القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 8
أَماراتُ سِرِّ الحُبِّ ما لا يُكَتَّمُ
أَماراتُ سِرِّ الحُبِّ ما لا يُكَتَّمُ / وَأَبيَنُ شَيءٍ ما يُجِنُّ المُتَيَّمُ
ظَنَنتُ نُحُولي وَاِصفِراري مِنَ الهَوى / وَذَلِكَ مِمّا يَقتَضيهِ التَوَهُّمُ
لَعَمرُكَ ما بي مِن هَوىً غَيرَ أَنَّني / بِغُرِّ المَعالي يا اِبنَةَ القَومِ مُغرَمُ
وَقَد عَرَضَت مِن دُونِ ذاكَ فَأَحرَضَت / أُمُورٌ لَها يُستَهلَكُ اللَحمُ وَالدَمُ
إِذا خُطَّةً أَنكَرتُ مِن ذِي عَداوَةٍ / أَتاني مِنَ الأَحبابِ أَدهى وَأَعظَمُ
عَلى أَنَّني النَدبُ الَّذي يُكتَفى بِهِ / إِذا غالَها خَطبٌ مِنَ الدَهرِ مُبهَمُ
وَعِندي لِشانِيها سُيُوفٌ ثَلاثَةٌ / لِسانٌ وَرَأيٌ لا يُفَلُّ وَمِخذَمُ
وَلَستُ بِهَجّامٍ عَلى ما يَسُوءُها / وَلا ناطِقٍ بِالعَيبِ مِنّي لَها فَمُ
وَلا قابِضٍ فَضلَ الغِنى عَن فَقيرِها / وَلا باسِطٍ كَفّاً لَها حينَ أُعدِمُ
وَإِنّي لَأَقصاها إِذا ثابَ مغنَمٌ / وَإِنّي لأَدناها إِذا نابَ مَغرَمُ
وَلِي في الغِنى سَهمٌ إِذا ما أَفَدتُهُ / وَلِلدَفعِ عَن أَحسابِها مِنهُ أَسهُمُ
وَيَمنَعُني كَيدَ العَدُوِّ اِحتِقارُهُ / وَكَيد المُداجي عِفَّتي وَالتَكَرُّمُ
وَأَصفَحُ عَن جُهّالِ قَومي حَمِيَّةً / وَإِن أَسرَجُوا في هَدمِ عِزّي وَأَلجَموا
وَإِن قَطَعُوا أَرحامَ بَيني وَبَينهُم / وَصَلتُ وَذُو العَليا أَبَرُّ وَأَرحَمُ
وَأُغضي عَلى عَوراءِ قَومي وَإِنَّني / لَأَبصَرُ مِنهُم لَو أَشاءُ وَأَعلَمُ
وَأَحفَظُ وُدَّ الأَصدِقاءِ وَإِن هُمُ / إِلَيَّ بِلا جُرمٍ أَساؤُوا وَأَجرَمُوا
وَقائِلَةٍ لي وَالرِكابُ مُناخَةٌ / بِكِيرانِها تَرغُو مِراراً وَتَزغمُ
وَقَد أَيقَنَت مِنّي الرَحيلَ فَدَمعُها / تَوامٌ كَما اِنفَضَّ الجُمانُ المُنَظَّمُ
دَعِ الحلَّ وَالتِرحالَ وَالشَدَّ وَاِصطَبِر / فَصَبرُ الفَتى لَو شَقَّ أَحرى وَأَحزَمُ
وَلا تَجزَعَن إِنَّ اللَيالي بِأَهلِها / تَقَلَّبُ وَالأَيّامُ بُؤسى وَأنعُمُ
وَقَد يُصطَفى العِيرُ اللَئيمُ لِحَظِّهِ / مِراراً وَيُخفى الأَعوَجِيُّ المَطَهَّمُ
وَعاقِبَةُ الصَبرِ المُمِضِّ حَلاوَةٌ / وَإِن كانَ أَحياناً يُمِضُّ وَيُؤلِمُ
فَقُلتُ لَها وَالنَفسُ في غُلَوَائِها / تَجيشُ وَأَفكاري تَغُورُ وَتُتهِمُ
ذَريني فَإِنَّ الحُرَّ لا يَأَلَفُ الأَذى / وَقَد أَكثَرَ النَسلَ الجَديلُ وَشَدقَمُ
وَمَن يَكُ مِثلي ضَيمُهُ مِن رِجالِهِ / فَتِرحالُهُ لَو مَسَّهُ الضُرُّ أَحزَمُ
لَعَمري لَقَد طالَ اِنتِظاري وَلا أَرى / سِوى نارِ شَرٍّ كُلَّ يَومٍ تَضَرَّمُ
تَقُولينَ عُقبى الصَبرِ حُلوٌ مَذاقُهُ / وَما هِيَ إِلّا مُرَّةُ الطَعمِ عَلقَمُ
أَأَصبِرُ إِمّا شاكِياً مُتَعَتِّباً / إِلى شامِتٍ أَو باكِياً أَتَظَلَّمُ
سَأُرحِلُها إِمّا لِداعي مَنِيَّةٍ / وَإِمّا لِعِزٍّ حَوضُهُ لا يُهَدَّمُ
فَفي شاطِئِ الزَوراءِ مِن آلِ هاشِمٍ / إِمامُ هُدىً يُؤوَى إِلَيهِ فَيَعصِمُ
تَطُوفُ المُلوكُ الصِيدُ حَولَ فِنائِهِ / كَما طافَ بِالرُكنِ اليَمانِيِّ مُحرِمُ
تُرَجِّي بِهِ دِيناً وَدُنيا لِأَنَّهُ / إِلى اللَهِ في الدُنيا وَفي الدينِ سُلَّمُ
وَهَل مِثلُهُ يَومَ المَعادِ وَسيلَةٌ / إِلى اللَهِ إِلّا رَهطُهُ المُتَقَدِّمُ
أُبُوَّتُهُ إِمّا نَبِيٌّ مُعَظَّمٌ / إِلى اللَهِ يَدعُو أَو إِمامٌ مُكَرَّمُ
هُمُ القَومُ إِن مالُوا أَمالُوا وَإِن دُعُوا / أَنالُوا وَإِن خَفَّت بَنُو الحَربِ أَقدَمُوا
وَإِن وَعَدُوا أَوفُوا وَإِن قَدَرُوا عَفَوا / وَإِن سُئِلُوا النَعماءَ جادُوا وَأَنعَمُوا
وَإِن عاهَدُوا عَهداً أَصَرُوا وَحافَظُوا / وَإِن عَقَدُوا عَقداً أَمَرّوا وَأَحكَمُوا
وَإِن حارَبُوا قَوماً أَقامُوا وَأَقعَدُوا / وَإِن خُوطِبُوا يَوماً أَحَرّوا وَأَفحَمُوا
هُمُ نَزَلُوا أَحياءَ مَكَّةَ فَاِبتَنَوا / بِبَطحائِها في حَيثُ شاؤُوا وَخَيَّمُوا
وَأَضحوا وَبَيتُ اللَهِ فيهِم وَسَلَّمَت / خُزاعَةُ كُلَّ الأَمرِ فيهِم وَجُرهُمُ
وَلَم يَبقَ حَيٌّ في تِهامَةَ تُتَّقى / عَداوَتُهُ إِلّا أَذَلُّوا وَأَرغَمُوا
وَحَسبُكُمُ بِالناصِرِ المُهتَدى بِهِ / فَخاراً إِذا ما الناسُ لِلحَجِّ وَسَّمُوا
بِهِ يَرفَعُ الصَوتَ المُلَبّي وَبِاِسمِهِ / عَلى اللَهِ في دَفعِ المُلِمّاتِ يُقسِمُ
تُقِرُّ مِنىً وَالمَأزِمانِ بِفَضلِهِ / وَيَشهَدُ جَمعٌ وَالمُصَلّى وَزَمزَمُ
وَكَعبَةُ بَيتِ اللَهِ تَعلَمُ أَنَّها / لَهُ وَكَذا البَيتُ المُقَدَّسُ يَعلَمُ
وَكُلُّ بِقاعِ الأَرضِ قَد جُعِلَت لَهُ / حَلالاً فَيُعطي مَن يَشاءُ وَيَحرِمُ
وَلا دينَ إِلّا ما اِرتَضاهُ وَقالَهُ / وَحَسبُ اِمرِئٍ يَأباهُ دِيناً جَهَنَّمُ
أَضاءَت بِهِ الدُنيا سُروراً وَبَهجَةً / فَأَيّامُها تِيهاً بِهِ تَتَبَسَّمُ
وَأَلقَت إِلَيهِ بِالمَقاليدِ بُلغَرٌ / وَعُربٌ وَأَكرادٌ وَتُركٌ وَدَيلَمُ
وَما الناسُ وَالأَملاكُ إِلّا عَبيدُهُ / صَريحُهُمُ إِن يُنسَبُوا وَالمُخَضرَمُ
وَأَضحى بِهِ الإِسلامُ غَضّاً وَأَصبَحَت / عُيونُ الأَذى عَن سِربِهِ وَهيَ نُوَّمُ
وَمُذ خَفِقَت راياتُهُ وَبُنُودُهُ / فَوَجهُ بِلادِ الشِّركِ بِالضَيمِ يُلطَمُ
لَها كُلَّ يَومٍ مِنهُ شَعواءُ لا تَني / تَؤُزُّ نَواحيها وَجَيشٌ عَرَمرَمُ
