المجموع : 8
أُسَلِّمُ لِلْمَقدورِ ثُمَّ أسَلِّمُ
أُسَلِّمُ لِلْمَقدورِ ثُمَّ أسَلِّمُ / ويَظْعَنُ جُثْمانِي وقَلْبي مُخَيِّمُ
تَجَاذَبَهُ أمْرَانِ مُرَّانِ فاعْجَبَا / غَرَامٌ صُراحٌ واعْتِزامٌ مُصَمِّمُ
بِعَيْشِكُما لا تُثْقِلاهُ مَلامَةً / فَمَا خَفَّ حَتَّى طالَ منْهُ تَلَوَّمُ
وَلا تُوئِسَاهُ مِنْ نَجَاحِ رَجائِهِ / فَلِلدَّهْرِ فِي عُقْبَى العُبوسِ تَبَسُّمُ
وَإنَّ لَهُ بالنَّاصِرِيَّةِ نَاصِراً / يَفُلُّ خَميسَ البُؤْسِ وَهوَ عَرَمْرَمُ
وَتَمضِي كَما تَمْضِي السُّيوفُ سُيوبُهُ / فَتَنْكُلُ عَنْهُ النَّائِباتُ وتُحْجِمُ
بِرَغْمِيَ أزْمَعْتُ المَسِيرَ عَنِ العُلَى / وَصَرْفُ الليالي لِلْمُحِبيِّنَ مُرْغِمُ
فَما حَسَدَ التَّبْريحَ إلا تَلَهُّفٌ / وَلا غَبَطَ التَّوْديعَ إِلا تَنَدُّمُ
دَعانِي لِتَرْحالي اضْطِرارٌ وَلَمْ يَزَلْ / يُحَلِّلُ مَا أضْحَى عَلَى المَرْءِ يَحْرُمُ
ولَوْلا أُطَيْفَالٌ طَواهُم طَواهُمُ / فَأعْظَمُ مَا يَبْقَى جُلودٌ وَأَعْظُمُ
أَسَا في الأَسَى عادَتهم والدَتُهم / فَمَا مِنْهُمْ إلا يَتِيمٌ وَأَيِّمُ
هُمُ أبَداً هَمِّي فَلَيْلِي ألْيلٌ / بِمعْجزَتِي عَنْهُمْ ويَوْمِيَ أيْوَمُ
جَوَانِحُهُم تَذْكُو لَهيباً وتَلْتَظِي / وأعْيُنُهُم تَهْمِي نَجيعاً وتَسْجُمُ
تَخَالُهُمُ في شَجْوِهِم وانْتِحَابِهِمْ / حَمَاماً عَلى أفْنَانِهَا تَتَرَنَّمُ
وَزَجَّيْتُ أيَّامي وَرَجَّيتُ فُرْجَةً / ولَمَّا يَسِرْ مُسْرىً بِرَحْلِي ومُلْجَمُ
كَفانِي الرّضى والإذْنُ زاداً لِطيَّتِي / هُما لِيَ مَغْنىً حَيْثُ كُنْتُ وَمَغْنَمُ
وَكَمْ رُمْتُ في دارِ الخِلافَةِ أُيِّدَتْ / قَرَاراً فَأعْيَا والْمَوَاهِبُ أسْهُمُ
وكَمْ لُحْتُ مَصْدُوداً يُلَوِّحُنِي الصَّدى / وبَحْرُ نَداها مُزْبِدُ المَوْجِ خِضْرِمُ
فَإِنْ آنَ لي مِنْ بَعْد فيها تَأَخُّرٌ / فَقَدْ كَانَ لِي مِنْ قَبْل فيها تَقَدُّمُ
عَلى أَنَّنِي مِنْهَا إليَهْا تَنَقُّلي / ليُفْرَجَ بَابٌ في التَّكَسُّبِ مُبْهَمُ
ألَيْسَ وَلِيُّ العَهْدِ قِبْلَتِيَ التي / أوَجِّهُ وَجْهِي نَحْوَها وأُيَمِّمُ
عَسَى لانْتِقَالِ الحالِ نَادَتْنِيَ المُنَى / فَلا مِرْيَةٌ أَنِّي مُنادىً مُرَخَّمُ
وحَسْبِي بِهِ أَنْ يَنْعَمَ المَلِكُ الرّضى / ومازِلْتُ في شَتَّى أَيادِيهِ أنْعَمُ
خِطابٌ مِنَ الخَطْبِ الجَليلِ مُؤَمِّن / وطِرْسٌ عَلى الرّأْيِ الجَميلِ مُتَرْجِمُ
إِمَامَ الهُدْى عَطْفاً ورُحْمَى ورِقَّةً / فَشَأنُ المَوَالِي أنْ يَرِقُّوا ويَرْحَموا
وفِي مَوْرِدِي كَانَ التِفَاتُكَ وَاصِلِي / أَفِي مَصْدَرِي حاشاهُ حاشاهُ يَصْرِم
وقَدْ حَكَمَ المَجْدُ المُؤَثَّلُ والعُلى / بأَنَّ الذِي يَرْجُو نَدَاكَ مُحَكَّمُ
يَقيني هُوَ الَمَأمُولُ فِيكَ مُحَقَّقٌ / وفِي سَائِرِ الأَمْلاكِ ظَنٌّ مُرَجَّمُ
ويَا أَيُّها المَوْلَى عَلَيْكَ تَحِيَّةٌ / مُؤَبَّدَةٌ عن طِيبِها الرَّوْضُ يَنْسَمُ
بَقِيتَ تَرَى البُقْيا وكُلٌّ مِنَ الوَرَى / بِشُكْرِكَ مُغْرىً أو بِحُبِّكَ مُغْرَمُ
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ / مُكَاثَرَةً وَقْعَ الحَيَا مِنْ غَمَامِهِ
قَصِيّ دَنا مِن مَشْرَعِ الجُودِ والنَّدى / فَحَيَّاهُ شامي الرّيِّ قَبلَ حِيَامِهِ
وَيَمَّمَ دَارَ المُلْكِ مُعْتَصِماً بِها / عَلَى ثِقَةٍ مِن فَوْزِهِ بِاعْتِصَامِهِ
فَلا عَجَبٌ أنْ رَاحَ يَومَ سَلامِهِ / إلَى سِلْمِ دَهْر شَجَّه بسلامِهِ
حَدَتْهُ إِلى البَابِ الكَريمِ كَرَامةٌ / تَعَرّفَهَا في سَيْرِهِ بِسَلامِهِ
