القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 4
تُرى ثغرُ ذاك الثغرِ بالقربِ يَبْسِمُ
تُرى ثغرُ ذاك الثغرِ بالقربِ يَبْسِمُ / فأغدو وعيشِى مثل ما كان مَعْكُمُ
لياليَ لا طَرْفِي من الدمع مُكْثِر / عليكم ولا قلبي من الصبر مُعْدِم
ولا زَفَراتُ الشوقِ تحدو تأسُّفِى / فتُنجِد ما بين الضولع وَتُتْهِم
ليالٍ كأوساطِ الآلى فسِلْكُها / يُفصَّلُ باللذات فينا ويُنْظَم
كأني وذاك العيشُ طيفٌ تَبرَّعتْ / به سِنَةٌ لم يَرْوَ منها مُهَوِّم
على الجانبِ الإسكندريِّ سلامُ
على الجانبِ الإسكندريِّ سلامُ / يُكرِّره مني عليه دوامُ
سلامٌ يُناجِى ذلك الثغر مُضحِكا / رُباهُ بنَوْرٍ قد بَكاهُ غَمام
ذكرتُ زماني فيه والعيشُ أخضر / وإذ أنا طفلٌ والزّمان غلام
وأيامُنا كالدرِّ فُصِّل عِقْدُه / وتم ولم ينفكَّ منه نظام
محلٌّ به مَوْتَى حياةٍ شَهيةٍ / تَلذُّ وعيِشي في سِواه حِمام
ففي الجانبِ الغربيِّ منه مَدافنٌ / وفيهنَّ أَجْداث عليَّ كِرام
سَقتْها دموعُ الغيثِ بَدْءاً وَعَوْدَة / ففيها عِظامٌ قد بَلِينَ عِظام
عِظامٌ لها أصلانِ فرعُهما أنا / وحَسْبُك فَهْمٌ منهما وجُذام
مُنيفان فوق الراسياتِ تَطاوُلا / تُقصِّرُ رَضْوَى عنهما وشَمام
ولو لم يكونا لي لَكانتْ فضائلي / تُحقِّق ما قد قال قبلي عِصام
قبور على الدِّيماسِ أضحتْ وفضلُها / له في ظهورِ النّيِّراتِ زحام
بها طاب ذاك التُّرْبُ حين بطيبِها / تَأَرَّج فيه عَبْهَرٌ وخُزام
فرَياّ رياضِ الخِصبِ بعضُ ثَنائِهم / لها في مناجاةِ الأنوف كلام
فكم همةٌ فيها وكم أريحيةٌ / وفضلٌ ومجدٌ شامخ وذِمام
وجوهٌ نأتْ عني وبيني وبينها / ذراعٌ يُواريه ثَرىً ورِجام
فكنتُ إذا ما اشتقْتُها خفض الأسى / دُنُوٌّ إلى أَجْداثها ولِمام
فكيف وقد صار البعادُ ثلاثةً / مماتٌ وبَينٌ نازحٌ وسَقام
فلا قربَ في الدنيا سوى أن يزورني / خيالٌ وهيهاتَ النَّوى ومَنام
فيا طالَما شِيمَ الحَيا من أَكُفِّها / وفي غُرَرٍ منها الحياءُ يُشام
سأبِكي مدى الدنيا عليها فريضةً / مؤكدةً فالصبر بعدُ حرام
أَلاَ يا نسيمَ الريحِ إنْ كنتَ عابِرا
أَلاَ يا نسيمَ الريحِ إنْ كنتَ عابِرا / على الثغرِ فاقْرِى الساحَليْن سلامي
فبالرملِ من شرقيِّه مَنْ بحُبِّه / سَرائرُ تَسْرى في أدق عظامي
عزيزٌ على قلبي ولا سيَّما إذا / أطالتْ عليه العاذلات مَلامي
مريض جُفونِ الطَّرْفِ من غيرِ علةٍ / فهنّ سقيماتٌ بغير سَقام
بفيهِ لآلٍ في عقيقٍ كأنها / أَقاحىُّ رملٍ في سُلاف مُدام
وفي خَدِّه نارٌ وماء تَألَّفا / ومن عَجبٍ ماءٌ خِلال ضِرام
كأن غصون البانِ في كُثُب النّقا / جُذِبْنَ على رِدْفٍ له وقَوام
وكم ليلةٍ بِتْنا وبيني وبينه / عَفافٌ يُناجِى في العناق غرامي
وقد ضَمَّنا شوقٌ كما ضم ساهِرا / ثَوَى لكَرَى جَفْنيْه عند مَنام
وقائمُ سيِفي في يَميني وجِيدُه / بيُسراى في عِقْدٍ بغير نظام
حِذارا علينا من غيور مُبادِرٍ / يُسابِقني بالضرب قبل قيامي
فواهاً على الإسكندرية كلما / تَنكَّد عيشي دونَها بدَوام
ديارٌ بها أحبابُ قلبي ومَنْشَئِي / وقوميَ من فتيانِ آل جُذام
