القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعْتوق المُوسَوِيّ الكل
المجموع : 2
يَلوحُ فتستَدْعي الفِراشَ وتَبْسُمُ
يَلوحُ فتستَدْعي الفِراشَ وتَبْسُمُ / فيفتَرُّ ثَغرُ الصُبْحِ والليلُ مُظلِمُ
وتُبدي ثَناياها لنا كَنْزَ جَوْهرٍ / فترصُدُها في فرعِها وهْوَ أرقَمُ
وتقضي فيَمشي السحرُ في غِمدِ فِتنةٍ / وترنو فيُضحي مُصْلَتاً وهْوَ مُحرِمُ
وتَسعى فتخشى الطّعْنَ من عِطفِ قدِّها / ورُبّ قَوامٍ وهْو رُمحٌ مُقوَّمُ
إمَا وحبابٍ وهو ثغرٌ مُفلَّجٌ / وجامِدِ خمرٍ وهْو خدٌّ معَنْدَمُ
لصِنوان مَسموم السِّهامِ ولحظُها / ومَبْسِمُها والجوهَرُ الفردُ توأمُ
وقامتُها والسّمهريُّ وإنّها / لأعدَلُ منه وهو في الفتكِ أظلَمُ
هي البدرُ في الإشراقِ لولا حِجالُها / وشمسُ الضُحى لولا السِجافُ المخيّمُ
وبيضُ الدُمى لولا البراقِعُ والحَيا / وظبيُ الحِمى لولا الثّوى والتكلّمُ
مَهاةٌ لديها السُمرُ في حرَمِ الهَوى / تُحلُّ دِماءَ الصَّيْد والبِيضُ تحرُمُ
تحفُّ الظِّباءُ العِينُ فيها إذا شدَتْ / وتزأرُ آسادُ الشّرا حينَ تَبغُمُ
فكمْ حوْلَها ليثٌ بحُلّة أرقَمٍ / يطوفُ وكم خِشفٍ بعينيهِ ضيغَمُ
تحامَى حِماها واِحْذَرِ الموتَ دونَها / فليس الحِمى إلّا الحِمامُ المرخّمُ
وما الحِبُّ إلّا أن يكون مزارُه / عَزيزاً إليه لا يَجوزُ التوهّمُ
بحيثُ الدمُ المحظورُ فيه محلَّلٌ / على السيف والماءُ المُباحُ محرَّمُ
وإنّا لَقومٌ قد نَشا في قُلوبِنا / بحبِّ الدِما والمَكرُماتِ التسَنُّمُ
ففي الدُرّ رُخْصٌ عندَنا وهْو جَوهَرٌ / ويغلو لدَينا قيمةً وهْو مَبسِمُ
نفِرُّ إذا يرنو غزالٌ مقنَّعٌ / ونسطو إذا يرنو هِزَبرٌ معمَّمُ
نُضاحِكُ ضوءَ البرقِ وهو مهنّدٌ / ونبكي نجيعاً وهْو ثغرٌ ملثّمُ
ونحذرُ من نَبلِ الرّدى وهْو أعيُنٌ / ونلْقاهُ في لَبّاتِنا وهْو أسهُمُ
ومحجوبةٍ لو ينظُرُ البدرُ وجهَها / لخرّ صريعاً واِنثَنى وهْوَ مُغرَمُ
إذا حدّثَتْ في بُقعةٍ أو تنفّسَتْ / ففي بابلٍ أو باِسْمِ دارِينَ تُوسَمُ
سَقى دارَها ماءَ الطُلى بارقُ الظُّبا / ففي التُربِ منها لا يَسوغُ التيمّمُ
ممنّعةٌ لا يُمكنُ الطّيفَ نحوَها / صُعودٌ ولو أن المجرّة سُلَّمُ
تأتّيْتُها والنّسرُ في الأفْقِ واقعٌ / وبيضُ حَمامِ الأنجُمِ الزُهْرِ تُرجَمُ
وبتْنا كِلانا في العَفافةِ والتُقى / أنا يوسُفٌ وهْي الكريمةُ مَريمُ
وما أنا ممّنْ يتّقي الحتْفَ إن بغى / مَراماً ولا يثنيهِ في الحُبِّ لوَّمُ
ورَكْبٍ تعاطَوا في الدُجى دلَجَ السُّرى / يميلونَ منْ سُكرِ الكَرى لم يهوّموا
