المجموع : 32
وَإِنّي لَمَطِوِيُّ الضُلوعِ عَلى جَوىً
وَإِنّي لَمَطِوِيُّ الضُلوعِ عَلى جَوىً / بِأَيسَرَ مِنهُ يُنشَرُ الوابِلُ السَجمُ
وأَمَّلتُ نَفعَ الكَتمِ فيهِ مُغالِطاً / غَليلي وَلَكِن قَلَّما نَفَعَ الكَتمُ
وَقَد كانَ لي عَزمٌ عَلى الصَبرِ صابِراً / فَقَد خانَهُ بَعدَ النَوى ما نَوى العَزمُ
وَأَسعَفَها بِاللُؤلُؤِ النَثرِ جَفنُهُ / وَيُسعِفُها مِن بَعدِهِ اللُؤلُؤُ النَظمُ
لِنَفسي أُريدُ الوَصلَ لا بَعدَ مَوتِها / فَلا خُبرَ لي بَعدَ المَماتِ وَلا عِلمُ
إِذا ظَمِئَت يَوماً فَلا نَزَلَ الحَيا / وَإِن خَبَطَت يَوماً فَلا طَلَعَ النَجمُ
لَحى اللَهُ هَذا العَيشَ إِن كانَ ما أَرى / فَآنِفُهُ ظَنٌّ وَسالِفُهُ حُلمُ
وَيَزعُمُ صَبري أَنَّهُ لي عُدَّةٌ / وَأَصدَقُ ظَنّي أَن سَيَكذِبُني الزَعمُ
فَلا يَعدُ أَطلالَ الحِمى القَطرُ وَحدَهُ / وَلا دارَها دَمعي وَلا غُلَّتي الظَلمُ
وَجِئنا عَلى رَغمِ اللَيالي مَنازِلاً / مَنازِلَ كَم أَوفى بِها بَدرُها التَمُّ
وَكانَت لِأَقمارِ المَحاسِنِ مَطلَعاً / فَها هِيَ في طُرقِ الصَبابَةِ لي نَجمُ
وَإِنّي لَمُشتاقٌ إِلى جُملَةِ البَكا / عَلَيها وَلَكِن عِندَ مَن يودَعُ الحِلمُ
أَآثارَ تَقبيلي يَخافُ ثُبوتَها / فَدَيتُكَ فَوقَ الماءِ لا يَثبُتُ الرَقمُ
مُشَعشَعُ إِفرِندِ البَشاشَةِ يَتَّقي / مِنَ اللَثمِ ثلماً حينَ يُغمِدُهُ اللَثمُ
فَغُرَّتُهُ صُبحٌ وَطُرَّتُهُ دُجىً / وَأَلحاظُهُ حَربٌ وَأَلفاظُهُ سَلمُ
تَحَرَّجَ مِن رَدِّ الجَوابِ لِإِثمِهِ / فَلا تَعدَمَنكَ النَفسُ ما قَتلُها إِثمُ
وَلَيسَ لَها إِلّا القُلوبَ عَوائِدٌ / جُفونٌ بِها لا بَل بِعائِدِها السُقمُ
أَطَعتُ الرِضا في أَمرِها وَلَها الرِضا / وَأَرغَمتُ فيها عاذِلي وَلَهُ الرَغمُ
أَعائِدَةً روحي وَتُمرِضُ جِسمَهُ / إِذا تَلِفَت روحي فَلا سَلِمَ الجِسمُ
وَمودِعَةٍ لِلسَمعِ دُرَّ حَديثِها / وَلَمّا بَكَت عَيني وَهَى ذَلِكَ النَظمُ
يَلَذُّ لَها هَمّي فَهَمِّيَ فَقدُهُ / وَيُعجِبُها سُقمي فَلا بَرِحَ السُقمُ
سَلي النَجمَ عَن عَيني فَحَسبُكِ شاهِداً / وَعِندَكِ يا عَينَيهِ عَن عَينِيَ العِلمُ
يَتيمٌ إِذا ما ماتَ عَنهُ حَبيبُهُ / وَما كُلُّ فَقدِ الوالِدَينِ هُوَ اليُتمُ
لَعَمري لَقَد بَصَّرتَ لَو نَفَعَ الهُدى / وَحَقّاً لَقَد أَسمَعتَ إِن سَمِعَ الصُمُّ
أَعاذِلَهُ ما الحَزمُ إِلّا اِتِّباعُهُ / طَريقَكَ لَكِن رُبَّما غُلِبَ الحَزمُ
تَحَرَّجُ عَن وَصلي مَخافَةَ إثمِها / فلا تَحرَجي إنَّ الصدودَ هو الإثمُ
وجيرَتُنا نُعمانُ فالعيشُ ناعِمٌ / وَأَطوارُهُ نُعمى وَخَلَّتُنا نُعمُ
