشعر ينظمه الفَتى / جميلاً ورق اللفظ تم له الحسن
إذا ما به غنى المغنون هاجني / فثار بما غنوا سروري والحزن
إن الشعر لم ينهض بآداب أُمة / إذاً خابَت الآمال في الشعر والظن
لقد دفنوا الشعر الجميل بحفرة / وَللشعر حسن لا يغيره الدفن
شدا يتغنّى العندليب بلحنه / على فنن لدن فأطربني اللحن
لقد راق قَلبي العندليب وشدوه / وراق عيوني تحته الفنن اللدن
شدا فدنت منه الطيور كأنه / خطيب ينادي الطير والمنبر الغصن
يقولون إن الشعر نحن عماده / فمن أنتم حتى يكون لكم نحن
لقد جاهَروا بالسب يخفون نفسهم / لعمر أبي تلك السفاهة والجبن
ومن لم يزن عند التكلم نفسه / فمن حقه أن لا يقام له وزن
إلى أين نأوى حين يظلم ليلنا / إذا هدموا ما قد بنينا ولم يبنوا
أُفارق أَصحاباً وأهلاً وإخوانا
أُفارق أَصحاباً وأهلاً وإخوانا / وَأَرضاً بها قد عشت عمراً وأَوطانا
أُفارق خلاني بها لضرورة / وأوجع بمضطر يفارق خلانا
أُفارقهم إبان شيخوختي الَّذي / لحملي على الأسفار لم يك إبانا
أَطعت ضرورات الحياة وليتَني / عصيت ولكن كيف أسطيع عصيانا
ستحملني فوق البحار بواخر / وأَحمل لي فوق البواخر أحزانا
أَرى الناس في بغداد يحتقرونني / لأني أشبعت الحقيقة تبيانا
وَلَو أنني شايعتهم في ضلالهم / لكان نصيبي منهمُ غير ما كانا
ولكن نفسي حرة لا تجيز لي / لشيء سوى الحق المؤيد إذعانا
إلى مصر مجذوباً إليها بقوة / وَكَم جذبت مصر إلى مصر إنسانا
بلاد بها يمسي الغَريب معزَّزاً / وَيَلقى حفاوات هناك وإحسانا
أَرى من خلال الدمع حين أصبه / تعاسة أَيامي ببغداد ألوانا
ظننت بأن الشعر يغني فما أَغنى
ظننت بأن الشعر يغني فما أَغنى / وَكَم شاعر في موقفي أخطأ الظنَّا
لَقَد كانَ شعري يحسن اللحن إن شدا / فَما بال شعري اليوم لا يحسن اللحنا
وكنت لأسفار الحياة اتخذته / رفيقاً أَصافيه المودة أَو خدنا
وكانَ يبث الشجو في الناس شدوه / إلى أَن يهيج السمع والروح والذهنا
يغني فَيُبكي السامعين غناؤُهُ / كذلك يُشجي العندليب إذا غنّى
وأَحسن من غنَّى من الطير بلبل / تبوأ في غناء من جنة غصنا
على فنن لدنٍ نزا وهو صائح / فهز وأحنى تحته الفنن اللدنا
وأَكثر إحسانا من الطير شاعر / إذا قال راعَى في صناعته الفنا
وَما اليَوم عجز الشعر عن خوَر به / ولكنها الأشجان لا تقبل الوزنا
كأني إليه لم أَمتَّ بقربة / وَلَم أَكُ للمطبوع منه أباً وابنا
من الشعر ما يَلقى الردى قبل ربه / إذا قصر المعنى المراد فما أَغنى
وَأَمّا الَّذي قد كانَ معناه فائضاً / فَيَفنى الَّذي قد قاله وهو لا يفنى
وَللشعر جسم ناعم هو لفظه / وَللشعر روح ذو شعور هو المعنى
أَرى الشعر بعد الوحي أَكرم هابطٍ / من الملأ الأعلى إلى الملأ الأدنى
وَلا خير في شعرٍ وإن راق لفظه / إذا كان عنه في الهداية يستغنَى
وَقَد يتفشَّى الشعر كالنور سائحاً / فيركب متن الصبح إن لم يجد متنا
وَقَد تسمع الأذنان جعجعةً له / ولا تشهد العينان عوضُ له طحنا
تناءَيت عَن لَيلى الحقيقة مرغماً / فَما جامعي دار إليها ولا مغنى
يَقولون طارحها الصبابة تنجذب / وأَنّى لمثلي أن يطارحها أنَّى
وَرب قلوب لنَّ بعد قساوة / وعلّك يا قلب الحقيقة مستثنى
تلقيت في بغداد من عصبة قلىً / وَقاسيت في بغداد من ثلة ضغنا
لَقَد طالَ فيما بيننا الطعن موجعاً / فدنّا كَما دانوا ودانوا كما دنا
وكنت أَرى بغداد مِمّا لقيته / ببغداد من كربٍ شقيتُ به سجنا
