المجموع : 13
فللهِ ذاك الخِشفُ خلَّى كناسَهُ
فللهِ ذاك الخِشفُ خلَّى كناسَهُ / وحلَّ بوسْطِ الغاب يطرُقُ ضيغما
تخطَّى كعوبَ السمهريّ مقوَّماً / وخاضَ صفوفَ الأعوجيّ مسوَّما
سرى عاطلاً حتى اعتنقنا فلم تزلْ / دموعيَ تكسوهُ الجُمانَ المنظَّما
فبِتنا على رَغْمِ الحسودِ بغبطةٍ / خليطين ما ننمازُ إلّا توهُّما
وقد كان رجمُ الظنِ بالغيبِ لم يدَعْ / لنا غيرَ مسرى الطيف سِرَّاً مكتَّما
فقد أشعرُ الواشينَ بالسِرِّ أنني / محوتُ بلثمي عن مُقَبَّلِهِ اللُّمَى
وما أنسَ لا أنسى الوداعَ وقد جلا / لإيماضَة التسليم كفَّاً ومعصما
وخلسةُ طرفٍ بين واشٍ وحاسدٍ / ألذُّ من الماء الزُلالِ على الظما
وموقفُنا في حومةِ البينِ حُسَّراً / من الصبرِ نرضَى بالمنيّةِ مغنما
نلوِّحُ وجداً في الضميرِ مجمجماً / ونمسحُ خدَّاً بالدموع منمنما
عشيّةَ ملءَ الواديين لبينِهمْ / بواعثُ شوقٍ من فصيحٍ وأعجما
يرى نضوَ حُبٍّ يكتمُ الشوقَ مغرماً / على نِضو سير يُعْلنُ الشجوَ مُرْزِما
وأسحمَ غربيبَ المُلاءةِ ناعباً / وأورقَ غرّيدَ الضحى مترنِّما
وغيدٍ كخيطانِ الأراك ترنَّحُوا / على العيس أيقاظاً عليها ونوَّما
لوى دَينهم أيدي النوائب فاقتضوا / بأيدي المهارَى تنفخُ النجحَ والدَّمَا
حنايا إِذا قرطسن أغراضَ مهمهٍ / مرقنَ به من جلدة الليل أسهُما
تخالسن وطءَ البِيدِ حتى كأنَّما / تضمّنَ منها البيد ظنَّاً مرجَّما
ترى كلَّ مَوَّارِ الزمامِ كأنَّهُ / يطاولُ غصناً أو يطاردُ أرقما
يفضّضُ منه باللغامِ مخطَّماً / ويُذهبُ منه بالنجيعِ مخدَّما
سرَوا يطردون الليلَ عن متبلِّجٍ / من الصبحِ يهدي الناظرَ المتوسّما
تجهَّمَهُمْ وجهُ الزمانِ فألمعُوا / له بشهابِ الدين حتى تبسَّمَا
بذي صولةٍ نكراءَ لم تُبْقِ مجرماً / وذي راحةٍ وطفاء لم تُبقِ مُعْدِما
طَموحٌ إِلى العلياء يقدمُ همُّهُ / على المجدِ حتى لا يَرى متقدِّما
تساهم فيه الجودُ والبأس فاقتدَى / به الدهرُ بؤسى في الرجالِ وأنْعُمَا
أخو فتَكاتٍ يشغلُ القِرنَ خطفُها / عن الحسِّ حتى لا يرى الضربَ مؤلِما
من القومِ حنَّ المُلكُ مذ عهدِ آدمٍ / إليهمْ فوافاهم مُقيماً مخيِّما
وما فاتهمْ في أولِ الدهرِ عن قِلىً / ولكن رأى الشيءَ المبيَّتَ أدوَما
إِذا لمحوا بالمُلكِ ثلماً تبادروا / إليه يزجّونَ الصفيحَ المثلَّما
لهم دارتِ الأفلاكُ طوعاً وأظهرتْ / لخدمتهمْ في صفحةِ البدرِ ميسمَا
هُمُ أضرعُوا خَدَّ الزمانِ لعزِّهم / وحاموا على العَلياءِ أن تتهَضَّمَا
فأقْسمُ لولا البِشرُ في صَفَحاتِه / لأضحَى أديمُ اليومِ أربدَ أقتما
ولولا حنانٌ فيه عند انتقامِه / لصار جَنَى النحلِ الذعافَ المسمَّما
