القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو مُسلم البَهْلاني الكل
المجموع : 6
معاهد تذكاري سقتك الغمائم
معاهد تذكاري سقتك الغمائم / ملثا متى يقلع تلته سواجم
تعاهدك الانواء سح بعاقه / فسوحك خضر والوهاد خضارم
إذا أجفلت وطفاء حنت حنينها / على قنن الأوعار وطف روازم
ولا برحت تلك الرياض نواضرا / تضمخها طيب السلام النسائم
تصافحها بالزاكيات أكفها / فيحسب فيها والرياض تراجم
معاهد شط البعد بيني وبينها / وحل بقلبي برحمها المتقادم
تزاحم في روعي لها شوق واله / وصبر وآن الصبر أن لا يزاحم
اذا لاح برق سابقته مدامعي / وليت انطفاء البرق للغرب عاصم
لئن خانني دهري بشحط معاهدي / فقلبي برغم الشحط فيهن هائم
وان هيام القلب فيها وقد نأت / وسائل في شرع الهوى ولوازم
فيا لفؤادي ما التباريح والجوى / فعلن إذا ازدادت عليه اللوائم
على ان ذكر النفس عهدا ومعهدا / امض بها مما تمج الأراقم
خليلي في أعشار قلبي بقية / اضن بها ان ناوحتها الحمائم
خذا عللاني عن أحاديث جيرتي / فاني بحب القوم ولهان هائم
ولا تسلما عقلي الى هيمانه / فذكرهم عندي رقى وتمائم
نزحت وفي نفسي شجون نوازع / اليهم ونازعت الأسى وهو خائم
فكم جعلت نفسي تطالب صبرها / بنصر فيأبى الصبر الا التناوم
يقوم فيعروه التياع مبرح / فينكص وهناً فهو يقظان نائم
على غردان الايك مني تحية / كما هيمنت ريح الصبا والبشائم
أثارت رسيسا في الفؤاد بما شدت / ففاض به من ماء جفني راسم
خليلي ما تذكار ليلى لبانتي / أقامت بنجد أو حوتها التهائم
ولا ربعها العافي عليه تناوحت / صبا ودبور أو بكته الغمائم
تهادى به الآرام والعفو رتُعا / كما تتهادى البهكنات النواعم
ولا شفني حب لغيداء كاعب / كما ارتاع خشف في الخميلة باغم
ولكن شجاني معهد بان أهله / فبان الهدى في أثرهم والمكارم
توشح منهم بالنجوم فمذهوت / تعمت على أهل البلاد المعالم
تمادت به العلياء ترفع شأوه / بما أثلث فيه السراة الأكرام
لعمري لنعم المعهد المهتدى به / وقد ملأ الدنيا ظلام وظالم
هو المعهد الميمون أرضا وأمة / وان زمجرت للجور حينا زمازم
هو المعهد الممطور بالرحمة التي / سقت من امام المرسلين المراحم
سيكثر ورادا على الحوض أهله / اذا جاء يوم الحشر والكل هائم
لقد صدقوا المختار من غير رؤية / وتكذيب جل الشاهدين مقاوم
أولئك قومي باركتهم وأرضهم / بدعوة خير العالمين المكارم
ومن شعب الايمان حب يشفني / تجاذبه تلك الديار الكرائم
عقدت بها أنس الحياة وطيبها / وان شردت بي للبعاد هوازم
ولو صارفتني في محبتها الدنا / رضيت بها منها وما أنا نادم
واني ولبس الدهر جلدة أجرب / تجاهي وآمالي محال محارم
ومر الليالي كالحات عوابسا / علي كأني للكوارث جارم
تجشمني والصبر بيني وبينها / أفاعيلها فيمن عدته المآتم
وحنكي صروف الدهر حتى تبلدت / وأبصرت ما أخفين والجو قاتم
وأعجزني أن أستطيع مطالبي / من الله ما لم تمتلكه العزائم
لأعلم أن الخطب يصبح آزما / ويمسي قد انحلت عراه الأوازم
الى كم يلز الدهر نفسي بلية / ويقطعني عما تريد العظائم
وما جشأت حينها لهول ينوبها / ولكن من الأقدار مالا يقاوم
أحاول أمرا لونبا السيف دونه / لما عيب والأقدار عنه تصادم
أيغمدني كالسيف دهري عن العلى / وما حُمدت قبل الفعال الصوارم
وما همة المقدام الا مضاضة / اذا منعتها عن مناها الشكائم
أيكبت همي خامدا غير حامد / له العدل أمرا وهو في النفس جاحم
وأصبر نفسا مرة لاذمارها / حمته ولا انقضت عليه اللهاذم
ويقدح زند الروع من زاد همه / كهمي وأقوى ما لزندي ضارم
كفى حزنا أن أحسو الموت ليس في / جناحي خواف للعلى وقوادم
ويركب ظهر الروع حر غشمشم / ويقطعني عما امتطاه القوائم
ويأتدم العداء لحمي مهنئا / وما مرئت للصائدين الضراغم
ائن لفجت كفي بتشتيت طولها / الى حيث احساب الرجال تزاحم
يلم علي الدهر اعزاق سوقه / سفاها كما التفت علي السماسم
أيهزل هذا الدهر أم جد جده / وهل سروات المجد فيه مغانم
وهل عرقه وجه السري نقيبة / تزين وهل بخس الكرام مكارم
أينهض أهل الله والحق عندهم / ونصري محصور وهمي عاسم
وما ورق الدنيا مراعي عزيمتي / اذا أمرعت روض الدنايا العزائم
وفي النفس هم فضفض الصدر لاعج / تساور ادراكي مداه الصيالم
وأطول ما أقضي به أقصر المنى / خيال اصطبار بينها لو يلازم
فيالهفا اما قضيت وما قضت / حقوق معاليها الهموم العوارم
وما النازع المقصود فارق أرضه / يحن وفي شد الحبال القوائم
إذا لاح برق نازع الحبل سادما / فيكبو على اللبات والحبل لازم
بأوسع حزنا من بقية مهجتي / وان قلت اني الصابر المتحازم
أفارق في أفريقيا عمر عاجز / وبي كيس كالطود في النفس جائم
كأني كهيم الطبع أو قاصر الوفا / أو الخصم مظلوم أو الحق ظالم
وتسري سيوف الله في جنب خصمه / بايمان أمجاد وسيفي نائم