أحَلَّتْهُ أعلَى تُرْعَةٍ بِاضْطِرابِهِ / وَعَلَّتْهُ أحْلَى شِرْعَةٍ في اضْطِرَامِهِ
صَنَائِعُ مَوْلىً أَصْبَحَ الدَّهْرُ عَبْدَهُ / وأَصْحَبَ حَتَّى قَادَه بِزِمَامِهِ
إِذا الشِّعْرُ لاقَى جَيْشَهَا وهو جائِشٌ / كَفَاهُ اعتِذاراً أَنَّهُ في انْهِزامِهِ
تكُفُّ القَوافي عَن تَعَرُّضِها لَه / وَهَيْهَاتَ يُحْصَى القَطْرُ عِنْدَ انْسِجامِهِ
سَحابُ نَدىً تُزْجِيهِ رِيحُ ارْتِياحِهِ / وَيُغْرِيهِ بالإلْثاثِ بَرْقُ ابْتِسامِهِ
هُوَ المَلِكُ المَيْمونُ وَجْهاً وَدَوْلَةً / يدينُ لَه بالقُرْبِ أقْصَى مَرَامِهِ
تَلَقَّتْ لِوَاءَ المَجْدِ راحتُهُ التِي / تَوَلَّتْ بِناءَ الجُودِ عِنْدَ انْهِدامِهِ
مُطَهَّرَةٌ أعْراقُهُ عُمَرِيَّةٌ / لَهَا مِنْ سِنَانِ الفَخْرِ أعْلَى سَنَامِهِ
عَلى المَجْدِ والعَليْا بَهَاءُ اعتِزازِهِ / وَللدّينِ والدّنْيَا مَضاءُ اعْتِزامِهِ
يَسُوءُ طُغاةَ الكُفْرِ كافِي فِعالِهِ / ويَأْسُو كُلومَ الدَّهرِ شافِي كَلامِهِ
عَوَاقِبَ ما يَأتِي وَما هُوَ تَارِكٌ / يَذُمُّ الذِي لَم يَعْتَلِق بِذِمَامِهِ
كَفَانِي افْتِخاراً أَنَّني مِن جَنابِهِ / بِحَيثُ تَنالُ النجم كَفُّ عُلامِهِ
أَرَى مِنْهُ بَدْرَ المُلْكِ دُونَ سِرارِهِ / وأبْصر بَحْرَ الجُودِ غَيْرَ غَرَامِهِ
حَبَا وحَمَى في عُسْرَةٍ ومَخافَةٍ / فَها أنا ذا في كَلِّهِ واحْتِرامِهِ
أَسيرُ إلَى إقْطاعِهِ في ثِيابهِ / علَى طرْفِهِ مِنْ دارِهِ بِحُسامِهِ
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما / فَما لَبِثَ الكافورُ أن عَادَ عِنْدَما
وأنْثُرُهُ وَرْدَا علَى الخَدِّ نَرْجساً / فَتَرْنُو إِلَى نَوْرَيهِ للرّوْضِ مِنْهُما
حَنيناً لِعَهْدِ المُنْحَنَى أنْبَأَ الضّنَى / بِما قَرَّ في الأَحْنَاءِ مِنْهُ وَتَرْجَما
وَذِكْرى كَسَقْطِ الزَّنْدِ رُدّدَ قَدْحُهُ / بِسَقْطِ اللِّوَى تَثْنِي الخَلي مُتَيَّما
تَهافَتُّ فِي أعْقابِها أَريحِيَّةً / فَقالوا فَتىً فَضَّ الرّحيقَ مُخَتَّما
ألَمْ يَقْتُلُوا عِلْماً يَقيناً تَحَرُّجِي / فَكيفَ أَجَالُوا فيهِ ظَنَّاً مُرَجَّمَا
كأنِّي ولا راحٌ سِواها مُدارَةٌ / سُقِيتُ بِها الأَكْوَاب فَذّاً وتَوْأَما
أَميدُ وَيَنْهانِي الحِجَى فأطيعُهُ / كَما كَبَّتِ النَّكْبَاءُ غُصْناً مُنَعَّما
وَقيذاً رَمانِي مِن جَآذِرِ رَامَةٍ / مُصَادِفُ حَبَّاتِ القُلوبِ إِذا رَمى
كأَنَّ له ثَأراً لَدى كُلِّ رامِقٍ / فَيَنْضو لَه عَضْباً منَ اللَّحْظِ مِخْذَما
من الهِيفِ بالصَّبِّ الشّجِيِّ مُهانِفٌ / إِذا ما بَكَى وَجْداً لَدَيْهِ تَبَسَّما
يَصولُ بِسُلْطَانٍ منَ الحُسْنِ قاهِرٍ / ويَزْحَفُ في جَيْشِ الجُفونِ عَرَمْرَما
أتَى شارِعاً في الحُبِّ ما شاءَ ناسِخاً / عَلَى رَغْمِ أبناءِ الغَرَامِ ومُحْكِما
فَحَرَّمَ مِنْ بذل الشِّفاءِ مُحَلِّلاً / وحَلَّلَ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ مُحَرَّما
كَلِفْتُ بِهِ مَلآنَ مِنْ صَلَفِ الصِّبا / أُغازِلهُ ظَبْياً وأَخْشَاه ضَيْغَما
وَمَا الحُبُّ إِلا ما طَوَيْتُ جَوانِحي / عَلَيْهِ فَأبْدَتْهُ المَدَامِعُ سُجَّما
أُلامُ عَلى لَيِّ العِنانِ إِلى اللِّوَى / وأُعْذَلُ في حَوْمِ الجَنانِ علَى الحِمَى
وحَيْثُ الِقبابُ الحُمْرُ بَيْضاءُ غادَةٌ / عَقَدْتُ بِها حَبْلَ الهَوى فَتَصَرّما
أُحَلأُ عَن سَلْسَالِهَا مُتَعَطِّشاً / وأُحرَمُ مِنْ أَظْلالِها مُتَضَرِّما
ولا ذَنْبَ إلا أنْ كَتَمْتُ عَلاقَتِي / فَبَاحَتْ بِهِ نُجْلُ الكُلومِ تَكَلُّما