سِهاماً على مثلِ القِسيّ اِرْتَمَتْ بهِم / يَؤمّون نَجداً والهَوى حيثُ يمّموا
تَراءَى لهُم قلبي أماماً فغرّهُم / وأوهمَهُم نارَ الغَضا فتوهّموا
أروحُ ولي رَوْحٌ إلى نحوِ رامةٍ / وآرامُها شوقاً تحِنُّ وترأمُ
وقلبٌ إلى نحوِ الحِجازِ وأهلِه / يغورُ به الوُدُّ الصّحيحُ ويُتْهِمُ
إذا مرّ ذكرُ الخَيفِ لو لم يكن به / ولاءُ عليٍّ كادَ بالنّارِ يُضرَمُ
جَوادٌ هَوى المعروفَ قبل رَضاعِه / ومال إلى حُبِّ العُلا قبلَ يُفطَمُ
هُمامٌ إذا قامتْ وغىً فهو ساقُها / وإنْ شمّرَتْ عن زَنْدِها فهْو مِعصَمُ
فتىً حُبُّه للمجدِ أفقدَهُ الغِنى / كما فقد السُّلوانَ صبٌّ متيّمُ
يلَذُّ دُعاءُ السامعين بسمعِه / كما لذّ في سمعِ الطَّروبِ الترنُّمُ
كَسا العِرضَ من حُسنِ الثّنا خيرَ حُلّةٍ / لها الفخرُ يُسدي والمَكارِمُ تُلحِمُ
له الطّعَناتُ النُّجْلُ تبكي كأنّها / عُيونٌ رأتْ يومَ النّوى فهْيَ تَسْجُمُ
ولا عجباً يَجري حَياً وهْو شُعلةٌ / ويَضرمُ ناراً في الوغى وهْو خِضْرِمُ
يَصولُ بفجرٍ كاذبٍ وهو صارمٌ / ويسطو بنجمٍ ثاقبٍ وهْو لهذَمُ
دنانيرُه صُفْرُ الوجوهِ لعِلمِها / بأنّ النّوى في شَملهِنّ محكَّمُ
إذا زارَه العافونَ يوماً تشتّتَتْ / كأدمُعِ صَبٍّ قد دعتْهُنّ أرسُمُ
فلو جلسَ الأقمارُ من حولِه دُجىً / دَرَوا أنّه المَولى وإنْ كان منهُمُ
ولو أنفقَتْها في الهِباتِ يَمينُه / لقلَّ لدَيها بَدرُها وهْوَ دِرْهَمُ
ولو كفِلَتْ أهلَ الهوى دِرعُ أمنِه / لردّتْ سِهامَ الأعيُنِ النُجْلِ عنهُمُ
حطَمْنَ عَواليهِ قَنا كُلِّ فتنةٍ / فكِدْنَ لِقاماتِ الدُمى البِيضِ تُحطَمُ
ورُدَّتْ سُيوفُ الجَورِ وهي كليلةٌ / فأوشَكْنَ حتّى أنصُلُ الغُنجِ تكْهَمُ
له بَيتُ مجدٍ شامخٌ في صعيدِه / تعفَّرُ آنافُ المُلوكِ وتُرغَمُ
تُطنِّبُه شمسُ الضُحى في حِبالِها / وتسمُكُه أيدي السِّماكِ وتدعَمُ
يودّ حَصاهُ الدهرُ لو أنّه غَدا / على جِيدِه عِقْداً يُناطُ ويُنظَمُ
وحسبُ الدُجى فخراً بحَصباءِ أرضِه / لو اِنتثرَتْ من فوقِه وهْي أنجُمُ
تُقبِّلُها الأفواهُ حتّى كأنّها / ثُغورُ الغَواني فهْي تُهوَى وتُلثَمُ
نجيبٌ نمَتْهُ الغُرُّ من آلِ حيدَرٍ / مُلوكٌ على كلِّ المُلوكِ تقدّموا
جِنانُ نَعيمٍ غير أنّ سُيوفَهُم / لتعذِيبِ أرواح الطُغاةِ جهنّمُ
مُزانونَ في حَلْي العُلا منذُ خلعِهم / تمائِمَهمْ بالمَكرُماتِ تختّموا
مَصاليتُ يومَ الكَرِّ من شِئتَ منهمُ / به يُصدَم الجيشُ اللُّهامُ ويُهزَمُ
مَضوا وأتى من بعدِهم فأعادَهُم / إلى أن رأى كلَّ الوَرى إنّهم هُمُ
