القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 15
هو الدينُ ما في الدينِ غُنمٌ ولا غُرمُ
هو الدينُ ما في الدينِ غُنمٌ ولا غُرمُ / هو المغنمُ الوافي هو المقتنى الضَّخمُ
أتى القومُ يبغونَ القتالَ لمأربٍ / وعند رسولِ اللهِ من أمرهم عِلمُ
فقال ارجعوا لا تجعلوا المالَ هَمَّكم / ولا تجهلوا إنَّ الجهادَ هو الهمُّ
فمن جاءنا يبغي مَغانِمَ خَيبرٍ / فليس له فيها نَصيبٌ ولا سَهمُ
هو الدينُ دِينُ اللَّهِ يا قوم خالصاً / فإنْ تُلحدوا فيهِ فذلكم الظُّلمُ
ألم أدْعُكُمْ من قبلُ فانصرفتْ بكم / عن اللَّهِ دُنيا الناسِ وانتقضَ العَزمُ
عَمِيتُمْ عن المُثلى وأقبلَ مَعشرٌ / مَناجِيدُ لا عُمْيُ القلوبِ ولا صُمُّ
رَمَوْا في صُدورِ المبطلينَ وجاهدوا / لِنُصرةِ رَبٍّ حَقُّه وَاجِبٌ حَتْمُ
أولئكَ أوفى النّاسِ قِسْماً وخيرُهم / جَزاءً فعودوا لا جَزاءٌ ولا قِسْمُ
هُوَ الدَّمُ والحقُّ المحتَّمُ فاعلموا / وللهِ ما يَقضِي له الأمرُ والحُكمُ
إلى اللَّهِ فارْغَبْ يا عَديَّ بن حاتمِ
إلى اللَّهِ فارْغَبْ يا عَديَّ بن حاتمِ / وَدَعْ دِينَ مَن يبغِي العَمى غيرَ نَادِمِ
إلى اللهِ فارغب وَاتَّبِعْ دِينَهُ الذي / يدينُ به المبعوثُ من آلِ هاشِمِ
خرجتَ حَذَارَ القتلِ من آل طيّئٍ / وما أنتَ من بَلوى القَتيلِ بسالمِ
كفَى النَّفسَ قَتلاً أن تَضِلَّ حَياتُها / وتذهبُ حَيْرَى في مَدَبِّ الأراقِم
أما ضِقْتَ ذَرعاً إذ علمتَ من العمى / مكانَك أم أنت امرؤٌ غيرُ عالم
عَدِيُّ اسْتَمِعْ أنباءَ أُختِكَ واسْتَعِنْ / برأيٍ يُجَلِّي ظُلمَةَ الشَّكِّ حَازِمِ
صَغَا قلبُه فاختارها خُطّةً هُدىً / تُجنِّبُ مَن يَختارُها كُلَّ لائِمِ
وسارت مَطاياهُ تَؤُمُّ مُحمّداً / وِضَاءَ الحوايا والخُطَى والمناسِمِ
فَأنزلَهُ في دارِهِ وأحلَّهُ / مَحلاً تَمنَّى مِثلَهُ كلُّ قادمِ
وقال له إنّي لأعلمُ بالذي / تَدِينُ بهِ فَاشْهَدْ تَكُنْ غيرَ آثِمِ
ألم تأخذ المرباعَ وَهْوَ مُحرَّمٌ / كدأبِ الأُلى سَنُّوه من كلِّ ظالم
فقال بَلَى إنّي إلى اللَّهِ تائبٌ / وإنّي رأيتُ الحقَّ ضربةَ لازِم
لأنتَ رسولُ اللَّهِ ما فيك مِرْيةٌ / لِمن يَمترِي والحقُّ بادِي المعالِمِ
تداركتُ بالإسلامِ نَفْسِي فأصبحَتْ / بعافيةٍ من دَائِها المُتفاقِمِ
هُو العِصمةُ الكبرى إذا لم تَفُزْ بها / نُفوسُ البرايا خَانَها كلُّ عاصِمِ
تأمَّلْ عَديٌّ ما يَقولُ محمدٌ / وَنَبِّهْ مِنَ القومِ العِدَى كلَّ نائمِ
سَيبسطُ دِينُ اللهِ في الأرضِ ظِلَّهُ / ويحكمُ من ساداتِها كُلَّ حاكم
وسوف يَفيضُ المالُ في كلِّ موطنٍ / وأرضٍ فما من آخذٍ أو مُزاحمِ
وتخرجُ ذاتُ الخِدْرِ ما إن تَروعُها / إساءةُ جانٍ أو مَضرّةُ جَارِمِ
فتُقبِلُ من بَصرى إلى البيتِ مالها / على الضَّعفِ والٍ من حُماةِ المَحارِمِ
هو اللَّهُ فاعْرِفْ يا عديُّ سَبيلَهُ / وَدَعْ خطراتِ الوهمِ من كلِّ واهمِ
هُنا يا سَراةَ الأَزْدِ حُطُّوا رِحالَكُمْ
هُنا يا سَراةَ الأَزْدِ حُطُّوا رِحالَكُمْ / فما أطيبَ المثوَى وما أشرفَ الحِمَى
هنا البِرُّ والتَّقوى هُنا الخيرُ كُلُّه / لِمَنْ كانَ يرجو أن يفوزَ وَيغنما
هُنا المنزلُ الميمونُ ما من مُوَفَّقٍ / يُريدُ سِواهُ مَنزلاً أو مُخَيَّما
أجِلْ يا ابنَ عبدِ اللهِ عينَيْكَ واقْتَبِسْ / مِنَ النُّورِ ما يَجلو الغياهِبَ عنهما
تبيَّنْ هَداكَ الله إنّك ناظرٌ / أجلَّ بني الدُّنيا جميعاً وأعظما
هَداكم به رَبٌّ تَدراكَ خَلْقَهُ / فجادَ به نُوراً مُبيناً وأنْعَما
وولاكَ أمرَ القومِ تمضِي مُجاهداً / بهم مَنْ يَلِيهم من رجالٍ ذَوِي عَمَى
شَكَتْ جَرَشٌ طولَ الحِصَارِ وما اشْتَكَتْ / لكم هِمَمٌ يرمِي بها اللَّهُ مَن رَمَى
رجعتم تُريدونَ المكيدةَ فَاعْتَرى / أذى الوهمِ من عُمَّارِها من تَوهّما
رأى شَكَرٌ من خطبِهم وبلائِكُمْ / مشاهِدَ هَزَّتْهُ فحيَّا وسَلّما
أكنتم كما ظنّوا تخافونَ بأسَهُمْ / ألم يَكْفِهِمْ أن يُضحِكوا السَّيْفَ والدَّما
هُمُ البُدْنُ بُدْنُ اللهِ ضَلَّتْ فمالها / سِوَى النَّحرِ تَلْقاهُ قضاءً مُحَتَّما
كذلك قال الصادِقُ البَرُّ إنّه / لَيُلْقِي الذي يُلْقِي من القولِ مُلْهمَا
أكانَ حديثاً للرسولَيْنِ ساقه / لقومهما أم كان جَيْشاً عَرَمْرما
هُما نبّآهم فَارْعَوَوْا عن ضلالِهم / وقالوا رسولٌ جاءَ بالدِّينِ قيِّما
وأصبح نورُ اللهِ مِلءَ ديارِهم / يُضِيءُ لهم ما كانَ من قبلُ مُظْلِما
ثَقِيفُ اجْمَعِي للَّاتِ ما شِئتِ من عَزْمِ
ثَقِيفُ اجْمَعِي للَّاتِ ما شِئتِ من عَزْمِ / ولا تُسلِميها للمعاولِ والهَدْمِ
أتاها أبو سُفيانَ يرمِي كِيانَها / بخطبٍ يَزيدُ الكُفرَ رغماً على رَغْمِ
وإنّ لها عِندَ المُغيرةِ هِمّةً / تَبيتُ لها الكُفّارُ صَرْعَى من الهَمِّ
علاها بنعليهِ وألقى بنفسِهِ / يُخادِعُ مَن لا يستفيقُ منَ الوَهْمِ
ظَننتُمْ به شرّاً وقلتم أصابَهُ / من اللّاتِ ما يَنْهَى الغَوِيَّ عن الإثمِ
ألا فانظروها كيف أضْحت صخُورُها / تَطيرُ فُضاضاً من صِلابٍ ومن صُمِّ
تُهَدُّ وتبكيها العقائلُ حُسَّراً / فهل عندها بالمأتمِ الضخمِ من عِلْمِ
وهل منعتْ أَسلابَها إذ أصابَها / رَسولُ هُدىً يَزدادُ غُنماً على غُنْمِ
له من دمِ الكُفّارِ ما شاءَ ربُّه / ومن مالهم في غيرِ بَغْيٍ ولا ظُلْمِ
هُم البغيُ والظُّلمُ المُذَمَّمُ والأذَى / وما ثمَّ من عيبٍ شنيعٍ ومن ذمِّ
عَلتْ قُبَّةُ الإسلامِ واعتزَّ جندُه / فَمِن شَرَفٍ وافٍ ومن سُؤْددٍ جَمِّ