وَمُذ سَلَكَت فرسانُهُ مِن دِيارِها / مَحارِمَها لَم يَبقَ لِلشِركِ مَحرَمُ
أَعَزَّ بِهِ اللَهُ الرَعِيَّةَ فَاِغتَدَت / وَلا ظالِمٌ فيها وَلا مُتَظَلِّمُ
وَخَلّي الأَذى مَن كانَ لَولا اِنتِقامُهُ / يُشَمِّرُ عَن ساقٍ لَهُ وَيُصَمِّمُ
وَمَن أَلزَمَ الأُسدَ القِصاصَ فَهَل تَرى / أُوَيساً عَلى شاءٍ بِوادِيهِ يُقدِمُ
جَنَت ما جَنَتهُ وَهي تَحسِبُ أَنَّها / مِنَ العُجبِ إِذ كانَت سِماكٌ وَمِرزَمُ
فَلَمّا رَماها بِالعُقوبَةِ لَم تَرُح / مِنَ الغابِ إِلّا وَهيَ لَحمٌ مُوَضَّمُ
فَأَصبَحَ يَرعى آمِناً في جَنابِهِ / عَتُودٌ وَسِرحانٌ وَعِيرٌ وَضَيغَمُ
إِلَيكَ سَمِيَّ المُصطَفى وَاِبنَ عَمِّهِ / تَخَطَّت بِيَ البَيداءَ وَجناءَ عَيهمُ
وَخاضَ بِيَ الرَجّافَ عارٍ عِنانُهُ / يَبيتُ بِيُمنى فارِسٍ لا يُوَهّمُ
وَحُسنُ اِعتِقادي وَالوَلاءُ أَجاءَني / إِلَيكَ وَوُدٌّ خالِصٌ لا يُجَمجَمُ
وَأَفضَلُ ما يُرجى ثَوابُ زِيارَةٍ / يَؤُمُّ بِها أَكنافَ دارِكَ مُسلمُ
إِلى كَم مُدارَاةُ العِدى وَاِحتِرامُها
إِلى كَم مُدارَاةُ العِدى وَاِحتِرامُها / وَكَم يَعتَرينا ضَيمُها وَاِهتِضامُها
أَما حانَ يا فَرعَي رَبيعَةَ أَن أَرى / بَناتِ الوَغى يَعلُو الرَوابي قَتامُها
رِدوا الحَربَ وِردَ الظامِئاتِ حِياضَها / خَوامِسَ يَغتالُ الفِصالَ اِزدِحامُها
وَخُوضُوا لَظاها بِاِقتِحامٍ فَإِنَّما / يُكَشِّفُ غَمّاءَ الحُروبِ اِقتِحامُها
ولَوذوا بِبيضِ المَشرَفِيَّةِ إِنَّها / لَها عِزَّةٌ قَعساءُ وافٍ ذِمامُها
وَلا تَركَنُوا يَوماً إِلى ذِي عَداوَةٍ / وَإِن قِيلَ هَذا عِقدُها وَنِظامُها
فَإِنَّ عُرى الأَعداءِ قَد تَعلَمونَها / سَريعٌ بِأَيدي الماسِكينَ اِنفِصامُها
وَأُقسِمُ ما عَزَّت مُلوكُ قَبيلَةٍ / غَدَت وَبِأَسبابِ العَدُوِّ اِعتِصامُها
وَلا ظَفِرَت بِالنُجحِ طُلّابُ غايَةٍ / تَروحُ وَفي كَفِّ المُعادي زِمامُها
سَلُوا عَن مُلوكٍ مِنكُمُ هَل أَفادَها / قُعُودُ عُقَيلٍ بَعدَها أَو قِيامُها
وَهَل دَفَعَت عَن ماجِدِ بنِ مُحَمَّدٍ / وَقَد كانَ مِنهُ حِلُّها وَحَرامُها
وَهَل طَلَبَت ثارَ اِبنِ شُكرٍ وَهَل حَمى / أَبا ماجِدٍ خَطِّيُها وَحُسامُها
وَهَل عَن غُرَيرٍ طاعَنَت وَبِهِ اِحتَوَت / مُناها وَبِالبَحرَينِ جارَ اِحتِكامُها
وَهَل سالَمَت مَن كانَ يَحمي جَنابَها / وَتَرعى بِهِ في كُلِّ أَرضٍ سَوامُها
جَزاءُ سِنِمّارٍ جَزاءٌ بِهِ اِقتَدَت / وَمالَ إِلَيها كَهلُها وَغُلامُها
بَنى القَصرَ حَتّى اِستَحكَمَت شُرُفاتُهُ / وَأَيَّدها آجُرُّها وَرُخامُها
وَغُودِرَ مِن أَعلى ذُراها مُنَكَّساً / وَلا ذَنبَ إِلّا حُسنُها وَاِنتِظامُها
بَذَلنا لَها مِن مالِها كُلَّ صَهوَةٍ / يُشَدَّ عَلى مِثلِ القَناةِ حِزامُها
وَصُنّا بِأَنواعِ الحَريرِ جُسُومَها / وَمَلبَسُنا صُوفُ الرُعَينا وَخامُها
وَرُحنا وَدُخنُ القَريَتَينِ طَعامُنا / وَبُرُّهُما المَحضُ المُصَفّى طَعامُها
وَمَن يَعضِ ما يُهدى لَها مِن عَطائِنا / بَساتِينُ يَشدُو بِالأَغاني حَمامُها
وَكُلُّ نَفيسٍ كانَ حَشوَ قُصُورِنا / عَدَلناهُ عَنّا فَاِحتَوَتهُ خِيامُها
وَمِنّا عَوالِيها وَمِنّا دُرُوعُها / وَمِنّا مَواضيها وَفينا كِلامُها
ذَلَلنا وَقُلنا عَلَّ في الذُلِّ راحَةً / وَعَلَّ فُحُولَ الشَولِ تُروى حِيامُها
فَلَم يُغنِ عَنا ذُلُّنا وَخُضُوعُنا / غَناءً وَلا أَموالُنا وَاِقتِسامُها
أَفي كُلِّ يَومٍ يا لَقَومي بَلِيَّةٌ / وَخُطَّةُ خَسفٍ مِن عَدُوٍّ تُسامُها
أَما وَأَبيكُم إِنَّ قَلبي لَمُوجَعٌ / لِذاكَ وَعَيني لا يَجِفُّ اِنسِجامُها
وَما عَبَرَت بِي لَيلَةٌ مُنذُ مُدَّةٍ / كَما قالَ إِلّا لَيلَةٌ لا أَنامُها
وَما ذاكَ ذُلّاً بَل بَقايا حَمِيَّةٍ / عَلى حَدَثانِ الدَهرِ باقٍ عُرامُها
وَإِنّي مِنَ القَومِ الَّذينَ إِذا اِنتَدَت / رَبيعَةُ يَوماً كانَ مِنهُم هُمامُها
أَلا يا لَقَومي مِن عَلِيِّ بنِ عَبدَلٍ / وَلِلخَطبِ يُدعى أُسدُها لا نعامُها
أَلَستُم بَني الغُرِّ الأُلى عُرِفَت لَهُم / نُفوسٌ نَفيساتُ المَعالي مَرامُها
فَإِن نَزَلُوا أَرضاً فَمِنهُم مَلِيكها / وَإِن جَمَحَت قَومٌ فَمِنهُم شَكامُها
أَتَرضونَ ذا النَقصَ الَّذي ما وَراءَهُ / وَأَنتُم إِذا صالَت مَعَدٌّ سِطامُها
وَيُودى قَتيلٌ كانَ في كُلِّ ساعَةٍ / يُجَمِّعُ أَوباشاً كَثيرٌ طَغامُها
وَيَقطَعُ طُرقَ المُسلِمينَ نَهارَهُ / عِلاناً وَلا يَثنِيهِ عَنها ظَلامُها
فَكَم مِن حِمارٍ خَرَّ عَقراً بِسَيفِهِ / وَدَوخَلَّةٍ قَد فُضَّ عَنها خِتامُها
فَإِن غَضِبَت فيها عُقَيلٌ فَأَنتُمُ / بَنو الحَربِ إِذ يُذكي لَظاها ضِرامُها
وَما نِيلَ غَدراً بَل أَتى في عِصابَةٍ / قَليلٌ مِنَ الغَدرِ الشَنيعِ اِحتِشامُها
فَأُوجِرَها نَجلاءَ طَعنَةَ ثائِرٍ / كَجَيبِ قَميصٍ لا يُرَجّى اِلتِئامُها
أَراحَ بِها مِنهُ الحَميرَ فَأَصبَحَت / تَناهَقُ في المَرعى وَيَعلُو رُدامُها
فَواسوأَتا إِن كانَ يُودى قَتيلُها / عَلى ذا وَيُدنى في حِمانا مَقامُها
وَيُقتَلُ بِالغَدرِ الصَريحِ كِرامُنا / فَتُلغى لَقَد خِبنا وَفازَت سِهامُها
أُعِيذُكُمُ أَن تَقبَلُوا ذا وَأَنتُمُ / ذُؤابَةُ أَفصى كُلِّها وَسِنامُها
