المجموع : 5
ولم أرَ كالعُشّاقِ أشْقَوا نُفُوسَهُمْ
ولم أرَ كالعُشّاقِ أشْقَوا نُفُوسَهُمْ / وإن كانَ منهمْ مُعْذرٌ ومُلِيمُ
أَما يَشْتَفِي مني الزمانُ يَرُوعُني / وتُقْعِدني أرْزَاؤُهُ وَتُقيمُ
تَنَكّرَ أحبابٌ وبانتْ حبائبٌ / وَلجّتْ أعادٍ بيننا وخُصُوم
وأطْلَعت الأيامُ شيباً بِمَفْرقي / روائِعُ تَلْحى في الصِّبا وتَلُوم
نجومٌ تراءتْ لي فأَيْقَنْتُ أَنّني / سقيمٌ وأنَّ الودَّ منك سقيم
وقالت كفى بالشيبِ للمرءِ حكمةً / فقلتُ وَيَهْوى المرءُ وَهْوَ حكيم
خليليَّ لي عند ابن حمدينَ حاجةٌ / فهل لي بها إلا هواهُ زعيم
ألكِني إليهِ بالسلامِ فإنّهُ / رؤُوفٌ بأَبناءِ الكرامِ رحيمُ
وأَهْدِ إليهِ من ثَنَائي مَفاخراً / لهَ هِمَمٌ في صَونِها وهُموم
هُوَ الغَيْثُ أو فالغيثُ منهُ سَميُّهُ / نَهَشُّ إليه الهُضْبُ وهي وُجُوم
من التغلبيين الأولى وَسِعوا العُلا / إذا بَعِلتْ قيسٌ بها وتميم
بَنُو الحرب أو آباؤُها لم تَزلْ لَهُمْ / عليها ومنهمْ حُرْمَةٌ وَحَريم
بهاليلُ غُلْبٌ لم تُسلَّ سُيُوفُهُمْ / فَتُغْمَدَ إلا والزمانُ لحيم
تَدَفَّقْت دونَ الدينِ بحر منيّةٍ / تموجُ على أعدائِهِ وَتحوم
جميعُ أمورِ الناسِ في كلِّ مَوْقِفٍ / به الليلُ نقْعٌ والرّماحُ نجوم
وقمتَ بِحلِّ المسلمينَ وعَقْدِهِمْ / وَمِثْلُكَ في أمْثَال تلكَ يقوم
فعِثتَ بأبكارِ الخطُوبِ وعُوْنِها / كما هزَّ أعطافَ الغصونِ نسيم
وأطْلَعْتَ من تلكَ العزائمِ كوكباً / أنارَ وشيطانُ النِّفاق رجيم
وقد كانَ ليلاً طبَّقَ الأرضَ والتقتْ / سُهوبٌ على أرْجائِهِ وحُزومُ
فلم يعتكرْ إلا كلا ثم راعَهُ / صباحٌ على عِطْفَيْهِ منهُ وشوم
وإن يكُ يا دارَ الخلافةِ جَنةً / فبُشْرَاكِ هاتا نَضْرَةٌ وَنَعِيم
حَمَى حَوْزَة الإسلامِ فيكِ مُحمَّدٌ / بأَحْمَدِ عيش كان وهو ذميم
من القومِ معسولُ الشَّمائِلِ واضحٌ / وفي الحرب شَشْنُ الساعدينِ شَتِيم
ونعمَ فَتى الهيجا ابنُهُ لا مُواكِلٌ / أَلَفُّ ولا رثُّ السّلاحِ سَؤوم
يَصُولُ بهِ الخطيُّ أرْوَعَ باسلاً / له الشُّهبُ رهطٌ والصَّباحُ أرومُ
تَسامى إلى العلياءِ من كلّ جانبٍ / على كلّ حالٍ والعظيمُ عظيم
يداهُ بها مَرْجُوةٌ أو مَخافَةٌ / ورِيحَاه فيها لاقحٌ وعقِيم
أيُنكِرَ أهْلُ العلم أنّكَ رَوْضَةٌ / يُسِيمونَ فيها والبلادُ هشيِيم
وأنك روحٌ للأنامِ وَرَحْمَةٌ / وأنّكَ كَهْفٌ للعُلا وَرَقيم
أتُوبُ إليكَ اليومَ لستُ بشاعرٍ / وإن كنتُ في وادي الكلامِ أهِيم
ولكنها جَلَّتْ وفي النفسِ حاجَةٌ / عليَّ ديونٌ والوفاء غريم
وإلا يكنْ عندي كلام أُجِيدهُ / وأنت خبِيرٌ بالكَلامِ عليم
فإنَّ وِدَادي وانقطاعي وغُربتي / وأجري وبعضُ القائلينَ أَثيم
