المجموع : 9
أأحبَابَنا مُذْ أفْرَدَتْنِيَ مِنكُمُ
أأحبَابَنا مُذْ أفْرَدَتْنِيَ مِنكُمُ / صُروفُ اللّيالِي أفْرَدَتْنِيَ بالهَمِّ
وحُمِّلتُ ثِقَلَ الشوق عنكُم وإنّني / لأضعُفُ عن حَمل التَشَوُّقِ والسّقْمِ
كأنّيَ عَودٌ أوهَن الثِّقلُ صحبَه / فردّوا عليه ثقْلَهُنّ على رَغْمِ
وهاجَ ليَ الشوقَ القديمَ حَمامةٌ
وهاجَ ليَ الشوقَ القديمَ حَمامةٌ / على غُصُنٍ في غَيْضَةٍ تترنّمُ
دعتْ شجوَها محزونةً لم تَفضْ لها / دُمُوعٌ ففاضت أدمُعِي مَزْجُها دمُ
فقلتُ لها إن كنت خنساءَ لوعةً / ووجداً فإنّي في البكاءِ متمّمُ
لكَ الفضلُ من دون الوَرى والمكارمُ
لكَ الفضلُ من دون الوَرى والمكارمُ / فَمَنْ حاتِمٌ ما نال ذا الفخرَ حاتِمُ
وصَلتَ فأغنيتَ الأنامَ عن الحَيا / وصُلْتَ فخافَت من سُطاك الصّوارِمُ
وجُدتَ على بُخلِ الزَّمانِ فأين مِن / نَداكَ السكوبِ المُستهِلِّ الغَمائمُ
تكفّلتَ للإسلام أنكَ مانِعٌ / حِماهُ مبيحٌ ما حَمى الكفرُ هادِمُ
فأصبحتَ تَرعى سرحَه بصَريمةٍ / من العزمِ لم تبلُغ مَداها العَزائمُ
وأيّدتَه بالعدلِ والبذل والتُّقَى / وضربِ الطّلى والصالحاتُ دَعائِمُ
فَعدلٌ مُزيلٌ كلَّ ظُلمٍ وُجُودُه / وجودٌ مُذيل ما تَصون الخَواتِمُ
رميتَ العِدا بالأُسْدِ في أجَمِ القَنا / على الجُرد تقتادُ الرّدى وهو راغِمُ
بمثلِ أتِيِّ السّيلِ ضاقَ به الفَضا / وضاقَ على الأعداءِ منهُ المخارمُ
يُبارين شُهْبَ القَذفِ يَحمِلن مثلَها / من الحَتْف للباغي الرّجيمِ رَوَاجِمُ
سرايا كَموجِ البحرِ في ليلِ عِثيرٍ / به مِن عَواليهِمْ نجومٌ نَواجِمُ
تسيرُ جيوشُ الطّير فوق جيوشِها / لها كلَّ يوم من عِداها ولائِمُ
فإن خَفَضَ الفُرسانُ للطّعنِ في الوغى / رِماحَهُمُ انقضَّتْ عليها القَشاعِمُ
تعرَّض منها فَوق غزَّة عارِضٌ / سحابُ المَنايا فوقَه مُتراكِمُ
فلِلنَّقعِ سُحبٌ والسيوفُ بوارقٌ / ولِلدَّمِ وَبْلٌ والنّباتُ جَماجِمُ
بوارقُ منها الغوثُ لا الغيْثُ يُرتجَى / أشائِمُ لا يَروَى بها الدَّهرَ شائِمُ
فليس لراجٍ غيرَ عفوِك ملجأٌ / وليس لعاصٍ لم يُنِبْ منك عاصِمُ
تنزّهتَ عن أموالِ مَن أنتَ قاتلٌ / فقد جُهلَتْ بين الجيوشِ المَقاسِمٌ
فَنَهبُك أرواحٌ تُنفِّلُها الظُّبَا / وسُمْرُ العَوالي والبلادُ مغانِمُ
فلا مَوردٌ إلاّ يُمازِجهُ دمٌ / ولا مرتَعٌ إلاّ رعته المَناسِمُ
فسيفُك للخَصمِ المعاندِ خاصِمٌ / وعدلُكَ للشكوى وللجَورِ شاكِمُ
خلطتَ السّطا بالعَدلِ حتّى تألّفَتْ / أسودُ الشّرى والمُطفِلاتُ الرّوائِمُ
يَشُنُّ أبو الغاراتِ غاراتِ جُودِهِ / على مالِه وهو المطيعُ المُسالِمُ
ويبعثُها شُعثَ النّواصي كأنّها / ذئابُ الفَلا تُردي عليها الضّراغِمُ