فَيابا سِنانٍ قُم فَأَنتَ زَعيمُها / وَأَنتَ مُرَجّاها وَأَنتَ هُمامُها
وَفي كَفِّكَ السَيفُ الَّذي لَو سَلَلتُهُ / لقِيلَ أَرى الأَعرابَ خَصَّبَ عامُها
وَخالَ سَناهُ مَن بِنَجدٍ عَقيقَةً / يُشَقَّقُ عَنها يَومَ دَجنٍ غَمامُها
وَحَولَكَ مِن أَبنائِكَ الصِيدِ فِتيَةٌ / كَثيرٌ لِأَرواحِ العَدُوِّ اِختِرامُها
وَمِن نَسلِ جَدَّيكَ العَلِيَّينِ غِلمَةٌ / نَشَت وَبِأَبكارِ المَعالي غَرامُها
وَمَن صُلبِ إِبراهيمَ جَدِّكَ عُصبَةٌ / يَسُرُّكَ في يَومِ التَلاقي مُقامُها
أَنا الضامِنُ الراعي عَلَيها وَإِن شَكَت / مِن الغَبنِ فَهيَ الأُسدُ يُخشى رِجامُها
وَما زالَ في أَبناءِ مُرَّةَ سَيِّدٌ / بِهِ في جَسيماتِ الأُمورِ اِئتِمامُها
وَمن ذا يُسامي مُرَّةً وَبِهِ سَمَت / بَنُو عامِرٍ عِزّاً وَجازَ اِغِتشامُها
وَكَم سَيِّدٍ في مالِكٍ ذِي نَباهَةٍ / إِذا فَقَدَتهُ الحَربُ طالَ أَيامُها
وَما مالِكٌ إِلّا الحُماةُ وَإِن أَبَت / رِجالٌ فَبالآنافِ مِنها رَغامُها
وَفي حارِثٍ وَاللَيثِ غُرٌّ غَطارِفٌ / يُبِرُّ عَلى الخَصمِ الأَلَدِّ خِصامُها
وَإِنَّ لَعَمري في بَقايا مُحارِبٍ / سُيُوفُ ضِرابٍ لا يُخافُ اِنثِلامُها
وَشَيبانُ شَيبانُ الفَخارِ فَإِنَّها / أُسُودُ شَرىً سُمرُ العَوالي إِجامُها
وَمَن كانَ مِنّا مِن جَماهيرِ خِندِفٍ / وَقَيسٍ فَأَترابُ الوَغى وَنِدامُها
وَما في بَني قَحطانَ إِن شُنَّتِ الوَغى / تَوانٍ وَلا يَنبُو لَدَينا حُسامُها
وَإِنَّ لَها لَلسابِقاتِ وَإِنَّها / ليُطرِبُها طَعنُ العِدى وَاِلتِزامُها
فَيالكِرامٍ مِن نِزارٍ وَيَعرُبٍ / وَلَيسَ يُجيبُ الصَوتَ إِلّا كِرامُها
صِلُوا بِالخُطا قُصرَ السُيوفِ فَإِنَّها / تَطُولُ وَلا يُغني غَناءً كَهامُها
فَلَم يَبقَ يُرضي القَومَ إِلّا حُدودُها / وَقد طالَ فَاِسقُوها بِرِيٍّ أُوامُها
فَضَرباً وَطَعناً بِالصَوارِمِ وَالقَنا / فَلا عُذرَ حَتّى يَخضِبَ السَيفَ هامُها
وَلا تَهِنُوا وَاِستَشعِرُوا الصَبرَ جُنَّةً / وَعَزماً فَما لِلحَربِ إِلّا اِعتِرامُها
فَإِنَّكُمُ إِن تَألَمُوا فَعَدُوُّكُم / كَذاكَ وَلِلأَمرِ العَظيمِ عِظامُها
وَقد طالَ هَذا الذُلُّ وَالمَوتُ رائِحٌ / وَغادٍ وَيَأتي كُلَّ نَفسٍ حِمامُها
وَإِنَّ حَياةً هَكَذا لَذَمِيمَةٌ / يُسِرُّ المُعادي لِلمُعادي دَوامُها
وَمِن أَعجَبِ الأَشياءِ وَالدَهرُ كُلُّهُ / عَجائِب يَأتي فَذُّها وَتَوامُها
إِذا نَحنُ زِدنا في عَطايا قَبيلَةٍ / لِكَفِّ أَذاها زادَ مِنّا اِنتقامُها
هِيَ النارُ إِن شَبَّهتَها وَعَطاؤُنا / لَها حَطَبٌ ما زادَ زادَ اِضطِرامُها
فَيا ضَيعَةَ المَسعى وَكَم مِن صَنيعَةٍ / غَدَت ضَلَّةً لَم يَبقَ إِلّا مَلامُها
فَحامُوا عَنِ البِيضِ الحِسانِ فَأَنتُمُ / كَتائِبُ يَغشى ناظِرَ الطَرفِ لامُها
فَكَم قَد رَأيتُم مِن عَقيلَةِ مَعشَرٍ / يَرُوقُ عُيُوناً فَرعُها وَقَوامُها
تُباعُ وَتُشرى بِالكَسادِ ذَليلَةً / وَقَد كانَ لا يَبدُو لِخَلقٍ كَلامُها
فَإِن أَنتُمُ لَم تَمنَعُوهُنَّ فَاِصبِرُوا / لِآبِدَةٍ يَبقى عَلى الدَهرِ ذامُها
وَمَن ذَلَّ لَم يَعدَم غَشُوماً يَسُومُهُ / أَذىً فَيُرِيهِ النَبعَ خَوفاً ثُمامُها
وَهَل مَنَعت يَوماً فَتاةً كَريمَةً / قلائِدُها أَو وُشحُها أَو خِدامُها
وَهَل هُوَ إِلّا المَوتُ وَالمَوتُ فَاِعلَمُوا / يَهُونُ وَلا تَحكِيمُها وَاِصطِلامُها
وَإِلّا فَشدُّوا لِلجَلاءِ فَلَم يَعُد / سِواهُ فَعِندَ الضَيمِ تُجلى كِرامُها
فَإِن كانَ في البَحرَينِ ضيقٌ فلم تَضِق / مَنازِلُ بَكرٍ عَنكُمُ وَشَآمها
وَلا خَيرَ في دارٍ يَعيشُ بِها الفَتى / مَهيناً وَلَو جادَتهُ دُرّاً غَمامُها
كِتابُ مَشُوقٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ
كِتابُ مَشُوقٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ / مِنَ الوُرقِ إِلّا حَنَّ شَوقاً إِلَيكُمُ
مُقيمٍ بِأَرضِ المَجزَرِيِّ وَقَلبُهُ / رَهينٌ بِجَرعاءِ الشَمالِ لَدَيكُمُ
يَحِنُّ إِذا هَبَّت شَمالٌ لِأَنَّها / تُؤَدّي إِلَيكُم أَو تَمُرُّ عَلَيكمُ
أَلَم يَأنِ أَن تَنسى عَسى وَلَعَلَّما
أَلَم يَأنِ أَن تَنسى عَسى وَلَعَلَّما / وَتَترُكَ لَيتاً لِلمُعَنّى وَرُبَّما
أَمَ اِنتَ اِمرُؤٌ كَالضَبِّ قَد عَلِقَت بِهِ / حَبائِلُ عَصٍّ حالَفَ الفَقرَ أَرشَما
يَرى نَفسَهُ في كَفِّهِ وَشِفارُهُ / تُحَدُّ وَجَزلُ النارِ يَعلُو تَضَرُّما
وَيَرجُو اِنتِعاشاً إِذ يَقُولُ لِحِسلِهِ / أَرى أَنَّنا في هَذِهِ الحالِ نُوَّما
وَذا مِن هُرُوجِ اللَيلِ لا دَرَّ دَرُّها / فَكَم قَد أَخافَت آمِناً حينَ هوَّما
فَقُم غَيرَ وانٍ وَاِخلَعِ العَجزَ وَاِدَّرِع / قَميصاً مِنَ الظَلماءِ بِالنَجمِ مُعلَما
وَصاحِب لِأَحداثِ اللَيالي ثَلاثَةً / حُساماً وَنِضواً وَالقَطيعَ المُحَزَّما
وَلا تَتَعَلَّل بِالأَمانيّ ضَلَّةً / فَلَو كانَ حَيّاً صاحِبي لَتَكَلَّما
وَلا تَثنِ عِطفاً لِلدِيارِ وَكُن فَتىً / يَهُمُّ فَيَمضي في المُهِمّاتِ مُقدِما
فَما كُلُّ آفاقِ البِلادِ يَسُوسُها / لِأَربابِها مَن كانَ أَعمى وَأعَدما
فَبِع بِالتَنائِي دارَ قَومٍ تَشَبَّهُوا / بِصَبٍّ فَأَمّوا في النُهى حَيثُ يَمَّما
فَلَو لَم يَكُونوا شِبهَهُ ما تَوَهَّمَت / عُقُولُهُمُ في أَمرِهِم ما تَوَهَّما