هو الدينُ لا دِينُ الجهَالةِ والعَمى / وهل يستحِبُّ الجهلَ من كان ذا حِلْمِ
قَضى اللّهُ ألا يَعبدَ الناسُ غيرَهْ / فما لسِواهُ من قضاءٍ ولا حُكمِ
وليس له غيرُ الذي عاب دينَهُ / وأعرضَ عنه من عدوٍّ ولا خَصْمِ
سَيُصلِيهِ ناراً يُنضِجُ الجلدَ حَرُّها / ويَذهبُ يومَ الدّينِ باللّحمِ والعظمِ
إِلامَ تَجُنُّ الحادِثاتُ وَتَظلمُ
إِلامَ تَجُنُّ الحادِثاتُ وَتَظلمُ / وَحَتّى مَتى تَبغي العِداةُ وَتظلُمُ
حَملنا مِن الأَيّامِ ما لا يَطيقه / أَبانٌ وَلا يَقوى عَلَيهِ يَلملمُ
نَوائِبٌ تَتلوها إِلَينا نَوائبٌ / صِعابٌ تَهدُّ الراسياتِ وَتهدمُ
إِذا نَحنُ قُلنا قَد تولّت غُيومُها / تَوالَت عَلَينا تَرجَحِنُّ وَتسجمُ
ظَللنا لَها ما بَين باكٍ دُموعُهُ / تَسيلُ وَشاكٍ قَلبُهُ يَتَضرَّمُ
جَزى اللَهُ ما يَجزي المُسِيئينَ مَعشراً / تَمادَت بِنا شَكوى الإِساءَةِ مِنهُمُ
أَتوا مِصرَ ضَيفاناً أَطلنا قِراهمو / وَإِكرامهم وَالحرُّ للضّيفِ يُكرِمُ
فَما بَرحوا يَأتون كُلَّ عَظيمَةٍ / فَنُغضي وَيَأبون الجَميلَ فَنحلُمُ
أَهَذا جَزاءُ المُحسِنينَ وَفوا بِهِ / فَيا بئسما يَجزي اللَئيمُ المُذَمَّمُ
بذلنا لَهُم أَرياً وَجاءوا بعلقمٍ / وَهَل يَستوي الضدّانِ أَريٌ وَعَلقَمُ
نَقيضان هَذا مرّ في الذَوق مطعماً / فَمُجَّ وَهَذا قَد حَلا مِنهُ مَطعَمُ
لِئامٌ لَقوا مِنّا كِراماً لَقوهمو / بِأَحلام عادٍ يلأمون وَنكرُمُ
همو زعموا أَنّا ضِعافٌ فَضاعفوا / أَذانا وَكَم مِن مُخطئٍ حينَ يَزعمُ
يَزيدُ الأَذى مِنهُم فَيزدادُ حِلمنا / وَيعظم وَقعُ الخَطبِ فينا فَنعظمُ
وَجاروا وَماروا وَاعتدوا وَتمرّدوا / وَجالوا وَصالوا وَازدروا وَتهضَّموا
وَعادوا وَكادوا وَاستبدُّوا وَعاندوا / وَخانوا وَمانوا واستطالوا وَأَجرَموا
وَلم يَتركوا شَيئاً لَنا مِن بلادنا / نَلذُّ بِهِ بين الأَنامِ وَننعمُ
نعم تَركوا آلامَ حُزنٍ مُبرِّحٍ / بِها كُلُّ قَلبٍ مِن بَني مِصرَ مُفعَمُ
كَفى حَزَناً أَنّا نَرى مِصرَ أَصبَحت / بِعَينِ بَنيها وَهيَ نَهبٌ مُقَسَّمُ
تُناديهمو كي يُدركوها وَلا أَرى / سِوى مُحجِمٍ يَعتاقُ ساقَيهِ محجِمُ
بَني مِصرَ هُبّوا قَد تَطاوَلَ نَومُكم / أَأَنتُم مَدى الآمادِ عَن مَصر نُوَّمُ
بَني مصرَ هيّا قَد تَمادى جُثومُكم / أَأَنتم إِلى يَوم القِيامَةِ جُثَّمُ
بَني مَصر هَذِي مصرُ تَبكي مُصابَها / أَلا مُشفِقٌ يَحنو عَلَيها وَيرحمُ
بني مصرَ هذي مصرُ قَد ساءَ حالُها / وَأَسوأ حالاً لَو تُفيقونَ أَنتمُ
بَني مصرَ قَد أَوردتمو مصرَ مورداً / يُذيقُ الرَدى وُرّادَه لَو عَلِمتمُ
أَسأتم إِلَيها جاهِدينَ وَأَنتمو / بَنوها فهلّا للعِداةِ أَسأتمُ
فَيا لَيتَها مِن قبلُ كانَت عَقيمةً / وَيا لَيتَها في مُقبلِ الدَهرِ تَعقُمُ
فَما ثاكِلٌ شَمطاءٌ أَمسى وَحيدُها / تخَرَّمهُ صَرفُ الرَدى المتخرِّمُ
رَهينَ بِلىً قَد حَلَّ في جَوف حُفرَةٍ / يُسَدُّ عَلَيها بِالرجام وَيُردَمُ
تَولَّت بِقَلبٍ مُوجعٍ لفراقِهِ / تَشقُّ عَلَيهِ الجَيبَ حُزناً وَتلطمُ
يُقرِّحُ جفنَيها لطولِ بُكائها / دُموعٌ سَخيناتٌ يُعندِمُها دَمُ
بِأَعظَم مِن مَصرَ اِكتِئاباً وَحسرَةً / وَقَد زالَ عَنها عِزُّها المُتصرِّمُ
لَقَد هَرِمت مصرٌ وَنزعَمُ أَنَّها / فَتاةٌ فَهَل أُدعى فَتىً حينَ أَهرَمُ
بَدا ظَهرُها بَعد الشَبابِ مُقوَّساً / وَقَد كانَ قَبل الشَيبِ وَهوَ مُقوَّمُ
وَلَو أَسفَرَت عَن وَجهِها لَبَدَت لَنا / حَقيقتُها لَكنّها تتلثُّمُ
إِذا حاوَلت مِصرٌ إِلى المجدِ نَهضَةً / أَبى ذاكَ عَظمٌ واهِنٌ مُتهشِّمُ
أَتلك فَتاةٌ يا بَني مِصرَ إِنَّكُم / تَوهّمتُمو هَذا فَخابَ التَوهُّمُ
وَفلّاحُ مصرٍ كَم تَوالَت مَصائِبٌ / عَلَيهِ تَلقّى شَرَّها وَهوَ مُرغَمُ
رَأى القُوتَ مِن هَمِّ الحَياةِ فَباعَهُ / يَخافُ أَذاهُم وَانثَنى يَتألَّمُ
لَهُ صِبيَةٌ خُمصُ البُطُونِ كَأَنَّهُم / جَوازِلُ وَكرٍ ما لَها فيهِ مُطعِمُ
وَبادية الثَديَينِ أَخلَقَ ثَوبُها / وَأَبلاهُ بَعد الحَولِ حَولٌ مُجرَّمُ
توجَّعُ تَبغِي بَعدَ عامَينِ غَيره / حِفاظاً على العَوراتِ وَالمرءُ مُعدِمُ
يقول لَها لا ترفعي الصَوتَ واجعَلي / لِباسَكِ حُسنَ الصَبرِ ما ثَمَّ دِرهَمُ
مَغارمُ شَتّى لا تَزالُ تُصِيبُني / إِذا مَغرمٌ مِنها انقَضى جاءَ مَغرَمُ
نُمارسُ أَنواع الشَقاءِ وَغيرُنا / بِما نَحن نَجنِي دُوننا يَتنعَّمُ
نَبيعُ بِبَخسٍ ما علمتِ وَنَشتري / مِن القَومَ لا بِالبخسِ ما نحنُ نُنجِمُ
فَلو أَنّ في مصرٍ مَصانِعَ لَم يَكُن / كَمغنمِ أَهليها عَلى الدَهرِ مَغنمُ
بِلادٌ يَفيضُ الخَيرُ فيها وَتشتَكي / وَشعبٌ يَفوزُ الأَجنبيُّ وَيُحرَمُ
أَلا لَيتَ هَذا الدَهرَ يَعكس سَيرَهُ / فَيَعتادُ مِصراً عَهدُها المتقدِّمُ
لَقَد كانَ عيداً لِلبلادِ وَموسِماً / تُسَرُّ بِهِ لَو دامَ عيدٌ وَمَوسِمُ
ترقَّت بُروجَ العزِّ فيهِ بَواذِخاً / لَها مِن صَميمِ العَزمِ وَالحَزمِ سُلَّمُ
أَتى بَعدهُ عَهدٌ وَعَهدٌ كلاهما / أَضرُّ وَأَنكى للبلادِ وَأَشأمُ
كَفى حَزَناً أَنّ المَدارِسَ أَصبَحَت / دَوارِسَ فيها لِلبَلى مُتخيَّمُ
أَرى أُمَّةً حَيرى يَظلُّ سَوادُها / صَريعَ العَمى وَالجَهلِ ما يَتعلَّمُ
أَلا مُصلحٌ يَبني الحَياةَ لِقَومِهِ / أَلا مُنقِذٌ يَحمي البِلادَ وَيَعصمُ
سَما مِن سَما بِالعلمِ وَاعتزَّ بِالحِجى / مَن اعتزَّ فينا وَالذين تقدَّموا
رَأَيتَ سَنامَ المَجدِ لا يَستطيعهُ / بِلا أَدَبٍ يَسمو بِهِ المُتَسنِّمُ