ولولا ندَى كفَّيهِ أشعلَ بأسُهُ / إِذا طاردَ القِرنَ الوشيجَ المقوَّما
رمى نظرةً نحوَ العِدَى فتخاذلتْ / مفاصِلُهمْ منها لحوماً وأعظُمَا
وكرَّ بها نحوَ التِلادِ فأصبحتْ / بمدرجةِ العافينَ نهباً مقسَّمَا
شمائلُ مدلولٍ على طُرُقِ العُلَى / طلعْنَ على أفقِ المكارمِ أنجُمَا
إِذا نُسختْ من سُورةِ المجدِ آيةٌ / أتينَ بها وحْيَاً إليهنَّ مُحْكَما
يوالينَ جدّاً في السعودِ مخيَّرا / ويصحبنَ رأياً في الغُيوبِ مُحَكَّما
رأتْ جودَهُ شُهْبُ النجوم فحلَّقَتْ / مخافةَ أن تُعطَى فُرادَى وتوأمَا
فأولَى لها لو فازَ بالبدرِ كفُّهُ / إِذا لاستقلَّتْهُ لعافيهِ دِرهَما
ولا غرو إلّا بذله من كلامه / لأعناقنا الدُّرَّ الثمينَ المكرَّما
إِذا ما استقلتْ باليراع بنانُه / تأملتَ بحراً يُمطرُ الدُرَّ خِضْرَما
إليك شهابَ الدين وابنَ قِوامه / صليتُ مراحَ الأعوجيّ مطهَّما
أجلِّي بأغفالِ المجاهيل مُعْلَماً / وأهتم من رُدق الشيات مُحَزَّما
أطاوع فيك الشوقَ والنِّعَمَ التي / تراغِمُ حسَّاداً وتُسكتُ لُوَّما
فدونكَها غَّراءَ تُعجبُ مُعْرِقَاً / وتفتُنُ نجديَّاً وتونقُ مشئِمَا
خلعتُ عليها نورَ وجهِك فارتدتْ / رداءً من الإحسانِ بالكبر مُعْلَما
وإني لأرجو أن أقيمَ مملَّكا / لديكَ وأن تبقَى معافَىً مسلَّما
تذكّرتُ أيامي بها وأحبَّتِي
تذكّرتُ أيامي بها وأحبَّتِي / إِذِ العيشُ غَضٌّ والزمانُ غُلامُ
وإِلمامتي بالحيِّ حيثُ تواجهتْ / قصورٌ بأكنافِ الحِمَى وخيامُ
ألامُ على هِجرانهمْ وهمُ المُنَى / وكيف يُقيمُ الحرُّ وهو يُضَامُ
هُمُ شَرعوا أنَّ الجَفاءَ محلَّلٌ / وهمْ حكموا أن الوفاءَ حَرامُ
بقلبي رَوْحٌ منهمُ وضمانةٌ / وعنديَ بُرءٌ منهمُ وسَقامُ
وأبلجُ أمّا وجهه حين يجتلى / فشمسٌ وأمّا كفُّه فغَمامُ
جرى طائري منه سنيحاً وعلَّنِي / بدَرِّ أيادٍ ما لهنَّ فِطامُ
وأنزلني منه بألطفِ منزلٍ / كما مُزِجتْ بابنِ الغمامِ مُدامُ
شردتُ عليه غيرَ جاحِد نعمةٍ / أكَلَّفُ خسفاً بعدَهُ وأُسَامُ
وقد يُسلبُ الرأيَ الفتَى وهو حازمٌ / وينبُو غِرارُ السيف وهو حُسامُ
فقد وجدَ الواشونَ سُوقاً ونفَّقُوا / بضائعَ زُورٍ مالهنَّ دَوامُ
وبعضُ كلامِ القائلينَ تزَيُّدٌ / وبعضُ قَبولِ السامعين أثامُ
فأصبحَ شملُ الأُنسِ وهو مُبَدَّدٌ / لديهِ وحبلُ القُربِ وهو رِمامُ
يُقَرَّبُ دوني من شَهِدتُ وغُيِّبُوا / ويوصَلُ قبلي من سَهِرتُ ونامُوا
تَزاورَ حتى ما يُرجَّى التفاتُهُ / وأَعرضَ حتى ما يُرَدُّ سَلامُ
فلا عطفَ إِلّا سخطةٌ وتنكّرٌ / ولا ردَّ إِلّا ضَجرةٌ وسَآمُ
فإنِ يَكُ رأيٌ زَلَّ أو قَدَرٌ جَرى / بنازلةٍ فيها عليَّ مَلامُ
