القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : تَمِيم بنُ المُعِزّ الفاطِميّ الكل
المجموع : 9
تكّرمتَ حتّى جُزْتَ حَدَّ التكُّرمِ
تكّرمتَ حتّى جُزْتَ حَدَّ التكُّرمِ / وأَلبستَ أَثوابَ الغِنى كُلَّ مُعْدِمِ
وما زلتَ تعفو الذنبَ عن كُلّ مذنِبٍ / مُسيءٍ وعظمَ الجُرْمِ عن كلّ مجرم
إلى أن حويتَ الفضلَ وحدَك سابقا / وسُدْتَ البرايا من فصيحٍ وأَعجم
وذا ابن عبيدِ اللّه عبدُك خاضعا / مُقِرّاً بما في ذنبه المتقدّمِ
وأَحسن من كلّ المحاسن مُذْنِب / تلقّاه مولاه بِعَفْوٍ وأَنعُم
فزِده على ذا العفوِ فضلا ونِعمة / يزِدْك عليها اللّه عزّ تعظُّم
بِما حَلَّ قلبي من ودادكَ فاغتَدَى / مَشُوباً ومخلوطاً بلحمي والدمِ
تَقَبَّلْه واجعلْ عنده لك نِعمةً / تروح بها في الناس أَكرمَ مُنعِمِ
فقد كان أيضاً مالكاً لعبتْ بهِ / خطوبٌ وأنت اليوم كهفُ الترحُّم
وأَعظمُ سؤلي أَن أراك وصلتَه / وأَغنَيْتَه بالجُود قبل التكلُّم
تُميط الأَذى عن حامِلِيها الصَّوارمُ
تُميط الأَذى عن حامِلِيها الصَّوارمُ / وتَبْنِي المَعالي للكرام المَكارمُ
وما كلُّ من تَنْدَى يداه بما جد / ولا كُلّ من يَغْشَى الحروبَ ضُبارِمُ
وما الجُود بالأَيدي اضطرارا مُحَسَّنٌ / إذا لم تجده في النفوس الحَيازِمُ
وما تنفع البِيضُ البَواتِرُ صَحْبَها / إذا لم تكن يوما ظُباها العزائمُ
وما الحِلمُ بالمحمود في خُلُق الفتى / إذا لم يكن للحِلم جَهْلٌ مُلازِمُ
أَمَرَّتْ لي الأَيامُ منذُ عرفتُها / فما في منهنَّ إلاَّ العَلاقِمُ
جعلتُك قلبي خيرَ خِدْنٍ وصاحبٍ / فلا تك مِمَّنْ يلتَوي ويصُارِم
فما إن رأَيت الدهَر إِلاَّ معظِّماً / كريماً يُناوِي أَو وَضيعاً يُسالِم
وما فاتَني فيه منْ المجد والغنى / فما أنا إذ نلتُ الحجا فيه نادم
وما إِن قليتُ الدهرَ إلاَّ لأنه / لِقلبيَ من بينِ الأَحبّة ظالمُ
سَقاني من أَقذائه بفراقهمْ / ومن سمّه ما ليس تَسْقي الأَراقمُ
وكم شمتُ من بَرْقٍ لأَسماءَ خُلَّبٍ / وقلبي بما فيه من الزُّور عالِمُ
تُعَللِّني من وصلِها بمَواعدٍ / أراهنَّ أَعراساً وهنَّ مآتم
سأشفى ببَرْد اليأَس غُلَّةَ ذا الهوى / وإن لم يُبَرِّدها النوى واللّوائم
وأَبيضَ يَحكي البدرُ غرّةَ وجهِهِ / وتحكي يديه في السَّماحِ الغمائم
إليك أَميرَ المؤمنين سَمَتْ بنا / أَمانٍ مقيماتٌ عليك حَوائمُ