وَكانَت تَقول النفس مني لجهلها / سأحمل عبء الهم جلداً ولا أضنى
وَلست أُبالي بعد ستين حجة / أَأَبكي الزَمانُ العينَ أَم أَضحك السنا
وَلكنني ألفيت أن احتماله / يشق على من يَشتَكي مثليَ الوهنا
على العلم شن الجهل بالأمس غارةً / وَكَم غارَة من قبلها الجهل قد شنا
وأبعدت عن حتف يسوء برحلتي / وَقَد كانَ مني قابَ قَوسين أَو أَدنى
يريدون مني أن أغني باسمهم / وأي هضيم باسم أَعدائه غنّى
على أن في بغداد لي من شبابها / إذا ضقت أَنصاراً ومن حولهم حصنا
وإن بها صحباً عن الحق ذادة / أبوا أن يهد الحيف من شرفي ركنا
إذا النقد شبت ناره أَدبية / عَدَوا ثم لاقى كل قرن له قرنا
أتوا يدفعون الشر عني بمثله / ولم يظهروا في كل ما أَظهروا جبنا
فَلِلَّه إخوانٌ بهم زدت عدة / وَلِلَّه إخوان رجحتُ بهم وزنا
وَهَل أَنا إلا ابن لبغداد نازح / إذا ذكروا بغداد يوماً له حنا
كَما لَيسَ يَصبو الطفل إلا لأمه / وَلَيسَ بمختار على حضنها حضنا
نهبت فجاج الأرض في ليلة دجت / بسيارة تطوي البعيد ولا تضنى
إلى أن بدا صبح يشق بضوئه / قديراً إِهاب الليل من بعد ما جنا
وقد ذر قرن الشمس يلمع نوره / فأطريت منها النور يلمع والقرنا
تَبارك يوم سرني بلقاء من / أحب فبعد اليوم لا أَشتَكي الحزنا
وجدت رياض الشام ريّا أَنيقة / وأخلاق أهل الشام طافحةً حسنا
وجدت بها علماً وجدت بها حجىً / وجدت بها عدلاً وجدت بها أمنا
سأثني على قوم رعوني بفضلهم / ومن نال ما قد نلت من حظوة أثنى
أَرى المجمع العلميَّ خير وسيلة / ليَزداد ذو علم على شأنه شأنا
أَرى المجمع العلمي أَكبر منقذ / من الفقر للشعب الَّذي رام أن يغنى
أَرى المجمع العلمي يستثمر النهى / أَرى المجمع العلمي يستحضر الذهنا
سيجني شباب الشام منه فوائداً / وَعلماً لهم والعلم أَحسن ما يُجنى
وإني لفضل المجمع اليوم مكبرٌ / فَقَد جاد بالعلم الغَزير وما ضنّا
سيشكر ما للمجمع القوم من يد / كَما شكرت أَرض على الوابل المُزنا
فبالعلم يبنَى المجد في كل أُمَّة / وأَما بغير العلم فالمجد لا يبنى
تقدَّم إِلى تلك المشانق باسماً
تقدَّم إِلى تلك المشانق باسماً / ولاق عليها الموت ما لك تجبنُ
تعلق بها وسط الزحام بجرأة / فَما هي إلا رجفةٌ ثم تسكنُ
لعل الفَتى إن نام في قبره الفَتى
لعل الفَتى إن نام في قبره الفَتى / وأطبق جفناً يَستَريحُ لدى الغمضِ
وما كانَ تحت الأرض يذكر ميت / لَياليَهُ إذ كانَ يَمشي على الأرض
مريض من الآلام يشكو وحوله
مريض من الآلام يشكو وحوله / أطباء موصوفون بالحذق والنصْفِ
فقروا على أن يسكتوه بجرعة / تخدر أعصاب المريض ولا تشفي
وَما الأرض بين الكائنات سوابحاً
وَما الأرض بين الكائنات سوابحاً / سوى ذرة مقذوفة صغرت حجما
وأنت على الأرض الحقيرة ذرة / تحاول جهلاً أن تحيط بها علما
لقد جاء شيطانٌ من الجن داعياً
لقد جاء شيطانٌ من الجن داعياً / إلى جنةٍ فيها عذارى وغلمانُ
فقلت له اغرب أنت لست بخادعي / فإني شيطانٌ كما أنت شيطانُ
لإبليس في الدنيا على الناس سلطة
لإبليس في الدنيا على الناس سلطة / كما أن للرب المهيمن سلطانا
شريكان فيها لا يموتان إنما / يموت الذي قد كان في الأصل حيوانا
لقد كان هذا يلهم الناس طاعة / وذلك فيها يفعم القلب عصيانا
وأكثر ما أوصى به لم يكن / وأكثر ما قد شاء قد كانا
وكم فقد الرحمن إذنا سميعة / وكم وجد الشيطان للسمع آذانا
تبوأ عرشاً في السموات ديان
تبوأ عرشاً في السموات ديان / فناصبه فيها العداوات شيطان