فَمَن مُبلِغٍ قَومي عَلى أَنَّ دارَها / قَريبٌ ولَكِن لَم أَجِد مُتَكَلّما
بَنِي عَمِّنا كَم يَضبَعُ الرَحمُ شاكِياً / إِلَيَّ وَكَم يُبدي لَدَيَّ التَظَلُّما
بَني عَمِّنا مَن ذا يَسُدُّ مَكانَنا / إِذا يَومُ نَحسٍ بِالعَوالي تَأَجَّما
تَبَدَّلتُمُ الأَعداءَ مِنّا سَفاهَةً / فَيا لَأَبيكُم ما أَعَقَّ وَأَظلَما
وَأَلغَيتُمُ أَيّامنا وَاِستَمَعتُمُ / غُرورَ الأَماني وَالحَديثَ المُرَجَّما
وَكُلَّ بَني عَمٍّ سِوانا وَضِيمَةً / يُعَدُّ لَدى النُسّابِ أَصلاً مُخَضرَما
فَيا لَيتَ شِعري لَو عَرَت مُصمَئِلَّةٌ / وَفَرَّ البَلا عَن نابِهِ فَتَجَهَّما
وَآضَ التَشاكي في نِزارٍ وَأَعلَنَت / ذَوُو يَمَنٍ ما كانَ سِرّاً مُكَتَّما
أَتُغني غِنانا عَنكُمُ خُرَّمِيَّةٌ / سَواسِيَةٌ تَدعُو عَتُوداً مُزَنَّما
فَهَلّا تَرَكتُم ما اِرتَكَبتُم وَزُعتُمُ / إِلى الرُشدِ فَاِستَصلَحتُمُ ما تَرَدَّما
بَني عَمِّنا لا تَظلِمُوا الحَقَّ أَهلَهُ / وَلا تَفتَحُوا باباً إِلى الشَرِّ لَهجَما
فَأَيُّ يِدٍ لَو تَعلَمُونَ قَطَعتُمُ / فَبُدِّلتُمُ باعاً عَنِ المَجدِ أَجذَما
ضَرَبتُم بِها قِدماً عِداكُم وَصُنتُمُ / بِها المُلكَ وَاِقتَدتُم بِها مَن تَجَهضَما
بِذا يَشهَدُ القَصرُ المُشيدُ الَّذي غَدا / بِنا حَرَماً عَمَّن سِواكُم مُحَرَّما
ضَرَبنا بَني بَهرامَ عَنهُ فَأَذعَنُوا / وَكانُوا لِباعِ العِزِّ كَفّاً وَمِعصَما
وَمِلنا عَلى الأَزدِ بنِ غَوثٍ فَأصبَحَت / تُصارِعُ مَوجاً يَرجُفُ اليَمَّ أَعجَما
فَخَلّوا لَنا عَنهُ جَميعاً وَسَلَّمَت / مُلُوكُهُمُ الآرا إلَينا لِتَسلَما
وَنَحنُ حَمَيناهُ الأَعاجِمَ بَعدَما / أَقامَت تَرُومُ المُلكَ حَولاً مُحَرَّما
ضَرَبنا وُجُوهَ الشَرسَكيَّةُ دُونَهُ / وَأَقفاءَها بِالسَيفِ حَتّى تَثَلَّما
وَقَد غَرَّرتهُم مِن نِزارٍ وَيَعرُبٍ / لِشَنآنِكُم قَومٌ وَقَومٌ تَبَرُّما
فَعدنا بِبيضٍ ذَكَّرَتهُم حُدُودُها / بِما كانَ مِن أَخبارِ كِسرى وَرُستُما
فَوَلّوا وَراحَ الرُكنُ مِنهُم كَأَنَّهُ / صَريعُ عُقارٍ باتَ مِنها مُجَشَّما
وَحَولَ اِبنِ يَحيى لَم تَصاهَل جيادُنا / وَقَد كانَ بَحراً ذا عُبابٍ قَلَهذَما
أَذَالَ لَنا الأَموالَ دُرّاً وَعَسجَدا / وَتِبراً وَنَخلاً يانِعاً وَمُكَمَّما
فَعِفنا سَنِيّاتِ العَطايا حَمِيَّةً / عَلَيكُم وَدُسنا الشَرَّ حَتّى تَشَرَّما
وَحَتّى مَلَكتُم مُلكَهُ وَاِقتَصَرتُمُ / مَقاصِيرَهُ اللّاتي بَناها فَأَحكَما
وَقَد كانَ يُزجي كُلَّ يَومٍ كَتيبَةً / إِلَيكُم وَجَيشاً ذا زهاءٍ عَرَمرَما
وَقادَ إِلَيهِ الناسَ بَأسٌ وَرَغبَةٌ / وَعِزٌّ يُناصي يَذبُلاً وَيَلملَما
وَسارَ إِلَيهِ مِنكُمُ مَن عَلِمتُمُ / فَكانَ لَنا لَو نَبتَغي ذاكَ سُلَّما
وَلَكِنَّنا كُنّا لَكُم خَيرَ إِخوَةٍ / يَلُوذُ بِها الجاني وَيَرمي إِذا رَمى
فَكَم تَمضُغُ الأَيّامُ لَحمي وَأَنتُمُ / نُيوبٌ لَها تَستَهلِكُ اللَحمَ وَالدَما
بِكُم بَلَغَت مِنّي الأَعادي وَمِنكُمُ / لَقِيتُ البَلايا السُودَ فَذّاً وَتَوأَما
وَجُرِّعتُ في أَيّامِكُم بِأَكُفِّكُم / كُؤُوساً أَرَتني العَيشَ صاباً وَعَلقَما
وَمِلتُم مَعَ الدَهرِ الخَؤونِ فَكادَني / وَحَلَّلَ في نَفسي وَمالي وَحَرَّما
وَلَو لَم تَكُونُوا جُندَهُ لَتَقَطَّعَت / مَعاقِمُهُ دُوني فَأَخذى وَأَجحَما
وَرَأَّمتُمُوني كُلَّ ذِي عَيدَهِيَّةٍ / بَعِيدَ الرِضا إِن أُعطِهِ الحَقَّ بَرشَما
يَرى نَفسَهُ عُوجاً وَلَولا اِستِماعُكُم / أَباطِيلَهُ كانَ المَهينَ المُقَرقَما
أَقولُ لَهُ أَنتَ الرَشيدُ وَقَد أَرى / قُداراً بِعَيني في قباهُ وَمَنشَما
هَدَمتُم صَياصي قومِكُم وَبَنيتُمُ / صَياصِيَ قَومٍ حَقُّها أَن تُهَدَّما
سَأَرحَلُ لا مُستَوحِشاً لِفِراقِكُم / وَلا أَسَفاً يَوماً وَلا مُتَنَدِّما
فَإِن حَنَّ قَلبي نَحوَكُم أَو شَكا جَوىً / فَصادَفَ مِن زُرقِ الأَسِنَّةِ لَهذَما
وَإِن دَمَعَت عَينايَ سَوقاً إِلَيكُمُ / فَعَوَّضتُها مِن ذَلِكَ الدَمعُ بِالعَمى
وَإِن عارِض الرُكبانِ يَسأَلُ عَنكُمُ / لِساني فَوافَيتُ القِيامَةَ أَبكَما
وَلا جَمَعَتنا آخِرَ الدَهرِ نِيَّةٌ / إِلى أَن يَضُمَّ البَعثُ عاداً وَجُرهُما
فَما فُرقَةُ القالِينَ عِندي رَزِيَّةٌ / أُقيمُ لَها في نَدوَةِ الحَيِّ مَأتَما
وَإِنَّ الكَريمَ الحرَّ يَشنَى مُقامَهُ / بِأَرضٍ يَرى فيها السَلامَةَ مَغنَما
وَما خَيرُ أَرضٍ لا يَزالُ كَريمُها / مُهاناً وَنَذلُ القَومِ فيها مُكَرَّما
صُعُودُ العُلا إِلّا عَلَيكَ حَرامُ
صُعُودُ العُلا إِلّا عَلَيكَ حَرامُ / وَعَيشٌ سِوى ما أَنتَ فيهِ حِمامُ
وَكُلُّ غَمامٍ لَم تُثِر غادِياتِهِ / رِياحُ نَدى كَفَّيكَ فَهوَ جَهامُ
وَما المَجدُ إِلّا ما بَنَيتَ وَشادَهُ / بِعَزمِكَ بَأسٌ صادِقٌ وَحُسامُ
وَلا سَعيَ إِلّا دُونَ سَعيِكَ فَليَنَم / وَيَدري اِمرُؤٌ ناواكَ كَيفَ يَنامُ
وَأُقسِمُ لَولا صِدقُ بَأسِكَ لَاِغتَدَت / قوى مُررِ العَلياءِ وَهيَ رِمامُ
وَلَو لَم تُلافِ المُلكَ مِن صَرعَةِ الرَدى / لَكُشِّمَ عِرنِينٌ وَجُبَّ سَنامُ
لِيَرقَ غَبيٌّ رامَ شَأوَكَ في العُلا / عَلى ظلعِهِ فَالنَجمُ لَيسَ يُرامُ
وَكَيفَ تُغاليكَ السِيادَةَ مَعشَرٌ / سَهِرتَ لَها اللَيلَ الطَويلَ وَنامُوا