تحدّر في الأصلابِ حتّى أتَتْ به / فكان هو السرُّ الخفيّ المُكتّمُ
أبوهُ ذُكاءٌ أعقبَتْ خيرَ أنجُمٍ / ولكنّه نجمٌ هو البدرُ فيهمُ
كريمٌ لديه زِدْتُ قدْراً ورِفعةً / وتكرمةً والحُرُّ للحُرِّ يُكرمُ
فلي كلَّ حينٍ منه لُطفٌ مجدَّدٌ / ولي كلَّ يومٍ من أيادِيه أنعُمُ
أمَولايَ يا مولايَ دعوةَ مُخلصٍ / حليفِ ولاً في وُدّه لا يُجَمْجِمُ
لقد أوجبَتْ نُعماكَ حجّاً وعُمرةً / على ذمّتي والحجُّ فرضٌ محتّمُ
فهل إذن لي أقضي حُقوقَ مناسكٍ / تُشاركُني فيها الثّوابَ ونَغنَمُ
ليَهنكَ صومُ الشهرِ وُفّيتَ أجرَهُ / وبالعزِّ عُقباهُ لك اللَّهُ يختمُ
وعودةُ عيدٍ قد تزيّن جيدُه / بطَوقِ هِلالٍ نُونُه ليس تُعجَمُ
هِلالٌ إذا قابلْتَه زال نقصُه / فيشرقُ ليلاً وهو بدرٌ متمَّمُ
يصوغ لوِردِ الليلِ مِخلبَ فضّةٍ / ولولاك أمسى وهْو ظُفرٌ مقلَّمُ
فلا زِلتَ تَكسو وجههُ مَنْ سَنا العُلا / ولا زال بالإقبالِ نحوكَ يخدُمُ
لعينيكَ يبدو وهْو قلبُ حَبيبِه / ويَلقى الأعادي وهْو سيفٌ مصمِّمُ
هلمّ بنا يا برْقُ في أبرقِ الحِمى
هلمّ بنا يا برْقُ في أبرقِ الحِمى / نُساقطُ دُرَّ الدّمْعِ فرداً وتوأما
هلمّ بِنا نقضي من النّدْبِ واجِباً / لعصرٍ مضى فيه وعهدٍ تقدّما
فإن كُنتَ لي يا برقُ عَوناً فقُم بِنا / نروّي قُلوباً صادياتٍ وأرسُما
تشبّهتَ بي دعوى ولو كنتَ مُشبِهي / بوجدٍ إذاً أصبحتَ تَبكي معي دَما
فكم بين باكٍ مُستهامٍ وبين مَنْ / تباكى خليّاً وهو يُبدي التبسُّما
تقمّصْتُ ثوباً من دُخانٍ ومهجتي / عليها قميصٌ من لظاكَ تجسّما
فوا عجباً تسقي الرّبوعَ مدامِعي / وقلبي إلى سُكّانِها يشتكي الظّما
أروحُ ولي قلبٌ إذا ما نضَحْتُه / بماءِ عُيوني كي يَبوخَ تضرّما
وأُمسي ولي دمعٌ يَجودُ بمُقلَتي / وثوبٌ إذا ما أحجَمَ الصّبرُ أقدَما
فللّهِ ما أجراهُ في مَعرَكِ النّوى / إذا الوجدُ أجرى جيشَهُ كَرّ مُعلما
فمَنْ لي بعصرٍ كلّما مرّ ذِكرُه / بسمعي حَلا عندي ووصلٍ تضرّما
وليلاتِ أُنس نادمَتني بُدورُها / وفي الأرضِ زارتْني بها أنجمُ السّما
شِهابٌ تظنّ الشُهْبَ فيها لحُسنها / ثُغورَ الغواني البيضِ في حوّةِ اللّما
سقى اللّه مغنىً بالحِمى صوبَ مُزنِه / يَحوكُ له وشيَ الرّبيعِ المُسهّما
ولا برحَتْ فيه الأقاحي ضواحِكاً / ولا صرفَتْ منها يدُ الدّهرِ دِرْهَما
محلٌّ به حلّ الشبابُ تمائِمي / فلا نقصَ إذ أصبحْتُ فيه متمِّما
ومصرعُ أسرى موثَقينَ قُلوبُهم / بحَومَتِه أضحتْ مع الطّيرِ حُوَّما
حَمى حُرمةً مسّ الصّعيد صِعادَه / وأصبح فيه السّيفُ بالحِلِّ مُحرِما