تجردها لله أسد أبية / توادد في ديانها وتصارم
وترمي بقايا الصالحين نجيعها / فتمسحها حور الجنان النواعم
ويغنم أهل (النهروان) شهادة / وما هي الا طعنة فالمغانم
يبيعون دنياهم بمرضاة ربهم / وان لامهم في مطلب الحق لائم
واقعد مخشوشا على مبرك الونى / ويحكمني عن غاية القوم حاكم
أليس احتساء الموت أحجى بحالتي / على أن بيني والمنايا تلازم
ينادي لاحدى الحسنيين مؤذن / واقعد عن تأذينه أتصامم
أدون فتوح النصر ترضى دنية / وهل في سوى الفردوس يخلد نائم
وهل حمدت في الأرض بعد (محمد) / وأصحابه الا الشراة الصماصم
وهل فاز بالعلياء الا مصمم / تهون لديه المزعجات الجسائم
اليكم أسود الله مني تحية / يمور بها فلك وتحدو رواسم
اليكم صناديد الغبيراء مدحة / لها في ذرى السبع الطباق دعائم
اليكم ليوث الاستقامة مدحة / لها في الكروبيين قدر مزاحم
أخذتم بأمر الله قلبا وقالبا / وشاهدكم نصر من الله قائم
وكافحتم عن عزة الدين خصمها / فعزت وأس العز تلك الملاحم
وقام لأبناء الحنيفة معقل / بنته لهم تلك القنا والصوارم
وقمتم بحكم القسط حتى تشعشعت / بأنواره بيد الفلا والعواصم
وصادرتم الأخطار في نصر ربكم / وهانت عليكم في الجهاد العظائم
ضمنتم قيام العدل لله حسبة / فقام بحمد الله والجور راغم
ذكرتم عهود الصالحين واحدقت / بوائق دهر نكرها متفاقم
فآثر تم ما آثرت سنة الهدى / وغيرتم بالسيف ما الله ناقم
على الأمر بالمعروف والنهي منكم / عن المنكر اشتدت لديكم شكائم
عرتكم لأخذ الحق لله غيرة / فآضت بفتح والثواب المغانم
وقفتم وسيل الظلم طام وطالما / بأزمائها باتت لنصر حوائم
فباء بحمد الله بالخزي خاسئا / لداهية تنقد منها الحيازم
وابتم وحد السيف بالعدل بارق / يبشر أن الحتف للظلم داهم
نعم ثبتت أقدامكم وقلوبكم / فولت أمام الحق تلك المظالم
وخابت أماني البغاة مهيضة / وقامت على قرن الشقاق المآتم
وأصبح سيف الله في كف دولة / لها مدد من ذي الجلال وعاصم
فما خام عنها غير نكس منافق / كما قام فيها أروع النفس حازم
وأصبح سلطان الشريعة ثابتا / له عمد في تخته ودعائم
على بيضة الاسلام قر أساسه / وطائره فوق السماكين حائم
وكانت ( عمان) الجور ملء أهابها / مجامل غفلا ليس فيها معالم
فأشرق نور الله في عرصاتها / الى أن أضاءت من سناها العوالم
وكانت حميات الرجال تحزبت / فأصبح كالعقد الشتيت العماعم
وصار جهاد المعتدين مشاعرا / يحج اليها المقسطون الأعاظم
منظمة ألبابهم وسيوفهم / ونياتهم والحق للكل ناظم
يؤلفهم ايمانهم واحتسابهم / كمؤتلف الأنصار والدخل عارم
فجمعهم فرد وفردهم به / غناء إذا كرَّ اللهام الخضارم
هنيئا للأهل الحق صدق انتصارهم / ويقظتهم في الله والدهر نائم
وفوا بوصايا الله في السخط والرضا / كراما وأفعال الكرام كرائم
فما حصروا في موقف الحق لمحة / ولا وسعوا ما ضيقته المحارم
ولا ختلبتهم زهرة العيش في الهوى / ولا زينتهم في المخاري العمائم
ولا حسدوا من نعمة الله ذرة / اذ الفضل مقسوم وذو الفضل قاسم
ولا احتقروا ذا القدر في منصب التقى / ولو زهدت للفقر فيه العوالم
ولا داهنوا في الدين من أجل مطمع / يسيل به أنف من الكبر وارم
تراموا على القرآن شربا بمائه / فأصدرهم والكل ريان هائم
مقدسة ألبابهم ونفوسهم / وأفعالهم والمنتحى والعزائم
لهم قدم في الاستقامة ثابت / وهمّ على الاخلاص لله قائم
وأيد عن الدنيا قصار قواصر / وفوق أعاديهم طوال قواصم
تمر بهم حالان للبؤس والرخا / وفيهم على الحالين وقر ملازم
ومن أذهلته طاعة الله أثرت / عليه فلم يحفل بحال تصادم
بأنفسهم شأن الى الله وجهه / شديد القوى تنبو عليه الصوارم
تجاذبهم وجهان وجه من الرجا / نضير ووجه بالمخافة ساهم
اذا خالفوا فالمسك طارت به الصبا / وان أفضلوا فهي اللجاج العيالم
وان حاربوا تستبشر الحرب منهم / لأن قراهم للحروب الملاحم
لهم في سبيل الله جد ونجدة / وثبت لكبات الوغى وصرائم
واقدام ضرغام اذا البهم أحجمت / وصخت بأذان النجوم الهماهم
وتشبيههم بالأسد تقريب ناعت / وشتان أقمار الهدى والبهائم
لقد وثبوا حياهم الله وثبة / رمى الكفر منها المخزيات القواصم
وشدوا بعزم الرسل لله غيرة / على قدر أهل العزم تأتي العزائم
فباءوا ونور القسط للجور باهر / عزيز وتيجان الضلال مناسم
وللحق أعناق البغاة خواضع / واذرعهم في بطشهن معاصم
وأبطال خيل الله تحكي أهلة / من الظفر الميمون منها المباسم
وألوية التحكيم تنشر عزها / وتدعو الى حكم به الله حاكم
وفتح (امام المسلمين) وقهره / وسلطانه لا ينتحي عنه عاصم
وخيل جنود الله تصبح شُزَّبا / بثارات "عزان بن قيس" تصادم
ومن همها ثأر"الخليلي" انها / اذا ذكرته طيرتها العزائم
أتذهب ادراج الرياح دماؤه / ولا كدم العصفور ما فيه قائم
وتعبث فعل الرافضي بوجهه / ولألاء ذاك الوجه في العرش ناجم
ويدفن حيا لا جريمة تقتضى / سوى أنه بالحق لله قائم