منحناكَ من حُرِّ الثَّناء قصائداً / بأَيدي العُلا من حَليْهنَّ خواتم
فلم تَلْقَنا إلاّ ومالُكَ هالِك / ووجهُك بَسَّامٌ وعِرْضك سالم
أَبادَ ندَاك المالَ حتَّى كأنما / سماحُك يقظانٌ ومالُك نائم
علوتَ إلى أَن أَيْقَنَتْ كُلُّ مُقْلَةٍ / بأنّك نجم في ذُرَا الأُفْق ناجِمُ
وجُدْتَ إلى أَن ظَنَّ كُلُّ مُوَحِّدٍ / بأنَّك للأَرزاق في الناس قاسمُ
ولو قد رأى إسرافَ جُودِك حاتمٌ / للاَمَكَ في الإعطاء كعبٌ وحاتم
هنَاكَ قُدومُ الِعيدِ يا عيدَ أهلِه / ومَن هُوَ عيدٌ للبريّة دائم
بدا لك فيه السعدُ من كلّ جانب / وهابَتْك فيه عُرْبُه والأَعاجمُ
فَجُودُك سَجْلٌ للمُطِيعين وابلٌ / وسَيْفُك في العاصِين قاضٍ وحاكمُ
إذا ناكِثٌ بالغَدْر عاصاكَ لم تَطِرْ / خَوافي جَناحَيْه به والقوادمُ
وإن رامَ غَدْرا أَظهرَ اللّه سِرَّه / عليه وأَبدَى كلَّ ما هو كاتمُ
لأَنّك سيفُ الحقّ والله ضاربٌ / به ونِظامُ الدِّين واللهُ ناظمُ
وما أنت إلاّ حجّة الله أَشرَقَتْ / بها الأرض حتى ليس فيها مُخاصِمُ
يروم بك الأعداءُ ما حالَ بينهم / وبينَك فيه البارقات الصَّوارمُ
وجُرْد إذا يَمَّمْن أرضاً كأنها / تَطِير بها أشخاصُها والقوائمُ
وسُمْر قَناً صُمّ طِوال كأنها / مَضاؤك في الهَيْجاء والنَّقْع قاتمُ
إذا رُمْتَ أن تَغْزُوهُمُ فحِمامُهمْ / بأن يَعلم الأعداءُ أنّك عازم
فخَوْفُهمُ لم يَتَّرِكْ لهُم يَداً / ولم يُبْقِ مِن أبطالِهم مَن يقاوِم
فيا غالباً ما دَام يلقى محارِباً / ويأيّها المغلوبُ حين يُسالم
كذا لم تزل يآبن الأئّمة ظافراً / ومالُكَ مَغْنومٌ وسَيفُك غانم
على ذا مضى آباؤك الغُرُّ يَرْتَضي / فِعَالَهُمُ بَذْلُ النَّدَى والمَلاحِم
ولو شهدوا حَالَيْكَ في السِّلم والوَغَى / لفدَّاك مسرورا لُؤَيٌّ وهاشم
لكل عدوٍّ من سيوفك قاتِلٌ / وفي كلّ حصنٍ من مَضائك هادم
مُقامُكَ سَيْرٌ في البلاد مُظَفَّرٌ / وَصْمتُك في أذْن الزمان هَماهِمُ
هزمتَ خُطوبَ الدهر رأْياً وَنجدةً / ولم يَهزِم الأيّامَ قبلكَ هازم
ورُضْتَ بحزمٍ كلَّ شيء فلم تَدَع / من الناس مخلوقاً يُرَى وَهْو حازم
وسامَيْتَ حتى لم تُلاقِ مُسامِياً / وكارَمْتَ حتى لم تجِد من يُكارم
وباريْتَ أملاكَ الزمان ففُقْتَهُمْ / وقَصَّرَ منهمْ عنك صِيدٌ أَكارم
فشمسُ الضُّحَى تاجٌ لمُلككَ في العُلا / وزُهْرُ دراريِّ النجومِ دَعائمَ
كأنّك لم يُخْلِف سواكَ ولم يَلِدْ / رئيسا يسود الخلَقَ غيركَ آدم