تُلِظُّ بأرضِ المشرِكين كأنّها / صوادٍ إلى وِردٍ حوانٍ حَوائمُ
فَويحَ العِدا من بأسها إنما سرى / إليها ولم تَشْعُر ردىً وَأداهُمُ
فهُم جُزُرٌ للبيضِ والبيضُ كالدّمَى / سبايا تُهادى والبلادُ مَعالِمُ
غزوتَهمُ في أرضِهم وبلادِهمْ / وجحفلُهمُ في أرضها مُتزاحِمُ
فأفنيتَهم قَتْلاً وأسراً بأسرِهم / فناجيهمُ مُستسلِمٌ أو مُسالِمُ
فلمّا أبادتهُم سيوفُكَ وانجَلت / عن الأرضِ منهمْ ظُلمةٌ ومظالِمُ
غزوتَهُمُ في البحرِ حتّى كأنما ال / أساطيلُ فيه موجُهُ المتلاطِمُ
بِفُرسانِ بحرٍ فوقَ دُهْمٍ كأنّها / على الماءِ طيرٌ ما لهُنَّ قَوادِمُ
يصرِّفُها فُرسانُها بأعِنَّةٍ / جَرَت حيثُ لم تُوصل بهِنَّ الشَّكائِمُ
إذا دَفعوها قلتَ فُرسانُ غارَةٍ / سَرَوْا بجيادٍ ما لَهُنَّ قوائِمُ
يَسوقُ أساطيلَ الفرنجِ إليهِمُ / حِمامٌ وطيرٌ للفَرنجِ أَشائِمُ
دماؤُهُم في البحرِ حُمرٌ سوائِحٌ / وهامُهمُ في البرّ سُحْمٌ جَواثِمُ
فلم يَخفَ في فَجٍّ من الأرضِ هارِبٌ / ولم يَنجُ في لُجٍّ من الماءِ عائِمُ
وعاد الأُسارى مُردَفين وسُفْنُهم / تُقادُ كما قاد المهاري الخَزائِمُ
وقد شَمَّر المَلْكانِ في الله طالِبَيْ / رِضاهُ بعزمٍ لم تَعُقْهُ اللّوائِمُ
بجِدٍّ هو العضبُ الحسامُ وحدُّهُ / لعاديةِ الأعداءِ والكفرِ حاسِمُ
وقاما بنصرِ الدِّين واللهُ قائمٌ / بنصرِهما ما دام للسيفِ قائمُ
وما دون أن يَفنى الفرَنجُ وتُفْتَحَ ال / بلادُ سوى أن يُمضيَ العزمَ عازِمُ
فيا مَلِكاً قد أحمد اللهُ سعيَه / ونيَّتَه واللهُ بالسِرِّ عالِمُ
تَهنَّ ثناءً طبَّقَ الأرضَ نَشرُهُ / هو المسكُ لا ما ضُمِّنَتْهُ اللَّطائِمُ
ثَناءً به يَحدو الحُداةُ ويُنشِدُ الرْ / رُواةُ وتَشدو في الغصونِ الحمائِمُ
يسيرُ معَ الرُّكبانِ أنَّى تيمَّمُوا / على أنّه في ساحةِ الحيِّ هاجِمُ
أميرَ الجيوشِ اُسمَعْ مقالَة بائحٍ / بشكرِكَ يُبدي مثلَ ما هو كاتِمُ
بِفَضْلِكَ آلى صادِقاً أنَّ فكرَهُ / لعَاصٍ له في نَظمِ ما هو ناظِمُ
كأَنَّ بَديعَيْ شعرِهِ وبَيانِهِ / حروفُ اُعتلالٍ والهمومَ جوازِمُ
على أنه كالصُّمِّ صبراً وقسوةً / تَحزُّ المُدى في قلبِه وهو كاظِمُ
فما يَعرفُ الشّكْوى ولا يستكينُ لِلْ / خُطوبِ ولا تُوهي قواهُ العَظائِمُ
ولو كان سَحباناً أَجرَّ لسانَهُ / ألا هكَذا في الله تُمضي العزائمُ
هيَ السّحرُ لا ما سارَ عن أرضِ بابلٍ / هي الدُّرُّ لا ما ألَّفَتْهُ النّواظِمُ
فريدةُ دهرٍ للقلوبِ تهافُتٌ / عليها وللأَسماعِ فيها تَزاحُمُ
إذا أُنْشِدَتْ في مَحفِلٍ قالَ سامِعٌ / أنَفْثَةُ سِحرٍ أم رُقىً وتمائمُ
ولولا رجاءُ الصَّالحِ المَلِكِ الّذي / بدولَتِهِ الدَّهرُ المقَطِّبُ باسِمُ
وأنّي أُمَنِّي النفسَ لثْمَ بنانِهِ / وما كانَ قبلي للسحائِبِ لاثِمُ
