المجموع : 4
أَلا مَن لِمَسجونٍ بِغَيرِ جِنايَةٍ
أَلا مَن لِمَسجونٍ بِغَيرِ جِنايَةٍ / يُعَدُّ مِنَ المَوتى وَما حانَ يَومُهُ
يُرَوِّعُهُ عِندَ الصَباحِ اِنتِباهُهُ / وَطوبى لَهُ طالَ وَاِمتَدَّ نَومُهُ
جَفاهُ بِلا ذَنبٍ أَتاهُ صَديقُهُ / وَأَسلَمَهُ لِلهَمِّ وَالحُزنِ قَومُهُ
وَأَرخَصَ مِنهُ الدَهرُ ما كانَ غالِياً / عَلى مُشتَري الأَحزانِ في الناسِ سَومُهُ
فَيا اِبنَ الدَوامِيِّ الَّذي جودُ كَفِّهِ / عَميمٌ وَفي بَحرِ المَكارِمِ عَومُهُ
وَلِيُّكَ ضامَتهُ اللَيالي وَقَد يُرى / حَراماً عَلى الأَيّامِ وَالدَهرِ ضَيمُهُ
فَزُر عائِداً مِن يَومُ لُقياكَ عيدُهُ / فَقَد طالَ عَن تِلكَ الوَظيفَةِ صَومُهُ
وَقَد كُنتَ قِدماً مُشفِقاً مِن مَلامَةٍ / فَما بالُهُ قَد هانَ عِندَكَ لَومُهُ
وَلائِمَةٍ لي في الهِجاءِ أَجَبتُها
وَلائِمَةٍ لي في الهِجاءِ أَجَبتُها / مَلامُكِ لي فيمَن هَجَوتُ مِنَ الظُلمِ
أَحَقُّ بِلَومٍ مَن سَهِرتُ مُراعِياً / لَهُ النَجمَ في تَنقيحِ غَرّاءَ كَالنَجمِ
فَلَم أَلقَ مِنهُ البِشرَ فَضلاً عَنِ النَدى / وَيا رُبَّ مَدحٍ صارَ داعِيَةَ الذَمِّ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ قَضِيَّةً
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ قَضِيَّةً / أُعيذُكَ أَن تَلقى بِها اللَهَ آثِما
أَلَستَ أَمينَ اللَهِ في الخَلقِ واجِباً / عَلَيكَ لَهُم أَن تَستَرِدَّ المَظالِما
أَفي العَدلِ أَن يُمسي أُسامَةُ ضارِياً / عَلى أَخذِ أَموالِ الرَعِيَّةِ عازِماً
يَشُنُّ عَليهِم كُلَّ يَومٍ إِغارَةً / وَيَنزُرُهُم مِمّا اِصطَفوهُ الكَرائِما
وَأُقسِمُ إِن أَمسى وَأَصبَحَ جَمَّةً / ذَخائِرُهُ في النَفسِ وَالمالِ سالِما
بِأَنَّكَ ما هَذَّبتَ بَغداذَ مِن أَخي / فَسادٍ وَلا اِستَأصَلتَ دَهرَكَ ظالِما
وَأَنَّكَ ما أَغمَدتَ لِلجودِ صارِماً / شَهيراً وَلا جَرَّدتَ لِلعَدلِ صارِما
حَياكِ الرَبيعُ مِن فِصاحٍ أَعاجِمِ
حَياكِ الرَبيعُ مِن فِصاحٍ أَعاجِمِ / بِأَخضَرَ مَيّادٍ مِنَ البانِ ناعِمِ
وَطِرتُنَّ في خَضراءَ مونِقَةِ الثَرى / قَريبَةِ عَهدٍ بِالعِهادِ الرَوازِمِ
لَقَد هاجَ لي تَغريدُ كُنَّ عَشِيَّةً / لَواعِجَ شَوقٍ مِن هَوىً مُتَقادِمِ
وَتَذكارَ أَيّامٍ قِصارٍ تَصَرَّمَت / كَما اِكتَحَلَت بِالطَيفِ أَجفانُ حالِمِ
نَعَم وَاِكتَسى مَغناكِ يا دارَةَ الحِمى / مَلابِسَ مِن وَشي الرِياضِ النَواجِمِ