وَكَيفَ تَنالُ المَجدَ في الناسِ أُمَّةٌ / أَزِمَّتُها للإِنكليزِ تُسلَّمُ
أَنطمعُ كَالأَحياءِ في نَيلِ بُغيةٍ / وَأَعداؤُنا تَقضِي عَلينا وَتحكمُ
وَلَم أَرَ كَالسُودان أَبعَثَ لِلأَسى / وَإِن لجَّ في ترنامِهِ المترنِّمُ
أَكانوا عِداةً فَابتدرنا قِتالَهُم / وصاولهم منّا الخَميسُ العرمرمُ
دهمناهمو لا بل دهمنا نُفوسَنا / فهلّا علمنا أَيُّنا كان يُدهَمُ
سُيوفٌ لِغَير اللَهِ سُلَّت عَليهمو / تُطبِّقُ فيهم مَرَّةً وَتُصمِّمُ
تَمَنّى لَوَ اَنّ الحامليها تثلّمت / سَواعِدُها أَو أَنَّها تَتثلَّمُ
وَمُشتجِراتٌ في الصُدورِ نَوافذٌ / تَودُّ تُقىً لَو أَنَّها تَتَحطَّمُ
فَيا عَجَباً لِلدَهر كَيفَ يَضمُّنا / وَإِخوانَنا الأَدنين في الحَرب مَأزِمُ
أَلا حُرمةٌ وافى بِها الدّينُ تُتَّقى / أَلا رَحِمٌ أَوصى بِها اللَهُ تُرحَمُ
كَأنّي بِأَرواحٍ قَضَت شهداؤُها / تَسامى إِلى ديّانها تَتظلَّمُ
لعمري لَقد غِيظَت لِسوءِ صَنيعنا / مَلائِكَةُ الجبّارِ فَهيَ تُدمدِمُ
تجدَّلت الحامون مِنّا وَمنهمو / وحدّثتِ الناعون عَنّا وَعنهمُ
فَمَن لِنساءٍ قَد شَجاها التَأيُّمُ / وَمَن لِصغارٍ قَد دَهاها التيتُّمُ
يُهنِّئُنا قَومٌ بِهذا وَإِنَّما / يُهنّأُ مَن يَغزو العَدوَّ فَيغنَمُ
عَلام أَرى الغاوين تُسدِي وَتُلحِمُ / وَتنثرُ في مَدحِ العِداةِ وَتنظمُ
أَلا قاتل اللَهُ المقطَّمَ إِنَّهُ / لَيُوشِك أَن يندكَّ مِنهُ المقطَّمُ
نَودُّ لَهُ أَن يَهتدي مِن ضَلالهِ / فَيَأبى وَأَن يَحذو الكِرامَ فَيلأمُ
وَكَيفَ يَرى سُبلَ الهِدايَةِ مُبغضٌ / لَها مُستهامٌ بِالغِوايةِ مُغرَمُ
يَدُبُّ يَقولُ السُوءَ في مصر جاهِداً / كَما دَبّ لَيلاً يَنفثُّ السُمَّ أَرقَمُ
أَلم يَدرِ أَنّ الصدقَ أَهدى طَريقَةً / وَأَجدى وَأَنّ الحَقَّ أَقوى وَأَقوَمُ
تَمَنّى العِدى أَن تَستَبيحَ بِلادَنا / مُنىً دُونَها ذُو لبدتين غشمشمُ
شتيمٌ تَحامى الضارِياتُ عَرينَهُ / يُكشِّرُ عَن أَنيابِهِ وَيُصلقِمُ
مُنىً دُونَها غَيثُ البِلادِ وَغوثُها / مَليكُ الوَرى عَبدُ الحَميدِ المعظَّمُ
أَجلُّ المُلوكِ الصيدِ في الفَضلِ رُتبَةً / وَأَقوم رَأياً في الخطوب وَأَحزَمُ
لَهُ عَزَماتٌ ماضياتٌ متى تَرُمْ / مَراماً تَحاماها القَضاءُ المحتَّمُ
يَبِيتُ الدُجى يَرعى الرَعايا بفكرةٍ / حَكَت مِنهُ طَرفاً كالئاً ما يُهوِّمُ
هوَ المُرتَجى لِلمُلكِ يَحمِي ذِمارَهُ / وَيَدحرُ عَنهُ المُعتَدين وَيَدحَمُ
وَرَأيٍ لَهُ أَمضى غِراراً وَمضرباً / مِن السَيفِ لا يَنبو وَلا هوَ يَكهَمُ
تُغَضُّ بِهِ هامُ الأَعادي إِذا عتت / وَتُجذَمُ أَسبابُ العَوادي وَتُخذَمُ
أَمَولاي رُحماك الَّتي أَنتَ أَهلُها / فَحتّى مَتى نُبدي الشَكايا وَنكتمُ
يُصرّحُ بِالشَكوى لِعُلياك معشرٌ / وَيَخشى الأَعادي معشرٌ فَيُجَمجِمُ
أَمضّت جراحاتُ الخُطوبِ قُلوبَنا / وَلَيسَ لَها في غَير كَفَّيكَ مَرهَمُ
أما للشياطين الَّتي قَد تَمرَّدت / بِأَرضك شُهبٌ مِن سَمائِكَ رُجَّمُ
غِياثَكَ يا رَبَّ البِلادِ لأمةٍ / يُهدَّمُ عالي مجدِها وَيُهضَّمُ
غِياثَكَ إِنّا قَد سئمنا حَياتَنا / وَمِثلُ حَياةِ الحُرِّ في مِصرَ تُسأَمُ
غِياثَكَ قَد ضاقَ الخِناقُ وَحَشرَجَت / نُفوسٌ إِذا استبقيتها تتلوَّمُ
بَقيتَ لِهَذا الملكِ تَدفَعُ دُونه / وَتَمنعُ أَمرَ المُسلمين وَتعصمُ
وَلا زلت يا رُوحَ الخِلافَةِ سالِماً / فَأَمنيَّةُ الإِسلامِ أَنّك تسلمُ
وَلا بَرحَ البَيتُ الَّذي أَنتَ شائِدٌ / مِن المَجدِ فينا وَهوَ بَيتٌ مُحرَّمُ
أَغرَّكِ يا أَسماءُ ما ظنَّ قاسمُ
أَغرَّكِ يا أَسماءُ ما ظنَّ قاسمُ / أَقيمي وَراءَ الخِدرِ فَالمرءُ واهمُ
ذكرتُكِ إِنّي إِن تجَلّت غَيابتي / عَلى ما نَمى مِن ذكركِ اليَومَ نادمُ
تَضِيقينَ ذرعاً بِالحِجابِ وَما بِهِ / سِوى ما جَنَت تِلكَ الرُؤَى وَالمَزاعمُ
سَلامٌ عَلى الأَخلاقِ في الشَرقِ كلِّه / إِذا ما اِستُبيحَت في الخُدورِ الكَرائِمُ
أَقاسمُ لا تَقذِف بِجيشكَ تَبتَغي / بِقَومِكَ وَالإِسلامِ ما اللَهُ عالمُ
لَنا من بِناءِ الأَوّلينَ بَقِيَّةٌ / تَلُوذُ بِها أَعراضُنا وَالمحارمُ
أُسائِلُ نَفسي إِذ دلفتَ تُريدُها / أَأَنتَ مِن البانينَ أَم أَنتَ هادمُ
وَلَولا اللَواتي أَنتَ تَبكي مُصابَها / لَما قامَ لِلأَخلاقِ في مِصرَ قائِمُ
نَبذتَ إِلَينا بِالكِتابِ كَأَنَّما / صَحائِفُه مَمّا حَمَلنَ مَلاحمُ
فَفي كُلِّ سَطرٍ مِنهُ حَتفٌ مُفاجئٌ / وَفي كُلِّ حَرفٍ مِنهُ جَيشٌ مُهاجِمُ
حَنانَك إِنّ الأَمرَ قَد جاوزَ المَدى / وَلَم يَبقَ في الدُنيا لِقَومِكَ راحمُ
أَحاطَت بِنا الأُسدُ المُغِيرَةُ جَهرَةً / وَدبَّت إِلَينا في الظَلامِ الأَراقمُ
وَأَبرَحُ ما يَجني العَدُوُّ إِذا رَمى / كَأَهون ما يَجني الصديقُ المُسالمُ
لَنا في كِتاب اللَهِ مَجدٌ مُؤَثَّلٌ / وَمُلكٌ عَلى الحدثانِ وَالدَهر دائِمُ
إِذا نَحنُ شِئنا زَلزلَ الأَرضَ بَأسُنا / وَدانَت لَنا أَقطارُها وَالعَواصمُ
نَصولُ فَنجتاحُ الشُعوبَ وَننثني / بِأَيماننا أَسلابُها وَالغَنائمُ
قَضَينا المَدى صَرعى تَخورُ نُفوسُنا / وَتَخذِلُنا في الناهضينَ العَزائِمُ
فَلم يَكُ إِلّا أَن أَحيط بِملكنا / وَلَم يَك إِلّا أن دَهتنا العَظائِمُ
تَداعَت شُعوبُ الأَرضِ تَسعى لِشأنها / وَغُودِرَ شَعبٌ في الكِنانَةِ نائِمُ
هَمَمنا بربّاتِ الحِجالِ نُريدُها / أَقاطيعَ تَرعى العَيشَ وَهيَ سَوائِمُ
