المجموع : 8
خَلِيلىَّ لَيسَ الشَّوقُ أَن تَشحَطَ النَّوَى
خَلِيلىَّ لَيسَ الشَّوقُ أَن تَشحَطَ النَّوَى / بإِلفَينِ دَهراً ثُمَّ يَلتَقِيانِ
ولَكنَّما الهِجرانُ أَن تَجمَعَ النَّوَى / وتُمنَعَ مِنّى أَن أَرَى وتَرَانِى
وَكُنّا كَرِيمَى مَعشَرٍ حُمَّ بَينَنَا / هَوىً فَحَفِظناهُ بِحُسنِ صِيَانِ
وَقالَ زَمِيلِى يَومض سالِفَةِ النَّقا / وَعَيناىَ مِن فَرطِ الهَوَى تَكِكفَانِ
أَمِن أَجلِ دارٍ بَينَ لُوذانَ والنَّقَا / غَداةَ اللِّوَى عَيناكَ تَبتَدِرانِ
فَقُلتُ أَلاَ لا بَل قُذِيتُ وَإِنَّما / قَذَى العَينِ مِمّا هَيَّجَ الطَّلَلانِ
فَيا طَلحَتَى لُوذانَ لا زالَ فِيكُما / لِمَن يَبتَغِى ظِلَّيكُما فَنَنَانِ
وَإِن كُنتُما قَد هِجتُما بارِحَ الهَوَى / وَدَنَّيتُما ما لَيسَ بالمُتَدَانِى
خَلِيلَىَّ إِنِّى قَد أَرِقتُ ونِمتُما / فَهَل أَنتُما بالمُتَدَانِى
فَقالا أَنِمتَ اللَّيلَ ثُمَّ دَعَوتَنا / ونَحنُ غُلاما شُقَّةٍ رَجِفَانِ
فَقُم حَيثُ تَهوَى إِنَّنا حَيثُ نَشتَهِى / وَإِن رُمتَ تَعرِيساً بنا غَرِضَانِ
خَلِيلَىَّ لَيسَ الرَّأىُ فِى صَدرِ واحدٍ / أَشِيرا عَلَىَّ اليَومَ ما تَرَيَانِ
أَأَركَبُ صَعبَ الأَمرِ إِنَّ ذَلُولَهُ / بِنَجرَانَ قَد أَعيا بِكلِّ مَكانِ
خَلِيلَىَّ مِن أَهلِ اليَفاعِ شُفِيتُما / وَعُوفِيتُما مِن سَيِّىءِ الحَدَثَانِ
أَلا يا احمِلانِى بارَك اللهُ فِيكُمَا / إِلَى حاضِرِ القَرعاءِ ثُمَّ ذَرَانِى
أَحَقّاً عِبادَ اللهِ أَن لَستُ ماشِياً / بِذِى الأَثلِ حَتَّى يُحشَرَ الثَّقَلانِ
ولا لاهِياً يَوماً إِلَى اللّيلِ كُلِّهِ / بِبِيضٍ لَطِيفَاتِ الخُصُورِ غَوانِى
يُمَنِّينَنا حَتَّى تَزِيغَ عُقُولُنا / وَيَخلِطنَ نمَطلاً ظاهِراً بِلَيانِ
مِنَ النَّاسِ حَتَّى تَزِيغَ عقُولُنا / وَيَخلِطنَ مَطلاً ظاهراً بِلَيانِ
خَلَيلَىَّ أَمَّا أُمُّ عَمرٍو فَمِنهُما / وَأَمَّما عَنِ الأُخرى فَلا تَسَلانِى
مَنُوعانِ ظَلاّمانِ لا يُنصِفانِنِى / بِدَلَّيهما والطَّرفُ قَد خَلَبانِى
أَفِى كُلِّ يَومٍ أَنتَ رامٍ بِلادها / بِعَينَينِ إِنساناهُما غَرِقا
بَرَى الحُبِّ جِسمِى غَيرَ جُثمانِ أَعظُمِى / بَلِينَ وَإِنِّى ناطِقٌ بِلِسانِي
أَيَا كَبِدَينَا أَجمِلا قَد وَجَدتُما
أَيَا كَبِدَينَا أَجمِلا قَد وَجَدتُما / بِأهلِ الحِمَى مَا لَم تَجِد كَبِدَانِ
إِذا كَبِدانا خافَتا صَرفَ نِيَّةٍ / وعاجِلَ بَينٍ ظَلَّتا تَجِبانِ
يُخَبِّرُ طَرفانا بِما فِى قُلُوبِنا / إِذا استَعجَمَت بِالمَنطِقِ الشَّفَتانِ