إِذا أَسبَلَت فيها الغَوادي دُموعَها / حَكَت ثَغرَ مُفتَرٍّ عَنِ النَورِ باسِمِ
وَفي عَقِداتِ الرَملِ ظَبيٌ كِناسُهُ / صُدورُ العَوالي شُرَّعاً وَالصَوارِمِ
وَأَهيَفُ مَهزوزُ القَوامِ إِذا اِنثَنى / وَهَبتُ لِعُذري فيهِ ذَنبَ اللَوائِمِ
بِثَغرٍ كَما يَبدو لَكَ الصُبحُ باسِمٍ / وَفَرعٌ كَما يَدجو لَكَ اللَيلُ فاحِمِ
مَليحُ الرِضا وَالسُخطُ يَلقاكَ عاتِباً / بِأَلفاظِ مَظلومٍ وَأَلحاظِ ظالِمِ
وَفي الجيرَةِ الغادينَ كُلُّ خَريدَةٍ / تَنوءُ عَلى ضُعفٍ بِحِملِ المَآثِمِ
إِذا جَمَشَت أَعطافَهُنَّ يَدُ الصَبا / تَأَوَّدنَ أَمثالَ الغُصونِ النَواعِمِ
وَقابَلنَ سُقمي بِالخُصورِ الَّتي وَهَت / مَعاقِدُها وَأَدمُعي بِالمَباسِمِ
وَمِمّا شَجاني أَنَّني يَومَ بَينَهِم / شَكَوتُ الَّذي أَلقى إِلى غَيرِ راحِمِ
وَحَمَّلتُ أَثقالَ الجَوى غَيرَ حامِلٍ / وَأَودَعتُ أَسرارَ الهَوى غَيرَ كاتِمِ
وَأَبرَحُ ما قاسَيتُهُ أَنَّ مُسقِمي / بِما حَلَّ بي مِن حُبِّهِ غَيرَ حالِمِ
وَلَو كُنتُ مُذ بانوا سَهِرتُ لِساهِرٍ / لَهانَ وَلَكِنّي سَهِرتُ لِنائِمِ
عَذيرِيَ مِن قَلبٍ يُجاذِبُني الهَوى / إِلَيكَ وَمِن لاحٍ عَلَيكَ وَلائِمِ
يُعَيِّرُني مَن لَم يَذُق حَرَقَ الأَسى / عَلَيكَ وَلا فَيضَ الدُموعِ السَواجِمِ
وَلا باتَ يَرعى شارِدَ النَجمِ طَرفُهُ / وَلا ظَلَّ يَستَقري رُسومَ المَعالِمِ
فَأَخجِل بِأَجفاني وَجُهدِ مُحَمَّدٍ / إِذا ما اِستَهَلّا مُثقَلاتِ الغَمائِمِ
أَبي الفَرَجِ الفَرّاجِ كُلَّ مُلِمَّةٍ / وَخَوّاضِ مَوجَ المَأزِقِ المُتَلاطِمِ
إِلى بَأسِهِ تُعزى الصَوارِمُ وَالقَنا / وَعَن جودِهِ يُروى حَديثُ الأَكارِمِ
لَهُ وَسَجايا الناسِ لُؤمٌ وَلَكنَةٌ / فَصاحَةُ قُسٍّ في سَماحَةِ حاتِمِ
عَجِبتُ لَهُ يَحمي الثُغورَ وَمالُهُ / تَناهَبَهُ السُوّالُ نَهبَ الغَنائِمِ
وَيَسلَمُ مِن رَيبِ الحَوادِثِ جارُهُ / وَما في يَديهِ بِالنَدى غَيرُ سالِمِ
وَما زالَ عَدلاً في القَضِيَّةِ مُنصِفاً / وَلَكِنَّهُ في المالِ أَجوَرُ حاكِمِ
تُضيءُ لَهُ آراؤُهُ وَسُيوفُهُ / لَدى كُلِّ يَومٍ مُظلِمِ الجَوِ قاتِمِ
فَيَجمَعُ بَينَ الطَيرِ وَالوَحشِ في الوَغى / وَقَد فَرَقَت بَينَ الطُلى وَالجَماجِمِ
وَكَم غارَةٍ شَعواءَ ضَرَّمَ نارَها / بِكُلِّ أَشَّمِ المَنكِبَينِ ضُبارِمِ
فَوارِسُ أَمثالُ الأُسودِ فَوارِساً / عَلى ضُمَّرٍ مِثلِ السِهامِ سَواهِمِ