سأجعل وُدّي بالثناء مُكَلّلاً / عليك وصَمْتي عنك لي فيك شاتم
وهل أنت إلاّ من غُيوثٍ مُلِثَّةٍ / وأقمارِ تِمٍّ صاحَبَتْها ضَراغمُ
وكم جاهلٍ يُصفيك وُدّاً بجهلِه / وأفضَلُ من هذا الوِداد التَّصارمُ
قليلُ ودادِ المرِء بالعقل نافعٌ / ووُدُّ الفتى بالجهل للنَّفع كالِمُ
وإنّي لأُصفيكَ الودِادَ وخيرَه / وأفضَلُه أنِّي به فيك عالم
وإنّي متى ما أَطْوَهِ عنكَ مُوقِنٌ / بأنَّي في طَيٍّ له عنكَ آثم
فلا تُلْحِقَنْ بي مَعْشراً لم يَقُدْهُمُ / لحبِّك إلاّ الخوفُ ثم الدّراهم
ولو مَنَحوكَ الوُدَّ بالصِّدق لم يكن / لودِّهمُ مِن جهلهمْ بك عاصم
وإن اختلاف الناس في الفَضْل بَيِّنٌ / فبعضُهمُ ناسٌ وبعضٌ بَهائم
لِتُلْحِقْكَ نُعْماها الّليالي التّي بدت / لنَا بكَ بِيضاً وهي سُودٌ ظوالم
لو أنَّ أيَّامَ هذا الدهر تَحتشمُ / ما كان عنهنَّ منِّي العَذْلُ ينصرم
وكيفَ يَرضَى عن الأيَّامِ مَنْ عَبِثَتْ / به فأنوارُها في عَيِنه ظُلمُ
أَرى أناساً ولكِنْ جُلُّهم نَعَمٌ / كُثْرٌ قلِيلٌ وموجودون قد عدِموا
ناسٌ سَواسَية يَضْنَى الكريمُ بهمْ / حتى كأنهمُ الأوصاب والسَّقَم
من لم يكن عالِماً ذا بالأنامِ فلا / يَجهَلْ بأنهمُ إن حُصِّلُوا غَنَم
أَرَتْهُمُوني قليلا هِمّةٌ بَلغتْ / بِحَيْثُ لا يَنْتهيه الهَمُّ والهمَمُ
لِلّهِ حالٌ أدانِيها وتُبعدُني / وأشتِهي قُربَها مِنّي وَتنجذِمُ
لا تعذلَني على حظِّي فقد نَشَرَتْ / عليَّ حِرْمانَها الآداب والفَهَم
أرْخَتْ على الّليالي جَوْرَهُنّ ومَنْ / أيّامُه ظَلمتْه سوف يَنْظَلِمُ
سيستقلّ بنَصْري صولةً ذَكَرٌ / وصارِمٌ ليس يَنْبو حَدُّه خَذِمُ
لا أَحمد العزمَ ما لم تَنحطمْ قُضُبٌ / من السّيوف ولَم تُحْصَدْ بِها لِمَم
ولم يَجُلْ بالقنا والخيلُ ساهمةٌ / فَتىً ولم يَجْر بين الجَحْفَلَيْن دم
ولم تشنَّ على الأعداءِ بي دُفَعٌ / تَظَلُّ منها سيوفُ الهند تَبْتَسم
لا فخرَ للمرءِ إلاّ حدّ مُنْصُلِه / لا ما تُزخرِفه الألفاظُ والقلم
أنا الذي قد حلبتُ الدهرَ أشطُرَه / ومَرَّ منه علَّى السُخْنُ والشَبِمُ
لا يَنزِف الغيظُ حِلمْي حين أُسلبَه / ولا التحلُّمُ غَيْظي حين أَنتقِم
أنا ابنُ مَن قد أَعزَّ الدِّينَ مُنْصُلُه / وأَذعنتْ لعُلاه العُرْبُ والعَجَمُ
أعنى الإمامَ مَعَدّاً خيرَ من حسنتْ / به الخلافةُ واستعلتْ به النَّسَم