هنيئاً لك العيدُ الذي قد جَلَوْتَهُ / أغرَّ وإنْ وافاكَ وهو بهيم
طَوَى الأرضَ والأيامَ نحوكَ يَرْتمي / به عَنَقٌ لا ينقضِي وَرَسيم
نَحَرْتَ بهِ الكفَّارَ في كلِّ مَنْحَرٍ / إذا نُحِرَتْ بُزْلٌ هناكَ وكُومُ
إليكَ قوافي الشّعْرِ أَما ذمامها / فَنَثرٌ وأَما حُسنُها فنظيم
من الكِلمِ اللائي صَدَعْتُ بها الدجى / فأَصبحَ منها الدهرُ وهْوَ كليم
أرَجّمُ فيكَ الظنَّ كلَّ مُرَجَّم
أرَجّمُ فيكَ الظنَّ كلَّ مُرَجَّم / وحاشاكَ لم أرْتَبْ ولم أتَنَدَّم
وعِنْدِي من الودِّ الذي ما انتحى له / سُلُوٌّ ولا أوْدى به لَوْمُ لُوّم
ذكرتُك ذكرَ النازحِ الدار دارَهُ / بحيثُ هواهُ من سحيلٍ ومُبْرَمِ
وأنت بنيتَ المجدَ بالبأسِ والنّدى / وقد هدموه في لبُوسٍ ومطعَمِ
إذا ضلَّ طُلاّبُ المكارمِ سُبْلَها / فأنتَ لها أهدى من اليد للفم
بأيِّ لسانٍ يدعي معَكَ العلا / أخو الجَهْدِ لم يكْرُمْ ولم يتكرَّم
تَوَهّمَ أن البدرَ حيثُ سرى له / فأمَّل يَعْلُوهُ بأقْصرِ سُلّم
على رِسْلِهِ حتى يُرى بينَ أرْبع / تصُدُّ عن العليا بها كلَّ مُحْرم
تَلأْلؤَ دريٍّ وغفضالَ ديمةٍ / وهيبةَ هنديٍّ وإقبالَ ضَيغم
أبا قاسمٍ خُذها عتابَ تَذُّللٍ / وَرُبَّتمَا كانتء عتابَ تَبَرُّم
أَنمْضي الليالي لا تُقضّي مآري / ولو شفّني همّي بها وَتَهمُّمي
غنيتُ بما أعْطِيْتُ عما حُرِمْتُهُ / فالاً أكن مُثْرٍ فلستُ بِمُعْدَم
وأنْكَرتُ ما لاقيتُ ثم عَرَفتُهُ / إذا كان ما لا بدَّ منه فسلّم
ولم أتحدَّثْ بالتي لا أنالُهَا / ومن يَتَعَلَّقْ بالأباطيلِ يُسْلَم
وما تَطْلُبُ الأيّامُ منّي وإنما / أنا المشرفيُّ المُنتَضى في يدِ الكمي
بعَيشِكَ سَلْها كيف كنتُ وقد جَلَتْ / عليَّ الرزايا بين بِكْرٍ وأيِّمِ
وقد وَأبيها مُيّزَتْ حقَّ مَيْزِهَا / فسلنيَ عنها غيرَ عيٍّ ولا عمي
رأيتُ الغِنَى وَقْفاً على كلِّ جاهلٍ / فيا عينَ ذي الجهلِ انْعَمي ثُمّتَ انْعَمي
أبَا قاسمٍ هاكَ الثَّنَاءَ وَإنما / هُوَ الشّوْقُ أرْمِيهِ إليكَ وَيَرْتَمي
تَأهّبَ لي صَرْفُ الزَّمَانِ بِزَعْمِهِ / لقد جُنَّ حتَّى ظنَّ أنّكَ مُسْلمي
أعِدْ نَظْرَةً في صَادقِ الودِّ غَضّهِ / يُواليك إلظَاظَ الحجيجِ بزمزم
تَيَمّمَ حتى عَايَنَ الماءَ مُطْلَقاُ / فهل تُجْزِيَنْ عَنْهُ صَلاة التيمم
أجِدَّكَ لم تَعْجَبْ لجدْبِ مَسَارحي / بحيثُ رأيتُ الرَّوْضَ رَطْبَ التنمنم
وكم نطفة منْ ماءِ وجهي أرَقْتُها / بودّيَ لو أنّي أرَقْتُ لها دمي
وما لمتُ نفسي يومَ جئْتُكَ مادحاً / ولكنّهُ مَنْ يَحْرِمِ اللهُ يُحْرَمِ
أأكسِرُ قوْسِي بعدَ عِلمي بأَنَني / رميتُ فما أخْطَيْتُ شاكلةَ الرَّمي