كَشَمْسِ الضُّحَى أرْعَى بِها أنْجُمَ الدُّجَى / وأهْجُرُ مِنْ جَرَّائِها البيضَ كالدُّمَى
تَعَلَّقْتُ مِنْها للْمَحاسِنِ رَوْضَةً / تَكَمَّنَ فيها مُرْسَلُ الشّعْرِ أَرْقَما
خَلِيلَيَّ لا أهْوَى الخَلِيَّ مِنَ الهَوَى / يُفَنِّدُ عُشَّاقاً ويُسْعِدُ لُوَّما
حُرِمْتُ وِصالَ الغِيدِ إنْ كُنْتُ لَم أَبِتْ / بِرَمْلَةَ مُغْرىً أوْ بِخَوْلَةَ مُغْرَمَا
وخِلْتُ عُهودَ الحُبِّ إنْ رُمْتُ سَلْوَةً / لِساناً مُبيناً أو ضَمِيراً تَجَمْجَما
رَعَى اللَّهُ دَهْراً خَوَّلَ الأمْنَ والمُنى / أيَادِيَ أَوْحَتْ في دُجَى العُسْرِ أنْجُما
حَدانِي إلَى نَيْلِ السَّعَادَةِ مُقتَنىً / وبَوّأنِي دَارَ الإمارَةِ مَعْلَمَا
فَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَوتُ تَشَرُّفاً / وبِالعُرْوَةِ الوُثْقَى اعْتَصَمْتُ تَحَرُّما
وشِمْتُ بِساطَ العِزِّ إذ قُمْت ماثِلاً / بِه وتَسَلَّمْتُ الفَخَارَ مُسَلِّما
أَما وإِمامٍ ما رَمَيْتُ بِنَظْرَةٍ / لِحَبْوَتِهِ إِلا رَأيْتُ يَلَمْلَما
تَجَلَّى لنا مِن حُجْبِهِ البَدْر نَيِّراً / وحَفَّ بِنَا منْ نَيْلِهِ البَحْرُ خِضْرِما
مُباركَةٌ أزْمَانُهُ وَبَنَانُهُ / تَسُحُّ نَعِيماً لا يَشُحُّ وأنْعُما
فَقُلْ في الرّبيعِ النَّضْر بِشْراً ومَبْسَماً / وقُلْ في الصَّباحِ الطَّلْقِ نَشْراً ومَيْسَما
تَعَجَّبُ مِنْهُ الطَّامِياتُ إذا حَبا / وتَنْكُل عَنْهُ الضَّارِياتُ إذا حَمَى
إلَى المُرْتَضَى يَحْيى ونَاهيكَ مَنْتَهىً / لِحَضْرَتِهِ العَلْيا وناهيكَ مُنْتَمَى
سَمَا بالمُلوكِ الصِّيد هَمٌّ أَحَلَّها / سَمَاءَ التَّرَقِّي مِنْ لَدُنْه تَهَمُّما
تُنَبِّهُ مِنْهُ في مُسهدِ خَطْبِها / سَليلَ أبي حَفْصٍ وَتَهْدَأُ نُوَّما
مُجيلُ قِداح الفَوْزِ في السِّلْمِ والْوَغَى / لِيُبْرِمَ مَنْقوضاً ويَنْقُضَ مُبْرَما
مُطِلاً عَلى الدّنيا بأوضَح غُرّة / هِي الصّبح في لَيْلِ الحَوَادِثِ مُظْلِما
تَأَلَّمَ للدّينِ الشَّعاعِ فَلَمَّهُ / أرَقَّ عَلَيْه مِنْ ظُباهُ وَأَرْحَما
فَإنْ نَظَمَ التَّوْحِيدَ عقْداً مُنَثَّراً / فَقَدْ نَثَرَ التَّجسيمَ عَقْداً مُنَظَّما
كَأنَّ سِرَاجاً ساطِعاً في جَبِينِه / إِذا مُسْرَجٌ في الحَرْبِ سَاعَدَ مُلْجَما
يُديرُ رَحاها بَاسِماً متهَلِّلاً / بِرَأْدِ ضُحاها عَابِساً مُتَجَهِّما
وأكْثَرَ ما نَلْقاهُ جَذْلانَ ضاحِكاً / إِذا ما بَكَى الخَطِيُّ في كَفِّه دَما
نَطوفُ بِمَثواه المُقَدَّسِ كَعْبَةً / فَيَمْحو خَطايانا مجلاً مُعَظَّما
ونَرْوِي أَحاديثَ الفُتوحِ مَدارُها / عَلَيْهِ صِحاحاً عَنْ قَناهُ مُحَطَّما
أَحالَ عَلى أعْدَائِهِ حَالَ دَهْرِهِم / عَجَاجاً وَراياتٍ وَنَصْلاً ولَهْذَما
فَراحَ عَلَيْهِمْ أدْهَم الليل أشْهباً / وأَضْحَى إلَيْهِم أشْهَبُ الصّبْحِ أدْهَما
لَه راحَةٌ يُعْدي مُقَبِّلَ ظَهْرِها / نَدَى بَطْنِهَا حَتَّى يَفيضَ تَكَرُّما
وإلا فَما لي باتَ مالِي مُجَمَّعاً / وَأَصْبَحَ في أيْدِي العُفاةِ مُقَسَّما
يُفيدُ فُنونَ العِلْمِ والْحِلمِ والنَّدَى / وأَحْظَى المَوَالي عِنْدَهُ مَن تَعَلَّما
إمامَ الهُدى نَاضَلْتَ عَنْ دَعوةِ الهُدَى / وقُمْتَ بِما آدَ الوَشيحَ المُقَوَّما
لَكَ الدّيْن والدّنْيا لَكَ المَجْدُ والعُلَى / تُعافِي مُنِيباً أو تُعَاقِبُ مُجْرِما
تَطَلَّعْتَ في عيدِ الأَضاحِي مُيَمِّماً / ومازِلْتَ في كُلِّ النَّواحِي مُيَمَّما
وَسَمْتَ مُحَيَّاهُ الجَميلَ بِسِيمَةٍ / صَنائِعِ إِجْمالٍ فَلِلَّهِ مَوْسِما