فخراً ومجداً أميرَ المؤمنين فقد / صلَّى عليك النَّدَى والمجدُ والكرم
تُصِمُّ أُذْنّكَ عن لاحِيك في كَرمٍ / وما بِسمعك عن داعي النَّدَى صَمَمُ
فعِرْضُ مجدِك بالمعروف ممتنِعٌ / وعِرْضُ مالِك في العافين مُقْتَسَمُ
من لم يكن بكَ دون الناس معتصِماً / أَمسَى وليس له في الأرض مُعْتَصَمُ
يا حُجّةً فلَجَتْ لِلّه واتّضحَتْ / حتى اهتدي بسَنَا برهانِها الأمم
يا مطلِقَ الأمَل العاني ومُخرِجَه / لليُسْر من بعد ما أَوْدَى به العَدَمُ
لولا مَعَدٌّ أميرُ المؤمنين لَمَا / عَزَّ الهُدى وفَشَتْ في عَصْرنا النِّعَمُ
في كلّ مَوْطِنِ معروفٍ يَمُدّ يداً / وفي تُقَى كلِّ توحيدٍ له قَدَم
أَغَرُّ أَرْوَعُ وَضّاحٌ لناظِره / كأنّه في أعالي هاشم عَلَم
حُلُو الشمائل في أخلاقه شَرَسٌ / طَوْراً ولِينٌ وفي عِرْنيِنه شمَم
طابت وِلادتُه من أَحمدٍ وزَكَتْ / منه الخلائق والأعراقُ والشِّيَم
يَلقى دواعي الخَنا والُّلؤْمِ منه بلا / وليس تَخْذُلُه في صالح نَعَم
أستغفر اللّهَ لا أحصي فضائلَه / عَدّاً ولو أنّ كُلِّي مَنطِقٌ وفَمُ
وكيف يُحصي الورى عَدّاً مَناقِبَ من / لم يُلْفَ شِبْهٌ له في الناس كلِّهمُ
وما رأيتُ سوى مدحِ المعزِّ ثناً / يُزهَى به الحبرُ والْقِرطاس والقَلَمُ
كأنّما مُلْكُه هَدْىٌ ومَوعظةٌ / وَدهرُه فَرحٌ للناس مُبْتَسِم
لا زلتَ تَبني رُواق العزِّ ما طلعتْ / شمسٌ وما دَرَّت الأنواءُ والدِّيمَ
وهاكها تؤنِسُ الألبابَ خَطْرتهُا / وتستزينُ بها الآدابُ والحِكم
تبدو لسامعها في كلّ ما خَطرتْ / بسمعِه أنّها حنية قسم
لِيَهْنك أنّ الصومَ فرضٌ مؤكَّدٌ
لِيَهْنك أنّ الصومَ فرضٌ مؤكَّدٌ / من الله مفروضٌ على كلّ مسلمِ
وأنَّك مفروضُ المحبّة مِثله / علينا بحقٍّ قلتُ لا بالتّوهّم
فَهُنِّئْتَه يا مَنْ به الله قابِلٌ / من الخَلْق فيه كلَّ نُسْكٍ مقدَّمِ
ولا زلتَ منصوراً على فَرْض صَومِه / ومعتصِماً بالله من كلّ مَحرم
فأنتَ نصَرتَ العدلَ ثم نشرتَه / وجُزْت ببَذْل العُرْف حَدَّ التكّرم
ولست براضٍ بذلك الجُودَ أوّلاً / إذا لم تُعِدْه ثانياً وتتَمم
إلى أن رأيتَ الجودَ فَدّاك ناطقاً / ونادتْ بك العَلْياء وهي بلا فَمِ
وصلّى عليك اللهُ يا من تجاوزَتْ / بدولَته الأيّام عن كلّ مُعدِمِ
إذا استخدمْتني في طِلابِ العُلا هِمَمْ
إذا استخدمْتني في طِلابِ العُلا هِمَمْ / فماءُ المعالي في فَمي بارِدٌ شَبِمْ