وَإِن امرأً يُلقِي بِلَيلٍ نِعاجَهُ / إِلى حَيثُ تستنُّ الذئابُ لَظالمُ
وَكُلُّ حَياةٍ تَثلِمُ العرضَ سُبّةٌ / وَلا كَحياةٍ جَلَّلتها المَآثمُ
أَتأتِي الثَنايا الغُرُّ وَالطُرَرُ العُلى / بِما عَجزت عَنهُ اللِحى وَالعَمائمُ
عَفا اللَهُ عَن قَومٍ تَمادَت ظُنونُهم / فَلا النَهجُ مَأمونٌ وَلا الرَأيُ حازمُ
أَلا إِنَّ بالإِسلامِ داءً مُخامِراً / وَإِنَّ كِتابَ اللَهِ للدّاءِ حاسمُ
ذَراني أُقِم لِلشِعرِ في مِصرَ مَأتَما
ذَراني أُقِم لِلشِعرِ في مِصرَ مَأتَما / إِلى أَن يَفيضَ النيلُ في أَرضِها دَما
تَلومانِ أَن أَبدَيتُ ما بي مِنَ الأَسى / وَأَنَّى لِما بي أَن يُوارى فَيُكتَما
سَبيلُكُما أَن تُخفِيا لا عِجَ الجَوى / وَما هَو إِلّا أَن يُذاعَ فَيُعلَما
أَحَرُّ الجَوى ما جاوَزَ القَلبَ فَاِرتَقى / وَأَصفى الهَوى ما ذابَ في العَينِ فَاِنهَمى
وَأَوهى ضُروبِ الحُبِّ حُبٌّ مُلَثَّمٌ / يُصانِعُ خافيهِ وُشاةً وَلُوَّما
رُوَيدَكُما يا لائِمَيَّ فَإِنَّ بي / عَلى مِصرَ وَجداً جَلَّ أَن يَتَلَثَّما
بِلادٌ سَقَتني الحُبَّ عَذباً وَوَكَّلتُ / بِصافيهِ قَلباً بَينَ جَنبَيَّ أَهيَما
يَزيدُ هَواها كُلَّما زادَ بُؤسُها / وَتَنمو تَباريحُ الجَوى كُلَّما نَما
حَفِظتُ لَها عَهدَينِ عَهدَ شَبيبَةٍ / تَصَرَّمَتِ اللَذّاتُ لَمّا تَصَرَّما
وَآخَرَ يَكسوني المَشيبَ مُفَوَّفاً / وَيُلبِسُني مِنهُ الرِداءَ المُسَهَّما
وَما المَرءُ إِلّا قَومُهُ وَبِلادُهُ / فَإِن يَذهَبا يَلقَ الأَذى حَيثُ يَمَّما
وَيَحيا حَياةَ البائِسينَ وَيَحتَقِب / مِنَ العارِ ما يَبقى لَهُ الدَهر مَيسِما
وَما مِن فَتىً تَغشى المَهانَةُ قَومَهُ / فَيَطمَع أَن يُلفي مِنَ الناسِ مُكرِما
بِمَغرِسِهِ يَحيا النَباتُ فَإِن تُرِد / لَهُ مَغرِساً مِن دونِهِ ماتَ مُؤلما
وَلَم أَرَ كَالأَوطانِ أَكبَرَ حُرمَةً / وَأَكرَمَ ميثاقاً وَأَعظَمَ مَقسِما
حَلَفتُ بِمِصرٍ وَالعَوادي أَواخِذٌ / بِحَوبائِها يَرمينَها كُلَّ مُرتَمي
لَقَد ضاقَ حِلمُ النيلِ عَن جَهلِ فِتيَةٍ / جَزوهُ مِنَ الحُسنى عُقوقاً وَمَلأَما
وَما زالَ مَكفورَ الصَنيعِ كَأَنَّما / يَجودُ بِهِ كَرهاً وَيُسديهِ مُرغَما
وَلا جرمَ لِلمِصرِيِّ فيما تَأَوَّلوا / وَلَكِن أَساءَ النيلُ صُنعاً وَأَجرَما
تَفيضُ خِلالُ السوءُ مِنهُ فَتَرتَوي / نُفوسُ بَنيهِ لا اِرتَوَينَ مِنَ الظَمى
أَفي كُلِّ يَومٍ لِلغُواةِ جَريرَةٌ / تُعيدُ الرَجاءَ الطَلقَ أَربَدَ أَقتَما
لَقَد كانَ فيما أَسلَفَ الدَهرُ واعِظٌ / لَو اَنَّ عِظاتِ الدَهرِ تَهدي أَخا العَمى
فَيا لَكَ يَوماً كانَ في الشُؤمِ واحِداً / وَيا لَكَ خَطباً كانَ في الهَولِ تَوأَما
تَلَقّوهُ بِالتَهليلِ حَتّى كَأَنَّما / تَلَقّوا بِهِ عيداً لِمِصرَ وَمَوسِما
وَهَمّوا بِأُخرى يَسقُطُ الدَهرُ دونَها / صَريعاً وَتَهوي عِندَها الشُهبُ رُجَّما
بَعيدَةَ مُستَنِّ المَكارِهِ ما لَنا / إِذا اِنبَعَثَت مِنها معاذٌ وَلا حِمى
إِذا اِهتَزَمَت فيها الرَزايا حَسِبتَها / تُشَقِّقُ صَخّاباً مِنَ الرَعدِ مُرزِما
تَسُفُّ فَتُردي الواضِعينَ وَتَرتَقي / إِلى النَفرِ العالينَ في القَومِ سُلَّما
وَتَعصِفُ بِالأَهرامِ ثمَّتَ تَنتَحي / قَوارِعُها العُظمى فَتَذرو المُقَطَّما
وَتَرمي عُبابَ النيلِ مِنها بِزاخِرٍ / تَظَلُّ المَنايا فيه غَرقى وَعُوَّما
لَعَمري لَقَد آنَ النُزوعُ عَنِ الهَوى / وَحُقَّ عَلى ذي الجَهلِ أَن يَتَعَلَّما
بَني وَطَني من يرتدِ الشرَّ يُلفِهِ / وإن راقه يوماً رداءً مسمَّما
بَني وَطَني إِنَّ الأُمورَ سِماتُها / تُبينُ وَإِنَّ الرَأيَ أَن نَتَوَسَّما
بَني وَطَني مالي أَراكُم كَأَنَّما / تَرَونَ السَبيلَ الوَعرَ أَهدى وَأَقوَما
أَإِن قامَ يَنهاكُم عَنِ الغَيِّ راشِدٌ / غَضِبتُم وَقُلتُم خائِنٌ رامَ مَغنَما
وَرُحتُم يَهبُّ الشَرُّ مِن لَهَواتِكُم / مُدلّينَ أَن أَمسى بِكُم فاغِراً فَما
تَقودونَ مِن غاوٍ وَمِن ذي عِمايَةٍ / إِلى المَعشَرِ الهادينَ جَيشاً عَرَمرَما
تَعالوا إِلَينا إِنَّما نَحنُ أُخوَةٌ / وَإِنَّ اِنبِتاتَ الحَبلِ أَن يَتَفَصَّما
تَعالوا إِلَينا إِنَّما نَحنُ أُخوَةٌ / وَإِنّي رَأَيتُ الأَخذَ بِالرِفقِ أَحزَما
وَإنَّ سَبيلَينا سَواءٌ وَكُلُّنا / بَنو مِصرَ نَأبى أَن تُضامَ وَتُهضَما
وَما العارُ إِلّا أَن تَظَلَّ أَخيذَةً / وَتَبقى مَدى الأَيّامَ نَهباً مُقَسَّما
بَرِئتُ مِنَ الأَوطانِ إِن هالَ حادِثٌ / فَلَم تُلفِني في غَمرَةِ الهَولِ مُقدِما
وَإِنّي لَنَهّاضٌ إِلى السُّورَةِ الَّتي / تَظَلُّ القُوى عَنها رَوازِحَ جُثَّما
وَما زِلتُ مُذ أُرسِلتُ بِالشِعرِ هادِياً / أَجيءُ بِهِ وَحياً وَآتيهِ مُلهما
وَما بِيَدي أُجري يَراعي وَإِنَّما / يَدُ اللَهِ تُجريهِ فَيَمضي مُقَوَّما
مِنَ العارِ أَن تَشقى بِلادي وَأَنعَما / وَكَالمَوتِ أَن يُقضى عَلَيها وَأَسلَما
أَحِنُّ إِلى اِستِقلالِها وَإِخالُهُ / إِذا ما رَأَبنا الصَدعَ أَمراً مُحَتَّما
أَنَطلُبُهُ فَوضى وَنَسعى جَميعُنا / إِلى عَرَصاتِ المَوتِ سَعياً مُنَظَّما
تَحَكَّمَ فينا الداءُ فَاِنحَلَّتِ القُوى / وَآيَةُ داءِ الجَهلِ أَن يَتَحَكَّما
تُفَرِّقُنا الأَديانُ وَاللَهُ واحِدٌ / وُكُلُّ بَني الدُنيا إِلى آدَمَ اِنتَمى
وَساوِسُ ضَلَّ الشَرقُ فيها مُصَفَّداً / فَما يَملِكُ الشرقِيُّ أَن يَتَقَدَّما
هِيَ اِستَوطَنَت مِنّا الرُؤوسَ فَغادَرَت / مَكانَ النُهى مِنها طُلولاً وَأَرسُما