وَأَكثَرُ أَيّامي تَعقَّبَها الأَسى / عَلَيها وَلَكِن قَد تَقَبَّلَها الذَمُّ
رَضيتُ بِما يَقضي عَلى قِسطِ جَورِهِ / فَلَم يَغضَبُ القاضي وَقَد رَضِيَ الخَصمُ
يَقولونَ لِم لا تَلبَسُ الصَبرَ جُنَّةً / وَما نَفعُها مِن بَعدِ ما مَرَقَ السَهمُ
إِذا اِستَرَقَت سَمعاً مُنايَ بِذِكرِهِ / فَفي إِثرِها مِن شُهبِ أَدمعِها رَجمُ
وَلي مُقلَةٌ مِن ذُخرِ دَمعي مُقِلَّةٌ / وَكانَ لَها لَولا النَوى حاصِلٌ جَمُّ
أَتَملأُ مِن خَدَّيكَ كَأسَ مُدامَةٍ
أَتَملأُ مِن خَدَّيكَ كَأسَ مُدامَةٍ / وَتَمنَعُني أَن أَقطِفَ الوَردَ مِنهُما
فَهَذا بِهَذا في جَميلِكَ أُسوَةٌ / وَمِثلُكَ مَن أَسدى الجَميلَ مُتَمَّما
يَحلُّ لَنا لَيلاً شَرابِيَ خِلعَةً / يَفيضُ عَلَينا البُردُ مِنها مُسَهَّما
إِذا أَشرَقَت شَمسُ الصَباحِ وَأَشرَقَت / تَعارَضَتا نوراً فَشُكِّكتُ فيهِما
سَلوا دارَنا يا أَهلَ دارَةَ بِالحِمى / فَما ذُكِرَت إِلّا وَصَلّى وَسَلَّما
وَكُلُّ صَباحٍ بَعدَ فُرقَتِها دُجىً / وَكُلُّ لِحاظٍ جالَ في عَينِها عَمى
وَبي ظَمَأٌ لَو كانَ بِالماءِ مِثلُهُ / شَكا ما شَكَوناهُ إِلَيهِ مِنَ الظَمَا
تُرى عِندَهُم أَنَّ العَذابَ غَرامُ
تُرى عِندَهُم أَنَّ العَذابَ غَرامُ / كَما عِندَنا أَنَّ الفِراقَ حِمامُ
وَأَنَّ قُلوبَ العاشِقينَ بَخيلَةٌ / بِهِم لا عَلَيهِم وَالعُيونَ كِرامُ
مَضى لَم يُسَلِّم مُعرِضاً مُتَعَرِّضاً / وَلَيسَ عَلى داءِ القُلوبِ سَقامُ
وَفي وَجهِهِ لَو لَم يُحَيِّ تَحِيَّةٌ / وَيَلقاهُ مِن دونِ السَلامِ سَلامُ
وَبِتنا وَباتَت لِلخَلِيِّ وَساوِسٌ / وَحَقَّ وَقَد جارَ العِناقُ خِصامُ
أَبى القَلبُ إِلّا أن يَكونَ جَميعُهُ
أَبى القَلبُ إِلّا أن يَكونَ جَميعُهُ / لَدَيكَ وَإِن قَسَّمتَهُ قَد تَقَسَّما
فَلا وَطَرٌ غَيرُ الصِبا كَيفَ بِالصِبا / وَلا وَطَنٌ غَيرُ الحِمى سُقِيَ الحِمى
نَسيمٌ مَعَ الآصالِ كَالعَتبِ في الهَوى / وَزَهرٌ مَعَ الأَسحارِ كَالثَغرِ في الظَما
لَعَلَّ وَلا مَعنى لِما في لَعَلَّما / نَعَم إِنَّني عَطشانُ مِنكَ لَعَلَّ ما
عَلَوتَ سَماءً لِلمِلاحِ فَلا تَلُم / إِذا اِستَنزَلَ العَطشانُ ماءً مِنَ السَما
وُجوهٌ بِلَحظِ العَينِ يَظلِمُها الفَتى
وُجوهٌ بِلَحظِ العَينِ يَظلِمُها الفَتى / وَهُنَّ لِقَلبِ الظالِميها ظَوالِمُ
وَما ذاقَ إِلّا ناظِري لينَ خَدِّها / وَعَن وَصفِهِ قُلتُ الخُدودُ نَواعِمُ
وَمِمّا حَكى أَنَّ القُلوبَ حَزينَةٌ / عَلى إِثرِها هَذي الوُجوهُ السَواهِمُ