ذَكَرتُكِ وَالنّجمُ اليَمانِى كأَنَّهُ
ذَكَرتُكِ وَالنّجمُ اليَمانِى كأَنَّهُ / وَقَد عارَضَ الشِّعرَى قَرِيعُ هِجَانِ
فَقُلتُ لأَصحَابِى ولاحَت غَمامَةٌ / بِنَجدٍ أَلا لِلهِ ماتَرَيَانِ
فَقالا نَرَى بَرقاً تَقطَّعُ دُونَهُ / مِنَ الطَّرفِ أَبصارٌ رَوَانِى
أَفِى كُلِّ يَومٍ أَنتَ رامٍ بِلادها / بِعَينَينِ إِنساناهُما غَرِقا
فَعَينَىَّ يا عَينَىَّ حَتَّامَ أَنتُما / بِهِجرانِ أُمِّ الغَمرِ تَختَلِجانِ
أَما أَنتُما إِلاّ عَلَىَّ طَلِيعَةٌ / عَلَى قُربِ أَعدائِى وَبُعدِ مَكانِى
إِذا اغرَورَقَت عَيناىَ قالَ صَحابَتِى / إِلى كَم تَرَى عَيناكَ تَبتَدِرَانِ
عَذَرتُكِ يا عَينِى الصَّحيحَةَ بالبُكَا / فَمالَكِ يا عَوراءُ وَالهَمَلانِ
أَلا فَاحمِلانِى بارَكَ اللهُ فِيكُما / إِلى حاضِرِى الماءِ الّذِى تَرِدَانِ
فإنَّ عَلَى الماءِ الّذِى تَردانِهِ / غَرِيماً لَوَانِى الَّينَ مُنذ زَمانِ
لَطيفَ الحَشَا عَذبَ اللَّمَى طَيِّبَ النَّثا / لَهُ عِلَلٌ ما تَنقَضِى لأَوانِ
يُقُولونَ لَيلَى بِالمَغِيبِ أَمِينَةٌ
يُقُولونَ لَيلَى بِالمَغِيبِ أَمِينَةٌ / لَهُ وَهوَ راعٍ سِرَّهَا وَأَمِينُهَا
فإِن تَكُ لَيلَى استَودَعَتنِى أَمَانَةً / فَلا وَأَبِى لَيلَى إِذن لا أَخُونُها
أَأَرضِى بلَيلَى الكاشِحينَ وَأَبتَغِى / كَرَامَةَ أَعدَائِى بِهَا وأُهِينُهَا
مَعَاذَةَ وَجهِ اللهِ أَن أُشمِتَ العِدَى / بِلَيلَى وَإِن لَم تَجزِنى مَا أَدِينُهَا
وَأُعرِضُ عَن أُمِّ البَخِيلِ وَاَتَّقِى / عُيُونَ العِدَى حَتّى كأَنّى أُهِينُها
وَفِي القَلبِ مِن أُمِّ البَخِيلِ ضَمانَةٌ / إِذا ذُكِرَت كادَ الحَنِينُ يُبِينُها
أَتَتَنَا بِرَيَّاهَا جَنُوبٌ مُرِبَّةٌ / لَها بَردُ أنفاسِ الرِّيَاحِ وَلِينُها
مِنَ المُشرَباتِ المُزنَ هَيفٌ كأنَّها / بِمِسكٍ وَوَردٍ وَهىَ لُدنٌ مُتُونُها
تَطَلَّعُ مِن غَورَينِ غَورَى تِهَامَةٍ / بِريحِ ذَكِىِّ المِسكِ فُضَّ حَطِينُها
يَحِنُّ لَها العَودُ الرَّذِىُّ صَبَابَةً / وَيَجرِى قَرَارَ المَاءِ خَصراً بُطُونُهَا
خَليلىَّ إِنّى قَد أَرِقتُ ونِمتُما
خَليلىَّ إِنّى قَد أَرِقتُ ونِمتُما / فَهَل أَنتُما بالعِيسِ مُدَّلِجَانِ
فقالا أَنِمتَ اللَّيلَ ثُمَّ دَعَوتَنَا / ونحنُ غُلاَما نَعسَةٍ حَدَثَانِ
فَقُم حَيثُ تَهوى إِنَّنا حَيثُ نَشتهى / وإِن رُمتَ تَعرِيسابً بِنَا غَرِضانِ
خَليلىَّ مِن أَهلِ اليَفاعِ شُفِيتُمَا / وعُوفِيتُماَ مِن سَيّىءِ الحَدَثانِ
أَلا فَاحمِلاَني باركَ اللهُ فيكما / إِلى حاضرِ القَرعَاءِ ثُمَّ دَعَاني