فواللّهِ ما قارفتُ فيك خيانةً / أُعابُ بها في مَحْفِلٍ وأُذامُ
ولا قرَّ لي بعدَ التفرُّق مضجعٌ / ولا طابَ لي بعد الرحيل مقامُ
ولا ليَ إِلّا في ولائِكَ مَسرْحٌ / ولا ليَ إِلّا في هواك مَسَامُ
وإِن أكُ قد فارقتُ بابكَ طائعاً / فللدهرِ في الشملِ الجميع عَرَامُ
فقبلِيَ ما خلَّى عليّاً شقيقُهُ / وقرَّ بهِ بعدَ العراقِ شآمُ
حياءً فإِنّ الصفْحَ خيرُ مغبَّةٍ / ومعذرةً إِنّ الكرامَ كرامُ
ألمنا وأعذرتُمْ فإِن تبلُغوا المَدى / من العتبِ نُعْذَرْ دونكمْ وتُلامُوا
وأحسنتمُ بَدءاً فهلّا أعدْتُمُ / ففي العَودِ للفعلِ الجميل تَمامُ
أُجلُّكَ أنْ ألقاك بالعُذرِ صادقاً / وبعضُ اعتذارِ المذنبينَ خِصامُ
أتبعدُ حتى ليس في العَتْبِ مطمعٌ / وتُعرِضُ حتى ما تكادُ تُرامُ
وتنسَى حقوقي عندَ أولِ زَلَّةٍ / وأنتَ لأهلِ المكرماتِ إِمامُ
ألمْ ألقَ فيك الأسرَ وهو مبرّحٌ / وألتذُّ طعمَ الموتِ وهو زُؤامُ
وأخطُ سوادَ الليل وهو جَحافلٌ / وأرعَ نجومَ الأفقِ وهي سِهامُ
هو الذنبُ بين العفو والسيفِ فاحتكمْ / بما شئتَ لا يَعْلَقْ بفعلِك ذَامُ
ولا تُبْلِني بالبعدِ عنك فإِنَّما / حياتيَ إِلّا في ذُراكَ حِمامُ
إِذا ما جزيتَ السوءَ بالسوءِ لم يكنْ / لفضلكَ بين الأكرمينَ مَقامُ
أعِدْ نظراً في حالتي تلقَ باطناً / سليماً وسرِّي ما عليه قَتَامُ
فمثُلكَ لم تغلِبْ عوائدُ سخطهِ / رضاهُ ولم يبعُدْ لديه مَرامُ
ولا تنكرنْ فيما تسخّطتَ ساعةً / فقد مرَّ عامٌ في رِضاكَ وعامُ
وإِنْ عزَّ ما أرجوهُ منك فإِنَّنِي / لَتُقنعني تسليمةٌ ولِمَامُ
فلا تُشعرنّي عزةَ اليأسِ إِنَّما / أمامي وراءٌ والوراءُ أمامُ
أترضَى لفضلي أن يضيعَ ذمِامُه / ومثلُكَ لم يُخْفَرْ لديهِ ذِمامُ
وتحجبُني حتى تهدَّ مناكبي / بابك ما بينَ الوفودِ زِحامُ
فإنْ نِمتَ عنّي واطَّرحْتَ وسائلي / فللهِ عينٌ ما تكادُ تنامُ
تذكرتُ أيامي وشملَ أحبِتَّيِ
تذكرتُ أيامي وشملَ أحبِتَّيِ / إِذِ العيشُ غضٌّ والزمانُ غُلامُ
وإِلمامتي بالحيِّ حيث تواجهتْ / قصورٌ بأكنافِ الحِمَى وخيامُ
ألامُ ولي شُغْلٌ عن اللوم شاغِلٌ / وأهونُ ما يلقَى المحبُّ كلامُ
وأبلجُ أمّا وجهُه حين يُجْتَلى / فشمسٌ وأمّا كفُّه فغَمامُ
طويتُ إِليه الناسَ حين قصدتُهُ / وللقصدِ عند الأكرمين ذِمَامُ
أعرِّضُ فيه حُرَّ وجهيَ للفَلا / وليس له إلّا الهجيرَ لِثَامُ
وأدأبُ فيما همّهُ وهو وادعٌ / وأسهرُ فيه والعيونُ نيامُ
أومِّلُ منه دولةً تكبتُ العِدى / ونصراً يَرُدُّ الجيشَ وهو كَهامُ
ويُقنعُني منه على العِزّ أنّهُ / يروقُ لِقاءٌ أو يرِقُّ كلامُ