سَلِ الطَيفَ هَل جِسمي عَلى البَينِ بَيِّنٌ / ضَناهُ وَهَل جَفني عَلى النَأيِ نائِمُ
وَكَم قَد جَرى ماءُ الدُموعِ وَعَذلُهُم / فَمَرَّ وَلَم يَرقُمُ عَلى الماءِ راقِمُ
مَنَنتَ عَلى عَيني بِوَجهِكَ رَوضَةً
مَنَنتَ عَلى عَيني بِوَجهِكَ رَوضَةً / فَلا تَنسَ دَمعي فَهوَ فيكَ غَمامُ
وَقُلتَ بِأَنّي بَعدَ بَينِكَ لَم أَمُت / وَكُلُّ حَياةٍ لا تَسُرُّ حِمامُ
وَأَعرَضتَ لَمّا لَم أُكَلِّمكَ مِن ضَنىً / وَتَرديدُ أَنفاسِ المُحِبِّ كَلامُ
فَيا عَجَباً مِن طَيفِهِ كَيفَ لَم يَزُر / نَهاراً وَحَولي لِلهُمومِ ظَلامُ
وَما لِلكَرى لا يَهتَدي لِمَضاجِعي / وَفيها لِساري المُظلِماتِ ضِرامُ
كَتَبتُ وَمِن قَبلِ الكِتابِ إِلَيكُمُ
كَتَبتُ وَمِن قَبلِ الكِتابِ إِلَيكُمُ / كَتَبتُ عَلى خَدّي سُطوراً مِنَ الدَمِ
فَيا عَينُ لا شَمسٌ سِوى وَجهِ أَحمَدٍ / فَأَنتِ بِلَيلٍ مِن تَنائيهِ مُظلِمِ
فَإِن تَستَنيبي الشَمسَ عَنهُ ضَروَةً / فَإِن طَلَعَت شَمسُ النَهارِ فَسَلِّمي
حَمائِمَ قَد حَنَّت زُجاجاتُ أَدمُعي
حَمائِمَ قَد حَنَّت زُجاجاتُ أَدمُعي / فَما خِلتُ إِلّا أَنَّهُنَّ حَوائِمُ
وَما دَرَّجَ الكُثبانَ مَرُّ نُسيمِها / بَلى دَرَّجَ الكُثبانَ ما أَنا لاثِمُ
وَلَمّا مَرَرنا بِالرُسومِ تَنَفَّذَت / بِها لِلهَوى في العاشِقينَ المَراسِمُ
بَكَينا فَغَطّى الدَمعُ أَنوارَ أَعيُنٍ / وَمِن عَجَبٍ أَنَّ الدُموعَ كَواتِمُ
فَإِن تَكتَسي يا دارُ تُرباً مِنَ الصِبا
فَإِن تَكتَسي يا دارُ تُرباً مِنَ الصِبا / فَلا تَلبَسي مِن أَدمُعي غَيرَ مُعلِمِ
مَتى تُكتَمُ الأَشواقُ ما بَينَ باسِمٍ / نَمومٍ وَدَمعٍ بِالدِماءِ مُنَمنَمِ
كَتَبتُ إِلى مَولايَ عَن سِرِّ لَوعَةٍ
كَتَبتُ إِلى مَولايَ عَن سِرِّ لَوعَةٍ / عَتا سِرُّها عَن أَن يُكاثَرَ بِاللَثمِ
كَأَنّي وَحاشى من أُخاطِبُهُ بِهِ / مِنَ الكَلِمِ المُملاةِ مِن خاطِرِ الهَمِّ
ضَللتُ عَلى جَهلي زَماناً بِغَيرِهِ / وَلَكِنَّني فيهِ ضَللتُ عَلى عِلمِ
لِذَلِكَ ما أَسمى الضَلالَ بِهِ هُدىً / كَما سَفَهي فيهِ يُتَرجِمُ عَن حِلمي
وَيا لَيتَني لَو كُنتُ في دَرجِ دُرجِهِ / وَيُطمِعُني في ذاكَ ما بي مِنَ السُقمِ
غَضِبتُ عَلى نَفسٍ عَلَيها غَضِبتُمُ
غَضِبتُ عَلى نَفسٍ عَلَيها غَضِبتُمُ / فَلَيسَ لَها جِسمي بِدارِ مُقامِ
سَلِ البَيتَ إِن أَضحى مِنَ الناسِ خالِياً / أَيَسمَعُ مِنّي إِن دَخَلتُ سَلامي
أَبى الدَمعُ أَن يُشفى بِهِ هَمُّ هائِمِ
أَبى الدَمعُ أَن يُشفى بِهِ هَمُّ هائِمِ / وَلا رِيَّ إِلّا الرَشفُ مِن ظَلمِ ظالِمِ
يَضيمُ اِصطباري مَن يَعِزُّ بِبُعدِهِ / مَنامي فَوا لَهفي عَلى ضَيمِ ضائِمِ