أليس من الغم المميت وقوعها / وطرف ولي الثأر في الأمن نائم
وتنسى قلوب المؤمنين مصابة / وللآن منه في السماء مآتم
ألا فاغضبي يا غارة الله ولتقم / نوادبه سمر القنا والصوارم
ولا تتركي ثأر المرزء حبرنا / " سعيد بن خلفان" لمن هو خائم
فان خام عنه وارتضى الضيم ملبا / وسالم فالأيمان ليس بسالم
ليحتكمن الله أخذا بثأره / ويعجز عند الاحتكام المقاوم
فلا تحسبوا أن الدماء مضاعة / اذا سفكتها في هواها المظالم
وان ضيعتها أهلها فحقوقها / يغار لها للعدل بالقسط قائم
خذي يا خيول الله في كل مرصد / بحملة غيظ تتقيها الصلادم
ولا تتناسي سيرة الحبر "صالح" / فسيرته للمهتدين معالم
قضى دهره لله محتسبا له / ومات شهيداً والقذائف ساجم
وما ساءني أن أكرم الله وجهه / بموت رجاه الطيبون الأكارم
تأسى بقوم بالشهادة أكرموا / لهم موطن في جنة الخلد دائم
وما قصرته همة عن مقامهم / الى أن تولى والتراث المكارم
فهل عند "عيسى" أن يقوم مقامه / وهل عنده أن القعود محارم
وهل عنده أن الجهاد فريضة / وقد وضح الامكان والخصم خائم
وهل عنده أن المقدر كائن / وان وقوع الحتف بالمرء لازم
وهل عنده أن المعالي صعبة ال / مراقي وأهلوها السراة اللهامم
وهل عنده أن الحدود تعطلت / وان حقوق المسلمين عنائم
وهل عنده أن المناهي أكرمت / وناب أعادي الله في العرف آزم
وهل عنده للاستقامة نصرة / وقد هجمت للقاسطين الهواجم
وهل عند "عيسى" أن للفرض عادة / قديمة ذكر جددتها المقادم
وفرض على ذي الفرض عادة فرضه / اذا لزمت حامي الذمار اللوازم
فدى لك نفسي يا ابن" صالح" قم بها / فانك للسيف الأباضي قائم
تجرد لها واذكر وقائع "صالح" / ودونك أسلاف كرام ضراغم
وخذ من قلوب المؤمنين بشعبة / فان قلوب المؤمنين صوارم
أناديك للجلى وأنت شهابها / وقمقامها ان أعوزتها القماقم
فخذ من "امام المسلمين" بضبعه / فمثلك من تدعو الأمور العظائم
ولا تلق للتنفيذ أذنا فانه / له بيعة صدق وقدر ملازم
وأنت بأحكام الامام وحقه / عليك وأحكام الولاية عالم
وقد أمكنتكم فرصة لقيامكم / وكم رامها من قبل ذا الوقت رائم
فلا تهملوها بعد أن جد جدها / وقام بها حسب الشريعة قائم
ألا فالزموها سنة وجماعة / وقد طالما حنت اليها العوالم
وعضوا عليها بالنواخذ جهدكم / ففيها بدايات الهدى والخواتم
يكن جهدكم فيها دليلا لنهضة / لأزكى صفات الصطفين تلائم
وان لكم فيمن هدى الله أسوة / وان هداكم للعباد معالم
وانكم للصالحات أدلة / وانكم للمرتقين سلالم
وان للأباضيين في الأرض حجة / على الناس ذي جهل ومن هو عالم
وان الذي وفى بشرعة دينكم / ومات عليهم فهو لا شك سالم
وان أمام المسلمين على هدى / مخالفة باغ على الحق ظالم
امامته حق وفرض اتباعه / على ساكني المصر العماني لازم
وان الذي وفى بطاعة أمره / ولي والا فالعدو المخاصم
وهذا اعتقاد فوق كل مكلف / له من أصول الدين قطعا دعائم
لقد شكر الله الذين تعاونوا / على البر والتقوى وفي الله قاوموا
وحسب الامام المهتدي من كرامة / بأن قام والدنيا جميعا تراغم
ومن يكن المنصور من عند ربه / وقاومه المخلوق ذل المقاوم
امام الهدى أن ينتضي الدين سيفه / فأنت له حد ونصل وقائم
أبرر فيك الحمد واللسن أخرس / وأبسط فيك المدح والعي واقم
واسترشد الأفكار فيك فأنثني / بأوضح أفهامي كأني واهم
وهيهات لم تبلغ بدائع مدحتي / لفضلك الا حيث تعي التراجم
وانى لما أرضى لمدحك كاره / لأنك للدنيا جميعا مصارم
ولكن حر القول ينحو مقره / كما أن للتيجان تنحو اليتائم
وما انتقي التمجيد فيك وانما / إليك اهتدى حر الكلام الملائم
يسابق فيك الحمد قبل انتقاده / وهذا لأن الحمد فيه مكارم
ولست بأقصى الحمد فيك مموها / الى العرض الفاني بشعري أزاحم
ولكن رأيت الله يمدح أهله / ومن فضله بدء العطا والخواتم
هداهم اليه ثم أثنى عليهم / وذلك في احسانه متلازم
وحمد ولي الله عين ولاية / وتوقيره فيض من الله ساجم
فكل رجائي بالثناء عليكم / ذخائر عند الله لي ومغانم
وأسنى حظوظي أن أوفق معية / وحب الى يوم القيامة دائم
فان محب القوم لا ريب منهم / قسيمهم ان مغنم أو مغارم
أحاول فوزا من حياتي بقربكم / يراعي وسيفي والنهى لك خادم
وانى لدهر صدني عنك شانئ / وحتى متى من صرفه أنا واجم
ادبر حزم الرأي في حل قيده / وهيهات أعيا منه عي وحازم
واني أشيم البرق من حيث نفعه / وانك أجدى بارق أنا شائم
وسرك بالتفريج أوحى مؤمل / وان سدت الأبواب دوني البوازم
فصل يا ولي الله وصلي بخطرة / على القلب لا تبقى عليها الأوازم
فان قلوب الأولياء فواعل / لا بحر نور الله فيها تلاطم
محل تجلي الحق مشكاة نوره / له وسعت اذ لم تسعه العوالم
فلا بدع من تأثيرها حيث أثرت / ولو حييت منها العظام الرمائم
واني بحمد الله فيك لمخلص / ولو خاصمتني في الولاء الخواصم