فلمّا غدا والدهرُ طوعُ مرادهِ / وفي يدِه للحادثاتِ زِمامُ
ثَنى عِطْفَهُ واحتجَّ بالشُّغْلِ مُعرِضاً / ألا إِنما بعضُ الصدودِ سَآم
وأصبح شملُ الأُنسِ وهو مُبَدَّدٌ / لديه وحبلُ القُرْب وهو رِمامٌ
يُقرَّبُ دوني من شَهِدتُ وغُيِّبوا / ويوصَل قبلي من سَهِرتُ ونامُوا
وأهجَرُ إِلّا أن تنوبَ مُلِمَّةٌ / وأُحجَبُ إلّا أن يكونَ زِحامُ
وما طردَ الأحرارَ مثلُ مهانةٍ / تُذالُ بها أعراضُهم وتُضَامُ
وعرَّضْتُ حيناً بالعتاب فلم يُفِدْ / وبعضُ معاريضِ الكلامِ خصَامُ
فداويتُ سقمَ الحالِ بيني وبينَهُ / بصَدٍّ وبرءُ النفسِ منه سَقامُ
فقد وجدَ الواشون سوقاً ونفَّقُوا / بضائعَ زورٍ ما لهنَّ دوامُ
رأوا عندَهُ حُسْنَ القَبولِ فأقدَموا / ولو لم يرَوْا حسنَ القبولِ لخاموا
وقد علِموا أن السعايةَ حَلْبَةٌ / بها القولُ تالٍ والقبولُ أمامُ
وبعضُ كلامِ القائلين تزيُّدٌ / وبعض قبول السامعين أَثام
وما هو إِلّا هفوة إِثر نبوة / ألومُ عليها تارةً وأُلامُ
وزلَّةُ رأيٍ لم تؤيّدْهُ حُنكةٌ / ونقصانُ حزمٍ لم يُعِنْهُ تَمامُ
وباللّهِ ما حدَّثْتُ نفسي بغدرةٍ / أعابُ بها في محفِلٍ وأُذامُ
ولا قرَّ لي بعدَ التفرُّقِ مضجعٌ / ولا طابَ لي بعدَ الرحيلِ مقامُ
ولا طِبْتُ نفساً بالفراق وإِنَّما / أضيفَ إِلى ذاك الغَرامِ غَرامُ
وميضُ جفاءٍ لو أمتُّ شرارَهُ / لما شبَّ لي بين الضُّلوعِ ضِرامُ
وجرعةُ ضيم من حبيب لفظتها / وفي فيَّ ممن لا أحبُّ سِمامُ
فمن مبلغٌ عني مقاليَ جِيرةً / على الرَّغمِ سِرنا عنهمُ وأقاموا
أخِلّاءَ صدقٍ مازجَ القلبَ وُدُّهمْ / كما مُزِجتْ بابن الغَمامِ مُدامُ
ألفتهمُ إِلفَ النواظرِ نورَها / وغيرُهمُ في الناظرينَ قتامُ
وذكرُ سواهمْ في الجوانحِ جمرةٌ / وذكرُهمُ بَردٌ لها وسلامُ
همُ نبذوني منبذَ السلكِ قُطِّعتْ / قُواهُ وخان العِقدَ منه نظامُ
أكلّكمُ إِن زلَّتِ النعلُ زلّةً / له مسرحٌ في عرضنا ومسامُ
أما من رفيقٍ يُشتفَى بكلامِه / ألا ربَّما سلَّ الحقودَ كلامُ
أفي كلِّ قلبٍ جفوةٌ وقساوةٌ / وفي كلِّ طبعٍ نبوةٌ وعُرامُ
لعلَّ وليَّ الأمر يُكرم عفوَهُ / إِذا ما رجالٌ ألأموا وألامُوا
فيبدأُ عفواً لم تُعِنْهُ شفاعةٌ / ويُبدي رضا لم يعترِضْهُ ملامُ
وإِنَّ شفيعي توبتي وندامتي / ومعرفتي أنّ الكرامَ كرامُ
ولا عذرَ إِلّا أنّ بدءَ إِساءةٍ / له من زياداتِ الوُشاةِ تمامُ
وأشكو إِليه سُقْمَ حالي وإِنما
وأشكو إِليه سُقْمَ حالي وإِنما / بعُلياهُ أرجو أن يبلَّ سقيمُها
وما أبطأَ الإِنجاحَ حتى أهُزَّهُ / بنكتةِ شعرٍ قد أصاب مقيمُها
قضَى كلُّ ذِي دَينٍ فوفَّى غريمَهُ / وعزَّةُ ممطولٌ مُعَنّىً غريمُها
