المجموع : 6
يُقِرُّ لِغُلْيَلْمِ المليكِ بن غُلْيَلْمِ
يُقِرُّ لِغُلْيَلْمِ المليكِ بن غُلْيَلْمِ / سليمانُ في مُلْكٍ وداودُ في حُكْمِ
وتخدُمُهُ الأَفلاكُ بالسَّعْدِ في العِدَى / فيسطو بسيف البرق أَو حَرْبَةِ النَّجْمِ
فَأَيُّ هلالٍ ليس كالقوس راشِقاً / بِأَيِّ شهابٍ يَنْفُذُ كالسَّهْمِ
وما النصرُ إلاَّ جُنْدُهُ حيثُ ما مضى / على جَبَهَاتِ البَرِّ أَو صَفْحَةِ اليَمِّ
له مُقْرَباتٌ يقصُرُ الظَّنُّ دُونَها / إِلى مُنْشآتٍ تستطيلُ على الوَهْمِ
كِلاَ عَسْكَرِيْهِ كالسحائِبِ لم تَزَلْ / حواصِبُ في حَرْبٍ صَوَائِبَ في سَلْمِ
يقود إِلى أَعدائِهِ كُلَّ سابِحٍ / فمن عُرُبٍ دُهْمٍ ومن سُفُنٍ دُهْمِ
يسيرُ بأَمثالِ اللُّيوثِ ولم يكُنْ / بها قَرَمٌ إِلاَّ إِلى مَلِكٍ قَرْمِ
تَزَلْزَلُ أَقطارُ الديارِ لِصَوْتِها / فتسلُبُها حُسْنَ العمارةِ في الهَدْمِ
وتَهْتَمُّ في أَخْذِ الثغورِ فَيَغْتَدِي / مُمَنَّعُها مِثْلَ الثغورِ على الْهَتْمِ
وتَعْنُو له الأَملاكُ حتى كأَنَّها / صغارُ الدَّرارِي قابَلَتْ قَمَرَ التِّمِ
وما المُلْكُ إِلاَّ للَّذي قالَتِ الْعِدَى / هُوَ الغَيْثُ إِذْ يَهْمِي هو الليثُ إِذ يحمي
فكم من مريضِ القلبِ صحَّحَ عَزْمَهُ / ونفسِ مَرُوعٍ قد أَعادَ إِلى الجسمِ
ففازَ بنورِ الرَّبِّ يدعو إِلى الهُدَى / ويُحْيي لنا المَوْتَى ويُبْرِي من السُّقْمِ
وزادَ على الفِعْلِ المسيحيِّ بالذي / يُعَلِّمُهُ حَدُّ الحُسامِ من الْحَسْمِ
وقد كانَ دَهراً لا يخُصُّ مصاحِباً / أَتاهُ بما قد خَصَّهُ الربُّ من عِلْمِ
فيّا ملِكَ الدنيا وسائِسَ أَهْلِها / سياسَةَ مَنْ لَمْ يملِكِ المُلْكَ بِالرَّغْمِ
وهذا يفيدُ السيفَ في الحَرْبِ عَزْمَةً / ويحرِصُ في تبليغِهِ رُتْبَةَ الفَهْمِ
ولكنْ بآباءٍ يقر لِمُلْكِهِمْ / وتشهَدُ ساداتُ الملوكِ على عِلمِ
ويعني لهم في الشرقِ والغربِ هَيْبَةً / وقد أَمِنُوا جَوْرَ الظَّلامِ أَوِ الظُّلْمِ
وبدَّلْتَهُمْ أَمْناً من الخوفِ شاملاً / وعدلاً من العَدْوَا وغُنْماً مِنَ الغُرْمِ
وجمَّلْتَ تاجَ المُلْكِ منك بِعِزَّةٍ / يخِرُّ لها تاجُ الزمانِ على الرَّغْمِ
وأَرقصْتَ أَعطافَ السَّرِيرِ مَسَرَّةً / غداةَ هَفَا تحتَ السِّياسَةِ والحِلمِ
وقلّدتَ أَجيادَ القصورِ جواهراً / من الفضلِ والإِفضالِ مُحْكَمَةَ النَّظْمِ
فَمَنْ للدَّراري أَن تعودَ مباسِماً / تُشَرِّفُها من رَبِّ بَسْطِكَ باللَّثْمِ
ويسجدُ إِذ يبدو مُحَيَّاكَ يَقْظَةً / كما سَجَدَتْ قِدْماً ليوسُفَ في الحُلْمِ
فتُطْلِعُ منها كوكبَ السَّعْدِ في النَّدَى / وتُرْسِلُ منها في الوَغَى كَوْكَبَ الرَّجْمِ
وتستخدِمُ الأَقدارَ فيما ترومُه / فتجري إِلى ما قد رسَمْتَ على الرَّسْمِ
أَظُنُّ خُطوبَ الدَّهْرِ وَلَّتْكَ حُكْمَهَا / وآلَتْ يميناً لا خُروجَ عنِ الحكمِ
مُصَرِّفُها بالعَدْلِ تصريفِ ماهرٍ / بَصيرٍ بأَعقابِ الأُمورِ أَخِي فَهْمِ