أَشمُّ ثَراها أَو أَشيمُ بُروقَها / فَلَم يَخلُ رَبعُ الحُبِّ مِن شمِّ شائِمِ
وَلَو ساجَلَت غُرُّ الغَمائِمِ أَدمُعي / تَبَيَّنَ عَن قُربٍ غُرورُ الغَمائِمِ
أَلا سُقِيَت تِلكَ المَعالِمُ دَعوَةً / عَنَتني فَإِنّي بَعضُ تِلكَ المَعالِمِ
عَزيزٌ عَلَينا أَن عَطَلنَ وَعِندَنا / ذَخائِرُ مِن دُرِّ الدُموعِ السَواجِمِ
أَتَعجَبُ وَالواشي تَهُبُّ رِياحُهُ / لِمَيلِ غُصونٍ كَالغُصونِ النَواعِمِ
أَقولُ إِذا ما صارَمَ القَطرُ قُطرَها / تُرى رَشَفَت سُحبَ السَماءِ سَمائِمي
وَلي زَفَراتٌ نَمنَمَ الخَدَّ دَمعُها / وَنَمَّت بِأَسرارِ الحَشا وَالحَيازِمِ
حَنانيكَ إِنَّ الحُسنَ عاذِلُ عاذِلي / وَعاذِرُ أَشجاني وَلائِمُ لائِمي
عَلى غَيرِ آسٍ قَد نَبَستَ بِسَلوَةٍ / وَزوحِمتُ مِن وَجدي بِأَلفِ مُزاحِمِ
رَأَوا أَلفَ بانٍ لا يَقومُ بِهادِمٍ / فَكَيفَ بِبانِ خَلفَهُ أَلفُ هادِمِ
وَقَفتُ عَلَيهِ بَل بِهِ مُتَأَوِّداً / أُسائِلُ عَن عَهدٍ بِهِ مُتَقادِمِ
يُجيبُ صَدايَ الرَبعُ لا ما تَظُنُّهُ / بِرَغمِ خَواهُ مِن جَوابِ الحَمائِمِ
أَرى طَيفَكُم كالحَظِّ في الدَهرِ ما لَهُ / سُرىً أَبَداً إِلّا إلى عَينِ نائِمِ
وَلِلَهِ ذَاكَ الدَوحُ وَالنَوحُ سُحرَةً / وَما ثَمَّ مِن شَجوٍ بِهِ وَمَآتِمِ
أُعيذُ لِسانَ الغَيثِ إِنَّ بِوَعدِهِ / تُشَقُّ بهِ وَجداً جُيوبُ الكَمائِمِ
فَتِلك بِشِعبٍ جَنَّةُ الأَرضِ جُنَّةٌ / فَلاحَ يَمينُ الحَقِّ إِحدى التَمائِمِ
وَجالَت خُيولُ الصُبحِ في عِثيَرِ الدُجى / وَقَد ظَفِرَت مِن أَنجُمٍ بِغَنائِمِ
فَيا رَحمَتا لِلَّيلِ مِن نورِ صُبحِهِ / وَيا رَحمَتا لِلصُبحِ مِن نورِ قاسِمِ
وَلَمّا شَقَقنا الحُجبَ عَن نورِ وَجهِهِ / شَقَقنا عَلى عاتٍ مِنَ الدَهرِ عاتِمِ
لِقاءٌ بِهِ إِلقاؤُنا لِعَصا السُرى / وَعِتقُ عِتاقِ الناجِياتِ الرَواسِمِ
وَدارٍ حَكَت لِلعَينِ أَنوارَ كَعبَةٍ / وَضَمَّت مِنَ العافينَ جَمعَ مَواسِمِ
وَقَد كُنتُ ذا نُطقٍ مِنَ الدَهرِ مُفحَمٍ / كَما كُنتُ ذا صُبحٍ مِنَ الهَمِّ فاحِمِ
فَقُد كَيفَما شِئتَ السَعادَةَ تَتَّبِع / وَغَيرُكَ لا يَقتادُها بِالشَكائِمِ
وَأَنتَ مِنَ الأَيّامِ تَقضي بِخاتَمٍ / وَأَنتَ مِنَ الأَيّامِ تَدعو بِخادِمِ
وَحَسبُكَ سَيفُ الجدِّ لا الحَدِّ ضارِباً / فَلا فَرقَ ما بَينَ الظُبا وَالعَزائِمِ
فَلا زِلتَ تَسطو مِن ظُباً بِصَواعِقٍ / تُصَرِّفُها مِن كَفِّكُم بِغَمائِمِ
نَزَلتُ مِنَ الدُنيا بِحاتِمِ وَقتِها / وَكانَ النَدى حَتماً عَلى يَدِ حاتِمِ