بِكَ العِزُّ أَضحَت شَمسُهُ مُستَنيرَةً / وَكانَ عَلَيها لِلخُمُولِ قَتامُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ أَنتَ إِذا غَدا / فِئامٌ تُساقيهِ الحُتُوفَ فِئامُ
وَرِثتَ العُلى عَن أَحمَدٍ وَمُحَمَّدٍ / وَفَضلٍ وَكُلٌّ في العَلاءِ إِمامُ
وَإِنَّ لِمَسعُودٍ إِذا اِشتَجَرَ القَنا / لَطَعنٌ يَردُّ الجَيشَ وَهوَ لُهامُ
وَما الناسُ إِلّا آلُ فَضلِ بنِ عَبدَلٍ / إِذا جَلَّ خَطبٌ أَو تَنَكَّرَ عامُ
مَقالهُمُ فَذٌّ إِذا وَعَدُوا الغِنى / وَضَربُهُمُ تَحتَ العَجاجِ تَوامُ
مَساميحُ طَعّانُونَ وَالخَيلُ تَدَّعي / وَطَيرُ المَنايا وُقَّعٌ وَحُيامُ
وَما مِنهُمُ إِلّا هُمامٌ أَتى بِهِ / أَعَزُّ مِنَ اِولادِ المُلوكِ هُمامُ
يَرُوحُ الفَتى لِلكَدِّ مِنهُم وَما لَهُ / سِوى البَدرِ خِدنٌ وَالنُجُومِ نُدامُ
وَلا مالَ إِلّا ذابِلٌ وَمُهَنَّدٌ / وَسَرجٌ عَلى ذي أَولَقٍ وَلِجامُ
وَدِرعٌ كَأنَّ البيضَ وَالقُضبَ وَالقَنا / إِذا صافَحتَها بُورَقٌ وَثُمامُ
نَكالٌ لِجانٍ غَيرِهِم فَإِذا جَنَوا / فَبَردٌ عَلَيهِم ما جَنوا وَسلامُ
هُمُ القَومُ إِن حامَ المُحامُونَ أَقدَمُوا / وَإِن حَبَسَ القَومُ السَوامَ أَسامُوا
وَإِن رَحَلَ الأَحياءُ عَن قُربِ مَنزِلٍ / لِخَوفٍ بَنوا في جَوِّهِ وَأَقامُوا
وَإِنَّ لَهُم بِالأَريحِيِّ مُحَمَّدٍ / لَفَخراً لَهُ فَوقَ الأَنامِ مصامُ
فَتى الحَربِ يَومَ البيضُ في الهامِ تَنحَني / وَيَومَ العَوالي في الصُدورِ تُقامُ
وَلِلطَيرِ مِن نَقعِ المَذاكي مَواكِنٌ / وَلِلأرضِ مِن قاني الدِماءِ ذِمامُ
هَديرُ فُحُولِ الشَولِ حينَ تُحِسُّهُ / كَشِيشٌ وَزَأرُ المُخدراتِ بُغامُ
إِذا هَمَّ أَمضى هَمَّهُ لَو تَساقَطَت / أَكُفٌّ وَأَقدامٌ لِذاكَ وَهامُ
أَخُو الطَعنَةِ النَجلاءِ تَحسبُها فَماً / تَثَأَّبَ في حَيثُ الكَلامِ كَلامُ
لِصَمصامِهِ هامُ العِدى وَلِرُمحِهِ / كُلاها وَلِلبَوغا دَمٌ وَعِظامُ
ذُراهُ حَياةٌ لِلصَديقِ شَهِيَّةٌ / وَلُقياهُ مَوتٌ لِلعَدُوِّ زُؤامُ
تَفِرُّ كُماةُ الحَربِ مِنهُ كَأَنَّها / وَإِيّاهُ بازي مَرقَبٍ وَحَمامُ
حِذارَ فَتىً لَو صَكَّ بِالسَيفِ ضارِباً / شَماماً لَقال الناسُ أَينَ شَمامُ
صَوارِمُهُ مُذ لَم تَزَل وَرِماحُهُ / بِهِنَّ إِلى ماءِ النُحورِ أُوامُ
أَبَت عِزَّةً أَن تَقبَلَ الضَيمَ نَفسُهُ / وَذُو العِزَّةِ القَعساءِ كَيفَ يُضامُ
وَآلى وَلَم يَستَثنِ أَن ضاعَ نَبلُهُ / وَلَو حالَ عامٌ دُونَ ذاكَ وَعامُ
سَما لِلعلا رَتاً سُمُوَّ اِبنِ حُرَّةٍ / نَجيبٍ نَمتهُ مُنجِبُونَ كِرامُ
وَسامَ حِمى الأَعداءِ خَسفاً وَسَوَّمَت / بِهِ المالَ سامٌ في البِلادِ وَحامُ
وَساسَ رَعاياهُ بِرَأفَةِ وَالِدٍ / وَسَطوَةِ لَيثٍ هَيَّجَتهُ سَوامُ
حَليمٌ إِذا ما الحِلمُ كانَ نَباهَةً / وَفيهِ غَرامٌ إِن يُهَج وَعُرامُ
إِذا فَحلُ قَومٍ هاجَ وَاِنحَلَّ قَيدُهُ / فَفي سَيفِهِ قَيدٌ لَهُ وَخِزامُ
وَإِن نَبَّ في حَيٍّ عَتُودٌ فَعِندَهُ / حَصاةٌ بِها تُوجا الخُصى وَفِطامُ
فَيا مُفرِغاً في كَيدِهِ جُهدَ نَفسِهِ / لخَيرٌ مِنَ السَعيِ الغَوِيِّ نُوامُ
وَيا طامِعاً في نَيلِ ما نالَ مِن عُلاً / مَتى صَدَقَ الظَنَّ الكَذوبَ مَنامُ
وَيا باسِطاً كَفّاً لِإِدراكِ شَأوِهِ / بِكَفِّكَ فَاِضمُمها إِلَيكَ جُذامُ
وَيا مُضمِراً بَغضاءَهُ جُنَّ أَو فَمُت / فَداؤُكَ لا عُوفيتَ مِنهُ عُقامُ
لَهُ هَيبَةٌ مِلءُ الصُدُورِ وَعَزمَةٌ / تُريهِ الجِبالَ الشُمَّ وَهيَ إِكامُ
وَما زالَ يُغضي وَالمُلوكُ تَهابُهُ / وَيَقعُدُ وَالأَعداءُ مِنهُ قِيامُ
فَيا لائِماً في بَسطِ كَفِّ مُحمَّدٍ / مَتى لِيمَ في أَن يَستَهِلَّ غَمامُ
عَدا الذَمَّ عَنهُ وَالمَلامَ مُحمَّدٌ / وَمُنتَجَبُ الآباءِ كَيفَ يُلامُ
أَلا أَيُّها الملَكُ الَّذي لا جَنابُهُ / بِوَعرٍ وَلا مَن في خِباهُ يُضامُ
إِلَيكَ خَدَت بِي عَوهَجٌ شَدقَمِيَّةٌ / لَها السَوطُ عَن رَعيِ الخَميمِ كِعامُ
تَضِلُّ فَيَهدِيها سَناكَ كَأَنَّما / سَناكَ لَها دُونَ الزِمامِ زِمامُ
وقَد أَصبَحَت في خَيرِ دارٍ مُناخَةً / لَدى خَيرِ مَلكٍ في الأَنامِ يُشامُ
فَأَنتَ الَّذي لَولاهُ ما عُرِفَ النَدى / وَلا فُضَّ لِلفِعلِ الجَميلِ خِتامُ
وَلا كانَ لِلعَلياءِ أُمٌّ وَلا أَبٌ / نِصابٌ وَلا لِلمَكرُماتِ نِظامُ
أَيَجمُلُ أَن أُجفى وَأُنفى وَعِندَكُم / لِمَن لَيسَ مِثلي عِيشَةٌ وَمُقامُ
وَيُقبَلُ قَولُ الخَصمِ فِيَّ تَحامُلاً / وَأَسهَرُ خَوفاً مِنكُمُ وَيَنامُ
وَتُقطَعُ أَرحامي وَتُلغى مَوَدَّتي / وَيُقعَدُ بِي ما بَينَكُم وَيُقامُ
وَتُذنِبُ أَقوامٌ فَتُعزى ذُنوبُها / إِلَيَّ وَأُلحى عِندَكُم وَأُلامُ
هَبُونِيَ جاراً لِاِبنِ عَمٍّ مُصافِياً / فَلِلجارِ مِنكُم حُرمَةٌ وَذِمامُ
فَكَم مِن هُمامٍ قَد عَفا وَهوَ مُحرَجٌ / وَجادَ بِصَفحٍ وَالذُنوبُ عِظامُ
وَذُو المَجدِ لا يَستَغرِقُ الجَهلُ حِلمَهُ / وَلَو قَعَدَ الواشُونَ فيهِ وَقامُوا
لَقَد كُنتُ أَرجُو أَن أُرى في جَنابِكُم / وَلِي مِن نَداكُم سابِقٌ وَحُسامُ
إِذا كُنتُ أَخشاكُم وَأَخشى عَدُوَّكُم / فَإِنَّ حَياتي شِقوَةٌ وَغَرامُ
فَإِن كانَ ذَنبٌ فَاِترُكُوهُ لِما مَضى / وَهَل هُوَ إِلّا إِذ يُعَدُّ كَلامُ