إِذا أَشْرَقَتْ آراؤُهُ في مُلِمَّةٍ / تَبَسَّمَ بَعْدَ البِشْرِ في وَجْهِهَا الجَهْمِ
وتَكْشِفُها خَيْلٌ عِتاقٌ كَأَنَّها / وقد عَصَمَتْهَا الذَّابلاَتُ مِنَ العُصْمِ
عَدَتْ وَهْيَ أَدْرَى بالقتالِ مِنَ العِدَى / فَلَمْ تَتَّشِحْ بالحُزْمِ إِلاَّ على الحَزْمِ
وَدُهْمِ أَسَاطيلٍ تُحَاكِي مُتُونُها / أَراقِمَ مِمَّا قد نَفَثْنَ مِنَ السُّمِّ
إِذا صَبَّحَتْ ثَغْرًا غدا النَّصْرُ مُقْسِماً / بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ نَيْلِهِ أَوْفَرَ القِسْمِ
كذا فَلْيَكُنْ عَزْمُ المُلوكِ وَقَلَّمَا / تَرَى مَلِكاً يَأْتِي بِمَا لَكَ مِنْ عَزْمِ
مَدَحْتُكَ إيقانًا بأَنَّكَ مُلْبِسِي / مِنَ الفَخْرِ ما أَنْجُو بِهِ مِنْ يَدِ الذَّمِّ
فأَصْبَحَ صَرْفُ الدَّهْرِ في طَوْعِ خادِمِي / وقَدْ كانَ يُبْدِي لي مُخَالَفَةَ الخَصْمِ
ألمّ به طيفُ الخيال مسلِّما
ألمّ به طيفُ الخيال مسلِّما / فأذكَرَهُ من لوعةٍ ما تقدّما
ألمّ به والصبحُ قد لاحَ جيشُه / وهمّتْ جيوشُ الليلأن تتصرّما
فأرّقه بعدَ المنامِ مزارُه / وطيرٌ بأعلى غُصنِ بانٍ ترنّما
رعى الله ركب المستقلّين سحرة / بعيسِهمُ قصداً الى أبرَقِ الحِمى
فما باتَ للأحباب ضامنُ لوعةٍ / لفقدهمُ إلا امرؤٌ بات مُغرَما
وفي الكِلّةِ الحمراءِ ظبيُ صريعةٍ / سقاني غداةَ البينِ بالبينِ علقَما
ضمنت فلم أذكر هواه وأنطق ال / جوى دمع عيني بالهوى فتكلما
وداويّةٍ داومتها بعرامِسٍ / إذا سِرْنَ يُنسِينَ الجديلَ وشَدْقَما
تذرّعْتُ في الليلِ الظلامَ وفي الضُحى / غباراً أثارَتْهُ المناسِمُ أقْتَما
وقلتُ لغيثٍ طبّقَ الأرضُ ماؤهُ / فأزّر بالنورِ الرّوابي وعمّما
يد الصّالحِ المنظورِ أعظمُ نائلاً / وأجزلُ إعطاءً وأوفرُ مَغنَما
مليكٌ أضاءَ الليلَ من نورِ وجهِه / وأفعالِه الحسنى وقد كان مُظلِما
سجيّتُه بذلُ النّوالِ فلن ترى / بأرضٍ ثوى فيها من الناس مُعْدِما
يُريك إذا سالَمْتَه البدرَ طالعاً / تماماً وإن حاربْتَه الليثَ مُقْدِما
أجِدّكَ ما تنفكّ تعطى لسائر ال / مُعادين بُوسى والموالين أنعُما
فكم معركٍ فيه تبدّيت سافراً / فغادرتَ بالسّيفِ العدوّ ملثّما
ردَدْتَ الضُحى ليلاً من النُقْعِ مظلماً / وأطلعْتَ فيه بالأسنّة أنجُما
وظلْتَ لنظم الهام فيه منثِّراً / وبتَّ لنثرِ الطّعنِ فيه منظّما
سلبْتَ العِدى أثوابَها ونُفوسَها / وألبسْتَها ثوباً صفيقاً من الدِّما
علوْتَ محلاً أصبح النجمُ دونَه / وأدنيتَ ما تحوي يداك تكرّما
كذلك نورُ الشمسِ من كل موضعٍ / من الأرض يدنو وهْي في كبدِ السّما
بعزمِك طار العدل شرقاً ومغرباً / وأنجدَ في أعلى البلاد وأتهَما
فتحتَ اللّها لما تبرعت باللُهى / فأعربَ بالشكرِ الذي كان أعجما
وشيّدْتَ بالإسكندرية بِنيةً / بها أصبحَ الثغرُ المباركُ مُعلَما
حبوْتَ بها فخرَ الأئمّة فاغتدى / بجمعِهما شملُ المعالي مُلأما
بتدريسه فيها الدروسَ أساسُ ما / يقيمونه الكفارُ أضحى مهدّما
به وبها لم يترُكِ الله كافراً / الى أن غدا فضلاً من الله مُسلِما