ولكنّه قرب الرحيلِ وحيرتي / أعجّلُها في سفرةٍ وأُقِيمُها
وأولى امرئٍ بالنُّجْحِ صاحبُ حاجةٍ / تشفَّعْتُ فيها والليالي خصيمُها
فعمَّ الورى بالفضلِ طُرَّاً وخَصَّنِي / فأفضلُ آلاءِ الرجالِ عميمُها
فقالتْ ألا تُبقِي لنفسكَ هَجْمةً
فقالتْ ألا تُبقِي لنفسكَ هَجْمةً / فقد دَقَّ عظمٌ واستشنَّ أديمُ
فقلتُ لها عنِّي إليكِ فهجمتي / تحيَّفَها ذو حاجةٍ وغَريمُ
فإنَّ امرَءاً لم يرزأ الحقُّ مالَهُ / ولم يفتقِرْ عن ثروةٍ للئيمُ
وجُدتُ بها لا عن ملالٍ وإنَّما
وجُدتُ بها لا عن ملالٍ وإنَّما / غُلبتُ عليها مُكْرَهاً متهضَّما
ألا ليتَ أَنَّا ما اصطحبنا ولم نَبِتْ / قرينَينِ في خَفْضٍ من العيشِ توأَمَا
ولم نُرزَقِ الوصلَ الذي عادَ فُرْقةً / ولم نعهدِ العُرسَ الذي صار مأتما
مضتْ حين لم أصغُرْ فأجهَلَ قَدْرَها / ولم أَعْمُرِ الدهرَ الطويلَ فأحلُما
وعِشتُ صحيحاً سالماً بعد يومِها / وحسبيَ داءً أن أصِحَّ وأسلَمَا
ولو خيَّروني بين كفِّي وبينَها / لآثرتُ أن تبقَى وأُصبِحَ أجذمَا
ولا زال خدُّ الوردِ فيهنَّ ناضراً
ولا زال خدُّ الوردِ فيهنَّ ناضراً / وثغرُ أقاحيهنَّ طلقَ المباسمِ
ربوعٌ تُمرُّ الريح فيها فتكتسي / بها أَرَجاً هوجُ الرياحِ الهواجمِ
تفتّقَ فيها المِسكُ حتى يدُلَّنِي / على صوبها مَرُّ الرياحِ النواسمِ
إِذا مرِضَتْ فيها الأصائِلُ عادَها / على شُعَبِ الأغصانِ نوحُ الحمائمِ
وقفنا جُنوحاً فوقَ أكوارِ عِيسنا / نسائلُ عنه بالدموعِ السَّواجمِ
تذكِّرُنا دهراً تقضَّى نعيمُه / وعيشاً تولَّى مثلَ أضغاثِ حالمِ
أفِي كلِّ يومٍ في عِداد صَبابةٍ / يُعاودني منها عدادَ الأراقمِ
وقلبٍ علوقٍ للصبابة غُنْمُهُ / وماليَ منهُ غيرُ حملِ المغارمِ
إِذا شاء أجرَى في التَّصابي إِلى المدَى / ولكنَّه لا ينثني بالشكائمِ
أقولُ لركبٍ ألحفتهم جناحها / دُجى ليلةٍ ظلماءَ وُحْف القوادمِ
تجودُ بهم كورُ المطايا وتهتدي / نشاوى بكأسِ الهمِّ ميلُ العمائمِ
وقد درعتْ ثوبَ الظلامِ نياقُهمْ / بكل فتىً يقظانَ عينِ العزائمِ
إِذا ادَّرَع الليلَ البهيمَ تفرَّجتْ / غياهبُهُ عن أبيضِ الوجهِ باسمِ
ويُسفرُ عن غِبِّ السُّرى وكأنَّهُ / بقيَّةُ نصلٍ من عِتاقِ الصوارمِ
ألا أيِّها الركبُ المُخِبّونَ عرِّجُوا / على مُثْقَلٍ بالوجدِ أغبرَ ساهمِ
مفارقِ ريحانِ الحياةِ ونازحٍ / عن الكأسِ والخِلِّ الوفيِّ الملائمِ
مطلِّق خفضِ العيش كُرهاً مراجعٌ / من العيشِ رنق الوِرد مرّ المطاعمِ
يبيتُ شريدَ النومِ مفترشَ الثَّرى / لمفترشٍ وشيَ العراقين نائمِ
إِذا خاضَ في تهويمةِ الفجرِ عينُه / نفَى نومَه وخزُ الندوبِ القدائمِ