لَكَ السَيفُ لَمّا أَن تَأَلَّقَ نَجمُهُ / قَضى اللَهُ أَلا يَعتَلي نَجمُ ناجِمِ
وَقَد رَجَّموا فيهِم وَما رُدَّ مارِدٌ / يَصُبُّ عَلى مَن بَيضُهُ شُهبَ راجِمِ
فَجاءوا بِأَسلابٍ إِلى يَدِ قاسِمٍ / وَفاءوا بِأَصلابٍ إِلى أَيدِ قاصِمِ
بِمَوقِفِ حُكمٍ في الرِقابِ شَهادَةٌ / تُؤَدّى إِلى خَصمٍ مِنَ السَيفِ حاكِمِ
وَما في صُدورِ الزغفِ غَيرُ وَدائِعٍ / وَلا في ظُهورِ الخَيلِ غَيرُ غَنائِمِ
وَتَعرفُ وَجهَ النَصرِ مِن وَجهِ نَصلِهِ / إِذا سَلَّهُ وَالضَربُ ضَربَةُ لازِمِ
وَيَلقى العِدا مِنهُ تَوَقُّدُ باسِلٍ / يُمازِجُهُ مِنهُ تَوَقُّدُ باسِمِ
فَكَم أَنكَروا مِنهُ تَبَسُّمَ طَلعَةٍ / مَكارِهُها مَغفورَةٌ لِلمَكارِمِ
أَعَدَّ لِجَمعِ الحَربِ ضَغمَةَ فاتِكٍ / وَسَرّى لِنَشرِ السَلمِ حِليَةَ حازِمِ
أَميرُ اللَيالي مِن جَديدٍ وَذاهِبٍ / وَكَربُ الأَعادي مِن قَديمٍ وَقادِمِ
فَلا بَعُدَت عَنّا العِدا إِنَّ رِبحَهُ / لِتَحصيلِ مَرسومٍ مِنَ الحَربِ قائِمِ
لَها خَلَّةٌ بَل حُلَّةٌ عَرَبِيَّةٌ / وَرُبَّ فَصيحٍ ما رَأى دارَ دارِمِ
وَطَلقٌ كَما اِستَدَرَيتَ هَزَّةَ ذابِلٍ / وَجَزلٌ كَما اِستَدعَيتَ وَثبَةَ صارِمِ
وَبِتُّ بِماءِ الطَبعِ أَسقي حَديدَها / لِأَطبَعَها في الصُبحِ إِحدى الصَوارِمِ
وَأَعطَيتُها لِلسَمعِ حِشمَةَ مُورِدٍ / وَعاطَيتُها لِلطَبعِ غُلَّةَ حائِمِ
وَأَقرَأُ في عَينَيكَ تَرجَمَةَ الهوى / وَحَلُّ وِكاءِ العَينِ حَلُّ التَراجِمِ
وَأَعجَبَهُ مِنّا لَهُ شُكرُ بائِحٍ / وَأَعَجبَنا مِنهُ لَنا بِرُّ كاتِمِ
وَبي لِوِصالِ اليَومِ غِبطَةُ رابِحٍ / وَبي لفِراقِ الأَمسِ حَسرَةُ نادِمِ
سَقى الرَوضَ إِذ أَجرى حَديثَ حَمائِمِ / فَأَجرَينَ ماءً مِن جُفونٍ حَوائِمِ
لَأَقرَضنَ دُرّاً مِن غِناءِ سَواجِعٍ / فَوَفَّيتُ دُرّاً مِن بُكاءِ سَواجِمِ
وَقَد يَجهَلُ المعنى المُعَنَّى بِلَفظِهِ / إِذا لَم يُقَلِّب فيهِ فِكرَةَ عالِمِ
يَقولُ وَآثارُ العُيونِ بِقَلبِهِ / صَريعُ مِلاحٍ أَو صَريعُ مَلاحِمِ
فَإِنَّ الظُبا تَلقى الرِقابَ بِرِقَّةٍ / فَهَل هِيَ عِندَ الضَربِ رِقَّةُ راحِمِ
وَأَعتَدُّ غِشيانَ المَحارِمِ قاصِداً / إِلى غَيرِهِ غِشيانَ بَعضِ المَحارِمِ
قَضى سَلمُنا أَن لا سَخيمَةَ بَعدَها / وَسَلُّ الظُبا يَقضي بِسَلِّ السَخائِمِ
وَيَكفيكَ أَنَّ السَيفَ لا نَفعَ عِندَهُ / إِذا هُوَ لَم يوصَل ظُباهُ بِقائِمِ
فَقُم غَيرَ مَأمورٍ بِأَمري فَإِنَّني / وَحاشاكَ أَشكو اليَومَ أَعوانَ عارِمِ
وَمِن دونِ تَصريفِ المُنى حَرفُ عِلَّةٍ / وَلَيسَ لَها إلّا عَزيمَةُ جازِمِ