وَوَاللَهِ ما أَوضَعتُ فيما يُريبُكُم / وَلا شُدَّ لِي يا قَومِ فيهِ حِزامُ
وَإِنّي لمنكُم سُؤتُمُ أَو سُرِرتُمُ / إِلى أَن يُوارِيني ثَرىً وَرِجامُ
أَلَستُ الَّذي سَيَّرتُ فيكُم غَرائِباً / لِكُلٍّ إِلَيها إذ تَمُرُّ هُيامُ
أَلَيسَ أَبي في الإِنتِسابِ أَباكُمُ / عَلى أَنَّني عَبدٌ لَكم وَغُلامُ
أَما اِجتيحَ مالي في هَواكُم وَأُسهِرَت / بِذا السِجنِ عَيني وَالعُيونُ نِيامُ
فَراعُوا ذِمامي قدرَ ظَنِّي فَكُلُّنا / صَدىً عَن قَريبٍ في التُرابِ وَهامُ
فَلَم يَبقَ إِلّا أَن تُزَمَّ رَكائِبي / وَيُصبِحَ كَيدٌ بَينَنا وَسَنامُ
فَخَيرٌ مِنَ الأَحساءِ إِن دامَ عُتبُكُم / أُشَيٌّ وَوادِى مَنهَمٍ وَنَعامُ
وَما ذاكَ مِنّي بِاِختيارٍ وَلا رِضاً / وَلَكِن يَحِلُّ الشَيءُ وَهوَ حَرامُ
وَلَم أَرَ أَشقى مِن كَريمٍ بِبَلدَةٍ / يَجُرُّ وَيَجني غَيرُهُ وَيُلامُ
وَإِنَّكُمُ دِرعي وَسَيفي وَساعِدي / وَتُرسي إِذا ضَمَّ الكُماةَ زِحامُ
وَما لي لِسانٌ غَيركُم إِن تَطاوَلَت / عَلَيَّ رِجالٌ وَاِستَمَرَّ خِصامُ
فَلا تَسمَعُوا فِيَّ الوُشاةَ فَإِنَّهُم / لَأَكذبُ مِن آلٍ رَأتهُ حِيامُ
فَإِنّيَ سَيفٌ قاطِعٌ مِن سُيُوفِكم / وَبَعضُ السُيوفِ المُنتَقاةِ كَهامُ
وَمِن أَجلِ قُرباكُم حُسِدتُ وَسُدِّدَت / إِلَيَّ نِصالٌ لِلعِدى وَسِهامُ
فَبُورِكتُمُ يا آلَ فَضلٍ فَإِنَّكُم / ضِياءٌ وَبَعضُ المالِكينَ ظَلامُ
وَلا زالَ يُهدى كُلَّ يَومٍ إِلَيكُمُ / عَلى القُربِ مِنّي وَالبعادِ سَلامُ
إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ
إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ / وَأَنظُرُ عُودي بَينَ لاحٍ وَعاجِمِ
أُقَضِّي نَهارِي بِالزَفيرِ وَأَنَّةٍ / وَأَقطَعُ لَيلي بِالدُموعِ السَواجِمِ
كَأَنّي لِأَحداثِ اللَيالي رَذِيَّةٌ / أُقيمَت سَبيلاً لِلخُطوبِ الهَواجِمِ
وَفي الأَرضِ لِي مَندُوحَةٌ وَمُراغَمٌ / تقرُّ بِهِ عَيني وَتَحلُو مَطاعِمي
بِحَيثُ يَراني الدَهرُ سَعداً وَأَغتَدي / وَقَد حُذِيَت رِجلايَ مِنهُ بِسالِمِ
وَأَسطُو عَلى أَحداثِهِ مِثلَ ما سَطا / عَلَيَّ فَتَبقى وَاهِياتِ الدَعائِمِ
وَأَجتابُ مِن ظِلِّ الخِلافَةِ وارِفاً / يَقي الضُرَّ فَيناناً وَحَرَّ السَمائِمِ
بِمَغنى أَميرِ المُؤمِنينَ الَّذي غَدا / لَهُ مَنسِمٌ يَعلُو جَميعَ المَخاطِمِ
سَمِيُّ النَبيِّ المُصطَفى وَاِبنُ عَمِّهِ / وَمالِكُ أَعناقِ المُلوكِ الخَضارِمِ
نَماهُ أَبُو الفَضلِ الَّذي لَم تَزَل بِهِ / بَنُو الجَذبِ تُسقى في السِنينِ العَقائِمِ
وَحَلَّ الذُرى مِن شَيبَةِ الحَمدِ وَاِرتَقى / إِلى ضِئضئِ العَلياءِ مِن صُلبِ هاشِمِ
وَأَحيا خِلالاً سَنَّها في زَمانِهِ / قُصَيٌّ أَبو ساداتِها وَالبَراجِمِ
لَيالِيَ يُدعى في قُرَيشٍ مُجَمِّعاً / بِجَمعِ ذَويها في فنونِ المَحارِمِ
إِمامُ هُدىً يَدعُو إِلى اللَهِ مُرشِداً / لِكُلِّ البَرايا عُربِها وَالأَعاجِمِ
بِعَدلٍ وَإِحسانٍ وَنُصحٍ وَرَأفَةٍ / وَزُهدٍ وَبُرهانٍ وَكَفٍّ وَصارِمِ
تَناحَلَهُ آباءُ صِدقٍ تَوارَثُوا / كِرامَ المَساعي عَن جُدُودٍ أَكارِمِ
فَما اِحتَلَّ إِلّا صُلبَ كُلِّ خَلِيفَةٍ / مُحِيطٍ بِأَحكامِ الشَريعَةِ عالِمِ
إِذا العَرَبُ العَرباءُ يَوماً تَفاخَرَت / بِذي العِزِّ مِن ساداتِها وَالقُماقِمِ
وَجاؤُوا بِقَيسٍ وَاِبنِهِ وَبِمَعبَدٍ / وَكَعبٍ وَأَوسٍ وَاِبنِ سَلمى وَحاتِمِ
سَماهُم جَميعاً ثُم لمت بِفَترَةٍ / إِلى جُودِ بَحرٍ مِنكُمُ مُتلاطِمِ
إِذا جُدتُم أَفضَلتُمُ فَبِفَضلِكُم / نَجُودُ فَمِنكُم فَضلُ تِلكَ المَكارِمِ
فَلولاكُمُ لَم يُدعَ فَضلٌ وَجَعفَرٌ / بِجُودٍ وَلا اِنهَلَّت نَدىً كَفُّ قاسِمِ
وَلا عَرَفَ الناسُ اِبنَ سَهلٍ وَلا شَدا / بِمَدحِ اِبنِ وَهبٍ ناظِمٌ بَعدَ ناظِمِ
يَقُولُونَ هُم أَرضٌ وَأَنتُم سَماؤُها / وَأَيمانُكُم فِيها مَكانُ الغَمائِمِ
فَإِن أَنتُمُ أَمطَرتُموها تَحَدَّثَت / وَجادَت وَآتَت أُكلَها كُلَّ طاعِمِ
وَإِن أَنتُمُ أَغفَلتُمُوها تَضاءَلَت / وَلَم يَنتَفِع فيها أُوَامٌ لِحائِمِ
بِكُم يُؤمِنُ اللَهُ البِلادَ وَيُصلِحُ ال / عِبادَ وَيَعفُو عَن ثِقالِ الجَرائِمِ
وَأَنتُم مَصابيحُ الظَلامِ وَقادَةُ ال / أَنامِ وَسَدٌّ لِلبلا المُتفاقِمِ
وَفِيكُم أَقامَ اللَهُ أَعلامَ دِينِهِ / وَلَولاكُمُ كُنّا مَعاً كَالبَهائِمِ
تَخَيَّرَكُم رَبُّ العُلا وَاِصطَفاكُم / وَطَهَّرَكُم مِن كُلِّ ذَمٍّ وَذائِمِ
وَآتاكُمُ فَصلَ الخِطابِ وَمُحكَمَ ال / كِتابِ وَمُلكاً زاهِياً غَيرَ زائِمِ
فَأَوضَحتُمُ سُبلَ الهُدى وَكَشَفتُمُ / عَنِ الحَقِّ أَغشاءَ العَمى المُتراكِمِ
وَقَوَّمتُمُ بِالسَيفِ مَن مالَ خَدُّهُ اِص / عِراراً وَلَم يَشمَخ بِأَنفٍ لِخاصِمِ
فَكَم هامَةٍ لِلكُفرِ راحَت وَهامُها / نِعالاً لِأَيدي خَيلِكُم في المَلاحِمِ
فَقُل لِدُعاةِ الشَرقِ وَالغَربِ أَقصِرُوا / وَكُفّواً وَإِلّا تَقرَعُوا سِنَّ نادِمِ
فَما الحَقُّ إِلّا دَعوَةٌ هاشِميَّةٌ / هِيَ الحَقُّ لا دَعوى غَوِيٍّ وَغاشِمِ
بِها أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ / يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَقد الدَعائِمِ