وثغرٌ غدت منه الثّنايا منيعة / فأضحى بنقْعِ الصّافِناتِ ملثّما
قد اِشتبهَتْ آفاقُه في عِراصِه / فكلٌّ حَوى منها بُدوراً وأنجُما
فكم ثَمّ من شمس بلَيلٍ تقنّعتْ / وبدرِ ظلامٍ بالنّهارِ تعمّما
وليثِ عَرينٍ بالحديدِ مسرْبَلٍ / وخِشفِ كِناسٍ بالنُضارِ تخزّما
تميلُ بأثوابِ الحرير غُصونُه / وتنطِقُ بالسحرِ الحلالِ به الدُمى
وتفترُّ عن ميماتِ تِبرٍ حِسانُه / يكادُ بهنّ الحُسنُ أن يتختّما
مكانٌ به كنزٌ من الحُسنِ لم يزل / بآياتِ أرصادِ الحديدِ مطَلْسَما
حمَتْهُ سَراةٌ لا تزالُ رُماتُهم / مفوّقةً للحَتفِ هُدْباً وأسهُما
قد اِتّخذوا للفتكِ والطّعنِ آلةً / قُدودَ العذارى والوشيجَ المقوَّما
يرونَ هَوانَ الحُبّ عِزّاً وسُؤدداً / وأحسنَ آجالِ النّفوسِ التّيتّما
تكادُ الأقاحي خجْلةً من ثُغورِهم / تَعودُ ثناياها شقيقاً مُعَندَما
إذا نظرتْ أقمارُهم عينَ مُبغضٍ / يُطالبُهم في مَغرَمٍ عاد مُغرَما
بروحيَ منهم جيرةٌ جاوَروا الحمى / فجاروا على قلبٍ بهم قد تذمّما
همُ ألهَبوا صدري وفيه توطّنوا / فللّه جنّاتٌ ثوَتْ في جهنّما
حلا لي بهِم مُرُّ العَذابِ كما حَلا / لنفْسِ عليٍّ خوضُها الحتفَ مطْعَما
هُمامٌ لدى الهيجاءِ لو أنّ بأسَه / ببحرٍ طَما في مدّه لتحجّما
وذو عزَماتٍ لو تُصاغُ صوارِماً / لأوشكْنَ في صُمِّ الصّفا أن تُصمّما
سُلالةُ خيرِ المرسَلين مطهّرٌ / أتى طاهِراً من كلّ أبلجَ أكرَما
أجلُّ مُلوكِ الأرضِ قدراً وقُدرةً / وأشرفُهم نفْساً وأطيبُ مُنتَمى
جوادٌ أتى والجوّ جَونٌ فأصبحتْ / أياديه فيه كالشِّياهِ بأدْهَما
ووافى المَعالي بعدما خرّ سقفُها / فشيّد من أركانِها ما تهدّما
إذا الدهرُ أجرى جَحْفَلاً كان قبلَهُ / وإنْ هزّ سيفاً كان كفّاً ومِعصَما
كريمٌ عُيونُ الجودِ لولا وُجودُه / لَفاضَتْ جواريها وأغضَتْ على عَمى
ولُطفٌ بَراهُ اللّه للنّاس مُجمَلاً / فنوّعَهُ بالمَكرُماتِ وقسّما
هو العدلُ إلّا أنّه إذ يَرومُه / عدوٌّ بظُلمٍ كان أدهى وأظلَما
هِلالُ حِمامٍ فوقَه من دِلاصِه / هِلالُ حياةٍ يترُك الحتفَ أقصَما
وبدرُ كمالٍ بالسّروجِ بُروجُه / وليثُ نِزالٍ بالعوالي تأجّما
يرى عاملَ الخطّيّ قدّاً مُهفهفاً / ويحسَبُ إيماضَ اليمانيّ تبسّما
إذا ما تولّى للوثوبِ على العِدا / يكادُ عليه الدِّرْعُ أن يتفصّما
غنيٌّ لديه لا يزالُ من الثّنا / كنوزٌ وإن أضحى من المالِ مُعدما
له نِقَمٌ محذورةٌ عند سُخطِه / ولا غَرْوَ أن عادتْ من العفوِ أنعُما
ضَحوكٌ إذا اِستمطرتهُ فهو بارقٌ / يجودُ وإن جرّبتَهُ كان مِخذَما