ولستُ لعَلْياء الجُدود بمُدَّعٍ / إذا لم أشيِّد ما بَنَى المجدُ في القِدَمْ
لكلّ امرىءٍ أفعالُه وغناؤه / ومن لم يَسُدْ بالفِعل يوما فما حَلُمْ
وقد أَغتدي والليلُ بالصُّبْح أشمَطٌ / وللرَّوضِ كافورٌ يَفوحُ به النَّسَمْ
بأزرقَ يَرمي الطيرَ منه بِمُقْلَةٍ / تكاد تَرَى ما يَستُر الثوبُ في الظُّلَمْ
وليس يَعيبُ البازُ راحةَ ماجدٍ / تعوَّدَ حَمْلَ البازِ والسَّيْفِ والقَلَمْ
يدٌ للنّدى والجُودِ طَوْراً وتارةً / تُقَبَّل في وَسْط النّدى وتُلتثَم
إذا رَكِب البازي يساري وأثّرت / له لحَظَاتٌ كالذُّبالَة تضطرم
ذَعرْتُ به شمْلاً من الطير جامعاً / وضَرَّجْتُها في كلّ ناحية بدَمْ
إذا لم أَصِدْها لم يَطِبْ لي مَذاقُها / ولستُ لِلَحْمٍ لَمْ أَصِدْهُ بِذي قَرَم
متى سَالَم الأيّامَ قَبْلي مُسالِمٌ
متى سَالَم الأيّامَ قَبْلي مُسالِمٌ / فرقَّت له حتّى أُسالَم أَيّامي
صَرَمْتُك يا أَيّامَ دَهْري فصارِمي / ستَدْرِين إنْ نازلتِني كيف إِقدامي
أَرَى كلَّ حُرٍّ فيك غيرَ مكرَّمٍ / وكلَّ وضيع في سُعودٍ وإِكرام
وهل كلُّ ما يُلهَى به فيكِ مِنْ غِنىً / ومن دولةٍ إلاّ كأضغاث أحلام
سأُكرِم نفسي عَنْكِ بالصَّبْرِ عالماً / بأنّكِ ممّن سوف يُقْتَلُ قُدّامي
وأنّك من نُوري ضُحاكِ ومِنْ يَدي / قُواكِ ومِنْ سيفي ضِرابُكِ لِلهامِ
سأَستَلّ من عَزمْي لَحْربِكِ صارِماً / وإن كنَّ أَمضى من سُيوفِك أَقلامي
تعالَى علوَّ النجم مَجدي ومفَخَري / وسار مسيرَ الرِّيح جُودي وإنعامي
فلا تُنكِري أَنْ رحتُ وحدَي مفرداً / وأَن بِتّ يَقظانَ الحِجَا غَيْرَ نَوام
فَجُنْدِيَ تدبيري وسيفي عزيمتي / وقلبي إذا نازلتُ في الحرب ضِرْغامي
أنا أظرف الحّجاب شخصاً وموقعاً
أنا أظرف الحّجاب شخصاً وموقعاً / وأكتَمُهم سراً على المتكلِّم
وإن هَمَّ محبوبٌ بوصلِ حبيبِه / وقيتُهما من كل واشٍ ومُبْرِمِ
أأن ناح قُمرىٌّ بغصنِ بَشامةٍ
أأن ناح قُمرىٌّ بغصنِ بَشامةٍ / وغرد في أعلى الأراك حَمامُ
أهاج لك التذكار شوقاً كأنما / له بين أحناء الضلوع ضرام
خليلي هل بعد الفراق تواصل / وهل بعد توديع الحبيب مُقامُ
دهتني النوى حتى كأن أحبتّي / على القربِ مني والدنوّ حرام
ومما استهام القلبَ وهو مصدَّع / وأوهَى جُمانَ الدمع وهو سِجامُ
مطوَّقةٌ ورقاءُ تندُب شجوهَا / وتسهر فيه الليلَ وهو تمامُ