بَني الشَرقِ لا يَصرَعكُمُ الدينُ إِنَّني / أَرى الغَربَ لَولا الجِدُّ وَالعِلمُ ماسَما
سَلُوهُ إِذا رامَ الفَريسَةَ فَاِنتَحى / أَيَرعى مَسيحِيّاً وَيَرحَمُ مُسلِما
هُوَ المَوتُ أَو تَستَجفِلُ الشَرقَ رَجفَةٌ / تُزَلزِلُ صَرعى مِن بَنيهِ وَنُوَّما
جَزى اللَهُ ما أَدَّيتُما مِن حُقوقِهِ
جَزى اللَهُ ما أَدَّيتُما مِن حُقوقِهِ / وَأَبلَيتُما مِن دونِ تِلكَ المَحارِمِ
جِهادٌ لَهُ في ساحَةِ المَجدِ وَالعُلا / مَواقِفُ تَبقى واضِحاتِ المَعالِمِ
يَمُدُّ إِلَيها البَيتُ كَفَّ مُسَلِّمٍ / وَيُبدي لَها المُختارُ صَفحَةَ باسِمِ
مَناسِكُ قامَ الدينُ في جَنَباتِها / يُحَيّي فَريقَ اللَهِ مِن كُلِّ قائِمِ
وَطافَ بِها جِبريلُ يَحمي عِراصَها / وَيَطلُعُ في آثارِها بِالمَراحِمِ
يَجُسُّ الكُلومَ الدامِياتِ وَيَنثَني / يُقَلِّبُ في آثارِها عَينَ واجِمِ
إِذا غَفَلَ الآسي فَلَيسَ بِغافِلٍ / وَإِن نامَتِ الجَرحى فَلَيسَ بِنائِمِ
عِنايَةُ رَبٍّ لا يُغادِرُ حِزبَهُ / غَنيمَةَ باغٍ أَو فَريسَةَ ظالِمِ
وَلَبَّيتُماهُ إِذا دَعا وَاِستَبَقتُما / سَبيلَيهِ لا يَثنيكُما لَومُ لائِمِ
وَجَشَّمتُما نَفسَيكُما كُلَّ فادِحٍ / مِنَ الأَمرِ يودي هَولُهُ بِالعَزائِمِ
فَما نَعَمَت نَفسُ اِمرِئٍ ما نَعِمتُما / وَلا غَنِمَت ما نِلتُما مِن مُغانِمِ
تَزَوَّدتُما حُسنَ الثَوابِ وَفُزتُما / بِحَمدٍ عَلى مَرِّ العَشِيّاتِ دائِمِ
فَهُنِّئتُما ذُخرَيكُما وَبَقيتُما / لِدَفعِ العَوادي وَاِقتِحامِ العَظائِمِ
هَلِ الحَربُ إِلّا أَن تَطيرَ الجَماجِمُ
هَلِ الحَربُ إِلّا أَن تَطيرَ الجَماجِمُ / أَمِ البَأسُ إِلّا ما تَجيءُ الضَراغِمُ
بِأَيِّ سِلاحٍ يَطلُبُ النَصرَ هالِكٌ / سِلاحُ المَنايا قاصِفٌ مِنهُ قاصِمُ
لِواآهُ في الهَيجاءِ جُبنٌ مُنَكَّبٌ / بِهِ عَن سَبيلَيها وَرُعبٌ مُلازِمُ
يَرى النَصراتِ البيضِ يَلمَعنَ دونَهُ / وَلَيسَ لَهُ مِنهُنَّ إِلّا الهَزائِمُ
رَمى نَفسَهُ في جَوفِ دَهياءَ أَطبَقَت / عَلَيهِ فَأَمسى وَهوَ خَزيانُ نادِمُ
وَما الحَتفُ إِلّا نَزوَةٌ مِن مُخَدَّعٍ / تَمادَت بِهِ أَوهامُهُ وَالمَزاعِمُ
رُوَيداً بَني روما فَلِلحَربِ فِتيَةٌ / تَهيجُ الظُبى أَطرابَهُم وَاللِهاذِمُ
إِذا نَفَروا لَم يَنفُروا عَن شِمالِها / وَلَم يصحروا عَن سَيلِها وَهوَ عارِمُ
بَنوها الأُلى لا يرهبونَ بِها الرَدى / إِذا اِهتَزَمتَ في حافَتَيها الزَمازِمُ
مُعِمّونَ فيها مُخوِلونَ إِذا اِعتَزَوا / نِمَتهُم قُرَيشٌ في الحِفاظِ وَهاشِمُ
وَشوسٌ شِدادُ البَأسِ مِن آلِ يافِثٍ / تَخوضُ دَمَ الأَبطالِ وَالبَأسُ جاحِمُ
لَهُم كُلَّ يَومٍ غارَةٌ تُصبِحُ العِدى / وَأُخرى تُضيءُ اللَيلَ وَاللَيلُ فاحِمُ
إِذا أَقدَموا لَم يَثنِهِم عَن مَغارِهِم / غَداةَ الوَغى أَهوالُها وَالمَآزِمُ
أولَئِكَ أَبطالُ الخِلافَةِ تَحتَمي / بِأَسيافِهِم إِن داهَمَتها العَظائِمُ
هُمُ المانِعوها أَن يُقَسَّمَ فَيئُها / وَأَن تُستَبى بَيضاتُها وَالمَحارِمُ
دَعائِمُها الطولى وَآطامُها العُلى / إِذا أَسلَمَت آطامَ أُخرى الدَعائِمُ
وَما المُلكُ إِلّا ما أَطالَت وَأَثَّلَت / طِوالُ العَوالي وَالرِقاقُ الصَوارِمُ
لَقَد خابَ مَن ظَنَّ الأَساطيلَ عُدَّةً / تَقيهِ الرَدى إِن قامَ لِلحَربِ قائِمُ
أَلَستَ تَرى ذُؤبانَ روما وَما لَهُم / مِنَ الحَتفِ في بَطحاءِ بُرقَةَ عاصِمُ
إِذا اِستَصرَخوا أُسطولَهُم لَم يَكُن لَهُم / مِنَ النَصرِ إِلّا أَن تَثورَ الدَمادِمُ
تَناءى بِهِ الأَمواجُ آناً وَتَدَّني / وَيَجري حِفافَيهِ الرَدى المُتَلاطِمُ
فَفي البَحرِ مَذعورٌ وَفي البَرِّ طائِحُ / وَما مِنهُما إِلّا عَلى الحَربِ ناقِمُ
رَجوا مِن لَدُنّا السِلمَ إِذ فاتَ حينُهُ / وَإِنَّ الَّذي يَرجو المُحالَ لَواهِمُ
أَبَوا أَن يَكُفَّ المَشرَفِيّاتِ حِلمُها / أَفالآنَ لَمّا اِستَجهَلَتها المَلاحِمُ
أَسِلماً وَفي البَيداءِ عاوٍ مِنَ الطَوى / وَفي الجَوِّ عافٍ يَطلُبُ القَومَ حائِمُ
عَلَينا لِكُلٍّ ذِمَّةٌ لا نُضيعُها / وَعَهدٌ عَلى ما يُحدِثُ الدَهرُ دائِمُ
تَواصَوا بِهِ الآباءُ حَتّى إِذا مَضَوا / تَوارَثَهُ مِنّا الأُباةُ القَماقِمُ
وَما عابَ عَهدَ العُربِ في الناسِ عائِبٌ / وَلا لامَهُم يَوماً عَلى الغَدرِ لائِمُ
وَلا جاوَرَتهُم مُنذُ كانوا مَسَبَّةٌ / وَلا فارَقَتهُم مُنذُ حَلّوا المَكارِمُ
هُمُ الناسُ لا ما تُنكِرُ العَينُ مِن قَذىً / وَتوشِكُ أَن تَنشَقَّ مِنهُ الحَيازِمُ
أَرى أُمَماً فَوضى يَسوسُ أُمورَهُم / مَسيمٌ بِأَطرافِ الدَياميمِ هائِمُ
لَهُ جَهلاتٌ يَرتَمينَ بِهِ سُدىً / كَذي أَولَقٍ لَم تُغنِ عَنهُ التَمائِمُ
أَلا إِنَّ بِالبيضِ الخِفافِ لَغُلَّةً / وَإِنَّ بِنا ما لا يُطيقُ المُكاتِمُ
رَفَعنا لِواءَ السِلمِ بِرّاً وَرَحمَةً / وَقُلنا يُسَوّى الأَمرُ وَالسَيفُ نائِمُ
فَما هابَنا مِن جيرَةِ السوءِ هائِبٌ / وَلا سامَنا غَيرَ الهَضيمَةِ سائِمُ
أَرى القَومَ أَحيوا سُنَّةَ الظُلمِ وَالأَذى / فَقامَت بِهِم آثارُها وَالمَعالِمُ
وَأَصبَحَ ما سَنَّ الهُداةُ وَما بَنوا / تَعاوَرُهُ تِلكَ الأَكُفُّ الهَوادِمُ
سَماعاً بَني الحَقِّ المُضاعِ فَإِنَّني / لَأَطمَعُ أَن يُعطي السَوِيَّةَ ظالِمُ
وَما هِيَ إِلّا غَضبَةٌ فَاِنطِلاقَةٌ / فَوَثبَةُ ضارٍ تَتَّقيهِ الضَياغِمُ
أَنُذعِنُ لِلباغي وَنُعطيهِ حُكمَهُ / وَفي التُركِ مِقدامٌ وَفي العُربِ حازِمُ