ففيها مَنايا للأعادي قَواصِمٌ / وفيها بحارٌ للعطايا خَضارِمُ
وحَطِّي رحالَ الشكرِ عنِّي بِبابِهِ / بحيثُ اعْتِدا الآمالِ في المالِ حاكِمُ
ويعجبُ منّي الناسُ حتَّى يقولَ مَن / رآني إلى الجنَّاتِ قد عادَ آدَمُ
قضيتُ لبُعدي عن ذُراهُ ندامَةً / ولا عجَبٌ إن ماتَ بالهمِّ نادِمُ
أتتْكَ ابنةُ الفِكر الحسيرِ وإِنَّها / تسيرُ مَسيرَ البَدْر والليلُ عاتِمُ
بمدْحٍ بديعٍ من وليِّ مُمَدَّحٍ / جَديرٍ بأن يُغلي به السَّومَ سائِمُ
تَسومُ جميلَ الرأيِ لا المالَ إنَّه / بَذولٌ له فيما قَضَتْهُ المكارِمُ
تَضَمَّنَ روضاً زهرُه مدحُ مجدِكَ الْ / عَليَّ وأوراقُ الكتابِ كَمائِمُ
فدُمتَ ودامتْ هالةٌ أنتَ بدرُها / ومُلْكُكَ ما كرَّ الجديدانِ دائمُ
لَنا هَجمةٌ للحقِّ إن نابَ والقِرى
لَنا هَجمةٌ للحقِّ إن نابَ والقِرى / وللجارِ ما تَنْفَكَّ نَهباً مقَسَّمَا
إذا هي لم يَعْجَل إلى الضيفِ دَرُّها / أدرَّ اليماني من عَراقِبها الدَّما
لَحى اللهُ أرضاً يرشُفُ المرءُ رِزقَه
لَحى اللهُ أرضاً يرشُفُ المرءُ رِزقَه / بها مُكرَهاً رشْفَ الذّعَافِ مِن السَمِّ
تُشَيِّبُ حباتِ القلوبِ بجَورِهَا / وتُهرِمُ إنسانَ العُيون مِن الهَمِّ
لا تأسفَنَّ لذاهِبٍ أو فائتٍ / يُرجَى ولا تُتْبِعْهُ زفرَةَ نَادِمِ
واصبِر على الحَدَثَانِ صَبَرَ مُسلِّمٍ / مُتيقِّنٍ أنْ ليسَ مِنهُ بسَالِمِ
فغضارَةُ الدّنيا كظلٍّ زائلٍ / والعيشُ فِيها مِثلُ حُلمِ النّائِمِ
والدّهرُ يَمنحُ ثم يَمنعُ نَزْرَ ما / أعطى ويَبخلُ بالسّرورِ الدّائِمِ
والنَّاسُ مَن لَمْ يَصْطبِرْ لِمُصَابِهِ / صبرَ الرِّضا صبَرَ اصطبار الرَّاغِمِ
إذا ما عَرا مالا أَطيقُ دفاعَهُ
إذا ما عَرا مالا أَطيقُ دفاعَهُ / وأرْمَضَني الفكرُ المُسَهِّدُ والهَمُّ
دعوتُ الذي ناداهُ موسى لدفعِ ما / يحاذِرُ من فِرعونَ فانفرَقَ اليَمُّ
وناديتُ مَن ناداه ذو النُّونِ واثِقاً / به في ظلامِ البَحرِ فانكشَفَ الغَمُّ
نعم هذه الأطلال قفر كما ترى
نعم هذه الأطلال قفر كما ترى / فما عذر أجفاني إذا لم تفض دما
ولليوم أعددت الدموع وصنتها / وما يستجم الدمع إلا ليسجما
وفي منزل الأحباب عذر لذي الهوى / فلا لوم إلا أن تجور وتظلما
علقت هواكم في بلهنية الصبا
علقت هواكم في بلهنية الصبا / فقلت إذا وفى المشيب تصرما
فقد زارني شيبي وتسعون حجة / وست مضت لي صبوة وتتيما
بتذكار وصل كان في غير ريبة / يزين هوانا عفة وتكرما
بنظرة عين أو برد تحية / ألذ من الماء الزلال على الظما
ورجع حديث في عفاف تخاله / إذا ما وعاه السمع درا منظما
فليت الليالي أسعفتني صروفها / وردت زمانا بالسرور تقدما
وما كنت أهوى الدار إلا لأهلها
وما كنت أهوى الدار إلا لأهلها / على الدار بعد الظاعنين سلام