مُتَيِّمتايَ حَلَّتا بشَقِيقَةٍ / مَنصِّفَةٍ بَينَ اللِّوى وقِرَانِ
خَليلىَّ كُفَّاالألسُنَ العُوجَ وَاعلما / مِنَ العِلمِ أَن لاَجُهدَ بي وَذَرَانى
وإِنّى تَدَبَّرتُ الأُمُورَ وَاعلما / بِنَفسىَ والفٍِتيَانِ مُنذُ زَمَانِ
فلم أُحفِ باللَّومِ الرَّفيقَ ولَم أَجِد / خَلِيَّا ولاَذَا البَثِّ يَستَوِيَانِ
أَحَقًّا عِبَادَ اللهِ أَن لَستُ مَاشِياً / بِمرحَابَ حتّى يُحشَرَ الثَّقَلاَنِ
ولاَ لاَهِياً يَوماً إِلَى اللَّيلِ كُلِّهِ / بِبيضٍ لَطيفاتِ الخُصُورِ رَوانى
يُمَنّينَنا حتّى تَزِيغَ عُقُولُنَا / ويَخلِطنَ مَطلاً ظاهِراً بلَيانِ
وما حُبُّ أُمِّ الغَمرِ إِلاّ سَجِيَّةٌ / عليها بَرانى اللهُ ثُمَّ طَوَانِى
طَوَانِى عَلَى حُبٍّ لها وسَجِيَّةٍ / أَجَل وأُنوفُ الكاشحينَ عَوَانِى
نَذُودُ النُّفُوسَ الحائماتِ عَنِ الهوى / إِذا كان قَلبانا بِنَا يَرِدَانِ
ذِيادَ الصَّوَادِى عَن قِرى الماءِ بَعدَما / مضى والفَلا سَبعٌ لَها وثَمانِ
ولَو أَنَّ أُمَّ الغَمرِ اَمسَت مُقيمةً / بِتَثليثَ أَو بالخَطِّ خَطِّ عُمانِ
تَمَنَيَّتُ اَنَّ اللهَ جامعُ بَينِنا / بما شَاءَ فى الدُّنيَا فَمُلتَقِيَانِ
وكنّا كَرِيمَى مَعشَرٍ حُمَّ بينَنا / تَصَافٍ فَصُنّاهُ بِحُسنِ صِوَانِ
سَيَبقى ولا يَبلى ويَخفى ولا يُرى / فَما عَلِموا من أَمرِنَا بِبَيَانِ
مِنَ النَّاسِ إنسانانِ دَينى عليهما / مَلِيّانِ لَو شاءا لَقَد قَضَيَانِى
خَليلىَّ أَمّا أُمُّ عَمروٍ فمنهما / وأَمّا عَنِ الأُخرَى فَلاَ تَسَلاَنِى
مَنُوعانِ ظلاّمانِ لا يُنصِفَانِنى / بِدَلَّيهما وَالحُسنِ قَد خَلَبانِى
مِنَ البيضِ نَجلاَ والعُيُونِ غَذَاهما / نَعيمٌ وعَيشٌ ضارِبٌ بِجِرَانِ
يَظَلاّنِ حَتّى يَحسِبَ النّاسُ أَنّنى / قُضِيتُ ولاَ واللهِ مَا قَضَيَانِى
أَفِى كلِّ يَومٍ أَنتَ رَامٍ بلادَهَا / بِعَينَينِ إِنسَاناهما بالهَمَلاَنِ
إِذا اغرَورقَت عَينَايَ قَالَ صَحابتى / لَقَد أُولِعَت عَينَاكَ بالهَمَلاَنِ
وإِن لَم يُنازِعنى رَفيقاىَ ذِكرَهَا / تَجَوَّيتُ مِن مِطوَىَّ واجتَوَيانى
أَطَعتُكِ حَتى أَبغَضَتنى عَشِيرتي / وأَقصَى إِمَامِي مَجلسِى وجَفانِى
ورامَيتُ فيكِ النَّفسَ حَتّى رَمَيتنِنى / مَعَ النّابلِ الحَرّانِ حَيثُ رَمَانى
وأكبرُ فَقدٍ مِنكِ قَد رَاحَ أَو غَدَا / فَبَانَ بلا ذَنبٍ وَلاَ شَنآنِ
فَوَدّعتُهُ ثُمَّ انصَرَفتُ كأنَّنى / سُدىً لم تُصِبنى لَوعَةُ الحَدَثَانِ
لَعَلَّكِ أَن يَبقى لكِ الذَّنبُ عِندَهُ / فَتُجزَى بهِ إِن اُخِّرَ الأَجَلانِ