هُما أَخوا العِزِّ الَّذي دونَ شَأوِهِ / تَخِرُّ الصَياصي خُشَّعاً وَالمَخارِمُ
أَقَمنا عَلى عَهدَي وَفاءٍ وَأُلفَةٍ / فَما بَينَنا قالٍ وَلا ثَمَّ صارِمُ
عَلى طولِ ما قالَ الوُشاةُ وَخَبَّبَت / حُقودُ الأَعادي بَينَنا وَالسَخائِمُ
وَكَيفَ نُطيعُ العاذِلينَ وَتَرتَقي / إِلَينا وِشاياتُ العِدى وَالنَمائِمُ
أَنَصدَعُ رُكنَ الدَهرِ مِن بَعدِ ما رَسا / وَقَرَّت أَواسيهِ بِنا وَالقَوائِمُ
فَأَينَ الوَصايا وَالمَواثيقُ جَمَّةً / وَأَينَ القُوى مَشدودَةً وَالعَزائِمُ
وَأَينَ النُهى مَوفورَةً لا يُزيغُها / مِنَ الأَمَلِ المَكذوبِ ما ظَنَّ حالِمُ
أَلا إِنَّ مَن شَقَّ العَصا لَمُذَمَّمٌ / وَإِنَّ الَّذي يَبغي الفَسادَ لَآثِمُ
وَمَن كانَ يَأبى أَن يُوالي إِمامَهُ / طَواعِيَةً والاهُ وَالأَنفُ راغِمُ
سَيَعلَمُ مَن خانَ الخَليفَةَ أَنَّهُ / مُواقِعُ أَمرٍ شَرُّهُ مُتَفاقِمُ
أَطاعَ هَواهُ وَاِستَزَلَّتهُ فِتنَةٌ / عَضوضٌ تَلَوّى في لَهاها الأَراقِمُ
لَهُ الوَيلُ ماذا هاجَ مِن نَزَواتِهِ / فَثارَ يُرامي رَبَّهُ وَيُراجِمُ
أَيَطلُبُ مُلكاً أَم يُريدُ خِلافَةً / تُقامُ لَها في المشعَرَينِ المَواسِمُ
تَبارَكتَ رَبّي كَيفَ يَعصيكَ مُسلِمٌ / فَيوقِعُ بِالإِسلامِ ما أَنتَ عالِمُ
فَيا رَبِّ بِالبَيتِ العَتيقِ وَما ثَوى / بِيَثرِبَ مِن قَبرٍ لَهُ الروحُ خادِمُ
تَوَلَّ شُعوبَ المُسلِمينَ بِرَحمَةٍ / تُؤَلِّفُ فيما بَينَهُم وَتُلائِمُ
أَيُرضيكَ رَبّي أَن يُقادوا لِحَتفِهِم / قِيادَ الأُسارى أَوثَقَتها الأَداهِمُ
وَلَولا ذِماءٌ مِن حَياةٍ ذَميمَةٍ / لَقامَت عَلَينا في البِلادِ المَآتِمُ
وَلَولا إِباءٌ مِن رِجالٍ أَعِزَّةٍ / إِذَن وَطِئَت مِنّا الجِباهَ المَناسِمُ
وَضاعَت بِلادٌ نامَ عَنها وُلاتُها / إِلى أَن تَوَلّاها المُغيرُ المُهاجِمُ
أَقامَ يُصاديهِم وَظِلُّ مَلاوَةٍ / يُراوِدُهُم عَن عُقرِها وَيُساوِمُ
فَقالوا يَمينُ اللَهِ نُسلِمُ أَرضَنا / وَلَمّا تَزُل أَنجادُها وَالتَهائِمُ
وَإِنّا لَنَأبى أَن يُحارِبَ قَومَنا / عَدُوٌّ وَفينا ما حَيينا مُسالِمُ
وَجاشوا إِلَينا بِالقَواضِبِ وَالقَنا / سِراعاً كَما جاشَت بُحورٌ خَضارِمُ
أولَئِكَ جُندُ اللَهِ هَل مِن مُغالِبٍ / وَفَيلَقُهُ الغازي فَأَينَ المُقاوِمُ
لَهُم مِن فُنونِ الحَربِ ما تَجهَلُ العِدى / وَتَعرِفُهُم أَسلابُهُم وَالغَنائِمُ
وَقائِعُ يَمشي النَصرُ في جَنَباتِها / وَسِربُ المَنايا وَالنُسورُ القَشاعِمُ
وَلَلصَدمَةُ الكُبرى قَريبٌ وَإِنَّها / لِتِلكَ الَّتي يَزوَرُّ عَنها المُصادِمُ
لَئِن هَدَّ بَأسَ الباسِلينَ مِنَ العِدى / فَإِنَّ كَبيرَ الباسِلينَ لَقادِمُ
سَيُحيي رجاءَ المشرِقينَ وَتَشتَفي / عَلى يَدِهِ مِنّا النُفوسُ الحَوائِمُ
لَنِعمَ الشِهابُ المُستَضاءُ بِنورِهِ / إِذا اِسوَدَّ مِن لَيلِ الحَوادِثِ قاتِمُ
وَنِعمَ فَتى الجُلّى إِذا ما تَوَثَّبَت / وَأَمسى الفَتى مِن دونِها وَهوَ جاثِمُ
سَلامٌ عَلَيهِ يَومَ يَسمو إِلى الوَغى / يَهُزُّ لِواءَ النَصرِ وَالنَصرُ باسِمُ
وَيَومَ يُعيدُ السَيفَ في الغِمدِ ما بِهِ / فُلولٌ وَلَكِن أَعوَزَتهُ الجَماجِمُ
بَني مِصرَ ما لِلطامِعينَ وَما لَكُم
بَني مِصرَ ما لِلطامِعينَ وَما لَكُم / وَلِلنَهبِ مِنها في الأَكُفِّ المُقَسَّمِ
أَنَوماً عَلى الزلزالِ أَم لا يَهولُكُم / تَخَمُّطُ هَذا الصائِلِ المُتَجَهِّمِ
لَعَمرُ الأُلى أَنتُم بَنوهُم وَما بَنوا / مِنَ المَجدِ في ظِلِّ الوَشيجِ المُقَوَّمِ
لَئِن لَم تَهَبّوا هَبَّةَ اللَيثِ زائِراً / لَتَمسُنَّ مِن زورِ الحَديثِ المُرَجَّمِ
لَقَد وَعَظتكُم لَو فَهِمتُم عِظاتِها / خُطوبٌ تُضيءُ النَهجَ لِلمُتَفَهِّمِ
أَلَم يَئنِ مِن قَومي إِلى عُلوَ نَهضَةٌ / لِإِجلاءِ عِقبانٍ عَلى مِصرَ حُوَّمِ
بَلى قَد أَنى لَو عاوَدَتهُم حُلومُهُم / وَأَفزَعَهُم كَرُّ المُغيرِ المُصَمِّمِ
بِطاءٌ عَنِ الأَمرِ العَظيمِ كَأَنَّما / يَرَونَ بِهِ مَقضِيَّ مَوتٍ مُحَتَّمِ
أَذِلّاءُ حَمّالونَ كُلَّ ظَلامَةٍ / وَمَن يَتَهَيَّب جانِبَ البَأسِ يُظلَمِ
وَما الناسُ إِلّا في جِهادٍ وَغَمرَةٍ / مِنَ العَيشِ يَعلو مُقدِمٌ شِلوَ مُحجِمِ
وَكَالعَيلَمِ الدُنيا افتَدى بَعضُ أَهلِهِ / بِبَعضٍ فَأَمسوا بَينَ غَرقَى وَعُوَّمِ
يَدُقُّ قَوِيُّ القَومِ عُنقَ ضَعيفِهِم / وَيَغدو عَلى ما جَرَّ غَيرَ مُلَوَّمِ
وَلا حَقَّ إِلّا حَيثُ يَشتَجِرُ القَنا / وَحَيثُ يُلاقي مِخذَمٌ غَربَ مِخذَمِ
هُناكَ إِذا ما الحَربُ حَطَّت غُبارَها / فَسائِل بِهِ أَعلى اللِوائَينِ تَعلَمِ
كَذاكَ خِشاشُ الطَيرِ لِلنَسرِ خُضَّعٌ / وَلِلأُسدِ مِن وَحشِ الفَلا خَيرُ مَطعَمِ
أَرى مِصرَ في عَمياءَ يَقذِفُ جَوفُها / بَوائِقَ تودي بِالبَصيرِ وَبِالعَمي
يُسَدِّدُها رامٍ مِنَ الهَولِ لَو رَمى / بِها الفَلَكَ الدَوّارَ لَم يَتَقَدَّمِ
عَنائي عَلى مِصرَ المُحَبَّبِ نيلُها / إِلَيَّ عَناءُ الحائِنِ العِرضِ وَالدَمِ
أَفيقوا فَهَذي جُذوَةُ الشَرِّ بَينَكُم / تَلَظّى وَأَلّا تَخمِدِ اليَومَ تَعظُمِ
وَجِدّوا فَإِنَّ الهونَ أَشأَمُ صاحِبٍ / وَإِنَّ العُلا لِلكادِحِ المُتَجَشِّمِ
أَهابَ بِكُم مِنّي أَجَشُّ كَأَنَّما / يُرَدِّدُ صَوتَ القاصِفِ المُتَهَزِّمِ
وَمَبثوثَةٍ دعَّاءَةٍ أَخَذَتكُمو / قَديماً بِأَمثالِ الأَباءِ المُضَرَّمِ