وأَسْرَفْتَ ما أسْرَفْتَ فيهِ تَطَوّلاً / فَأعْلَنَهُ ثَغْرُ الثَّناءِ تَرَنُّما
تَمُدُّ مُلوك الأرْضِ أعْيُنُها إلى / يَدَيْكَ تُرَجِّي ما سَحَابُكَ مُثجِما
وَتَرْكَبُ ظَهْر البَرِّ والْبَحْرِ جُنَّحاً / مَرَاكِبُها طَوْراً إلَيْك وعُوَّما
فَمِنْ مُعْرقٍ لاقَى بِبَابِكَ مشْئماً / وَمِنْ مُنْجِدٍ لاقَى بِبابِكَ مُتْهِما
وَهذِي مُلوكُ الرّومِ تُشْخِصُ رسْلَها / بِسِلْمِكَ تَبْغِي للسَّلامَةِ سُلَّما
بِطاغِيَةِ الكُفَّارِ أبْرَح ذِلَّةٍ / تُجَشِّمُهُ مِنْ حَمْلِهَا مَا تَجَشَّما
تَوَهَّمَ أنّ البَدْرَ يَحْميهِ ظِلُّهُ / وهَيْهَاتَ مَا للْكُفْرِ دُونَكَ مُحْتَمَى
وأيْقَنَ أنَّ الأمْرَ مُؤْتَمَنٌ بهِ / فَحادَ إِلى الإيقانِ عَمَّا تَوَهَّما
تَصَوّرَ تَجْهِيزَ الأَساطيلِ نَحْوَهُ / فَحَيْعَلَ بِالْمَنْجَاةِ مِنْهَا وهَلْمَمَا
وأفْصَحَ يَثْنِي خاطِباً في خِطَابِهِ / وما انْفَكَّ لَوْلا السَّيْفُ أعْجَمَ طِمْطِما
فَها هُوَ إنْ لَمْ يَحْظَ مِنْكَ بِذِمَّة / تَعَلَّقَهُ ظُفْرُ المَنَايَا مُذَمَّما
وأَخْلِقْ بِهِ ألا يَعِزَّ مُتَوَّجاً / إِذا لَمْ يَنَلْ مِنْكَ الأَمانَ مُعَمَّما
سَيَأتِي برَأسِ الكافرِ الكافِرُ الذي / يَطُمُّ عَلَيْهِ المُنْشَآتُ إذا طَما
وَيُغْزَى جَنابٌ طَالَ بِالْغَزْوِ عَهْدُهُ / ويُفْتَحُ باب كانَ للْكُفْرِ مُبْهَما
فَدُمْ أيُّها المَولى مُعاناً مُؤَيَّداً / مَتَى رُمْتَ مَغْنىً حازَهُ السَّيْفُ مَغْنَما
وسُلَّ عَلى العَادِينَ سَيْفَكَ مُنْدِماً / وَسُحّ عَلى العافِينَ سَيْبَكَ مُنْعِما
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ / تُقَدُّ بأَطْرَافِ القَنَا والصَّوَارِمِ
وعُوجا عَلَيها مأْرَباً وَحفَاوَةً / مَصَارِعَ غَصَّتْ بالطُّلى والجَماجِمِ
نُحَيِّي وُجُوهاً في الجِنَانِ وَجيهَةً / بمَا لَقِيَتْ حُمْراً وُجُوهَ المَلاحِمِ
وَأجْسَادَ إيمانٍ كَساها نَجيعُهَا / مَجاسِدَ منْ نَسْجِ الظُّبَى واللهاذِمِ
مُكَرَّمَةٌ حَتَّى عَنِ الدّفْنِ في الثَّرَى / وَما يُكْرِمُ الرَّحْمَنُ غَيْرَ الأَكَارِمِ
هُمُ القَوْمُ رَاحُوا للشَّهادَةِ فاغْتَدَوا / وَما لَهُم في فَوْزِهِم مِنْ مُقَاوِمِ
تَسَاقَوْا كُؤُوسَ الْمَوْتِ في حَوْمَةِ الوَغَى / فَمَالَتْ بِهمْ مَيْلَ الغُصونِ النَّواعِمِ
مَضَوْا في سَبيلِ اللَّهِ قُدْماً كَأنَّما / يَطِيرُونَ في إقْدَامِهِمْ بقَوادِمِ
يَرَوْنَ جِوَارَ اللَّهِ أكْرَمَ مَغْنَمٍ / كَذَاكَ جِوارُ اللَّهِ أسْنَى المَغانِمِ
عَظَائِمُ رامُوها فَخَاضُوا لِنَيْلها / ولا رَوْعَ يَثْنيهِم صُدُورَ العَظَائِمِ
وهَانَ عَلَيْهِم أنْ تَكُونَ لُحُودُهُم / مُتُونَ الرَّوابِي أو بُطُونَ التَّهائِمِ
أَلا بِأبِي تِلكَ الوُجُوه سَوَاهِماً / وَإنْ كُنَّ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرَ سوَاهِمِ
عَفا حُسْنُها إلا بَقايَا مَبَاسِمٍ / يَعِزُّ عَليْنا وَطْؤُها بالمَنَاسِمِ
وسُؤْرُ أسَاريرٍ تُنيرُ طَلاقَةً / فَتَكْسِفُ أنوارَ النُّجومِ العَواتِمِ
لَئِنْ وَكَفَتْ فيها العُيونُ سَحَائِباً / فَعَنْ بَارِقَاتٍ لُحْنَ مِنْها لِشَائِمِ
ويَا بِأبِي تلْكَ الجُسوم نَواحِلاً / بإِجْرائِها نَحْوَ الأجُورِ الجَسائِمِ
تَغَلْغَلَ فيها كُلُّ أسْمَرَ ذَابلٍ / وجَدَّلَ منْها كُلَّ أبْيَضَ نَاعِمِ
فَلا يُبْعِدِ اللَّهُ الذينَ تَقَرَّبُوا / إلَيهِ بإِهْدَاءِ النُّفوسِ الكَرائِمِ
مَواقِفُ أبْرارٍ قَضَوْا مِنْ جِهَادِهِمْ / حُقُوقاً عَلَيْهِمْ كَالفُرُوضِ اللوازِمِ
