القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 2
ذُؤابةُ مجدٍ ما أجلَّ وما أسْمَى
ذُؤابةُ مجدٍ ما أجلَّ وما أسْمَى / ووثْبَةُ شَأْوٍ كاد يستبقُ النجمَا
وماذا يقولُ الشعْرُ والوهْمُ جُهْدُه / وقَدْرُ عَليٍّ يبَهرُ الشعْرَ والوَهْما
وأنّى يمدُّ ابنُ القوافي جَناحَهُ / إلى رقمةٍ شمَّاءَ أعجزتِ العُصْما
يضيقُ البيانُ العبقريُّ مَهابةً / إذا لمح الآثارَ والحسَبَ الضخْما
يَهُمُّ فيعروه القُصورُ فينثني / وقد كان يقتادُ النجومَ إذا هَمّا
ومَنْ رامَ تصويرَ الملائِكِ جاهداً / فكيف له أنْ يُحكِمَ النقشَ والرسمْا
رُوَيْدَكَ قلْ يا شعرُ ما تستطيعُهُ / وغرِّدْ بما لا تستطيعُ له كَتْمَا
إذا اليَمُّ أعيا أن تُلِمَّ بِحَدِّهِ / فيكفيك عند الشَّطِّ أن تصفَ اليَمَّا
ويكفيك أنْ تدعو أبا الطبِّ باسمِهِ / فإنَّ العُلا صارتْ له لَقَباً واسما
فقلْ وانثُرِ الأزهارَ فوق مناقبٍ / تماثلُها حُسناً وتشبهُها شَمّا
وخُذْ من فَم الدنيا الثناءَ فطالما / أشادتْ به نثراً وغنّتْ به نظما
وحدِّث به الآفاقَ إنْ شئتَ إنَّها / وقد عَرَفَتْهُ لن تزيدَ به عِلمْا
دعوني أوفِّي بالقريضِ ديُونَه / فقد عاد غُرْماً ما توهمتُه غُنْما
سَمَوْتُ إليه والظلامُ يلُفُّني / فيملؤُني رُعْباً وأمْلؤُه هَمَّا
أسيرُ وفي قلبي من الحزنِ لوعةٌ / تكادُ تُذيبُ الصُّمِّ لو مسَّتِ الصُّمَّا
تركتُ ببيتي جُنَّةً آدميّةً / كأنَّ هلالَ الشكِّ كان لها جسما
شكتْ سُقْمَها حتى بكاها وِسادُها / وكاد عليها يشتكي السُّهْدَ والسُّقُما
يمزِّقها الموتُ العنيفُ صِراعُهُ / بأظفاره حُمْراً وأنيابِه سُحما
ففي البطن قَرْحٌ لا يكُفُّ لهيبُه / وفي الرأس نارٌ لا تبوخُ من الْحُمَّى
إذا قلبَتْها العائداتُ حَسِبْنها / خَيالاً فلا عَظْماً يَرَيْنَ ولا لحما
وقد وقف الطبُّ الحديثُ حِيالَها / عَيِيّاً يكادُ العجزُ يقتُله غمّا
وغادرها جَمْعُ الأساةِ كأنّهم / طيورٌ رمَى الرامي بدَوْحَتِها سَهْما
فلم يبقَ إلاَّ اليأسُ واليأسُ قاتلٌ / وأقتلُ منه نِيَّةٌ لم تجِدْ عَزْمَا
فقلتُ عليٌّ ليس للأمرِ غيرُه / إذا ما أدار الدهرُ صفحتَه جَهْما
أبو الحسنِ الْجَرّاحُ فخرُ بلادِهِ / وأكرمُ مَنْ يُرْجَى وأشرفُ من يُسْمَى
فَزُرْ داره يلقاكَ قبل ندائِه / فَثَمَّ الذي ترجوه من أملٍ ثَمّا
فما سرتُ نحو البابِ حتى رأيتُه / تقدَّمَ بسَّامَ الأساريرِ مهتمّا
وقد فهِمَتني عينُه وفهمْتُه / وكان بحمدِ اللّهِ أسرَعَنا فهما
وجاء وجِبْريلُ الأمينُ أمامَهُ / يَمُدُّ جَناحاً من حَنانٍ ومن رُحْمَى
وجسَّ مكانَ الداءِ أَوَّلَ نَظرةٍ / كأنَّ له عِلْماً بموضِعه قِدْما
