المجموع : 4
أَفي كُلِّ عامٍ مَصْرَعٌ لعَظِيم
أَفي كُلِّ عامٍ مَصْرَعٌ لعَظِيم / أَصابَ المَنَايا حادِثِي وقَدِيمي
هَوَى قَمَرا قَيْسِ بْن عَيْلانَ آنِفاً / وأَوْحَشَ مِن كَلْبٍ مَكَان زَعِيمِ
فَكَيْفَ لِقَائِي الحادِثَاتِ إِذا سَطَتْ / وقد فُلَّ سَيْفِي منهُمُ وعَزِيمِي
وكَيْفَ اهْتِدائي في الخُطُوبِ إِذا دَجَت / وقد فَقَدَتْ عَيْنَايَ ضَوْءَ نُجُومِي
مَضَى السَّلَفُ الوَضَّاحُ إِلا بَقِيّةً / كغُرّةِ مُسْوَدِّ القَمِيصِ بَهيمِ
رَمَيت بها الآفاقَ عَنِّى غَرِيبَةً / نَتِيجةَ خَفَّاقِ الضُّلُوعِ كَظِيمِ
لأُبْدِي إِلى أَهْلِ الحِجَا مِن بَواطِنِي / وأُدْلِي بعذْرٍ في ظَوَاهِرِ لُومِ
أَنا السيْف لم تَتْعَبْ به كَف ضارِبٍ / صَرومٌ إِذا صادَفْت كَفَّ صَرومِ
سَعَيْتُ بأَحْرَارِ الرِّجَالِ فخانَنِي / رِجَالٌ ولم أُنْجَدْ بجَدّ عَظِيمِ
وضيَّعَنِي الأَمْلاكُ بَدْءاً وعَوْدةً / فضِعْت بدارٍ منهُم وحَرِيمِ
فإِنْ رَكِبَتْ منِّي اللَّيَالِي هَضِيمةً / فقَبْلِيَ مَا كانَ اهْتِضَام تَمِيمِ
أَما وأَبِي الأَيَّام لَوْلا اعْتِدَاؤهَا / لَظَاهَرْت في ساداتِهَا بقُرومِ
وقَارَعْت مَن يَبْغِي قِرَاعِي منهم / بأَحْلامِ بَطْشٍ أَوْ بِطَيْش حلُومِ
أَحَلُّوا مَلامِي لا أَبَا لأَبِيهِم / وإِنِّي ورَبِّ المَجْدِ غَيْر مَلُومِ
فَلا تَعْذُلُونِي إِنْ وَلِهْت فإِنَّهَا / علاقةُ حَبْرٍ لا علاقةُ رِيمِ
أَبا عَبْدةٍ إِنَّا عَذَرْناك عِنْدَمَا / رَجَعْنَا وغَادَرْنَاك غَيْرَ ذَمِيمِ
أَنَخْذُل مَن كُنَّا نَرود بأَرْضِهِ / ونَكْرَع منه في إِناءِ علُومِ
ويَجْلُو العَمَى عنَّا بأَنْوارِ رأيهِ / إِذا أَظْلَمَت ظَلْمَاءُ ذات غُيومِ
كأَنَّكَ لم تُلْقِحْ برِيحٍ مِن الحِجَا / عَقَائِمَ أَوْكَارٍ بغَيْرِ عَقِيمِ
ولم نَعْتَمِدْ مَغْنَاكَ غَدْواً ولم نزَلْ / نَؤُمُّ لفَصْلِ الحُكْمِ دارَ حَكِيمِ
وطائِرةٍ تَهْوِي كأَنَّ جَناحها
وطائِرةٍ تَهْوِي كأَنَّ جَناحها / ضَمِيرٌ خَفِيُّ لا يُحَدِّدُهُ وهْمُ
مُلازِمةٍ للرَّوْضِ حتى كأَنَّما / لها كُلُّ ما تفْتَرُّ عنه الرُّبى طُعْمُ