أصيبُوا وكانُوا في العِبَادَةِ أُسْوَةً / شَبَاباً وشيباً بالغَوَاشِي الغَوَاشِمِ
فَعَامِلُ رُمْحٍ دُقَّ في صَدْرِ عامِلٍ / وقَائِمُ سَيْفٍ قَرَّ في رَأسِ قَائِمِ
وَيا رُبَّ صَوَّامِ الهَواجِرِ وَاصِلٍ / هُنَالِكَ مَصْرومُ الحَياةِ بصَارِمِ
ومُنْقِذ عَانٍ في الأَداهِمِ راسِفٍ / يَنُوءُ بِرِجْلَيْ راسِفٍ في الأداهِمِ
أَضَاعَهُم يَوْمَ الخَميسِ حِفاظُهُم / وكَرهُمُ في المَأزَقِ المُتَلاحِمِ
سَقَى اللَّهُ أَشْلاءً بِسَفْحِ أَنِيشَةٍ / سَوَافِحَ تُزْجِيها ثِقَالُ الغَمائِمِ
وصَلَّى عَلَيها أنْفُساً طَابَ ذِكْرُها / فَطَيَّبَ أنْفَاسَ الرِّيَاحِ النَّواسِمِ
لقَد صَبروا فيها كِراما وصَابَرُوا / فَلا غَرْو أن فَازُوا بِصَفْو المكَارِمِ
وما بَذَلُوا إلا نُفُوساً نَفِيسَةً / تَحِنُّ إلى الأُخْرَى حَنِينَ الرَّوائِمِ
ولا فارَقوا والمَوْتُ يُتْلِعُ جِيدَهُ / بِحَيْثُ التَقَى الجَمْعَانِ صِدْقَ العَزائِمِ
بِعَيْشِكَ طَارِحْنِي الحَدِيثَ عن التي / أُراجَعُ فيها بالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ
وَما هِيَ إِلا غادِياتُ فَجائِعٍ / تُعَبِّرُ عَنْها رَائِحاتُ مآثِمِ
جَلائِلُ دَقَّ الصّبْرُ فيها فَلَمْ نُطِقْ / سِوَى غَضِّ أجْفانٍ وعَضِّ أبَاهِمِ
أَبِيتُ لَها تَحْتَ الظَّلامِ كَأَنَّنِي / رَمِيُّ نِصَالٍ أو لَديغُ أراقِمِ
أُغازِلُ مِنْ بَرْحِ الأَسى غَيْرَ بَارِحٍ / وأَصْحَبُ مِنْ سامِي البُكَا غَيْرَ سائِمِ
وأَعْقدُ بالنَّجْمِ المُشَرِّق نَاظِري / فَيَغْرُب عَنِّي سَاهِراً غَيْرَ نَائِمِ
وأَشْكُو إِلى الأيامِ سُوءَ صَنِيعِها / ولَكِنَّها شَكْوى إِلى غَيْرِ رَاحِمِ
وَهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَزَاءُ ودُونَهُ / قَواصِمُ شَتَّى أرْدِفَتْ بِقَواصِمِ
ولَوْ بَرَّدَ السُّلْوانُ حَرَّ جَوانِحِي / لآثَرْتُ عَنْ طَوْعٍ سُلُوَّ البَهائِمِ
وَمَنْ لِي بسُلْوان يَحُلُّ مُنَفِّراً / بِجاثٍ مِن الأَرْزاءِ حَوْليَ جاثِمِ
وبَيْنَ الثَّنايَا والْمَخَارِمِ رِمَّةٌ / سَرَى في الثَّنايا طِيبُها والمَخَارِمِ
بَكَتْها المَعَالي والْمَعَالِمُ جهدَها / فَلَهْفَ المَعَالِي بَعْدَها والمَعَالِمِ
سَعيدٌ صَعيدٌ لَمْ تَرُمْهُ قَرَارَة / وأعْظمْ بِها وَسْطَ العِظامِ الرّمائِمِ
كَأَنَّ دَماً أذْكَى أَديم تُرَابِها / وقَدْ مَازَجَتْهُ الرّيحُ مِسْكُ اللطائِمِ
يَشُقُّ علَى الإسْلامِ إسْلامُ مِثْلِها / إلَى خَامِعَاتٍ بِالفلا وقَشَاعِمِ
كَأَنْ لَمْ تَبِتْ يَغْشَى السُّراةُ قِبَابَها / ويَرْعَى حِماها الصِّيدُ رَعْيَ السَّوائِمِ
سَفَحْتُ عَلَيْهَا الدّمْعَ أحْمَرَ وارِساً / كَمَا نَثَرَ الياقُوتَ أيْدِي النَّواظِمِ
وَسامَرْتُ فيها الباكِياتِ نَوادِباً / يُؤَرِّقْنَ تَحْتَ الليْلِ وُرْقَ الحَمَائِمِ
وَقاسَمْتُ فِي حَمْلِ الرّزِيَّة قَوْمَها / ولَيْسَ قَسيمُ البرِّ غَيْرَ المُقاسِمِ
فَوا أسَفَا للدِّينِ أعْضَلَ دَاؤُهُ / وأَيْأَسَ مِنْ آسٍ لِمَسْرَاهُ حَاسِمِ
وَيا أَسَفا لِلْعِلْمِ أقْوَت رُبوعُهُ / وأصْبَحَ مَهْدُودَ الذُّرَى والدَّعائِمِ
قَضَى حَامِلُ الآثارِ مِنْ آلِ يَعْربٍ / وَحامِي هُدى المُخْتارِ مِن آلِ هاشِمِ
خَبا الكَوْكَبُ الوَقَّادُ إذْ مَتَعَ الضُّحَى / لِنَخْبطَ في لَيْلٍ مِنَ الجَهْلِ فاحِمِ
وَخابَتْ مَساعِي السامِعينَ حَديثَه / كَما شاءَ يَوْم الحادِثِ المُتَفَاقِمِ
فَأَيُّ بَهاءٍ غارَ لَيْسَ بِطالِعٍ / وأَيُّ سَناءٍ غابَ ليسَ بِقادِمِ