وصعبٌ إذا اِستعطَفتَه لانَ جانباً / وعذْبٌ إذا عادَيْتَه صارَ عَلقَما
حوى البأسَ والمعروفَ والنُسكَ والنُهى / وحازَ المعالي والتُقى والتكرّما
أعارَ وميضَ الصّاعقاتِ حُسامَه / وصاغَ لسانَ الموتِ للرُمحِ لهذَما
وبرقَع في فجرِ الصّباحِ جِيادَه / وجلّلها ليلاً من النّقعِ معلَما
فتىً أصلحَ الأيّامَ بعد فسادِها / وكمّل أعوانَ الكِرامِ وتمّما
وبيّن ما بينَ الضّلالةِ والهُدى / فأوضحَ نهجاً طالما كان أقْتَما
وقوّم زَيغَ الدينِ بعد اِعوِجاجِه / فأصبحَ فيه بعدَما كان قيّما
وألزَمَ أهل النُصْبِ بالنّصّ فاِغتدى / فصيحُهمُ لا يُحسنِ النُّطْقَ أبْكَما
فلولاهُ لم يصْفُ الغديرُ من القَذى / وأصبحَ غوْراً ماؤهُ وتأجّما
أفاضَ عليهِ من أدلّةِ فَهمِه / سُيولاً فأضحى طيّبَ الوِردِ مُفعَما
ذكيٌّ إذا قُصّتْ دواوينُ مَدحِه / تنفّسَ صُبحُ الطّرسِ مِسكاً مختّما
له قلمٌ يجري الزّمان بما جرى / ويسعى القَضا في إثر مَسعاهُ حيثُما
يمجّ رُضابَ النّحلِ طوراً لسانُه / وينفثُ طوراً نابُه سُمَّ أرْقَما
يراعٌ يُريعُ البيضَ إمضاءُ حكمِه / فتحسَبُ أمضاهنّ ظُفْراً مقلّما
يترجم ما يوحي إليه جَنانُه / فينثُرُ دُرّاً في السّطورِ منظّما
فصيحٌ عن الأسماءِ جمجمَ لفظُه / وأسمعَ معناهُ القُلوبَ وأفهَما
بروحيَ منه راحةٌ نفحَتْ بها / أناملُه من دوحِه فتكلّما
تتبّع خُضْرَ الخطِّ حتّى اِستوى بها / فحلّ على عينِ الحياةِ وخيّما
وشارفَ منها روضةَ القُدسِ فاِدّعى / إخاءَ عَصا موسى وأقلام مريَما
تقدّسْتَ من طودٍ بأيمَنِ طُورِه / كريمٌ روى فصلَ الخِطابِ وترجَما
أمَولايَ إنّ الدهرَ يعلمُ فضلَكُم / ويعرِفُكُم أندى بَنيه وأكرَما
تملّكتُمُ رِقَّ الزّمانِ وأهلَه / فليس الليالي فيه إلّا لكُم إمَا
لقد كان وجهُ الأرضِ أطلسَ مغبَراً / فأمسى لكم كالأفقِ يزهو منجِّما
تواضُعُكم أدنى مواضعَكُم لنا / وقدرُكم فوقَ السّمواتِ قد سَما
لعمرُك ما جُودُ السّحابِ غريزةً / ولكنّه علّمتَهُ فتعلّما
جرَيْتَ مع الأقدارِ في كلّ غايةٍ / فلم نَدْرِ من كان المؤثّرُ منكُما
بِفَتوى أخيكَ السيفِ زُوِّجت العُلى / فعزّ حِماها حيثُ صِرْتَ لها حِمى
فَدُمْ سالماً ما نبّه الصُبحُ طائِراً / وما هيّجَ الأشواقَ شادٍ ترنّما
ولا زِلْتَ غيثاً برقُه يصعقُ العِدا / ويُنبِتُ نُوّارَ النُّضارِ إذا هَمى
ولا برِحَ الدّهرُ الحَروبُ إذا سَطا / يزورُك بالأفراحِ سِلماً مُسلِّما
ووافاكَ عيدُ الفِطر بالعزّ دائماً / ووفّاك صومُ الدهرِ أجراً معظَّما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025