تَناهَيتَ عَن ذِكرِ الصَبابَةِ فَاِحكُمِ
تَناهَيتَ عَن ذِكرِ الصَبابَةِ فَاِحكُمِ / وَما طَرَبي ذِكراً لِرَسمٍ بِسَمسَمِ
مَنازِلُ مِن حَيٍّ عَفَت بَعدَ مَلعَبٍ / وَنُؤيٌ كَحَوضِ الجِربَةِ المُتَهَدِّمِ
تَظَلُّ النِعاجُ العينُ في عَرَصاتِها / وَأَولادُها مِن بَينِ فَذٍّ وَتَوأَمِ
تَبَيَّن خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / غَرائِرَ أَبكارٍ بِبُرقَةٍ ثَمثَمِ
دَعاهُنَّ رِدفي فَاِرعَوَينَ لِصَوتِهِ / فَيا لَكِ بَعداً نَظرَةً مِن مُكَلِّمِ
عَلَيهِنَّ أَمثالٌ خُدارى وَفَوقَها / مِنَ الرَيطِ وَالرَقمِ التَهاويلُ كَالدَمِ
وَمِنها خَيالٌ ما يَزالُ يَروعُنا / وَنَحنُ بِوادي الجَفرِ جَفرِ يَبَمبَمِ
إِذا ما اِنتَبَهتُ لَم أَجِد غَيرَ فِتيَةٍ / وَغَيرَ مَطِيٍّ بِالرِحالِ مُخَزَّمِ
أَلا إِنَّ خَيرَ المالِ ما كَفَّ أَهلَهُ / عَنِ الذَمِ أَو مالٌ وَقى سوءَ مَطعَمِ
لِأَمنَعَ مالاً ما حَييتُ بِأُلوَةٍ / سَأَمنَعُهُ إِن سَرَّني غَيرَ مُقسِمِ
وَأَترُكُها لِلناسِ إِنَّ اِجتِنابَها / سَيَمنَعُني مِن مَأثَمٍ أَو تَنَدُّمِ
وَقَد أَتَناسى الهَمَّ عَندَ اِحتِضارِهِ / بِناجٍ عَلَيهِ الصَيعَرِيَّةُ مُكدَمِ
كُمَيتٍ كِنازِ اللَحمِ أَو حِميَرِيَّةٍ / مُواشِكَةٍ تَنفي الحَصى بِمُلَثَّمِ
كَأَنَّ عَلى أَنسائِها عِذقَ خَصبَةٍ / تَدَلّى مِنَ الكافورِ غَيرَ مُكَمَّمِ
تُطيفُ بِهِ طَوراً وَطَوراً تَلِطُّهُ / عَلى فَرجِ مَحرومِ الشَرابِ مُصَرَّمِ
تَشُبُّ إِذا ما أَدلَجَ القَومُ نيرَةً / بِأَخفافِها مِن كُلِّ أَمعَزَ مُظلِمِ
وَتَأوي إِلى صُلبٍ كَأَنَّ ضُلوعَهُ / قُرونُ وُعولٍ في شَريعَةِ مَأزِمِ
تَلاقَت عَلى بَردِ الصَقيعِ جِباهُها / بِعوجٍ كَأَمثالِ العَريشِ المُدَمَّمِ
لَها عَجُزٌ كَالبابِ شُدَّ رِتاجُهُ / وَمُستَتلِعٌ بِالكورِ ضَخمُ المُكَدَّمِ
وَأَتلَعُ نَهّاضٌ إِذا ما تَزَيَّدَت / يُزاعُ بِمَجدولٍ مِنَ الصِرفِ مُؤدَمِ
إِذا أَرقَلَت كَأَنَّ أَخطَبَ ضالَةٍ / عَلى خَدِبِ الأَنيابِ لَم يَتَثَلَّمِ
كَأَنَّ بِذِفراها عَنِيَّةَ مُجرِبٍ / يَحُشُّ بِها طالٍ جَوانِبَ قُمقُمِ
وَقَد بَلِيَ الأَخفافُ إِلّا وَشائِظاً / بَقينَ لَها مِثلَ الزُجاجِ المُهَضَّمِ
وَقَد تَخِذَت رِجلي لَدى جَنبِ غَرزِها / نَسيفاً كَأُفحوصِ القَطاةِ المُثَلَّمِ
إِذا صامَ حِرباءُ العَشِيِّ رَأَيتَها / مَناسِمُها بِالجَندَلِ الصُمِّ تَرتَمي
إِذا اِنبَعَثَت مِن مَبرَكٍ فَنِعالُها / رَعابيلُ يُثرينَ التُرابَ مِنَ الدَمِ
تَقاصَرُ أَضواءُ الضُحى لِنَجائِها / إِذا أَنجَدَت بِالراكِبِ المُتَعَمِّمِ
فَما فَتِئَت تَرمي بِرَحلي أَمامَهُ / وَأَحلاسِهِ مِن مُؤخِرٍ وَمُقَدَّمِ
إِذا وَضَعَتهُ بِالجُبوبِ رَأَيتَهُ / كَشاةِ الكِناسِ الأَعفَرِ المُتَجَرثِمِ
إِلى رَبِّكِ الخَيرِ اِبنِ قُرّانَ فَاِعمَلي / ثُمامَةَ مَأوى كُلِّ مُثرٍ وَمُعدَمِ
مَتى تَبلُغيهِ تَبلُغي خَيرَ سوقَةٍ / فَعالاً وَأَعطى مِن تِلادٍ وَمَغنَمِ
وَأَبقى إِذا دَقَّ المَطِيُّ عَلى الوَجى / وَأَنكى لِأَعداءٍ وَأَتقى لِمَأثَمِ
وَأَوهَبَ لِلكومِ الهِجانِ بِأَسرِها / تُساقُ جَميعاً مِثلَ جَنَّةِ مَلهَمِ
مَتى تَبلُغيهِ تَعلَمي أَنَّ سَيبَهُ / عَلى الراكِبِ المُنتابِ غَيرُ مَحَرَّمِ