ودمعٍ متى ما ردَّهُ الصبرُ ينعطف / جوىً داخلاً بين الحشَا والحيازمِ
وإِن لم تواسُوا بالمقام فساعدوا / بتعريجةٍ بين اللوى والأناعمِ
وقولا لإِخواني أرى عهدَ ودِّكُمْ / كعهدِ الغواني أو كظلِّ الغمائمِ
أفي الحقِّ أنْ أثنِي العظائمَ عنكمُ / وتثنون نحوي طارقاتِ العظائمِ
وأني أرامي الدهرَ عنكمْ مدافعاً / وترمونني بالباتراتِ الكَوالمِ
وبي عنكمُ ظُفْرُ الخطوبِ مقلَّمٌ / وأظفارُكم قد أُنشبتْ في محارمي
وأُشجي عِداكم بالحِفاظ عليكمُ / وأنتمْ شجىً بين اللّها والحلاقمِ
وأحميكمُ صونَ الذُّرى وأراكُمُ / تُريدونَ أن أُرمَى بذلِّ المناسمِ
وأرجو كما تُرجى الغمائمُ وَدَّكْمُ / وتأبَوْنَ إِلّا خُلفكم للشوائمِ
وأولي مداراةَ الشَموسِ جماحَكُمْ / وتولونني صَدَّ الجِيادِ العوادمِ
وإِنّي على ما كانَ منكم لواجدٌ / بحبِّكُمُ تاللّه وجدَ الروائمِ
وما كلما خانتْ يدي في مُلمّةٍ / تبرّحُ بي برَّأتُها عن معاصمي
سأمنحُكمْ لِيناً إِذا ما قصدتُمُ / جنابيَ بالأيدي الطِوال الغواشمِ
ولولاكُمُ ما طاوعَ الذّلَ مقودي / ولا لانَ نبعي للنيوبِ العواجمِ
ومن لم يُردْ عيشَ الوحيدِ فإنَّه / يلاقي مُعاديهِ لقاءَ المسالمِ
ومن رام أنْ يستبقيَ الودَّ من أخٍ / تعوَّدَ أن ينقادَ طوعَ الحزائمِ
ومن عافَ إِلّا الصفوَ من كلِّ مشربٍ / أراه يقاسي برحَ ظمآنَ حائمِ
أأطمعُ منكم بالوفاءِ وقبلكم / علمتُ بأنّ الغدرَ ضربةُ لازمِ
وأسألكمْ خِيماً سوى شِيَمِ الورى / كأني بأخلاقِ الوَرى غيرُ عالمِ
وأطلبُ منكم وافياً بذمامهِ / فأطلبُ شمساً في النجومِ العواتم
وأرجو صفاءَ الودِّ منكم وعندَكمْ / فأرجو مذاقَ الشهدِ عندَ العلاقمِ
سأغضي وفي الأحشاءِ جُرحٌ وأتَّقِي / بوصلِ حبالِ الودِّ قبلَ اللوائمِ
وأُسحبُكمْ ذيلَ التجاوزِ عنكمُ / لعلَّكمُ أن تَقْرعُوا سنَّ نادمِ
وإِنَّ هُماماً من أميّةَ ضامني
وإِنَّ هُماماً من أميّةَ ضامني / ليعفُو عن الجاني المسيء ويحلمُ
فما ليَ مأخوذاً بجرمِ محجَّبٍ / على بابهِ الإِملالُ لولا التجرُّمُ
أعِدْ نظرةً فيما أقولُ ولا تكنْ / كذي العُرِّ يُكَوى غيرهُ وهو يسلمُ
أعيذُكَ بالحِلمِ الذي أنتَ أهلُهُ / وإِنكَ أولى بالجميلِ وألزمُ
فثِقْ باعتقادي في ولائِكَ وارعَ بي / زِمامَ العُلَى إِني بحبلِكَ مُعْصِمُ
فقد جاء في أمثالهم أنَّ ثعلباً
فقد جاء في أمثالهم أنَّ ثعلباً / وذئباً أصابا عندَ ليثٍ تقدُّمَا
أضرَّ به جُوعٌ طويلٌ فشَفَّهُ / وأبقى له جِلداً رقيقاً وأعظُما
ففازَ لديهِ الذئبُ يوماً بخلوةٍ / فقال كفاكَ الثعلبُ اليومَ مطعما
فكُلْهُ وأطعِمْهُ فما هو شكلُنَا / ولستُ أرى في أكلهِ لك مأثما
