القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 8
هوىً قد أذاب الروح والنفس والجسما
هوىً قد أذاب الروح والنفس والجسما / فلم يبق عيناً للمشوق ولا رسما
وبعض اصطبارٍ أنفقته يد النوى / وقد حسمت داء التسلِّي لنا حسما
سلونا على سلمى نفوساً نفيسة / وأَسْمَاً لَنا لم نبق ذاتاً ولا إسما
هي الكنز والجسم الكثيف جدارها / إذا جَهِلَ الداعي بها يمتلي علما
وما القرب إلا البعد عنها لأنها / على الضد منا حيث كنّا بها وهما
هي العقل بل وهي المعاني جميعها / هي الحس والمحسوس إن خَصَّ أو عمّا
فإن رمت أن تدنو إليها فكن بها / بعيداً ودع إن رمت فهماً لها فهما
وقف عندها واترك وقوفك تاركاً / لتركك تكشف عن هلال بها تما
وإياك والإقبال بالنفس نحوها / وإياك والإعراس عنها بها زعما
وصلها بما منها ومل نحو حانها / بميل تراه جاء من نحوها حتما
وكن ناظراً آثارها بعيونها / وإلا فعن آثارها لم تزل أعمى
ولا تسمع الأصوات إلا بسمعها / فإنك إن تسمع بها تُسمِعِ الصما
وناد بها في الناس واستمع الندا / تُجِبْك رجالٌ نحوها ألفوا الهما
وحوِّل لها عن وجه ذاتك حجبَها / ترى الشمس تهدي من سنا عقلك النجما
ولا تحتفل بالكل إن ضل أو غوى / فما فائزٌ إلا بما خصَّه سهما
على رغم أنف الحاسدين مقامي
على رغم أنف الحاسدين مقامي / وما الكل إلا خادمي وغلامي
أنا النور أبدو في الزيادة كلما / تقابلني منها العدى بظلام
وأمسيت طوداً في البرية شامخاً / وأصبحت بحراً في الحقيقة طامي
وعندي علوم لو وجدت لها وِعاً / لأفرغتها فيه بحسن كلامي
ولكن صدور الكون ضاقت فلم تجد / مساغاً لقولي فانثنت بملام
أبَى الفردُ إلا أن أكون بعلمه / أنا الفرد حقاً والخواص عوامي
ومازلت يقظاناً لسر فهمته / وأهل زماني عند أسر منام
أكلت لبوب الإهتدا وتركتهم / على قشرها غرثَى البطون ظوامي
فؤادي له في رتبة الحب ما نوى
فؤادي له في رتبة الحب ما نوى /
وبالقرب مني بدلت ساعة النوى /
وصحب عليهم حاكم العقل قد حوى /
يقولون لي ضيعت عمرك في الهوى / وما فاتني شيء إذا كنت ألقاكم
أحباي إني المستهام المجردُ /
وأنتم كرام ما على يدكم يدُ /
ووالله ما لي في يميني ترددُ /
لئن كان قوم بالزوايا تقيدوا / فإني أرى كل الوجود زواياكم
تجلت لنا ذاتٌ وفعلٌ بدا واسمُ
تجلت لنا ذاتٌ وفعلٌ بدا واسمُ / فكانت وما كنا وليس لنا وسمُ
هنالك قامت بالوجود قيامةٌ / بها حشرت أرواحنا واختفى الجسمُ
مدام بها الأفراح دامت لأهلها / ومن لم يذقها كل أوقاته غمُّ
وقام بها الساقي وحيى فساقنا / إلى مورد منها لذيذ به الطعم
إذا ما تراءت في الكؤوس بدا لها / شعاع له في كل ناحية نجم
هي السر للأشياء والجهر دائماً / على عدد الأنفاس والبدءُ والختم
بها يهتدي الأعمى إليها ويسمع ال / أصمُّ وتأتي ناطقين بها البُكم