رَمَيتُ بِها أَقصى الجَماهيرِ مِنكُمو / فَسَدَّت عَلَيكُم كُلَّ فَجٍّ وَمَخرِمِ
وَلَولا خِلالُ السوءِ مِنكُم لَقُوِّمَت / دَعائِمُ مَجدٍ لِلبِلادِ مُهَدَّمِ
وَإِنَّ صَريحَ القَولِ تُخلصُهُ النُهى / فَيَنمى إِلى أَقصى البِقاعِ وَيَرتَمي
لَنِعمَ ثَناءُ المَرءِ حَيّاً وَغادِياً / بِهِ الصَحبُ مِن باكٍ وَمِن مُتَرَحِّمِ
يُهينُ رِجالٌ في الحَياةِ نُفوسَهُم
يُهينُ رِجالٌ في الحَياةِ نُفوسَهُم / وَأَطلُبُ أَن أَحيا مَهيباً مُكَرَّما
وَيَضرِبُ قَومٌ في البِلادِ لَعَلَّهُم / يُصيبونَ مالاً أَو يَنالونَ مَغنَما
وَأَرمي بِنَفسي في مَآزِقَ جَمَّةٍ / أُغيثُ أولي البَلوى وَأَشفي ذَوي العَمى
إِذا ما رَأَوني طالِعاً مِن ثَنِيَّةٍ / تَنادَوا هَلُمّوا قَد أَصَبنا مُحَرَّما
وَجاءوا سِراعاً يَنفِضونَ شَكاتَهُم / إِلَيَّ وَيُبدونَ الحَديثَ المُكَتَّما
لِكُلٍّ مِنَ المَكروهِ داءٌ يُمِضُّهُ / وَشَجوٌ يُريهِ العَيشَ أَغبَرَ أَقتَما
فَما يَذكُرُ الأَبناءَ إِلّا بَكى لَها / وَلا يَبعَثُ الأَنفاسَ إِلّا تَأَلَّما
حَمَلتُ مِنَ الأَعباءِ ما لَو نَفَضتُهُ / عَلى جَبَلٍ سامي الذُرى لَتَهَدَّما
هُمومٌ وَآلامٌ وَحاجاتُ أُمَّةٍ / تَهِمُّ وَيَأبى الظُلمُ أَن تَتَقَدَّما
تَكَنَّفَها قَومٌ ظِماءٌ وَجُوَّعٌ / فَما وَجَدوا إِلّا شَراباً وَمَطعَما
فَما نَنسَ مِن سوءٍ ذَكَرنا حُكومَةً / أَقامَت عَلى مِصرٍ مِنَ الظُلمِ قَيِّما
وَمَهما حَمِدنا مِن عُهودٍ وَأَعصُرٍ / فَلَن نَحمَدَ العَهدَ البَغيضَ المُذَمَّما
نَئِنُّ وَيَأبى القَومُ أَن نَتَكَلَّما / وَما يَملِكُ الصَمتُ اللِسانَ وَلا الفَما
رَأَوا حُمَمَ الأَفواهِ يَرمي بِها الأَسى / فَصاغوا لَها سَدّاً مِنَ النارِ مُحكَما
عَلى كُلِّ سَطرٍ مالِكٌ مِن قُضاتِهِم / يُعِدُّ لَنا في كُلِّ حَرفٍ جَهَنَّما
إِذا اِستَصرَخَ المَكروبُ مِنّا مُؤَمَّلاً / أَكَبَّ يُديرُ الرَأيَ ثُمَّتَ هَوَّما
ظَلَلنا جُموداً ما نَثورُ لِمُؤلِمٍ / وَلا نَدفَعُ المُغتالَ أَن يَتَهَجَّما
عُيونٌ وَأَرصادٌ عَلى غَيرِ حاجَةٍ / وَمِن شيمَةِ المُرتابِ أَن يَتَوَهَّما
إِذا دَلَفَ الأَعمى تَلَفَّتَ حَولَهُ / يَظُنُّ فُضولَ الثَوبِ كَفّاً وَمِعصَما
أَكُلَّ وَفِيٍّ يَزعُمونَ مُشاغِباً / وَكُلَّ أَبِيٍّ يَحسَبُ القَومُ مُجرِما
لَقَد هَمَّ راعي السوءِ أَن يَتَحَكَّما / فَصادَفَ قَوماً غافِلينَ وَنُوَّما
رُوَيداً بَني التاميزِ إِنَّ وَراءَكُم / مِنَ الهَولِ يَوماً يَقذِفُ النارَ وَالدَما
رَمَيتُم بَني مِصرٍ بِسَهمٍ مِنَ الأَذى / فَظُنّوا بِرامٍ يَملَأُ الدَهرَ أَسهُما
مَخوفِ الوَغى يَرمي بِطوفانِ بَأسِهِ / فَتُمسي شُعوبُ الأَرضِ غَرقى وَعُوَّما
سَيُصبِحُ مُلكُ التُركِ بَعدَ هُنَيهَةٍ / رَفيعَ الذُرى ما يُستَباحُ لَهُ حِمى
إِذا ما بَنو عُثمانَ هَزّوا سُيوفَهُم / فَقُل لِبَني التاميزِ هُزّوا المُقَطَّما
يُعَدّونَهُ سَيفاً عَلى الدَهرِ مُصلتاً / وَجَيشاً يَهَزُّ الخافِقينَ عَرَمرَما
وَيَعتَدُّهُ نِمرٌ وَأَشياخُ قَومِهِ / أَجَلَّ مِنَ الأَسطولِ شَأناً وَأَعظَما
إِذا ضاقَ عَنهُم بِأسُهُم جاشَ بَأسُهُ / وَإِن أَحجَموا في حَومَةِ الحَربِ أَقدَما
كَأَنّي بِهِ أَمسى هَباءً مُبَدَّداً / وَأَمسَت مَواليهِ حَديثاً مُرَجَّما
ألا فاذكروا من قومنا كُلّ مِقدامِ
ألا فاذكروا من قومنا كُلّ مِقدامِ / ففي هذه الذكرى حياةٌ لأقوامِ
وما النّاسُ إلا الخالدون على البِلىَ / وصَرفِ الليالي من هُداةٍ وأعلامِ
حقائقُ ما في الدّهرِ من كلِّ قائمٍ / وَجُلُّ البرايا من فضولٍ وأوهامِ
همُ ثروةُ الأجيالِ لولاهمُ انْطَوتْ / على فاقةٍ ما تُستطاعُ وإعدامِ
إذا المرءُ لم يَعملْ لمِا بعد يَومهِ / طَوَى كلُّ حيٍّ ذكرَهُ بعد أيّامِ
سلامٌ على الحيِّ المقيمِ وإن طوى / إلى المنزلِ الأقصى ثلاثةَ أعوامِ
على الكوكبِ الطَّافي على لُجَّةِ الرَّدى / إذا ما طوى الأقمارَ طُوفانُهُ الطّامي
على القَدَرِ المُوفي سلاماً ورحمةً / على كلّ شعبٍ ذي هُمومٍ وآلامِ
خليفةُ أَهْدَى قادةِ النّيلِ خُطَّةً / وأَبْسَلهم إن صيحَ بالذّائدِ الحامي
وأثبتِهم في الحادثِ النُّكرِ موقفاً / وأَنْفذِهم سَهْماً إذا أخطأ الرامي
يُجانبُ ساري الرُّعبِ ساحة قلبهِ / إذا هَمَّ يَلْقَى الخطبَ بالمنكبِ السامي
يَرى شرَّ ما تَلْقَى البلادُ من الأذى / وُقوفَ بنيها بين يأسٍ وإحجامِ
رَسولُ حياةٍ للشُّعوبِ ويقظةٍ / يُهيبُ بقومٍ في الكنانةِ نُوَّامِ
فما زالَ حتَّى ريعَ من وَثَباتِها / على بأسهِ الرِّئبالُ ذو المخلب الدّامي
وحتّى تَولّتْ دُنشوايُ بِنابِهِ / يُداسُ ويُذرى من بنيها بأقدامِ
لَنِعمَ دَوَاءُ الظُّلمِ يَشفِي سحيقُهُ / مجاريحَ شتَّى من أيامَى وأيتامِ
ألا فاذكروا الأبطالَ وابتدروا الوغى / وكونوا أوليِ بأسٍ شديدٍ وإقدامِ
هي الوثبة الأولى وإنَّ وراءَها / لَما يستجيشُ الوثبَ من كلِّ ضرغامِ
تُجدّدُ من ذكراك للشَرقِ مأتما
تُجدّدُ من ذكراك للشَرقِ مأتما / ونقضي بها حقّاً لمصر مُحتَّما
ذكرنا بك الأَيّامَ حُمراً من الوغى / تشقُّ عُبابَ النّارِ أو تلبسُ الدَّما
على جانِبَيْها من جهادِكَ هَبوةٌ / تُريكَ الصّباح الطلق أغبرَ أقتما
تدَفَّقتَ في مكروهها الغمر لُجَّةً / تُواجه تيّار الرَّدى حيثُ يمّما
إذا ما استباحَ الذُّعرُ مُهجةَ باسلٍ / دَلفتَ تردُّ الخيلَ عن جانبِ الحِمى
وما زِلتَ خفّاقَ اللّواءِ مُغامراً / تَقودُ من الأبطالِ جيشاً عرمرما