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً / تَرى الشِركَ مِن شَدّاتِها في مَآتِمِ
تَبيتُ طَواغِيتُ النِفاقِ لِهَمِّهِ / كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورُ الشَياهِمِ
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَهابَةٌ / ثَوَت وَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى / سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ
فَتُزعِجُها حَتّى كَأَن قَد أَصابَها / مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ / إِذا النَومُ سَلّى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَجَشَّمَت / بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ
فَكَم مَتنِ ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتُهُ / عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرِ واهِ العَزائِمِ
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا / بِهِمَّةِ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ
فَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً / بِنُعماكَ مِن أَيدي الزَمانِ الغَواشِمِ
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ / يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي
فَأَعرانِيَ الوَالي المَشُومُ وَفاتَني / بِما حُزتُهُ مِن ضَيعَةٍ وَدَراهِمِ
فَمالَ عَلى حالي وَمالي وَثَروَتي / مَآلي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ
وَبِتُّ عَزائي السِجنُ في مُدلَهِمَّةٍ / يُجاوِبُني فِيها ثِقالُ الأداهِمِ
وَأَخرَجَني مِن بَعدِ يَأسٍ وَقَد أَتى / عَلى نَشبي أَشكُو إِلى غَيرِ راحِمِ
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي / رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتَراكِمِ
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ / عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ
فَبورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ / تَزيدُ عَلى فَيضِ البُحُورِ الخَضارِمِ
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً / لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ
فَناجَيتُ نَفسي خَالياً حَيثُ لَم أَجِد / مِنَ القَصدِ بُدّاً وَاِستَشَرتُ عَزائِمي
وَمِلتُ إِلى بَعضِ المُلوكِ فَأَجهَشَت / إِلَيَّ وَجاشَت فَوقَ مِلءِ الحَيازِمِ
فَسَكَّنتُها بِالشَدِّ مِنّي بِرحلَةٍ / إِلَيكَ فَأَبدَت ثَغرَ جَذلانَ باسِمِ
وَبَشَّرتُ أَهلي بِالغِنى حَيثُ مَرجِعي / إِلَيهِم عَلى أَنفٍ مِنَ الدَهرِ راغِمِ
فَجِئتُ وَقَد نالُوا السَماءَ وَأَيقَنُوا / بِأَنَّ الغِنى أَضحى كَضَربَةِ لازِمِ
وَلَم أَمتَدِح خَلقاً سِواكَ لِمالِهِ / فَأَحظى بِنَيلٍ أَو بِعَضِّ الأَباهِمِ
وَإِنّي لَأَرجُو مِن أَياديكَ نَفحَةً / عَلى الدَهرِ يَبقى ذِكرُها في المَواسِمِ
أُفيدُ بِها مَجداً وَأكبِتُ حاسِداً / وَأَعلُو بِها هامَ المُلوكِ الغَوانِمِ
وَكَم عاشَ مِثلي في نَداكَ مُؤَمِّلاً / عَظيماً يُرَجّى لِلأُمُورِ العَظائِمِ
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ / بَصِيرٌ بَلى عَن نَيلِ مَكرُمَةٍ عَمِ
إِذا أَيقَظَتهُ لَفظَةٌ عَرَبِيَّةٌ / إِلى المَجدِ قالَت أَرمَنِيَّتُهُ نَمِ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ / بِناءُ المَعالي وَاِقتِناءُ المَكارِمِ
وَفي صَهَواتِ الخَيلِ تَدمى نُحُورها / شِفاءٌ لِأَدواءِ القُلوبِ الحَوائِمِ
وَلَيسَ بِبِسمِ اللَهِ قُدّامَ بلغَةٍ / فَخارٌ لِجَعدِ الكَفِّ جَعدِ المَلاغِمِ
وَما الفَخرُ إلّا الطَعنُ وَالضَربُ وَالنَدى / وَرَفضُ الدَنايا وَاِغتِفارُ الجَرائِمِ
وَلَفُّ السَرايا بِالسَرايا تَخالُها / حِرارَ الحِجازِ أَو بِحارَ اللَواطِمِ
تَقَحَّمَها قُدماً إِلى المَوتِ فِتيَةٌ / تَرى عِيشَةً في الذُلِّ حَزَّ الغَلاصِمِ
خَلِيلَيَّ مِن عَمرِو بنِ غَنمِ بنِ تَغلِبٍ / ذَراني فَإِنّي لِلعُلا جِدُّ هائِمِ
وَما السُمرُ عِندي غَيرُ خَطِّيَّةِ القَنا / وَما البيضُ عِندي غَيرُ بِيضِ اللَهازِمِ
وَلا تَذكُرَا الصَهباءَ ما لَم تَكُن دَماً / وَلا مُسمِعاً ما لَم يَكُن صَوتَ صارِمِ
فَإِنّي أُحِبُّ الشُربَ في ظِلِّ قَسطَلٍ / مَجالِسُهُم فيهِ ظُهورُ الصُلادِمِ
وَأَهوى اِعتِناقَ الدارِعينَ وَأَجتَوي / عِناقَ بُنَيّاتِ الخُدورِ النَواعِمِ
وَمَن طَلَبَ العَلياءَ جَرَّدَ سَيفَهُ / وَخاضَ بِهِ بَحرَ الرَدى غَيرَ وَاجِمِ
فَما عُظِّمَت قِدماً قُرَيشٌ وَوائِلٌ / عَلى الناسِ إِلّا بِاِرتِكابِ العَظائِمِ
وَمَن لَم يَلِج بِالنَفسِ في كُلِّ مُبهَمٍ / يَعِش عَرَضاً لِلذُلِّ عَيشَ البَهائِمِ
وَمَن لَم يَقُدها ضامِراتٍ إِلى العِدى / تُقَد نَحوَهُ عُوجُ البُرى وَالشكائِمِ
فَما اِنقادَتِ الأَشرارُ إِلّا لِغاشِمٍ / لَهُ فيهِمُ فَتكُ الأُسُودِ الضَراغِمِ
فَمَن رامَ أَن يَستَعبِدَ الناسَ فَليَمِل / عَلَيهِم بِأَطرافِ القَنا غَيرَ راحِمِ
فَأَكثَرُ مَن تَلقى لِسانُ مُسالِمٍ / وَتَحتَ جَآجي الصَدرِ قَلبُ مُصادِمِ
كَلامٌ كَأَريِ النَحلِ حُلوٌ وَإِنَّهُ / لَأَخبَثُ غِبّاً مِن لُعابِ الأَراقِمِ
فَيا خاطِبَ العَلياءِ لَيسَ مَنالُها / بِرَفعِ الغَواشي وَاِتِّخاذِ التَراجِمِ