فلما أحسَّ الثُعْلُبانُ بكيدِه / تطبَّبَ عندَ اللَّيثِ واحتال مُقدِما
وقال أرى بالمَلْكِ داءً مماطِلاً / تهدَّمَ منه جسمُه وتحطَّمَا
وفي كَبِدِ الذئب الشِفاءُ لدائِه / فإِنْ نالَ منها يَنْجُ منه مُسَلَّما
فصادفَ ذا منه قَبولاً فعندَها / أحال على الذئب الخبيث فصمَّما
فأفلتَ ممسوخَ الإِهابِ مرمَّلاً / فلما رآه الثُعْلُبانُ تبسَّمَا
وصاحَ بهِ يا لابسَ الثوبِ قانياً / متى تخلُ بالسُلطانِ فاسكت لتسلما
خليليَّ لا راعَ الفراقُ حشاكُما
خليليَّ لا راعَ الفراقُ حشاكُما / ولا فرَّقَتْ شملَ الجميعِ نَواكُما
ولا زِلتُما كالفرقدينِ تلازُماً / أجدّكما لا تذكرانِ أخاكما
لئِن خُنْتما في العهدِ بعدي فإنَّني / وحقِّكما لم أرجُ إلّا رضاكما
وإن ذُقتما السُّلوانَ بعدِي فإنَّني / وحقِّ الهَوى لم أسْلُ حتى أراكما
أغارُ على ريحِ الصَّبَا إنْ تنفستْ / بريحكما أو أعقبتْ بثراكما
وما ذُبتُ إلّا لاعتلاقِ نسيمها / إِذا خطرتْ حتى أزورَ ذراكُما
ولا شجوَ إلّا أنّ سَجْلي سقاكُما / وأنّكما يُعطَى سوايَ حيَاكما
فإنْ نجتمعْ قبل المماتِ فناقتي / وراكبُها والحاديانُ فداكُما
وإن متُّ من قبلِ اللقاءِ فإنَّني / سأُنشَرُ إنْ مرَّتْ عليَّ يَداكُما
أُحِبُّكُما طولَ الحياةِ فإن أمتْ / فلا شكَّ أنْ يهوَى صدايَ صداكُما
ولو شُقَّ عن سوداءِ قلبي وفتشتْ / جوانبُه لم يُلْفَ إلّا هواكُما
وبين الرياضِ الحُوِّ زَهْرُ شقائقٍ
وبين الرياضِ الحُوِّ زَهْرُ شقائقٍ / مطاردهُ حُمْرٌ أسافلُه سُحْمُ
كما طُرِحَتْ في الفحمِ نارٌ ضعيفةٌ / فمن جانبٍ نارٌ ومن جانبٍ فحمُ
ألا إنَّ عِلماً بين جنبيَّ مودَعَاً
ألا إنَّ عِلماً بين جنبيَّ مودَعَاً / يُضِيءُ ورائي نورُه وأمامي
أثارةُ علمِ الصادقينَ وما أتتْ / به الرُّسْلُ فيه بُرْءُ كلِّ سَقامِ
مفاتيحُ علمِ اللّهِ في الأرض من تَفُزْ / بها يدُه يظفَرْ بكلِّ مَرامِ
فإنْ عشتُ أحوِ المُلكَ لم يحوِ مثلَهُ / يدا ملكٍ في العالمينَ هُمامِ
وإن مُتُّ من قبلِ الوصولِ بحسرةٍ / فكم حسراتٍ في نفوسِ كرامِ
لقد هاجَني والصبحُ طلْقُ المباسمِ
لقد هاجَني والصبحُ طلْقُ المباسمِ / على ملعب الأفنان ورقُ الحمائِمِ
تلَّوى بها لَدْنُ الشمائلِ ماجدٌ / يُمَجُّ على عِطْفيهِ ريقُ الغمائِمِ
إِذا نهضَ الظلماءَ أبرزَ سجعُها / دفائنَ أسرارِ القلوب الكواتِمِ
سَقى عقَداتِ الرملِ من أيمن الحِمَى / رُضابٌ من اللُّعسِ الغوادي الروائمِ
وراضعَها دَرَّ الحيا متحدّبٌ / يطاوعُه مَرُّ الرياحِ النواسمِ
وغازلَ خِيطانَ الأراكِ بِجوِّها / مضمَّخةَ الأعطافِ رحبُ البواسمِ
إِذا حرِّشتْ بين الغصون حسبتَها / تُعيرُ تلوِّيها اضطرابَ الأراقمِ