فما هو إلاّ مِبْضَعٌ في يمينِه / أطاح بناب الموتِ واستأصل السُّمَا
وردّ إلى أهلي حياةً عزيزةً / وبدّلهم من بُؤسِ أيامِهم نُعْمى
متى ذكروه في خُشوعٍ تذكَّروا / مآثِرَهُ الْجُلَّى ونائَله الْجَمّا
إذا ما امرؤ أهدَى الحياةَ لميِّتٍ / فذلك قد أهدَى الوجودَ وما ضَمَّا
له مِبْضَعٌ تجري الحياةُ بحدِّه / يُصيب حُشاشاتِ المنونِ إذا أدْمى
أحَنُّ على المجروحِ من أمِّ واحدٍ / وأرفقُ من طفلٍ إذا داعب الأمّا
تعلَّمَ منه البرقُ سرعَةَ خَطْفِهِ / إذا ما جَرى يستأصلُ اللحمَ والعظما
تكادُ وقد شاهدتَ وَمْضَ مَضائِهِ / تظنُّ الذي شاهدتَ من عَجَبٍ حُلْما
كأنّ به نوراً من اللّه ساطعاً / يُضيءُ له نَهْجَ الطَّريقِ إذا أَمَّا
أصابع أَجْدَى خِبْرَةً من أشعةٍ / وأصدقُ إنْ مرّتْ على جسدٍ حُكْما
فكم من حياةٍ في أنامِلها التي / تكادُ شفاهُ الطب تلثِمُها لَثْما
وكم من يَدٍ أسْدَتْ إذا شئتَ وصفَها / ضلِلْتَ بها كيْفاً وأخطأتها كَمّا
زها الشرقُ إعجاباً به وبمثلِه / وقد عاش دهراً قبلَه يشتكي العُقْما
إذا قَسَم اللّهُ الكريمُ لأمّةٍ / بنابغةٍ فَرْدٍ فقد أجزل القَسْما
هنيئاً لك العمرُ السعيدُ فإنّه / عُصارةُ دهرٍ ضمَّتِ العزمَ والحزما
بلغتَ به عُلْيا السنينَ وكلُّها / مَدارجُ مجدٍ تفرَعُ القِمَمَ الشُّما
كأنّك منه فوقَ ذِرْوةِ شامخٍ / ترَى من أمورِ الدهرِ أبعدَها مَرْمَى
زمانٌ مضَى في الْجِدِّ ما مَسّ شُبْهةً / ولا وصلتْ كفُّ الزمانِ به ذَمّا
بنيتَ به عزّاً لمصرَ فأينما / تلفَّتَّ تلقَى صَرْحَهُ سامقاً فَخْما
بذلتَ لها من صحّةٍ ورَفاهةٍ / فأولئك حُبّاً ما أبرَّ وما أسْمَى
وألهمتَها معنى الثناء ولفظَهُ / كريماً فخذْه اليومَ من فَمِها نَغْما
إذا كان للرحمنِ في الناسِ آيةٌ / فإنّك بينَ الناسِ آيتُهُ العُظْمى
تلاْلؤُ رأْيٍ يسلُبُ الشمسَ ضوءَها / وكاملُ خُلْقٍ علَّم القمرَ التِّمّا
فإن كرّمتْكَ اليومَ مصرُ فإنّما / تُكَرِّمُ من أبنائِها رجلاً شَهْما
فقل للذي يبغي لَحَاقَك جاهداً / رُوَيْدَكَ حتَّى يدخلَ الْجمَل السَّمَا
إذا ما رأى الناسُ المكارمَ حِلْيةً / فأنت تراها في العُلا واجباً حَتْما
فعش واملأ الدنيا حياةً وذُكْرَةً / فمثلُك يُعلى ذِكْره العُرْب والعُجْما
ملكت بما أوتيت ناصية النجمِ
ملكت بما أوتيت ناصية النجمِ / وحُزْت عِنانَ المجدِ والشرفِ الجمِّ
وعُدْت زعيمَ الفاتحين تقودُه / يدُ اللّهِ مِنْ غُنْمٍ لمصرَ إلى غُنْمِ
تطالعُكَ الأعلامُ نشوىَ كأنّها / بكلِّ الذي أوليْت مِصْر على عِلْمِ
خوافِقُ تنأى في السماءِ وتلتقي / كما مال رِتْمٌ في الفلاةِ إلى رتْمِ
ويُطرِبُها عالي الهتافِ فتنثني / كما رقصتْ هيفُ العذارى على غمِ