ومالي وللأعداء جاشت صدورهم / وغصت بما تحوي الصدور الحلاقم
على أنني واليت في الله أهله / وعاديت من نيطت عليه المآثم
ومن لهم أن أخذل الحق ظالما / ويظفر مني بالولاية ظالم
وهذا محال لا ينالون نيله / ولو ضغمت جسمي عليه الضياغم
"يديرونني عن سالم وأريغه" / وجلدة بين العين والأنف سالم
ولو نصبوا جسمي وجروا جيوشهم / لرفع حياتي لم ترعني الجوازم
وما آنس الأعداء مني هشاشة / أبى الله لا حيث تدعو المكارم
وكم عجموا عودي على الدين فانثنت / كلالا عن المر الصليب العواجم
ولولا المقادير التي عزت القوى / وما اكتسبت مني الخطوب الغواشم
نذرت حياتي تحت ظل لوائه / وأحرزت خصلي اذ تحز الغلاصم
ولم يك قسمي غير ضربة قاضب / اذا قسمت فوق الفروق الصوارم
أو الطعنة النجلاء ترمي نجيعها / تفوز بها مني الطلى واللهازم
وتلك لعمر الله أبخس قيمة / لرضوان ربي يوم تعطى المقاسم
بحب (أمير المؤمنين ابن راشد) / أدين وأنف الخصم خزيان راغم
محبة من باع الضلالة بالهدى / يبيع ويشري مؤمنا ويساوم
محبة من لا يتقي الموت مسلما / يحارب في دين الهدى ويسالم
إليكم عباد الله مني نصيحة / يبررها قول من الله جازم
أحقاً تقاعدتم بها وهي دينكم / وخارت عن العز المقيم العزائم
أحقا ًعباد الله بعض سيوفكم / لدعوة أهل الاستقامة حاسم
أحقا عباد الله بعض قواكم / لقوة عباد الصليب دعائم
أفي عزة الطاغوت يشهر مؤمن / حساما وتهوي في أخيه اللهاذم
أحقا عباد الله أن خياركم / تناصب قوام الهدى وتقاوم
سيوفكم يا قوم سيفان خاذل / لحق وسيف في المحقين خازم
أيهدم ألف ما بنى الفرد منكم / وكيف بناء الفرد والألف هادم
ويا أسفا أن تهشم العقر فتنة / زبون وتزجيها رجال معاصم
عرفناهم بالخير حينا فمذ بدت / سرائرهم لم تبد الا الأراقم
نصبتهم الدنيا فكانوا سباعها / وصيدهم منها الذميم المصارم
تمنيتم أن يظهر العدل لمحة / فلما بدا شدت عليه الضياغم
أفي العدل حيف أم من العدل ذلة / عليكم وكل العز للعدل لازم
وكيف يعادي العدل من همه التقى / ولكنه بغي بكم وتعاظم
هممتم بأمر والرزايا تنوشه / ويعقبها عدل من الله قاصم
فيا فتنة عظمى تحرشتم بها / تقضكم أنيابها والملاهم
فما تنتهي الا وللبغي صرعة / وحد حسام الله في البطل حاكم
وتنصر أهل الله غيرة ربهم / وأين اذا غار الاله المقاوم
ويعلو (امام المسلمين ) بعدله / عزيزا وميزان الحنيفة قائم
خذوا بجميل الصبر وارضوا وسلموا
خذوا بجميل الصبر وارضوا وسلموا / فان فناء العالمين محتم
رضا بقضاء الله ان حياتنا / على السخط منا وارضا تتصرم
وان حياة تقتضيها منية / ركون اليها غفلة وتوهم
ألهوا ومخبوء المنايا حبائل / وأواحنا فيها وقوع وحوم
تناهشنا الآجال لا نرعوي لها / وتخبطنا البأساء فيها وننعم
سكونا اليها والمقابر تمتلي / وتخلو بيوت الراحلين وتهدم
نمر على الأحداث والقوم في الثرى / همودا فيا أحبابنا كيف أنتمو
وهيهات ما عند القطين ابانة / سوى أنهم صاروا عظاما تهشم
ثووا لا يمل الدود طول ثوائهم / وملهم الأهلون ساعة أسلموا
تساوى ملوك الأرض في مضجع البلى / وغيرهم ما ثم أدنى وأعظم
سيرجع رب التاج في الرمس جيفة / وان عاش كبرا أنفه يتورم
تباذخ مغبوطا على عرش عزه / وعما قليل سوف يعلوه منسم
تطير السوافي الرائحات رفاته / على عرشه منه غبار مقتم
وما امتاز من أضحى رفاتا مفتتا / مليك يحيا أو حمار يكدم
أتختلب الأطماع عقبى كهذه / ويا رب سلم بعده الخطب أجسم
يمر بنا ركب ويتلوه غيره / ويسبقه ركب وفي الأرض أقحموا
تنعم في ميراثهم غير كاسب / وعما قليل يقعص المتنعم
أينسى بنو الدنيا مصارع أهلها / وفي كل قلب للمنية ميسم
بنون وآباء لدينا أعزة / ندسهم في الأرض لا نتخرم
كأنا لهذ الأرض دين ودأبها / غريم على كثر الوفا يتظلم
تضلعت الارماس من أكل لحمنا / وما برحت غرثى الى اللحم تقرم
وما هذه الأرواح الا ودائع / سيأخذها مستودع ليس يظلم
وقد أنذرتنا صرعة بعد صرعة / وفقد أخير قبله متقدم
تدافعنا الآمال فيها كأننا / هباء عليه عاصف الريح يحكم
الا نرعوي والناب يصرف فوقنا / فهذا على خوف وذلك يقصم
كأن المنايا حسبنا من تصرفت / بهم وكأن الظفر منها مقلم
وليست لعمر الله عند حدودها / بتاركه عيشا ولا يتصرم
ترى أي صفو لم يكدره صرفها / وأي شراب لم يمازجه علقم
أنلزمها البقيا وتلك قضية / على الرغم منها حكمها ليس يلزم
ونفلت منها والحياة سفينة / مخرقة الألواح بالموج تحطم
تمزقنا الغارات من أم قشعم / وما حدث تبقي عليه وقشعم
متى تفرغ الآذان من صوت نائح / وقعقة تحت التراقي تهمهم
وينشف دمع من سوافح دمعه / ويبرد قلب بالأسى يتضرم
متى تحسر الأكتاف من نعش هالك / رواحل من أثقالها ليس ترزم
قوافل تمتاز النفوس الى الفلا / الا هذه الابشار للأرض مطعم
أوني خيام الحي من حيث طنبت / أليس ضمير الأرض ذاك المخيم