لَعَمرُ أَبي أَشماءَ والنَّأىُ يشتفى / لَقِدماً أَرَى الهَجرَ الطَّوِيلَ شَفَانى
خَليلىَّ مَكُنُونُ الهوى صَدَع الحَشا / فكيفَ بمَكنونِ الهوى تَرَيانِ
بَرَى الحبُّ جِسمى غَيرَ جُثمانِ أَعظُمي / بَلِينَ وإنّى ناطِقٌ بِلسانِى
أَلاَ هَل أدُلُّ الوارِدَينِ عَشِيَّةً / عَلَى مَشرَبٍ غَيرِ الّذِى يَرِدَانِ
عَلَى مَشرَبٍ سَهلِ الشَّرِيعَةِ بارِدٍ / هُوَ المُستَقَى لا حَيثُ يَستَقِيانِ
فإنَّ عَلَى الماءِ الّذِى يَرِدَانِهِ / غَرِيماً لَوَانى الَّدَّينَ مُنذُ زُمَانِ
لَطِيفَ الحَشا عَبلَ الشَّوَى طَيِّبَ النَّثا / لهُ عِلَلٌ ما تَنقَضِى وَأَمانى
لَوَ أنّى جُلِدتُ الحَدَّ فيهِ صَبَرتُهُ / وَقُيِّدتُ لم أَملَل مِنَ الرَّسَفانِ
فَمُرّا فَقُولاَ نحنُ نطلُبُ حاجةً / وعُودَ فَقُولاَ نحنُ مُنصَرِفَانِ
لَئِن كَانَ فى الهِجرانِ أَجرٌ لقَد مَضَى / لىَ الأجرُ فى الهِجرانِ يافَتَيَانِ
فَوَاللهِ مَا أَدرِى أكلُّ ذَوِى الهَوى / عَلَى ما بنا أم نحنُ مُتَلَيانِ
وَإِنّا لمشهورانِ مُؤتَمَرٌ بنا / بُلقيانِ مَن لا نَشتَهِى ظَفِرَانِ
وَإِنّا لَمِن حَيَّينِ شَتَّى وَإِنَّنا / عَلَى ذَاكَ ما عِشنَا لَمُلتَقِيانِ
أَلاَ يا حَماماتِ اللِّوَى عُدنَ عَودَةً
أَلاَ يا حَماماتِ اللِّوَى عُدنَ عَودَةً / فإِنّى إِلَى أَصوَاتِكُنَّ حَزينُ
فَعُدنَ فَلمّا عُدنَ كِدنَ يُمِتنَني / وَكِدتُ بأَسرارِى لَهُنَّ أُبينُ
وعُدنَ بِقَرقَارِ الهَديرِ كأَنَّمَا / شَرِبنَ حُمَيّا أو بِهِنَّ جُنونُ
وَلَم تَرَ عَينى قَبلَهُنَّ حَمائماً / بَكَينَ وَلَم تَدمَع لَهُنَّ عُيونُ
فَكُنَّ حَمامَاتٍ جَميعاً بِنِعمةٍ / فَأَصبَحنَ شَتى ما لَهُنَّ قَرِينُ
فَأَصبَحنَ قَد فُرِّقنَ غَيرَ حَمامةٍ / لَها عِندَ عَهدٍ بالحمامِ رَنينُ
وَبِتنَا فُوَيقَ الحَىِّ لا نَحَن مِنهُمُ
وَبِتنَا فُوَيقَ الحَىِّ لا نَحَن مِنهُمُ / وَلا نَحنُ بِالأعدَاءِ مُختَلِطانِ
وباتَ يَقينا ساقِطَ الطَّلِّ وَالنَّدَى / مِنَ اللَّيلِ بُردا يَمنَةٍ عَطِرانِ
نَذُوذُ بِذِكرِ اللهِ عَنَّا غَوَى الصِّبا / إِذا كانَ قَلبانا بِنا يَرِدانِ
وَنَصدُرُ عَن رِىِّ العَفافِ ورُبَّما / نَقَعنا غَلِيلَ الحُبِّ بِالرَّشَفَانِ
بَدَت نَارُ أُمِّ العَمرِ بَينَ حوائِلٍ
بَدَت نَارُ أُمِّ العَمرِ بَينَ حوائِلٍ / وَبَينَ اللّوى كالبَرقِ ذِى اللَّمَعَانِ
فَيا حَبَّذَا مِن ضَوءِ بَرقٍ بَدَا لَنَا / وَيا حَبَّذَا مِن مَوقِدٍ وَدُخَانِ
بَدَت نارُها يا مِلحَ مَن هِىَ نارُهُ / ويا حَبَّذا مِن مُصطَلًى وَمَكانِ