فَدَع عَنكَ ذِكراها فَبَعضُ صَداقِها / وَرُودُ المَنايا وَاِحتِمالُ المَغارِمِ
وَلا تَبسُطَن كَفّاً إِلَيها وَخَلِّها / لِأَروَعَ يُغلي مَهرَها غَيرَ نادِمِ
وَخَف سَيفَ بَدرِ الدِينِ وَاِحذَر فَإِنَّهُ / لَأَغيَرُ مِن لَيثٍ جَرِيِّ المَقادِمِ
فَلَيسَ لَها كُفؤٌ سِواهُ فَإِن تَكُن / يَسارَ الغَواني تُخصَ ضَربَةَ لازِمِ
أَلا إِنَّ بَدرَ الدّينِ تَأبى طِباعُهُ / نَظيراً وَفي هِندِيِّهِ فَضلُ قائِمِ
هُوَ المَلِكُ السَامي إِلى كُلِّ غايَةٍ / مَراهِصُها لا تُرتَقى بِالسَلالِمِ
إِذا هَمَّ أَمضى عَزمَهُ بِكَتائِبٍ / حِمى المَلِكِ المُردى بِها غَيرُ سالِمِ
جَرى وَجَرَت كُلُّ المُلوكِ إِلى العُلى / فَجَلّى جَلاءَ الأَعوَجِيِّ المُتائِمِ
جَوادٌ إِذا ما الخُورُ عامَت فِصالُها / وَلَم يَبقَ في أَخلافِها فُطرُ صائِمِ
يُسَرُّ بِمَرأى النازِلينَ بِبابِهِ / سُرورَ أَبٍ بِاِبنٍ مِن الغَزوِ قادِمِ
هُوَ البَحرُ إِذ لَو زاحَمَ البَحرُ مَدَّهُ / لَأَربى عَلَى تَيّارِهِ المُتَلاطِمِ
هُوَ السَيفُ بَل لَو أَنَّ لِلسَيفِ عَزمَهُ / لَشَقَّ الطُلا وَالهامَ قَبلَ التَصادُمِ
هُوَ الشَمسُ بَل لَو قابَلَ الشَمسَ بشرُهُ / لَما اِستوضحَت إِلّا كَحَلقَةِ خاتِمِ
عَلا في النَدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى / أُوَيساً وَفي الإِغضاءِ قَيسَ بنَ عاصِمِ
وَأَولى الرَعايا عَدلَ كِسرى وَساسَها / سِياسَةَ مَيمُونِ النَقيبَةِ حازِمِ
تَهادى رَعاياهُ اللَطيمَةَ بَينَها / وَكَم مِثلها في مِثلِ حَرِّ الأَطايِمِ
وَيُمسي قَريرَ العَينِ مَن في جَنابِهِ / وَإِن كانَ نَائي الدارِ جَمَّ الدَراهِمِ
إِذا جادَ لَم يُذكَر لِفَضلٍ وَجَعفَرٍ / سَماحٌ وَلَم يُحفَل بِكَعبٍ وَحاتِمِ
وَإِن قالَ أَلغى الناسُ سَحبانَ وائِلٍ / وُقسّاً وَما فاها بِهِ في المَواسِمِ
وَإِن صالَ أَنسى حارِساً وَمُهَلهِلاً / وَعَمراً وَبسطاماً وَحار بنَ ظالِمِ
سَلِ الخَيلَ عَنهُ وَالكُماةُ كَأَنَّها / قِيامٌ عَلى مَوجٍ مِنَ النارِ جاحِمِ
أَلَم يَكُ أَمضاها جَناناً وَصارِماً / وَلِلبيضِ وَقعٌ في الطُلا وَالجَماجِمِ
وَكَم هامَةٍ حَسناءَ راحَت جِباهُها / نِعالاً لِأَيدي خَيلِهِ في المَلاحِمِ
لَقَد أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ / يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَبلِ الدَعائِمِ
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً / يُقيمُ اِصعِرارَ الأَبلَجِ المُتَضاخِمِ
دَعاهُ لِنَصرِ الدِّينِ خَيرُ خَليفَةٍ / وَما زالَ يُدعى لِلأُمورِ العَظائِمِ
فَلَبّى مُطيعاً لِلإِمامِ وَحَسبُهُ / بِذا مَفخَراً في عُربِها وَالأَعاجِمِ
فَقادَ إِلى الإِفرَنجِ جَيشاً زُهاؤُهُ / عَديدُ الحَصا ذا أَزمَلٍ وَزَمازِمِ
وَجَيشاً يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ / إِلى التُركِ إِذ جاؤُوا لِهَتكِ المَحارِمِ
إِذا التَترُ الباغُونَ ذاقُوا لِقاءَهُ / تَمَنّوا بِأَن كانُوا دَماً في المَشائِمِ
جُيوشٌ هِيَ الطُوفانُ لا رَملُ عالِجٍ / وَلا جَبَلُ الأَمرارِ مِنها بِعاصِمِ
مُعَوَّدَةٌ نَصرَ الإِلَهِ فَما غَزَت / مَنيعَ حِمىً إِلّا اِنثَنَت بِالغَنائِمِ
إِذا ما دَعَت يابا الفَضائِلِ أَرعَدَت / فَرِيصَ الأَعادي فَاِتَّقَت بِالهَزائِمِ
سَتَبقى بِهِ الإِفرِنجُ وَالتُركُ ما بَقَت / كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورَ الشَياهِمِ
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَخافَةٌ / ثَوَت فَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى / سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ
فَتُزعِجُها حَتّى كَأن قَد أَصابَها / مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ / إِذا النَومُ أَسرى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ
إِلَيكَ طَوَت يابا الفَضائِلِ وَاِمتَطَت / بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ
فَكَم مَتن ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتهُ / عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرَ وَاهي العَزائِمِ
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا / بِعَزمَةٍ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ / يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي
فَمالَ عَلَى مالي وَحالي وَثَروَتي / وَجاهي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ
وَظَلتُ أُعاني السِجنَ في قَعرِ هُوَّةٍ / سَماعي وَأَلحاني غِناءُ الأَداهِمِ
وَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً / بِنعماكَ مِن أَيدي الخُطوبِ الغَواشِمِ
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي / رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتراكِمِ
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ / عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ
فَبُورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ / تُبِرُّ عَلى فَيضِ البِحارِ الخَضارِمِ
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً / لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025