فؤادٌ على حُكمِ الهوى لا على حُكْمي
فؤادٌ على حُكمِ الهوى لا على حُكْمي / بهيمُ على إثرِ البخيلةِ أو يهمي
متى أشْتَفي من لوعتي وأطيقُها / إذا كان بجنيها فؤادي على جسمي
هنيئاً لسلمى فرطَ شوقي وأنني / ذكرتُ اسمَهَا يومَ النّوى ونسيتُ اسمي
غَداةَ وقفنا بقْسِمُ الشوقُ بيننا / على ما اشترطْنا وارتضتْ سُنّة القسْم
وقد أطْلَعَتْ تلك الهوادجُ أنجماً / تركنَ جفوني في الكرى أُسْوَةَ النجم
فأبْتُ بدمعي لؤلؤاً فوق نَحْرِها / وآبتْ بما في مُقْلَتَيْها من السُّقْم
خليليَّ هل بَعْدَ المشيبِ تَعِلَّةٌ / لذي الجهلِ أو في الحبِّ شُغْل لذي حلم
وهل راجِعٌ عيشٌ لبسناه آنفاً / كيوم يزيدٍ في بيوت بني جَرْم
وهل لي حظٌّ من مُوَاتاةِ صاحبٍ / له قُدْرةُ القاضي وَمَوْجدَةُ الخَصْم
بدتْ رِقّةَ الشَّكوى على حركاتِهِ / ورابَتْكَ في أَعْطافِهِ قَسْوَةُ الظلم
كما اضَّطرَبَ الخطّيُّ في حَوْمَةِ الوَغى / وَصُمُّ المنايا في أنابِيبِهِ الصُمِّ
رَمَاني على فَوْتِ الشبابِ وإنما / تَعَرَّضَ لي لما رآنيَ لا أرْمي
ولم يَدْرِ أنّي لو أشاءُ حَمَلْتُهُ / على رِسْلِهِ إنَّ الحِمَالَةَ كالسَّهم
وَوكَّلَ عيْنَيهِ بإتلافِ مُهْجَتي / سَيَعْلَمُ إن لم يَسْتَجِرْ بي من الغُرْم
أبا جعفرٍ هذي المكارمُ والعُلا / دعاءً بحقٍّ وادعاءً على عِلم
أرى النّاسَ قد باعوا المروَّاتِ فاشْترِ / وقد ضَيَّعُوا ما كانَ منْ حَسَبٍ جمّ
وأنت أحق الناس بالحزم فأته / وصوف العلا بالمال أشبه بالحزم
وأنتَ بعيدُ الهمِّ مقترِبُ الجدا / كريمُ السَّجايا ماجدُ الخال والعم
أبيٌّ إذا لم يدفعِ الضيمَ دافعٌ / بغيرِ حديث الإفكِ والحَلِفِ الإثم
وأكْرَمُ مَنْ يُرْجى لدفعِ مُلِمّةٍ / إذا الطّفْلُ لم يسْكُنْ إلى لُطُفِ الأمّ
وأهْفى بأَلْبَابِ الرِّجالِ من الهَوى / وأخْفَى وراءَ الحادثاتِ من الوهم
وأحْمَى لحوْزَاتِ المعالي منَ الرَّدى / وأسْخى بآمال النُّفُوسِ منَ الحِلم
وذو عَزَمات لو يُساوي بها الرُّبى / لطأطأَها بينَ المذلَّةِ والرُّغْم
تَكَرَّمْتَ عما فيه أدنى غَضاضةٍ / على خُلُقٍ ضاهَتْكَ فيه ابنةُ الكرم
ولم أرَ أحْيَا منك وجهاً ولا يداً / إذا استأثرَ الحرُّ المرَهَّقُ بالطُّعْم
وأصْبَرَ في ظلماءِ كلِّ كريهةٍ / بحيثُ يكونُ الصبر أفرجَ للغمِّ
إذا الخيلُ عامتْ في النجيعِ وأُلْجِمَتْ / بِسُمْر العوالي وهي تَطغَى على اللجم
فلم ترَ إلا عاثراً بدمائه / يحاذر كلماً أو يُدَافِع عن كلم
ولا حصنَ إلا السيفُ في يدِ ماجدٍ / يرى الموتَ دونَ المجدِ غُنْماً من الغُنْم
هنالك حدِّث عن أُبَيَّ وجعفر / وعبد المليك الشمِّ في الرُّتَب الشم