دَعَوتُكَ لَمّا أَن عَنَتني عَظيمَةٌ / وَمِثلُكَ لا يُدعى لِغَيرِ العَظائِمِ
وَأَحسَنَ لَمّا أَن أَسَأتُ وَهَمُّهُ / بِعِزَّةِ مَظلومٍ وَإِذلالِ ظالِمِ
لَنا بِأَبَرِّ الناسِ ساتِرِ زَلَّتي / وَقَد جِئتُهُ مُستَشفِعاً بِالجَرائِمِ
إِذا أَظلَمَت في القَلبِ لَيلَةُ هَفوَةٍ / فَزادَت وُضوحاً مِنكَ شُهبُ المَكارِمِ
مَقامٌ كَطَعمِ الشَهدِ في فَمِ ذائِقٍ / وَمَعنىً كَنَفحِ المِسكِ في أَنفِ ناسِمِ
تَدارَكتَها وَالدَهرُ غالِبُ غالِبٍ / وَأَدرَكتَها وَالكُفرُ هاشِمُ هاشِمِ
وَفَرَّجتَها وَالسَيفُ مِثلُ عَدُوِّهِ / فَهَل فيهما مِن ضَربِهِ غَيرُ سالِمِ
فَيا دارُ ما أَيّامُنا بِذَمائِمٍ / لَدَيكَ وَلا أَشواقُنا بِرَمائِمِ
وَهَذي دُموعي فيكِ مِن عَينِ ناثِرٍ / وَهَذا قَريضي فيكِ مِن فَمِ ناظِمِ
لِيَ النَوحُ حَقّاً لا مَجازاً بِرَبعِها / وَسَجعُ القَوافي غَيرُ سَجعِ الحَمائِمِ
وَإِنَّكَ إِن أَلبَستَني ثَوبَ نِعمَةٍ
وَإِنَّكَ إِن أَلبَستَني ثَوبَ نِعمَةٍ / خطرتُ بِبُردٍ مِنهُ بِالحَمدِ مُعلَمِ
وَلَيسَت يَدٌ أَودَعتَها عِندَ ناطِقٍ / كَمِثلِ يَدٍ أَودَعتَها عِندَ مُفحَمِ
فَهَذي عَلَت مِن مُفصِحٍ فَوقَ مُسفِرٍ / وَهَذي هَوَت مِن مُفحَمٍ تَحت مُظلِمِ
وَكَم شَحَّتِ الدُنيا بِلَهجَةِ مادِحٍ / بَليغٍ فَلَم تُبلِغهُ مِنَّةُ مُنعِمِ
وَأَدعو لَهُ بِالصالِحاتِ وَدَعوَتي
وَأَدعو لَهُ بِالصالِحاتِ وَدَعوَتي / تُحَقِّقُ لي حَقّاً عَلى كُلِّ مُسلِمِ
رَأَيتُكَ إِن أَصبَحتَ فينا بِنِعمَةٍ / فَقَد أَصبَحتَ فينا تُعَدُّ بِأَنعُمِ
تُرى لِحَنيني أَو حَنينِ الحَمائِمِ
تُرى لِحَنيني أَو حَنينِ الحَمائِمِ / جَرَت فَحَكَت دَمعي دُموعُ الغَمائِمِ
وَهَل مِن دُموعٍ أَو رُبوعٍ تَرَحَّلوا / فَكُلٌّ أَراها دارِساتِ المَعالِمِ
لَقَد ضَعُفَت ريحُ الصِبا فَوَصَلتُها / فَمِنّي لا مِنها هُبوبُ السَمائِمِ
دَعوا نَفسَ المَقروحِ تَحمِلُهُ الصِبا / وَإِن كانَ يَهفو بِالغُصونِ النَواعِمِ
تَأَخَّرتُ في حَملِ السَلامِ عَلَيكُمُ / لَدَيها لِما قَد حُمِّلَت مِن سَمائِمِ
فَلا تَسمَعوا إِلّا حَديثاً لِناظِري / يُعادُ بِأَلفاظِ الدُموعِ السَواجِمِ
فَإِنَّ فُؤادي بَعدَكُم قد فَطَمتُهُ / عَنِ الشِعرِ إِلّا مِدحَةً لِاِبنِ فاطِمِ
لَقَد قامَ لِلدينِ الحَنيفيِّ بَعدَ ما
لَقَد قامَ لِلدينِ الحَنيفيِّ بَعدَ ما / تَقاعَدَ حَدٌّ مِن حُسامٍ وَقائِمُ
فَقُل لِلعِدا إِن كانَ فيهِم بَقِيَّةٌ / أَلا هَكَذا في اللَهِ تَمضي العَزائِمُ
أَلا في سَبيلِ اللَهِ مَوقِفُكَ الَّذي اِس / تَمازَت مِنَ الأَجسادِ فيهِ الجَماجِمُ