ويأمنُ ذو خوفٍ ويفرح ذو أسىً / ويعتزُّ ذو ذلٍّ ويبرا بها السقم
ولو أنهم صبوا على البحر قطرة / لعاد بها عذباً ولو أنه سم
ولو ذكروا حول الحطيم صفاتها / لزال عن البيت العتيق بها الحطم
ولو لم يكن أسماؤها قد تبينت / لما بان في الأكوان كيفٌ ولا كم
ولولا سنا كاساتها من ورا الورى / لما كان ذوق في الندامى ولا فهم
ولو أن ميتاً لقَّنوه بلفظها / لقام سريعاً نحوها شوقه ينمو
ولولا بدت لم يشعر الأشعريْ بها / ولولا تخفت ما تجهمها جهم
ولولا معاني حسنها ظهرت على / ملاح الورى ما كان عشق ولا وهم
ولو بيتيم الوالدين قد اعتلت / لعز وعنه زال من ذله اليتم
جمال تجلى في جلال وعكسه / فقوم لهم مدح وقوم لهم ذم
وكل قلوب الناس لو لم تَهِم بها / لما طاب نثر في الكلام ولا نظم
ولكنهم هاموا ورقت طباعهم / ولم يعلموا في أي واد بها همّوا
لئام من الأشياء يحجب وجهها / حلا لعيون العاشقين به اللثم
ألا حيِّ يا صاحي على سكرةٍ بها / ودع عنك من هُمْ دونَها عندهم وهم
وشقق بها الأثواب عنها وكن بها / مجرد عزم لا يقاس به عزم
وبت في ثرى حاناتها متلففاً / بأثواب ذلٍّ في هواها بها تسمو
وكن عاجزاً عنها تكن قادراً بها / فعدلك عنها منك نحو السوى ظلم
هي البيت بيت الله حجت قلوبنا / إليها فلا ذنب علينا ولا جرم
إذا نحن أحرمنا نلبي بذكرها / وفي عَلَمَيها عندنا يَكثرُ العلم
وإن زمزم الحادي بها فهي زمزم / وعن مصِّنا من ثديها ما لنا فطم
نعمنا بها في لذة العيش والصبى / وما ذاك إلا أنها أنعمت نُعْم
هي الدهر في تقليب أيامه على / بنيه له حرب بهم وله سلم
إذا ما شربناها خفينا بنورها / وعند طلوع الشمس ما للدجى رسم
بها للحواس الخمس منا تمتع / فسمع ولمس ذوقنا بصر شم
وللعقل أيضا لذةٌ في جمالها / وسر بدا منها له وجب الكتم
وقد سكرت حاناتها وكؤوسها / بها في تجليها وقد سكر الكرم
ولو أن إنسانا صحا لرأى هنا / من السكر قد هامت بها العرب والعجم
ومن سكرهم منها يقولون غيرها / وهذا أبٌ قالوا كما هذه أم
وقالوا عيون في وجوه وأرجل / وأيد وقالوا أرؤس ودم لحم
معان تبدت في صفاء وجودها / فقوم لهم أجر وقوم لهم إثم
وتلك نعوت قائمات بها لها / على الفرض والتقدير لا أنه حتم
أشاراتها اللاتي بوصف مشيئة / تسمّى بأشيا وهي هالكةٌ عقم
وما ثم توليدٌ وليس مناسباً / لها ذاك بل وصفٌ إليها له ضم
تحقق بما قلناه فيها مجانباً / سواه فما قلناه فيها هو الغنم
وإياك والتوليد في جعلها السوى / فذلك قذف منك في حقها شتم
وإن جهل الأقوام ذلك واختفى / عليهم فللتوحيد توليدهم هدم
نصحتك فامسح عن بصيرتك العمى / بقولي وإلا فالنصوص لك الخصم
وهذا هوالحق الذي هو ظاهر / وبالغيب فيها ما عداه هو الرجم
خذ الكاس مني يا ابن ودي فإنه / رويٌّ بهذا فليكن عندك الحزم