ولسنا تأخرنا معافين بعدهم / ولكنه عمر مداه يتمم
توفتهم آجالهم وبأثرهم / نسير الى حيث استقروا سنقدم
اخو الحزم من لا يستقر الى الهوى / ومن نصب العقبى لعينيه أحزم
وما نضرة الدنيا تروق لكيس / ونحن نراها بالبلى تتخرم
يسالمها المغرور منها بزخرف / وهيهات لم تسلم ولا هو يسلم
ومن عجب برد الصدور وداعة / وقد أيقنت ان المنية تهجم
لكل ندي بالتفرق موعد / وللحتف رمح في الصدور مقوم
ولو أن نفسا وادعتها منونها / ولكنه لا زرع الا سيصرم
لقد أنذر الداعي رصيدا مشوكا / ونحن كأنا بالنذارة نحلم
حذار بيانا أيها الناس اننا / على شدة الايقان بالخوف نوم
ولو لم يكن غير النوادب مؤلما / على ميتمي أطفالها تتألم
ولا نفس الا تنطوي فوق حسرة / ولا قلب الا بانفطار مسمم
لا جفل ذولب الى جنب رشده / وتارك دار بالمعاول تهدم
ونعنى بها لا تعترينا سآمة / وعاملها من فتكها ليس يسأم
اعند رجال الاستقامة انهم / أصيبوا بقطب المسلمين وأيتموا
وان قصمت ظهر المكارم نكبة / سيمضي عليها الدهر تفري وتفصم
وما يومها الآتي بها رد مأتما / ولكن ما يأتي من الدهر مأتم
غداة نعى الناعي الى الناس راشدا / أحقا نعيت الفضل أم تتوهم
نعم راعني ندب السماء وأهلها / وأركان عرش المجد اذ تتحطم
وضجة بيت الفضل اذ خر سقفه / وهدة طود الجود اذ يتهدم
صباحك يا ناعي المرزء سيء / ويومك منحوس وطيرك اشأم
بعثت الى الألباب حزنا مؤبدا / وأوقدت نارا دأبها تتضرم
أحقا عميد الدين لاقى حمامه / فاني أرى نفس الهدى تتلدم
أحقا عماد الاستقامة أصبحت / به اعوجيات من البين ترسم
أحقا ملاك الفضل اودى فتلكم / يمين الجد اشلاء والكف أجذم
أحقا منار العلم أسقطه الردى / كأن سقوط العلم للحتف مغنم
أحقا إمام الزهد عارضه الفنا / فهل أنف دنيانا من الزهد يرغم
أحقا سحاب البر أقلع نوؤه / فهل يتأتى بعد للبر موسم
أحقا جميل الصنع كفت يمينه / وكانت هي الطولى تبر وتنعم
أحقا بهاتيك المعاهد غمة / من الحزن اذ واراه لحد مغمم
فواحربا والحزن يسفح عبرتي / قضى نحبه البر الكريم المعظم
تقضت به أيامه البيض كلها / أياديه أمطار وناديه معلم
تقضت به أيامه من جمالها / تنور منها نير متجسم
وما المرء الا راكب يطلب المدى / ولا بد يوما عمره يتجرم
رويدا لقد آنست في الأرض رجفة / ترى ان قلب الأرض كالناس يألم
عزاء رجال الاستقامة انها / مصيبة دين ما بقي الدهر تعظم
فكل سرور اذ ألمت مساءة / وكل حميد العيش عيش مذمم
فياثلمة للدين والفضل مالها / سداد ولا اذ يقدم الدهر تقدم
حنانيك للأبرار يا موت برهة / وهيهات ليست قسوة الموت ترحم
تسارع في الاخيار تمحو وجودهم / وياليت ما تمحموه بالمثل يرقم
وما معتب المفجوع منك بنافع / لأنت قضاء صبه الله مبرم
قضى الله ان الحي يجري لغاية / فما ثم تأخير ولا متقدم
متى يدرك الاعتاب مستعتب الردى / له عزمة صدق ورأى مصمم
مكر هموز الناب ما طاش سهمه / ولا هو في كراته متلعثم
تقادم عهد بالمنون وفعلها / وجاست خلال الدار تذرو وتهشم
اذا أرسلت سهما لتقصد مقتلا / تلته الى المرماة بالرغم أسهم
تخلف دعس الحي عنهم فأخلدوا / لغبراء يعلوهم صفيح مردم
وليس بنا في الموت صرخة ثاكل / وقلب يتيم بالأسى يتجرم
ولو كان يجدي هالكا ندب فاقد / لسال مكان الدمع من غرابه الدم
طحى حدثان الدهر للفضل هضبة / وكانت بها هضب المكارم تدعم
لك الله ريب الدهر يستنزف البقا / فلا نفس الا بالفناء سترجم
ولا غرو ان تستنزف الصبر نكبة / ويقصر من تطراقها المتعزم
غداة تداعى الطود في سمك مجده / وطارت به حدباء عوجاء صيم
تهادته أكتاف الرجال ولو دروا / لكان حقيقا ان تهاداه انجم
الى حفرة ضمت من الجود بحره / رويدا هو البحر المحيط يدمدم
فما عجب ان تحبس الشمس في الثرى / فتعتقب الأيام والجو مظلم
هناك اقشعر الروض واغبر جلده / وذلك روض النعمة المتسوم
مدى الدهر لا ينفك حزن مبرح / عليك وتسكاب من الدمع مسجم
مآل اليتامى في الملمات من ترى / تركت لهم اذ أزمة الدهر تأزم
فديناك بالأرواح ضاعت حفائظ / تحفى بها معروفك المتنسم
تردى بغاة الخير بعدك بالأسى / فواجدهم من بعد فقدك معدم
وما دفنوا نفس امرئ منك وحدها / ولكن نفوس في ضريحك تردم
وكنت الجناب المستراد لمسنت / وروضك مخضر وبحرك خضرم
فجف نضير الروض واربد جوه / وغاضت بحور طاميات غطمطم
وقد كنت درءا للحوادث مؤئلا / اذا جاش منها الكارث المتهجم
وكنت لحاجات المساكين ركنها / فمن لهمو والركن عنهم مهدم
وكنت مع الاكدار صفوا مهنئا / رواؤك ممدود وكأسك مفعم
وما ضاعت الآمال عندك والذي / نويت ولم يقدر من الخير أعظم
كأن الورى الارحام لست تضيعها / على أسوة في الوصل بر ومجرم
يعيش بك الهلاك بين فواضل / دقائقها من أكرم الفضل أكرم
غزير مجاري الماء لا من غزارة / من المال لكن بحر جود قليذم
يمر عليك الدهر والدهر عابس / وفضلك فيه ازهر الوجه مبسم