إِذا نَحنُ قُلنا كُنتَ ضِراغامَ يَومِهِ / فَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
فَمَن يَدَّعي أَنَّ الحَيا كُفءُ كَفِّهِ / وَقَد غَرِقَت فيهِ البِحارُ الخَضارِمُ
تُطَوِّقُنا جوداً وَنَرعى ثِمارَها / وَنَسجَعُ مِن حَمدٍ فَنَحنُ الحَمائِمُ
كَفى حَزَناً يا طاعِنينَ مُقامي
كَفى حَزَناً يا طاعِنينَ مُقامي / وَجِسمي مَعي لَكِن هَوايَ أَمامي
مُقَسَّمُ لَحظٍ أَو مُعَذَّبُ مسمَعٍ / بِرَوحِ نَسيمٍ أَو بِنوحِ حَمامِ
أُقابِلُ تِلكَ المَكرُماتِ بِمِثلِها / فَأَبكي غَماماً لِلنَدى بِغَمامِ
كَأَنّي غَريمٌ لِلسَماحِ وَلِلظِبا / بِماءِ دُموعٍ أَو بِنارِ غَرامِ
تَذَكَّرتُ عَيشاً مِنكَ غَضّاً كَأَنَّما / أُعيرَ اِخضِراراً مِن عِذارِ غُلامِ
وَما لي عَلى الأَيّامِ بَعدَكَ مَعتَبٌ / إِذا ما تَمَشّى الماءَ نَحوَ أَوامي
تَلَقَّ ضِياءَ الصُبحِ فَهوَ مَدائِحي / وَشُمَّ نَسيمَ الرَوضِ فَهوَ سَلامي
فَإِن زادَ ماءُ النيلِ فَهوَ مَدامِعي / وَإِن هاجَ وَقدُ القَيظِ فَهوَ ضِرامي
وَمِنكُم بُدورٌ في يَدَيها كَواكِبٌ
وَمِنكُم بُدورٌ في يَدَيها كَواكِبٌ / مِنَ البيضِ في سُحبِ العَجاجِ رَواجِمُ
تَوَشَّت رِياضُ الأَرضِ بُشرى بِمُلكِكُم / وَقَد رَقَصَت فيها الغُصونُ النَواعِمُ
وَقَد صَفَّقَت مِمّا طَرِبنَ جَداوِلٌ / وَقَد غَرَّدَت بِالحَمدِ فيكُم حَمائِمُ
سَرَيتُم إِلَينا وَالنُجومُ غَوافِلٌ / عَلى غَفلَةٍ وَالحادِثاتُ نَوائِمُ
أُرَى مُخبِراً عَنها كَأَنّي مُخَبَّرٌ / وَمُستَيقِظاً فيها كَأَنِّيَ نائِمُ
وَطِرتُم إِلَيها وَالصِفاحُ كَأَنَّها / خَوافٍ وَقاماتُ الرِماحِ قَوادِمُ
وَتُزجي الكُماةُ الكُمتَ طالِبَةَ العِدى / فَيا لَصَقورٍ فَوقَهُنَّ ضَراغِمُ
زَمانُكَ يا مَولى الكِرامِ كَريمُ
زَمانُكَ يا مَولى الكِرامِ كَريمُ / عَلى العَيشِ مِنهُ نَضرَةٌ وَنَعيمُ
وَنَمضي لَيالينا وَوَجهُكَ بَدرُها / فَهُنَّ المَواضي وَالبُدورُ تُقيمُ
أَما فَوقَها إِلّا نُجودٌ وَأَنَّهُم
أَما فَوقَها إِلّا نُجودٌ وَأَنَّهُم / وَما تَحتَها إِلّا تُرابٌ وَأَعظُمُ
فَهَل فَوقَها أَو تَحتَها لَكَ راحَةٌ / وَإِنَّكَ حَيّاً مَيِّتٌ يَتَكَلَّمُ
دَجا لَيلَها إِلّا لِتَختِلَ عَقرَبٌ / أَضا صُبحُها إِلّا لِيَلسِبَ أَرقَمُ
فَلا ساءَني وَجهٌ مِنَ اللَيلِ قاطِبُ / وَلا سَرَّني وَجهٌ مِنَ الصُبحِ يَبسِمُ
وَآنَستُ مِنها ظُفرَهُ مِن هِلالِهِ / وَما هُوَ مِمّا بِالحَديدِ يُقَلَّمُ
وَعِندي هُمومٌ بِالفُؤادِ خَصيصَةٌ / وَمَن لِيَ لَو أَنَّ الهُمومَ تُقَسِّمُ
وَأَرحَمُ مِنها القَلبَ ثُمَّ تَحَطَّمَت / زِحاماً يَكادُ القَلبُ لِلهَمِّ يَرحَمُ