تنوح بِلا دمع وللحزن آية / على نوحها مشهورة وغرام
ألا يا حمام الأيك مالَكَ والهاً / كأنك ممّن أسكرتْه مُدامُ
كِلانا مِحبٌّ صدّع البين شَملَه / وكل مُحِبّ بالفِراقِ يضام
سلام على من حجّبتْ شخصه النوى / وإن كان لا يغني المحبَّ سلامُ
أما والذي لا يملِك الأمرَ غيره
أما والذي لا يملِك الأمرَ غيره / ومن هو بالسر المكتّم أعلمُ
لئِن كان كِتمان المصائبِ مؤلمِاً / لإعلانُها عِندي أشدّ وآلم
صبرت عن الشكوى حياء وعفّة / وهل يشتكى لدغَ الأراقم أرقم
وبي كلّ ما يبكي العيون أقلّه / وإن كنت منه دائماً أتبسم
أأُظهِر أم أخفي الّذي بي من السَقْم
أأُظهِر أم أخفي الّذي بي من السَقْم / وكم أدفع الأيّامَ بالصبر والحِلم
أعلِّل نفسي بالأماني تجلُّداً / وأُوِهمُها أن النّزاهة في العُدم
صبَرتُ على الأحداث حتى أذَبْنَني / وحتى انتهيت سِكِّينهُنّ إلى العظم
ولم يَلق مخلوقٌ من الدهر مِثل ما / لقيتُ من الأرْزاء والجورِ في الحكم
فما عنَفت غيري الخطوب بجورها / ولا ظلمت أحداثها أحداً ظلمي
أرُوني مريضَ القلب مثلي والمنُى / عليلَ الغنى والحالِ والحظّ والجِسم
وما خذلْتني همّتي فألومها / وما ضاق بي مذ كنتُ في محفِلٍ عِلمي
وأنَفذُ من رمح الشّجاع سياستي / وأبصَرُ من عين البصيرِ ضِيا فهمي
فلِمْ أختفي تحت التراب مضيَّعاً / وقد نوّهت في الخافِقين العُلا باسمي
وما ليَ أخطو في الحضيض تخلُّفاً / وقد عُقِدتْ كفّي على كاهِل النجم
أيا ابنَ معزّ الدين والفضلُ كلُّه / إليك انتهى دون الأعارِبِ والعُجْمِ
أناديك أم أشكو إليك ظُلامتي / أم أشكوك أم أكني عن الأمر أم أُسمي
أتغدو ظُنوني في معاليك ظُلَّما / وتصبِحُ آمالي مبدَّدة النَّظْم
وأشربُ إذ أصبحتُ ضيفَك من دمي / وآكل إذ خلصتُ ودَّك من لحمي
وأُبخَس حظّاً أنت كنت ابتدأتَه / وأنت أحقّ الناس بالعدْل في القَسْم
إذا كنت أنت الحاكم المرتضَى به / فما لك تغدو دون حُكمك لي خَصْمي
أجِزْني على مقدار ما أنا محسنٌ / ولا تعطني ما ليس يبلغُه سَهْمي
فإني على إنكار مَجْدكِ أتّقي / وعنك إذا رامت عُلاك العدا أرمي
وما كان حقّي منك ذا غيرَ أنني / رجوتُ وراءَ الحرب عاقبةَ السِّلْم
فكم من محبّ راحَ بالّلحظ قانعاً / إذا راح ممنوعاً من الضَّمّ واللّثْم
فإن كنتُ محبوباً فكن خيرَ واصل / لحبلي فإنّي فيك مجتمع الهّمِّ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025