تَمُجُّ بفِيها الشَّهْد صِرْفاً ويخْتَفِى / لمُشْتارِهِ ما بيْنَ أَحْشائِها سَهْمُ
مُنافِرةٍ للإِنْسِ تأنَسُ بالفَلا / مُفَرِّقةٍ للشَّهْدِ مِن بَعْضِها السُّمُّ
فإِدْناؤُها رُشْدٌ وَهَتْكُ حِجابها / إِذا احْتَجَبتْ في غَيْرِ أَيَّامِها ظُلْمُ
أَرى أَعْيُناً ترنُو إِليّ كأَنَّما
أَرى أَعْيُناً ترنُو إِليّ كأَنَّما / تُساوِرُ منها جانِبيَّ أَراقِمُ
أَدورُ فلا أَعْتامُ غيْر مُحارِبٍ / وأَسْعى فلا أَلْقَى امْرأً لِي يُسالِمُ
ويجْلِبُ لِي فَهْمِي ضُرُوباً مِن الأَذَى / وأَشقَى امْرِئٍ في قَرْيةِ الجهْلِ عالِمُ
وأَوْجعُ مَظْلُومٍ لقَلْبٍ وذِي حِجىً / فَتى عَربيٌّ تزدريهِ أَعاجِمُ
غَنِيتُمُ على ما تزعمُونَ عن الورى / لقد سَفِهَتْ تِلْكَ الحُلُومُ الزَّوَاعِمُ
وَهل يُقْدمُ البازِي على الطَّيْرِ في الضُّحى / إِذا زالَ عن ريشِ الجناحِ القَوادِمُ
سَلامٌ علَيْكُم لا تَحِيّةَ شاكِر / ولَكِنْ شَجى تَنْسدُّ منه الحلاقِمُ
وَما قُرِعتْ سِنِّي علَيْكُم نَدامةً / وأوشِكْ غَداً أَنْ يَقْرعَ السِّنَّ نادِمُ
علَيْكُم بدارِي فاهْدِمُوها دعائِماً / ففى الأَرْضِ بنَّاءُونَ لِي ودَعائِمُ
لئِن أَخْرجتْني عنكُم شرُّ عُصْبة / ففي الأَرْضِ إِخْوانٌ عليَّ أَكارِمُ
وإِنْ هَشَمَتْ حقِّي أُميّةُ عِنْدها / فَهاتا عَلى ظَهْرِ المحجَّةِ هاشِمُ
ولا غَرو مِن تَرْكِ القَلانِسِ جانِباً / إِذا عَرفَتْ حَقِّي هُناكَ العمائِمُ
ولمّا فَشا بِالدَّمْعِ مِنْ سِرِّ وجْدِنا / إِلى كاشحِينا ما القُلُوبُ كواتِمُ
أَمرْنا بإِمْساكِ الدُّمُوعِ جُفُونَنا / لِيْشجي بما تطوِي عَذُولٌ ولائِمُ
فظَلَّتْ دُمُوعُ العيْنِ حيْرى كأَنَّها / خِلالَ مآقِينا لآلٍ توائِمِ
أَبَى دَمْعُنا يَجْرِي مَخافةَ شامِتِ / فنَظَّمهُ بَيْنَ المحاجِرِ ناظِمُ
وراقَ الهَوى منَّا عُيُونٌ كَرِيمةٌ / تَبسَّمْنَ حتى ما تَرُوقُ المباسِمُ
أَلا مَسَخَ اللَّهُ القِطار حِجارةً
أَلا مَسَخَ اللَّهُ القِطار حِجارةً / تصوبُ عَلَينا وَالغمامَ غموما
وكانَت سَماء اللَّهِ لا تمطر الحَصى / ليالي كُنا لا نطيشُ حلوما
فَلَما تَحَولنا عَفاريت جنةٍ / تحول شؤبوبُ الغَمام رجوما