سَلامٌ علَى الدُّنْيا إِذا لَم يَلُح بِها / مُحَيَّا سُلَيْمَانَ بْنِ موسى بن سالِمِ
وهَلْ في حَياتي مُتْعَةٌ بعدَ مَوْتِهِ / وَقَد أسْلَمَتْنِي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
فَهَا أَنا ذَا في خَوْفِ دَهْرٍ مُحَارِبٍ / وكُنْتُ بِهِ في أمْنِ دَهرٍ مُسَالِمِ
أَخو العِزَّةِ القَعْساء كَهْلاً وَيافِعاً / وأكْفاؤُهُ مَا بَيْنَ راضٍ وَراغِمِ
تَفَرَّدَ بِالعَلْياءِ عِلْماً وسُؤْدَدا / وحَسْبُكَ مِنْ عالٍ عَلى الشُّهْبِ عالِمِ
مُعَرَّسُه فَوْقَ السُّهى ومَقِيلُهُ / ومَوْرِدُهُ قَبْلَ النُّسورِ الحَوائِمِ
بَعيدٌ مَداهُ لا يُشَقُّ غُبارُهُ / إِذا فَاهَ فاضَ السِّحْرُ ضَرْبةَ لازِمِ
يُقَوِّضُ مِنه كُلَّ نادٍ ومنْبَرٍ / إلَى ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ ناجِمِ
مَتَى صادَمَ الخَطْبَ المُلِمَّ بِخُطْبَةٍ / كَفَى صادِماً مِنْهُ بأكْبَر صادِمِ
لَهُ مَنْطِقٌ سَهْلُ النَّواحي قَريبُها / فَإْن رُمْتَه ألْفَيْتَ صَعْبَ الشَكَائِمِ
وسِحْرَ بَيَانٍ فاتَ كُلَّ مُفَوَّهٍ / فباتَ عَلَيه قارِعاً سِنَّ نادِمِ
وَمَا الرّوْضُ حَلاهُ بِجَوْهَرِهِ النَّدَى / ولا البُرْدُ وَشَّتْهُ أكُفُّ الرّوَاقِمِ
بِأبْدَع حُسْناً من صَحائِفِهِ التِي / تُسَيِّرُها أقْلامُهُ في الأَقالِمِ
يَمَانٍ كلاعِيٌّ نَماهُ إلى العُلَى / تَمامٌ حَواهُ قَبْلَ عَقْدِ التَّمائِمِ
يَرُوقُ رُواقَ المُلْكِ في كُلِّ مَشْهَدٍ / ويَحْسُنُ وَسْماً في وُجوهِ المَواسِمِ
وَيَكْثُرُ أعْلامَ البَسيطَةِ وَحْدَهُ / كَمَالَ مَعَالٍ أو جَمالَ مقَاوِمِ
لَعاً لِزَمانٍ عاثِرٍ من جَلالِهِ / بِواقٍ منَ الجُلَّى أُصيبَ بوَاقِمِ
مُنادىً إلى دارِ السَّلام مُنادِمٍ / بِها الحُورُ واهاً لِلْمُنادِي المُنادِمِ
أَتاهُ رَداهُ مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ / لِيَحْظَى بِإقْبالٍ مِنَ اللَّهِ دائِمِ
إِماماً لِدين أو قِواماً لِدَوْلَةٍ / تَقَضَّى ولَم تَلْحَقْهُ لَوْمَةُ لائِمِ
وإنْ عابَهُ حُسَّادُهُ شَرقاً بهِ / فلَم تَعْدَمِ الحَسنَاءُ ذاماً لِذائِمِ
فَيَا أيُّها المَخدومُ عالٍ مَحَلُّهُ / فِدىً لكَ من سَاداتِنا كُلُّ خادِمِ
ويا أيُّها المَخْتُومُ بالفَوْزِ سَعْيُهُ / ألا إنَّما الأعْمَالُ حُسْنُ الخَواتِمِ
هَنِيئاً لَكَ الحُسْنَى منَ اللَّهِ إنَّها / لِكُلِّ تَقِيٍّ خيمُهُ غَيْرُ خَائِمِ
تَبَوَّأْتَ جَنَّاتِ النَّعيمِ وَلَمْ تَزَلْ / نَزيلَ الثُّرَيَّا قَبْلَهَا والنَّعَائِمِ
وَلَمْ تَألُ عَيْشاً رَاضِياً أَو شَهادَةً / تَرَى مَا عَدَاها مِنْ عِدَادِ المَآثِمِ
لَعَمْرُكَ ما يُبْلَى بَلاؤُكَ في العِدَى / وَقَدْ جَرَّتِ الأَبْطَالُ ذَيْلَ الهَزَائِمِ
وَتاللَّهِ لا يَنْسَ مَقَامَكَ في الوَغَى / سِوَى جاحِدٍ نُورَ الغَزالَةِ كاتِمِ
لَقِيتُ الرَّدَى في الرَّوْعِ جَذْلانَ بَاسِماً / فبُورِكْتَ من جَذْلانَ في الرَّوْعِ بَاسِمِ
وحُمْتَ عَلى الفِرْدَوسِ حَتَّى وَرَدْتَهُ / فَفُزْتَ بأَشتَاتِ المُنَى فَوْزَ غَانِمِ
أجِدّكَ لا تَثْنِي عَنَاناً لأَوْبَةٍ / أُداوِي بِها بَرْحَ الغَليلِ المُدَاوِمِ
وَلا أَنْتَ بَعْدَ اليَوْمِ واعِدَ هَبَّةٍ / مِنَ النَّوم تَحْذُوني إلى حالِ حالِمِ
لَسُرْعانَ مَا قَوَّضْتَ رَحْلَكَ ظاعِناً / وَسِرْتَ عَلى غَيْرِ النَّواجِي الرَّواسِمِ
وخَلَّفْتَ مَنْ يَرْجُو دِفَاعَكَ يَائِساً / مِنَ النَّصْرِ أَثْنَاءَ الخُطُوبِ الضَّوَائِمِ