كَأَنَّ فُؤادي لِلزَمانِ عَقيرَةٌ / وَمِن فَوقِها صُمُّ القَنا يَتَحَطَّمُ
وَتَبريرُ فَوتِ القَرنِ مِن بَعدَ فَوتِهِ / أَباهُ مِنَ الأَقرانِ إِلّا العُلومُ
وَقَد يَسأَمُ المَرءُ الحَياةَ بِلَفظِهِ / وَيِجزَعُ مِن داءِ الرَدى إِذ يُصَمِّمُ
فَقُل لِزُهَيرٍ ما لِدَعواكَ شاهِدُ / لَدَينا عَلى أَنَّ الثَمانينَ تُسئِمُ
وَيُملي عَلى الشِعرِ لَيسَ بِلُجَّةٍ / وَلا نُجمُهُ في اللَجِّ غَرقى وَعُوَّمُ
أَعِندَكُم أَنَّ القَناعَةَ جُنَّةٌ / لِقَومٍ وَما بانَت عَلَيهِم وَلا رَموا
عُيونُ الأَعادي وَالأَحِبَّةِ واحِدٌ / يُصَرِّفُ مِنها في الخَواطِرِ أَسهُمُ
وَلي وَلِرَبّي الحَمدُ عِصمَةُ صابِرٍ / فَلا مِنهُما تَجري دُموعي وَلا الدَمُ
لِيَهنِ العُلا أَنَّ الهُمومَ كَتائِبٌ / وَأَنِّيَ أَلقاها وَحيداً وَأَهزِمُ
وَأَنَّ وُجوهَ القَومِ تَبدو عَوابِساً / وَأَنّي لِمَرآها أَهَشُّ وَأَبسِمُ
وَتَحسَبُ أَنَّ القَطرَ يَعدوكَ سَيلُهُ / وَقَد يَملَأُ القَطرُ الإِناءَ فَيُفعَمُ
وَتَتَّخِذُ الإيمانَ وَيَحَكَ جُنَّةَ / وَما هِيَ إِلّا بِالحَقيقَةِ أَسهُمُ
وَإِنَّكَ بِالإيمانِ في خَدعِ ظالِمٍ / لَأَخدَعُ مِنهُ لَو عَلِمتَ وَأَظلَمُ
وَلَم تَتَكَلَّم خيفَةً مِنهُ أَلسُنٌ / لَها أَوجُهٌ لَو تَهتَدي تَتَكَلَّمُ
نَعَم إِنَّ يَوماً عَنكَ وَلّى بِغَبطَةٍ / حَبيبٌ وَما تَدري غَداً كَيفَ يَقدُمُ
وَما يَنفَعُ المُرضيكَ أَنَّكَ عَنهُمُ / رَضيتَ إِذا ما اللَهُ لَم يَرضَ عَنهُمُ
فَوَعدٌ بِهِ الراجي عَلى الماءِ قابِضٌ / وَعَقدٌ بشهِ الراضي عَلى الماءِ يَرقُمُ
مَضى قَبلَكُم قَومٌ مَضى القَومُ قَبَلَهُم / عَدِمناهُمُ إِلّا الحَديثَ وَنَعدَمُ
وَما نَفَعَ الباقينَ أَن يَتَأَخَّروا / وَلا اِمتَنَعَ الماضونَ أَن يَتَقَدَّموا
فَإِن سَلَّ سَيفاً فَوقَ رَأسِيَ مَتنُهُ / وَفيهِ مَعاشي هَزَّهُ إِذ يُصَمِّمُ
فَكَم لَيلَةٍ ما أَبصَرَ النَجمُ مِثلَها / وَلَكِن عَلى كاساتِها يَتَبَسَّمُ
وَباتَت لِأَسرارِ اللَيالي مُذيعَةً / وَلَكِن عَلى الأَيّامِ لِلعَتبِ تَكتُمُ
وَفَضَّت يَدُ الساقي عَنِ الدُرِّ خَتمَهُ / فَقامَت لِأَفواهِ الحَوادِثِ تَختِمُ
تَساقَطتَ إِطراباً وَإِنَّ ظَنَّ بَعضُ مَن / يُرَجِّمُ ظَنِّ الغَيبِ أَنَّكَ تُرجَمُ
وَطافَ بِها ساقٍ أَطافَ بِهِ الهَوى / كَما طافَ بِالبَيتِ المُعَظَّمِ تُرجَمُ
فَيا نَجمُ لَو تَدنو سَقَيتُكَ كَأَسَها / لَعَلَّكَ لي أَوفى نَدامي وَأَسلَمُ
وَكُنّا كَنَدماني جَذيمَةَ بُرهَةً / وَحَبلُ الهَوى ما بَينَنا لَيسَ يُجذَمُ