وكنت كفال الحق حصنا لأهله / همومك فيه والأهم المقدم
فدا لك نفسي اذ تجود بمهجة / الى يد خير الراحمين تسلم
حييت على الحسنى ثمانين حجة / رياضا نضيرات جناها التكرم
فما برح الايمان فيها ملازما / لقلبك والاحسان يربو ويعظم
ولما دعاك الله لبيت أمره / فأصبحت جار الله والجار يكرم
وعيشك في الدنيا حميدا مسددا / فلقيت عمرا بالسعادة يختم
مضيت وخلفت الكآبة والأسى / مجددة آثاره ليس تطسم
يظل جليد القلب منه مولها / به ظاهر التأساء والحزن مبهم
لئن هدمت محياك قاصمة الردى / فمجدك يبقى شامخا لا يهدم
على سورة في المجد قر أساسه / له شرف فوق السماكين ينجم
فنيت وأبقيت المحامد انجما / لسان ثنائي عن مداهن مفحم
تبدلت بالدنيا مقاما مقدسا / هنيئا لك الحظ الذي لا يصرم
تصاعدت بين الحلو والمر جاهدا / الى الله من آفاقها تتبرم
هنئت ولم نهنأ لفقدك لمحة / على كل كبد قرحة لا تمرهم
فيا ابن سليم ان تباعدت سالما / فلا قلب من برح عقبيك يسلم
تركت صدور الناس ترمي شرارها / الا كل نار بالشرارة ترجم
وليس الغيوث الصيد للحزن وحدهم / ولكن بهذا الكون للحزن منجم
فقد كنت غوثا تمطر الكون رحمة / بل الغوث في الابدال بل أنت أقدم
فياسيد الابدال من أنت تارك / يخلص من سوء ويجزي ويرحم
متى تطرق البلوى تصدى لكبحها / أو اعوج أمر الناس فهو المقوم
لقد أوحش الربع الأنيس وأصبحت / معالم أهل الحق لم يبق معلم
فواحربا قطب الكمال وردتها / شريعة حتف عندها العمر يحسم
وقفت عليها نير الصحف وافرا / من الزاد طهر العرض مما يذمم
فاقدمت وفدا في مقام كرامة / تروح وتغدو بالبشائر تنعم
متى نتعزى منك أو يقلع البكا / ورمسك في وسط القلوب مخيم
ابعدك شيخ المسلمين سلونا / بشيء وسلوان العزيز محرم
كأنا شواظا في الجوانح ساطعا / اذا قلت قد خف التوقد يحجم
فديتك وجه الدهر بالحزن كاسف / وفي الوجه عما في الضمير مترجم
لقد كنت مصباح الورى لرشادهم / فقد طفئ المصباح عنهم فاظلموا
فوا أسفاه الأمس قد كنت كعبة / يمينك كالركن المبارك تلثم
يطوف بك العافون جم رجاؤهم / زناديك مسعاهم وجودك زمزم
فاصبحت مرثيا رهينة حفرة / عليك سفي الريح تمحو وترسم
كفى حزنا لولا التأسي بمن مضى / وما هو آت بالفناء محكم
تفرق عزم النفس عن كرم العزا / وامثل أمريك التعزي وأكرم
اذا قلت اني أجمع الصبر مجملا / بدا لي جميع الصبر جمع سيهزم
عرانا من الدنيا خداع مماكر / فنبرح في أنقاض ما هي تهدم
وما عزبت عن فهمنا نكباتها / بلى غطت الأهواء ما نحن نفهم
وتوهمنا البقيا بصالح عيشها / وقد طحن الأجيال هذا التوهم
متى أظمأتنا أوردتنا سرابها / وان كان ماء فهو ورد مسمم
على مثل هذا الفتك قر قرارنا / والبابنا بالهتك والهلك تحكم
وفي مثل هذا القبح نعشق وجهها / فكل بما يهواه منها متيم
على انها ان احسنت قيد لمحة / ستأتي بأكدار لذا العيش تلهم
حرام عليها صحبة لا تخونها / وحتم عليها ان تطول فتهشم
تلاهي بني الانسان حتى تلمهم / الى حفر لا يتقيها التحزم
يظن غرير النفس حقا غرورها / وسوف يبين الحق ساعة يندم
وما أنتج استبصارنا غير تركها / كما يترك الاخباث من يتكرم
ترى حدثان الدهر تبلى صروفه / ولم يبل في الدنيا فصيح واعجم
ابا الفضل لا ينسى لك الفضل نعمة / خدمت له فاليوم بالحمد تخدم
على اسف ارثيك والدمع هامل / وقلبي محروق وذهني مكلم
تجسم ما تعطي من الفضل جوهراً / فكل رثائي الجوهر المتجسم
عسى جبر هذا الكسر في العقب الذي / تركت ففرع المجد يزكو ويكرم
وفي الخمسة الاقمار انجالك انتهت / ظنون حسان يقتضيها التوسم
سقتهم أفاويق النجابة فارتووا / وزانتهم أعراقهم حيث يمموا
رمى بهم القرآن في بحر نوره / فكل بآداب الكتاب مسوم
لهم درجات في الجميل رفيعة / وهذا بتوفيق من الله يقسم
لهم عنصر ما دنسته غميضة / فأخلاقهم من ذلك الأصل تنجم
اذا طاب أصل لازم الطيب فرعه / ألم تر أن الند بالطيب ينسم
هنيئا لكم يا آل راشد انكم / شربتم على محض التقى وأكلتمو
لكم أسوة في فضلكم بأبيكم / يحق عليكم حيث أقدم أقدموا
لهم سنن في الصالحين منيرة / زواك متينات العرى ليس تفصم
وما مات من أبقى من الذكر مثلها / فكونوا عليها بارك الله فيكم
لعلكم يا صفوة المجد بعده / له خلف بالاستقامة قيم
الى السلف الاخيار سيرته انتهت / وذلك أزكى ما من الأرث حزتم
فلا زال للاسلام فيكم بقية / لكم مدد التسديد يسدى ويلحم
عليكم جميل الصبر وهو عزيمة / على العبد أما الخطب يجسم يجسمُ
تنالوا عظيم الاجر منه وانما / بحسب مقام الصابر الاجر يعظم
لكل من الاعمار حد ومنتهى / ورجع الى الباقي الذي ليس يعدم
فلا أسف يغني اذا فات فائت / ولكن على التسليم والصبر نرحُم
اليس يقينا ما بقلب سلامة / لكل نصيبين مصاب ومقسم
فلا عين لم تسفح من الدمع عبرة ً / ولا صدر الا بالفجائع يحطم