فُتنَ بألوانِ الرياض وحسنِها / فقاسَمْنَها في الحُسنِ أو جُرن في القسمِ
وكادَ سروراً ما بها من أهلّةٍ / يتيه على ابن الليل في ليلة التم
لها نشوةٌ لو أنَّ للكرمِ مثلها / لما كانَ إثْماً أنْ تساغَ ابنةُ الكرْمِ
زهاها على الرياتِ أن انتصارَها / على الدهرِ لم يُقْسَم لعُرْبٍ ولا عُجْمِ
وأن فَتَاها لم يقفْ في ثيابه / أخو نجدَةٍ في يومٍ حربٍ ولا سلمِ
حمَاهَا وأعْلاَهَا على النجْمِ سعيُه / فلله من يُعلى اللواءَ ومن يحمي
أبَى المجدُ أن يدنو بفضلِ عنانه / لغير بعيدِ الغَوْرِ والرأيِ والسهمِ
وما خضعَ النصرُ الأشمُّ لفاتحٍ / إذا لم يكُنْ من خيرة السادةِ الشُّمِ
حملنا له الأزهارَ تندَى نضارةً / وتهتز عن طيبٍ وتَفْتر عن بَسْمِ
وأنفسُ شيءٍ في الحياةِ أزاهِرٌ / يُبعثرها شعبٌ على قدمَيْ شهمِ
وجئنا بغُصنِ الغارِ تاجاً لجبهةٍ / عليها سطورٌ من إِباءٍ ومن عزْمِ
أقامَ طويلاً بالرياضِ كأنَّمَا / أُصيبتْ بناتُ المجدِ في مصرَ بالعُقْمِ
سعى الشعبُ أفواجاً إليكَ تسوقُه / نوازعُ حُب قد طَغيْن على الكتْمِ
رأينا به الأذى يهدرُ ماؤه / وجرجرةُ الأمواجِ في لُجّةِ اليم
صفوفٌ بناهَا اللّهُ في حب مُصطفى / تنزّهنَ عن صَدْعٍ وعُوفينَ من ثأمِ
بها اجتمعت كلُّ المدائنِ والقُرى / فما شئتَ من كيفٍ وما شئتَ من كَمِّ
إذا حاولَ الوهمُ المصوّرُ رسمها / على صفحةِ القُرطاسِ عزّتْ على الوهمِ
وأصواتُ صدقٍ بالدعاء تتابعت / لها كدَوِيِّ النحلِ في أذُنِ النجمِ
أصاخَ إليها الصمُّ يستمعونَها / فإن جحدُوها فالعفاء على الصمّ
تُحس أزيزَ النار في نبراتِها / وتلمحُ فيها قوّةَ العَزْمِ والجزْمِ
تكادُ تميدُ الأرضُ بالحشدِ فوقها / وتنسدُّ أرجاءُ الفضاءِ من الزحْمِ
زعمتُ بأن أطوِي لك الجمعَ سابحاً / فللهِ كَمْ لاقيتُ من ذلك الزعْمِ
أحاطت بي الأمواجُ من كُلِّ جانبٍ / أغُوص إلى لحمٍ وأطفُو على لحمِ
إذَا نالَ مني الوكْزُ ما كانَ يشتهي / خلصت إلى ما لا أحب من اللكْم
سددت عليّ الطُرْقَ لم ألْقَ مَسْلكاً / وأوسعت طُرْقَ المجدِ والحسبِ الضخمِ
تمنيتُ لو لامستُ كَفاً هي المُنَى / خواتِمُها قد صاغها الشعبُ من لَثْمِ
وشاهدتُ شهماً كلّما رمتُ رسمَهُ / تصوّرتُ أخلاق الملائكِ في الرسْمِ
وفزتُ بوجهٍ من سنَا اللّهِ ضوؤه / كريمُ المحيّا لا قطوبٍ ولا جهْمِ
إذا قدّرَ الشعبُ الرجالَ فإِنَهُ / قمينٌ بالاستقلالِ في الرأيِ والحكْمِ
دعْونَاكَ للجلّى فكنت غِياثَها / وقد عبثتْ خيلُ الحوادثِ باللّجْمِ
عليكَ من اللّهِ العزيزِ مفاضةً / من الحق لم تأبه لرمْحٍ ولا سهمِ
تصولُ على العدوان تستّلُ نابَهُ / وتصدع بالأيمانِ غاشيةَ الظلْمِ