لَقَد سيسَ مِنهُ المُلكُ وَهوَ مُضَيَّعٌ / بِرَأيِ بَصيرٍ بِالعَواقِبِ حازِمِ
وَأَضحَت بِهِ الدُنيا وَقَد رُدَّ أَمرُها / إِلى مُحصَدِ الأَرآءِ ثَبتِ العَزائِمِ
رَآهُ أَميرُ المُؤمِنينَ لِدائِها / وَقَد أَعضَلَت أَدواؤُها خَيرَ حاسِمِ
تَخَيَّرَهُ مِن نَبعَةٍ كِسرَوِيَّةٍ / أَبى عودُها أَن يَستَلينَ لِعاجِمِ
وَصالَ عَلى الأَعداءِ مِن حَدِّ بَأسِهِ / بِأَبيَضَ مَضّاءِ الغِرارَينِ صارِمِ
وَأَلقى مَقاليدَ الأُمورِ مُفَوِّضاً / إِلَيهِ فَلَم يَقرَع لَها سِنَّ نادِمِ
وَحَمَّلَ أَعباءَ الوِزارَةِ كاهِلاً / حَمولاً لِأَعباءِ الأُمورِ العَظائِمِ
وَزيراً يَحِنُّ الدَستُ شَوقاً وَصَبوَةً / إِلَيهِ حَنينَ المُطفِلاتِ الرَوائِمِ
رَأى الناسُ بَحرَ الجودِ مَلآن فَاِنثَنَوا / إِلَيهِ بِآمالٍ عِطاشٍ حَوائِمِ
فَأَضحَوا عَلى الإِطلاقِ في أَسرِ جودِهِ / بِبيضِ الأَيادي لا بِسودِ الأَداهِمِ
أَقائِدَها قُبَّ البُطونِ إِذا سَمَت / إِلى طَلَبٍ طارَت بِغَيرِ قَوادِمِ
تُدافِعُ بِالأَبطالِ في كُلِّ مَأزِقٍ / تَدافُعَ سَيلِ العارِضِ المُتَراكِمِ
إِذا أَصبَحَت أَرضَ العَدُوِّ لِغارَةٍ / أَقامَت مَعَ الإِمساءِ سوقَ المَآتِمِ
تُدَمّي خُدودَ الغانِياتِ كَأَنَّما / رَكَضتَ بَهِنَّ في وُجوهِ اللَواطِمِ
بِعَدلِكَ أَمسى الدينُ بَعدَ اِعوِجاجِهِ / قَويماً وَأَضحى المُلكُ عالي الدَعائِمِ
وَما كُنتَ إِلّا العارِضَ الجَونِ جَلجَلَت / رَواعِدُهُ حَتّى اِرتَوى كُلُّ حائِمِ
تَمَنّى الأَعادي أَن يُصيبَكَ كَيدُهُم / وَمِن دونِ ما راموهُ حَزُّ الغَلاصِمِ
وَدَسّوا لَكُم تَحتَ التُرابِ مَكائِداً / فَلَم يَظفَروا إِلّا بَعَدِّ الأَباهِمِ
أَرَيتَهُمُ حُمرَ المَنايا سَوافِراً / تُطالِعُهُم مِن بَينِ زُرقِ اللَهاذِمِ
وَكُنتَ لَهُم لَمّا رَموكَ بِمَكرِهِم / قَذىً في العُيونِ بَل شَجى في الحَلاقِمِ
حَرَمتَهُمُ طيبَ الحَياةِ فَلَم تَدَع / لَهُم عيشَةً فيها تَلَذُّ لِطاعِمِ
فَماتوا بِها مَوتَ الكِلابِ أَذِلَّةً / وَعاشوا بِها في الجَهلِ عَيشَ البَهائِمِ
فَيا عَضُدَ الدينِ اِستَمِعها غَرائِباً / مِنَ المَدحِ تَستَغني عَلى كُلِّ ناظِمِ
إِذا سُمتَها تَقريظَ مَدحِكَ أَصبَحَت / مَصاعِبُها تَنقادُ طَوعَ الخَزائِمِ
تَزورُكَ أَيّامَ التَهاني فَتَجلِبُ ال / ثَناءَ إِلى أَسواقِكُم في المَواسِمِ
وَعِش في نَعيمٍ لا يَحولُ جَديدُهُ / وَمَجدٍ يَجولُ في ظُهورِ النَعائِمِ