طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ
طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ / وَمَرَّ عَلى الأَطلالِ غَيرَ مُسَلِّمِ
يُخادِعُ امّا عَن جَوى مِن تَذَكَّر / بِها الرَكب أَو عَن عبرة مَن توسِّم
وَكَم وَقفَةٍ فيها أَقَلَّ مُساعِدي / عَلى الدَمعِ اسعادي وَأَكثَر لومّي
إِذا ما بَلَوتُ العَيشَ قالَت عِراصُها / لِدَمعيَ لَيسَ الفَضلُ لِلمُتَقَدِّم
وَسارٍ أَتاني العَرفُ عَنهُ مُبَشِّراً / فَقُمتُ إِلَيهِ أَهتَدي بِالتَنَسُّمِ
أَتى بعد وَهَنٍ عاطِلاً مُتَلَثِّماً / مَخافَةَ حَليٍ أَو مَخافَةَ مَيسَمِ
وَناوَلَني كأساً أَراكَ فِدامَها / وَرَدَّ فَمي عَن لَثمِ كأس مُفدَّمِ
فَلَيتَكَ إِذ حَلأتني عَن مُحَلّل / مِن الخَمرِ ما عَلّلتَني بِمُحَرَّمِ
أَيا لَذَّةَ الدُنيا ومنه بَلاؤُها / وَيا جَنَّةً فيها عَذابُ جَهَنَّمِ
وَكُنّا اِغتَنَمنا لَذَّةَ العَيشِ ليتَها / لَذّاتُها لَم تصرَّم
تُلامُ وَنُدعى الأَشقياءَ خَلاعَةً / وَمَن من يودي ابتِداء التَنَعُّمِ
فَقَد عادَ أَيقاظاً عَلَينا صُروفُهُ / فَما نَلتَقي أَحبابنا غَيرَ نُوَّمِ
أَيا مَلِكاً ما مَدَّ كَفّاً لِعِلَّتي / وَما زلَ مَخضوبَ الأَنامِل مِن دَمي
وَكانَ قَديماً طائِشاتٍ سِهامُهُ / فَأَصبح يَرمينا بأنفذ أَسهُم
وَأَرهفَ حَدّيهِ لحزّي كَأَنَّما / تَوَهَّم انعامَ ابنِ رزِّيكَ مُسلِمي
هُوَ المَلجأُ المأمولُ وَالوَزَرُ الَّذي / أَجازَ عَلى أَحداثِهِ كُلَّ مُعدَمِ
سَليمُ نَواحي العِرضِ لَم يُعطَ خَشيَةً / وَلَم يُخفِ عيباً تَحتَ ذَيل التَكَرُّمِ
تَوضَّح في الدَهرِ البَهيم كَأَنَّه / سَنا غُرَّةٍ سالَت عَلى وَجه أَدهَم
وَأَعطى وَلا مُعطٍ وَأَضحى مُمدَّحاً / وَما فَوقَ وَجهِ الأَرضِ غَيرُ مُذمَّم
إِذا لَقَحَ الراياتِ رأياً تَمَخَّضَت / بِنَصر عَلى الأَيامِ فَذّ وَتَوأمِ
لَهُ كُلَّ يَومٍ مغنَمٌ مِن عَدوِّهِ / يَرى بَذلَهُ لِلمجتدي نَيلَ مَغنَم
ثَقيلٌ عَلَيهِ حَملُ أَيسَر مِنَّة / خَفيفٌ عليهِ حَملُ أَعظَمِ مَغرم
أَعَدَّ لِنَصرِ الحَقِّ كُلَّ مطهَّرٍ / يَغُذُّ إِلى الأَعداءِ فَوقَ مُطَهَّم
لَهُ شَرَفٌ الاقدامِ في الحَربِ شِيمَةٌ / َما يَبتَغي غَيرَ الكميِّ المُقَدَّمِ
وَولهى من التَوديع لَم تَرَ مُنجِداً / مِن الدَمع يُعديها عَلى بَينِ مُشأمِ
فَقالَت وَقَد أَجرَت سَوابِقَ عَبرة / أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ بِالبُعدِ مُؤلِمي
أَتَجمَعُ لي فَقراً وَبيناً وَكِبرَةً / لَكَ اللَهُ ما تُثنيكَ خيفَةُ مأثمِ
فَقُلتُ لَها هَذا فِراقٌ يَردُّنا / جَميعاً وَيُعدينا عَلى الدَهر فاِعلَمي
أَعدّي العيابَ وَالمَرابطَ واخطبي / كَريمةَ قَومٍ وارقبي نجح مقدمي
سَأجهدُ نَفسي في اِبتِكارِ قَصيدَةٍ / فَتونِ المَعاني لَذَّةِ المُتَرَنِّمِ
تَقول إِذا أَبصَرتِ حسنَ بَديعها / لَكَم تَرَكَ الماضونَ مِن مُتَرَدَّمِ
وَأَبعَثُها غَرّاءَ بِكراً عَقيلَةً / لِكفؤٍ بأَبكارِ المَعالي مُتَيَّمِ
مُعشَّقةً زَفَّ التميميُّ دونَها / إِلى دون مَولاكُم بأَلفِ
سَيَبلُغ بَغداداً فَيهجم قائِلٌ / أَقِم يا حُسامي في صَوائِل واهجم
أَيا بَحر إِنّي لَم أَسَل غيركَ النَدى / وَلَم أَرَ أَهلَ الأَرض أَهلاً لمكرمِ
هُم الحَمأُ المَسنون لا ماءَ عِندَهُم / وَلَيسوا صَعيداً طَيِّباً لِلتَيَمُمِ
عبرتُ أُلاقي خَيرَهُم خَيرَ مادِح / لَهُ وَأَراهُ دَهره غَيرَ مُنعَمِ
غَنيّاً بِما تُوليهِ غَيرَ مُكلَّفٍ / طَلاقَة بِشرِ الوَجهِ أَو مُتَجَهِّمِ
دَعَوتُكَ بعد الجود أُخرى وَلَم يَزَل / أَخو المحل يَدعو السُحب
وَصلتَ المَعالي فَوقَ وَصلِ مُتَيّم / أَخاهُ فَلا ذاقَت فِراقَ مُتَيَّمِ