وترفعُ صدراً كانَ حِصْناً وموئِلاً / لمصرَ فأغناهَا عن الحصْنِ والأطَمِ
رميتَ فسدّدتَ الرمَاءَ وإنَّما / هُو اللّهُ يرمي عن يمينك إذْ ترْمي
وما كل ذي سهمٍ أصابت يمينُه / ولا كل سهمٍ في إصابتهِ يُصْمِي
وجنّدتَ من آرائِكَ الغرِ جحفلاً / طلائِعُه أغَنتْ عن البيضِ والدُّهْمِ
وأرسلتَ صوْتاً في البلادِ مجلجِلاً / سمعنا به زأرَ الضراغِمِ في الأجْمِ
ففتّحت آذاناً وأيقظت أعيُناً / وصنتَ رِباطَ العنصرين من الفصْمِ
فلَمْ يرضَ جنبٌ أن ينَام على أذى / ولم يَرْضَ حَق أن ينامَ على هضْمِ
وطار بنُو مِصْرٍ لنجدةِ أمهم / سِرَاعاً فأكرِمْ بالبنين وبالأمِ
ونَالتْ بك استقلاَلَها مِصْرُ كَامِلاً / على الرغم من كيدِ الزمانِ على الرغْمِ
وحطّمتَ أغلالَ الإسارِ وقد لوتْ / يَدُ الدهرِ واستعصتْ طويلاً على الحَطْمِ
إذا عظمت نفسُ امرىء جلّ سعيُه / وجلّ فَلْم يُوصَمْ بزهْوٍ ولا عظمِ
تحدّثت الدنيا بسعدٍ ومصطفى / وهل قُرئتْ أم الكتابِ بِلاَ بسمِ
أبانَ لكَ الطرْقَ اللَّواجب للعُلا / فجلّيت فعلَ الفارسِ البطلِ القرمِ
بنيت وهدّمتَ الضلالَ مُجاهداً / فكنت كريماً في البناءِ وفي الهدْمِ
بك اهتزّت الآمالُ واخضر عودُهَا / كما اهتزّ روْضٌ جاده واكِفُ السَجْمِ
وربَّ رِجالٍ كالسحائبِ خُلّباً / تسد مصابيحَ السماءِ ولا تهمي
يرون من الحلمِ القرارَ على الأذى / وأين قرارَ الهَوْنِ من خُلقِ الحلْمِ
إذا شهوةُ الدنيا دهت عقْلَ عاقلٍ / غدَا وهو أذكى الناسِ شراً من الفدم
وإن عشقتْ روحُ الفتى راحةَ الفتى / فلا خير في روحٍ ولا خيرَ في جسْمِ
وقفتَ لنصر الحقِّ في قصر منترو / وقوف وضيء الرأيِ مجتمع الحزْم
وحولَكَ من أصحابِكَ الصيدِ فتية / خفافٌ إلى المولى شِدادٌ على الخَصْمِ
يروْنَ من الحتم الوفاء لقومِهمْ / وليست بشاشاتُ الحياةِ من الحتْم
كأنّ غبارَ النصر في لهواتِهم / جنى النحلِ أو أشهى وأطيب في الطعْمِ
لك الحججَ البيضَ الصلاَب كأنّها / نصال سهامٍ قد حززن إلى العَظْمِ
أمن جعل الضيف النزيل كواحدٍ / من الأهْلِ يُرْمَى بالجفاءِ وبالذم
فهمنا ولكن للسياسةِ منطقٌ / عزيزٌ على الأذهانِ صعبٌ على الفهْمِ
ومثلُكَ مَنْ ردّ العقُولَ لمنهجٍ / سديدٍ وأرْدَى الشك بالمنطقِ الحسْمِ
فما زلتَ حتى أدركتْ مِصرُ سؤْلَهَا / رفيعة شأوِ المجدِ موفورةَ السهْمِ
وأصبحَ حُبّاً كل ما كان من قلا / لمصرَ وغُنْماً كل ما كانَ من غُرْم
هنيئاً لَكَ الفتح المبين فإنّه / سيبقى على التاريخِ متضحَ الوسْمِ
نثرتُ له زَهْراً وأنظمتُ لؤلؤاً / فأحسنتُ في نثري وأبدعتُ في نظْمي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025