اخا الحزم لا تندب سواك وانما / لحينك تجري ثم تكبو فتعدم
فكفكف دموع العين واجعل مياهها / طهوراً لذنب في الصحيفة يرقم
ووار حمى الاحزان مما جنيتته / فدونك الا ان تتوب جهنم
إذا لم تجد مما قضى الله واقيا / فلا بد ان ترضى بما الله يحكم
أعزيكم عني وعن كل مسلم / وانتم بحسن الصبر أولى واعلم
سقى الله رمسا حله صوب رحمة / واسكنه الفردوس فيمن ينعم
نصبت لهم من نير الذكر معلما
نصبت لهم من نير الذكر معلما / وبوأتهم من أنفع الذخر مغنما
وصيرت نفسي خادما ً لطريقة / بها هام أهل الله في الأرض والسما
فيا لرجال الحب والكأس مفعم / هلم اشربوا هذا المغنى ترنما
عصرت لكم من خمرة الله صفوها / فموتوا بها سكراً فما السكر مأثما
لقد هام أهل الاستقامة قبلنا / بها فانتشوا بين الخليقة هيما
تراهم سكارى ينشر الجمع فهمهم / ويطويه نور الفرق في أبحر العمى
ملأت لكم دني شرابا مروقا / وحركت أوتاري فأنطقت أعجما
وغنيت في شرب هم الرسل كلهم / تقدم إلى باب المليك مقدما"
من كمثلي وذا الشراب شرابي / والنبيون كلهم ندماني
هام قبلي به الخليل وموسى / ثم عيسى وصاحب القرآن
هذه حالتي وهذا مقامي / فاعرفوني وانكروا عرفاني
بنور وجهك يا نور السموات / أشعل مصابيح عرفاني بمشكاتي
واملأ بحبك قلبي واجتذب رمقي / من بين أبحر أوهامي وغفلاتي
هذا النار وذا الوادي المقدس / فاخلع النعيلين والذلة فالبس
واجد أنت هدى أو قبساً / لا تجاوز أن هذا الليل عسعس
طرق الله نصبَ عيني واسرا / رأساميه أبحري وسفيني
ما الذي صدني عن الله ال / ا سوء أمارتي وسوء يقيني
رب غوثاه جلها ظلمات / بؤت فيها بصفقة المغبون
أنت نور الأنوار نور يقيني / في حياتي الدنيا بنور مبين
تقدم إلى باب الكريم مقدماً
تقدم إلى باب الكريم مقدماً / له منك نفساً قبل أن تتقدما
وعرج على باب العليم فسله من / مواهب نور العلم بحراً قليذما
فمن لم يكن بالعلم في الناس مبصرا / فلا عاش إلا في الضلالة والعمى
ومن لا له من عزة العلم نسبة / فليس له إلا إلى الذلة انتما
ومن لا له من ثروة العلم ثروة / فمن ثروة الدارين قد صار معدما
نعم علماء الدين في الأرض نعمة / على الثقلين عمت الكل منهما
بهم شرف الدارين تم فهم به / ملائكة باهت ملائكة السما
ألم تر في القرآن أنْ أولياؤهم / ملائكة الرحمن فاللّه أعلما
أقرت جميع الكائنات بفضلهم / عليها فحوت البحر في البحر هينما
ولم لا ولولاهم تلاشت جميعها / ولم يبق منها في الوجود لها سما
هم خلفاء اللّه في أهل أرضه / بهديهم أمت البسيطة قوما
لحكمهم الدنيا تدين وقد عنت / سلاطين أهل الأرض أعظم أعظما
وآراؤهم تقضى بهن ملائك الس / موات فيما قد أحل وحرما
ولو لم يكن نص الكتاب أتى بها / صريحاً ولا الهادي بها قد تكلما
غدوا قدوة الأملاك لما هم اقتدوا / بما لهم رب الملائك الهما
وذلك من أدنى رفيع مناقب / لهم لم يعدوها فخاراً ومكرما
فما استحسنوا فاللّه يقضى بحسنه / وما استقبحوا إلا قبيحاً مذمما
وربك من والوه فهو وليه / ومن خاصموه كان للّه أخصما
هم أغنياء العصر والعصر أهله / قد افتقروا والمال بينهم نما
يروم كنوز الأرض غيرهم وهم / أصابوا كنوز العرش وفرا ومغنما
وهم في الثرى قاموا وأرواحهم إلى / سما العرش والكرسي أدونهما سما
وما قنعوا بالعرش والفرش كله / فجازوا إلى أعلى مقام وأعظما
ولو وقفوا بالعرش والفرش لحظة / لعدوه تقصيراً وجرماً ومأثما
تقدم في ذاك الخليل بقوله / لجبريل دعني منك اللّه مسلما
لملة إبراهيم شادوا فشاهدوا الت / لفت للشرك الخفي متمما
فقاموا بتجريد وداموا بوحدة / عن الانس روم الأنس فيها تنعما
بخلوة لي عبد وستري بينه / وبيني عن الأملاك والرسل كتما
وما بلغوا ذاك المقام بقوة / ولكن بنور العلم قد بلغوا الحمى
عشية أعطوه عهوداً مطاعة / على طاعة منهم غداة تحكما
وقد بايعوه أنفساً مطمئنة / ببيعته والعقد بالعهد أحكما
فجذبهم في السير للخير والجا / بهم أخطر الأهوال حين تقحما
فأبعدهم عن كل ألف وعادة / وعودهم شرب الشدائد علقما
فمن بعد عادى النوم والشبع والروى / غدوا حلف الف السهد والجوع والظما
فندمانهم عاد البكاء تندما / وأزمانهم بالنوح قد عدن مأتما
وأوردهم بالحزن لجة أدمع / وأورى بهم للخوف نار جهنما
شدائد عودها فوائد فاغتدت / عوائد أعياد السرور تنعما
ولو جانبوها روم غير جنابها / لعدوا بحكم العدل ذا العدل مأثما
هم صدقوه وهو أصدق واعد / وأوفى في ذمام حبله ليس أفصما
به نهجوا في كل منطمس الصوى / فكان لم في كل بهماء معلما
ويملى لهم في السير عن كل مامن / وجال إلى أسوى طريق وأقوما
وقاسمهم باللّه أنى ناصح / فأنهى إلى أبهى مقام وأكرما
وحل لهم رمزاً وكنزاً مكتما / من السر قد كان الرحيق المختما
وقال لهم هذا المقام وهذا ال / خيام وذا باب المليك وذا الحمى
فمالي فيما بعد ذلك مصعد / ولا موعد من بعد ذلك الزما