ومل طرباً في النشأتين بشربِهِ / فإن شرابي للضلال به هضم
شراب طهور في كؤوس نظيفة / كريم به الساقي ومنه العطا الجم
على رنة الأسماء دام مدامنا / وإن نمق الزور الوشاة وإن نموا
وفي مقعد الصدق العزيز مناله / تجلت لنا ذات وفعل بدا واسم
لقد أوقعت دعوى المحبة في البلا
لقد أوقعت دعوى المحبة في البلا / على حكم ما يرضى الهوى ويروم
يجاذب روحي أمره فهي روحه / وتجذبها نفسي له فتقوم
فيا نفسي الأمارة اتئدي هنا / إلى كم نزاع في الحياة يدوم
وآخره موت المحب فإن يمت / فذلك محبوب لديه علوم
تلوح نجوم الأفق في مائنا فإن / فنى الماء يخفى والنجوم نجوم
وليس هما شيئين يا نفس فافهمي / كلامي فكم حارت بذاك فهوم
وضلت بدعواها التي هي ماؤهما / كما نحن قلنا والغبيُّ ملوم
هو الوارد القدسيُّ كالسيل يحطمُ
هو الوارد القدسيُّ كالسيل يحطمُ / فلا يستطيع القلب ذلك يكتمُ
جرى في مجاري الروح من حضرة العلى / فصادفنا نهواه والقلب مغرم
فنلقيه نظماً تارة بكلامنا / ونلقيه نثراً عند من هو يفهم
نفرج عنا ما نقاسي بوقعه / فصولته غلابة والتحكُّم
له محونا طوراً وطوراً ثبوتنا / ونحن به في جنة نتنعم
ألا عم صباحا قول من قال قبلنا / له ومساء نحن قلنا نتمم
وليس الذي قد قال من كل قائل / ومنا سوى الغيب الذي يتكلم
هو الظاهر المعروف في كل ظاهر / هو الباطن المجهول من ليس يعلم
عرفناه لا أنا عرفناه مثل ما / عرفنا سواه والسوى فيه يعدم
وهيهات هيهات الوجود القديم لا / يشير به عرفاننا ويترجم
نظرت إلى وجه الذي الكلُّ هالكٌ
نظرت إلى وجه الذي الكلُّ هالكٌ / سوى وجهه والوجه ما هو مبهمُ
فظنوا بأني ناظرٌ في وجوههم / عيون لهم عما أشاهده عموا
أأترك وجهاً بالمحاسن مشرقاً / وأنظر وجهاً حشوه القيحُ والدم
وعن رؤيتي تمتاز رؤيتهم إذا / أتى الموت وهو اللازم المتحتم
ومن يفتري يوماً علينا بظنه / بنا السوء ذاك الظن منه المحرم
ويجزيه عنا ربه سوء حالة / هنا وله يوم الحساب جهنم
ولا زال مطروداً عن الله دائماً / ويُمنعُ عما نحن فيه ويُحرَم
مراتب ذات في البرية تحكمُ
مراتب ذات في البرية تحكمُ / وما هي إلا الآخر المتقدمُ
معاني صفات دونهن مراتب / قديمات عهد بالحوادث تعلم
مناط كلا الأمرين غيب مقدس / وجود له منه عليه مترجم
محا ما بدا منه وأثبت ما اختفى / ولاح طراز بالمراتب مُعْلَم
مقامات قدس الذات معراج همتي / وقلبي بُراقي والذي ثَمَّ مبهم
مكانة قرب دونها كل كائن / على الإرث نلناها وزال التوهم
معي سرها باق وإن حجد السوى / وإن غشي الليل الذي هو مظلم
مشيت بها أسعى على حكم أمرها / وعندي لها بيت حرامٌ وزمزم
مبين كتابي ناطق بكلامها / وإني وإياها الذي يتكلم
مضت قبلنا أمثالنا وستهتدي / إليها أناس بعدنا وتسلم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025