إِذا مَرِضتْ فيها الأصائلُ أسبلتْ / عليها السواري بالدموعِ السواجمِ
وركبٍ سرَوا والصبحُ في حِجْرِ أمِّهِ / على شُعَبِ الأكوارِ ميلَ العمائمِ
ألاحَهُمُ الهمُّ المخامِرُ والسُّرى / ووَخْدُ المهارى وارتكابُ المجاشمِ
لهم سُننٌ شَفَّتْ وغِيضَ ثمادُها / وإن كان سنّ الحسنِ فوقَ المراغمِ
من القوم يَحنونَ الضلوعَ شوابكا / جُنوحاً على مسِّ الهُموم اللوازمِ
إِذا وضعوا ذَرَّ الدِلاص عليهِمُ / ويعتقلون الرمحَ قبلَ التمائمِ
هديتُهم صوبَ الفلاةِ وإنني / بُعَيدَ الوجَى هتّامُ رُوقِ المخارمِ
أنهنِهُ طغيانَ الهُمومِ بعزمتي / أُلوّي على رَوْقِ الغَرام حيازمي
فما الخُطَّةُ الجُلَّى ألانتْ عريكتي / ولا لَفتَتْ سودُ الخطوب حزائمي
وأرضٌ نفضتُ العِزَّ عن منكبي بها / كما نفص الأرطى ظباءُ الصرائمِ
خلعتُ بها ريعانَ مجدٍ مؤثَّلٍ / وألبستُ فيها الكأسَ ثوبَ عنادمِ
وقد علمتْ حسَّانةُ الجِيدِ أنَّني / أكلِّفُ أوطاي صدورَ اللّهاذمِ
مُورَّسَةُ الأطرافِ يلفظُ صدرُها / مُجاجةَ أكبادِ العِدى والجَماجمِ
ولا عذرَ لي عند العُلى وصوارمي / ظِماءٌ إِلى وِرْدِ الطُلى والغَلاصِمِ
لعلّي أُراني في سُرادقِ قَسْطَلٍ / وقد ملأتْ سمعَ الزمانِ غماغمي
أهُزُّ أنابيبَ الردينيّ سافحاً / على جمرةِ الهيجاءِ ماءَ الصوارمِ
لقد دَمِيَتْ غيظاً على الدهرِ أنْمُلِي / وهل ينفعُ المكروبَ عضُّ الأباهمِ
أما آن أن يسري غريمي فيرتقي / غواربَ أغباشِ الخطوبِ العظائمِ
وأرمي بها جَوْزَ الفلاةِ كأنني / أرنِّحُ منها أعقُبَاً في الشكائمِ
عوابسَ ينفضنَ السبيتَ على القَنا / إِذا وُصِلتْ سُمْرُ القَنا بالمعاصمِ
أرى صدمةَ الأيامِ هبَّة ناسمٍ / وخوضَ غِمار الموتِ تهويمَ نائمِ
وما الموتُ إلّا أن أرى مارنَ العُلَى / يذِلُّ على كيدِ الزمان بخاطمِ
شهِدتُ لقد مالتْ بقلبي ارتياحةٌ / تُمِرُّ قوى حزمي وتوهي عزائمي
أهادنُ عنها عاذليَّ وقد هفتْ / بقلبي عقابيلُ الكروبِ القدائمِ
رسيسُ هوىً قد كاد يمحو رسومَهُ / صروفُ الليالي الجائراتِ الغواشمِ
سِوى أن قلبي مَرخَةٌ تُوقدُ الهَوى / سرائرُهُ من عهدهِ المتقادمِ
يغايظُني صرفُ الزمانِ وقلَّما / يؤثّرُ في عودي نيوبُ العواجمِ
وقد علموا أني إِذا الخطبُ أظلمتْ / جوانبُه أغشى مقيلَ الضراغمِ
وإِنِّيَ مردي الخَصمِ يَحْرُقُ نابَهُ / إِذا طمسَ الأصباحُ ريشَ القشاعمِ
أشرِّق أذيالَ القَتام وأنتحي / فأسحلُ سلكَ المأزقِ المتلاحمِ
وإِنّي إِذا ما العودُ يسلبُ ظِلُّهُ / أنفِّضُ أقطاعَ المَطيِّ الرواسمِ
وما أعرض الأطماع إِلّا رأيتَني / لهنَّ شجىً بين اللَّهى والحلاقمِ