هنالك قد تطوى الصحاف وتنشر الس / جاف فلا يطوى بحدك فافهما
ولا تفتح الأبواب إلا عناية / لمن شاءه ذاك المليك تكرما
فسلم إليه الأمر واطرق المرا / ولا تك في شيء من الأمر مبرما
وقل بلسان الحال مالي وسيلة / ولا حيلة والهج بقولك ما وما
فإن تك لا شيئاً هناك فإنه / رناك لما أدناك إذ لك قد رمى
وإن ساعة أفناك أبقاك خالداً / بوصف له باق صفاتك أعدما
فإن هو جلى فيك بعض صفاته / فما كنت أنت الآن أنت المقدما
وفيها مقامات لأهل سلوكها / شموساً وأقماراً تنير وأنجما
فمن ذاق منها نغبة مات رغبة / ومن لم يذقها مات بالغم مسقما
معالم تستهدى الحلوم بهديها / العلوم بها كان العليم المعلما
فعرفهم اياه منه كرامة / وأشهدهم اياه منه تكرما
وخلقهم باسم العليم تفضلا / وكان لهم باسم المبين مسوما
وكان لهم عنه فكانوا له به / وقام بهم عنهم إليهم مكلما
فمذ عرفوه لم يروموا تعرفا / إلى غيره والغير ثم تعدما
وليس لهم جهل هناك وما عسى / لهم أن يروا من بعد ذلك مبهما
وما علموا شيئاً بعلمهم وقد / أحاطوا يعلم الكل واللّه أعلما
هم لوحه المحفوظ كانت قلوبهم / بهم قلم الأنوار للسر رقما
مواهب قد دقت عن الفهم وارتقت / عن الوهم رقت عن نسيم تنسما
بها انطوت الأكوان في طي علمهم / من العرش والكرسي والأرض والسما
فكانت جميع الكائنات مصاحفا / لهم تهب السر المصون المكتما
لطائف لم تودع صحائف كاتب / تطالعها الافهام واللّه الهما
وكم أدركوا بالعقل أمراً منزها / عن النقل في الألواح لن يترسما
يضيق فضا الأكوان عن شرح بعضه / وكل لسان كل بل ظل مفحما
به صحف الأرواح أشرق نورها / وصين عن الألواح إذ كن أظلما
لذلك فاطلب أن يكن لك مطلب / ترى كل مطلوب سوى ذاك مغرما
ففي قصده قصد السبيل ومن عدا / سبيل الهدى نحو الردى قد تيمما
فكن واقفاً بالباب في كل ساعة / ترى الذل فيه عزة وتكرما
وجانب رياش الجاه والعز والغنى / وكن باضطرار وافتقار مؤمما
وإن شئت عز العلم فالعلم عزة / لباس لبوس الذل للّه مسلما
وإن كنت تبغي العز والجاه في الدنا / فدع عنك داعي العلم وارحل مسلما
ودع عنك أدناس المطامع طامحا / لمولاك فيه طائعاً جل منعما
ففيه الغنى والفقر إذ رؤية الغنى / هناك الغنى بل منهما اقصده معدما
فلا راحة ترجى لمن رام راحة / ومهما بذلت الروح صادفت مغنما
ففي بذلها صون لها إن تقبلت / وإلا فقد سيقت إلى ذلك الحمى
هنيئاً لها فخراً بما قد تعرضت / لذاك الحمى لو كان مطلبها احتمى
وإن أم أبواب الملوك مؤمل / فيمم إلى أبوابه متقدما
وأبوابه فتح وماثم حاجب / وأفضاله شرح وماثم محتمى
لأبوابه ما عشت أغشى ولم أكن / لأخشى رقيباً أو عذولاً ملوما
فعندي فيه عاذلي مثل عاذري / ومن فيه عاداني كمن بي ترحما
سأرحل عنهم أجمعين إلى الذي / به لذَّ لي ذلي وعزي تهجما
عسى أنني أدعى دعياً ببابه / إذا لم أكن باسم الخديم موسما
وإلا فإن ادعى به متطفلاً / فقدري بهذا الاسم يخترق السما
وإن أدع لا شيئاً هناك فاتني / بذاك لقد أصبحت في الناس مغرما
نصبت لهم من نير الذكر معلماً
نصبت لهم من نير الذكر معلماً / وبوأتهم من أنفع الذخر مغنما
وصيرت نفسي خادماً لطريقة / بها هام أهل اللّه في الأرض والسما
فيا لرجال الحب والكأس مفعم / هلم اشربوا هذا المغنى ترنما
عصرت لكم من خمرة اللّه صفوها / فموتوا بها سكراً فما السكر مأثما
لقد هام أهل الاستقامة قبلنا / بها فانتشوا بين الخليقة هيما
تراهم سكارى ينشر الجمع فهمهم / ويطويه نور الفرق في أبحر العمى
ملأت لكم دَني شراباً مروقاً / وحركت أوتاري فأنطقت أعجما
وغنيت في شرب هم الرسل كلهم / تقدم إلى باب المليك مقدما
من كمثلي وذا الشراب شرابي / والنبيون كلهم ندماني
هام قبلي به الخليل وموسى / ثم عيسى وصاحب القرآنِ
هذه حالتي وهذا مَقامي / فاعرفوني وانكروا عرفاني
بنور وجهك يا نور السموات / أشعل مصابيح عرفاني بمشكاتي
واملأ بحبك قلبي واجتذب رمقي / من بين أبحر أوهامي وغفلاتي
هذه النار وذا الوادي المقدس / فاخلع النعيلين والذلة فالبس
واجد أنت هدى أو قبساً / لا تجاوز أن هذا الليل عسعس
طرق اللّه نصبَ عيني واسرا / ر أساميه أبحري وسفيني
ما الذي صدني عن اللّه إلا / سوء أمارتي وسوء يقيني
رب غوثاه جلها ظلمات / بؤت فيها بصفقة المغبونِ
أنت نور الأنوار نور يقيني / في حياتي الدنيا بنور مبين
تقارنه في كل أمر فضيلة
تقارنه في كل أمر فضيلة / ويلبس في أطواره ما يلائم
تمر القضايا طيبات بحمده / فكل مقام أو سلوك مكارم
كأن مياه البدر في ماء وجهه / يرقرقها من جوهر البشر ساجم
يحل وفي الآفاق رحلة عزمه / فإن سار فالأفلاك تلك العزائم
له الحكم بعد الله في أمر دهره / ولكن عليه مكسب الحمد حاكم
وما تكسب الأسباب محمود فعله / ولكن له خلق من الحمد لازم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025