ألا أيُّهذا الحافظُ العلَمُ الذي / سما سابقاً نحو العلى فتقدّما
هل البدرُ إلا أنت ليلةَ تِمّه / هلِ البحرُ إلا أنت ساعةَ أن طَما
بك استبشرَ الشهرُ الأصمّ تشوقاً / للُقياكَ حتى كاد أن يتكلّما
سأحمِلُ من فكري إليك قصائداً / تُريكَ من الألفاظِ درّاً منظّما
تزيدُ على مرِّ الجديدَن جدّةً / وتنشرُ وشْياً للعيون مُنَمْنَما
فلا زِلتَ في عزِّ عليٍّ ورفعةٍ / فما العيشُ إلا أن تعيشَ وتسلَما
وأهدى نسيمُ الروض مسكاً وعنبراً
وأهدى نسيمُ الروض مسكاً وعنبراً / وواصلَ للأنفاسِ ما كان كتّما
ورجّعَتِ الأطيارُ ألحانَ شجوِها / وجاوبَها الدولابُ لما ترنّما
فلا تُهمِلا هذا الزمانَ فإنّه / يجدِّدُ للمشتاقِ عُمراً مُنعّما
وحُثّا به كأسَ المُدامِ فإنها / تزيدُ الفتى ظرفاً وخُلقاً مكرَّما
ولا سيما من كفّ أحورَ ساحرٍ / بألحاظِه ردّ الخميسَ العرمرما
ألم بنا في مجلسِ اللهوِ وانثَنى / وقد أودَع الأحزانَ قلباً متيّما
فوالله ما أدري إذا ما لقيتُه / أشمسَ الضُحى ألقى أمِ البدرَ في السّما
أسرّ زماني لو تأتي يسيره / بتحليلِ ما قد كان في العيشِ حرّما
وأطفأ نارَ الهجرِ من ماءِ وصلِه / وإسفارِه من بعدِ ما قد تلثّما
لقيتُ حِمامي إذ فقدتُ حميمي
لقيتُ حِمامي إذ فقدتُ حميمي / وعوضتُ من همّاتِهِ بهمومِ
وعاشرتُ من لا ترتضيه خلائقي / ولا يقتضيهِ مَنصبي وصَميمي
وقلتُ هو الدهرُ اللئيمُ ولم يكن / لتظفَرَ كفّي عندَهُ بكريمِ
ولو أنّني والحزمُ ما زال شيمتي / أخذتُ به جانبتُ كلَّ نَديمِ
فما عندهُم إلا خداعٌ مسالمٌ / يبيتُ له قلبي بليلِ سليمِ
فكنْ جانباً عن معشرٍ ذاك شأنُهُمْ / حديثُهُمُ فيه كمثلِ قَديمِ
ومنْ كان ذا جهلٍ بأهلِ زمانِه / فإنّي بهِمْ مذْ كنتُ جدُّ عليمِ
كتمتَ الهوى حتى أضرّ بك الكتْمُ
كتمتَ الهوى حتى أضرّ بك الكتْمُ / ولامكَ أقوامٌ ولومُهُمُ ظُلْمُ
ونمّ عليك الكاشحونَ وقبلَهُم / عليك الهوى قد نمّ لو نفع النَمُّ
وزادكَ إغراءً بها طولُ نَجْلِها / عليك وأبْلى لحمَ أعظمِكَ الهَمُّ
فأصبحتَ كالنّهديّ إذ ماتَ حسْرةً / على إثْرِ هندٍ أو كمنْ سُقِيَ السُمُّ
ألا مَنْ لنفسٍ لا يموتُ فينْقَضي / شَقاها ولا تحيا حياةً لها طعمُ
فذُقْ هَجْرَها قد كنت تزعم أنّهُ / رشادٌ ألا يا ربّما كذِبَ الزّعْمُ
لقد فزتُ من نثر الكلامِ ونظمِه
لقد فزتُ من نثر الكلامِ ونظمِه / بما استصْغَرَ الدرَّ المصونَ لعُظْمِهِ
وأيدتُ بالمعنى الذي راقَ ماؤه / فأروِ به من شئتَ منا واظْمِهِ
ووفّيتُ حقّ المُلْكِ بالخدمةِ التي / تجرّدَ ذيلُ العزمِ عن ساقِ حزْمِه
فإن تدعُ أن قيلَ الوفاءُ أباً له / فحاً إذا ما العزُّ كان ابنَ عمّهِ
ألبّيكَ ألفاً أيها الصارخُ الذي / غدا منه حربُ الدهرِ يُدْعى بسَلْمِه
ومَنْ ذا الذي يا بنَ الكرامِ يحيدُ عن / ولايةِ من يَعْنو الأنامُ بحكمِه
وماذا مكانُ الحِلْمِ عنهُ ولو جرى / للقمانَ هذا لم يؤيَّدْ بحِلمِه
فإنْ زاغَ عمّا دمتُه فيه زائغٌ /