الا هكذا في الله تمضي العزائم
الا هكذا في الله تمضي العزائم / وتمضي لدى الحرب السيوف الصوارمُ
وتستنزل الأعداء من طود عزهم / وليس سوى سمر الرماح سلالم
وتغزي جيوش الكفر في عقر دارها / ويوطا حماها والأنوف رواغم
ويوفي الكرام الناذرون بنذرهم / وإن بذلت فيه النفوس الكرائم
نذرنا مسير الجيش في صفر فما / مضى نصفه حتى انثنى وهو غانم
بعثناه من مصر إلى الشام قاطعاً / مفاوز وخد العيس فيهن دائم
وناهيك من أرض الجفار إذا التضى / بجنبيه مشبوب من القيظ جاحم
وصارت عيون الماء كالعين عزة / إذا ما أتاها العسكر المتزاحم
فما هاله بعد الديار ولا ثنى / عزيمته جهد الظما والنسائم
يهجر والعصفور في قعر وكره / ويسري إلى الأعداء والنجم نائم
إذا ما طوى الرايات وقت مسيره / غدت عوضاً منها الطيور الحوائم
تباري خيولاً ما تزال كأنها / إذا ما هي انقضت نسور قشاعم
فإن طلبت قصداً تساوين سرعة / قوادمها في جوها والقوائم
هي الدهم ألواناً وصبغ عجاجة / فإن طلبت أعداءها فالأداهم
تصاحبها علماً بأن سوف نفتدي / بها ولها في الكافرين مطاعم
كما أن وحش القفر ما زال منهم / مدى الدهر أعراس لهم وولائهم
خيول إذا ما فارقت مصر تبتغي / عدا فلها النصر المبين ملازم
يسير بها ضرغام في كل مأزق / وما يصحب الضرغام الا الضراغم
ورفقته عين الزمان وحاتم / ويحيى وإن لاقى المنية حاتم
مضى طاهر الأثواب من كل ريبة / شهيداً كما تمضي السراة الأكارم
هنيئاً له يسقى الرحيق إذا غدت / تحييه في الخلد الحسان النواعم
ولو أننا نبكي على فقد هالك / لقلت له منا الدموع السواجم
ولكننا بعنا الإله نفوسنا / ورحنا وما منا على البيع نادم
تهون علينا أن تصاب نفوسنا / إذا لم تصبنا في الحياة المآثم
وما خام إذ لاقى همام وصنوه / عشية أصوات الرجال هماهم
وبرقية شاموا السيوف فلم يعش / لبارقها في ساحة الشام شائم
وأفناء جند لو توجه جمعهم / لرومية جالت عليها المقاسم
وجمع مماليك بأفعالنا اقتدوا / فكلهم بالطعن والضرب عالم
وسنبس قد شادوا المعالي بفعلهم / وليس لهم الا العوالي دعائم
ووثعلبة أضحوا بنا قد تأسدوا / فما لهم في المشركين مقادم
وإن جذاماً لم يزل قط منهم / قديماً لحبل الكفر بالشام جاذم
جيوش أفسدناها اعتزاماً ونجدة / فظاعننا منهم ومنا العزائم
إذا ما أثاروا النقع فالثغر عابس / وإن جردوا الأسياف فالثغر باسم
ولما وطوا أرض الشأم تحالفت / فآضت جميعها عربها والأعاجم
وواجهتهم جمع الفرنج بعملة / تهون على الشجعان منها الهزائم
فلقوهم زرق الأسنة وانطووا / عليهم فلم ينجم من الكفر ناجم
وما زالت الحرب العوان أشدها / إذا ما تلاقى العسكر المتصادم
يشبههم من لاح جمعهم له / بلجة بحر موجها متلاطم
وحسبك أن لم يبق في القوم فارس / من الجيش الا وهو للرمح حاطم
وعادوا إلى سل السيوف فقطعت / رؤس وحزت للفرنج غلاصم
فلم ينج منهم يوم ذاك مخبر / ولا قيل هذا وحده اليوم سالم
كذلك ما ينفك تهدي إلى العدا / وللوحوش أعراس لهم ومآتم
وتسري لهم آراؤنا وجيوشنا / بداهية تبيض منها المقادم
نقتلهم بالرأي طوراً وتارة / تدوسهم منا المذاكي الصلادم
وما العازم المحمود الا الذي يرى / مع العزم في أحواله وهو حازم
وقد غرق الكفار منه بقطرة / سحاب انتقام عندنا متراكم
فكيف إذا سالت عليهم سيولنا / وجاشت لنا تلك البحار الخضارم
وما نحن بالاسلام للشرك هازم / ولكننا الايمان للكفر هادم
فقولوا لنور الدين لا فل حده / ولا حكمت فيه الليالي الغواشم
تجهز إلى أرض العدو ولا تهن / وتظهر فتوراً إن مضت منك حارم
فما مثلها تبدي احتفالاً به ولا / تعضُّ عليها للملوك الأباهم
فعندك من الطاف ربك ما به / علمنا يقيناً انه لك راحم
أعادك حياً بعد أن زعم الورى / بأنك قد لاقيت ما اللّه حاتم
بوقت ناب الأرض ما قد أصابها / وحلت بها تلك الدواهي العظائم
وخيم جيش الكفر في أرض شيزر / فسيقت سبايا واستحلت محارم
وقد كان تاريخ الشأم وهلكه / ومن يحتويه انه لك عادم
فقم واشكر اللّه الكريم بنهضة / اليهم فشكر اللّه للخلق لازم
فنحن على ما قد عهدت نروعهم / ونحلف جهداً أننا لا نسالم
وغاراتنا ليست تفتر عنهم / وليس ينجي القوم منها الهزائم
وأسطولنا أضعاف ما كان سائراً / اليهم فلا حصن لهم منه عاصم
ونرجو بأن نجتاح باقيهم به / وتحوي الأسارى منهم والغنائم
على اننا نلنا من المجد ما به / نفاخر أملاك الورى ونقاوم
ولكننا نبغي المثوبة جهدنا / وطاقتنا واللّه معطٍ وحارم
ونختم بالحسنى الفعال وانما / تزين أعمال الرجال الخواتم