ووسوس للأقوام أن يكفروا به / فكان له منهم هنالك إذعان
فذاع على استحواذه الكفر في الورى / وقل برب الناس للناس إيمان
وجوهر بالإلحاد في كل بقعة / وأعلن في الاصقاع لِلّه عصيان
وقد بسط الشيطان في الأرض حكمه / ولم يبق للديان حول وسلطان
ألم فعم الكفر في عصرنا الورى / ولم يبق بالديان يؤمن إنسان
فما بقيت تنهاه نار جهنم / ولا لبثت تغريه حور وغلمان
فغاظ الذي قد جاء إبليس ربنا / بأعلى عرشه وهو حردان
وما كان ظني أن / فيخلو للشيطان في الملك ميدان
لقد ظل هذا اللَه يعبد أدهرا / وقد كان قبل اللَه تعبد أوثان
فما زال ينمو الشر في كل جانب / ويزداد بين الناس ظلم وعدوان
مضى أن يعيش المرء في ظل دينه / فيغضبه حق ويرضيه بطلان
ونحن بعصر ليس يعتقد الورى / بآلهة إلا إذا قام برهان
وما المرء إلا كالنبات فبينما / ترى عوده غضاً إذا هو صوحان
وما فتئت تأتي الطبيعة فعلها / فتنشأ أكوان وتخرب أكوان
وما من حياة للفتى غير هذه / فليس له يوماً إذا مات رجعان
وأن نصيب الملحدين للذة / وأن نصيب المؤمنين لحرمان
يسبح في عرض السماء وطولها
يسبح في عرض السماء وطولها / ملائكة لِلّه غير ميامين
وفي الأرض انس ثم في الأرض جنة / وفيها عفاريت وفيها شياطين
وأكثر من في الأرض يعصون ربهم / أولئك في الأخرى عذابهم الهون
لقد كفروا بِاللَه جل جلاله / بإغراء إبليس وإبليس ملعون
وإبليس لا يأتي سوى ما أراده / لهم ربهم ذاك الذي دينه دين
وإني أرى بيني وبين جماعة
وإني أرى بيني وبين جماعة / من الناس في العصر الذي ضمّنا بونا
فهم عبدوا العادات لا يخرقونها / وإن كابدوا منها الخسارة والغَبنا
وإني ارى أن اختراق ستارها / يهون لدى ذي حكمة سبر الكونا
وإني أجازى المرء من جنس فعله / فأعطيه بالوزن الذي كالنى وزنا
فعندي له سب إذا هو سنى / وعندي له حسن الثناء إذا أثنى
فأجزى بإحساني الذي كان محسنا / وأطعن فيمن جاء يوسعني طعنا
وإني بهذا إن تأمل منصف / لأسلُكُ نهجاً في الطبيعة قد سُنّا
ولست أبالي بالكثيرين أحسنوا / بشأني اعتقاداً أم اساءوا بي الظنَّا
بأعماله الإنسان يعرف عقله
بأعماله الإنسان يعرف عقله / فليس سواها للنهى من موازين
سليماً يظل الخيط بين اولى النهى / وينقطع الجنزير بين المجانين
يضيق بما يلقاه قلبي من البين
يضيق بما يلقاه قلبي من البين / فيدفعه دمعاً سخياً إلى عيني
لعل بكاء العين مني ساعة / يخفف ما في القلب من الم البين
وعندي وان اسرفت من قبل في البكى / بقايا دموع سوف اقضى بها ديني
وان حياتي في الهوى وهي كل ما / ملكت من الدنيا طريق الى حيني
لقد علمت ليلى بان صبابتي / كما يبتغى الايمان ليس بذي مين
وقد فتشت قبلي القلوب فاجفلت / لما راعها فيما هنالك من رين
وددت لو اني اسطعت ان اخفي الهوى / ولكنما اخفاؤه ليس بالهين
واني اذا جاد الزمان بفرحة
واني اذا جاد الزمان بفرحة / علي وكان اليوم يلمع فتانا
افكر في ليل يجيئ وراءه / فتنقلب الافراح عندي احزانا
لقد اشبعوا بالطيبات بطونهم
لقد اشبعوا بالطيبات بطونهم / على مشهد منا لهم واجاعونا
وقد حفظوا حق الحياة لنفسهم / بما اغتصبوا من حقنا واضاعونا
لقد جاء شيطان من الجن داعيا
لقد جاء شيطان من الجن داعيا / الى جنة فيها عذارى وغلمان
فقلت له اغرب انت لست بخادعي / فاني شيطان كما انت شيطان
لأنت وان عذبت نفسي حبيبها
لأنت وان عذبت نفسي حبيبها / وانت على الهجران ملء جناني
اراك امامي اينما سرت ماثلا / كأنك موجود بكل مكان