كأنِّيَ لِلأَشْجَانِ فَوْقَ هَوَاجِرٍ / بِما عاَدَنِي مِنْ عادِياتٍ هَوَاجِمِ
عَدِمْتُكَ مَوْجوداً يَعِزُّ نَظِيرُهُ / فيا عِزَّ مَعْدُومٍ ويا هُونَ عَادِمِ
ورُمْتُكَ مَطْلُوباً فَأَعْيا مَنَالهُ / وكيفَ بِما أَعْيا مَنالاً لِرائِمِ
وإنِّي لَمَحْزُونُ الفُؤَادِ صَديعُهُ / خِلافاً لِسَالٍ قَلْبُهُ عَنْك سالِمِ
وَعِنْدِي إلى لُقْيَاكَ شَوْقٌ مُبَرِّحٌ / طَوَانِيَ مِنْ حَامي الجَوى فَوْقَ جَاحِمِ
وَفي خَلَدِي واللَّهِ ثكلك خالِدٌ / أَلِيَّةَ بَرٍّ لا ألِيَّةَ آثِمِ
ولَوْ أنَّ في قلْبِي مَكاناً لِسَلْوَةٍ / سَلَوْتُ ولَكِنْ لا سُلُوَّ لِهَائِمِ
ظَلَمْتُكَ إنْ لَمْ أقْضِ نُعْمَاكَ حَقَّهَا / ومِثْلِيَ في أمْثَالِهَا غَيْرُ ظَالِمِ
يُطَالِبُنِي فيكَ الوَفَاءُ بِغَايَةٍ / سَمَوْتُ لَها حِفْظاً لِتِلْكَ المَوَاسِمِ
وأَبكِي لِشِلْوٍ بالعَرَاءِ كَمَا بَكَى / زِيادٌ لِقَبْرٍ بَيْنَ بُصْرَى وجاسِمِ
وأعْبَدُ أن يَمْتَازَ دُونِيَ عَبْدَةٌ / بِعَلْيَاءَ في تأْبِينِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمِ
وَهَذِي المَراثِي قَد وَفَيْتُ بِرَسْمِهَا / مُسهمَةً جُهْدَ الوَفِيِّ المُسَاهِمِ
فَمُدَّ إلَيْهَا رافِعاً يَد قابِلٍ / أكَبَّ عَلَيها خَافِضاً فَمَ لاثِمِ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ / يُصِيخُ إلَيْهَا نُدْبَةً مِنْ مُقاسِمِ
تَقَيَّلَ فِيهَا رَأْيُهُ غَيْرَ آثِمٍ / وكَمْ نادِبٍ مُسْتَصْحِبٌ حَالَ نادِمِ
وأَحْسَنُ مَا أُعْطِيتَهُ عِلْمُ زاهدٍ / وأزْيَنُ ما رُدِّيتَه زُهْدُ عالِمِ
وَطُولُ اعْتِبارٍ في الليالي وحُكْمِهَا / عَلى كُلِّ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ وحَاكِمِ
خليلَيَّ ما هَذِي الأَسَاةُ التِي أَرى / وتِلْكَ عُرَى الأَعْمارِ في يَدِ قاصِمِ
ألَمْ تَعْلَما أنَّ النّفوسَ فَرَائِسٌ / تُزَجَّى لآسادِ المَنايا الهَوَاجِمِ
فَأَيْنَ التَّوَخِّي لِلسَّعادَةِ في غَدٍ / وَأَيْنَ التَّوَقّي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
كَفَى حَزَناً أنَّ الحِمَامَ مُسَلَّط / وأنَّا عَلى اسْتِبْصَارِنا فِي الجَرَائِمِ
نَسيرُ إِلى الأجْداثِ رَكْضاً وما لَنا / من الزَّادِ إلا موبِقاتُ المَآثِمِ
وَما الكَهْلُ بِالنَّاجِي وَلا الطِّفْلُ مِنْ يَدَي / زَمَانٍ لأهْليهِ مُصَادٍ مُصادِمِ
سَلامٌ عَلى الدَّارِ التي ليسَ رَبُّهَا / وإنْ سالَمَتْهُ الحادِثَاتُ بِسَالِمِ
فَأَطْوَلُ عُمْرِ المَرْءِ خَطْفَةُ بارِقٍ / وأَحْلَى مُنَى الإنسانِ أَحْلامُ نائِمِ
سَقَى اللَّه قَبْراً أودِعَ البِرّ والتُّقَى / كَما تُودَعُ الأَزْهارُ طَيَّ الكَمَائِمِ
ويَمَّمَهَا الرِّضْوَانُ أُماً كَرِيمَةً / لأَوْحَدَ مَخصوصٍ بِغُرِّ الْمَكَارِمِ
تَخَلَّتْ عَنِ الدُّنْيَا وخَلَّتْ مُسَامِياً / لَها طِيب أنْفاسِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
فَإِنْ وَكَفَتْ سُحْم الغَمائِمِ بَعْدَها / فَقَدْ هَتَفَتْ بالنَّوْحِ وُرْقُ الحَمَائِمِ
مُبَارَكَة جاءَتْ بِنَجْلٍ مُبَارَكٍ / لَهُ في المَعَالي سامِيَاتُ المَعَالِمِ
نَهوضٌ بِأَعْباءِ الدِّيانةِ مُقْدِمٌ / عَلى الحَقِّ إِقدامَ الليوثِ الضَراغِمِ
تَنَسَّكَ لا يَرْجُو زَمَاناً مُلائِماً / ولا يَتَّقِي في اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمِ
وأَسْلَمَ دُنْيَا النَّاسِ للنَّاسِ غانِما / مِن الدِّينِ في الدّارَيْنِ أُنْسَ المَغَارِمِ
فَلَيْسَ إِذا صَامَ النَّهَارَ بِمُفْطِرٍ / ولَيْسَ إذا قامَ الظَّلامَ بِنَائِمِ