فلى من جُذام عصبةٌ جَرَوِيةٌ / صَفَتْ كزُلالٍ من مُتونِ غَمام
هي الذهبُ الإبريزُ صَفَّتْ نضارةً / يدُ السَّبْكِ من عيبٍ يَشوب وذام
إذا اليمنُ اعتدّتْ بأوفَى فضيلةٍ / وَجدْتُهم فيها أَمامَ أَمام
أسودُ وَغًى ولا ترتِضى نيلَ مكسب / وإنْ جَلَّ إلا مِن قناً وحُسام
يَبيتون خُمْصا والمَطاعمُ جَمةٌ / إذا شِيبَ أدنى ذلةٍ بطعام
ومالموت إلا الذلُّ في العيشِ عندهم / وما العيشُ إلا عزةٌ بحمِام
طِوالٌ حَكَوا خَطِّيةً بأَكُفِّهم / ثِقاتٌ لدى الهَيْجا بفَرْطِ ذِمام
إذا شئتَ أصلَ المجدِ والفخرِ فابْغِه / وحَسْبُك من شيخٍ لهم وغُلام
أخَفُّ إلى الهيْجاءِ من وَفْدِ عاصفٍ / وأَثَبتُ حِلْما من هِضاب شَمام
حَيُّيون أَنْدَى أوجُها وأَناملا / من الغيثِ وإلىَ وَدْقَة بسِجام
يَصونون ما تحوِى المآزرُ من تُقىً / وفضلٍ وما في بُرْقعٍ ولثام
إذا قيلتِ العَوْراء غَضَّوا وغودِرت / بأسماعِهم منها أَحرُّ كِلام
أَلاَ هلْ إلى الإسكندريةِ أَوْبَةٌ / تُبرِّد أشواقي وحَرَّ أُوامى
كأنّى على إفراطِ شيبٍ أصابني / عليها رضيعٌ في حَديث فِطام
وإني وإنْ باشرتُ أرفعَ رتبةٍ / بمدحِ ملوكٍ أُعجبتْ بكلامي
لَكالطيرِ تُدْنَى في القصورِ لصوتِها / فتبكي على أَوكارِها بمَوام
وما الشوقُ للأوطانِ من أجلِ طِيبِها / ولا شرفٍ فيها وفضلِ مُقام
ولكنه في النفسِ طبعٌ لأجله / تُجادل في تفضيلها وتُحامي
كذا الطفل يبغي الأُمَّ معْ سوء شخصِها / ويَشْنَا سِواها وهْي ذاتُ وَسام
ومن غربةٍ يبكي الجنينُ إذا بدا / وقد كان في ضيقٍ وفرطِ ظلام
ويُعذَر من يشتاق أسوأَ موطنٍ / فكيف مُقاما طيبا كمقامي
يُحب الفتى أوطانه وبها العِدا / فكيف بأحبابٍ علىَّ كِرام
سكنتُ بها الدنيا فلما تركتُها / سكنتُ دَفينا في بُطونِ رِجام
عَلَى أنني فيما كَرِهتُ مُحَسَّد / وأَحْسَدُ من يبِغيه كلُّ هُمام
يرى الأَرْىَ ما أعتدُّ شُرْبا ويستقِى / بما أَتوقَّى من وشيكِ سِمام
وبعدُ فما أوطانُنا إنْ تَحققتْ / سوى حُفَرٍ في جَنْدَلٍ ورَغام
فما منزل الإنسانِ فيها مَقرُّه / وإن كان ذا خَيْمٍ بها وخِيام
ولكنه رَهْنُ المنايا لمدةٍ / محرَّرةٍ معلومةٍ بإمام
غريبٌ وإنْ لم يَنْتزِح عن بلادِه / فقيدٌ على عز وبُعْد مَرام
تغرَّب في الأحشاء عن ظهر والدٍ / وغَرَّبه الميلاد بعد زحام
وفي غربةِ الدنيا له أيُّ حسرةٍ / ومن بعدِها لا شكَّ غربةُ سام
وغُربته عند الحساب أشدُّها / فأيُّ أمورٍ لا تُطاق جِسام
وما قَصْدُه من بعدِ هذا وهَمُّه / سِوى مكسبٍ يَحْظَى به ويُسامى
وما حَظُّه من كسْبه غيرُ قُوتِه / ويَجمع للوُرّاثِ كلَّ حَرام
ومن سَعْدِه ألا يكونَ فإنْ يكن / يَمُت وهْو في الأحشاء ليس بِنامي
فما هو للآفات إلا دَريئةٌ / لوَخزِ رماحٍ أو لرَشْقِ سِهام
وغايتُه حالان إِما لجنةٍ / لها من جوارِ اللهِ خيرُ مُقام
وإِما إلى نارٍ فيا لك غربةٌ / وطولُ عذاب دائمٍ ولِزام
حديثٌ إذا تمَّ اسْتُعِيد كأنه
حديثٌ إذا تمَّ اسْتُعِيد كأنه / لذاذةُ عذبِ الماءِ في فم حائمِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025