تُهيبُ بنا مُستبسلين أعزّةً / نرى الموتَ فيما يُورثُ المجدَ مغنما
علينا الحفاظُ المُرُّ نحمي بلادنا / وندفعُ عنها الغاصبَ المتهجِّما
نبيتُ قياماً نتَّقِي كلَّ طارقٍ / إذا القومُ باتوا في المضاجعِ نُوّما
شهيدَ الهوى هل تعرفُ اليومَ ذا هوىً / يُعاودُ منه الشّوقُ قلباً مُتيَّما
يرى مصر أوْلىَ من بنيه بنفسِه / ومن نفسهِ إن سِيمَ أمراً فصمَّما
تأمّلْ وُجوهَ القومِ كيف تنكَّرتْ / فلستَ ترى فيها من الخيرِ ميسَما
وَعَزِّ حُماةَ النّيلِ وَاسْتفتِ أهلَه / أحقَّاً أضاعوا الرأي واستشعروا العَمى
مقالةُ زُورٍ من أُناسٍ أذلَّة / يقومون في الجُلَّى المقامَ المُذَمَّما
أهاب بهم من جانبِ الغيلِ فتيةٌ / أبَوْا أن يكونَ الأمرُ سِرَّاً مُكتَّما
قضاءُ بني السّكسون صادف شؤمُه / قضاءً من الغُرِّ الميامينِ مُبرَما
هُمُ اتّخذوا حقَّ الكنانةِ معقلاً / فما يطمعُ الأعداءُ أن يتهدَّما
وهم أنكروا إلا الجلاءَ فلن ترى / لغاراتِهم من دون ذلك مُرتمى
مَغاويرُ لا تُرجى لديهم هَوادةٌ / وفي مصرَ عادٍ يستبيحُ المحرَّما
ذكرتُ عليَّاً يرفع الصّوتَ داعياً / إلى الحقِّ شعباً بات نَهْباً مُقَسَّما
ترامت به الأهواءُ شتَّى فلم تَدَعْ / له وُجهةً إن رامَ أن يتقدّما
يرى الموتَ في رأي المُنادينَ باسمه / يُخالطه كَرْهاً ويَغشاهُ مُرغَما
دعاه إلى الميثاق دَعْوةَ راغبٍ / إلى اللهِ يعتدُّ التقلُّبَ مأثما
مضى جارُه الأوفى وجاور ربَّه / معلِّمهُ الأعلى فكان المعلّما
يَسُنُّ لِمصرَ الحُبَّ من وصفهِ الرَّدى / ويشرع للقومِ الجهادَ المنظَّما
ويتلو عليهم في محاريبهِ العُلَى / كتاباً من الإِقدامِ والبأسِ مُحكَما
رأى فتنةَ الأحزابِ تَعتصرُ القُوى / فشَمَّر يسقيها الحِفاظَ المُسمَّما
يَودُّ رجالٌ غرَّهم باطلُ المُنَى / لو اتّبعوا الرأيَ الذي كان أحزما
أهابَ بهم لا تأمنوا القومَ إنّهم / يُسِرّون يوماً للكنانةِ أشأما
فلما رَأوْهُ بعد حينٍ تندَّموا / ولن ينفعَ المغبونَ أن يتندَّما
لكَ اللهُ من دانٍ على النأي شاهدٍ / على الغيبِ لا عيناً يفضُّ ولا فما
يُطالعنا من كلّ صوبٍ مُناجياً / وينتابُنا من كلّ أَوْبٍ مُسلِّما
كذلك يستبقي العزيزُ حياتَه / ويستهلكُ الدّهرُ الذَّليلَ المُلطَّما
مضى في الدُّروعِ السَّابغاتِ مُظفَّراً / وغُودِرَ في مثواه حُرّا مُكرَّما
فتى البِرِّ لم يُعقِبْ سوى الذكرِ ثروةً / ولم يكُ ممّن يجعلُ الشَّعبَ سُلَّما
ونحن وَرِثنا بأسَه وسلاحه / فيالكَ إرثاً من هُدى الله قيِّما
هَلُمّوا إلينا إنّ فيهِ بقيّةً / لِمنْ كان من إرثِ النبيين مُعدِما
جُنِنَّا بمصرٍ ما سَلَوْنا لحادثٍ / هواها ولا خُنّا الشّهيدَ المُعظَّما
علينا لك الحقُّ الذي أنتَ تعلمُ
علينا لك الحقُّ الذي أنتَ تعلمُ / وهَذا لِسانُ الشّعرِ بالحقِّ يحَكمُ
لِسانٌ إذا ما أَرسلَ القولَ مُعرِباً / فكلُّ لسانٍ بعد ذلك أعجمُ
تُحيِّيكَ منه يا عليُّ فَرائِدٌ / لكلّ شُّعوبِ الضّادِ باسمك تُنظَمُ
سوائرُ في الآفاقِ تَمضِي حِسانُها / سَوافِرَ في أترابها ما تُلَثَّمُ
بَواقٍ على الأيّام تَزدادُ جِدَّةً / فلا حُسْنُها يَبلىَ ولا هِيَ تَسْأَمُ
ألستَ الذي أعطى الكنانَة حقَّها / وأنصفَها من دَهرِها وهي تُظلَمُ
أَلستَ الذي آتيتَها الأمنَ فَانْجلى / من الخوفِ ما جَرَّ الزّمانُ المُذمَّمُ
أَلستَ الذي قلتَ انْهضي فكأنّها / من العزمِ نَسْرٌ في الجِواءِ مُحوِّمُ
بلى أنت أنقذتَ البلادَ وسُسْتَها / سياسةَ مَن يبغي التي هي أحزَمُ
كذلكمُ الأوطانُ يا قومُ إنّها / أحبُّ لُباناتِ الرّجالِ وأكرمُ
حياةٌ ومجدٌ للشُّعوبِ ومظهرٌ / من العزّ إن يذهب فموتٌ مُحتَّمُ
عرفنا الذي يأسو الجِراحَ وهذه / مناقبه منشورةٌ ما تُكتَّمُ
أتى مُسعِفاً إن الكريمَ لَيُرتَجى / فَيُسعِفُ ذا الجرحِ الأليم ويرحمُ
رعى اللهُ قوماً آثروا الخير خالصاً / يَعدُّونه كنزاً من المجدِ يُغْنَمُ
سهارى يُغيثونَ اللّهيفَ وَصحبُه / بحاجاتهم لاهُونَ والأهلُ نُوّمُ
أولئك جندُ الله يقضون حقَّهُ / ويرعونه يا ليتني كنتُ مِنهمُ
على أنّني أَقضِي الحُقوقَ وأَبْتَني / لِقوميَ مجداً عالياً ليس يُهدَمُ
على ثِقَةٍ بالله أرجوه وحده / وأعلم أنّ الله أعلى وأعظمُ
على الجمر سِرْ فهو السّبيلُ الذي مضى
على الجمر سِرْ فهو السّبيلُ الذي مضى / عليه الأُلىَ ساروا إلى ذلك الحِمى
أَحَبُّوا الذي أحببتَ من نُورِ ربِّهم / فخاضوا إليه النّار واقتحموا الدَّما
على الجمرِ سِرْ تَسْتَبْقِ نفسَكَ واتَّخِذْ / عليه إلى عُليا المراتبِ سُلَّما
دَعِ السُّبْلَ تفترُّ الأزاهيرُ حولها / فتهفو بألبابِ الأُلى آثروا العَمى
على الجمر سِرْ وابْلُغْ بفتحِكَ غايةً / من المجد تُعيي الكادحَ المُتَجشِّما
يظلُّ بريدُ الدهرِ يحملُ صَوْتَهُ / فَيُوقِظُ أقواماً عن الحقِّ نُوَّما
ويَبْعَثُهمْ شُمَّ الأنوفِ أَعِزَّةً / يُقيمون من بُنيانهِ ما تهدّما
تَقَدَّمْ مُحِبَّ الدينِ فالفضلُ كُلُّه / لِمَنْ خاف عُقْبَى قومِهِ فَتَقَدَّما
هُمُ القومُ ما صانوا ذِماراً ولا رَعَوْا / جِواراً ولا خافوا على الدَّهرِ مَحْرَما
بِربِّكَ خُذهم بالزّواجرِ وارْمِهِمْ / بما سدّد الدّاعي إلى اللهِ إذ رمى
وَقُلْ للذي يشكو لهيبَ حياتهِ / ويبكي من الإسلامِ عهداً تصرّما
إلى الدّمعِ فافْزَعْ إن تَكُنْ غيرَ صابرٍ / وماذا يَرُدُّ الدَّمعُ إن سَالَ أو هَمى
أَثَرْتَ هُمومَ النّفسِ بالصيحةِ التي / رَمَيْتَ بها فاصْبِرْ قليلاً فَرُبّما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025