لَهُ بَسْطَةٌ في العِلمِ والحلْمِ زَانَها / بِقَبْضِ الخُطَى إلا لِكَفِّ المَظَالِمِ
وحُسْنِ عَزَاءٍ في الأَسى وتَمَاسُكٍ / سِوَى عَبْرَةٍ لم تَعْدُ عادَةَ راحِمِ
وَمَنْ كَأبِي عَبدِ الإلَهِ بْنِ قاسِمٍ / لِصَبْرٍ وَتَفْوِيضٍ لَدَى كُلِّ قاصِمِ
وحَسْبُكَ مِنْ هادٍ إلَى الخَيْرِهَدْيُه / ومِنْ ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ نَاجِمِ
لَكَ الخَيْرُ خُذْها مُغْضِياً عَنْ قُصورِها / قَوَافِيَ أعْيَا وَصْفُهَا كُلَّ نَاظِمِ
بَعَثْتُ بِهَا أبْقِي رِضاكَ مُسَاهِماً / ومِثْلُكَ مَنْ أرْضَاهُ سَعْيُ المُسَاهِمِ
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى / كَمَالاً فَصارَ النَّقْصُ لِلْمُتَقَدِّمِ
وأحْرَزَ مِنْ إِرْثِ الهِدَايَةِ حَقَّهُ / فَمَا مِنْ مُلوكِ الأَرْضِ غَيْرُ مُسَلِّمِ
وَرَدْتُ نَدَاهُ الغَمْرَ غَيْرَ مُصَرَّدٍ / ونِلْتُ رِضَاهُ الجَمَّ غَيْرَ مُصَرّمِ
فَهَا أَنَا مِنْهُ في حِبَاءٍ مُنَثَّرٍ / وها هُوَ مِنِّي في ثَنَاءٍ مُنَظَّمِ
لَهَا مُلْكُ نُعْمَانٍ وعِزَّةُ تُبَّعٍ / وَصَوْلَةُ بِسْطَامٍ وحِكْمَةُ أكْثَمِ
ولِي وَجْدُ خَنْسَاء وَرِقَّةُ عُرْوَةٍ / وتَهْيَامُ غِيلانٍ وحُزْنُ مُتَمِّمِ
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي / وَلَيْسَ هَوَاها بالحَديثِ المُرَجَّمِ
يُرِيدُونَ بِي عَن شِرْعَةِ الحُبِّ رِدّةً / ومِنْ دُونِهَا إخْلاصُ قلْبٍ مُصَمِّمِ
ولِي عِنْدَ لُبْنَى لَوْ تَسَنَّى لُبَانَةٌ / أزَجِّي إلَى مَاذِيِّهَا كُلَّ عَلْقَمِ
إِذا رُمْتُ لُقْياها عَدَانِي مُرَاقِبٌ / فَأَقْنَعُ مِنْهَا بالخَيَالِ المُسَلِّمِ
أَطُوفُ بِهَا شَوْقاً وأُمْسِكُ عِفَّةً / فَأَحْسَبُنِي بَيْنَ المَقامِ وَزمْزِمِ
قَضَى رَبُّهَا رَعْيَ الكَواكِبِ إنَّنِي / مَتَى سِمْتُ كانَت لِي قَضايَا مُنَجِّمِ
مِنَ العَرَبِيَّاتِ الرَّعابِيبِ تَنْتَمِي / لأشْرَفِ بَيْتٍ في هِلالٍ وَأكْرَمِ
مُحَجَّبَةٌ مِن دونِهَا ذُبُلُ القَنَا / تَأَطَّر مِنْهَا فَوْقَ غُصْنٍ مُنَعَّمِ
لَئِنْ ضُمِّخَتْ دِيباجَتَاها بِمِسْكَةٍ / لقَد ضُرِّجَت كافورَتاها بِعَنْدَمِ
كَتَمْتُ الهَوَى عَنْها فَمِنْ مُتَشَابِهٍ / تَفَهَّمْتُهُ عِنْدَ الوَدَاعِ ومُحْكَمِ
أَقَمْتُ وسَارَتْ غَيْرَ قَلْبٍ مُشَيِّعٍ / رَكائِبهَا بَيْنَ الخِيامِ مخَيِّمِ
تُنَازِعُهَا فيها الجَوَانِح ضِلَّةً / ومَنْ يَخْصِمِ البِيضَ الكَواعِب يُخْصَمِ
وَعَيْنُ الحِجَى ألا يُقامَ بِحُجَّةٍ / لَدَى حَكَمٍ مِنْ حُسْنِهَا مُتَحَكِّمِ
تُحَلِّلُ للأَحْدَاقِ قَتْلَ بَنِي الهَوَى / كَأنَّ دَمَ العُشَّاقِ غَيْرُ مُحَرَّمِ
ومَاذَا عَلَيْهَا لَوْ تَلافَتْ حُشَاشَتِي / وعَاجَتْ على هَيْمَانَ غَيْرِ مُهَوِّمِ
وفي لَثْمِ مَا لاثَتْ عَلَيْهِ لِثَامَهَا / شِفَاءٌ لِتَبْريجِ الفُؤَادِ المُتَيَّمِ
ولَكِنَّهُ يُحْمَى بِسَاجٍ ونَاهِدٍ / كَأمْضَى غِرارٍ أوْ كأَنْفَذ لَهْذَمِ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ / حَكَتْ بِمَحانيهِ انْعِطافَ الأراقِمِ
إذَا الشَّفَقُ اسْتَوْلى عَلَيْهِ احْمِرَاره / تبدَّى خَضيباً مِثْلَ دَامِي الصَّوارِمِ
وتَحْسِبُهُ سُنَّتْ عَلَيْهِ مُفَاضَةٌ / لإِرْهابِ هَبَّاتِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
وتَطْلَعُهُ في دُكْنَةٍ بعدَ زُرْقَةٍ / ظِلالٌ لأَدْواحٍ عَلَيْهِ نَوَاعِمِ
كَما انْفَجَرَ الفَجْرُ المُطِلُّ عَلى الدُّجى / ومِنْ دُونِهِ في الأُفْقِ سُحْمُ الغَمَائِمِ