تَسَمّيْتَ بالفضلِ الذي أنتَ أهْلُهُ / ومعناهُ والمذمومُ أجدرُ بالذمّ
وَأُلْبِسْتَ مِنْ وَشْيِ الوزارةِ حُلّةً / تقومُ لها تلكَ المآثرُ بالرقم
وَتَنْميك من سَعْدِ العشيرةِ أُسْرَةٌ / هل الفخرُ إلا ما نَمَتْهُ وما تَنْمي
بهاليلُ أبطالٌ جحاجحُ سادةٌ / كأُسْدِ الشّرى في الحرب كالمُزْنِ في السلم
إذا ركبوا الجُرْدَ الجيادَ إلى الوغى / رأيتَ الأسودَ الضارياتِ على العُصْم
سَيأتيكَ شعري ذاهباً كلَّ مَذْهَبٍ / على شَهِمٍ منْ خُطّةٍ أو على سَهْم
جزاءً بِنَعْماكَ الجزيلة إنني / تَكَرَّمْتُ عن شَيْنِ الصَّنيعةِ بالكتم
وكم لكَ عندي من يدٍ مَلأَتْ يدي / ومنْ نعمةٍ أَوْلى بشعريَ من نُعم
هنِيئاً لك العيدُ الذي أنت عيدُهُ / وعيدٌ لما حاكوا من النثر والنظم
نأى الحجرُ الملثوم فيه فأَحْظِني / بيمناكَ واجعلْ لي سبيلاً إلى اللثم
نسيم الصَّبا لا كنتَ رَوْحاً ولا سَمَتْ
نسيم الصَّبا لا كنتَ رَوْحاً ولا سَمَتْ / لك المُزْنُ إلا وَهْيَ هِيمٌ حوائمُ
ولا استودعَتْكَ الروضُ طيباً وإن سقتْ / رسيسَ الهوى المكتومِ تلك النمائم
كما لم تبلّغْ عن أخيكَ وقد قضتْ / له حُرُماتٌ جمَّةٌ ومحارمُ
لعلَّكَ إذ خِلْناك أخللتَ صمَّمت / إليك الظُّبَا أو أوْثَقَتْكَ الأداهم
وإلا فقد ضاعتْ حقوقٌ وأخفقت / وسائل وانهدَّتْ بُنَىً ودعائمُ
فحسبُكَ لا تسْتَنْكِرِ العُذْرَ بَعْدَها / وإن يَكُ بَغْياً فهو لا شَكَّ لازمُ
ونبّئْتُ عَمْراً ساد لخمَ بأَسرِها
ونبّئْتُ عَمْراً ساد لخمَ بأَسرِها / فقلتُ لهم إيهٍ وإن رَغِمَتْ لخمُ
فتاها الذي سنَّى لها البأسَ والنَّدى / وسوَّدَهُ فيها وفي غيرها الحِلم
وَمِدْرَهُها في كلِّ حقٍّ وباطلٍ / إذا لم يكنْ إلا الحسامَ له خَصمُ
وفارسُ هَيْجاها وجامعُ أمرها / إذا هزَّها غُنْمٌ وأثْقَلَها غُرْمُ
له صفتا بأسٍ وجودٍ تلاقتا / عليه وإن قالوا هما لقْبٌ واسْمُ
نَمَتْهُ بنو ماءِ السماءِ وربّما / أنافَ بعلياها سرادِقُها الضخم
بنو كلِّ مشهور المقام كأنما / على وجْهِهِ منْ حُسْن أفْعَالهِ وسم
تسيلُ على أرماحهِ نفسُ قِرْنِهِ / ولو أن بهرامَ النجومِ له جسم
ويجري على أقلامه حكم هذه / إذا شاءَ يوْماً أن يجوزَ له حكم
عُلاً حلَّ إبراهيمُ من هَباتها / بحيثُ التقى من صَدْرِكَ العزْم والحزم
ودافعَ حجاجٌ وعمرو وأحمدٌ / كواكبُ مَنْ يسْري وأطوادُ من يَسْمو
نجومُ سماءِ المُلْكِ أطواد أرْضِهِ / إذا لم يُنِفْ طودٌ ولمَّا يسِرْ نجم
ملوكٌ بنوا بالمرهفاتِ قِبابَهُم / فزاحمتِ الجوزاءَ أركانُها الشم
قبابٌ حواليها المكارمُ والعُلا / وضرْبُ الهوادي والزَّعامة والرغم
أبا حكم قد أكثبَ الدهر فارْمِهِ / فإنك رامٍ لا يطيشُ له سهم